بازگشت

ذكر مسير الحسين الي العراق


قال: و خرج الحسين عليه السلام من مكه يوم الثلاثاء [1] يوم الترويه لثمان مضين من ذي الحجه، و معه اثنان و ثمانون رجلا من شيعته و اهل بيته، فسار حتي اذا بلغ ذات عرق [2] فلقيه رجل من بني اسد يقال له بشر بن غالب.

فقال له الحسين عليه السلام: ممن الرجل؟

قال: رجل من بني اسد،

قال: فمن اين اقبلت يا اخا بني اسد؟

قال: من العراق،

فقال: كيف خلفت اهل العراق؟

قاله: يابن بنت رسول الله خلفت القلوب معك و السيوف مع بني اميه!

فقال له الحسين عليه السلام: صدقت يا اخا العرب! ان الله تبارك و تعالي يفعل ما يشاء و يحكم ما يريد.

فقال له الاسدي: يابن رسول الله! اخبرني عن قول الله تعالي: (يوم ندعو كل اناس بامامهم) [3] .


فقال الحسين عليه السلام: نعم يا اخا بني اسد! هم امامان: امام هدي دعا الي هدي، و امام ضلاله دعا الي ضلاله. فهدي من اجابه الي الجنه، و من اجابه الي الضلاله دخل النار.

قال: و اتصل الخبر بالوليد بن عتبه امير المدينه بان الحسين قد توجه الي العراق، فكتب الي عبيدالله بن زياد: بسم الله الرحمن الرحيم، من الوليد بن عتبه الي عبيدالله بن زياد اما بعد!

ژفان الحسبن بن علي قد توجه نحو العراق، و هو ابن فاطمه، و فاطمه ابنه رسول الله صلي الله عليه و آله، فاحذر يابن زياد ان تبعث اليه رسولا فتفتح علي نفسك ما لا تختار من الخاص و العام- والسلام-.

قال: فلم يلتفت عبيدالله بن زياد الي الكتاب.

قال: و سار الحسين حتي نزل الخزيميه [4] و اقام بها يوما و ليله، فلما اصبح اقبلت اليه اخته زينب بنت علي عليهاالسلام.

فقال: يا اخي! الا اخبرك بشي ء سمعته البارحه؟

فقال الحسين عليه السلام: و ما ذاك؟

فقالت عليهاالسلام: خرجت في بعض الليل لقضاء حاجه فسمعت هاتفا يهتف و هو يقول:



الا يا عين فاحتفلي بجهد

و من يبكي علي الشهداء بعدي



علي قوم تسوقهم المنايا

بمقدار الي انجاز و عدي



فقال لها الحسين عليه السلام: يا اختاه! المقضي هو كائن.


قال:و سار الحسين حتي نزل الثعلبيه [5] و ذلك في وقت الظهيره، فنزل و ترك اصحابه؛ ثم وضع الحسين عليه السلام راسه و نام، ثم انتبه من نومه باكيا.

فقال له ابنه: مالك تبكي يا ابت لا ابكي الله لك عينا؟

فقال الحسين عليه السلام: يا بني انها ساعه لا تكذب فيه الرويا، اعلمك اني رايت فارسا علي فرس حتي وقف علي.

فقال: يا حسين! انكم تسرعون المسير و المنايا بكم تسرع الي الجنه، فعلمت ان انفسنا قد نعيت الينا.

فقال له ابنه: يا ابت السنا علي الحق؟

قال عليه السلام: بلي يا بني و الذي ترجع العباد اليه!

فقال علي [6] : اذا لا نبالي بالموت.

فقال الحسين عليه السلام: جزاك الله عني يا بني خيرا جزي به ولد عن والد.

قال: فلما اصبح الحسين عليه السلام و اذا برجل من الكوفه يكني اباهره الازدي اتاه فسلم عليه ثم قال: يابن بنت رسول الله! ما الذي اخرجك عن حرم الله و حرم جدك محمد صلي الله عليه و آله؟

فقال الحسين عليه السلام: يا اباهره! ان بني اميه اخذوا مالي فصبرت، و شتموا عرضي فصبرت، و طلبوا دمي فهربت و ايم الله يا اباهره لتقتلني الفئه الباغيه!و ليلبسهم الله ذلا شاملا و سيفا قاطعا، و ليسلطن الله عليهم من يذلهم حتي يكونوا اذل من قوم سبا اذ


ملكتهم امراه منهن فحكمت في اموالهم و في دمائهم.

قال: و سار الحسين حتي نزل الشقوق [7] فاذا هو بالفرزدق بن غالب الشاعر قد اقبل عليه فسلم ثم دنا منه فقبل يده.

فقال الحسين عليه السلام: من اين اقبلت يا ابافراس؟

فقال: من الكوفه يابن بنت رسول الله!

فقال عليه السلام: كيف خلفت اهل الكوفه؟

فقال: خلفت الناس معك و سيوفهم مع بني اميه، والله يفعل في خلقه ما يشاء!

فقال عليه السلام: صدقت و بررت، ان الامر لله يفعل ما يشاء و ربنا تعالي كل يوم هو في شان، فان نزل القضاء بما نحب فالحمد لله علي نعمائه و هو المستعان علي اداء الشكر، و ان حال القضاء دون الرجال فلم يعتد من كان الحق نيته.

فقال الفرزدق: يابن بنت رسول الله! كيف تركن الي اهل الكوفه و هم قد قتلوا ابن عمك مسلم بن عقيل و شيعته؟

قال: فاستعبر الحسين عليه السلام بالبكاء ثم قال: رحم الله مسلما! فلقد صار الي روح الله و ريحانه و جنته و رضوانه، اما انه قد قضي ما عليه و بقي ما علينا. قال: ثم انشا الحسين عليه السلام يقول:



و ان تكن الدنيا تعد نفيسه

فدار ثواب الله اعلي و انبل



و ان تكن الابدان للموت انشئت

فقتل امري ء بالسيف في الله افضل






و ان تكن الارزاق رزقا مقدرا

فقله حرص المرء في الرزق اجمل



و ان تكن الاموال للترك جمعها

فما بال متروك به الخير يبخل



قال: ثم ودعه الفرزدق في نفر من اصحابه، و مضي يريد مكه. فاقبل عليه ابن عم له من بني مجاشع [8] ، فقال: ابافراس! هذا الحسين بن علي، فقال الفرزدق: هذا الحسين ابن فاطمه الزهراء بنت محمد صلي الله عليه و آله، هذا والله ابن خيره الله و افضل من مشي علي وجه الارض بعد محمد صلي الله عليه و آله و قد كنت قلت فيه ابياتا قبل اليوم.فلا عليك ان تسمعها.

فقال له ابن عمه: ما اكره ذلك يا ابافراس! فان رايت ان تنشدني ما قلت فيه!

فقال الفرزدق: نعم، انا القائل [9] فيه و في ابيه و اخيه و جده عليهم السلام هذه الابيات:



هذا الذي تعرف البطحاء و طاته

و البيت يعرفه و الحل و الحرم



هذا ابن خبر عباد الله كلهم

هذا التقي النقي الطاهر العلم



هذا حسين رسول الله والده

امست بنور هداه تهتدي الامم






هذا ابن فاطمه الزهراء عترتها

في جنه الخلد مجريا بها القلم [10] .



اذا راته قريش قال قائلها

الي مكارم هذا ينتهي الكرم



يكاد يمسكه عرفان راحته

ركن الحطيم اذا ما جاء يستلم



بكفه خيزران ريحه عبق

بكف اروع في عرنينه شمم



يغضي حياء و يغضي من مهابته

فلا يكلم الا حين يبتسم



ينشق نور الدجي عن نور غرته

كالشمس تنجاب عن اشراقها الظلم



مشتقه من رسول الله نبعته

طابت ارومته و الخيم و الشيم



في معشر حبهم شكرو بغضهم [11] .



كفر و قربهم منجي و معتصم

يستدفع الضر و البلوي بحبهم [12] .



و يستقيم به الاحسان و النعم

ان عد اهل الندي كانوا ائمتهم



او قيل من خير اهل الارض قيل هم

لا يستطيع [13] جواد بعد جودهم



و لا يدانيهم قوم و ان كرموا

[14] .



بيوتهم من قريش يستضاء بها

في النائبات و عند الحكم ان حكموا [15] .



فجده من قريش في ارومتها

محمد و علي بعده علم



قال: ثم اقبل الفرزدق علي ابن عمه فقال: والله لقد قلت فيه هذه الابيات غير متعرض الي معروفه غير اني اردت الله و الدار الآخره.



پاورقي

[1] مخرج الحسين من المدينه الي مکه يوم الاحد لليلتين بقيتا من رجب سنه ستين و دخل مکه ليله الجمعه لثلاث مضين من شعبان فاقام بمکه شعبان و شهر رمضان و شوالا و ذي‏القعده، ثم خرج منها لثمان مضين من ذي‏الحجه يوم الثلاثاء يوم التروبه في اليوم الذي خرج فيه مسلم ابن عقيل.

«يوم الترويه: هو يوم قبل يوم عرفه و هو الثامن من ذي‏الحجه سمي به لان الحجاج يتروون فيه الماء و ينهضون الي مني و لا ماء له ينسقون و فيسقون».

[2] ذات عرق مهل اهل العراق، و هو الحد بين نجد و تهامه.

[3] سوره الاسراء، الآيه 71.

[4] عن معجم البلدان، و بالاصل:«الحريمه» و الخزيميه منزل من منازل الحاج بعد الثعلبيه «التغلبيه» من الکوفه.

[5] الثعلبيه: من منازل طريق مکه من الکوفه بعد الشقوق.

[6] هو علي الاکبر، ابن الحسين بن علي عليهماالسلام.

[7] الشقوق: منزل بطريق مکه بعد واقصه من الکوفه، و في الطبري: ان الحسين لقي الفرزدق بالصفاح و هو موضع بين حنين و انصاب الحرم علي يسره الداخل الي مکه من مشاس.

[8] عن جمهره ابن حزم، و بالاصل «مجامع».

[9] و المشهور ان هذه القصيده قالها الفرزدق في علي بن الحسين- زين العابدين- و قصته مع هشام بن عبدالملک مشهوره في کتب الدواوين، و القصيده في ديوانه باختلاف في بعض الالفاظ و التعابير، و ملخص القصه: ان هشام بن عبدالملک لما حج في ايام ابيه طاف بالبيت وجهد ان يلصلي الي الحجر الاسود ليستلمه فلم يقدر علي ذلک لکثره الزحام فنصب له کرسي و جلس عليه ينظر الي الناس و معه جماعه من اعيان اهل الشام فبينما هو کذلک اذا اقبل الامام زين‏العابدين عليه ‏السلام و کان من اجمل الناس وجها و اطيبهم ارجا فطاف بالبيت فلما انتهي الي الحجر تنحي له الناس حتي استلم الحجر فقال رجل من اهل الشام لهشام من هذا الذي هابه الناس هذه الهيبه؟ فقال هشام: لا اعرفه: مخافه ان يرغب فيه اهل الشام و کان الفرزدق حاضرا فقال انا اعرفه، فقال الشامي من هو يا ابافراس، ثم انشد الفرزدق هذا الذي تعرف البطحاء الي آخر القصيده.

[10] الاصل في الديوان:



هذا ابن فاطمه ان کنت جاهله

بجده انبياء الله قد ختموا.

[11] عن الديوان، و بالاصل: «مبغضهم».

[12] عن الديوان، و بالاصل: «بحسبهم».

[13] عن الديوان، و بالاصل: «جوارا بعد غائبهم».

[14] عن الديوان، و بالاصل: «کرم».

[15] البيت لم يرد في الديوان، و الذي يليه ايضا.