بازگشت

ذكر دخول مسلم بن عقيل علي عبيدالله بن زياد و ما كان من كلامه و كيف قتل


قال: فادخل مسلم بن عقيل علي عبيدالله بن زياد فقال له الحرسي: سلم علي الامير! فقال له مسلم: اسكت لا ام لك! مالك و للكلام؟ والله ليس هو لي بامير فاسلم عليه! و اخري فما ينفعني السلام عليه و هو يريد قتلي! فان استبقاني فسيكثر عليه سلامي.

فقال له عبيدالله بن زياد: لا عليك سمت ام لم تسم فانك مقتول.

فقال مسلم بن عقيل: ان قتلتني فقد قتل شر منك من كان خيرا مني.

فقال له ابن زياد: يا شاق! يا عاق! خرجت علي امامك و شققت عصا المسلمين و القحت الفتنه.

فقال مسلم: كذبت يابن زياد! والله ما كان معاويه خليفه باجماع الامه، بل تغلب


علي وصلي النبي بالحيله، و اخذ عنه الخلافه بالغصب و كذلك ابنه يزيد. و اما الفتنه فانك القحتها انت و ابوك زياد بن علاج من بني ثقيف و انا ارجو ان يرزقني الله الشهاده علي يدي شر بريته: «فوالله ما خالفت و لا كفرت و لا بدلت! و انما انا في طاعه اميرالمومنين الحسين بن علي ابن فاطمه بنت رسول الله صلي الله عليه و آله، و نحن اولي بالخلافه من معاويه و ابنه و آل زياد.

فقال له ابن زياد: يا فاسق! الم تكن تشرب الخمر في المدينه؟

فقال مسلم بن عقيل: احق والله بشرب الخمر مني من [1] يقتل النفس الحرام و هو في ذلك يلهو و يلعب كانه لم يسمع شيئا.

فقال له ابن زياد: يا فاسق! منتك نفسك امرا احالك الله دونه و جعله لاهله.

فقال مسلم بن عقيل: و من اهله يابن مرجانه؟

فقال: اهله يزيد و معاويه.

فقال مسلم بن عقيل: الحمد لله كفي [2] بالله حكما بيننا و بينكم. فقال ابن زياد اتظن ان لك من الامر شيئا؟

فقال مسلم بن عقيل: لا والله ما هو الظن ولكنه اليقين.

فقال ابن زياد: قتلني الله ان لم اقتلك!


فقال مسلم: انك لا تدع سوء القتله و قبح المثله و خبث السريره، والله لو كان معي عشره ممن اثق بهم و قدرت علي شربه من ماء لطال عليك ان تراني في هذا القصر، ولكن ان كنت عزمت علي قتلي و لابد لك من ذلك فاقم الي رجلا من قريش اوصي اليه بما اريد.

فوثب اليه عمر بن سعد بن ابي وقاص قال: اوص الي بما تريد يابن عقيل!

فقال: اوصيك و نفسي بتقوي الله فان التقوي فيها الدرك لكل خير، و قد علمت ما بيني و بينك من القرابه، ولي اليك حاجه و قد يجب عليك لقرابتي ان تقضي حاجتي.

قال فقال ابن زياد: لا يجب يابن عمر ان تقضي حاجه ابن عمك و ان كان مسرفا علي نفسه فانه مقتول لا محاله.

فقال عمر بن سعد: قل ما احببت يابن عقيل!

فقال مسلم رحمه الله: حاجتي اليك ان تشتري فرسي و سلاحي من هولاء القوم فتبيعه و تقضي عني سبعمائه درهم استدنتها في مصركم، و ان تستوهب جثتي اذا قتلني هذا و تواريني في التراب، و ان تكبت الي الحسين بن علي ان لا يقدم فينزل به ما نزل بي. [3] .

قال: فالتفت عمر بن سعد الي عبيدالله بن زياد فقال: ايها الامير! انه يقول كذا و كذا.


فقال ابن زياد: [4] اما ما ذكرت يابن عقيل من امر دينك فانما هو مالك يقضي به دينك، و لسنا نمنعك ان تصنع فيه ما احببت، و اما جسدك اذا نحن قتلناك فالخيار في ذلك لنا، و لسنا نبالي ما صنع الله بجثتك، و اما الحسين فان لم يردنا لم نرده، و ان ارادنا لم نكف عنه، ولكني اريد ان تخبرني يابن عقيل بماذا اتيت الي هذا البلد؟ شتت امرهم و فرقت كلمتهم و رميت بعضهم علي بعض!

فقال مسلم بن عقيل: ليست لذلك اتيت هذا البلد، ولكنكم اظهرتم المنكر، و دفنتم المعروف، و تامرتم علي الناس من غير رضي، و حملتموهم علي غير ما امركم الله به، و علمتم فيهم باعمال كسري و قيصر، فاتيناهم لنامر فيهم بالمعروف، و ننهاهم عن المنكر، و ندعوهم الي حكم الكتاب و السنه، و كنا اهل ذلك، و لم تزل الخلافه لنا منذ قتل اميرالمومنين علي بن ابي طالب عليه السلام،و لا تزال الخلافه لنا فانا قهرنا عليها، لانكم اول من خرج علي امام هدي، و شق عصا المسلمين و اخذ هذا الامر غصبا، و نازع اهله بالظلم و العدوان، و لا نعلم لنا ولكم مثلا الا قول الله تبارك و تعالي: (و سيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون). [5] .

قال: فجعل ابن زياد يشتم عليا و الحسن و الحسين عليهم السلام، فقال له مسلم: انت و ابوك احق بالشتيمه منهم، فاقض ما انت قاض، فنحن اهل بيت موكل بنا البلاء.

فقال عبيدالله بن زياد: الحقوا به الي اعلي القصر فاضربوا عنقه و الحقوا راسه جسده.

فقال مسلم رحمه الله: اما والله يابن زياد! لو كنت من قريش او كان بيني و بينك


رحم او قرابه لما قتلتني ولكنك ابن ابيك.

قال: فادلخه ابن زياد القصر ثم دعا رجلا من اهل الشام قد كان مسلم بن عقيل ضربه علي راسه ضربه منكره، [6] فقال له: خذ مسلما و اصعد به الي اعلي القصر واضرب عنقه بيدك ليكون ذلك اشفي لصدرك.

قال: فاصعد مسلم بن عقيل رحمه الله الي اعلي القصر و هو في ذلك يسبح الله تعالي و يستغفره و هو يقول: اللهم احكم بيننا و بين قوم غرونا [7] و خذلونا. فلم يزل كذلك حتي اتي به الي اعلي القصر. و تقدم ذلك الشامي فضرب عنقه- رحمه الله-.

ثم نزل الشامي الي عبيدالله بن زياد: ما شانك؟ اقتلته؟

قال: نعم، [8] اصلح الله الامير! الا انه عرض لي عارض فانا له فزع مرعوب.

فقال: ما الذي عرض لك؟

قال: رايت ساعه قتلته رجلا حذاي اسود كثير السواد كريه المنظر و هو عاض علي اصبعيه- او قال: شفتيه- ففزعت منه فزعا لم افزع قط مثله.

قال: فتبسم ابن زياد و قال له: لعلك دهشت، و هذه عاده لم تعتدها قبل ذلك.



پاورقي

[1] في الطبري: «قال انا اشرب الخمر! والله ان الله ليعلم انک غير صادق و انک قلت بغير علم و اني لست کما ذکرت و ان احق بشرب الخمر مني و اولي بها من بلغ في دماء المسلمين و لغا فيقتل النفس التي حرم الله قتلها، و يقتل النفس بغير النفس و يسفک الدم الحرام، و يقتل علي الغضب و العداوه و سوءالظن».

[2] الطبري: رضينا.

[3] و کان مسلم بن عقيل حيث تحول الي دار هاني‏ء بن عروه و بايعه ثمانيه عشر الفا قدم کتابا الي الحسين عليه ‏السلام مع عابس بن ابي‏شبيب الشاکري: «اما بعد، فان الرائد لا يکذب اهله، و قد بايعني من اهل الکوفه ثمانيه عشر الفا. فعجل الاقبال حين ياتيک کتابي، فان الناس کلهم معک ليس لهم في آل معاويه راي و لا هوي والسلام». (الطبري).

[4] الطبري: «قال ابن زياد: انه لا يخونک الامين ولکن قد يوتمن الخائن».

[5] سوره الشعراء، الآيه 227.

[6] يريد بکير بن حمران الاحمري.

[7] في الطبري: «کذبونا و غرونا.

[8] کما في الطبري: «فقال له ابن زياد قتلته؟ قال نعم، قال فما کان يقول و انتم تصعدون به؟ قال: کان يکبر و يسبح و يستغفر...».