بازگشت

الكوفه و اجتماع الشيعه اليه للبيعه


قال: و جعلت الشيعه تختلف الي دار مسلم و هو يقرا عليهم كتاب الحسين و القوم يبكون شوقا منهم الي قدوم الحسين. ثم تقدم الي مسلم بن عقيل رجل من همدان يقال له عابس بن ابي شبيب الشاكري فقال: اما بعد فاني لا اخبرك عن الناس بشي ء فاني


اعلم [1] ما في انفسهم، ولكني اخبرك عما انا موطن عليه نفسي، والله اجيبكم اذا دعوتم و اقاتل معكم عدوكم و اضرب بسيفي دونكم ابدا حتي القي الله و انا لا اريد بذلك الا ما عنده.

ثم قام حبيب بن مظاهر الاسدي الفقعسي قال: و انا والله الذي لا اله الا هو علي ما انت عليه. و تبايعت الشيعه علي كلام هذين الرجلين ثم بذلوا الاموال، فلم يقبل مسلم بن عقيل منها شيئا.

قال: و بلغ ذلك النعمان بن بشير قدوم مسلم بن عقيل الكوفه و اجتماع الشيعه عليه- و النعمان يومئذ امير الكوفه- فخرج من قصر الاماره مغضبا حتي دخل المسجد الاعظم فنادي في الناس فاجتمعوا اليه فصعد المنبر فحمد الله و اثني عليه ثم قال: اما بعد يا اهل الكوفه! فاتقوا الله ربكم و لا تسارعوا الي الفتنه و الفرقه، فان فيها [2] سفك الدماء و ذهاب الرجال و الاموال، و اعلموا اني لست اقاتل الا من قاتلني، و لا اثب الا علي من وثب علي غير انكم قد ابديتم صفحتكم [3] و نقضتم [4] بيعتكم و خالفتم امامكم فان رايتم انكم رجعتم عن ذلك، و الا فوالله الذي لا اله الا هو لاضربنكم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي و لو لم يكن لي- منكم- [5] ناصر، مع اني ارجو ان من


يعرف الحق منكم اكثر ممن يريد [6] الباطل.

فقام اليه عبدالله بن مسلم بن سعيد الحضرمي فقال: ايها الامير اصلحك الله ان هذا الذي انت عليه من رايك انما هو راي المستضعفين فقال له النعمان بن بشير: يا هذا! والله لان اكون من المستضعفين في طاعه الله احب الي من ان اكون من المغلولبين [7] في معصيه الله.

قال: ثم نزل عن المنبر و دخل قصر الاماره، و كتب عبدالله بن مسلم الي يزيد بن معاويه يخبره بذلك:

بسم الله الرحمن الحريم، لعبدالله يزيد بن معاويه اميرالمومنين من شيعته من اهل الكوفه، اما بعد فان مسلم بن عقيل قد قدم الكوفه و قد بايعه الشيعه للحسين بن علي و هم خلق كثير، فان كان لك في الكوفه حاجه فابعث اليها رجلا قويا ينفذ فيها امرك و يعمل فيها بعلمك من عدوك، فان النعمان بن بشير رجل ضعيف او هو مضعف والسلام. [8] .

قال: ثم كتب ايضا عماره بن عقبه بن ابي معيط [9] بنحو من ذالك: فكتب اليه عمر [10] بن سعد بن ابي وقاص بمثل ذلك.

قال: فلما اجتمعت الكتب عند يزيد بن معاويه دعا بغلام ابيه و كان اسمه سرجون،


فقال: يا سرجون! ما الذي عندك في اهل الكوفه فقد قدم مسلم بن عقيل و قد بايعه الترابيه للحسين بن علي؟

فقال له سرجون: اتقبل مني ما اشير به عليك؟

فقال يزيد: قل حتي اسمع!

فقال: اشير عليك ان تكتب الي عبيدالله بن زياد فانه امير البصره فتجعل له الكوفه زياده في عمله حتي يكون هو الذي يقدم الكوفه فيكفيك امرهم.

فقال يزيد: هذا لعمري هو الراي. [11] .

ثم كتب يزيد الي عبيدالله بن زياد: اما بعد فان شيعتي من اهل الكوفه كتبوا الي فخبروني ان مسلم بن عقيل يجمع الجموع و يشق عصا المسلمين، و قد اجتمع علي خلق كثير من شيعه ابي تراب، [12] فاذا وصل اليك كتابي هذا فسر حين تقراه حتي تقدم الكوفه فتكفيني امرها، فقد جعلتها زياده في عملك و ضممتها اليك، فانظر ابن تطلب مسلم بن عقيل بن ابي طالب بها فاطله طلب الخرزه، فاذا ظفرت به فاقتله و نفذ الي راسه، [13] و اعلم انه لا عذر لك عندي دون ما امرتك به، فالعجل العجل و الوحا الوحا- والسلام-.


ثم دفع الكتاب الي مسلم بن عمرو الباهلي ثم امره ان يجد السير الي عبيدالله بن زياد.

قال: فلما ورد الكتاب علي عبيدالله بن زياد [14] و قراه امر بالجهاز الي الكوفه.

قال: و قد كان الحسين بن علي عليه السلام قد كتب الي روساء اهل البصره مثل الاحنف بن قيس و مالك بن مسمع و المنذر بن الجارود و قيس بن الهيثم و مسعود بن عمرو و عمر بن عبيدالله بن معمر فكتب اليهم كتابا [15] بنت المنذر بن الجارود تحت عبيدالله بن زياد، فاقبل الي عبيدالله بن زياد فخبره بذلك.

قال: فغضب عبيدالله بن زياد و قال: من رسول الحسين بن علي عليه السلام الي البصره؟


فقال المنذربن الجارود: ايها الامير رسوله اليهم مولي يقال له سليمان رحمه الله.

فقال عبيدالله بن زياد: علي به! فاتي بسليمان مولي الحسين و قد كان متخفيا عند بعض الشيعه بالبصره، فلما رآه عبيدالله بن زياد لم يكلمه دون ان اقدمه فضرب عنقه صبرا- رحمه الله-! ثم امر بصلبه. ثم صعد المنبر فحمد الله و اثني عليه و قال: اما بعد [16] يا اهل البصره!اني لنكل [17] لمن عاداني و سم لمن حاربني، فقد انصف القاره من راماها؛ [18] ، يا اهل البصره! ان اميرالمومنين يزيد بن معاويه قد ولاني الكوفه وانا سائر اليها غدا ان شاء الله تعالي، و قد استخلفت عليكم اخي عثمان بن زياد، فاياكم و الخلاف و الارجاف، فوالذي لا اله الا هو!لو بلغني عن رجل منكم خلاف لاقتلنه و لاقتلن عريفه، و لآخذن الادني بالاقصي حتي يستقيموا لي، فاحذروا ان يكون فيكم مخالف او مشاق، فانا ابن زياد [19] الذي لم ينازعني عم و لا خال- والسلام-.



قال: ثم نزل عن المنبر.

فلما كان من الغد نادي في الناس و خرج من البصره يريد الكوفه و معه مسلم بن


عمرو الباهلي و المنذر بن الجارود العبدي [20] و شريك بن الاعور الحارثي و حشمه و اهل بيته، فلم يزل يسير حتي بلغ قريبا من الكوفه.


پاورقي

[1] في الطبري: و لا اعلم ما في انفسهم.

[2] الطبري.

[3] عن الطبري، و بالاصل: «صحيفتکم».

[4] الطبري: «نکثتم».

[5] عن الطبري.

[6] الطبري: «يرديه».

[7] الطبري: «الاعزين».

[8] کتاب الطبري، 356:5.

[9] الاصل: «عماره بن عطيه بن معيط».

[10] بالاصل: «عمرو»، و ما اثبتناه عن الطبري.

[11] في الطبري، 356:5، ان يزيد استشار سرجون مولي معاويه فقال: «ارايت معاويه لو نشر لک، اکنت آخذا برايه؟ قال: نعم، فاخرج عهد عبيدالله علي الکوفه، فقال: هذا راي معاويه، و مات وقد امر بهذا الکتاب». و کان الصک بامره عبيدالله علي العراقين قد کتبه في الديوان لکن معاويه مات قبل انفاذ العهد اليه. فاخذ يزيد براي سرجون و ضم المصرين الي عبيدالله، و بعث اليه بعهده علي الکوفه.

[12] يعني الامام علي بن ابي‏طالب عليه ‏السلام.

[13] في الطبري: «کطلب الخرزه حتي تثقفه فتوثقه او تقتله او تنفيه والسلام».

[14] و کان في البصره.

[15] کتب الحسين بن علي الي اشراف اهل البصره نسخه واحده: «اما بعد، فان الله اصطفي محمدا صلي الله عليه و آله علي خلقه و اکرمه بنبوته و اختاره لرسالته، ثم قبضه الله اليه و قد نصح لعباده، و بلغ ما ارسل به صلي الله عليه و آله و کنا اهله و اوليائه و اوصيائه، و ورثته و احق الناس بمقامه في الناس، فاستاثر علينا قومنا بذلک، فرضينا و کرهنا الفرقه و احببنا العافيه، و نحن نعلم انا احق بذلک الحق المستحق علينا ممن تولاه و قد احسنوا و اصلحوا، و تحروا الحق،فرحمهم الله و غفر لنا و لهم، و قد بعثت رسولي اليکم بهذا الکتاب و انا ادعوکم الي کتاب الله و سنه نبيه صلي الله عليه و آله فان السنه قد اميتت ان البدعه قد احييت و ان تسمعوا قولي و تطيعوا امري اهدکم سبيل الرشاد والسلام عليکم و رحمه الله. (کتاب الطبري: ج 4).

[16] کتاب الطبري: ج 4: «فوالله ما تقرن بي الصعبه و لا يقطع لي بالشنان»؛ (الشنان: القرب الباليه).

[17] اي انکل بالاعداء.

[18] عن الطبري و بالاصل: «القاده من راياها» و القاره قوم رماه من العرب، و في المثل: قد انصف القاره من راماها، و قد زعموا ان رجلين التقيا احدهما قاري و الآخر اسدي. فقال القاري: ان شئت صارعتک، و ان شئت سابقتک و ان شئت راميتک فقال اخترت المراماه، فقال القاري:قد انصفتني و انشد:



قد انسف القاره من راماها

انا اذا ما فئه تلقاها



ترد اولاها علي اخرها

ثم انتزع له سهما و شک فواده.

[19] زيد في الطبري ج 4:«اشبهته من بين وطي‏ء الحصي و لم يتنزعني شبه خال و لا ابن عم».

[20] عن الطبري: «و عبدالله بن شريک».