بازگشت

واقعه عاشوراء و مقتل الحسين


بسم الله الرحمن الرحيم

توفي معاويه بدمشق يوم الاحد لايام خلت من رجب سنه ستين، و هو ابن ثمان و سبعين سنه و لم يكن يزيد بحضرته، و كان ملكه تسع عشره سنه و ثلاثه اشهر.

فقال الراوي: خرج الضحاك بن قيس في حينها من دار معاويه لا يكلم احدا و الاكفان معه حتي دخل المسجد الاعظم، فنودي له في الناس، فصعد المنبر فحمد الله و اث عليه ثم قال: ايها الناس! ان اميرالمومنين معاويه قد شرب كاسه و هذه اكفانه، و نحن مدرجوه فيها و مدخلوه حفره، و مخلون بين عمله و بينه، فمن كان منكم يريد ان يشهد فليحضره بين الصلاتين و لا يقعد عن الصلاه عليه ان شاء الله. ثم نزل الضحاك عن المنبر بعدها و تب الي يزيد بن معاويه:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي لبس رداء البقاء، و حكم علي عباده بالنفاء، فقال عز و جل (كل من عليها فان - و يبقي وجه ربك ذو الجلال و الاكرام). [1] .

لعبد الله يزيد اميرالمومنين، من الضحاك بن قيس، سلام عليك، اما بعد فكتابي الي اميرالمومنين فكتاب تهنئه و مصيبه، فاما الخلافه التي جاءتك فهي التهنئه، و اما


المصيبه فموت اميرالمومنين معاويه، انا لله و انا اليه راجعون.

فاذا قرات كتابي فالعجل العجل! لتاخذ الناس ببيعه اخري محدوده، والسلام عليك و رحمه الله و بركاته.

قال، ثم اثبت في اسفل كتابه هذين البيتين:



مضي ابن ابي سفيان فردا لشانه

و خلفت فانظر هذه كيف تصنع



اقمنا علي المنهاج واركب محجه

سدادا فانت المرتجي كيف تفزع



قال: ثم ورد الكتاب علي يزيد، [2] فوثب صائحا باكيا، و امر باسراج دوابه و سار يريد دمشق، فصار اليها بعد ثلاثه ايام من مدفن معاويه، و خرج حتي اذا وافي يزيد قريبا من دمشق فجعل الناس يتلقونه فيبكون و يبكي، و ايمن بن خريم الاسدي بين يدي يزيد و هو يقول:



رمي الحدثان نسوه آل حرب

بمقدار سمدن له سمودا [3] .



فرد شعور هن السود بيضا

ورد وجوههن البيض سودا



فانك لو سمعت بكاء هند

و رمله اذ يلطمن الخدودا



بكيت بكاء موجعه بحزن

اصاب الدهر واحدها الفريدا



فصبرا يا بني حرب تعزوا

فمن هذا الذي يرجوا الخلودا



فقد وارت قبوركم ثناء

و حزما لا كفاء له وجودا



تلقاها يزيد عن ابيه

فدونكها معاوي عن يزيدا



اديروها بني حرب عليكم

و لا ترموا بها الغرض البعيدا






فان دنياكم بكم اطمانت

فاولوا اهلها خلقا سديدا



و ان عصفت عليكم فاعصفوها

عصافا تستقيم لكم شديدا



قال: و سار يزيد و معه جماعه الي قبر معاويه فجلس و انتحب ساعه و بكي، و بكي الناس معه، ثم قام عن القبر و انشا يقول:



جاء البريد بقرطاس يحث به

فاوجس القلب من قرطاس فزعا



قلنا لك الويل ماذا في كتابكم

قال الخليفه امسي مدنفا وجعا



مادت بنا الارض او كادت تميد بنا

كانما العز من اركانها انقطعا



انا نسير علي جرد مسومه

يغشي العجاج بنا والنجم ما طلعا



لسنا نبالي اذا بلغن ارحلنا

ما مات منهن بالبيداء او ظلعا



حتي دفنا لخير الناس كلهم

و خيرهم منتمي جدا و مضطجعا



اغر ابلج يستسقي الغمام به

لو صارع النسا عن احلامهم صرعا



من لا تزال له نفس علي شرف

و شد مقدار تلك النفس ان تقعا



لما انتهينا و باب الدار منصفق

و صوت رمله راع القلب فانصدعا



اودي ابن هند فاودي المجد يتبعه

كانا يكونان دهرا قاطعين معا



قال: ثم ركب يزيد و سار الي قبه لابيه خضراء فدخلها و هو معتم بعمامه خز سوداء متقلدا بسيف ابيه معاويه حتي وصل الي باب الدار، ثم جعل يسير و الناس عن يمينه و شماله قد نزلوا عن دوابهم، و قد ضربت له القباب و الفساطيط المدنجه، حتي صار الي القبه الخضراء، فلما دخلها نظر فاذا قد نصبت له فيها فرش كثيره بعضها علي بعض و يزيد يحتاج انيرقي عليها بالكراسي.

قال: فصعد حتي جلس علي تلك الفرش، و الناس يدخلون عليه يهنئونه بالخلافه


و يعزونه في ابيه: و جعل يزيد يقول: نحن اهل الحق و انصار الدين، و ابشروا يا اهل الشام! فان الخير لم يزل فيكم، و سيكون بيني و بين اهل العراق حرب شديد، و قد رايت في منامي كان نهرا يجري بيني و بينهم دما عبيطا و جعلت اجهد في منامي ان اجوز ذلك النهر، فلم اقدر علي ذلك حتي جاءني عبيدالله بن زياد، فجازه بين يدي و انا انظر اليه.

قال: فاجابه اهل الشام و قالوا: يا اميرالمومنين! امض بنا حيث شئت واقدم بنا علي من احببت فنحن بين يديك، و سيوفنا تعرفها اهل العراق في يوم صفين. فقال لهم يزيد: انتم لعمري كذلك، و قد ان اميرالمومنين معاويه لكم كالاب البار بالولد، و كان من العرب امجدها و احمدها و اهمدها و اعظمها خطرا و ارفعها ذكرا و انداها انامل و اوسعها فواضل و اسماها الي الفرع الباسق، لا يعتريه الفهاهه في بلاغته و لا تدخله اللكنه [4] في منطقه حتي اذا انقطع من الدنيا اثره و صار الي رحمه الله تعالي و رضوانه.

قال: فصاح به صائح من اقاصي الناس و قال: كذبت والله يا عدو الله! ما كان معاويه والله بهذه الصفه، و انما كانت هذه صفه رسول الله صلي الله عليه و آله و هذه اخلاقه و اخلاق اهل بيته لا معاويه و لا انت.

قال: فاضطرب الناس، و طلب الرجل لفلم يقدروا عليه، و سكت الناس. و قام الي يزيد رجل من شيعته يقال له عطاء بن ابي صيفي فقال: يا اميرالمومنين! لا تلتفت الي مقاله الاعداء و قد اعطيت خلافه الله من بعد ابيك فانت خلفتنا، و ابنك معاويه ولي العهد بعدك لا نريد به بدلا و لا نبغي عنه حولا والسلام.

قال: ثم انشا يقول:




يزيد بن ابي سفيان هل لكم

الي ثناء وود غير منصرم



انا نقول و يقضي (الله) معتذرا

مهما يشار بنا من صالح ندم



فانفتديها بلكم خدها يزيد

و قال خذها بلا نكس و لا برم



و لا تمهدها في دار غيركم

اني اخاف عليكم حسره الندم



ان الخلافه لم تعرف لنا كثكم

بينا دعائمها فيكم و لم ترم



و لا يزال و فود في دياركم

يغشون ابلج سباقا الي الكرم



قال: فامر له يزيد بجائزه حسناء، ثم قام يزيد علي قدميه.


پاورقي

[1] سوره الرحمن الآيه 26 و 27.

[2] و کان يزيد بحوارين، و هي من قري حلب، و قد مات فيها يزيد بن معاويه سنه 64 ه.

[3] بالاصل: صمدت له صمودا.

[4] بالاصل: النکيه.