بازگشت

يزيد مع السجاد


و التفت يزيد الي السجاد (ع) و قال: كيف رأيت صنع الله يا علي بأبيك الحسين؟ قال: رأيت ما قضاه الله عزوجل قبل أن يخلق السموات و الأرض! و شاور يزيد من كان حاضرا عنده في أمره فاشاروا عليه بقتله! فقال زين العابدين (ع): يا يزيد لقد أشار عليك هؤلاء بخلاف ما اشار به جلساء فرعون عليه حين شاورهم في موسي و هارون فانهم قالوا له: ارجه و اخاه و لا يقتل الادعياء اولاد الانبياء و ابناءهم فأمسك يزيد مطرقا [1] .

و مما دار بينهما من الكلام ان قال يزيد لعلي بن الحسين «ما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم» قال علي بن الحسين: ما هذه فينا نزلت انما نزل فينا «ما أصاب من مصيبة في الارض و لا في أنفسكم الا في كتاب من قبل ان نبرأها ان ذلك علي الله يسير لكيلا تأسوا علي ما فاتكم و لا تفرحوا بما آتاكم» [2] فنحن لا


نأسي علي ما فاتنا و لا نفرح بما آتانا [3] فأنشد يزيد قول الفضل بن العباس بن عتبة:



مهلا بني عمنا مهلا موالينا

لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا [4]



ثم استأذنه عليه السلام في ان يتكلم فقال يزيد: نعم علي ان لا تقل هجرا قال (ع) لقد وقفت موقفا لا ينبغي لمثلي ان يقول الهجر ما ظنك برسول الله (ص) لو يراني علي هذه الحال فأمر يزيد بأن يفك الغل منه [5] .

و أمر يزيد الخطيب ان يثني علي معاوية و ينال من الحسين و آله فأكثر الخطيب من الوقيعة في علي و الحسين فصاح به السجاد (ع): لقد اشتريت مرضاة المخلوق بسخط الخالق فتبوأ مقعدك من النار [6] :



أعلي المنابر تعلنون بسبه

و بسيفه نصبت لكم أعوادها



و قال ليزيد اتأذن لي أن أرقي هذه الاعواد فأتكلم بكلام فيه لله تعالي رضي و لهؤلاء أجر و ثواب فأبي يزيد و ألح الناس عليه فلم يقبل فقال ابنه معاوية ائذن له، ما قدر ان يأتي به؟ فقال يزيد ان هؤلاء ورثوا العلم و الفصاحة [7] و زقوا العلم زقا [8] و ما زالوا به حتي اذن له:

فقال (ع): الحمد لله الذي لا بداية له، و الدائم الذي لا نفاد له، و الأول الذي لا أولية له، و الآخر الذي لا آخرية له، و الباقي بعد فناء الخلق، قدر الليالي و الأيام، و قسم فيما بينهم الأقسام، فتبارك الله الملك العلام، الي أن قال: أيها الناس أعطينا ستا و فضلنا بسبع اعطينا العلم و الحلم و السماحة و الفصاحة و الشجاعة و المحبة في قلوب المؤمنين و فضلنا بأن منا النبي و الصديق و الطيار و أسد الله و اسد رسوله و سبطا هذه الامة، أيها الناس من عرفني فقد


عرفني و من لم يعرفني انبأته بحسبي و نسبي ايها الناس أنا ابن مكة و مني، انا ابن زمزم و الصفا، أنا ابن من حمل الركن بأطراف الردا، أنا ابن خير من ائتزر و ارتدي و خير من طاف و سعي، و حج و لبي، انا ابن من حمل علي البراق و بلغ به جبرئيل سدرة المنتهي، فكان من ربه كقاب قوسين او ادني، انا ابن من صلي بملائكة السماء، انا ابن من أوحي اليه الجليل ما اوحي انا ابن من ضرب بين يدي رسول الله ببدر و حنين، و لم يكفر الله طرفة عين، انا ابن صالح المؤمنين و وارث النبيين، و يعسوب المسلمين و نور المجاهدين و قاتل الناكثين، و القاسطين، و المارقين و مفرق الاحزاب اربطهم جأشا، و أمضاهم عزيمة ذاك ابوالسبطين الحسن و الحسين، علي بن ابي طالب.

انا ابن فاطمة الزهراء، و سيدة نساء، و ابن خديجة الكبري.

انا ابن المرمل بالدماء، انا ابن ذبيح كربلا، انا ابن من بكي عليه الجن في الظلماء، و ناحت الطير في الهواء.

فلما بلغ الي هذا الموضع ضج الناس بالبكاء و خشي يزيد الفتنة فأمر المؤذن ان يؤذن للصلاة فقال المؤذن: الله اكبر.

قال الامام الله اكبر و اجل و أعلي و اكرم مما اخاف و احذر، فلما قال المؤذن أشهد ان لا اله الا الله قال (ع): نعم اشهد مع كل شاهد ان لا اله غيره و لا رب سواه فلما قال المؤذن: اشهد ان محمدا رسول الله قال (الامام) للمؤذن: اسألك بحق محمد أن تسكت حتي اكلم هذا!

و التفت الي يزيد و قال: هذا الرسول العزيز الكريم جدك ام جدي؟ فان قلت جدك علم الحاضرون و الناس كلهم انك كاذب و ان قلت جدي فلم قتلت أبي ظلما و عدوانا و انتهبت ماله و سبيت نساءه فويل لك يوم القيامة اذا كان جدي خصمك.

فصاح يزيد بالمؤذن: اقم للصلاة فوقع بين الناس همهمة و صلي بعضهم و تفرق الآخر [9] .



پاورقي

[1] اثبات الوصية صفحة 143 ط نجف.

[2] العقد الفريد ج 2 صفحة 313 و تاريخ الطبري ج 6 ص 267.

[3] تفسير علي بن ابراهيم صفحة 603 في الشوري.

[4] المحاضرات للراغب الاصفهاني ج 1 صفحة 775 باب من يبجح بمعادات ذويه و هذا البيت من أبيات خمسة للفضل بن العباس بن عتبة بن أبي‏لهب ذکرها ابوتمام في الحماسة راجع «شرح التبريزي» ج 1 ص 223.

[5] مثير الاحزان لابن‏نما صفحة 54 و غيره.

[6] نفس المهموم ص 242.

[7] کامل البهائي.

[8] رياض الاحزان ص 148.

[9] نفس المهموم ص 242 و الخطبة طويلة في مقتل الخوارزمي ج 2 ص 69.