مجي ء الحسين الي قبر جده
قال محمد بن أبي طالب: لما ورد الكتاب [1] .
علي الوليد بقتل الحسين عليه السلام عظم ذلك عليه، ثم قال: و الله، لا يراني الله أقتل ابن نبيه، و لو جعل يزيد لي الدنيا بما فيها.
قال: و خرج الحسين عليه السلام من منزله ذات ليلة، و أقبل الي قبر جده صلي الله عليه و آله فقال: السلام عليك يا رسول الله، أنا الحسين بن فاطمة، فرخك و ابن فرختك، و سبطك
الذي خلفتني في أمتك، فاشهد عليهم يا نبي الله أنهم قد خذلوني و ضيعوني، و لم يحفظوني، و هذه شكواي اليك حتي ألقاك.
قال: ثم قام فصف قدميه، فلم يزل راكعا ساجدا.
قال: و أرسل الوليد الي منزل الحسين عليه السلام لينظر أخرج من المدينة أم لا، فلم يصبه في منزله، فقال: الحمد لله الذي خرج! و لم يبتلني بدمه.
قال: و رجع الحسين الي منزله عند الصبح، فلما كانت اليلة الثانية، خرج الي القبر أيضا، و صلي ركعات، فلما فرغ من صلاه جعل يقول: «اللهم هذا قبر نبيك محمد، و أنا ابن بنت نبيك، و قد حضرني من الأمر ما قد علمت، اللهم اني أحب المعروف، و أنكر المنكر، و أنا أسألك يا ذالجلال و الاكرام بحق القبر و من فيه الا اخترت لي ما هو لك رضي، و لرسولك رضي».
قال: ثم جعل يبكي عند القبر، حتي اذاكان قريبا من الصبح وضع رأسه علي القبر فأغفي، فاذا هو برسول الله قد أقبل في كتيبة من الملائكة عن يمينه و عن شماله و بين يديه حتي ضم الحسين الي صدره، و قبل بين عينيه و قال:
حبيبي يا حسين، كأني أراك عن قريب مرملا بدمائك، مذبوحا بأرض كرب و بلاء من عصابة من أمتي، و أنت مع ذلك عطشان لا تسقي، و ظمآن لا تروي، و هم مع ذلك يرجون شفاعتي، لا أنالهم شفاعتي يوم القيامة.
حبيبي يا حسين، ان أباك و أمك و أخاك قدموا علي، و هم مشتاقون اليك، و ان لك في الجنان لدرجات لن تنالها الا بالشهادة.
قال فجعل الحسين عليه السلام في منامه ينظر الي جده، و يقول: يا جداه! لا حاجة لي في الرجوع الي الدنيا، فخذني اليك، و أدخلني معك في قبرك.
فقال له الرسول صلي الله عليه و آله: لابد لك من الرجوع الي الدنيا حتي ترزق الشهادة، و ما قد كتب الله لك فيها من الثواب العظيم، فانك و أباك و أخاك و عمك و عم أبيك تحشرون يوم القيامة في زمرة واحدة، حتي تدخلوا الجنة.
قال: فانتبه الحسين عليه السلام من نومه فزعا مرعوبا، فقص رؤياه علي أهل بيته و بني
عبدالمطلب، فلم يكن في ذلك اليوم في مشرق و لا مغرب قوم أشد غما من أهل بيت رسول الله صلي الله عليه و آله و لا أكثر باك و لا باكية منهم. [2] .
پاورقي
[1] المقصود منه هو الکتاب الذي ذکرناها في الهامش سابقا، کما يظهر من الفتوح: 26 / 5 و مقتل الخوارزمي: 186 / 1.
[2] البحار: 327 / 44 - و مثله في الفتوح: 26 / 5 - مقتل خوارزمي: 186 / 1، الا أن فيه قضية الرؤيا و قوله عليه السلام: اللهم هذا قبر نبيک، الي آخره قد جرت في الليلة الثالثة.
و فيه: ذکر الثقة عن أبي سعيد المقبري أنه قال: رأيت الحسين يدخل مسجد المدينة معتمدا علي رجلين يمينا و شمالا حين ورد خبر وفاة معاوية، فسمعته ينشد:
لا ذعرت السوام في فلق الصبح
مغيرا و لا دعيت يزيدا
يم أعطي مخافة الموت کفا
و المنايا يرصدنني ان احيدا
قال ابوسعيد: فعلمت حين سمعت ذلک منه انه سيمتنع، انظر: مقتل الخوارزمي 186 / 1 - و تاريخ الطبري: 253 / 4- الکامل في التاريخ: 17/ 4 - تذکرة الخواص: 237.