بازگشت

الوقايع المتاخرة بعد قتل الحسين واصحابه


قال هشام عن ابي مخنف عن عبدالملك بن نوفل قال حدثني أبي قال لما قتل الحسين عليه السلام قام ابن الزبر في أهل مكة وعظم مقتله وعاب علي أهل الكوفة خاصة ولام أهل العراق عامة فقال بعد أن حمد الله وأثني عليه وصلي علي محمد (ص) ان أهل العراق غدر فجر الا قليلا وان اهل الكوفة شرار اهل العراق وأنهم دعوا حسينا لينصروه ويولوه عليهم فلما قدم عليهم ثاروا اليه فقالوا له اما ان تضع يدك في ايدينا فنبعث بك إلي ابن زياد بن سمية سلما فيمضي فيك حكمه واما ان تحارب فرأي والله انه هو واصحابه قليل في كثير وان كان الله عزوجل لم يطلع علي الغيب احدا انه مقتول ولكنه اختار الميتة الكريمة علي الحياة الذميمة فرحم الله حسينا واخزي قاتل حسين لعمري لقد كان من خلافهم اياه وعصيانهم ما كان في مثل واعظ وناه عنهم ولكنه ما حم نازل واذا اراد الله امرا لن يدفع افبعد الحسين نطمئن إلي هؤلاء القوم ونصدق قولهم ونقبل لهم عهدا لاولانراهم لذلك اهلا اما والله لقد قتلوه طويلا بالليل قيامه كثيرا في النهار صيامه احق بماهم فيه منهم واولي به في الدين والفضل اما والله ما كان يبدل بالقرآن الغناء ولا بالبكاء من خشية الله الحدا


ولا بالصيام شرب الحرام ولا بالمجالس في حلق الذكر الركض في تطلاب الصيد يعرض بيزيد فسوف يلقون غيا فثار اليه أصحابه فقالوا له ايها الرجل أظهر بيعتك فانه لم يبق أحد اذهلك حسين ينازعك هذا الامر وقد كان يبايع الناس سرا ويظهرأنه عائذ بالبيت فقال لهم لا تعجلوا وعمرو بن سعيد بن العاص يومئذ عامل مكة وقد كان أشد شئ عليه وعلي اصحابه وكان مع شدته عليهم يداري ويرفق فلما استقر عند يزيد بن معاوية ما قد جمع ابن الزبير من الجموع بمكة أعطي الله عهدا ليوثقنه في سلسلة فبعث بسلسلة من فضة فمر بها البريد علي مروان بن الحكم بالمدينة فأخبر خبر ما قدم له وبالسلسلة التي معه فقال مروان.



خذها فليست للعزيز بخطة

وفيها مقال لامري متضعف



ثم مضي من عنده حتي قدم علي ابن الزبير فأتي ابن الزبير فأخبره بممر البريد علي مروان وتمثل مروان بهذا البيت فقال ابن الزبير لا والله لا أكون أنا ذلك المتضعف ورد ذلك البريد ردا رقيقا وعلا أمر ابن الزبير بمكة وكاتبه أهل المدينة وقال الناس أما اذهلك الحسين عليه السلام فليس أحد ينازع ابن الزبير. قال هشام بن محمد حدثنا ابومخنف قال حدثني يوسف ابن يزيد عن عبدالله بن عوف بن الاحمر الازدي قال لما قتل الحسين بن علي ورجع ابن زياد من معسكره بالنخيلة فدخل الكوفة تلاقت الشيعة

بالتلاوم والتندم ورأت أنها قد أخطأت خطأ كبيرا بدعائهم الحسين إلي


النصرة وتركهم اجابته ومقتله إلي جانبهم لم ينصره ورأوا أنه لا يغسل عارهم والاثم عنهم في مقتله الا بقتل من قتله أو القتل فيه ففزعوا بالكوفة إلي خمسة نفر من رؤوس الشيعة إلي سليمان بن صرد الخزاعي وكانت له صحبة مع النبي صلي الله عليه وآله والي المسيب بن نجبة الفزاري وكان من أصحاب علي وخيارهم والي عبدالله بن سعد بن نفيل الازدي والي عبدالله بن وال التيمي والي رفاعة بن شداد البجلي. ثم أن هؤلاء النفر الخمسة اجتمعوا في منزل سليمان بن صرد وكانوا من خيار أصحاب علي ومعهم اناس من الشيعة وخيارهم ووجوههم قال فلما اجتمعوا إلي منزل سليمان بن صرد بدأ المسيب بن نجبة القوم بالكلام فتكلم فحمد الله وأثني عليه وصلي علي نبيه صلي الله عليه وآله ثم قال أما بعد فانا قد ابتلينا بطول العمر والتعرض لانواع الفتن فترغب إلي ربنا ألا تجعلنا ممن يقول له غدا اولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاء كم النذير فان امير المؤمنين قال العمر الذي اعذر الله فيه إلي ابن آدم ستون سنة وليس فينا رجل الا وقد بلغه وقد كنا مغرمين بتزكية أنفسنا وتقريظ شيعتنا حتي بلا الله أخيارنا فوجدنا كاذبين في موطنين من مواطن ابن ابنة نبينا صلي الله عليه وآله وقد بلغتنا قبل ذلك كتبه وقدمت علينا رسله وأعذر ألينا يسألنا نصره عودا وبدء ا وعلانية وسرا فبخلنا عنه بانفسنا حتي قتل إلي جانبنا لا نحن نصرناه بأديدينا ولا جادلنا عنه بألسنتنا ولا قويناه بأموالنا ولا طلبنا له النصرة إلي عشائرنا فما عذرنا إلي ربنا وعند لقاء نبينا صلي الله عليه وآله وقد قتل فينا ولده وحبيبه وذريته ونسله لا والله لا عذر دون ان تقتلوا


قاتله والموالين عليه او تقتلوا في طلب ذلك فعسي ربنا أن يرضي عنا عند ذلك وما أنا بعد لقائه لعقوبته بآمن أيها القوم ولوا عليكم رجلا منكم فانه لا بد لكم من أمير تفزعون اليه وراية تحفون بها أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم قال فبدر القوم رفاعة بن شداد بعد المسيب الكلام فحمد الله واثني عليه وصلي علي النبي صلي الله عليه وآله. ثم قال اما بعد فان الله قد هداك لاصوب القول ودعوت إلي ارشد الامور بدأت بحمد الله والثناء عليه والصلاة علي نبيه صلي الله عليه وآله ودعوت إلي جهاد الفاسقين والي التوبة من الذنب العظيم فمسموع منك مستجاب

لك مقبول قولك قلت ولو أمركم رجلا منكم تفزعون اليه وتحفون برأيته وذلك رأي قد رأينا مثل الذي رأيت فان تكن انت ذلك الرجل تكن عندنا مرضيا وفينا متنصحا وفي جماعتنا محبا. وان رأيت ورآي أصحابنا ذلك ولينا هذا الامر شيخ الشيعة صاحب رسول الله صلي الله عليه وآله وذا السابقة والقدم سليمان بن صرد المحمود في بأسه ودينه والموثوق بحزمه أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم قال ثم تكلم عبدالله بن وال وعبدالله بن سعد فحمدا ربهما وأثنيا عليه وتكلما بنحو من كلام رفاعة بن شداد فذكرا المسيب بن جبة بفضله وذكرا سليمان بن صرد بسابقته ورضاهما بتوليته فقال المسيب بن نجبة أصبتم ووفقتم وأنا أري مثل الذي رأيتم فولوا امركم سليمان بن صرد. قال ابومخنف فحدثت سليمان بن أبي راشد بهذا الحديث فقال حدثني حميد بن مسلم قال والله اني لشاهد بهذا اليوم يوم ولوا سليمان بن صرد وانا يومئذ لاكثر من مأة رجل من فرسان الشيعة ووجوههم في


داره قال فتكلم سليمان بن صرد فشدد وما زال داره قال فتكلم سليمان بن صرد فشدد وما زال يردد ذلك القول في كل جمعة حتي حفظته بدأ فقال أثني علي الله خيرا وأحمد آلاء ه وبلاء ه وأشهد أن لا إله إلا الله وان محمدا رسوله. أما بعد فاني والله لخائف الا يكون آخرنا إلي هذا الدهر الذي نكدت فيه المعيشة وعظمت فيه الرزية وشمل فيه الجور اولي الفضل من هذه الشيعة لما هو خير انا كنا نمد أعناقنا إلي قدوم آل نبينا ونمنيهم النصر ونحثهم علي القوم فلما قدموا ونينا وعجزنا وادهنا وتربصنا وانتظرنا ما يكون حتي قتل فينا ولدينا ولد نبينا وسلالته وعصارته وبضعة من لحمه ودمه اذ جعل يستصرخ ويسأل النصف فلا يعطاه

اتخذه الفاسقون غرضا لنبل ودرية للرماح حتي اقصدوه وعدوا عليه فسلبوه الا انهضوا فقد سخط ربكم ولا ترجعوا إلي الحلائل والابناء حني يرضي الله والله ما أظنه رضيا دون ان تناجزوا من قتله أو تبيروا ألا لاتهابوا الموت فوالله ما هابه امرء قط الاذل كونوا كالاولي من بني اسرائيل اذ قال لهم نبيهم انكم ظلمتم انفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلي بارئكم فاقتلوا انفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فما فعل القوم جثوا علي الركب والله ومدوا الاعناق ورضوا بالقضاء حتي حين علموا أنه لا ينجيهم من عظيم الذنب الا الصبر علي القتل فكيف بكم لو قد دعيتم إلي مثل ما دعي القوم اليه أشحذوا السيوف وركبوا الا سنة وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل حتي تدعوا حين تدعوا وتستنفروا قال فقام خالد بن سعد بن نفيل. فقال أما أنا فوالله لو أعلم أن قتلي نفسي يخرجني من ذنبي ويرضي


عني ربي لقتلتها ولكن هذا أمر به قوم كانوا قبلنا ونهينا عنه فاشهد الله ومن حضر من المسلمين أن كلما أصبحت أملكه سوي سلاحي الذي اقاتل به عدوي صدقة علي المسلمين اقويهم به علي قتال القاسطين. وقام أبوالمعتمر حنش بن ربيعة الكناني فقال وأنا أشهدكم علي مثل ذلك فقال سليمان بن صرد حسبكم من أراد من هذا شيئا فليأت بماله عبدالله بن وال التيمي تيم بكر بن وائل فاذا اجتمع عنده كلما تريدون اخراجه من اموالكم جهزنا به ذوي الخلة والمسكنة من أشياعكم قال أبومخنف لوط بن يحيي عن سليمان بن ابي راشد قال فحدثنا حميد بن مسلم الازدي أن سليمان بن صرد قال لخالد بن سعد بن نفيل حين قال له والله لو علمت أن قتلي نفسي يخرجني من ذنبي ويرضي عني ربي لقتلتها ولكن هذا امر به قوم غيرنا كانوا من قبلنا ونهينا عنه قال أخوكم هذا غدا فريس اول الاسنة قال فلما تصدق بماله علي المسلمين قال له أبشر بجزيل ثواب الله الذين لانفسهم يمهدون. قال ابومخنف حدثني الحصين بن يزيد بن عبدالله بن سعد بن نفيل قال أخذت كتابا كان سليمان بن صرد كتب به إلي سعد بن حذيفة بن اليمان بالمدائن فقرأته زمان ولي سليمان. قال فلما قرأته اعجبني فتعلمته فما نسيته كتب اليه بسم الله الرحمن الرحيم من سليمان بن صرد ألي سعد بن حذيفة بن اليمان ومن قبله من المؤمنين سلام عليكم. أما بعد فان الدنيا دار قد أدبر منها ما كان معروفا وأقبل منها ما كان منكرا وأصبحت قد تشنأت إلي ذوي الالباب وأزمع بالترحال


منها عباد الله الاخيار وباعوا قليلا من الدنيا لا يبقي بجزيل مثوبة عند الله لا يفني ان اولياء من اخوانكم وشيعة آل نبيكم نظروا لانفسهم فيما ابتلوا به من أمر ابن بنت نبيهم الذي دعي فاجاب ودعا فلم يجب وأراد الرجعة فحبس وسأل الامان فمنع وترك الناس فلم يتركوه وعدوا عليه فقتلوه. ثم سلبوه وجردوه ظلما وعدوانا وغرة بالله وجهلا وبعبر الله ما يعملون والي الله ما يرجعون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون فلما نظروا اخوانكم وتدبروا عواقب ما استقبلوا رأوا ان قد خطأوابخذلان الزكي الطيب واسلامه وترك مواساته والنصر له خطئا كبيرا ليس لهم منه مخرج ولا توبة دون قتل قاتليه او قتلهم حتي تفني علي ذلك ارواحهم فقد جدوا اخوانكم فجدوا وأعدوا واستعدوا، وقد ضربنا لاخواننا أجلا يوافوننا اليه وموطنا يلقوننا فيه فأما الاجل فغرة شهر ربيع الاخر سنة 65. وأما الموطن الذي يلقوننا فيه فالنخيلة انتم الذين لم تزالوا لنا شيعة واخوانا والا وقد رأينا ان ندعوكم إلي هذا الامر الذي اراد الله به اخوانكم فيما يزعمون ويظهرون لنا أنهم يتوبون وأنكم جدراء بتطلاب الفضل والتماس الاجر والتوبة إلي ربكم من الذنب ولو كان في ذلك حز الرقاب وقتل الاولاد واستيفاء الاموال وهلاك العشائر ما ضر أهل عذراء الذين قتلوا الا يكونوا اليوم أحياء وهم عند ربهم يرزقون. شهداء قد لقوا الله صابرين محتسبين، فأثابهم ثواب الصابرين يعني حجرا واصحابه، وما ضر اخوانكم المقتلين صبرا، المصلبين


ظلما، والممثول بهم المعتدي عليهم الا يكونوا أحياء مبتلين بخطاياكم قد خير لهم فلقوا ربهم ووافاهم الله ان شاء الله أجرهم، فاصبروا رحمكم الله علي البأساء والضراء وحين الباس، وتوبوا إلي الله عن قريب. فوالله انكم لا حرياء الا يكون أحد من أخوانكم صبر علي شئ من البلاء ارادة ثوابه الا صبرتم التماس الاجر فيه علي مثله، ولا يطلب رضاء الله طالب بشئ من الاشياء ولو أنه القتل الا طلبتم رضاء الله به. ان التقوي افضل الزاد في الدنيا وما سوي ذلك يبور ويفني فلتعزف عنها أنفسكم ولتكن رغبتكم في دار عافيتكم وجهاد عدوالله وعدوكم وعدو اهل بيت نبيكم حتي تقدموا علي الله تائبين راغبين، أحيانا الله واياكم حياة طيبة، وأجارنا واياكم من النار، وجعل منايانا قتلا في سبيله علي يدي أبغض خلقه اليه واشدهم عداوة له، انه القدير علي ما يشاء، والصانع لاوليائه في الاشياء والسلام عليكم قال: كتب ابن صرد الكتاب وبعث به إلي سعد بن حذيفة بن اليمان مع عبدالله بن مالك الطائي، فبعث به سعد حين قرأ كتابه إلي من كان بالمدائن من الشيعة، وكان بها أقوام من أهل الكوفة قد اعجبتهم فأوطنوها وهم يقدمون الكوفة في كل حين عطاء ورزق، فيأخذون حقوقهم وينصرفون إلي أوطانهم، فقرأ عليهم سعد كتاب سليمان بن صرد ثم انه حمدالله وأثني عليه. ثم قال: أما بعد فأنكم قد كنتم مجتمعين مزمعين علي نصر الحسين وقتال عدوه فلم يفجاء كم أول من قتله، والله مثيبكم علي حسن النية وما اجمعتم عليه من النصر أحسن المثوبة وقد بعث اليكم اخوانكم


يستنجدونكم ويستمدونكم ويدعونكم إلي الحق والي ما ترجون لكم به عند الله أفضل الاجر والحظ، فماذا ترون؟ وماذا تقولون؟ فقال القوم باجمعهم نجيبهم ونقاتل معهم، ورأينا في ذلك مثل رأيهم فقام عبدالله بن حنظل الطائي ثم الحز مري فحمدالله وأثني عليه ثم قال: اما بعد فانا قد أجبنا اخواننا إلي ما دعونا اليه، وقد رأينا مثل الذي قد رأوا، فسرحني اليهم في الخيل، فقال له: رويد الا تعجل استعدوا للعدو وأعدوا له الحرب، ثم نسير وتسيرون. وكتب سعد بن حذيفة بن اليمان إلي سليمان بن صرد مع عبدالله بن مالك الطائي: بسم الله الرحمن الرحيم: إلي سليمان بن صرد من سعد بن حذيفة ومن قبله من المؤمنين سلام عليكم.

اما بعد فقد قرأنا كتابك وفهمنا الذي دعوتنا اليه من الامر الذي عليه، رأي الملاء من اخوانك فقد هديت لحظك ويسرت لرشدك ونحن جادون مجدون معدون مسرحون ملجمون، ننظر الامر ونستمع الداعي فاذا جاء الصريخ اقبلنا ولم نعرج ان شاء الله والسلام. فلما قرأ كتابه سليمان بن صرد قرأه علي اصحابه فسروا بذلك قال: وكتب إلي المثني بن محربة العبدي نسخة الكتاب الذي كان كتب به إلي سعد بن حذيفة بن اليمان وبعث به مع ظبيان بن عمارة التميمي من بني سعد، فكتب اليه المثني،: اما بعد فقد قرأت كتابك وأقرأته اخوانك، فحمدوا رأيك، واستجابوا لك، فنحن موافوك ان شاء الله للاجل الذي ضربت، وفي الموطن الذي ذكرت، والسلام عليك،


وكتب في اسفل كتابه.



تبصر كأني قد أتيتك معلما

علي اتلع الهادي أجش هزيم



طويل القري نهد الشواء مقلص

ملح علي فأس اللجام أزوم



بكل فتي لا يملاء الروح نحره

محس لعض الحرب غير سؤوم



أخي ثقة ينوي الاله بسعيه

ضروب بنصل السيف غير أثيم



قال ابومخنف لوط بن يحيي عن الحارث بن حصيرة عن عبدالله بن سعد بن نفيل قال: كان أول ما ابتدعوا به من أمرهم سنة 61 وهي السنة التي فيها الحسين رضي الله عنه. فلم يزل القوم في جمع آلة الحرب والاستعداد للقتال ودعاء الناس في السر من الشيعة وغيرها إلي الطلب بدم الحسين فكان يجيبهم القوم بعد القوم والنفر بعد النفرء فلم يزالوا كذلك وفي ذلك حتي مات يزيد بن معاوية يوم الخميس لاربع عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الاول سنة 64 وكان بين قتل الحسين وهلاك يزيد بن معاوية ثلاث سنين وشهران وأربعة أيام، وهلك يزيد وأمير العراق عبيدالله بن زياد وهو بالبصرة وخليفة بالكوفة عمرو بن حريث المخزومي، فجاء إلي سليمان أصحابه من الشيعة فقالوا: قد مات هذا الطاغية، والامر الان ضعيف، فان شئت وثبنا علي عمرو بن حريث

فاخرجناه من القصر، ثم أظهرنا الطلب بدم الحسين وتتبعنا قتلته ودعونا الناس إلي اهل هذا البيت المستأثر عليهم المدفوعين عن حقهم، فقالوا في ذلك فأكثروا.

فقال لهم سليمان بن صرد: رويدا، لا تعجلوا اني قد نظرت فيما


تذكرون، فرأيت أن قتلة الحسين هم اشراف اهل الكوفة وفرسان العرب، وهم المطالبون بدمه، ومتي علموا ما تريدون وعلموا انهم المطلوبون كانوا أشد عليكم، ونظرت فيمن تبعني منكم فعلمت أنهم لو خرجوا لم يدركوا ثارهم ولم يشفوا أنفسهم ولم ينكوا في عدوهم وكانوا لهم جزرا، ولكن بثوا دعاتكم في المصر فادعوا إلي أمركم هذا شيعتكم وغير شيعتكم فاني أرجو أن يكون الناس اليوم حيث

هلك هذا الطاغية أسرع إلي أمركم استجابة منهم قبل هلاكه ففعلوا وخرجت طائفة منهم دعاة يدعون الناس فاستجاب لهم ناس كثير بعد يزيد بن معاوية اضعاف من كان استجاب لهم قبل ذلك. قال هشام: قال أبومخنف وحدثنا الحصين بن يزيد عن رجل من مزينة قال ما رأيت من هذه الامة أحدا كان أبلغ من عبيدالله بن عبدالله المري في منطق ولاعظة وكان من دعاة أهل المصر زمان سليمان بن صرد وكان اذا اجتمعت اليه جماعة من الناس فوعظهم بدأ بحمد الله والثناء عليه والصلاة علي رسول الله صلي الله عليه وسلم ثم يقول: أما بعد فان الله اصطفي محمدا صلي الله عليه وآله علي خلقه بنبوته وخصه بالفضل كله وأعزكم باتباعه وأكرمكم بالايمان به فحقن به دمائكم المسفوكة وآمن به سبلكم المخوفة وكنتم علي شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون فهل خلق ربكم في الاولين والآخرين أعظم حقا علي هذه الامة من نبيها وهل ذرية أحد من

النبيين والمرسلين أو غيرهم أعظم حقا علي هذه الامة من ذرية رسولها؟


لا والله ما كان ولا يكون لله أنتم الم تروا ويبلغكم ما اجترم إلي ابن بنت نبيكم أما رأيتم إلي انتهاك القوم حرمته واستضعافهم وحدته وترميلهم اياه بالدم وتجرار هموه علي الارض لم يرقبوا فيه ربهم ولا قرابة من الرسول صلي الله عليه وسلم اتخذوه للنبل غرضا وغادروه للضباع جزرا فلله عينا من رأي مثله ولله حسين بن علي ماذا غادروا به ذا صدق وصبرو ذا أمانة ونجدة حزم ابن أول المسلمين اسلاما وابن بنت رسول رب العالمين. قلت حماته وكثرت عداته حوله فقتله عدوه وخذله وليه فويل للقاتل وملامة للخاذل ان الله لم يجعل لقاتله حجة ولا لخادله معذرة الا أن يناصح لله في التوبة فيجاهد القاتلين وينابذ القاسطين فعسي الله عند ذلك أن يقبل التوبة ويقيل العثرة انا ندعوكم إلي كتاب الله وسنة نبيه والطلب بدماء أهل بيته والي جهاد المحلين والمارقين. فان قتلنا فما عند الله خير للابرار وان ظهرنا رددنا هذا الامر إلي أهل بيت نبينا قال وكان يعيد هذا الكلام علينا في كل يوم حتي حفظه عامتنا قال ووثب الناس علي عمرو بن حريث عند هلاك يزيد بن معاوية فأخرجوه من القصر واصطلحوا علي عامر بن مسعود ابن أمية بن خلف الجمحي وهو دحروجة الجعل الذي قال له ابن همام السلولي.



أشد يديك بزيد ان ظفرت به

واشف الارامل من دحروجة الجعل



وكان كأنه ايهام قصرا وزيد مولاه وخازنه فكان يصلي بالناس و بايع لابن الزبير ولم يزل أصحاب سليمان بن صرد يدعون شيعتهم وغيرهم من أهل مصرهم حتي كثر تبعهم وكان الناس إلي اتباعهم بعد هلاك يزيد بن معاوية أسرع منهم قبل ذلك فما مضت ستة أشهر من هلاك يزيد


بن معاوية قدم المختار بن أبي عبيدة الكوفة فقدم في النصف من شهر رمضان يوم الجمعة قال وقدم عبدالله بن يزيد الانصاري ثم الخطمي من قبل عبدالله بن الزبير أميرا علي الكوفة علي حربها وثغرها وقدم معه من قبل ابن الزبير ابراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيدالله الاعرج أميرا علي خراج الكوفة وكان قدوم عبدالله بن يزيد الانصاري ثم الخطمي يوم الجمعة لثمان بقين من شهر رمضان سنة 64 قال وقدم المختار قبل عبيدالله بن يزيد وابراهيم بن محمد بثمانية ايام ودخل المختار الكوفة وقد اجتمعت رؤوس الشيعة ووجوهها مع سليمان بن صرد فليس يعدلونه به فكان المختار اذا دعاهم إلي نفسه والي الطلب بدم الحسين قالت له الشيعة هذا سليمان بن صرد شيخ الشيعة قد انقادوا له واجتمعوا عليه فأخذ يقول للشيعة اني قد جئتكم من قبل المهدي محمد بن علي بن الحنفية مؤتمنا مأمونا منتجبا ووزيرا فوالله ما زال بالشيعة حتي انشعبت اليه طائفة تعظمه وتجيبه وتنتظر أمره وعظم الشيعة مع سليمان بن صرد فسليمان أثقل خلق الله علي المختار وكان المختار يقول لاصحابه أتدرون ما يريد هذا يعني سليمان بن صرد انما يريد أن يخرج فيقتل نفسه ويقتلكم ليس له بصر بالحروب ولا له علم بها قال وأتي يزيد بن الحارث بن يزيد بن رويم الشيباني عبدالله بن يزيد الانصاري.

فقال ان الناس يتحدثون أن هذه الشيعة خارجة عليك مع ابن صرد ومنهم طائفة أخري مع المختار وهي أقل الطائفتين عددا والمختار فيما يذكرون الناس لا يريد أن يخرج حتي ينظر إلي ما يصير اليه أمر سليمان بن صرد وقد اجتمع له أمره وهو خارج من أيامه هذه


فان رأيت أن تجمع الشرط والمقاتلة ووجوه الناس ثم تنهض اليهم وننهض معك فاذا دفعت إلي منزله دعوته فان اجابك حسبه وان قاتلك قاتلته وقد جمعت له وعبأت وهو مغترفاني أخاف عليك ان هو بدأك وأقررته حتي يخرج عليك أن تشتد شوكته وان يتفاقم أمره فقال عبدالله بن يزيد الله بيننا وبينهم ان هم قاتلونا قتلناهم وان تركونا لم نطلبهم حدثني ما يريدون الناس قال يذكر الناس أنهم يطلبون بدم الحسين بن علي قال فأنا قتلت الحسين لعن الله قاتل الحسين. قال وكان سليمان بن صرد وأصحابه يريدون أن يثبوا بالكوفة فخرج عبدالله بن يزيد حتي صعد المنبر ثم قام في الناس فحمد الله وأثني عليه ثم قال أما بعد فقد بلغني أن طائفة من أهل هذا المصر أرادوا أن يخرجوا علينا فسألت عن الذي دعاهم إلي ذلك ما هو فقيل لي زعموا أنهم يطلبون بدم الحسين ابن علي فرحم الله هؤلاء القوم قد والله دللت علي أماكنهم وأمرت بأخذهم وقيل ابدأهم قبل أن يبدؤك فأبيت ذلك فقلت ان قاتلوني قاتلتهم وان تركوني لم أطلبهم وعلام يقاتلوني فوالله ما أنا قتلت حسينا ولا أنا ممن قاتله ولقد أصبت بمقتله رحمة الله عليه. فان هؤلاء القوم آمنون فليخرجوا ولينتشروا ظاهرين ليسيروا إلي من قاتل الحسين فقد أقبل اليهم وأنا لهم علي قاتله ظهير هذا ابن زياد قاتل الحسين وقاتل خياركم وأماثلكم قد توجه اليكم عهد العاهد به علي مسيرة ليلة من جسر منبج فقتاله والاستعداد له أولي وأرشد من أن تجعلوا بأسكم بينكم فيقتل بعضكم بعضا ويسفك بعضهم دماء بعض فيلقاكم ذلك العدو غدا وقد رققتم وتلك والله أمنية عدوكم وانه قد أقبل اليكم أعدي خلق الله لكم من ولي عليكم


هو وأبوه سبع سنين لا يقلعان عن قتل أهل العفاف والدين هو الذي قتلكم ومن قبله أوتيتم والذي قتل من تثأرون بدمه قد جاء كم فاستقبلوه بحدكم وشوكتكم واجعلوها به ولا تجعلوها بأنفسكم اني لم آلكم نصحا جمع الله لنا كلمتنا وأصلح لنا ائمتنا. قال فقال ابراهيم بن محمد بن طلحة أيها الناس لا يغرنكم من السيف والغشم مقالةهذا المداهن الموادع والله لئن خرج علينا خارج لنقتلنه ولئن استيقنا أن قوما يريدون الخروج علينا لنأخذن الوالد بولده والمولود بوالده ولنأخذن الحميم بالحميم والعريف بما في عرافته حتي يدينوا للحق ويذلوا للطاعة فوثب اليه المسيب ابن نجبة فقطع عليه منطقه. ثم قال يا ابن الناكثين أنت تهددنا بسيفك وغشمك أنت والله أذل من ذلك انا لا نلومك علي بغضنا وقد قتلنا أباك وجدك والله اني لارجو الا يخرجك الله من بين ظهراني أهل هذا المصر حتي يثلثوا بك جدك وأباك وأما أنت أيها الامير فقد قلت قولا سديدا واني والله لاظن من يريد هذا الامر مستنصحا لك وقابلا قولك. فقال ابراهيم بنمحمد بن طلحة اي والله ليقتلن وقد أدهن ثم اعلن فقام اليه عبدالله بن وال التيمي فقال ما اعتراضك يا أخا بني تيم بن مرة فيما بيننا وبين أميرنا فوالله ما أنت علينا بامير ولا لك علينا سلطان انما أنت أمير الجزية فأقبل علي خراجك فلعمر الله لئن كنت مفسدا ما أفسد أمر هذه الامة الا والدك وجدك الناكثان فكانت بهما اليدان وكانت عليهما دائرة السوء. قال ثم أقبل مسيب بن نجبة وعبدالله بن وال علي عبدالله بن يزيد


فقالا أما رأيك ايها الامير فوالله انا لا نرجو أن تكون به عند العامة محمودا وان تكون عند الذي عنيت واعتريت مقبولا فغضب أناس من عمال ابراهيم بن محمد بن طلحة وجماعة ممن كان معه فتشاتموا دونه فشتمهم الناس وخصموهم. فلما سمع ذلك عبدالله بن يزيد نزل ودخل وانطلق ابراهيم بن محمد وهو يقول قد داهن عبدالله بن يزيد أهل الكوفة والله لاكتبن بذلك إلي عبدالله بن الزبير فأتي شبث بن ربعي التميمي عبدالله بن يزيد فأخبره بذلك فركب به وبيزيد بن الحارث بن رويم حتي دخل علي ابراهيم بن محمد بن طلحة فحلف له بالله ما أردت بالقول الذي سمعت الا العافية وصلاح ذات البين انما أتاني يزيد بن الحارث بكذا وكذا. فرأيت أن أقوم فيهم بما سمعت ارادة ألا تختلف الكلمة ولا تتفرق الالفة وألا تقع بأس هؤلاء القوم بينهم فعذره وقبل منه قال ثم ان اصحاب سليمان بن صرد خرجوا ينشرون السلاح ظاهرين ويتجهزون يجاهزون بجهازهم وما يصلحهم. حدثت عن هشام بن محمد الكلبي عن ابي مخنف لوط بن يحيي قال حدثني أبوالمخارق الراسبي قال لما ركب ابن زياد من الخوارج بعد قتل أبي بلال ما ركب وقد كان قبل ذلك لا يكف عنهم ولا يستبقيهم غير أنه بعد قتل أبي بلال تجرد لاستئصالهم وهلاكهم واجتمعت الخوارج حين ثار ابن الزبير بمكة وسار اليه أهل الشام فتذاكروا ما أتي اليهم. فقال لهم نافع بن الازرق ان الله قد أنزل عليكم الكتاب و


فرض عليكم فيه الجهاد واحتج عليكم بالبيان وقد جرد فيكم السيوف أهل الظلم وأولوا العدي والغشم وهذا من قد ثار بمكة فاخرجوا بنا نأت البيت ونلق هذا الرجل فان يكن علي رأينا جاهدنا معه العدو وان يكن علي غير رأينا دافعنا عن البيت ما استطعنا ونظرنا بعد ذلك في أمورنا فخرجوا حتي قدموا علي عبدالله بن الزبير فسر بمقدمهم ونبأهم أنه علي رأيهم وأعطاهم الرضا من غير توقف ولا تفتيش فقاتلوا معه حتي مات يزيد بن معاوية وانصرف أهل الشام عن مكة. ثم ان القوم لقي بعضهم بعضا فقالوا ان هذا الذي صنعتم أمس بغير رأي ولا صواب من الامر تقاتلون مع رجل لا تدرون لعله ليس علي رأيكم انما كان أمس يقاتلكم هو وأبوه ينادي يال ثارات عثمان فاتوه وسلوه عن عثمان فان برئ منه كان وليكم وان أبي كان عدوكم فمشوا نحوه فقالوا له أيها الانسان انا قد قاتلنا معك ولم نفتشك عن رأيك حتي نعلم أمنا أنت أم من عدونا خبرنا ما مقالتك في عثمان فنظر فاذا من حوله من أصحابه قليل فقال لهم انكم أتيتموني فصادفتموني حين أردت القيام ولكن روحوا إلي العشية حتي أعلمكم من ذلك الذي تريدون فانصرفوا وبعث إلي أصحابه. فقال البسوا السلاح واحضروني بأجمعكم العشية ففعلوا وجاء ت الخوارج وقد أقام أصحابه حوله سماطين عليهم السلاح وقامت جماعة منهم عظيمة علي رأسه بأيديهم الاعمدة. فقال ابن الازرق لاصحابه خشي الرجل غائلتكم وقد أزمع بخلافكم واستعد لكم ما ترون فدنا منه ابن الازرق فقال له يابن الزبير اتق الله ربك


وابغض الخائن المستأثر وعاد أول من سن الضلالة وأحدث الاحداث وخالف حكم الكتاب فانك ان تفعل ذلك ترض ربك وتنج من العذاب الاليم نفسك وان تركت ذلك فأنت من الذين استمتعوا بخلاقهم واذهبوا في الحياة الدنيا طيباتهم يا عبيدة ابن هلال صف لهذا الانسان ومن معه أمرنا الذي نحن عليه والذي ندعوالناس اليه فتقدم عبيدة بن هلال. قال هشام قال أبومخنف وحدثني أبوعلقمة الخثعمي عن أبي قبيصة بن عبدالرحمن القحافي من خثعم قال أنا والله شاهد عبيدة بن هلال اذ تقدم فتكلم فما سمعت ناطقا قط ينطق كان أبلغ ولا أصوب قولا منه وكان يري رأي الخوارج قال وان كان ليجمع القول الكثير في المعني الخطير في اللفظ اليسير قال فحمدالله وأثني عليه ثم قال اما بعد. فان الله بعث محمدا صلي الله عليه وسلم يدعو إلي عبادة الله واخلاص الدين فدعا إلي ذلك فأجابه المسلمون فعمل فيهم بكتاب الله وأمره حتي قبضه الله اليه صلي الله عليه واستخلف الناس أبا بكر واستخلف ابوبكر عمر فكلاهما عملا بالكتاب وسنة رسول الله فالحمد لله رب العالمين. ثم ان الناس استخلفوا عثمان بن عفان فحمي الاحماء فآثر القربي واستعمل الفتي ورفع الدرة ووضع السوط ومزق الكتاب وحقر المسلم وضرب منكري الجور وآوي طريد الرسول صلي الله عليه وضرب السابقين بالفضل وسيرهم وحرمهم ثم أخذ في ء الله الذي أفاء ه عليهم فقسمه بين فساق قريش ومجان العرب فسارت اليه طائفة من المسلمين أخذ الله ميثاقهم علي طاعته لا يبالون في الله لومة لائم فقتلوه فنحن لهم أولياء ومن ابن عفان وأوليائه


برآء فما تقول أنت يا ابن الزبير قال فحمد الله ابن الزبير وأثني عليه. ثم قال أما بعد فقد فهمت الذي ذكرتم وذكرت به النبي صلي الله عليه وسلم فهو كما قلت صلي الله عليه وآله وفوق ما وصفته وفهمت ما ذكرت به أبا بكر وعمر وقد وفقت وأصبت وقد فهمت الذي ذكرت به عثمان بن عفان رحمة الله عليه واني

لا اعلم مكان أحد من خلق الله اليوم أعلم بابن عفان وأمره مني كنت معه حيث نقم القوم عليه واستعتبوه فلم يدع شيئا استعتبه القوم فيه الا أعتبهم منه ثم انهم رجعوا اليه بكتاب له يزعمون أنه كتبه فيهم يأسر فيه بقتلهم. فقال لهم ما كتبته فان شئتم فهاتوا بينتكم فان لم تكن حلفت لكم فوالله ما جاؤه ببينة ولا استحلفوه ولوثبوا عليه فقتلوه وقد سمعت ما عبته به فليس كذلك بل هو لكل خير أهل وأنا أشهدكم ومن حضر أني ولي لابن عفان في الدنيا والاخرة وولي أوليائه وعدو أعدائه قالوا فبرئ الله منك يا عدوالله. قال فبرئ الله منكم يا أعداء الله وتفرق القوم فأقبل نافع بن الازرق الحنظلي وعبدالله بن صفار السعدي من بني صريم بن مقاعس وعبدالله بن أباض أيضا من بني صريم وحنظلة بن بيهس وبنو الماحوز عبدالله وعبيدالله والزبير من بني سليط بن يربوع حتي أتوا البصره وانطلق أبوطالوت من بني زمان بن مالك بن صعب بن علي بن مالك بن بكر بن وائل وعبدالله بن ثور أبوفديك من بني قيس بن ثعلبة وعطية بن الاسود اليشكري إلي اليمامة فوثبوا باليمامة مع أبي طالوت ثم أجمعوا بعد ذلك علي نجدة ابن عامر الحنفي فأما البصريون منهم فانهم قدموا البصرة وهم


مجمعون علي رأي أبي بلال. (قال هشام قال ابومخنف لوط بن يحيي فحدثني ابوالمثني عن رجل من اخوانه من اهل البصرة انهم اجتمعوا فقالت العامة منهم لو خرج منا خارجون في سبيل الله فقد كانت منافترة منذ خرج اصحابنا فيقوم علماؤنا في الارض فيكونون مصابيح الناس يدعونهم إلي الدين ويخرج اهل الورع والاجتهاد فيلحقون بالرب فيكونون شهداء مرزوقين عند الله احياء فانتدب لها نافع بن الازرق فاعتقد علي ثلاثمائة رجل فخرج. وذلك عند وثوب الناس بعبيدالله بن زياد وكسر الخوارج ابواب السجون وخروجهم منها واشتغل الناس بقتال الازد وربيعة وبني تميم وقيس في دم مسعود بن عمرو فاغتنمت الخوارج اشتغال الناس بعضهم ببعض فتهيؤا واجتمعوا. فما خرج نافع ابن الازرق تبعوه واصطلح اهل البصرة علي عبدالله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبدالمطلب يصلي بهم و خرج ابن زياد إلي الشام واصطلحت الازد وبنو تميم. فتجرد الناس للخوارج فاتبعوهم واخافوهم حتي خرج من بقي منهم بالبصرة فلحق بابن الازرق الا قليلا منهم ممن لم يكن اراد الخروج يومه ذلك منهم عبدالله بن صفار وعبدالله بن اباض ورجال معهما علي رأيهما ونظر نافع بن الازرق ورأي ان ولاية من تخلف عنه لا تنبغي وان من تخلف عنه لا نجاة له. فقال لاصحابه ان الله قد أكرمكم بمخرجكم يصركم ما


عمي عنه غيركم الستم تعلمون انكم انما خرجتم تطلبون شريعته و امره فامره لكم قائد والكتاب لكم امام وانما تتبعون سنته واثره فقالوا بلي فقال اليس حكمكم في وليكم حكم النبي صلي الله عليه وآله وسلم في وليه وحكمكم في عدوكم حكم النبي صلي الله عليه وآله في عدوه وعدوكم اليوم عدوالله وعدو النبي صلي الله تعالي عليه وسلم كما ان عدوالنبي صلي الله عليه وسلم يومئذ هو عدوالله وعدوكم اليوم فقالوا نعم. قال فقد انزل الله تبارك وتعالي (براء ة من الله ورسوله إلي الذين عاهدتم من المشركين) وقال (لا تنكحوا المشركات حتي يؤمن) فقد حرم الله ولايتهم والمقام بين اظهرهم واجازة شهادتهم واكل ذبائحهم وقبول علم الدين عنهم ومناكحتهم ومواريثم وقد احتج الله علينا بمعرفة هذا وحق علينا ان نعلم هذا الدين الذين خرجنا من عندهم ولا نكتم ما انزل الله والله عزوجل يقول: (ان الذين يكتمون ما انزلنا من البينات والهدي من بعد ما بيناه للناس في الكتاب اولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون) فاستجاب له إلي هذا الرأي جميع اصحابه فكتب من عبيدالله نافع بن الازرق إلي عبدالله بن صفار وعبدالله بن أباض ومن قبلهما من الناس سلام علي أهل طاعة الله من عباد الله فان من الامر كيت وكيت فقص هذه القصة ووصف هذه الصقه ثم بعث بالكتاب اليهما فأتيابه فقرأه عبدالله بن صفار فأخذه فوضعه خلفه فلم يقرأ علي الناس خشية ان يتفرقوا ويختلفوا فقال له عبدالله

بن اباض مالك لله ابوك اي شئ اصبت ان قد اصيب اخواننا اواسر


بعضهم فدفع الكتاب اليه فقرأه فقال قاتله الله اي رأي راي صدق نافع بن الازرق لو كان القوم مشركين كان اصوب الناس رأيا وحكما فيما يشير به وكانت سيرته كسيرة النبي صلي الله عليه وسلم في المشركين ولكنه قد كذب وكذبنا فيما يقول ان القوم كفار بالنعم والاحكام وهم برآء من الشرك ولا يحل لنا الا دماؤهم وما سوي ذلك من اموالهم فهو علينا حرام فقال ابن صفار برئ الله منك فقد قصرت وبرئ الله من ابن الازرق فقد غلا برئ الله منكما جميعا وقال الاخر فبرئ الله منك ومنه وتفرق القوم واشتدت شوكة ابن الازرق وكثرت جموعه واقبل نحو البصرة حتي دنا من الجسر فبعث اليه عبدالله بن الحارث مسلم بن عبيس بن كريز بن ربيعة بن حبيب ابن عبد شمس بن عبد مناف في اهل البصرة (قام هشام بن محمد الكلبي) قال ابومخنف قال النضر بن صالح كانت الشيعة تشتم المختار وتعتبه لما كان منه في امر الحسن بن علي يوم طعن في مظلم ساباط فحمل إلي ابيض المدائن حتي اذا كان زمن الحسين وبعث الحسين مسلم بن عقيل إلي الكوفة نزل دار المختار وهي اليوم دار سلم بن المسيب فبايعه المختار بن ابي عبيد فيمن بايعه من اهل الكوفة وناصحه ودعا اليه من اطاعه حتي خرج ابن عقيل يوم خرج والمختار في قرية له بخطر نية تدعي لقفا فجاء ه خبر ابن عقيل عند الظهر انه قد ظهر بالكوفة فلم يكن خروجه يوم خرج علي ميعاد من اصحابه انما خرج

حين قيل له ان هاني بن عروة المرادي قد ضرب وحبس فاقبل المختار


في موال له حتي انتهي إلي باب الفيل بعد الغروب وقد عقد عبيدالله بن زياد لعمرو بن حريث راية علي جميع الناس وامره ان يقعد لهم في المسجد فلماكان المختار فوقف علي باب الفيل مربه هاني بن ابي حية الوادعي فقال للمختار ما وقوفك ههنا لا انت مع الناس ولا انت في رحلك قال اصبح رأيي مرتحا لعظم خطيئتكم فقال له اظنك والله قاتلا نفسك ثم دخل علي عمرو بن حريث فاخبره بما

قال للمختار وما رد عليه المختار (قال ابومخنف) فأخبرني النضر بن صالح عن عبدالرحمن بن ابي عمير الثقفي قال كنت جالسا عند عمرو بن حريث حين بلغه هانئ بن ابي حية عن المختار هذه المقالة فقال لي قم إلي ابن عمك فاخبره ان صاحبه لا يدري اين هو فلا يجعلن علي نفسه سبيلا فقمت لاتيه ووثب اليه زائدة بن قدامة بن مسعود فقال له يأتيك علي أنه آمن فقال له عمرو بن حريث أما مني فهو آمن ان رقي إلي الامير عبيدالله بن زياد شئ من امره اقمت له بمحضره الشهادة وشفعت له احسن الشفاعة فقال له زائدة بن قدامة ليكونن مع هذا ان شاء الله الاخير قال عبدالرحمن فخرجت وخرج معي زائدة إلي المختار فاخبرناه بمقالة ابن ابي حية وبمقالة عمرو بن حريث وناشدناه بالله الا يجعل علي نفسه سبيلا فنزل إلي ابن حريث فسلم عليه وجلس تحت رايته حتي أصبح وتذاكر الناس امر المختار وفعله فمشي عمارة بن عقبة بن ابي معيط بذلك إلي عبيدالله بن زياد فذكر له فلما ارتفع النهار فتح باب عبيدالله بن زياد واذن للناس فدخل المختار فيمن دخل فدعاه عبيدالله


فقال له انت المقبل في الجموع لتنصر ابن عقيل فقال له لم افعل ولكني اقبلت ونزلت تحت راية عمرو بن حريث وبت معه واصبحت فقال له عمرو صدق اصلحك الله قال فرفع القضيب فاعترض به وجه المختار فحبط به عينه فشترها.

وقال اولي لك أما والله لولا شهادة عمرو لك لضربت عنقك انطلقوا به إلي السجن فانطلقوا به إلي السجن فحبس فيه. فلم يزل في السجن حتي قتل الحسين ثم ان المختار بعث إلي زائدة بن قدامة فسأله أن يسير إلي عبدالله بن عمر بالمدينة فيسأله ان يكتب له إلي يزيد بن معاوية فيكتب إلي عبيدالله بن زياد بتخلية سبيله فركب زائدة إلي عبدالله بن عمر فقدم عليه فبلغه رسالة المختار وعلمت صفية اخت المختار بمحبس أخيها وهي تحت عبدالله ابن عمر فبكت وجزعت فلما رأي ذلك عبدالله بن عمر كتب مع زائدة إلي يزيد بن معاوية. أما بعد فان عبيدالله بن زياد حبس المختار وهو صهري وأنا أحب أن يعافي ويصلح من حاله فأن رأيت رحمنا الله وأياك أن تكتب إلي ابن زياد فتأمره بتخليته فعلت والسلام عليك فمضي زائدة علي رواحله بالكتاب حتي قدم به علي يزيد بالشام فلما قرأه ضحك ثم قال يشفع ابوعبدالرحمن وأهل ذلك هو فكتب له إلي ابن زياد. أما بعد فخل سبيل المختار بن أبي عبيد حين تنظر في كتابي والسلام عليك فأقبل به زائدة حتي دفعه فدعا ابن زياد بالمختار فاخرجه


ثم قال له قد اجلتك ثلاثا فان أدركتك بالكوفة بعدها قد برئت منك الذمة فخرج إلي رحله وقال ابن زياد والله لقد اجترأ علي زائدة حين يرحل إلي أمير المؤمنين حتي يأتيني بالكتاب في تخلية رجل قد كان من شأني أن أطيل حبسه علي به فمر به عمرو بن نافع ابوعثمان كاتب لابن زياد وهو يطلب وقال له النجاء بنفسك واذكرها بدا لي عندك. قال: فخرج زائدة فتواري يومه ذلك ثم انه خرج في أناس من قومه حتي اتي القعقاع بن شور الذهلي ومسلم بن عمرو الباهلي فاخذاله

من ابن زياد الامان. (قال هشام) قال أبومخنف ولما كان اليوم الثالث خرج المختار إلي الحجاز قال فحدثني الصقعب بن زهير عن ابن العرق مولي لثقيف قال أقبلت من الحجاز حتي اذا كنت بالبسيطة من وراء واقصة استقبلت المختار بن أبي عبيد خارجا يريد الحجاز حين خلي سبيله ابن زياد فلما استقبلته رحبت به وعطفت اليه فلما رأيت شترعينه استرجعت له وقلت له بعد ما توجعت له ما بال عينك صرف الله عنك السوء قال خبط عيني ابن الزانية بالقضيب خبطة صارت إلي ما تري فقلت له ماله شلت انامله. فقال المختار قتلني الله ان لم اقطع انامله واباجله واعضاء ه اربا اربا قال فعجبت لمقالته فقلت له ما علمك بذلك رحمك الله فقال لي ما اقول لك فاحفظه عني حتي تري مصداقه. قال ثم طفق يسألني عن عبدالله بن الزبير فقلت له لجأ إلي البيت فقال انما انا عائذ برب هذه البنية والناس يتحدثون انه يبايع سرا ولا اراه


الا لو قد اشتدت شوكته واستكثف من الرجال الا سيظهر الخلاف قال اجل لا شك في ذلك اما انه رجل العرب اليوم اما انه ان يخطط في اثري ويسمع قولي اكفه امر الناس والا يفعل فوالله ما انا بدون احد من العرب يا ابن العرق ان الفتنة قد ارعدت وابرقت وكأن قد انبعثت فوطئت في خطامها فاذا رأيت ذلك وسمعت به بمكان قد ظهرت فيه فقيل ان المختار في عصائبه من المسلمين يطلب بدم المظلوم

الشهيد المقتول بالطف سيد المسلمين وابن سيدها الحسين بن علي فوربك لاقتلن بقتله عدة القتلي التي قتلت علي دم يحيي بن زكرياء (ع) قال فقلت له سبحان الله وهذه اعجوبة مع الاحدوثة الاولي فقال هو ما اقول لك فاحفظه عني حتي تري مصداقه ثم حرك راحلته فمضي ومضيت معه ساعة أدعو الله له بالسلامة وحسن الصحابة قال ثم انه وقف فأقسم علي لما انصرفت فأخذت بيده فودعته وسلمت عليه وانصرفت عنه فقلت في نفسي هذا الذي يذكر لي هذا الانسان يعني المختار مما يزعم أنه كائن أشئ حدث به نفسه فوالله ما أطلع الله علي الغيب أحدا وانما هو شئ يتمناه فيري أنه كائن فهو يوجب رأيه فهذا والله الرأي الشعاع فوالله ما كل ما يري الانسان انه كائن يكون قال فوالله مامت حتي رأيت كل ما قاله قال فوالله لئن كان ذلك من علم القي اليه لقد أثبت له ولئن كان ذلك رأيا رآه وشيئا تمناه لقد كان. (قال أبو مخنف) فحدثني الصقعب بن زهير عن ابن العرق قال فحدثت بهذا الحديث للحجاج بن يوسف فضحك ثم قال لي انه كان


يقول أيضا: ودافعة ذيلها وداعية ويلها بدجلة أوجو لها فقلت له أتري هذا شيئا كان يخترعه وتخرصا يتخرصه أم هو من علم كان اوتيه فقال والله ما أدري ما هذا الذي تسألني عنه ولكن لله دره أي رجل دينا ومسعر حرب ومقارع أعداء كان (قال أبومخنف) فحدثني أبويوسف الانصاري من بني الخزرج عن عباس بن سهل بن سعد قال قدم المختار علينا مكة فجاء إلي عبدالله ابن الزبير وأنا جالس عنده فسلم عليه فرد عليه ابن الزبير ورحب به وأوسع له ثم قال حدثني عن حال الناس بالكوفة يا أبا اسحاق قال هم لسلطانهم في العلانية أولياء وفي السر أعداء فقال له ابن الزبير هذه صفة عبيدالسوء اذا رأو أربابهم خدموهم وأطاعوهم فاذا غابوا عنهم شتموهم ولعنوهم قال فجلس معنا ساعة. ثم انه قال إلي ابن الزبير كانه يساره فقال له ما تنتظر ابسط يدك أبايعك وأعطنا ما يرضينا وثب علي الحجاز فان أهل الحجاز كلهم معك وقام المختار فخرج فلم يرحولا ثم اني بينا أنا جالس مع ابن الزبير اذ قال لي ابن الزبير متي عهدك بالمختار ابن ابي عبيد فقلت له مالي به عهد منذر رأيته عندك عاما أول. فقال أين تراه ذهب لو كان بمكة لقد رؤي بها بعد فقلت له اني انصرفت إلي المدينة بعد اذ رأيته عندك بشهر أو شهرين فلبثت بالمدينة أشهرا ثم اني قدمت عليك فسمعت نفرا من أهل الطائف جاء وا معتمرين يزعمون أنه قدم عليهم الطائف وهو يزعم أنه صاحب الغضب ومبير الجبارين قال قاتله الله لقد انبعث كذابا متكهنا ان الله ان يهلك الجبارين يكن المختار


أحدهم فوالله ما كان الاربث فراغنا من منطقنا حتي عن لنا في جانب المسجد.

فقال ابن الزبير اذكر غائبا تره اين تظنه يهوي فقلت أظنه يريد البيت فأتي البيت فاستقبل الحجر ثم طاف بالبيت أسبوعا ثم صلي ركعتين عند الحجر ثم جلس فما لبث أن مر به رجال من معارفه من أهل الطائف وغيرهم من أهل الحجاز فجلسوا اليه واستبطأ ابن الزبير قيامه اليه فقال ما تري شأنه لا يأتينا قلت لا أدري وساعلم لك علمه. وقال ما شئت وكان ذلك أعجبه قال فقمت فمررت به كأني أريد الخروج من المسجد ثم التفت اليه فأقبلت نحوه ثم سلمت عليه ثم جلست اليه وأخذت بيده فقلت له أين كنت وأين بلغت بعدي أبا لطائف كنت فقال لي كنت بالطائف وغير الطائف وعمس علي أمره فملت اليه فناجيته فقلت له مثلك يغيب عن مثل ما قد اجتمع عليه أهل الشرف وبيوتات العرب من قريش والانصار وثقيف لم يبق أهل بيت ولا قبيلة الا وقد جاء زعيمهم وعميدهم فبايع هذا الرجل فعجبا لك ولرأيك ألا تكون أتيته فبايعته وأخذت بحظك من هذا الامر. وقال لي وما رأيتني أتيته العام الماضي فأشرت عليه بالرأي فطوي أمره دوني واني لما رأيته استغني عني أحببت أن أريه أني مستغن عنه انه والله لهو أحوج إلي مني اليه فقلت له انك كلمته بالذي كلمته وهو ظاهر في المسجد وهذا الكلام لا ينبغي أن يكون الا والستور دونه مرخاة والابواب دونه مغلقة القه الليلة ان شئت وأنا معك. فقال لي فاني فاعل اذا صلينا العتمة أتيناه اتعدنا الحجر قال فنهضت


من عنده فخرجت ثم رجعت إلي ابن الزبير فأخبرته بما كان من قولي وقوله فسر بذلك فلما صلينا العتمة التقينا بالحجر ثم خرجنا حتي أتينا منزل ابن الزبير فاستأذنا عليه فأذن لنا قلت أخليكما. فقالا جميعا لاسر دونك فجلست فاذا ابن الزبير قد أخذ بيده فصافحه ورحب به فسأله عن حاله واهل بيته وسكتا جميعا غير طويل فقال له المختار وأنا أسمع بعد أن تبدأ في أول منطقه فحمد الله واثني عليه ثم قال أنه لا خير في الاكثار من المنطق ولافي التقصير عن الحاجة اني قد جئتك لابايعك علي الا تقضي الامور دوني وعلي أن أكون في اول من تأذن له واذا ظهرت استعنت بي علي أفضل عملك فقال له ابن الزبير أبايعك علي كتاب الله وسنة نبيه صلي الله عليه وسلم فقال وشر غلماني أنت مبايعه علي كتاب الله وسنة نبيه صلي الله عليه وسلم مالي في هذا الامر من الحظ ما ليس لاقصي الحلق منك لا والله لا أبايعك ابدا الا علي هذه الخصال. قال عباس بن سهل فانتقمت أذن ابن الزبير فقلت له اشتر منه دينه حتي تري من رأيك فقال له ابن الزبير فان لك ما سألته فبسط يده فبايعه ومكث معه حتي شاهد الحصار الاول حين قدم الحصين بن نمير السكوني مكة فقاتل في ذلك اليوم فكان من أحسن الناس يومئذ بلاء وأعظمهم غناء. فلما قتل المنذربن الزبير والمسور بن مخرمة ومصعب بن عبد الرحمن بن عوف الزهري نادي المختار يا اهل الاسلام إلي إلي أنا ابن ابي عبيد بن مسعود وأنا ابن الكرار لا الفرار انا ابن المقدمين غير المحجمين إلي يا أهل الحفاظ وحماة الاوتار فحمي الناس يومئذ وأبلي وقاتل قتالا حسنا.


ثم اقام مع ابن الزبير في ذلك الحصار حتي كان يوم أحرق البيت فانه احرق يوم السبت لثلاث مضين من شهر ربيع الاول سنة 64 فقاتل المختار يومئذ في عصابة معه نحو من ثلثمائة أحسن قتال قاتله احد من الناس ان كان ليقاتل حتي يتبلد ثم يجلس ويحيط به أصحابه فاذا استراح نهض فقاتل فما كان يتوجه نحو طائفة من اهل الشام الا ضاربهم حتي بكشفهم. (قال أبومخنف) فحدثني ابويوسف محمد بن ثابط عن عباس بن سهل بن سعد قال تولي قتال اهل الشام يوم تحريق الكعبة عبدالله بن مطيع وأنا والمختار قال فما كان فينا يومئذ رجل احسن بلاء من المختار قال وقاتل قبل ان يطلع أهل الشام علي موت يزيد بن معاوية بيوم قتالا

شديدا وذلك يوم الاحد لخمس عشرة ليلة مضت من ربيع الآخر سنة 64 وكان أهل الشام قدرجوا أن يظفروا بنا واخذوا علينا سكك مكة قال وخرج ابن الزبير فبايعه رجال كثير علي الموت. قال فخرجت في عصابة معي أقاتل في جانب والمختار في عصابة اخري يقاتل في جمعية من أهل اليمامة في جانب وهم خوارج وانما قاتلوا ليدفعوا عن البيت فهم في جانب وعبدالله بن المطيع في جانب قال فشد أهل الشام علي فحازوني في اصحابي حتي اجتمعت انا والمختار واصحابه في مكان واحد فلم اكن اصنع شيئا الا صنع مثله ولا يصنع شيئا الا تكلفت ان اصنع مثله فما رايت اشد منه قط قال فانا لنقاتل اذ شدت علينا رجال وخيل من خيل اهل الشام فاضطروني واياه في نحو من سبعين رجلا من أهل الصبر إلي جانب دار من دور اهل مكة فقاتلهم المختار


يومئذ واخذ يقول رجل لرجل ولا والت نفس امري يفر. قال فخرج المختار وخرجت معه فقلت ليخرج منكم إلي رجل فخرج إلي رجل واليه رجل آخر فمشيت إلي صاحبي فاقتله ومشي المختار إلي صاحبه فقتله ثم صحنا باصحابنا وشددنا عليهم فوالله لضربناهم حتي اخرجنا هم من السكك كلها ثم رجعنا إلي صاحبينا اللذين قتلنا قال فاذا الذي قتلت رجل احمر شديد الحمرة كانه رومي واذا الذي قتل المختار رجل أسود شديد السواد فقال لي المختار تعلم والله اني لاظن قتيلينا هذين عبدين ولو أن هذين قتلانا لفجع بنا عشائرنا ومن يرجونا وما هذان وكلبان من الكلاب عندي الاسواء ولا أخرج بعد يومي هذاالرجل أبدا الا لرجل أعرفه. فقلت له وأنا والله لا اخرج الا لرجل اعرفه وأقام المختار مع ابن الزبير حتي هلك يزيد بن معاوية وانقضي الحصار ورجع أهل الشام إلي الشام واصطلح أهل الكوفة علي عامر بن مسعود بعد ما هلك يزيد يصلي بهم حتي يجتمع الناس علي امام يرضونه فلم يلبث عامر الا شهرا حتي بعث ببيعته وبيعة اهل الكوفة إلي ابن الزبير وأقام المختار مع ابن الزبير خمسة أشهر بعد مهلك يزيد واياما.

(قال أبومخنف) فحدثني عبدالملك بن نوفل بن مساحق عن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص قال والله اني لمع عبدالله ابن الزبير ومعه عبدالله بن صفوان بن أمية بن خلف ونحن نطوف بالبيت اذ نظر ابن الزبير فاذا هو بالمختار فقال لابن صفوان انظر اليه فوالله لهو أحذر من ذئب قد اطافت به السباع قال فمضي ومضينا معه فلما قضينا طوافنا وصلينا الركعتين


بعد الطواف لحقنا المختار فقال لابن صفوان ما الذي ذكرني به ابن الزبير قال قال فكتمه وقال لم يذكرك الا بخير قال بلي ورب هذه البنية ان كنت لمن شأنكما أما والله ليخطن في اثري اولاقدنها عليه سعرا فأقام معه خمسة أشهر فلما رآه لا يستعمله جعل لا يقدم عليه احد من الكوفة الا سأله عن حال الناس وهيئتهم. (قال أبومخنف) فحدثني عطية بن الحارث أبوروق الهمداني أن هاني بن ابي حية الوادعي قدم مكة يريد عمرة رمضان فسأله المختار عن حاله وحال الناس بالكوفة وهيئتهم فأخبره عنهم بصلاح واتساق علي طاعة ابن الزبير الا أن طائفة من الناس اليهم عدد اهل مصر لو كان لهم رجل يجمعهم علي رأيهم أكل بهم الارض إلي يوم ما فقال له المختار أنا ابواسحاق أنا والله لهم أنا اجمعهم علي امر الحق وأنفي بهم ركبان الباطل واقتل بهم كل جبار عنيد فقال له هاني بن ابي حية ويحك يا ابن أبي عبيد ان استطعت الا توضع في الضلال ليكن صاحبهم غيرك فان صاحب الفتنة اقرب شئ اجلا وأسوأ الناس عملا. فقال له المختار اني لا ادعو إلي الفتنة انما أدعو إلي الهدي و الجماعة ثم وثب فخرج وركب رواحله فأقبل نحو الكوفة حتي اذا كان بالقرعاء لقيه سلمة بن مرثد أخو بنت مرثد القابضي من همدان وكان من اشجع العرب وكان ناسكا فلما التقيا تصافحا وتساء لا فخبره المختار خبر الحجاز. ثم قال لسلمة بن مرثد حدثني عن الناس بالكوفة قال هم كغنم ضل راعيها فقال المختار بن أبي عبيد انا الذي احسن رعايتها وابلغ نهايتها


فقال له سلمة اتق الله واعلم انك ميت ومبعوث ومحاسب ومجزي بعملك ان خيرا فخيرا وان شرا فشرا ثم افترقا وأقبل المختار حتي انتهي إلي بحر الحيرة يوم الجمعة فنزل فاغتسل فيه وادهن دهنا يسيرا وليس ثيابه واعتم وتقلد سيفه ثم ركب راحلته فمر بمسجد السكون وجبانة كندة لا يمر بمجلس الاسلم علي أهله وقال ابشروا بالنصر والفلح اتاكم ما تحبون و اقبل حتي مر بمسجد بني ذهل وبني حجر فلم يجد ثم أحدا ووجد الناس قد راحوا إلي الجمعة فأقبل حتي مر ببني بداء فوجد عبيده بن عمر البدي من كندة فسلم عليه. ثم قال أبشر بالنصر واليسر والفلج انك ابا عمرو علي رأي حسن لن يدع الله لك معه مأثما الا غفره ولا ذنبا الا ستره قال وكان عبيدة من اشجع الناس وأشعرهم وأشدهم حبا لعلي رضي الله عنه وكان لا يصبر عن الشراب فلما قال له المختار هذا القول قال له عبيدة بشرك الله بخير انك قد بشرتنا فهل أنت مفسر لنا قال نعم فالقني في الرحل الليلة ثم مضي. (قال أبومخنف) فحدثني فضيل ابنخديج عن عبيدة بن عمر و قال قال لي المختار هذه المقالة ثم قال لي القني في الرحل وبلغ اهل مسجدكم هذا عني أنهم قوم اخذ الله ميثاقهم علي طاعته يقتلون المحلين ويطلبون بدماء اولاد النبيين ويهديهم للنور المبين ثم مضي فقال لي كيف الطريق إلي بني هند فقلت له أنظرني أدلك فدعوت بفرسي وقد أسرج لي فركبته قال ومضيت معه إلي بني هند فقال دلني علي منزل اسماعيل بن كثير قال فمضيت به إلي منزله فاستخرجته فحياه ورحب به وصافحه وبشره وقال له القني أنت وأخوك الليلة وأبوعمر فاني قد أتيتكم بكل


ما تحبون. قال ثم مضي ومضينا معه حتي مر بمسجد جهينة الباطنة ثم مضي إلي باب الفيل فاناخ راحلته ثم دخل المسجد واستشرف له الناس وقالواهذا المختار قد قدم فقام المختار إلي جنب سارية من سواري المسجد فصلي عندها حتي أقيمت الصلاة فصلي مع الناس ثم ركد إلي سارية أخري فصلي ما بين الجمعة والعصر فلما صلي العصر مع الناس انصرف. (قال ابومخنف) فحدثني المجالد بن سعيد عن عامر الشعبي ان المختار مر علي حلقة همدان وعليه ثياب السفر فقال ابشروا فأني قد قدمت عليكم بما يسركم ومضي حتي نزل داره وهي الدار التي تدعي دار سلم بن المسيب وكانت الشيعة تختلف اليها واليه فيها. (قال أبومخنف) فحدثني فضيل بن خديج عن عبيد بن عمرو واسماعيل بن كثير من بني هند قالا أتيناه من الليل كما وعدنا فلما دخلنا عليه وجلسنا سألنا عن أمر الناس وعن حال الشيعة فقلنا له ان الشيعة قد اجتمعت لسليمان بن صرد الخزاعي وانه لن يلبث الا يسيرا حتي يخرج قال فحمدالله وأثني عليه وصلي علي النبي صلي الله عليه وسلم ثم قال أما بعد فان المهدي ابن الوصي محمد بن علي بعثني اليكم أمينا ووزيرا ومنتخبا وأميرا وأمرني بقتال الملحدين والطلب بدماء أهل بيته والدفع عن الضعفاء. (قال ابومخنف) قال فضيل بن حديج فحدثني عبيدة بن عمرو واسماعيل بن كثير أنهما كانا اول خلق الله اجابة وضربا علي يده وبايعاه قال أقبل والمختار يبعث إلي الشيعة وقد اجتمعت عند سليمان بن صرد فيقول لهم


اني قد جئتكم من قبل ولي الامر ومعدن الفضل ووصي الوصي والامام المهدي بأمر فيه الشفاء وكشف الغطاء وقتل الاعداء وتمام النعماء ان سليمان ابن صرد يرحمنا الله واياه انما هو عشمة من العشم وحفش بال ليس بذي تجربة للامور ولاله علم بالحروب انما يريد ان يخرجكم فيقتل نفسه ويقتلكم اني انما اعمل علي مثال قد مثل لي وأمر قد بين لي فيه عزوليكم وقتل عدوكم وشفاء صدوركم فاسمعوا مني قولي وأطيعوا أمري ثم ابشروا وتباشروا فاني لكم بكل ما تأملون خير زعيم. قال فوالله ما زال بهذا القول ونحوه حتي استمال طائفة من الشيعة وكانوا يختلفون اليه ويعظمونه وينظرون أمره وعظم الشيعة يومئذ ورؤساؤهم مع سليمان بن صرد وهو شيخ الشيعة وأسنهم فليس يعدلون به احدا الا أن المختار قد استمال منهم طائفة ليسوا بالكثير فسليمان بن صرد أثقل خلق الله علي المختار وقد اجتمع لابن صرد يومئذ أمره وهو يريد الخروج والمختار لا يريد ان يتحرك ولا ان يهيج أمرا رجاء ان ينظر إلي ما يصير اليه امر سليمان رجاء أن يستجمع له امر الشيعة فيكون اقوي له علي درك ما يطلب فلما خرج سليمان بن صرد ومضي نحو الجزيرة. قال عمر بن سعد بن أبي وقاص وشبث بن ربعي ويزيد بن الحارث بن رويم لعبد الله بن يزيد الخطمي وابراهيم بن محمد بن طلحة بن

عبيدالله ان المختار أشد عليكم من سليمان بن صرد أن سليمان انماخرج يقاتل عدوكم ويذللهم لكم وقد خرج عن بلادكم وان المختار انما يريد أن يثبت عليكم في مصركم فسيروا اليه فأوثقوه في الحديد وخلدوه


في الجسن حتي يستقيم أمر الناس فخرجوا اليه في الناس فما شعر بشئ حتي أحاطوا به وبداره فاستخرجوه فلما رأي جماعتهم قال ما بالكم فوالله بعد ما ظفرت أكفكم. قال فقال ابراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيدالله لعبد الله بن يزيد شده كتافا ومشه حافيا فقال له عبدالله بن يزيد سبحان الله ماكنت لامشيه ولا لاحفيه ولا كنت لافعل هذا برجل لم يظهر لنا عداوة ولا حربا وانما أخذناه علي الظن فقال له ابراهيم بن محمد ليس بغشك فادرجي ما أنت وما يبلغنا عنك يا ابن أبي عبيد فقال له ما الذي بلغك عني الا باطل وأعوذ بالله من غش كغش أبيك وجدك قال قال فضيل فوالله اني لانظر اليه حين أخرج وأسمع هذا القول حين قال له غير أني لا أدري أسمعه منه أبراهيم أم لم يسمعه فسكت حين تكلم به قال وأتي المختار ببغلة دهماء يركبها فقال ابراهيم لعبد الله ابن يزيد الا تشد عليه القيود فقال كفي له بالسجن قيدا. (قال ابومخنف) وأما يحيي بن أبي عيسي فحدثني انه قال دخلت اليه مع حميد بن مسلم الازدي نزوره ونتعاهده فرأيته مقيدا قال فسمعته

يقول أما ورب البحار والنخيل والاشجار والمهامة والقفار والملائكة الابرار والمصطفين الاخيار لاقتلن كل جبار بكل لدن خطار ومهند بتار في جموع من الانصار ليسوا بميل أغمار ولا بعزل أشرار حتي اذا أقمت عمود الدين ورأيت شعب صدع المسلمين وشفيت غليل صدور المؤمنين وأدركت بثأر النبيين لم يكبر علي زوال الدنيا ولم أحفل بالموت اذا اتي قال فكان اذا أتيناه وهو في السجن ردد علينا هذا القول حتي خرج منه قال وكان


يتشجع لاصحابه بعد ما خرج ابن صرد. (قال هشام) قال أبومخنف حدثني أبويوسف عن عبدالله بن عوف الاحمري قال بعث سليمان بن صرد إلي وجوه أصحابه حين اراد الشخوص وذلك في سنة 65 فأتوه فلما استهل الهلال هلال شهر ربيع الاخر خرج في وجوه اصحابه وقد كان واعد أصحابه عامة للخروج في تلك الليلة للمعسكر بالنخيلة فخرج حتي أتي عسكره فدار في الناس ووجوه اصحابه فلم يعجبه عدة الناس فبعث حكيم بن منقذ الكندي في خيل وبعث الوليد بن غضين الكناني في خيل وقال اذهبا حتي تدخلا الكوفة فناديا يا لثأرات الحسين وابلغا المسجد الاعظم فناديا بذلك فخرجا وكانا اول خلق الله دعوا يا لثأرات الحسين.

قال فأقبل حكيم بن منقذ الكندي في خبل والوليد بن غضين في خيل حتي مرا ببنيكثير وان رجلا من بني كثير من الازد يقال له عبدالله بن حازم مع امرأته سهلة بنت سبرة بن عمرو من بني كثير وكانت من أجمل الناس وأحبهم اليه سمع الصوت بالثأرات الحسين وما هو ممن كان يأتيهم ولا استجاب لهم فوثب إلي ثيابه فلبسها ودعا بسلاحه وأمر باسراج فرسه فقالت له امرأته ويحك أجننت قال لا والله ولكني سمعت داعي الله فأنا مجيبه أنا طالب بدم هذا الرجل حتي أموت أو يقضي الله من أمري ما هو أحب اليه فقالت له إلي من تدع بنيك هذا قال إلي الله وحده لا شريك له اللهم اني أستودعك أهلي وولدي اللهم احفظني فيهم وكان ابنه ذلك يدعي عزرة فبقي حتي قتل بعد مع مصعب ابن الزبير وخرج حتي لحق بهم.


فقعدت امرأته تبكيه واجتمع اليها نساؤها ومضي مع القوم وطافت تلك الليلة الخيل بالكوفة حتي جاء والمسجد بعد العتمة وفيه ناس كثير يصلون فنادوا يا لثأرات الحسين وفيهم ابو عزة القابضي وكرب بن نمران يصلي فقال يا لثأرات الحسين أين جماعة القوم قيل بالنخيلة فخرج حتي أتي اهله فأخذ سلاحه ودعا بفرسه ليركبه فجاء ته ابنته الرواع وكانت تحت ثبيت بن مرثد القابضي فقالت يا أبت مالي اراك قد تقلدت سيفك ولبست سلاحك فقال لها يا بنية ان أباك يفر من ذنبه إلي ربه فاخذت تنتحب وتبكي وجاء ه أصهاره وبنو عمه فودعهم ثم خرج فلحق بالقوم قال فلم يصبح سليمان ابن صرد حتي أتاه نحو ممن كان في عسكره حين دخله قال ثم دعا بديوانه لينظر فيه إلي عدة من بايعه حين أصبح فوجدهم ستة عشر ألفا فقال سبحان الله ما وافانا الا اربعة آلاف من ستة عشر ألفا (قال ابومخنف) عن عطية بن الحارث عن حميد بن مسلم قال قلت لسليمان ابن صرد ان المختار والله يثبط الناس عنك اني كنت عنده اول ثلاث فسمعت نفرا من أصحابه يقولون قد كملنا الفي رجل فقال وهب أن ذلك كان فأقام عنا عشرة آلاف اما هؤلاء بمؤمنين أما يخافون الله اما يذكرون الله وما أعطونا من انفسهم من العهود والمواثيق ليجاهدن ولينصرن فأقام بالنخيلة ثلاثا يبعث ثقاته من اصحابه إلي من تخلف عنه يذكرهم الله وما اعطوه من أنفسهم فخرج اليه نحو من ألف رجل فقام المسيب بن نجبة إلي سليمان بن صرد فقال رحمك الله انه لا ينفعك الكاره ولا يقاتل معك الا من اخرجته النية فلا تنتظرن احدا واكمش في امرك


قال فانك والله لنعما رأيت. فقام سليمان بن صرد في الناس متوكئا علي قوس له عربية فقال أيها الناس من كان انما اخرجته ارادة وجه الله وثواب الاخرة فذلك منا ونحن منه فرحمة الله عليه حيا وميتا ومن كان انما يريد الدنيا وحرثها فوالله ما نأتي فيئا نستفيئه ولا غنيمة نغنمها ما خلا رضوان الله رب العالمين. وما معنا من ذهب ولا فضة ولا خز ولا حرير وما هو الا سيوفنا في عواتقنا ورماحنا في اكفنا وزاد قدر البلغة إلي لقاء عدونا فمن كان غير هذا ينوي فلا يصحبنا فقام صخير بن حذيفة بن هلال بن مالك المزني فقال اتاك الله رشدك ولقاك حجتك والله الذي لا اله غيره ما لنا خير في صحبة من الدنيا همته ونيته ايها الناس انما اخرجتنا التوبة من ذنبنا والطلب بدم ابن ابنة نبينا صلي الله عليه وآله ليس معنا دينار ولادرهم انما تقدم علي حد السيوف واطراف الرماح فتنادي الناس من كل جانب انا لا نطلب الدنيا وليس لها خرجنا. " قال ابومخنف " عن اسماعيل بن يزيد الازدي عن السري بن كعب الازدي قال اتينا صاحبنا عبدالله بن سعد بن نفيل نودعه قال فقام فقمنا معه فدخل علي سليمان ودخلنا معه وقد أجمع سليمان بالمسير فأشار عليه عبدالله بن سعد بن نفيل ان يسير إلي عبيدالله بن زياد فقال هو ورؤوس اصحابه الرأي ما اشار به عبدالله بن سعد بن نفيل ان نسير إلي عبيدالله بن زياد قاتل صاحبنا ومن قبله اتينا فقال له عبدالله بن سعد وعنده رؤوس اصحابه جلوس حوله اني قد رأيت رأيا ان يكن صوابا فالله


وفق وان يكن ليس بصواب فمن قبلي فاني ما آلوكم ونفسي نصحا خطأ كان ام صوابا انما خرجنا نطلب بدم الحسين وقتلة الحسين كلهم بالكوفة منهم عمر بن سعد بن ابي وقاص ورؤوس الارباع واشرف القبائل فأني نذهب ههنا وندع الاقتال والاوتار. فقال سليمان بن صرد فماذا ترون فقالوا والله لقد جاء برأي وان ما ذكر لكما ذكر والله ما نلقي من قتلة الحسين ان نحن مضينا نحو الشام غير ابن زياد وما طلبتنا الا ههنا بالمصر فقال سليمان بن صرد لكن انا ما اري ذلك لكم ان الذي قتل صاحبكم وعبي الجنود اليه وقال لا امان له عندي دون ان يستسلم فأمضي فيه حكمي هذا الفاسق ابن الفاسق ابن مرجانة عبيدالله بن زياد فسيروا إلي عدوكم علي اسم الله فان يظهركم الله عليه رجونا ان يكون من بعده اهون شوكة منه ورجونا ان يدين لكم من وراء كم من اهل مصركم في عافية فتنظرون إلي كل من شرك في دم الحسين فتقاتلونه ولا تغشموا وان تستشهدوا فانما قاتلتم المحلين وما عند الله خير للابرار والصديقين اني لاحب ان تجعلوا حدكم وشوكتكم بأول المحلين القاسطين والله لو قاتلتم غدا أهل مصركم ما عدم رجل ان يري رجلا قد قتل اخاه واباه وحميمه او رجلا لم يكن يريد قتله فاستخيروا الله وسيروا فتهيأ الناس للشخوص قال وبلغ عبدالله بن يزد وابراهيم بن محمد بن طلحة خروج ابن صرد وأصحابه فنظرا في امرهما فرأيا ان يأتياهم فيعرضا عليهم الاقامة وان تكون ايديهم واحدة فان ابوا الا الشخوص سألوهم النظرة حتي


بعثوا معهم جيشا فيقاتلوا عدوهم بكشف وحد فبعث عبدالله بن يزيد وابراهيم بن محمد بن طلحة سويد بن عبدالرحمن إلي سليمان بن صرد فقال له ان عبدالله وابراهيم يقولان انا نريد ان نجيئك الان لامر عسي الله ان يجعل لنا ولك فيه صلاحا. فقال قل لهما فليأتيانا وقال سليمان لرفاعة بن شداد البجلي قم انت فأحسن تعبية الناس فان هذين الرجلين قد بعثا بكيت وكيت فدعا رؤس اصحابه فجلسوا حوله فلم يمكثوا الا ساعة حتي جاء عبدالله بن يزيد في اشراف اهل الكوفة والشرط وكثير من المقاتلة وابراهيم بن محمد بن طلحة في جماعة من اصحابه. فقال عبدالله بن يزيد لكل رجل معروف قد علم انه قد شرك في دم الحسين لا تصحبني اليهم مخافة ان ينظروا اليه فيعدوا عليه وكان عمر بن سعد تلك الايام التي كان سليمان معسكرا فيها بالنخيلة لا يبيت الا في قصر الامارة مع عبدالله بن يزيد مخافة ان يأتيه القوم في داره ويذمروا عليه في بيته وهو غافل لا يعلم فيقتل وقال عبدالله بن يزيد يا عمرو بن حريث ان انا ابطأت عنك فصل بالناس الظهر فلما انتهي عبدالله بن يزيد وابراهيم بن محمد إلي سليمان بن صرد دخلا عليه فحمد الله عبدالله بن يزيد واثني عليه ثم قال: ان المسلم اخو المسلم لا يخونه ولا يغشه وانتم اخواننا واهل بلدنا واحب اهل مصر خلقه الله الينا فلا تفجعونا بأنفسكم ولا تستبدوا علينا برأيكم ولا تنقصوا عددنا بخروجكم من جماعتنا أقيموا معنا حتي


نتيسر ونتهيأ فاذا علمنا ان عدونا قد شارف بلدنا خرجنا اليهم بجماعتنا فقاتلناهم وتكلم ابراهيم بن محمد بنحو من هذا الكلام قال فحمد الله سليمان بن صرد وأثني عليه. ثم قال لهما اني قد علمت انكما قد محضتما في النصيحة واجتهدتما في المشورة فنحن بالله وله وقد خرجنا لامر ونحن نسأل الله العزيمة علي الرشد والتسديد لاصوبه ولا ترانا الا شاخصين ان شاء الله ذلك فقال عبدالله بن يزيد فأقيموا حتي نعبي معكم جيشا كثيفا فتلقوا عدوكم بكثف وجمع وحد فقال له سليمان تنصرفون ونري فيما بيننا وسيأتيكم ان شاء الله رأي. (قال أبومخنف) عن عبدالجبار يعني ابن عباس الهمداني عن عون بن أبي جحيفة السوائي قال ثم ان عبدالله بن يزيد وابراهيم بن محمد بن طلحة عرضا علي سليمان ان يقيم معهما حتي يلقوا جموع اهل الشام علي ان يخصاه واصحابه بخراج جوخي خاصة لهم دون الناس فقال لهما سليمان انا ليس للدنيا خرجنا وانما فعلا ذلك لما قد كان بلغهما من اقبال عبيدالله بن زياد نحو العراق وانصرف ابراهيم بن محمد وعبدالله بن يزيد إلي الكوفة واجمع القوم علي الشخوص واستقبال ابن زياد ونظروا فاذا شيعتهم من اهل البصرة لم يوافوهم لميعادهم ولا اهل المدائن فأقبل ناس من اصحابه يلومونهم فقال سليمان لا تلوموهم فاني لا اراهم الا سيسرعون اليكم لو قد انتهي اليكم خبركم حين مسيركم ولا اراهم خلفهم ولا اقعدهم الا قلة النفقة وسوء العدة فأقيموا ليتيسروا


ويتجهزوا ويلحقوا بكم وبهم قوة وما اسرع القوم في آثاركم. قال ثم ان سليمان بن صرد قام في الناس خطيبا فحمدالله وأثني عليه. ثم قال اما بعد ايها الناس فان الله قد علم ما تنوون وماخرجتم تطلبون وان للدنيا تجارا فأما تاجر الاخرة فساء اليها منصب بتطلابها لا يشتري بها ثمنا لا يري الا قائما وقاعدا وراكعا وساجدا لا يطلب ذهبا ولا فضة ولا دنيا ولا لذة واماتاجر الدنيا فمكب عليها راتع فيها لا يبتغي بها بدلا فعليكم يرحمكم الله في وجهكم هذا بطول الصلاة في جوف الليل ويذكر الله كثيرا علي كل حال وتقربوا إلي الله جل ذكره بكل خير قدرتم عليه حتي تلقوا هذا العدو والمحل القاسط فتجاهدوه فانكم لن تتوسلوا إلي ربكم بشئ هو اعظم عنده ثوابا من الجهاد والصلاة فان الجهاد سنام العمل جعلنا الله واياكم من العباد الصالحين المجاهدين الصابرين علي اللاواء وانا مدلجون الليلة من منزلنا هذا ان شاء الله فادلجوا فادلج عشية الجمعة لخمس مضين من شهر ربيع الاخر سنة 65 للهجرة قال فلما خرج سليمان واصحابه من النخيلة دعا سليمان بن صرد حكيم بن منقذ فنادي في الناس الا لا يبيتن رجل منكم دون دير الاعور فبات الناس بدير الاعور وتخلف عنه ناس كثير ثم سار حتي نزل الاقساساقساس مالك علي شاطئ الفرات فعرض الناس فسقط منهم نحو من الف رجل فقال ابن صرد ما احب ان من تخلف عنكم معكم ولو خرجوا معكم ما زادوكم الا خبالا ان الله عزوجل كره انبعاثهم فثبطهم وخصكم بفضل ذلك فاحمدوا ربكم ثم خرج من منزله ذلك دلجة فصبحوا قبر الحسين فاقاموا به ليلة ويوما يصلون عليه ويستغفرون له


قال فلما انتهي الناس إلي قبر الحسين صاحوا صيحة واحدة وبكوافما رثي يوم كان اكثر باكيامنه (قال ابومخنف) وقد حدث عبدالرحمن ابن جندب عن عبدالرحمن بن غزية قال لما انتهينا إلي قبر الحسين عليه السلام بكي الناس بأجمعهم وسمعت جل الناس يتمنون أنهم كانوا أصيبوا معه فقال سليمان اللهم ارحم حسينا الشهيد بن الشهيد المهدي بن المهدي الصديق بن الصديق اللهم انا نشهدك انا علي دينهم وسبيلهم وأعداء قاتليهم وأولياء محبيهم ثم انصرف ونزل ونزل اصحابه (قال ابومخنف) حدثنا الاعمش قال حدثنا سلمة بن كهيل عن ابي صادق قال لما انتهي سليمان بن صرد واصحابه إلي قبر الحسين نادوا صيحة واحدة يا رب انا قد خذلنا ابن بنت نبينا فاغفر لناما مضي منا وتب علينا انك انت التواب الرحيم وارحم حسينا واصحابه الشهداء الصديقين وانا نشهدك يا رب انا علي مثل ما قتلوا عليه فان لم تغفره لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين قال فاقاموا عنده يوما وليلة يصلون عليه ويبكون ويتضرعون فما انفك الناس من يومهم ذلك يترحمون عليه وعلي اصحابه حتي صلوا الغداة من الغد عند قبره وزادهم ذلك حنقاثم ركبوا فأمر سليمان الناس بالمسير فجعل الرجل لا يمضي حتي يأتي قبر الحسين فيقوم عليه فيترحم عليه ويستغفر له قال فوالله لرأيتهم ازدحموا علي قبره اكثر من ازدحام الناس علي الحجر الاسود قال ووقف سليمان عند قبره فكلما دعا له قوم وترحموا عليه قال لهم المسيب بن نجبة وسليمان بن صرد الحقوا باخوانكم


رحمكم الله فما زال كذلك حتي بقي نحو من ثلاثين من اصحابه فاحاط سليمان بالقبر هو واصاحباه فقال سليمان الحمد لله الذي لو شاء أكرمنا بالشهادة مع الحسين اللهم اذ حرمتناها معه فلا تحرمناها فيه بعده وقال عبدالله بن وال أما والله اني لاظن حسينا واباه واخاه افضل امة محمد صلي الله عليه وآله وسيلة عند الله يوم القيامة افما عجبتم لما ابتليت به هذه الامة منهم أنهم قتلوا اثنين واشفوا بالثالث علي القتل. قال يقول المسيب بن نجبة فأنا من قتلتهم ومن كان علي رأيهم برئ اياهم اعادي واقاتل قال فاحسن الرؤوس كلهم المنطق وكان المثني بن مجزية صاحب احد الرؤوس والاشراف فساء ني حيث لم اسمعه تكلم مع القوم بنحو ما تكلموا به قال فوالله ما لبثت ان تكلم بكلمات ما كن بدون كلام احد من القوم فقال ان الله جعل هؤلاء الذين ذكر تم بمكانهم من نبيهم صلي الله عليه وسلم أفضل ممن هو دون نبيهم وقد قتلهم قوم نحن لهم اعداء ومنهم برآء وقد خرجنا من الديار والاهلين والاموال ارادة استئصال من قتلهم فوالله لو أن القتال فيهم بمغرب الشمس او بمنقطع التراب يحق علينا طلبه حتي نناله فان ذلك هوالغنم وهي الشهادة التي ثوابها الجنة فقلنا له صدقت واصبت ووفقت قال ثم ان سليمان بن صرد سار من موضع قبر الحسين وسرنامعه فأخذنا علي الحصاصة ثم علي الانبار ثم علي الصدود ثم علي القيارة (قال ابومخنف) عن الحارث بن حصيرة وغيره ان سليمان بعث علي مقدمته كريب بن يزيد الحميري.


(قال أبومخنف) حدثني الحصين بن يزيد عن السري ابن كعب قال خرجنا مع رجال الحي نشيعهم فلما انتهينا إلي قبر الحسين وانصرف سليمان بن صرد وأصحابه عن القبر ولزموا الطريق استقدمهم عبدالله بن عوف ابن الاحمر علي فرس له مهلوب كميت مربوع يتأكل تأكلا وهو يرتجز ويقول.



خرجن يلمعن بنا ارسالا

عوابسا يحملننا ابطالا



نريد أن نلقي به الافتالا

القاسطين الغدر الضلالا



وقد رفضنا الاهل والاموالا

والخفرات البيض والحجالا



نرضي به ذا النعم المفضالا

(قال أبومخنف) عن سعد بن مجاهد الطائي عن المحل بن خليفة الطائي أن عبدالله بن يزيد كتب إلي سليمان بن صرد أحسبه قال بعني به فلحقته بالقيارة واستقدم أصحابه حتي ظن أن قد سبقهم قال فوقف وأشار إلي الناس فوقفوا عليه ثم أقرأهم كتابه فاذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم من عبدالله بن يزيد إلي سليمان بن صرد ومن معه من المسلمين سلام عليكم اما بعد فان كتابي هذا اليكم كتاب ناصح ذي ارعاء وكم من ناصح مستغش وكم من غاش مستنصح محب انه بلغني أنكم تريدون المسير بالعدد اليسير إلي الجمع الكثير وانه من يرد أن ينقل الجبال عن مراتبها تكل معاوله وينزع وهو مذموم العقل والفعل يا قومنا لا تطمعوا عدوكم في أهل بلادكم فانكم خيار كلكم ومتي ما يصبكم عدوكم يعلموا أنكم أعلام مصركم فيطمعهم ذلك فيمن وراء كم يا قومنا انهم ان يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا




اذا أبدا يا قوم ان أيدينا وأيديكم اليوم واحدة وان عدونا وعدوكم واحد ومتي تجتمع كلمتنا نظهر علي عدونا ومتي تختلف تهن شوكتنا علي من خالفنا يا قومنا لا تستغشوا نصحي ولا تخالفوا أمري وأقبلوا حين يقرأ عليكم كتابي أقبل الله بكم إلي طاعته وأدبر بكم عن معصيته والسلام. قال فلما قرئ الكتاب علي ابن صرد وأصحابه قال للناس ما ترون قالوا ماذا تري قد أبينا هذا عليكم وعليهم ونحن في مصرنا وأهلنا فالان حين خرجنا ووطنا أنفسنا علي الجهاد ودنونا من ارض عدونا ما هذا برأي ثم نادوه أن أخبرنا برأيك قال رأيي والله انكم لم تكونوا قط أقرب من احدي الحسنيين منكم يومكم هذا الشهادة والفتح ولا اري ان تنصرفوا عما جمعكم الله عليه من الحق واردتم به من الفضل أنا وهؤلاء مختلفون ان هؤلاء لو ظهر وادعونا إلي الجهاد مع ابن الزبير ولا اري الجهاد مع ابن الزبير الا ضلالا وانا ان نحن ظهرنا رددنا هذا الامر إلي اهله وان أصبنا فعلي نياتنا نائبين من ذنوبنا ان لنا شكلا وان لابن الزبير شكلا انا واياهم كما قال اخو بني كنانة.



اري لك شكلا غير شكلي فاقصري

عن اللوم اذ بدلت واختلف الشكل



قال فانصرف الناس معه حتي نزل هيت فكتب سليمان: بسم الله الرحمن الرحيم للامير عبدالله بن يزيد من سليمان بن صرد ومن معه من المؤمنين سلام عليك. اما بعد فقد قرأنا كتابك وفهمنا ما نويت فنعم والله الوالي ونعم


الامير ونعم اخو العشيرة انت والله من نأمنه بالغيب ونستنصحه في المشورة ونحمده علي كل حال انا سمعنا الله عزوجل يقول في كتابه " ان الله اشتري من المؤمنين انفسهم واموالهم بان لهم الجنة - إلي قوله - وبشر المؤمنين " ان القوم قد استبشروا بيعتهم التي بايعوا انهم قد تابوا من عظيم جرمهم وقد توجهوا إلي الله وتوكلوا عليه ورضوا بما قضي الله ربنا عليك توكلنا واليك انبنا واليك المصير والسلام عليك فلما أتاه هذا الكتاب قال استمات القوم اول خبر ياتيكم عنهم قتلهم وايم الله ليقتلن كراما مسلمين ولا والذي هو ربهم لا يقتلهم عدوهم حتي تشتد شوكتهم وتكثر القتلي فيما بينهم " قال ابومخنف " فحدثني يوسف بن يزيد عن عبدالله بن عوف بن الاحمر وعبدالرحمن بن جندب عن عبدالرحمن بن غزية قال خرجنا من هيت حتي انتهينا إلي قرقيسيا فلما دنونا منها وقف سليمان بن صرد فعبانا تعبية حسنة حتي مررنا بجانب قرقيسيا فنزلنا قريبا منها وبها زفر بن الحارث الكلابي قد تحصن بها من القوم ولم يخرج اليهم فبعث سليمان المسيب بن نجبة فقال ائت ابن عمك هذا فقل له فليخرج الينا سوقا فانا لسنا اياه نريد انما صمدنا لهؤلاء المحلين فخرج المسيب بن نجبة حتي انتهي إلي باب قرقيسيا فقال افتحوا ممن تحصنون فقالوا من انت قال انا المسيب بن نجبة فأتي الهذيل ابن زفرأياه فقال هذا رجل حسن الهيئة يستأذن عليك وسألناه من هو فقال المسيب بن نجبة قال وانا اذ ذاك لا علم لي بالناس ولا اعلم اي الناس هو فقال لي ابي أما تدري أي بني من هذا هذا فارس


مضر الحمراء كلها واذا عد من أشرافها عشرة كان احدهم وهو بعد رجل ناسك له دين ائذن له فأذنت له فأجلسه أبي إلي جانبه وسائله والطفه في المسألة. فقال المسيب بن نجبة ممن تحصن انا والله مما اياكم نريد وما اعترينا إلي شئ الا أن تعيننا علي هؤلاء القوم الظلمة المحلين فاخرج لنا سوقا فانا لا نقيم بساحتكم الا يوما او بعض يوم فقال له زفر بن الحارث انا لم تغلق ابواب هذه المدينة الا لنعلم ايانا اعتريتم ام غيرنا والله ما بنا عجز عن الناس ما لم تدهمنا حيلة وما نحب أنا بلينا بقتالكم وقد بلغنا عنكم صلاح وسيرة حسنة جميلة. ثم دعا ابنه فأمره أن يضع لهم سوقا وأمر للمسيب بالف درهم وفرس فقال له المسيب اما المال فلا حاجة لي فيه والله ماله خرجنا ولا اياه طلبنا واما الفرس فاني اقبله لعلي احتاج اليه أن ظلع فرسي أو غمز تحتي فخرج به حتي أتي أصحابه وأخرجت لهم السوق فتسوقوا. وبعث زفر بن الحارث إلي المسيب بن نجبة بعد اخراج الاسواق والاعلاف والطعام الكثير بعشرين جزورا وبعث إلي سليمان بن صرد مثل ذلك وقد كان زفر أمر ابنه أن يسأل عن وجوه أهل العسكر فسمي له عبدالله بن سعد بن نفيل وعبدالله بن وال ورفاعة بن شداد وسمي له امراء الارباع فبعث إلي هؤلاء الرؤس الثلاثة بعشر جزائر عشر جزائر وعلف كثير وطعام وأخرج العسكر عيرا عظيمة وشعيرا كثيرا فقال غلمان زفر هذه عير فاجتزروا منها ما احببتموهذا شعير فاحتملوا منه ما اردتم وهذا دقيق فتزودوا منه ما أطقتم فظل القوم يومهم ذلك مخصبين


لم يحتاجوا إلي شراء شئ من هذه الاسواق التي وضعت وقد كفوا اللحم والدقيق والشعير الا ان يشتري الرجل ثوبا أو سوطا ثم ارتحلوا من الغد. وبعث اليهم زفراني خارج اليكم فمشيعكم فاتاهم وقد خرجوا علي تعبية حسنة فسايرهم فقال زفر لسليمان انه قد بعث خمسة أمراء قد فصلوا من الرقة فيهم الحصين ابن نمير السكوني وشرحبيل بن ذي الكلاع وأدهم بن مجرز الباهلي وأبومالك بن ادهم وربيعة بن المخارق الغنوي وجبلة بن عبدالله الخثعمي وقد جاؤكم في مثل الشوك والشجر اتاكم عدد كثير وحد حديد وايم الله لقل ما رأيت رجالا هم أحسن هيئة ولا عدة ولا اخلق لكل خير من رجال اراهم معك ولكنه قد بلغني انه قد اقبلت اليكم عدة لا تحصي فقال ابن صرد علي الله توكلنا وعليه فليتوكل المتوكلون. ثم قال له زفر فهل لكم في أمر أعرضه عليكم لعل الله أن يجعل لنا و لكم فيه خيرا ان شئتم فتحنا لكم مدينتنا فدخلتموها فكان أمرنا واحدا و أيدينا واحدة وان شئتم نزلتم علي باب مدينتنا وخرجنا فعسكرنا إلي جانبكم فاذا جاء نا هذا العدو قاتلناهم جميعا فقال سليمان لزفر قد ارادنا أهل مصر علي مثل ما اردتنا عليه وذكروا مثل الذي ذكرت وكتبوا الينا به بعد ما فصلنا فلم يوافقنا ذلك فلسنا فاعلين. فقال زفر فانظروا ما أشير به عليكم فاقبلوه وخذوا به فاني للقوم عدو واجب أن يجعل الله عليهم الدائرة وانا لكم واد أحب أن يحوطكم الله بالعافية ان القوم قد فصلوا منالرقة فبادروهم إلي عين الوردة فاجعلوا المدينة في ظهوركم ويكون الرستاق والماء والمادة في ايديكم وما بين


مدينتنا ومدينتكم فأنتم له آمنون والله لو أن خيولي كرجالي لا مددتكم أطووا المنازل الساعة إلي عين الوردة فان القوم يسيرون سيرا لعساكر وأنتم علي خيول والله لقل ما رأيت جماعة خيل قط اكرم منها تأهبوا لها من يومكم هذا فاني أرجوا ان تسبقوهم اليها وان بدرتموهم إلي عين الوردة فلا تقاتلوهم في فضاء ترامونهم وتطاعنونهم فانهم أكثر منكم فلا آمن أن يحيطوا بكم فلا تقفوا لهم ترامونهم وتطاعنونهم فانه ليس لكم مثل عددهم فان استهدفتم لهم لم يلبثوكم أن يصرعوكم ولا تصفوا لهم حين تلقونهم فاني لا اري معكم رجالة ولا اراكم كلكم الا فرسانا والقوم لاقوكم بالرجال والفرسان فالفرسان يحمي رجالها والرجال يحمي فرسانها وأنتم ليس لكم رجال يحمي فرسانكم فالقوهم في الكتائب والمقانب ثم بثوها ما بين ميمنتهم وميسرتهم واجعلوا مع كل كتيبة كتيبة إلي جانبها فان حمل علي احدي الكتيبتين ترجلت الاخري فنفست عنها الخيل والرجال ومتي شاء ت كتيبة ارتفعت ومتي ما شاء ت كتيبة انحطت ولو كنتم في صف واحد فزحفت اليكم الرجال فدفعتم

عن الصف انتقض وكانت الهزيمة ثم وقف فودعهم وسأل الله أن يصحبهم وينصرهم فأثني الناس عليه ودعوا له. فقال له سليمان بن صرد نعم المنزول به أنت اكرمت النزول و أحسنت الضيافة ونصحت في المشورة ثم ان القوم جدوا في المسير فجعلوا يجعلون كل مرحلتين مرحلة قال فمررنا بالمدن حتي بلغنا ساعا ثم ان سليمان بن صرد عبي الكتائب كما أمره زفر ثم أقبل حتي انتهي إلي عين الوردة فنزل في غربيها وسبق القوم اليها فعسكروا وأقام بها خمسا لا يبرح


واستراحوا واطمأنوا واراحوا خيلهم. (قال هشام) قال أبومخنف عن عطية بن الحارث عن عبدالله بن غزية قال أقبل اهل الشام في عساكرهم حتي كانوا من عين الوردة علي مسيرة يوم وليلة قال عبدالله ابن غزية فقام فينا سليمان فحمد الله فأطال و أثني عليه فاطنب ثم ذكر السماء والارض والجبال والبحار وما فيهن من الآيات وذكر الاء الله ونعمه وذكر الدنيا فزهد فيها وذكر الآخرة فرغب فيها فذكر من هذا ما لم أحصه ولم أقدر علي حفظه ثم قال: اما بعد فقد اتاكم الله بعدوكم الذي دأبتم في المسير اليه آناء الليل والنهار تريدون فيما تظهرون التوبة النصوح ولقاء الله منذرين فقد جاء وكم بل جئتموهم أنتم في دارهم وحيزهم فاذا لقيتموهم فاصدقوهم واصبروا ان الله مع الصابرين ولا يولينهم امرؤ دبره إلي متحرفا لقتال أو متحيزا إلي فئة لا تقتلوا مدبرا ولا تجهزوا علي جريح ولا تقتلوا أسيرا من أهل دعوتكم الا أن يقاتلكم بعد أن تأسروه أو يكون من قتلة اخواننا بالطف رحمة الله عليهم فان هذه كانت سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في أهل هذه الدعوة. ثم قال سليمان: ان أنا قتلت فأمير الناس المسيب بن نجبة فان أصيب المسيب فأمير الناس عبدالله بن سعد ابن نفيل فان قتل عبدالله بن سعد فأمير الناس عبدالله بن وال فان قتل عبدالله ابن وال فأمير الناس رفاعة بن شداد رحم الله امرء ا صدق ما عاهد الله عليه ثم بعث المسيب بن نجبة في أربعمائة فارس ثم قال سر حتي تلقي أول عسكر من عساكرهم فشن فيهم الغارة فاذا رأيت ما تحبه والا انصرفت إلي في أصحابك واياك


ان تنزل أو تدع أحدا من اصحابك ان ينزل أو يستقبل آخر ذلك حتي لا تجد منه بدا. (قال ابومخنف) فحدثني أبي عن حميد بن مسلم انه قال اشهد اني في خيل المسيب ابن نجبة تلك اذا اقبلنا نسير آخر يومنا وليلتنا حتي اذا كان في آخر السحر نزلنا فعلقنا علي دوابنا مخاليها ثم هومنا تهويمة بمقدار تكون مقدار قضمها ثم ركبناها حتي اذا انبلج لنا الصبح نزلنا فصلينا ثم ركب فركبنا فبعث أبا الجويرية العبدي ابن الاحمر في مائة من أصحابه وعبدالله بن عوف بن الاحمر في مائة وعشرين وحنش بن ربيعة أبا المعتمر الكناني في مثلها وبقي هو في مائة ثم قال انظروا أول من تلقون فأتوني به فكان اول من لقينا أعرابي يطرد أحمرة وهو يقول:



يا مال لا تعجل إلي صحبي

واسرح فانك آمن السرب



قال يقول عبدالله بن عوف بن الاحمر يا حميد بن مسلم أبشر بشري ورب الكعبة فقال له ابن عوف بن الاحمر ممن أنت يا اعرابي قال أنا من بني تغلب قال غلبتم ورب الكعبة ان شاء الله فانتهي الينا المسيب بن نجبة فأخبرناه بالذي سمعنا من الاعرابي واتيناه به فقال المسيب بن نجبة اما لقد سررت بقولك ابشر وبقولك يا حميد بن مسلم واني لارجو ان تبشروا بما يسركم وانما سركم ان تحمدوا أمركم وان تسلموا من عدوكم وان هذا الفأل هو الفأل الحسن. وقد كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يعجبه الفأل ثم قال المسيب بن نجبة للاعرابي كم بيننا وبين ادني هؤلاء القوم منا قال ادني عسكر من عساكرهم منك عسكر ابن ذي الكلاع وكان بينه وبين الحصين


اختلاف ادعي الحصين انه علي جماعة الناس. وقال ابن ذي الكلاع: ما كنت لتولي علي وقد تكاتبا إلي عبيدالله بن زياد فهما ينتظران امره فهذا عسكر ابن ذي الكلاع منكم علي رأس ميل قال فتركنا الرجل فخرجنا نحوهم مسرعين فوالله ما شعروا حتي اشرفنا عليهم وهم غارون فحملنا في جانب عسكرهم فوالله ما قاتلوا كثير قتال حتي انهزموا فأصبنا منهم رجالا وجرحنا فيهم فأكثرنا الجراح وأصبنا لهم دواب وخرجوا عن عسكرهم وخلوه لنا فأخذنا منه ما خف علينا فصاح المسيب فينا الرجعة انكم قد نصرتم وغنمتم وسلمتم فانصرفوا فانصرفنا حتي أتينا سليمان قال فاتي الخبر عبيدالله بن زياد فسرح الينا الحصين بن نمير مسرعا حتي نزل في اثني عشر ألفا فخرجنا اليهم يوم الاربعاء لثمان بقين من جمادي الاولي.

فجعل سليمان بن صرد عبدالله بن سعد بن نفيل علي ميمنته وعلي ميسرته المسيب بن نجبة ووقف هو في القلب وجاء حصين بن نمير وقد عبا لنا جنده فجعل علي ميمنته جبلة ابن عبدالله وعلي ميسرته ربيعة بن المخارق الغنوي. ثم زحفوا الينا فلما دنوا دعونا إلي الجماعة علي عبدالملك بن مروان والي الدخول في طاعته ودعوناهم إلي ان يدفعوا الينا عبيدالله بن زياد فنقتله ببعض من قتل من اخواننا وان يخلعوا عبدالملك ابن مروان والي ان يخرج من بلادنا من آل ابن الزبير ثم نرد هذا الامر إلي اهل بيت نبينا الذين آتانا الله من قبلهم بالنعمة والكرامة فابي القوم وأبينا


قال حميد بن مسلم: فحملت ميمنتنا علي ميسرتهم وهزمتهم وحملت ميسرتنا علي ميمنتهم وحمل سليمان في القلب علي جماعتهم فهزمناهم حتي اضطررناهم إلي عسكرهم فما زال الظفر لنا عليهم حتي حجز الليل بيننا وبينهم. ثم انصرفنا عنهم وقد أحجزناهم في عسكرهم فلما كان الغد صبحهم ابن ذي الكلاع في ثمانية آلاف امدهم بهم عبيدالله بن زياد وبعث اليه يشتمه ويقع فيه ويقول انما عملت عمل الاغمار تضيع عسكرك ومساخك سر إلي الحصين بن نمير حتي توافيه وهو علي الناس فجاء ه فغدوا علينا وغاديناهم فقاتلناهم قتالا لم ير الشيب والمرد مثله قط يومنا كله لا يحجز بيننا وبين القتال الا الصلاة حتي أمسينا فتحا جزنا وقدوالله اكثر وافينا الجراح وأفشيناها فيهم. قال وكان فينا قصاص ثلاثة رفاعة بن شجاد البجلي وصحير بن حذيفة بن هلال بن مالك المري وأبوالجويرية العبدي فكان رفاعة يقص ويحضض الناس في اليمنة لا يبرحها وجرح ابوالجويرية اليوم الثاني في اول النهار فلزم الرحال وكان صحير ليلة كلها يدور فينا ويقول ابشروا عبدالله بكرامة الله ورضوانه فحق والله لمن ليس بينه وبين لقاء الاحبة ودخول الجنة والراحة من ابرام الدنيا واذا ها الافراق هذه النفس الامارة بالسوء ان يكون بفاقها سخيا وبلقاء ربه مسرورا فمكثنا كذلك حتي اصبحنا وأصبح بن نمير وأدهم بن محرز الباهلي في نحو من عشرة آلاف فخرجوا الينا فاقتتلنا اليوم الثالث يوم الجمعة قتالا شديدا إلي ارتفاع الضحي


ثم ان اهل الشام كثرونا وتعطفوا علينا من كل جانب ورأي سليمان بن صرد ما لقي اصحابه فنزل فنادي عباد الله من اراد البكور إلي ربه والتوبة من ذنبه والوفاء بعهده فالي ثم كسر جفن سيفه ونزل معه ناس كثير فكثروا جفون سيوفهم ومشوا معه وانزوت خيلهم حتي اختطلت مع الرجال فقاتلوهم حتي نزلت الرجال تشتد مصلتة بالسيوف وقد كسروا الجفون فحمل الفرسان علي الخيل ولا يثبتون فقاتلوهم وقتلوامن أهل الشام مقتلة عظيمة وجرحوا فيهم فأكثروا الجراح فلما رأي الحصين بن نمير صبر القوم وبأسهم بعث الرجال ترميهم بالنبل واكتفتهم الخيل و الرجال فقتل سليمان بن صرد رحمه الله رماه يزيد ابن الحصين بسهم فوقع ثم وثب ثم وقع قال فلما قتل سليمان بن صرد أخذ الراية المسيب بن نجبة وقال لسليمان بن صرد رحمك الله يا أخي فقد صدقت ووفيت بما عليك وبقي ما علينا ثم اخذ الراية فشد بها فقاتل ساعة ثم رجع ثم شد بها فقاتل ثم رجع ففعل ذلك مرارا يشد ثم يرجع ثم قتل رحمه الله. (قال ابومخنف) وحدثنا فروة بن لقيط عن مولي للمسيب بن نجبة الفزاري قال لقيته بالمدائن وهو مع شبيب بن يزيد الخارجي فجري الحديث حتي ذكرنا أهل عين الوردة قال هشام عن ابي مخنف قال حدثنا هذا الشيخ عن المسيب بن نجبة قال والله ما رايت اشجع منه انسانا قط ولا من العصابة التي كان فيهم ولقد رأيته يوم عين الوردة يقاتل قتالا شديدا ما ظننت أن رجلا واحدا يقدرا يبلي مثل ما ابلي ولا ينكأ في عدوه مثل مانكأ لقد قتل رجالا قال وسمعته يقول قبل أن يقتل وهو يقاتلهم.




قد علمت ميالة الذوائب

واضحة اللبات والترائب



اني غداة الروع والتغالب

اشجع من ذي لبد مواثب



قطاع أقران مخوف الجانب قال ابومخنف حدثني ابي وخالي عن حميد بن مسلم وعبدالله بن غزية قال ابومخنف وحدثني يوسف بن يزيد عن عبدالله بن عوف قال لما قتل المسيب بن نجبة أخذ الراية عبدالله بن سعد بن نفيل ثم قال رحمه الله أخوي منهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا وأقبل بمن كان معه من الازد فحفوا برايته فوالله أنا لكذلك أذ جاء نا فرسان ثلاثة عبدالله بن الخضل الطائي وكثير بن عمرو المزني وسعر بن أبي سعر الحنفي كانوا خرجوا مع سعد بن حذيفة بن اليمان في سبعين ومأة من أهل المدائن فسرحهم يوم خرج في آثارنا علي خيول مقلمة مقدحة فقال لهم اطووا المنازل حتي تحلقوا باخواننا فتبشروهم بخروجنا اليهم لتشتد بذلك ظهورهم وتخبروهم بمجئ أهل البصرة أيضا كان المثني بن مخربة العبدي أقبل في ثلاثمائة من أهل البصرة فجاء حتي نزل مدينة بهرسير بعد خروج سعد بن حذيفة من المدائن لخمس ليال وكان خروجه من البصرة قبل ذلك قد بلغ سعد بن حذيفة قبل أن يخرج من المدائن. فلما انتهوا الينا قالوا أبشروا فقد جاء كم أخوانكم من أهل المدائن وأهل البصرة فقال عبدالله بن سعد بن نفيل ذلك لو جاؤنا ونحن أحياء قال فنظروا الينا فلما رأوا مصارع أخوانهم وما بنا من الجراح بكي القوم وقالوا وقد بلغ منكم ما نري انا لله وانا اليه راجعون قال فنظروا والله إلي ما ساء


أعينهم فقال لهم عبدالله بن نفيل أنا لهذا خرجنا ثم اقتتلنا فما اضطربنا الا ساعة حتي قتل المزني وطعن الحنفي فوقع بين القتلي ثم ارتث بعد ذلك فنجا وطعن الطائي فجزم أنفه فقاتل قتالا شديدا وكان فارسا شاعرا فاخذ يقول:



قد علمت ذات القوام الرود

ان لست بالواني ولا الرعديد



يوما ولا بالفرق الحيود قال فحمل علينا ربيعة بن المخارق حملة منكرة فاقتتلنا قتالا شديدا ثم انه اختلف هو وعبدالله بن سعد بن نفيل ضربتين فلم يصنع سيفاهما شيئا واعتنق كل واحد منهما صاحبه فوقعا إلي الارض ثم قاما فاضطربا ويحمل ابن أخي ربيعة بن المخارق علي عبدالله بن سعد فطعنه في ثغرة نحره فقتله ويحمل عبدالله بن عوف ابن الاحمر علي ربيعة بن المخارق فطعنه فصرعه فلم يصب مقتلا فقام فكر عليه الثانية فطعنه اصحاب ربيعة فصرعوه. ثم ان اصحابه استنقذوه وقال خالد بن سعد ابن نفيل أروني قاتل أخي فأريناه ابن أخي ربيعة بن المخارق فحمل عليه فقنعه بالسيف واعتنقه الآخر فخر إلي الارض فحمل أصحابه وحملنا وكانوا أكثر منا فاستنقذوا صاحبهم وقتلوا صاحبنا وبقيت الرأية ليس عندها احد قال فنادينا عبدالله بن وال بعد قتلهم فرساننا فاذا هو قد استلحم في عصابة معه إلي جانبنا فحمل عليه رفاعة بن شداد فكشفهم عنه ثم أقبل إلي رايته وقد أمسكها عبدالله ابن حازم الكندي فقال لابن وال أمسك عني رأيتك قال امسكها عني رحمك الله فاني بي مثل حالك فقال له أمسك عني رأيتك فاني أريد أن اجاهد


قال فان هذا الذي أنت فيه جهاد وأجر قال فصحنا يا أبا عزة اطع أميرك يرحمك الله قال فأمسكها قليلا ثم ان ابن وال أخذها منه. (قال ابومخنف) قال أبوالصلت التيمي الاعور حدثني شيخ للحي كان معه يومئذ قال قال لنا ابن وال من اراد الحياة التي ليس بعدها موت والراحة التي ليس بعدها نصب والسرور الذي ليس بعده حزن فليتقرب إلي ربه بجهاد هؤلاء المحلين والرواح إلي الجنة رحمكم الله وذلك عند العصر فشد عليهم وشددنا معه فأصبنا والله منهم رجالا وكشفنا طويلا ثم انهم بعد ذلك تعطفوا علينا من كل جانب فحازونا حتي بلغوا بنا المكان الذي كنا فيه وكنا بمكان لا يقدرون ان يأتونا فيه الا من وجه واحد وولي قتالنا عند المساء ادهم بن محرز الباهلي فشد علينا في خيله ورجاله فقتل عبدالله بن وال التيمي. (قال ابومخنف) عن فروة بن لقيط قال سمعت ادهم بن محرز الباهلي في امارة الحجاج بن يوسف وهو يحدث ناسا من اهل الشام قال دفعت إلي احد امراء العراق رجل منهم يقولون له عبدالله بن وال وهو يقول لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون فرحين الايات الثلاث قال فغاظني فقلت في نفسي هؤلاء يعدوننا بمنزلة اهل الشرك يرون ان من قتلنا منهم كان شهيدا فحملت عليه فاضرب يده اليسري فاطننتها وتنحيت قريبا فقلت له اما اني اراك وددت انك في اهلك فقال بئسما رأيت اما والله ما احب انها يدك الان الا ان يكون لي فيها من الاجر مثل ما في يدي قال فقلت له لم. قال لكيما يجعل الله عليك وزرها ويعظم لي اجرها قال فغاظني


فجمعت خيلي ورجالي ثم حملنا عليه وعلي اصحابه فدفعت اليه فطعنته فقتلته وانه لمقبل إلي ما يزول فزعموا بعد انه كان من فقهاء اهل العراق الذين كانوا يكثرون الصوم والصلاة ويفتون الناس. (قال ابومخنف) وحدثني الثقة عن حميد بن مسلم وعبدالله بن غزية قال لما هلك عبدالله بن وال نظرنا فاذا عبدالله بن خازم قتيلا إلي جنبه ونحن نري أنه رفاعة بن شداد البجلي فقال رجل من بني كنانة يقال له الوليد بن غضين امسك رايتك. قال لا اريدها فقلت له اناا لله مالك فقال ارجعوا بنا لعل الله يجمعنا ليوم شرلهم فوثب عبدالله بن عوف بن الاحمر اليه فقال أهلكتنا والله لئن انصرفت ليركبن أكتافنا فلا نبلغ فرسخا حتي نهلك من عند آخرنا

فان نجا منا ناج أخذه الاعراب وأهل القري فتقربوا اليهم به فيقتل صبرا أنشدك الله أن تفعل هذه الشمس قد طفلت للمغيب. وهذا الليل قد غشينا فنقاتلهم علي خيلنا هذه فانا الان ممتنعون فاذا غسق الليل ركبنا خيولنا اول الليل فرمينا بها فكان ذلك الشأن حتي نصبح ونسير ونحن علي مهل فيحمل الرجل منا جريحه وينتظر صاحبه وتسير العشرة والعشرون معا ويعرف الناس الوجه الذي يأخذون فيتبع فيه بعضهم بعضا ولو كان الذي ذكرت لم تقف ام علي ولدها ولم يعرف رجل وجهه ولا أين يسقط ولا أين يذهب ولم نصبح الا ونحن بين مقتول ومأسور فقال له رفاعة بن شداد فانك نعم ما رأيت. قال ثم أقبل رفاعة علي الكناني فقال له اتمسكها ام آخذها منك فقال له الكناني اني لا اريد ما تريد اني اريد لقاء ربي واللحاق باخواني


والخروج من الدنيا إلي الاخرة وأنت تريد ورق الدنيا وتهوي البقاء وتكره فراق الدنيا اما والله اني لا احب لك ان ترشد ثم دفع اليه الراية وذهب ليستقدم. فقال له ابن أحمر قاتل معنا ساعة رحمك الله ولا تلق بيدك إلي التهلكة فما زال به يناشده حتي احتبس عليه واخذ اهل الشام يتنادون ان الله قد أهلكهم فاقدموا عليهم فافرغوا منهم قبل الليل فاخذوا يقدمون عليهم فيقدمون علي شوكة شديدة ويقاتلون فرسانا شجعانا ليس فيهم سقط رجل وليسوا لهم بمضجرين فيتمكنوا منهم فقاتلوهم حتي العشاء قتالا شديدا وقتل الكناني قبل المساء. وخرج عبدالله بن عزيز الكندي ومعه ابنه محمد غلام صغير فقال يا أهل الشام هل فيكم أحد من كندة فخرج اليهم منهم رجال فقالوا نعم نحن هؤلاء فقال لهم دونكم أخيكم فابعثوا به إلي قومكم بالكوفة فانا عبدالله بن عزيز الكندي. فقالوا له أنت ابن عمنا فانك آمن فقال لهم والله لا ارغب عن مصارع اخواني الذين كانوا للبلاد نورا والارض أوتادا وبمثلهم كان الله يذكر قال فاخذ ابنه يبكي في اثر ابيه. فقال يا بني لو أن شيئا كان آثر عندي من طاعة ربي اذا لكنت انت وناشده قومه الشأميون لما رأوا من جزع ابنه وبكاء ه في أثره وأروا الشأميون له ولابنه رقة شديدة حتي جزعوا وبكوا ثم اعتزل الجانب الذي خرج اليه منه قومه فشد علي صفهم عند المساء فقاتل حتي قتل. (قال ابومخنف) حدثني فضيل بن حديج قال حدثني مسلم بن زحر


الخولاني ان كريب بن زيد الحميري مشي اليهم عند المساء ومعه راية بلقاء في جماعة قلما تنقص من مائة رجل ان نقصت وقد كانوا تحدثوا بما يريد رفاعة ان يصنع اذا امسي فقال لهم الحميري وجمع اليه رچالا من حمير وهمدان فقال عباد الله روحوا إلي ربكم والله ما في شئ من الدنيا خلف من رضاء الله والتوبة اليه انه قد بلغني ان طائفة منكم يريدون ان يرجعوا إلي ما خرجوا منه إلي دنياهم وان هم ركنوا إلي دنياهم رجعوا إلي خطاياهم فاما انا فوالله لا اولي هذا العدو ظهري حتي ارد موارد اخواني فاجابوه وقالوا رأينا مثل رأيك ومضي برايته حتي دنا من القوم. فقال ابن ذي الكلاع والله اني لاري هذه الراية حميرية او همدانية فدنا منهم فسألهم فاخبروه فقال لهم انكم آمنون فقال له صاحبهم انا قد كنا آمنين في الدنيا وانما خرجنا نطلب امان الاخرة فقاتلوا القوم حتي قتلوا ومشي صحير بن حذيفة بن هلال بن مالك المزني في ثلاثين من مزينة. فقال لهم لا تهابوا الموت في الله فانه لاقيكم ولا ترجعوا إلي الدنيا التي خرجتم منها إلي الله فانها لا تبقي لكم ولا تزهدوا فيما رغبتم فيه من ثواب الله ما عند الله خير لكم ثم مضوا فقاتلوا حتي قتلوا. فلما امسي الناس ورجع أهل الشام إلي معسكرهم نظر رفاعة إلي كل رجل قد عقربه والي كل جريح لا يعين علي نفسه فدفعه إلي قومه ثم سار بالناس ليلته كلها حتي أصبح بالتنينير فعبر الخابور وقطع المعابر ثم مضي لا يمر بمعبر الا قطعه وأصبح الحصين بن ننمير فبعث فوجدهم قد ذهبوا فلم يبعث في آثارهم أحدا وسار بالناس فأسرع وخلف رفاعة


وراء هم ابا الجويرية العبدي في سبعين فارسا يسترون الناس فاذا مروا برجل قد سقط حمله او بمتاع قد سقط قبضه حتي يعرفه فان طلب أو ابتغي بعث عليه فاعلمه. فلم يزالوا كذلك حتي مروا بقرقيسيا من جانب البرفبعث اليهم زفر من الطعام والعلف مثل ما كان بعث اليهم في المرة الاولي وأرسل اليهم الاطباء وقال اقيموا عندنا ما احببتم فان لكم الكرامة والمواساة فأقاموا ثلاثا ثم زود كل امرئ منهم ما احب من الطعام والعلف قال وجاء سعد بن حذيفة بن اليمان حتي انتهي إلي هيت فاستقبله الاعراب فأخبروه بما لقي الناس فانصرف فتلقي المثني بن مخربة العبدي بصندوداء فأخبره فأقاموا حتي جاء هم الخير أن رفاعة قد أظلكم فخرجوا حين دنا من القرية فاستقبلوه فسلم الناس بعضهم علي بعض وبكي بعضهالي بعض وتناعوا اخوانهم فأقاموا بها يوما وليلة فانصرف اهل المدائن إلي

المدائن واهل البصرة إلي البصرة واقبل اهل الكوفة إلي الكوفة فاذا المختار محبوس. (قال هشام) قال ابومخنف عن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر عن ادهم بن محرز الباهلي انه اتي عبدالملك بن مروان ببشارة الفتح قال فصعد المنبر فحمد الله وأثني عليه ثم قال: اما بعد فان الله قد أهلك من رؤس اهل العراق ملقح فتنة ورأس ضلالة سليمان بن صرد الاوان السيوف تركت رأس المسيب بن نجبة خذاريف الا وقد قتل الله من رؤسهم رأسين عظيمين ضالين مضلين عبدالله بن سعد أخا الازد وعبدالله بن وال أخا بكر بن وائل فلم يبق بعد هؤلاء


أحد عنده دفاع ولا امتناع. (قال هشام) عن ابي مخنف وحدثت ان المختار مكث نحوا من خمس عشرة ليلة ثم قال لاصحابه عدوا لغازيكم هذااكثر من عشر ودون الشهر ثم يجيئكم نبأهتر من طعن نتر وضرب هبر وقتل جم وامر رجم فمن لها انا لها لا تكذبن انا لها. (قال ابومخنف) حدثنا الحصين ابن يزيد عن ابان بن الوليد قال كتب المختار وهو في السحن إلي رفاعة بن شداد حين قدم من عين الوردة اما بعد فمرحبا بالعصب الذين عظم الله لهم الاجر حين انصرفوا و رضي انصرافهم حين قفلوا اما ورب البنية التي بناما خطا خاط منكم خطوة ولارتارتوة الا كان ثواب الله له أعظم من ملك الدنيا ان سليمان قد قضي ما عليه

وتوفاه الله فجعل روحه مع ارواح الانبياء والصديقين والشهداء والصالحين ولم يكن بصاحبكم الذي به تنصرون اني انا الامير المأمور والامين المأمون وامير الجيش وقاتل الجبارين والمنتقم من أعداء الدين والمقيد من الاوتار فأعدوا واستعدوا وابشروا واستبشروا أدعوكم إلي كتاب الله وسنة نبيه صلي الله عليه وسلم والي الطلب بدماء اهل البيت والدفع عن الضعفاء و جهاد المحلين والسلام. (قال ابومخنف) وحدثني ابوزهير العبسي ان الناس تحدثوا بهذا من امر المختار فبلغ ذلك عبدالله ابن يزيد وابراهيم بن محمد فخرجا في الناس حتي اتيا المختار فأخذاه (قال ابومخنف) فحدثني سليمان بن ابي راشد عن حميد بن مسلم قال لما تهيأنا للانصراف قال عبدالله بن غزية ووقف علي القتلي فقال يرحمكم الله


فقد صدقتم وصبرتم وكذبنا وفررنا قال فلما سرنا واصبحنا اذا عبدالله بن غزية في نحو من عشرين قد ارادوا الرجوع إلي العدو والاستقتال فجاء رفاعة وعبدالله بن عوف بن الاحمر وجماعة الناس فقالوا لهم ننشدكم الله ان تزيدونا فلولا ونقصانا لانزال بخير ما كان فينا مثلكم من ذوي النيات فلم يزالوا بهم كذلك يناشدونهم حتي ردوهم غير رجل من مزينة يقال له عبيدة بن سفيان رحل مع الناس حتي اذا غفل عنه انصرف حتي لقي اهل الشام فشد بسيفه يضاربهم حتي قتل. (قال ابومخنف) فحدثني الحصين بن يزيد الازدي عن حميد بن مسلم الازدي قال كان ذلك المزني صديقا لي فلما ذهب لينصرف ناشدته الله فقال اما انك لم تكن لتسألني شيئا من الدنيا الا رأيت لك من الحق علي ايتاء كه وهذا الذي تسألني اريد الله به قال ففارقني حتي لفي القوم فقتل قال فوالله ما كان شئ باحب إلي من ان القي انسانا يحدثني عنه كيف صنع حين لقي القوم قال فلقيت عبدالملك ابن جزء بن الحدر جان الازدي بمكة فجري حديث بيننا جري ذكر ذلك اليوم فقال اعجب ما رأيت يوم عين الوردة بعد هلاك القوم ان رجلا اقبل حتي شد علي بسيفه فخرجنا نحوه قال فانتهي اليه وقد عقربه وهو يقول:



اني من الله إلي الله افر

رضوانك اللهم ابدي واسر



قال فقلنا له من انت قال من بني آدم قال فقلنا ممن قال لا احب ان اعرفكم ولا ان تعرفوني يا مخربي البيت الحرام قال فنزل اليه سليمان بن عمرو بن محصن الازدي من بني الخيار قال وهو يومئذ من اشد الناس قال فكلاهما اثخن صاحبه قال وشد الناس عليه من كل جانب فقتلوه قال فوالله


ما رايت واحدا قط هو اشد منه قال فلما ذكرلي وكنت احب ان اعلم علمه دمعت عيناي فقال أبينك وبينه قرابة فقلت له لا ذلك رجل من مضر كان لي ودا واخا فقال لي لا ارقأ الله دمعك اتبكي علي رجل من مضر قتل علي ضلالة. قال قلت لا والله ما قتل علي ضلالة ولكنه قتل علي بينة من ربه وهدي فقال لي ادخلك الله مدخله قلت آمين وادخلك الله مدخل حصين بن نمير ثم لاارقأ الله لك عليه دمعا ثم قمت وقام وكان مما قيل من الشعر في - ذلك قول اعشي همدان وهي احدي المكتمات كن يكتمن في ذلك الزمان.



الم خيال منك يا ام غالب

فحبيت عنا من حبيب مجانب



وما زلت لي شجواوما زلت مقصدا

لهم عراني من فراقك ناصب



فما انس لا انس انفتالك في الضحي

الينا مع البيض الوسام الخراعب



تراء ت لنا هيفاء مهضومة الحشا

لطيفة طي الكشح ريا الحقائب



مبتلة غراء رود شبابها

كشمس الضحي تنكل بين السحائب



فلما تغشاها السحاب وحوله

بدا حاجب منها وضنت بحاجب



فتلك الهوي وهي الجوي لي والمني

فاحبب بها من خلة لم تصاقب



ولا يبعد الله الشباب وذكره

وحب تصافي المعصرات الكواعب



ويزداد ما احببته من عتابنا

لعابا وسقيا للخدين المقارب



فاني وان لم انسهن لذاكر

رزيئة مخبات كريم المناصب



توسل بالتقوي إلي الله صادقا

وتقوي الاله خير تكساب كاسب



وخلي عن الدنيا فلم يلتبس بها

وتاب إلي الله الرفيع المراتب



تخلي عن الدنيا وقال أطرحتها

فلست اليها ما حييت بآيب






وما أنا فيما يكبر الناس فقده

ويسعي له الساعون فيها براغب



فوجهه نحو الثوية سائرا

إلي ابن زياد في الجموء الكباكب



بقوم هم أهل التقية والنهي

مصاليت انجاد سراة مناجب



مضوا تاركي رأي ابن طلحة حسبه

ولم يستجيبوا للامير المخاطب



فساروا وهم من بين ملتمس التقي

وآخر مما جر بالامس تائب



فلاقوا بعين الوردة الجيش فاصلا

اليهم فحسوهم ببيض قواضب



يمانية تذر الاكف وتارة

بخيل عتاق مقربات سلاهب



فجاء هم جمع من الشام بعده

جموع كموج البحر من كل جانب



فما برحوا حتي أبيدت سراتهم

فلم ينج منهم ثم غير عصائب



وغودر أهل الصبر صرعي فاصبحوا

تعاورهم ريح الصبا والجنائب



وأضحي الخزاعي الرئيس مجدلا

كان لم يقاتل مرة ويحارب



ورأس بني شمخ وفارس قومه

شنواة والتيمي هادي الكتائب



وعمرو بن بشر والوليد وخالد

وزيد بن بكر والحليس بن غالب



وضارب من همدان كل مشيع

اذا شد لم ينكل كريم المكاسب



ومن كل قوم قد أصيب زعيمهم

وذو حسب في ذروة المجد ثاقب



أبوا غير ضرب تفلق الهام وقعه

وطعن بأطراف الا سنة صائب



وان سعيدا يوم يدمر عامرا

لاشجع من ليث بدرنا مواثب



فيا خير جيش للعراق وأهله

سقيتم روايا كل اسهم ساكب



فلا يبعدن فرساننا وحماتنا

اذالبيض أبدت عن خدام الكواعب



فان يقتلوا فالقتل اكرم ميتة

وكل فتي يوما لاحدي الشواعب



وما قتلوا حتي أثاروا عصابة

محلين ثورا كالليوث الضوارب




وقتل سليمان بن صرد ومن قتل معه بعين الوردة من التوابين في شهر ربيع الاخر (ذكر هشام بن محمد) عن أبي مخنف أن فضيل بن خديج حدثه عن عبيدة ابن عمرو واسماعيل بن كثير من بني هند أن اصحاب سليمان بن صرد لما قدموا كتب اليهم المختار أما بعد فان الله اعظم لكم الاجر وحط عنكم الوزر بمفارقة القاسطين وجهاد المحلين انكم لم تنفقوا نفقة ولم تقطعوا عقبة ولم تخطوا خطوة الا رفع الله لكم بها درجة وكتب لكم بها حسنة إلي ما لا يحصيه الا الله من التضعيف فأبشروا فاني لو قد خرجت اليكم قد جردت فيما بين المشرق والمغرب في عدوكم السيف باذن الله فجعلتهم باذن الله ركاما وقتلتهم فذا وتؤا ما فرحب الله بمن قارب منكم واهتدي ولا يبعد الله الا من عصي وأبي السلام يا اهل الهدي. فجاء هم بهذا الكتاب سيحان بن عمرو من بني ليس من عبدالقيس قد ادخله في قلنسوته فيما بين الظهارة والبطانة فأتي بالكتاب رفاعة ابن شداد والمثني بن مخربية العدي وسعد بن حذيفة بن اليمان ويزيد ابن انس واحمر بن شميط الاحمسي وعبدالله بن شداد البجلي وعبدالله بن كامل فقرأ عليهم الكتاب فبعثوا اليه ابن كامل فقالوا قل له قد قرأنا الكتاب ونحن حيث يسرك. فان شئت ان نأتيك نخرجك فعلنا فأتاه فدخل عليه السجن فأخبر بما ارسل اليه به فسر باجتماع الشيعة له وقال لهم لا تزيد واهذافاني


اخرج في ايامي هذه قال وكان المختار قد بعث غلاما يدعي زربيا إلي عبدالله بن عمر بن الخطاب وكتب اليه أما بعد فاني قد حبست مظلوما وظن بي الولاة ظنونا كاذبة فاكتب في يرحمك الله إلي هذين الظالمين كتابا لطيفا عسي الله أن يخلصني من أيديهما بلطفك وبركتك وبمنك والسلام عليك فكتب اليهما عبدالله بن عمر اما بعد فقد علمتما الذي بيني وبين المختار بن أبي عبيد من الصهر والذي بيني وبينكما من الود فأقسمت عليكما بحق ما بيني وبينكما لماخليتما سبيله حين تنظر ان في كتابي هذا والسلام عليكما ورحمة الله فلما أتي عبدالله بن يزيد وابراهيم بن محمد بن طلحة كتاب عبدالله بن عمر دعوا للمختار بكفلاء يضمنونه بنفسه فأتاه أناس من اصحابه كثير فقال يزيد بن الحارث بن يزيد بن رويم لعبد الله ابن يزيد ما تصنع بضمان هؤلاء كلهم ضمنه عشرة منهم أشرافا معروفين ودع سائرهم ففعل ذلك فلما ضمنوه ودعا به عبدالله بن يزيد وابراهيم بن محمد بن طلحة فحلفاه بالله الذي لا اله الا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم لا يبغيهما غائلة ولا يخرج عليهما ما كان لهما سلطان فان هو فعل فعليه ألف بدنه ينحرها لدي رتاج الكعبة ومماليكة كلهم ذكرهم وأنثاهم احرار فحلف لهما بذلك ثم خرج فجاء داره فنزلها (قال أبومخنف) فحدثني يحيي بن أبي عيسي عن حميد بن مسلم قال سمعت المختار بعد ذلك يقول قاتلهم الله ما احمقهم حين يرون أني أفي لهم بايمانهم هذه اما حلفي لهم بالله فانه ينبغي لي اذا حلفت علي يمين فرأيت ما هو خير منها ان ادع ماحلفت عليه وآتي الذي هو


خير واكفر يميني وخروجي عليهم خبر من كفي عنهم واكفر يميني واما هدي ألف بدنة فهو أهون علي من بصقة وما ثمن الف بدنة فيهولني واما عتق مماليكي فوالله لوددت أنه قد استتب لي امري ثم لم املك مملوكا أبدا. قال ولما نزل المختار داره عند خروجه من السجن اختلف اليه الشيعة واجتمعت عليه واتفق رأيها علي الرضي به وكان يبايع له الناس وهو في السجن خمسة نفر السائب بن مالك الاشعري ويزيد بن أنس واحمر بن شميط ورفاعة بن شداد الفتياني وعبدالله بن شداد الجشمي قال فلم تزل اصحابه يكثرون وامره يقوي ويشتد حتي عزل ابن الزبير عبدالله بن يزيد وابراهيم بن محمد بن طلحة وبعث عبدالله بن مطيع علي عملهما إلي الكوفة. (قال أبومخنف) فحدثني الصقعب بن زهير عن عمر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام قال دعا ابن الزبير عبدالله بن مطيع أخا بني عدي بن كعب والحارث بن عبدالله بن أبي ربيعة المخزومي فبعث عبدالله بن مطيع علي الكوفة وبعث الحارث بن عبدالله بن أبي ربيعة علي البصرة قال فبلغ ذلك بحير بن ريسان الحميري فلقيهما فقال لهما يا هذان ان القمر الليلة بالناطح فلا تسيرا فأما ابن ابي ربيعة فاطاعه فأقام يسيرا ثم شخص إلي عمله فسلم وأما عبدالله بن مطيع فقال له وهل نطلب الا النطح قال فلقي والله نطحا وبطحا قال يقول عمرو البلاء موكل بالقول. قال عمر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام بلغ عبدالملك بن مروان أن ابن الزبير بعث عمالا علي البلايا فقال من بعث علي البصرة


فقيل بعث عليها الحارث بن عبدالله بن أبي ربيعة قال لا حر بوادي عوف بعث عوفا وجلس ثم قال من بعث علي الكوفة قالوا عبدالله بن مطيع قال حازم وكثيرا ما يسقط وشجاع وما يكره أن يفرقال من بعث علي المدينة قالوا بعث أخاه مصعب بن الزبير قال ذاك الليث النهد وهو رجل أهل بيته. (قال هشام) قال أبومخنف وقدم عبدالله بن مطيع الكوفة في رمضان سنة 65 يوم الخميس لخمس بقين من شهر رمضان فقال لعبدالله بن يزيد ان أحببت أن تقم معي أحسنت صحبتك وأكرمت مثواك وان لحقت بأمير المؤمنين عبدالله بن الزبير فبك عليه كرامة وعلي من قبله من المسلمين وقال لابراهيم بن محمد بن طلحة الحق بأمير المؤمنين فخرج ابراهيم حتي قدم المدينة وكسر علي ابن الزبير الخراج وقال انما كانت فتنة فكف عنه ابن الزبير قال وأقام ابن مطيع علي الكوفة علي الصلاة والخراج وبعث علي شرطته اياس بن مضارب العجلي وأمره ان يحسن السيرة والشدة علي المريب. (قال ابومخنف) فحدثني حصيرة ابن عبدالله بن الحارث بن دريد الازدي وكان قد ادرك ذلك الزمان وشهد قتل مصعب بن الزبير قال اني لشاهد المسجد حيث قدم عبدالله بن مطيع فصعد المنبر فحمدالله وأثني عليه. وقال اما بعد فان امير المؤمنين عبدالله بن الزبير بعثني علي مصركم وثغوركم وامرني بجباية فيئكم وان لا احمل فضل فيئكم عنكم الا برضي منكم ووصية عمر بن الخطاب التي اوصي بها عند وفاته وبسيرة عثمان ابن


عفان التي سار بها في المسلمين فاتقوا الله واستقيموا ولا تختلفوا وخذوا علي ايدي سفهائكم والا تفعلوا فلوموا انفسكم ولا تلوموني فوالله لاوقعن بالسقيم العاصي ولاقيمن درأ الاصعر المرتاب فقام اليه السائب بن مالك الاشعري. فقال اما امر ابن الزبير اياك ان لا تحمل فضل فيئنا عنا الا برضانا فانا نشهدك انا لا نرضي ان تحمل فضل فيئنا عنا وان لا يقسم الا فينا وان لا يسار فينا الا بسيرة علي بن ابي طالب التي سار بها في بلادنا هذه حتي هلك رحمة الله عليه ولا حاجة لنا في سيرة عثمان في فيئنا ولا في انفسنا فانها انما كانت اثرة وهوي ولا في سيرة عمر بن الخطاب في فيئنا وان كانت اهون السيرتين علينا ضرا وقد كان لا يألوا الناس خيرا.فقال يزيد بن انس صدق السائب بن مالك وبررأينا مثل رأيه وقولنا مثل قوله فقال ابن مطيع نسير فيكم بكل سيرة احببتموها وهويتموها ثم نزل فقال يزيد بن انس الاسدي ذهبت بفضلها يا سائب لا يعدمك المسلمون اما والله لقد قمت واني لاريد ان اقوم فاقول له نحوا مقالتك وما احب ان الله ولي الرد عليه رجلا من اهل المصر ليس من شيعتنا وجاء اياس بن مضارب إلي ابن مطيع. فقال له السائب بن مالك من رؤس اصحاب المختار ولست آمن المختار فابعث اليه فليأتك فاذا جاء ك فاحبسه في سجنك حتي يستقيم امر الناس فان عيوني قد اتتني فخبرتني ان امره قد استجمع له وكانه قدوثب بالمصر قال فبعث اليه ابن مطيع زائدة بن قدامة وحسين بن عبدالله البرسمي من همدان فدخلا عليه فقالا اجب الامير فدعا بثيابه وامر


باسراج دابته وتخشخش للذهاب معهما فلما رأي زائدة بن قدامة ذلك قرأ قول الله تبارك وتعالي. (واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبوتك او يقتلوك او يخرجوك و يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين). ففهمها المختار فجلس ثم القي ثيابه عنه ثم قال القوا علي القطيفة ما أراني الا قد وعكت اني لاجد قفقفة شديدة ثم تمثل قول عبدالعزي بن صهل الازدي.



اذا ما معشر تركوا نداهم

ولم يأتوا الكريهة لم يهابوا



ارجعا إلي ابن مطيع فأعلماه حالي التي أنا عليها فقال له زائدة بن قدامة أما أنا ففاعل وأنت يا اخا همدان فاعذرني عنده فانه خير لك. (قال أبومخنف) فحدثني اسماعيل بن نعيم الهمداني عن حسين بن عبدالله قال قلت في نفسي والله ان أنا لم ابلغ عن هذا ما يرضيه ما أنا بآمن من أن يظهر غدا فيهلكني قال فقلت له نعم انا أصنع عند ابن مطيع عذرك وأبلغه كل ما تحب فخرجنا من عنده فاذا أصحابه علي بابه وفي داره منهم جماعة كثيرة قال فأقبلنا نحو ابن مطيع فقلت لزائدة بن قدامة أما اني قد فهمت قولك حين قرأت تلك الآية وعلمت ما اردت بها وقد علمت أنها هي ثبطة عن الخروج معنا بعد ما كان قد لبس ثيابه وأسرج دابته وعلمت حين تمثل البيت الذي تمثل انما أراد يخبرك انه قد فهم عنك ما اردت أن تفهمه وانه لن يأتيه. قال فجاحدني أن يكون أراد شيئا من ذلك فقلت له لا تحلف فوالله ما كنت لابلغ عنك ولا عنه شيئا تكرهانه ولقد علمت انك مشفق عليه تجد له


ما يجد المرء لابن عمه فأقبلنا إلي ابن مطيع فأخبرناه بعلته وشكواه فصدقنا ولهي عنه قال وبعث المختار إلي أصحابه فأخذ يجمعهم في الدور حوله وأراد ان يثب بالكوفة في المحرم فجاء رجل من اصحابه من شبام وكان عظيم الشرف يقال له عبدالرحمن ابن شريح فلقي سعيد بن منقذ الثوري وسعر بن أبي سعر الحنفي والا سود بن جراد الكندي وقدامة بن مالك الجشمي فأجتمعوا في منزل سعر الحنفي فحمدالله وأثني عليه ثم قال. اما بعد فان المختار يريد أن يخرج بنا وقد بايعناه ولا تدري أرسله الينا ابن الحنفية ام لا فانهضوا بنا إلي ابن الحنفية فلنخبره بما قدم علينا به وبما دعانا اليه فان رخص لنا في اتباعه اتبعناه وان نهانا عنه اجتنبناه فوالله ما ينبغي أن يكون شئ من امر الدنيا اثر عندنا من سلامة ديننا فقالوا له ارشدك الله فقد اصبت ووفقت اخرج بنا اذا شئت فاجمع رأيهم علي ان يخرجوا من ايامهم فخرجوا فلحقوا بابن الحنفية وكان امامهم عبدالرحمن بن شريح فلما قدموا عليه سألهم عن حال الناس فخبروه عن حالهم وما هم عليه. (قال أبومخنف) فحدثني خليفة بن ورقاء عن الاسود بن جراد الكندي قال قلنا لابن الحنفية ان لنا اليك حاجة قال فسر هي ام علانية قال قلنا لابل سرقال فرويدا اذا قال فمكث قليلا ثم تنحي جانبا فدعانا فقمنا اليه فبدأ عبدالرحمن بن شريح فتكلم فحمدالله واثني عليه ثم قال اما بعد فانكم أهل بيت خصكم الله بالفضيلة وشرفكم بالنبوة وعظم حقكم علي هذه الامة فلا يجهل حقكم الا مغبون الرأي مخسوس النصيب قد


أصبتم بحسين رحمة الله عليه عظمت مصيبة ما قد خصكم بها فقد عم بها المسلمون وقد قدم علينا المختار بن أبي عبيد يزعم لنا أنه قد جاء نا من تلقائكم وقد فعانا إلي كتاب الله وسنة نبيه صلي الله عليه وسلم والطلب بدماء اهل البيت والدفع عن الضعفاء فبايعناه علي ذلك ثم انا رأينا أن نأتيك فنذكر لك ما دعانا اليه وندبنا له فان امرتنا باتباعه اتبعناه وان نهيتنا عنه اجتنبناه ثم تكلمنا واحدا واحدا بنحو مما تكلم به صاحبنا وهو يسمع حتي اذا فرغنا حمد الله وأثني عليه وصلي علي النبي صلي الله عليه وسلم ثم قال. اما بعد فاما ما ذكرتم مما خصصنا الله به من فضل فان الله يؤتيه من يشاء والله ذوالفضل العظيم فلله الحمد وأما ما ذكرتم من مصيبتنا بحسين فان ذلك كان في الذكر الحكيم وهي ملحمة كتبت عليه وكرامة أهداها الله له رفع بما كان منها درجات قوم عنده ووضع بها آخرين وكان امر الله مفعولا وكان أمر الله قدرا مقدورا واما ما ذكرتم من دعاء من دعاكم إلي الطلب بدمائنا فوالله لوددت أن الله انتصر لنا من عدونا بمن شاء من خلقه اقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم قال فخرجنا من عنده ونحن نقول قد اذن لنا قد قال لوددت أن الله انتصر لنا من عدونا بمن شاء من خلقه ولو كره لقال لا تفعلوا قال فجئنا وأناس من الشيعة ينتظرون لقدومنا ممن كنا قد أعلمناه بمخرجنا واطلعناه علي ذات أنفسنا ممن كان علي رأينا من اخواننا وقد كان بلغ المختار مخرجنا فشق ذلك عليه وخشي ان ناتيه بأمر يخذل الشيعة عنه فكان قد ارادهم علي ان ينهض بهم قبل قدومنا فلم يتهيأ ذلك


له فكان المختار يقول ان نفيرا منكم ارتابوا وتخيروا وخابوا فان هم اصابوا اقبلوا وانابوا وان هم كبوا وهابوا واعترضوا وانجابوا فقد ثبروا وخابوا فلم يكن الا شهرا وزيادة شئ حتي اقبل القوم علي رواحلهم حتي دخلوا علي المختار قبل دخولهم إلي رحالهم فقال لهم ما وراء كم فقد فتنتم وارتبتم فقالوا له قد امرنا بنصرتك. فقال الله اكبر انا ابواسحق اجمعوا إلي الشيعة فجمع له منهم من كان منه قريبا فقال يا معشر الشبعة ان نفرا منكم احبوا ان يعلموا مصداق ما جئت به فرحلوا إلي امام الهدي والنجيب المرتضي ابن خير من طشي ومشي حاشا النبي المجتبي فسالوه عما قدمت به عليكم فنباهم اني وزيره وظهيره ورسوله وخليله وامركم باتباعي وطاعتي فيما دعوتكم اليه من قتال المحلين والطلب بدماء اهل بيت نبيكم المصطفين فقام عبدالرحمن بن شريح فحمد الله واثني عليه ثم قال. اما بعد يا معشر الشيعة فانا قد كنا اجبنا ان نستثبت لانفسنا خاصة ولجميع اخواننا عامة فقد منا علي المهدي بن علي فسالناه عن حربنا هذه وعن ما دعانا اليه المختار منها فأمرنا بمظاهرته وموازرته واجابته إلي ما دعانا اليه فأقبلنا طيبة انفسنا منشرحة صدورنا قد أذهب الله منها الشك والغل والريب واستقامت لنا بصيرتنا في قتال عدونا فليبلغ ذلك شاهدكم غائبكم واستعدوا وتاهبوا ثم جلس وقمنا رجلا فرجلا فتكلمنا بنحو من كلامه فاستجمعت له الشيعة وحدبت عليه. (قال أبومخنف) فحدثني نمير بن وعلة والمشرقي عن عامر الشعبي قال كنت انا وابي اول من اجاب المختار قال فلما تهيأ امره


ودنا خروجه قال له احمر بن شميط ويزيد بن انس وعبدالله بن كامل وعبدالله بن شداد ان اشراف اهل الكوفة مجتمعون علي قتالك مع ابن مطيع فان جامعنا علي امرنا ابراهيم بن الاشتر رجونا باذن الله القوة علي عدونا وان لا يضرنا خلاف من خالفنا فانه فتي بئيس وابن رجل شريف بعيد الصيت وله عشيرة ذات عزوعدد قال لهم المختار فالقوه فادعوه واعلموه الذي امرنا به من الطلب بدم الحسين واهل بيته قال الشعبي فخرجوا اليه وانا فيهم وابي فتكلم يزيد بن انس فقال له انا قد آنيناك في امر نعرضه عليك وندعوك اليه فان قبلته كان خيرا لك وان تركته فقد ادينا اليك فيه النصيحة ونحن نحب ان يكون عندك مستورا فقال لهم ابراهيم بن الاشتر وان مثلي لا تخاف غائلته ولا سعايته ولا التقرب إلي سلطانه باغتياب الناس انما اولئك الصغار الاخطار الدقاق همما فقال له انما ندعوك إلي امر قد اجمع عليه رأي الملا من الشيعة إلي كتاب الله وسنة نبيه صلي الله عليه والطلب بدماء اهل البيت وقتال المحلين والدفع عن الضعفاء قال تكلم احمر بن شميط فقال له اني لك ناصح و لحظك محب وان اباك قد هلك وهو سيد وفيك منه ان رعيت حق الله خلف قد دعوناك إلي امران اجبتنا اليه عادت لك منزلة ابيك في الناس واحييت من ذلك امرا قد مات. انما يكفي مثلك اليسير حتي تبلغ الغاية التي لا مذهب وراء ها انه قد بني لك او لك فتحري واقبل القوم كلهم عليه يدعونه إلي امرهم ويرغبونه فيه فقال لهم ابراهيم بن الاشتر فاني قد اجبتكم إلي ما دعوتموني اليه من الطلب بدم الحسين واهل بيته علي ان تولوني الامر فقالوا انت


لذلك اهل ولكن ليس إلي ذلك سبيل هذا المختار قد جاء نا من قبل المهدي وهو الرسول والمأمور بالقتال وقد امرنا بطاعته فسكت عنهم ابن الاشتر ولم يجبهم فانصرفنا من عنده إلي المختار فأخبرناه بما رد علينا قال فغبر ثلاثا. ثم ان المختار دعا بضعة عشر رجلا من وجوه اصحابه قال الشعبي انا وابي فيهم قال فسار بنا ومضي امامنا يقد بنا بيوت الكوفة قد ألا ندري اين يريد حتي وقف علي باب ابراهيم بن الاشتر فاستاذنا عليه فاذن لنا والقيت لنا وسائد فجلسنا عليها وجلس المختار معه علي فراشه فقال المختار الحمد لله واشهد ان لا اله إلا الله وصلي الله علي محمد والسلام عليه اما بعد فان هذا كتاب اليك من المهدي محمد بن امير المؤمنين الوصي وهو خير اهل الارض اليوم وابن خير اهل الارض كلها قبل اليوم بعد انبياء الله ورسله وهو يسالك ان تنصرنا وتوازرنا فان فعلت اغتبطت وان لم تفعل فهذا الكتاب حجة عليك وسيغني الله المهدي محمدا واولياء ه عنك.

قال الشعبي وكان المختار قد دفع الكتاب إلي حين خرج من منزله فلما قضي كلامه قال لي ادفع الكتاب اليه فدفعته اليه فدعا بالمصباح وفض خاتمه وقرأه فاذا هو بسم الله الرحمن الرحيم من محمد المهدي إلي ابراهيم بن مالك الاشتر سلام عليك فاني احمد اليك الله الذي لا إله الا هو. اما بعد فاني قد بعثت اليكم بوزيري واميني ونجيبي الذي ارتضيته لنفسي وقد أمرته بقتال عدوي والطلب بدماء اهل بيتي فانهض معه بنفسك وعشيرتك ومن اطاعك فانك ان نصرتني واجبت دعوتي وساعدت وزيري كانت لك عندي بذلك فضيلة ولك بذلك اعنة الخيل وكل جيش


غاز وكل مصر ومثير وثغر ظهرت عليه فيما بين الكوفة وأقصي بلاد أهل الشام علي الوفاء بذلك علي عهد الله فان فعلت ذلك نلت به عند الله أفضل الكرامة وان أبيت هلكت هلاكا لا تستقيله أبدا والسلام عليك فلما قضي ابراهيم قراء ة الكتاب قال قد كتب إلي ابن الحنفية وقد كتبت اليه قبل اليوم فما كان يكتب الي الا باسمه واسم أبيه قال له المختار ان ذلك زمان وهذا زمان قال ابراهيم فمن يعلم أن هذا كتاب ابن الحنفية إلي فقال له يزيد بن أنس وأحمر بن شميط وعبدالله بن كامل وجماعتهم قال الشعبي الا انا وأبي فقالوا نشهد أن هذا كتاب محمد بن علي اليك فتأخر ابراهيم عند ذلك عن صدر الفراش فأجلس المختار عليه فقال ابسط يدك أبايعك فبسط المختار يده فبايعه ابراهيم ودعالنا بفاكهة فأصبنا منها ودعالنا بشراب من عسل فشربنا ثم نهضناوخرج معنا ابن الاشتر فركب مع المختار حتي دخل رحله فلما رجع ابراهيم منصرفا أخذ بيدي فقال انصرف بنا يا شعبي قال فانصرفت معه ومضي بي حتي دخل بي رحله فقال يا شعبي اني قد حفظت انك لم تشهد أنت ولا ابوك افتري هؤلاء شهدوا علي حق. قال قلت له قد شهدوا علي ما رأيت وهم سادة القراء ومشيخة المصر وفرسان العرب ولا اري مثل هؤلاء يقولون الا حقا قال فقلت له هذه المقالة وانا والله لهم علي شهادتهم متهم غير أني يعجبني الخروج و انا اري رأي القوم وأحب تمام ذلك الامر فلم اطلعه علي ما في نفسي من ذلك فقال لي ابن الاشتر اكتب لي اسماء هم فاني ليس كلهم أعرف ودعا بصحيفة ودواة وكتب فيها.


بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما شهد عليه السائب ابن مالك الاشعري ويزيد بن أنس الاسدي وأحمر بن شميط الاحمسي ومالك ابن عمرو النهدي حتي أتي علي أسماء القوم ثم كتب شهدوا أن محمد بن علي كتب إلي ابراهيم بن الاشتر يأمره بموازرة المختار ومظاهرته علي قتال المحلين والطلب بدماء أهل البيت وشهد علي هؤلاء النفر الذين شهدوا علي هذه الشهادة شراحيل ابن عبد وهو أبوعامر الشعبي الفقيه وعبدالرحمن بن عبدالله النخعي وعامر بن شراحيل الشعبي فقلت له ما تصنع بهذا رحمك الله فقال دعه يكون قال ودعا ابراهيم عشيرته واخوانه ومن أطاعه وأقبل يختلف إلي المختار. (قال هشام بن محمد) قال أبومخنف حدثني يحيي بن أبي عيسي الازدي قال كان حميد بن مسلم الاسدي صديقا لابراهيم بن الاشتر وكان يختلف اليه ويذهب به معه وكان ابراهيم يروح في كل عشية عند المساء فيأتي المختار فيمكث عنده حتي تصوب النجوم ثم ينصرف فمكثوا بذلك يدبرون امورهم حتي اجتمع رأيهم علي أن يخرجوا ليلة الخميس لاربع عشرة من ربيع الاول سنة 66 ووطن علي ذلك شيعتهم ومن أجابهم. فلما كان عند غروب الشمس قام ابراهيم بن الاشتر فأذن ثم انه استقدم فصلي بنا المغرب ثم خرج بنا بعد المغرب حين قلت أخوك أو الذئب وهو يريد المختار فأقبلنا علينا السلاح وقد أتي أياس بن مضارب عبدالله بن مطيع فقال ان المختار خارج عليك احدي الليلتين قال فخرج اياس في الشرط فبعث ابنه راشدا إلي الكناسة وأقبل يسير حول السوق في الشط. ثم ان اياس بن مضارب دخل علي ابن مطيع فقال له اني قد بعثت


ابني إلي الكناسة فلو بعثت في كل جبانة بالكوفة عظيمة رجلا من اصحابك في جماعة من أهل الطاعة هاب المريب الخروج عليك قال فبعث ابن مطيع عبدالرحمن بن سعيد بن قيس إلي جبانة السبيع وقال اكفني قومك لا أوتين من قبلك واحكم أمر الجبانة التي وجهتك اليها لا يحدثن بها حدث فأولئك العجز والوهن وبعث كعب بن أبي كعب الخثعمي إلي جبانة بشر وبعث زحر بن قيس إلي جبانة كندة وبعث شمر بن ذي الجوشن إلي جبانة سالم وبعث عبدالرحمن بن مخنف بن سليم إلي جبانة الصائديين. وبعث يزيد بن الحراث بن رؤيم أبا حوشب إلي جبانة مراد وأوصي كل رجل أن يكفيه قومه وأن لا يؤتي من قبله وأن يحكم الوجه الذي وجهه فيه وبعث شبث ابن ربعي إلي السبخة وقال اذا سمعت صوت القوم فوجه نحوهم فكان هؤلاء قد خرجوا يوم الاثنين فنزلوا هذه الجبابين وخرج ابراهيم بن الاشتر من رحله بعد المغرب يريد اتيان المختار وقد بلغه ان الجبابين قد حشيت رجالا وأن الشرط قد أحاطت بالسوق والقصر. (قال ابومخنف) فحدثني يحيي بن أبي عيسي عن حميد بن مسلم قال خرجت مع ابراهيم من منزله بعد المغرب ليلة الثلاثاء حتي مررنا بدار عمرو بن حريث ونحن مع ابن الاشتر كتيبة نحو من مائة علينا الدروع قد كفرنا عليها بالاقبية ونحن متقلدوا السيوف ليس معنا سلاح الا السيوف في عواتقنا والدروع قد سترناها بأقبيتنا. فلما مررنا بدار سعيد بن قيس فجزناها إلي دار أسامة قلنا مر


بنا علي دار خالد بن عرفطة ثم امض بنا إلي بحيلة فلنمر في دورهم حتي نخرج إلي دار المختار وكان ابراهيم فتي حدثا شجاعا فكان لا يكره أن يلقاهم فقال والله لامرن علي دار عمرو بن حريث إلي جانب القصر وسط السوق ولارعبن به عدونا ولارينهم هو انهم علينا قال فأخذنا علي باب الفيل علي دارهبار ثم أخذ ذات اليمين علي دار عمرو بن حريث حتي اذا جاوزها ألفينا اياس بن مضارب في الشرط مطهرين السلاح فقال لنا من أنتم ما أنتم فقال له ابراهيم أنا ابراهيم بن الاشتر فقال له ابن مضارب ما هذا الجمع معك وما تريد والله أن أمرك لمريب وقد بلغني أنك تمر كل عيشة ههنا وما انا بتارك حتي آتي بك الامير فيري فيك رأيه فقال ابراهيم لا أبا لغيرك خل سبيلنا فقال كلا والله لا أفعل ومع اياس بن مضارب رجل من همدان يقال له أبوقطن كان يكون مع امرة الشرطة فهم يكرمونه ويؤثرونه وكان لابن الاشتر صديقا. فقال له ابن الاشتر يا ابا قطن ادن مني ومع أبي قطن رمح له طويل فدنا منه أبوقطن ومعه الرمح وهو يري أن ابن الاشتر يطلب اليه أن يشفع له إلي ابن مضارب ليخلي سبيله فقال ابراهيم وتناول

الرمح من يده ان رمحك هذا لطويل فحمل به ابراهيم علي ابن مضارب فطعنه في ثغرة نحره فصرعه. وقال الرجل من قومه انزل فاحتز رأسه فنزل اليه فاحتز رأسه وتفرق أصحابه ورجعوا إلي ابن مطيع فبعث ابن مطيع ابنه راشد بن اياس مكان أبيه علي الشرطة وبعث مكان راشد بن اياس إلي الكناسة تلك الليلة سويد ابن عبدالرحمن المنقري أبا القعقاع بن سويد وأقيل


ابراهيم بن الاشتر إلي المختار ليلة الاربعاء. فدخل عليه فقال له ابراهيم انا اتعدنا للخروج للقابلة ليلة الخميس وقد حدث أمر لا بد من الخروج الليلة قال المختار وما هو قال عرض لي أياس بن مضارب في الطريق ليحبسني بزعمه فقتلته وهذا رأسه مع أصحابي علي الباب فقال المختار فبشرك الله بخير فهذا طير صالح و هذا أول الفتح ان شاء الله فقال المختار قم يا سعيد بن منقذ فاشعل في الهرادي النيران ثم ارفعها للمسلمين وقم انت يا عبدالله بن شداد فناد يا منصور أمت وقم أنت يا سفيان بن ليل وانت يا قدامة بن مالك فناد يا لثأرات الحسين ثم قال المختار علي بدرعي وسلاحي فأتي به فأخذ يلبس سلاح ويقول:



قد علمت بيضاء حسناء الطلل

واضحة الخدين عجزاء الكفل



أني غداة الروع مقدام بطل ثم ان ابراهيم قال للمختار ان هؤلاء الرؤوس الذين وضعهم ابن مطيع في الجبابين يمنعون اخواننا ان يأتونا ويضيقون عليهم فلو أني خرجت بمن معي من اصحابي حتي آتي قومي فيأتيني كل من قد بايعني من قومي ثم سرت بهم في نواحي الكوفة ودعوت بشعارنا فخرج إلي من اراد الخروج الينا ومن قدر علي اتيانك من الناس فمن اتاك حبسته عندك إلي من معك ولم تفرقهم.

فان عوجلت فأتيت كان معك من تمتنع به وانا لو قد فرغت من هذا الامر عجلت اليك في الخيل والرجال قال له امالا فاعجل واياك ان تسير إلي اميرهم تقاتله ولا تقاتل احدا وانت تستطيع ان لا تقاتل واحفظ


ما أوصيتك به الا ان يبدأك احد بقتال فخرج ابراهيم بن الاشتر من عنده في الكتيبة التي أقبل فيها حتي أتي قومه واجتمع اليه جل من كان بايعه وأجابه. ثم انه سار بهم في سكك الكوفة طويلا من الليل وهو في ذلك يتجنب السكك التي فيها الامراء فجاء إلي الذين معهم اجماعات الذين وضع ابن مطيع في الجبابين وافواه الطرق العظام حتي انتهي إلي مسجد السكون وعجلت اليه خيل من خيل زحر بن قيس الجعفي ليس لهم قائد ولا عليهم امير فشد عليهم ابراهيم ابن الاشتر واصحابه فكشفوهم حتي دخلوا جبانة كندة فقال ابراهيم من صاحب الخيل في جبانة كندة فشدا ابراهيم واصحابه عليهم وهو يقول اللهم انك تعلم انا غضبنا لاهل بيت نبيك وثرنا لهم فانصرنا عليهم وتمم لنا دعوتنا حتي انتهي اليهم هو واصحابه فخالطوهم وكشفوهم فقيل له زحر بن قيس فقال انصرفوا بنا عنهم فركب بعضهم بعضا كلما لقيهم زقاق دخل منهم طائفة فانصرفوا يسيرون. ثم خرج ابراهيم يسير حتي انتهي إلي جبانة اثير فوقف فيها طويلا ونادي اصحابه بشعارهم فبلغ سويد بن عبدالرحمن المنقري مكانهم في جبانة اثير فرجا ان يصيبهم فيحظي بذلك عند ابن مطيع فلم يشعر ابن الاشتر الا وهم معه في الجبانة فلما رأي ذلك ابن الاشتر قال لاصحابه يا شرطة الله انزلوا فانكم اولي بالنصر من الله من هؤلاء الفساق الذين خاضوا دماء اهل بيت رسول الله صلي الله عليه وسلم فنزلوا ثم شد عليهم ابراهيم فضربهم حتي اخرجهم من الصحراء وولوا منهزمين


يركب بعضهم بعضا وهم يتلاومون فقال قائل منهم ان هذا الامر يراد ما يلقون لنا جماعة الا هزموهم فلم يزل يهزمهم حتي ادخلهم الكناسة. وقال اصحاب ابراهيم لابراهيم اتبعهم واغتنم ما قد دخلهم من الرعب فقد علم الله الاي من ندعو وما نطلب والي من يدعون وما يطلبون قال لا ولكن سيروا بنا إلي صاحبنا حتي يؤمن الله بنا وحشته ونكون من امره علي علم ويعلم هو ايضا ما كان من عنائنا فيزداد هو واصحابه قوة وبصيرة إلي قواهم وبصيرتهم مع اني لا آمن ان يكون قد اتي فأقبل ابراهيم في اصحابه حتي مر بمسجد الاشعث فوقف به ساعة ثم مضي حتي اتي دار المختار فوجد الاصوات عالية والقوم يقتتلون وقد جاشبث بن ربعي من قبل السبخة فعبي له المختار يزيد بن انس وجاء حجاز بن ابجر العجلي فجعل المختار في وجهه احمر بن شميط فالناس يقتتلون وجاء ابراهيم من قبل القصر فبلغ حجارا واصحابه ان ابراهيم قد جاء هم من ورائهم فتفرقوا قبل أن يأتيهم ابراهيم وذهبوا في الازقة والسكك وجاء قيس بن طهفة في قريب من مائة رجل من بني نهد من اصحاب المختار فحمل علي شبث بن ربعي وهو يقاتل يزيد بن انس فخلي لهم الطريق حتي اجتمعوا جميعا. ثم ان شبث ابن ربعي ترك لهم السكة واقبل حتي لقي ابن مطيع فقال ابعث إلي امراء الجبابين فمرهم فليأتوك فاجمع اليك جميع الناس ثم انهد إلي هؤلاء القوم فقاتلهم وابعث اليهم من تثق به فليكفك قتالهم


فان امر القوم قد قوي وقد خرج المختار وظهر واجتمع له امره. فلما بلغ ذلك المختار من مشورة شبث بن ربعي علي ابن مطيع خرج المختار في جماعة من أصحابه حتي نزل في ظهر ديرهند مما يلي بستان زائدة في السسبخة قال وخرج ابوعثمان النهدي فنادي في شاكروهم مجتمعون في دورهم يخافون ان يظهروا في الميدان لقرب كعب بن أبي كعب الخثعمي منهم وكان كعب في جبانة بشر فلما بلغه ان شاكر يخرج جاء يسير حتي نزل بالميدان وأخذ عليهم بافواه سككهم وطرقهم قال فلما أتاهم ابوعثمان النهدي في عصابة من اصحابه نادي يا لثأرات الحسين يا منصور امت يا ايها الحي المهتدون الا ان امير آل محمد ووزيرهم قد خرج فنزل ديرهند وبعثني اليكم داعيا ومبشرا فاخرجوا اليه رحمكم الله قال فخرجوا من الدور يتداعون يالثارات الحسين ثم ضاربوا كعب بن أبي كعب حتي خلي لهم الطريق فأقبلوا إلي المختار حتي نزلوا معه في عسكره وخرج عبدالله بن قراد الخثعمي في جماعة من خثعم نحو المائتين حتي لحق بالمختار فنزلوا معه في عسكره وقد كان عرض له كعب بن ابي كعب فصافه فلما عرفهم ورأي انهم قومه خلي عنهم ولم يقاتلهم. وخرجت شبام من آخر ليلتهم فاجتمعوا إلي جبانة مراد فلما بلغ ذلك عبدالرحمن ابن سعيد بن قيس بعث اليهم ان كنتم تريدون اللحاق بالمختار فلا تمروا علي جبانة السبيع فالحقوا بالمختار فتوافي إلي المختار ثلاثة آلاف وثمانمائة من اثني عشر الفا كانوا بايعوه فاستجمعوا له قبل انفجار الفجر فاصبح قد فرغ من تعبيته.


(قال ابومخنف) فحدثني الوالبي قال خرجت انا وحميد بن بن مسلم والنعمان بن ابي الجعد إلي المختار ليلة خرج فأتيناه في داره وخرجنا معه إلي معسكره قال فوالله ماانفجر الفجر حتي فرغ من تعبيته فلما اصبح استقدم فصلي بنا الغداة بغلس ثم قرأ والنازعات وعبس وتولي قال فما سمعنا اماما ام قوما افصح لهجة منه (قال أبومخنف) حدثني حصيرة بن عبدالله أن ابن مطيع بعث إلي اهل الجبابين فأمرهم ان ينضموا إلي المسجد وقال لراشد بن اياس بن مضارب ناد في الناس فليأتوا المسجد فنادي المنادي الا برئت الذمة من رجل لم يحضر المسجد الليلة فتوافي الناس في المسجد فلما اجتمعوا بعث ابن مطيع شبث بن ربعي في نحو من ثلاثة آلاف إلي المختار وبعث راشد بن اياس في أربعة آلاف من الشرط. (قال أبومخنف) فحدثني ابوالصلت التيمي عن ابي سعيد الصيقل قال لما صلي المختار الغداة ثم انصرف سمعنا اصواتا مرتفعة فيما بين بني سليم وسكة البريد فقال المختار من يعلم لنا علم هؤلاء ما هم فقلت له انا اصلحك الله فقال المختار امالا فألق سلاحك وانطلق حتي تدخل فيهم كانك نظار. ثم تأتيني بخبرهم قال ففعلت فلما دنوت منهم اذا مؤذنهم يقيم فجئت حتي دنوت منهم فاذا شبث بن ربعي معه خيل عظيمة وعلي خيله شيبان بن حريث الضبي وهو في الرجالة معه منهم كثرة فلما اقام مؤذنهم تقدم فصلي باصحابه فقرأ اذا زلزلت الارض زلزالها فقلت في نفسي اما والله اني لارجو ان يزلزل الله بكم وقرأ والعاديات ضبحا فقال


أناس من اصحابه لو كنت قرأت سورتين هما اطول من هاتين شيئا فقال شبث ترون الديلم. قد نزلت بساحتكم وانتم تقولون لو قرأت سورة البقرة وآل عمران قال وكانوا ثلاثة آلاف قال فأقبلت سريعا حتي أتيت المختار فأخبرته بخبر شبث واصحابه واتاه معي ساعة اتيته سعر بن ابي سعر الحنفي يركض من قبل مراد وكان ممن بايع المختار فلم يقدر علي الخروج معه ليلة خرج مخافة الحرس فلما اصبح أقبل علي فرسه فمر بجبانة مراد وفيها راشد بن اياس فقالوا كما أنت ومن أنت فراكضهم حتي جاء المختار فأخبره خبر راشد واخبرته انا خبر شبث قال فسرح ابراهيم بن الاشتر قبل راشد بن اياس في تسعمائة ويقال فارس وستمأة راجل وبعث نعيم بن هبيرة اخا مصقلة بن هبيرة في ثلثمائة فارس وستمأة راجل وقال لهما امضيا حتي تلقيا عدوكما فاذا لقيتماهم فانزلا في الرجال وعجلا الفراغ وابداهم بالاقدام ولا تستهدفا لهم فانهم أكثر منكم ولا ترجعا إلي حتي تظهرا او تقتلا فتوجه ابراهيم إلي راشد وقدم المختار يزيد بن انس في موضع مسجد شبث في تسعمائة امامه وتوجه نعيم بن هبيرة قبل شبث. (قال أبومخنف) قال أبوسعيد الصيقل كنت أنا فيمن توجه مع نعيم بن هبيرة إلي شبث ومعي سعر بن أبي سعر الحنفي فلما انتهينا اليه قاتلناه قتالا شديدا فجعل نعيم بن هبيرة سعر بن أبي سعر الحنفي علي الخيل و مشي هو في الرجال فقاتلهم حتي أشرقت الشمس وانبسطت فضربناهم حتي أدخلناهم البيوت ثم ان شبث بن ربعي ناداهم يا حماة السوء بئس فرسان الحقائق أنتم أمن عبيدكم تهربون قال فثابت اليه منهم جماعة فشد علينا


وقد تفرقنا فهزمنا وصبر نعيم بن هبيرة فقتل ونزل معه سعر فاسر وأسرت انا وخليد مولي حسان بن يخدج فقال شبث لخليد وكان وسيما جسيما من أنت فقال خليد مولي حسان بن يخدج الذهلي فقال له شبث يا ابن المتكاء تركت بيع الصحناة بالكناسة وكان جزاء من أعتقك أن تعدو عليه بسيفك تضرب رقابه اضربوا عنقه فقتل ورأي سعرا الحنفي فعرفه فقال أخو بني حنيفة فقال له نعم. فقال ويحك ما أردت إلي اتباع هذه السباية قبح الله رأيك دعوا اذا فقلت في نفسي قتل المولي وترك العربي ان علم والله اني مولي قتلني فما عرضت عليه قال من أنت فقلت من بني تيم الله قال اعرابي انت أو مولي فقلت لابل عربي انا من آل زياد بن خصفة فقال بخ بخ ذكرت الشريف المعروف الحق بأهلك. قال فأقبلت حتي انتهيت إلي الحمراء وكانت لي في قتال القوم بصيرة فجئت حتي انتهيت إلي المختار وقلت في نفسي والله لاتين اصحابي فلا واسينهم بنفسي فقبح الله العيش بعدهم قال فأتيتهم وقد سبقني اليهم سعر الحنفي وأقبلت اليه خيل شبث وجاء ه قتل نعيم بن هبيرة. فدخل من ذلك أصحاب المختار أمر كبير قال فدنوت من المختار فاخبرته بالذي كان من أمري فقال لي اسكت فليس هذا بمكان الحديث وجاء شبث حتي أحاط بالمختار وبيزيد بن انس وبعث ابن مطيع يزيد بن الحارث بن رؤيم في الفين من قبل سكة لحام جرير فوقفوا في أفواه تلك السكك وولي المختار يزيد بن انس خيله وخرج هو في الرجالة.


(قال ابومخنف) فحدثني الحارث بن كعب الوالبي والبة الازد قال حملت علينا خيل شبث بن ربعي حملتين فما يزول منا رجل من مكانه فقال يزيد بن انس لنا يا معشر الشيعة قد كنتم تقتلون وتقطع أيديكم وارجلكم وتسمل أعينكم وترفعون علي جذوع النخل في حب أهل بيت نبيكم. وانتم مقيمون في بيوتكم وطاعة عدوكم فما ظنكم بهؤلاء القوم ان ظهروا عليكم اليوم اذا والله لا يدعون منكم عينا تطرف وليقتلنكم صبرا ولترون منهم في اولادكم وأزواجكم وأموالكم ما الموت خير منه والله لا ينجيكم منه الا الصدق والصبر والطعن الصائب في أعينهم والضرب الدراك علي هامهم فتيسروا للشدة وتهياوا للحملة فاذا حركت رأيتي مرتين فاحملوا قال الحارث فتهيانا وتيسرنا وجثونا علي الركب و انتظرنا امره. (قال أبومخنف) وحدثني فضيل بن خديج الكندي ان ابراهيم بن الاشتركان حين توجه إلي راشد بن اياس مضي حتي لقيه في مراد فاذا معه أربعة آلاف فقال ابراهيم لاصحابه لا يهولنكم كثرة هؤلاء فوالله لرب رجل خير من عشرة ولرب فئة قليلة قد غلبت فئة كثيرة باذن الله والله مع الصابرين ثم قال يا خزيمة بن نصر سر اليهم في الخيل ونزل هو يمشي في الرجال ورايته مع مزاحم بن طفيل فأخذ ابراهيم يقول له ازدلف برايتك امض بها قدما قدما واقتتل الناس فاشتد قتالهم وبصر خزيمة بن نصر العبسي براشد بن اياس فحمل عليه فطعنه فقتله ثم نادي قتلت راشدا ورب الكعبة وانهزم أصحاب راشد.


وأقبل ابراهيم بن الاشتر وخزيمة بن نصر ومن كان معهم بعد قتل راشد نحو المختار وبعث النعمان بن أبي الجعد يبشر المختار بالفتح عليه وبقتل راشد فلما أن جاء هم البشير بذلك كبروا واشتدت أنفسهم ودخل أصحاب ابن مطيع الفشل وسرح ابن مطيع حسان بن فائد بن بكير العبسي في جيش كثيف نحو من ألفين فاعترض ابراهيم بن الاشتر فويق الحمراء ليرده عن من في السبخة من اصحاب ابن مطيع

فقدم ابراهيم خزيمة بن نصر إلي حسان بن فائد في الخيل ومشي ابراهيم نحوه في الرجال فقال والله ما اطعنا برمح ولا اضطربنا بسيف حتي انهزموا وتخلف حسان بن فائد في اخريات الناس يحميهم وحمل عليه خزيمة بن نصر فلما رآه عرفه فقال له يا حسان بن فائد اما والله لولا القرابة لعرفت اني سالتمس قتلك بجهدي ولكن النجاء فعثر بحسان فرسه فوقع فقال تعسا لك ابا عبدالله وابتدره الناس فاحاطوا به فضار بهم ساعة بسيفه فناداه خزيمة ابن نصر قال انك آمن يا ابا عبدالله لا تقتل نفسك وجاء حتي وقف عليه ونهنه الناس عند ومربه ابراهيم فقال له خزيمة هذا ابن عمي وقد آمنته فقال له ابراهيم احسنت فأمر خزيمة بطلب فرسه حتي اتي به فحمله عليه وقال الحق باهلك قال وأقبل ابراهيم نحو المختار وشبث محيط بالمختار ويزيد بن انس فلما رآه يزيد بن الحارث وهو علي افواه سكك الكوفة التي تلي السبخة وابراهيم مقبل نحو شبث اقبل نحوه ليصده عن شبث واصحابه فبعث ابراهيم طائفة من اصحابه مع خزيمة بن نصر فقال اغن


عنا يزيد بن الحارث وصمد هو في بقية اصحابه نحو شبث بن ربعي (قال أبومخنف) فحدثني الحارث بن كعب ان ابراهيم لما اقبل نحونا راينا شبثا واصحابه ينكصون ورائهم رويدا رويدا فلما دنا ابراهيم من شبث واصحابه حمل عليهم وامرنا يزيد بن انس بالحملة عليهم فحملنا عليهم فانكشفوا حتي انتهوا إلي ابيات الكوفة وحمل خزيمة بن نصر علي يزيد بن الحارث بن رؤيم فهزمه وازدحموا عليه افواه السكك وقد كان يزيد بن الحارث وضع رامية علي افواه السكك فوق البيوت واقبل المختار في جماعة الناس إلي يزيد بن الحارث فلما انتهي اصحاب المختار إلي افواه السكك رمته تلك الرامية بالنبل فصدوهم عن دخول الكوفة من ذلك الوجه ورجع الناس من السبخة منهزمين إلي ابن مطيع وجاء ه قتل راشد بن اياس فأسقط في يده (قال أبومخنف) فحدثني يحيي بن هاني قال قال عمرو بن الحجاج الزبيدي لابن مطيع ايها الرجل لا يسقط في خلدك ولا تاق بيدك اخرج إلي الناس فاندبهم إلي عدوك فاغزهم فان الناس كثير عددهم وركلهم معك الا هذه الطاغية التي خرجت علي الناس والله مخزيها ومهلكها وانا اول منتدب معي طائفة ومع غيري طائفة قال فخرج ابن مطيع فقام في الناس فحمدالله واثني عليه ثم قال ايها الناس ان من اعجب العجب عجزكم عن عصبة منكم قليل عددها خبيث دينها ضالة مضلة اخرجوا اليهم فامنعوا منهم حريمكم وقاتلوهم عن مصركم وامنعوا منهم فيئكم والا والله ليشاركنكم في فيئكم من لاحق له فيه والله لقد بلغني ان فيهم خمسمائة رجل من محرريكم


عليهم امير منهم وانما ذهاب عزكم وسلطانكم وتغير دينكم حين يكثرون ثم نزل قال ومنعهم يزيد بن الحارث ان يدخلوا الكوفة قال ومضي المختار من السبخة حتي ظهر علي الجبانة ثم ارتفع إلي البيوت بيوت مزينة واحمس وبارق فنزل عند مسجدهم وبيوتهم وبيوتهم شاذة منفردة من بيوت اهل الكوفة فاستقبلوه بالماء فسقي اصحابه وابي المختار ان يشرب قال فظن اصحابه انه صائم وقال احمر بن هديج من همدان لابن كامل اتري الامير صائما فقال له نعم هو صائم فقال له فل انه كان في هذا اليوم مفطر اكان اقوي له فقال له انه معصوم وهو اعلم بما يصنع فقال له صدقت استغفر الله وقال المختار نعم مكان المقاتل هذا فقال له ابراهيم بن الاشتر قد هز مهم الله وفلهم وادخل الرعب قلوبهم وتنزل ههنا سربنا فوالله ما دون القصر احد يمنع ولا يمتنع كبير امتناع فقال المختار ليقم ههنا كل شيخ ضعيف وذي علة وضعوا ما كان لكم من ثقل ومتاع بهذا الموضع حتي تسيروا إلي عدونا ففعلوا فاستخلف المختار عليهم ابا عثمان النهدي وقدم ابراهيم بن الاشتر امامه وعبي اصحابه علي الحال التي كانوا عليها في السبخة قال وبعث عبدالله بن

مطيع عمرو بن الحجاج في الفي رجل فخرج عليهم من سكة الثوربين فبعث المختار إلي ابراهيم ان اطوه ولا تقم عليه فطواه ابراهيم ودعا المختار يزيد بن انس فامره ان يصمد لعمرو بن الحجاج فمضي نحوه وذهب المختار في اثر ابراهيم فمضوا جميعا حتي اذا انتهي المختار إلي موضع مصلي خالد بن عبدالله وقف وامر ابراهيم ان يمضي علي وجهه حتي يدخل الكوفة من قبل الكناسة فمضي فخرج


اليه من سكة ابن محرز واقبل شمر بن ذي الجوشن في الفين فسرح المختار اليه سعيد بن منقذ الهمداني فواقعه وبعث إلي ابراهيم ان اطوه وامض علي وجهك فمضي حتي انتهي إلي سكة شبث واذا نوفل بن مساحق ابن عبدالله بن مخرمة في نحو من الفين او قال خمسة آلاف وهو الصحيح وقد امر ابن مطيع سويد بن عبدالرحمن فنادي في الناس ان ان الحقوا بابن مساحق قال و استخلف شبث بن ربعي علي القصر وخرج ابن مطيع حتي وقف بالكناسة. (قال ابومخنف حدثني حصيرة بن عبدالله قال اني لانظر إلي ابن الاشتر حين أقبل في اصحابه حتي اذا دنا منهم قال لهم انزلوا فنزلوا فقال قربوا خيولكم بعضها إلي بعض ثم امشوا اليهم مصلتين بالسيوف ولا يهولنكم أن يقال جاء كم شبث بن ربعي وآل عتيبة بن النهاس وآل الاشعث وآل فلان وآل يزيد بن الحارث قال فسمي بيوتات من بيوتات أهل الكوفة ثم قال ان هؤلاء لو قد وجدوا لهم حر السيوف قد انصفقوا عن ابن مطيع انصفاق المعزي عن الذئب. قال حسصيرة فاني لانظر اليه والي اصحابه حين قربوا خيولهم وحين أخذ ابن الاشتر أسفل فبائه فرفعه فأدخله في منطقة له حمراء من حواشي البرود وقد شد بها علي القباء وقد كفر بالقباء علي الدرع ثم قال لاصحابه شدوا عليهم فدي لكم عمي وخالي قال فوالله ما لبثهم أن هزمهم فركب بعضهم بعضا علي فم السكة وازدحموا وانتهي ابن الاشتر إلي ابن مساحق فأخذ بلجام دابته ورفع السيف عليه فقال له ابن مساحق


يا ابن الاشتر أنشدك الله أتطلبني بثأر هل بيني وبينك من احنة فخلي ابن الاشتر سبيله وقال له اذكرها فكان بعد ذلك ابن مساحق يذكرها لابن الاشتر وأقبلوا يسيرون حتي دخلوا الكناسة ثم أثار القوم حتي دخلوا السوق والمسجد وحصروا ابن مطيع ثلاثا. (قال ابومخنف) وحدثني النضر بن صالح أن ابن مطيع مكث ثلاثا يرزق اصحابه في القصر حيث حصر الدقيق ومعه أشراف الناس الا ما كان من عمرو بن حريث فانه أتي داره ولم يلزم نفسه الحصار ثم خرج حتي نزل الروجاء المختار حتي نزل جانب السوق وولي حصار القصر ابراهيم بن الاشتر ويزيد بن أنس وأحمر بن شميط فكان ابن الاشتر مما يلي المسجد وباب القصر ويزيد بن أنس مما يلي بني حذيفة وسكة دار الروميين وأحمر بن شميط مما يلي دار عمارة ودار ابي موسي فلما اشتد الحصار علي ابن مطيع وأصحابه كلمه الاشراف فقام اليه شبث فقال اصلح الله الامير انظر لنفسك ولمن معك فوالله ما عندهم غناء عنك ولا عن انفسهم قال أبن مطيع هاتوا أشيروا علي برأيكم قال شبث الرأي أن تأخذ لنفسك من هذا الرجل امانا ولنا وتخرج ولا تهلك نفسك ومن معك قال ابن مطيع والله اني لاكره ان آخذ منه امانا والامور مستقيمة لامير المؤمنين بالحجاز كله وبأرض البصرة قال فتخرج لا يشعر بك احد حتي تنزل منزلا بالكوفة عند من تستنصحه وتثق به ولا يعلم بمكانك حتي تخرج فتلحق بصاحبك. فقال لاسماء بن خارجة وعبدالرحمن بن مخنف وعبدالرحمن بن سعيد

بن قيس وأشراف أهل الكوفة ما ترون في هذا الرأي الذي أشار به علي


شبث فقالوا مانري الرأي الا ما اشار به عليك قال فرويدا حتي امسي. (قال ابومخنف) فحدثني ابوالمغلس الليثي ان عبدالله بن عبدالله الليثي اشرف علي اصحاب المختار من القصر من العشي يشتمهم وينتحي له مالك بن عمرو ابونمر النهدي بسهم فيمر بحلقه فقطع جلدة من حلقه فمال فوقع قال ثم انه قام وبرأ بعدوقال النهدي حين اصابه خذها من مالك من فاعل كذا. (قال ابومخنف) وحدثني النضر بن صالح عن حسان بن فائد بن بكير قال لما امسينا في القصر في اليوم الثالث دعانا ابن مطيع فذكر الله بما هو اهله وصلي علي نبيه صلي الله عليه وسلم وقال اما بعد فقد علمت الذين صنعوا هذا منكم من هو وقد علمت انما هم اراذلكم وسفهاؤكم وطغامكم واخساؤكم ما عد الرجل او الرجلين وان اشرافكم واهل الفضل منكم لم يزالوا سامعين مطيعين مناصحين وانا مبلغ ذلك صاحبي ومعلمه طاعتكم وجهادكم عدوه حتي كان الله الغالب علي امره وقد كان من رايكم وما أشرتم به علي ما قد علمتم وقد رأيت ان اخرج الساعة فقال له شبث جزاك الله من امير خيرا فقد والله عففت عن اموالنا واكرمت اشرافنا ونصحت لصاحبك وقضيت الذي عليك والله ما كنا لنفارقك ابدا الا ونحن منك في اذن فقال جزاكم الله خيرا اخذ امرؤ حيث احب ثم خرخ من نحو دروب الروميين حتي اتي دارابي موسي وخلي القصر وفتح اصحابه الباب فقالوا يا ابن الاشتر آمنون نحن قال انتم آمنون فخرجوا فبايعوا المختار. (قال ابومخنف) فحدثني موسي ابن عامر العدوي من عدي


جهينة وهو ابوالاشعر ان المختار جاء حتي دخل القصر فبات به و اصبح اشراف الناس في المسجد وعلي باب القصر وخرج المختار فصعد المنبر فحمدالله واثني عليه فقال الحمد لله الذي وعد وليه النصر وعدوه الخسر وجعله فيه إلي آخر الدهر وعدا مفعولا وقضاء مقضيا. وقد خاب من افتري أيها الناس انه رفعت لنا راية ومدت لنا غاية فقيل لنا في الراية أن ارفعوها ولا تضعوها وفي الغاية أن أجروا اليها ولا تعدوها فسمعنا دعوة الداعي ومقالة الواعي فكم من ناع وناعية لقتلي في الواعية وبعد المن طغي وأدبرو عصي وكذب وتولي الا فادخلوا أيها الناس فبايعوا بيعة هدي فلا والذي جعل السماء سقفا مكفوفا والارض فجاجا سبلا

ما بايعتم بعد بيعة علي بن ابي طالب وآل علي اهدي منها. ثم نزل فدخل ودخلنا عليه واشراف الناس فبسط يده وابتدره الناس فبايعوه وجعل يقول تبايعوني علي كتاب الله وسنة نبيه والطلب بدماء أهل البيت وجهاد المحلين والدفع عن الضعفاء وقتال من قاتلنا وسلم من سالمنا والوفاء بيعتنا لا نقيلكم ولا نستقيلكم فاذا قال الرجل نعم بايعه. قال فكأني والله أنظر إلي المنذر بن حسان بن ضرار الضبي اذ أتاه حتي سلم عليه بالامرة ثم بايعه وانصرف عنه فلما خرج من القصر استقبل سعيد بن منقذ الثوري في عصابة من الشيعة واقفا عند المصطبة فلما رأوه ومعه ابنه حيان بن المنذر قال رجل من سفهائهم هذا والله من رؤوس الجبارين فشدوا عليه وعلي ابنه فقتلوهما فصاح بهم سعيد بن منقذ لا تعجلو الا تعجلوا حتي ننظر ما رأي أميركم فيه قال وبلغ المختار ذلك فكرهه


حتي رؤي ذلك في وجهه وأقبل المختار يمن الناس ويستجر مودتهم ومودة الاشراف ويحسن السيرة جهده. قال وجاء ه ابن كامل فقال للمختار أعلمت أن ابن مطيع في دار أبي موسي فلم يجبه بشئ فأعادها عليه ثلاث مرات فلم يجبه ثم اعادها فلم يجبه فظن ابن كامل أن ذلك لا يوافقه وكان ابن مطيع قبل للمختار صديقا فلما أمسي بعث إلي ابن مطيع بمائة الف درهم. فقال له تجهز بهذه واخرج فاني قد شعرت بمكانك وقد ظننت أنه لم يمنعك من الخروج الا انه ليس في يديك ما يقويك علي الخروج وأصاب المختار تسعة آلاف ألف في بيت مال الكوفة فأعطي أصحابه الذين قاتل بهم حين حصر ابن مطيع في القصر وهم ثلاثة آلاف وثمانمأة رجل كل رجل خمسمائة درهم خمسمائة درهم وأعطي ستة آلاف من اصحابه أتوه بعد ما أحاط بالقصر فأقاموا معه تلك الليلة وتلك الثلاثة الايام حتي دخل القصر مائتين مائتين واستقبل الناس بخير ومناهم العدل وحسن السيرة وأدني الاشراف فكانوا جلساء ه وحداثه واستعمل علي شرطته عبدالله بن كامل الشاكري وعلي حرسه كيسان أبا عمرة مولي عرينة فقام ذات يوم علي رأسه فرأي الاشراف يحدثونه ورآه قد أقبل بوجهه وحديثه عليهم. فقال لابي عمرة بعض اصحابه من الموالي أما تري أبا اسحاق قد أقبل علي العرب ما ينظر الينا فدعاه المختار فقال له ما يقول لك أولئك الذين رأيتهم يكلمونك فقال له وأسر اليه شق عليهم أصلحك الله صرفك وجهك عنهم إلي العرب فقال له قل لهم لا يشقن ذلك عليكم فأنتم مني وأنامنكم


ثم سكت طويلا ثم قرأ (انا من المجرمين منتقمون) قال فحدثني أبوالاشعر موسي بن عامر قال ما هو الا أن سمعها الموالي منه فقال بعضهم لبعض أبشروا كانكم والله به قد قتلهم. (قال أبومخنف) حفثني حصيرة بن عبدالله الازدي وفضل بن خديج الكندي والنضر بن صالح العبسي قالوا أول رجل عقد له المختار راية عبدالله ابن الحارث أخو الاشتر عقد له علي أرمينية وبعث محمد بن عمير بن عطارد علي آذريجان وبعث عبدالرحمن بن سعيد بن قيس علي الموصل وبعث اسحاق بن مسعود علي المدائن وأرض جوخي وبعث قدامة بن أبي عيسي بن ربيعة النصري وهو حليف لثقيف علي بهقباذ الاعلي وبعث محمد بن كعب بن قرظة علي بهقباذ الاوسط وبعث حبيب بن منقذ الثوري علي بهقباذ الاسفل وبعث سعد بن حذيفة بن اليمان علي حلوان وكان مع سعد بن حذيفة ألفا فارس بحلوان.

قال ورزقه ألف درهم في كل شهر وأمره بقتال الاكراد وباقامة الطرق وكتب إلي عماله علي الجبال يأمرهم أن يحملوا أموال كورهم إلي سعد بن ابي حذيفة بحلوان وكان عبدالله بن الزبير قد بعث محمد بن الاشعث بن قيس علي الموصل وأمره بمكاتبة ابن مطيع وبالسمع له والطاعة غير أن ابن مطيع لا يقدر علي عزله الا بأمر ابن الزبير وكان قبل ذلك في امارة عبدالله بن يزيد وابراهيم ابن محمد منقطعا بامارة الموصل لا يكاتب أحدادون ابن الزبير. فلما قدم عليه عبدالرحمن بن سعيد بن قيس من قبل المختار أميرا تنحي له عن الموصل وأقبل حتي نزل تكريت وأقام بها مع أناس


من أشراف قومه وغيرهم وهو معتزل ينظر ما يصنع الناس والي ما يصير أمرهم ثم شخص إلي المختار فبايع له ودخل فيما دخل فيه أهل بلده. (قال أبومخنف) وحدثني صلة بن زهير النهدي عن مسلم بن عبدالله الضبابي قال لما ظهر المختار واستمكن ونفي ابن مطيع وبعث عماله اقبل يجلس للناس غدوة وعشية فيقضي بين الخصمين ثم قال والله ان لي فيما از اول واحاول لشغلا عن القضاء بين الناس قال فاجلس للناس شريحا وقضي بين الناس ثم انه خافهم فتمارض وكانوا يقولون انه عثماني وانه ممن شهد علي حجر بن عدي وانه لم يبلغ عن هاني بن عروة ما ارسله به وقد كان علي بن ابي طالب عزله عن القضاء فلما ان سمع بذلك ورآهم يذمونه ويسندون اليه مثل هذا القول تمارض وجعل المختار مكانه عبدالله بن عتبة بن مسعود ثم ان عبدالله مرض فجعل مكانه عبدالله ابن مالك الطائي قاضيا قال مسلم بن عبدالله وكان عبدالله بن همام سمع ابا عمرة يذكر الشيعة وينال من عثمان بن عفان فقنعه بالسوط فلما ظهر المختار كان معتزلا حتي استامن له عبدالله بن شداد فجاء إلي المختار ذات يوم فقال



الا انتسات بالودعنك وادبرت

معالنة بالهجر ام سريع



وحملها واش سعي غير مؤتل

فأبت بهم في الفواد جميع



فخفض عليك الشأن لا يردك الهوي

فليس انتقال خلة ببديع



وفي ليلة المختار ما يذهل الفتي

ويلهيه عن رؤد الشباب شموع



دعايا لثأرات الحسين فأقبلت

كتائب من همدان بعد هزيع



ومن مذ حج جاء الرئيس بن مالك

يقود جموعا عبيت بجموع






ومن أسد وافي يزيد لنصره

بكل فتي حامي الذمار منيع



وجاء نعيم خير شيبان كلها

بأمر لدي الهيجا احد جميع



وما ابن شميط اذ يحرض قومه

هناك بمخذول ولا بمضيع



ولا قيس نهد لا ولا ابن هوازن

وكل اخو اخباته وخشوع



وسار ابوالنعمان لله سعيه

إلي ابن اياس مصحرا لوقوع



بخيل عليها يوم هيجا دروعها

واخري حسورا غير ذات دروع



فكر الخيول كرة ثقفتهم

وشد باولاها علي ابن مطيع



فولي بضرب يشدخ الهام وقعه

وطعن غداة السكتين وجيع



فحوصر في دار الامارة بائيا

بذل وارغا له وخصوع



فمن وزير ابن الوصي عليهم

وكان لهم في الناس خير شفيع



وآب الهدي حقا إلي مستقره

بخير اياب آبه ورجوع



إلي الهاشمي المهتدي المهتدي به

فنحن له من سامع ومطيع



قال فلما أنشدها للمختار قال المختار لاصحابه قد أثني عليكم كما تسمعون وقد أحسن الثناء عليكم فأحسنوا له الجزاء ثم قام المختار فدخل وقال لاصحابه لا تبرحوا حتي اخرج اليكم قال وقال عبدالله بن شداد الجشمي يا ابن همام ان لك عندي فرسا ومطرفا وقال قيس بن طهفة النهدي وكانت عنده الرباب بنت الاشعث فان لك عندي فرسا ومطرفا واستحيا ان يعطيه صاحبه شيئا لا يعطي مثله فقال ليزيد بن انس فما تعطيه فقال يزيد ان كان ثواب الله اراد بقوله فما عند الله خير له وان كان انما اعتري بهذا القول أموالنا فوالله ما في أموالنا ما يسعه قد كانت بقيت من عطائي بقية فقويت بها اخواني.


فقال احمر بن شميط مبادرا لهم قبل ان يكلموه يا ابن همام ان كنت اردت بهذا القول وجه الله فاطلب ثوابك من الله وان كنت انما اعتريت به رضي الناس وطلب اموالهم فاكدم الجندل فوالله من قال قولا لغير الله وفي غير ذات الله بأهل ان ينحل ولا يوصل. فقال له عضضت بأيرابيك فرفع يزيد بن انس السوط وقال لابن شميط تقول هذا القول يا فاسق وقال لابن شميط اضربه بالسيف فرفع ابن شميط عليه السيف ووثب ووثب أصحابهما يتفلتون علي بن همام وأخذ بيده ابراهيم بن الاشتر فألقاه وراء ه وقال أثاله جار لم تأتون اليه ما أري فوالله انه لو اصل الولاية راض بما نحن عليه حسن الثناء فان أنتم لم تكافئوه بحسن ثنائه فلا تشتموا عرضه ولا تسفكوا دمه ووثبت مذحج فحالت دونه وقالوا أجاره ابن الاشتر لا والله لا يوصل اليه. قال وسمع لغطهم المختار فخرج اليهم وأومأ بيده اليهم ان اجلسوا فجلسوا فقال لهم اذا قيل لكم خير فاقبلوه وان قدرتم علي مكافأة فافعلوا وان لم تقدروا علي مكافاة فتنصلوا واتقوا لسان الشاعر فان شره حاضر وقوله فاجر وسعيه بائر وهو بكم غدا غادر فقالوا أفلا تقتله قال لا اناقد آمناه وأجرناه وقد أجاره أخوكم ابراهيم بن الاشتر فجلس مع الناس قال ان ابراهيم قام فانصرف إلي منزله فأعطاه ألفا وفرسا ومطرفا فرجع بها وقال لا والله لا جاورت هؤلاء أبدا وأقبلت هوازن وغضبت و اجتمعت في المسجد غضبا لابن همام فبعث اليهم المختار فسألهم أن يصفحوا عما اجتمعوا له ففعلوا وقال ابن همام لابن الاشتر يمدحه



اطفأ عن نار كلبين ألبا

علي الكلاب ذوالفعال ابن مالك



قل حين يلقي الخيل يفرق بينها

يطعن دراك أو بضرب مواشك






وقد غضبت لي من هوازن عصبة

طوال الذري فيها عراض المبارك



اذا ابن شميط او يزيد تعرضا

لها وقعا في مستحار المهالك



وثبتم علينا يا موالي طبئ

مع ابن شميط شر ماش وراتك



واعظم ديار علي الله فرية

وما مفتر طاغ كآخر ناسك



فيا عجبا من أحمس ابنة أحمس

توثب حولي بالقنا والنيازك



كأنكم في العز قيس وخثعم

وهل أنتم الا لئام عوارك



وأقبل عبدالله بن شداد من الغد فجلس في المسجد يقول علينا توثب بنو أسد واحمس والله لا نرضي بهذا ابدا فبلغ ذلك المختار فبعث اليه فدعاه ودعا بيزيد بن أنس وبابن شميط فحمدالله واثني عليه وقال يا ابن شداد ان الذي فعلت نزعة من نزعات الشيطان فتب إلي الله قال قد تبت وقال ان هذين أخواك فأقبل اليهما واقبل منهما وهب لي هذا الامر قال فهو لك وكان ابن همام قد قال قصيدة اخري في أمر المختار فقال



اصحت سليمي بعد طول عتاب

وتجرم ونفاد غرب شباب



قد أزمعت بصريمتي وتجنبي

وتهوك من ذاك في اعتاب



لما رأيت القصر اغلق بابه

وتوكلت همدان بالاسباب



ورأيت اصحاب الدقيق كانهم

حول البيوت ثغالب الاسراب



ورايت ابواب الازقة حولنا

دربت بكل هراوة ودباب



ايقنت ان خيول شيعة راشد

لم يبق منها فيش ابر ذباب



ذكر هشام بن محمد عن عوانة بن الحكم أن مروان بن الحكم لما استوثقت له الشام بالطاعة بعث جيشين احدهما إلي الحجاز عليه حبيش بن دلجة القيني وقد ذكرنا أمره وخبر مهلكه قبل والآخر منهما


إلي العراق عليهم عبيدالله بن زياد وقد ذكرنا ما كان من أمره وأمر التوابين من الشيعة بعين الوردة وكان مروان جعل لعبيدالله بن زياد اذ وجهه إلي العراق ما غلب عليه وأمره أن ينهب الكوفة اذا هو ظفر باهلها ثلاثا قال عوانة فمر بأرض الجزيرة فاحتبس بها وبها قيس عيلان علي طاعة ابن الزبير وقد كان مروان أصاب قيسا يوم مرج راهط وهم مع الضحاك بن قيس مخالفين علي مروان وعلي ابنه عبدالملك من بعده فلم يزل عبيد الله مشتغلا بهم عن العراق نحوا من سنة.

ثم انه اقبل إلي الموصل فكتب عبدالرحمن بن سعيد بن قيس عامل المختار علي الموصل إلي المختار أما بعد فاني أخبرك أيها الامير أن عبيد الله بن زياد قد دخل أرض الموصل وقد وجه قبلي خيله ورجاله واني انحزت إلي تكريت حتي يأتيني رأيك وأمرك والسلام عليك. فكتب اليه المختار أما بعد فقد بلغني كتابك وفهمت كل ما ذكرت فيه فقد أصبت بانحيازك إلي تكريت فلا تبرحن مكانك الذي أنت به حتي يأتيك أمري ان شاء الله والسلام عليك. (قال هشام) عن أبي مخنف حدثني موسي بن عامر أن كتاب عبدالرحمن بن سعيد لما ورد علي المختار بعث إلي يزيد بن أنس فدعاه فقال له يا يزيد بن أنس ان العالم ليس كالجاهل وان الحق ليس كالباطل واني أخبرك خبر من لم يكذب ولم يكذب ولم يخالف ولم يرتب وانا المؤمنون الميامين الغالبون المساليم وانك صاحب الخيل التي تجر جعابها وتضفر اذنابها حتي توردها منابت الزيتون غائرة عيونها


لاحقة بطونها اخرج إلي الموصل حتي تنزل أدانيها فاني ممدك بالرجال بعد الرجال. فقال له يزيد بن انس سرح معي ثلاثة آلاف فارس أنتخبهم و خلني والفرج الذي توجهنا اليه فان احتجت إلي الرجال فسأكتب اليك قال له المختار فاخرج فانتخب علي اسم الله من أحببت فخرج فانتخب ثلاثة آلاف فارس فجعل علي ربع المدينة النعمان بن عوف بن ابي جابر الازدي وعلي ربع تميم وهمدان عاصم بن قيس بن حبيب الهمداني وعلي مذحج واسد ورقاء بن عازب الاسدي وعلي ربع ربيعة وكندة سعر بن ابي سمر الحنفي. ثم انه فصل من الكوفة فخرج وخرج معه المختار والناس يشيعونه فلما بلغ ديرابي موسي ودعه المختار وانصرف ثم قال له اذا لقيت عدوك فلا تناظرهم واذا امكنتك الفرصة فلا تؤخرها وليكن خبرك في كل يوم عندي وان احتجت إلي مدد فاكتب إلي مع اني ممدك ولو لم تستمدد فانه أشد لعضدك وأعز لجندك وأرعب لعدوك فقال له يزيد بن انس لا تمدني الا بدعائك فكفي به مددا. وقال له الناس صحبك الله وأداك وايدك وودعوه فقال لهم يزيد سلوا الله لي الشهادة وايم الله لئن لقيتهم ففاتني النصر لا تفتني الشهادة ان شاء الله فكتب المختار إلي عبدالرحمن بن سعيد بن قيس أما بعد فخل بين يزيد وبين البلاد ان شاء الله والسلام عليك فخرج يزيد بن انس بالناس حتي بات بسورا ثم عذابهم سائرا حتي بات بالمدائن فشكا الناس اليه ما دخلهم من شدة السير عليهم فأقام بها يوما وليلة


ثم انه اعترص بهم أرض جوخي حتي خرج بهم في الراذنات حتي قطح بهم إلي أرض الموصل. فنزل ببنات تلي وبلغ مكانه ومنزله الذي نزل به عبيدالله بن زياد فسأل عن عدتهم فأخبرته عيونه أنه خرج معه من الكوفة ثلاثة آلاف فارس

فقال عبيدالله فأنا أبعث إلي كل الف ألفين ودعا ربيعة بن المخارق الغنوي وعبدالله بن حملة الخثعمي فبعثهما في ثلاثة آلاف ثلاثة آلاف وبعث ربيعة بن المخارق اولا ثم مكث يوما ثم بعث خلفة عبدالله بن حملة ثم كتب اليهما أيكما سبق فهو امير علي صاحبه وان انتهيتما جميعا فأكبر كما سنا أمير علي صاحبه والجماعة قال فسبق ربيعة بن المخارق فنزل بيزيد ابن انس و هو ببنات تلي فخرج اليه يزيد بن انس وهو مريض مضني. (قال أبومخنف) فحدثني ابوالصلت عن ابي سعيد الصيقل قال خرج علينا يزيد بن أنس وهو مريض علي حمار يمشي معه الرجال يمسكونه عن يمينه وعن شماله بفخذيه وعضديه وجنبيه فجعل يقف علي الارباع ربع ربع ويقول يا شرطة الله اصبروا تؤجروا وصابروا عدوكم تظفروا وقاتلوا اولياء الشيطان ان كيد الشيطان كان ضعيفا ان هلكت فأميركم ورقاء بن عازب الاسدي فان هلك فاميركم عبدالله بن ضمرة العذري فان هلك فاميركم سعر بن ابي سعر الحنفي. قال وانا والله فيمن يمشي معه ويمسك بعضده ويده واني لاعرف في وجهه ان الموت قد نزل به قال فجعل يزيد بن انس عبدالله ابن ضمرة العذري علي ميمنته وسعر بن ابي سعر علي ميسرته وجعل ورقاء بن عازب الاسدي علي الخيل ونزل هو فوضع بين الرجال علي السرير


ثم قال لهم ابرزوا لهم بالعراء وقد موني في الرجال. ثم ان شئتم فقاتلوا عن اميركم وان شئتم ففروا عنه قال فأخرجناه في ذي الحجة يوم عرفة سنة 66 فأخذنا نمسك احيانا بظهره فيقول اصنعوا كذا اصنعوا كذا وافعلوا كذا فيأمر بامره ثم لا يكون باسرع من ان يغلبه الوجع فيوضع هنيهة ويقتتل الناس وذلك عند شفق الصبح قبل شروق الشمس قال فحملت ميسرتهم علي ميمنتنا فاشتد قتالهم وتحمل ميسرتنا علي ميمنتهم فتهزمها ويحمل ورقاء بن عازب الاسدي في الخيل فهزمهم فلم يرتفع الضحي حتي هزمناهم وحوينا عسكرهم. (قال ابومخنف) وحدثني موسي بن عامر العدوي قال انتهينا إلي ربيعة بن المخارق صاحبهم وقد انهزم عنه اصحابه وهو نازل ينادي يا اولياء الحق ويا اهل السمع والطاعة إلي انا ابن المخارق قال موسي فأما أنا فكنت غلاما حدثا فهبته ووقفت ويحمل عليه عبدالله بن ورقاء الاسدي وعبدالله بن ضمرة العذري فقتلاه. (قال أبومخنف) وحدثني عمرو بن مالك أبوكبشة القيني قال كنت غلاما حين راهقت مع احد عمومتي في ذلك العسكر فلما نزلناه بعسكر الكوفيين عبانا ربيعة بن المخارق فأحسن التعبية وجعل علي ميمنته ابن أخيه وعلي ميسرته عبدربه السلمي وخرج هو في الخيل والرجال و قال يا أهل الشام انكم انما تقاتلون العبيد الاباق وقوما قد تركوا الاسلام وخرجوا منه ليست لهم تقية ولا ينطقون بالعربية قال فوالله ان كنت لاحسب أن ذلك كذلك حتي قاتلناهم قال فوالله ماهو الا أن اقتتل الناس اذا رجل من أهل العراق يعترض الناس بسيفه وهو يقول




برئت من دين المحكمينا

وذاك فينا شر دين دينا



ثم ان قتالنا وقتالهم اشتد ساعة من التهار ثم انهم هزمونا حين ارتفع الضحي فقتلوا صاحبنا وحووا عسكرنا فخرجنا منهزمين حتي تلقانا عبدالله بن حملة علي مسيرة ساعة من تلك القرية التي يقال لها ببنات تلي فردنا فأقبلنا معه حتي نزل بيزيد ابن أنس فبتنا متحارسين حتي أصبحنا فصلينا الغداة ثم خرجنا علي تعبية حسنة فجعل علي ميمنته الزبير بن حريمة من خثعم وعلي ميسرته ابن أقيصر القحا في من خثعم وتقدم في الخيل و الرجال وذلك يوم الاضحي فاقتتلنا قتالا شديدا ثم انهم هزمونا هزيمة قبيحة وقتلونا قتلا ذريعا وحووا عسكرنا وأقبلنا حتي انتهينا إلي عبيدالله بن زياد فحدثناه بما لقينا. (قال أبومخنف) وحدثني موسي بن عامر قال اقبل الينا عبدالله بن حملة الخثعمي فاستقبل فل ربيعة بن المخارق الغنوي فردهم ثم جاء حتي نزل ببنات تلي فلما اصبح غادوا وغادينا فتطارت الخيلان من أول النهار ثم انصرفوا وانصرفنا حتي اذا صلينا الظهر خرجنا فاقتتلنا ثم هزمنا هم قال ونزل عبدالله بن حملة فأخذ ينادي اصحابه الكرة بعد الفرة يا أهل السمع والطاعة فحمل عليه عبدالله بن قراد الخثعمي فقتله وحوينا عسكرهم وما فيه وأتي يزيد بن انس بثلثمائة اسير وهو في السوق فأخذ يومي بيده ان اضربوا أعناقهم فقتلوا من عند آخرهم وقال يزيد ابن انس ان هلكت فاميركم ورقاء بن عازب الاسدي فماامسي حتي مات فصلي عليه ورقاء بن عازب ودفنه فلما رأي ذلك أصحابه اسقط في ايديهم وكسر موته قلوب اصحاب وأخذوا في دفنه


فقال لهم ورقاء يا قوم ماذا ترون انه قد بلغني أن عبيدالله بن زياد قد أقبل الينا في ثمانين الفا من أهل الشام فاخذوا يتسللون ويرجعون ثم ان ورقاء دعا رؤوس الارباع وفرسان اصحابه فقال لهم يا هؤلاء ماذا ترون فيما أخبرتكم انما أنا رجل منكم ولست بأفضلكم رأيا فاشيروا علي فان ابن زياد قد جاء كم في جند أهل الشام الاعظم وبجلتهم وفرسانهم و اشرافهم ولا اري لناولكم بهم طاقة علي هذه الحال.

وقد هلك يزيد بن انس أميرنا وتفرقت عنا طائفة منا فلو انصرفنا اليوم من تلقاء أنفسنا قبل ان تلقاهم وقبل أن نبلغهم فيعلموا انا انما ردنا عنهم هلاك صاحبنا فلا يزالوا لنا هائبين لقتلنا منهم اميرهم ولانا انما نعتل لانصرافنا يموت صاحبنا وانا ان لقيناهم اليوم كنا مخاطرين فان هزمنا اليوم لم تنفعنا هزيمتنا اياهم من قبل اليوم قالوا فانك نعما رأيت انصرف رحمك الله فانصرف فبلغ منصرفهم ذلك المختار اهل الكوفة فاوجف الناس ولم يعلموا كيف كان الامر ان يزيد بن انس هلك وان الناس هزموا فبعث إلي المختار عامله علي المدائن عينا له من انباط السواد فأخبره الخبر فدعا المختار ابراهيم بن الاشتر فعقد له علي سبعة آلاف رجل ثم قال له سر حتي اذا انت لقيت جيش ابن انس فارددهم معك ثم سرحتي تلقي عدوك فتناجزهم فخرج ابراهيم فوضع عسكره بحمام أعين. (قال ابومخنف) فحدثني ابوزهير النضر بن صالح قال لما مات يزيد بن أنس التقي اشرافالناس بالكوفة فارجفوا بالمختار وقالوا قتل يزيد بن انس ولم يصدقوا انه مات اخذوا يقولون والله لقد تامر علينا هذا


الرجل بغير رضي منا ولقد أدني موالينا فحملهم علي الدواب واعطاهم واطعمهم فيئنا ولقد عصتنا عبيدنا فحرب بذلك ايتامنا واراملنا فاتعدوا منزل شبث بن ربعي وقالوا نجتمع في منزل شيخنا وكان شبث جاهليا اسلاميا فاجتمعوا فاتوا منزلي فصلي بأصحابه ثم تذاكروا هذا النحو من الحديث قال ولم يكن فيما احدث المختار عليهم شئ هو اعظم من ان جعل للموالي من الفئ نصيبا فقال لهم شبث دعوني حتي القاه فذهب فلقيه فلم يدع شيئا مما انكره اصحابه الا وقد ذاكره اياه فأخذ لا يذكر خصلة الا قال له المختار أرضيهم في هذه الخصلة وآتي كل شئ احبوا قال فذكر المماليك قال فأنا ارد عليهم عبيدهم فذكر له الموالي فقال عمدت إلي موالينا وهم في افاء ه الله علينا وهذه البلاد جميعا فاعتقنا رقابهم نأمل الاجر في ذلك والثواب والشكر فلم ترض لهم بذلك حتي جعلتهم شركاء نا في فيئنا فقال لهم المختار ان انا تركت لكم مواليكم وجعلت فيأكم فيكم اتقاتلون معي بني امية وابن الزبير وتعطون علي الوفاء بذلك عهد الله ومياقه وما اطمئن اليه من الايمان فقال شبث ما ادري حتي أخرج إلي اصحابه فاذاكرهم ذلك فخرج فلم يرجع إلي المختار قال واجمع رأي اشراف أهل الكوفة علي قتال المختار. (قال أبومخنف) فحدثني قدامة بن حوشب قال جاء شبث ابن ربعي وشمر بن ذي الجوشن ومحمد بن الاشعث وعبدالرحمن بن سعيد بن قيس حتي دخلوا علي كعب بن ابي كعب الخثعمي فتكلم شبث فحمد الله وأثني عليه ثم اخبره باجتماع رأيهم علي قتال المختار وساله ان


يجيبهم إلي ذلك وقال فيما يعتب له المختار انه تأمر علينا بغير رضي منا وزعم أن ابن الحنفية بعثه الينا وقد علمنا ان ابن الحنفية لم يفعل واطعم موالينا فيئنا وأخذ عبيدنا فحرب بهم يتاما ناو أراملنا واظهر هو وسبايته البراء ة من اسلافنا الصالحين قال فرحب بهم كعب بن ابي كعب واجابهم إلي ما دعوه اليه. (قال ابومخنف) فحدثني أبي يحيي بن سعيد ان أشراف اهل الكوفة قد كانوا دخلوا علي عبدالرحمن بن مخنف فدعوه إلي ان يجيبهم إلي قتال المختار فقال لهم يا هؤلاء انكم ان ابيتم الا ان تخرجوا لم اخذ لكم وان انتم اطعتموني لم تخرجوا فقالوا لم قال لاني أخاف أن تتفرقوا وتختلفوا وتتخاذلوا ومع الرجل والله شجعاؤكم وفرسانكم من انفسكم اليس معه فلان وفلان ثم معه عبدكم ومواليكم وكلمة هؤلاء واحدة وعبيدكم ومواليكم اشد حنقا عليكم من عدوكم فهو مقاتلكم بشجاعة العرب وعداوة العجم وان انتظرتموه قليلا كفيتموه بقدوم اهل الشام أو بمجئ أهل البصرة فتكونوا قد كفيتموه بغيركم ولم تجعلوا بأسكم بينكم قالوا ننشدك الله ان نخالفنا وان تفسد علينا رأينا وما قد اجتمعت عليه جماعتنا قال فانا رجل منكم فاذا شئتم فاخرجوا فسار بعضهم إلي بعض وقالوا انتظروا حتي يذهب عنه ابراهيم بن الاشتر قال فامهلوا حتي اذا بلغ ابن الاشتر ساباط وثبوا بالمختار قال فخرج عبدالرحمن بن سعيد بن قيس الهمداني في همدان في جبانة السبيع وخرج زحر بن قيس الجعفي واسحاق ابن محمد بن الاشعث في جبانة كندة. (قال هشام) فحدثني سليمان بن محمد الحضرمي قال خرج اليهما


جبير الحضرمي فقال لهما اخرجا عن جبانتنا فانا نكره ان نعري بشر فقال له اسحاق بن محمد وجبانتكم هي قال نعم فانصرفوا عنه وخرج كعب بن ابي كعب الخثعمي في جبانة بشر وسار بشير بن جرير بن عبدالله اليهم في بجيلة وخرج عبدالرحمن بن مخنف في جبانة المخنف وسار اسحاق بن محمد وزحر ابن قيس إلي عبدالرحمن بن سعيد بن قيس بجبانة السبيع وسارت بجيلة وخثعم إلي عبدالرحمن بن مخنف وهو بالازد وبلغ الذين في جبانة السبيع ان المختار قد عبي لهم خيلا ليسير اليهم فبعثوا الرسل يتلو بعضها بعضا إلي الازد وبجيلة وخثعم يسالونهم بالله والرحم لما عجلوا اليهم فسارو اليهم واجتمعوا جميعا في جبانة السبيع ولما ان بلغ ذلك المختار سره اجتماعهم في مكان واحد. وخرج شمر بن ذي الجوشن حتي نزل بجبانة بني سلول في قيس ونزل شبث بن ربعي وحسان بن فائد العبسي وربيعة بن ثروان الضبي في مضر بالكناسة ونزل حجار بن ابجر ويزيد بن الحارث بن رؤيم في ربيعة فيما بين التمارين والسبخة ونزل عمر بن الحجاج الزبيدي في جبانة مراد بمن تبعه من مذحج فبعث اليهم اهل اليمن ان ائتنا فأبي أن ياتيهم. وقال لهم جدوا فكاني قد اتيتكم قال وبعث المختار رسولا من يومه يقال له عمر بن توبة بالركض إلي ابراهيم بن الاشتر وهو بساباط ان لا تضع كنابي من يدك حتي تقبل بجميع من معك إلي قال وبعث اليهم المختار في ذلك اليوم اخبروني ما تريدون فاني صانع كل ما احببتم قالوا فانا نريد ان تعتزلنا فانك زعمت ان ابن الحنفية بعثك


ولم يبعثك فارسل اليهم المختار ان ابعثوا اليه من قبلكم وفدا وابعث اليه من قبلي وفدا ثم انظروا في ذلك حتي تتبينوه وهو يريد أن يريثهم بهذه المقالة ليقدم عليه ابراهيم بن الاشتر وقد أمر أصحابه فكفوا أيديهم وقد أخذ أهل الكوفة عليهم بأفواه السكك فليس شئ يصل إلي المختار ولا إلي أصحابه من الماء الا القليل الوتح يجيئهم اذا غفلوا عنه قال وخرج عبدالله بن سبيع في الميدان فقاتله شاكر قتالا شديدا فجاء ه عقبة من طارق الجشمي فقاتل معه ساعة حتي رد عاديتهم عنه ثم اقبلا علي حاميتهما يسيران حتي نزل عقبه بن طارق مع قيس في جبانة بني سلول وجاء عبدالله بن سبيع حتي نزل مع أهل اليمن في جبانة السبيع. (قال ابومخنف) حدثني يونس بن أبي اسحاق أن شمر بن ذي الجوشن أتي أهل اليمن فقال لهم ان اجتمعتم في مكان نجعل فيه مجنبتين ونقاتل من وجه واحد فأنا صاحبكم والا فلا والله لا اقاتل في مثل هذا المكان في سكك ضيقة ونقاتل من غير وجه. فأنصرف إلي جماعة قومه في جبانة بني سلول قال ولما خرج رسول المختار إلي ابن الاشتر بلغه من يومه عشية فنادي في الناس ان ارجعوا إلي الكوفة فسار بقية عشيته تلك ثم نزل حين أمسي فتعشي أصحابه وأراحوا الدواب شيئا كلا شئ ثم نادي في الناس فسار ليلته كلها ثم صلي الغداة بسورا ثم سار من يومه فصلي العصر علي باب الجسر من الغد ثم انه جاء حتي بات ليلته في المسجد ومعه من اصحابه أهل القوة والجلد حتي اذا كان صبيحة اليوم الثالث من مخرجهم علي المختار خرج المختار إلي المنبر فصعده.


(قال ابومخنف) فحدثني أبوجناب الكلبي ان شبث بن ربعي بعث اليه ابنه عبدالمؤمن فقال له انما نحن عشيرتك وكف يمينك لا والله لا نقاتلك فثق بذلك منا وكان رأيه قتاله ولكنه كاده ولما أن اجتمع أهل اليمن بجبانة السبيع حضرت الصلاة فكره كل رأس من رؤس أهل اليمن أن يتقدمه صاحبه فقال لهم عبدالرحمن بن مخنف هذا أول الاختلاف قدموا الرضي فيكم فان في عشيرتكم سيد قراء أهل المصر فليصل بكم رفاعة بن شداد الفتياني من بجيلة ففعلوا فلم يزل يصلي بهم حتي كانت الواقعة. (قال أبومخنف) وحدثني وازع ابن السري أن أنس بن عمرو الازدي انطلق فدخل في اهل اليمن وسمعهم وهم يقولون ان سار المختار إلي اخواننا من مضر سرنا اليهم وان سار الينا ساروا الينا فسمعها منهم رجل وأقبل جوادا حتي صعد إلي المختار علي المنبر فأخبره بمقالتهم فقال اما هم فخلقاء لو سرت إلي مضر أن يسيروا اليهم وأما أهل اليمن فأشهد لئن سرت اليهم لا تسير اليهم مضر فكان بعد ذلك يدعو ذلك الرجل ويكرمه. ثم ان المختار نزل فعبي اصحابه في السوق والسوق اذ ذاك ليس فيها هذا البناء فقال لابراهيم بن الاشتر إلي اي الفريقين احب اليك ان تسير فقال إلي اي الفريقين أحببت فنظر المختار وكان ذا رأي. فكره أن يسير إلي قومه فلا يبالغ في قتالهم فقال سر إلي مضر بالكناسة وعليهم شبث بن ربعي ومحمد بن عمير بن عطارد وانا اسير

إلي اهل اليمن.


قال ولم يزل المختار يعرف بشدة النفس وقلة البقيا علي اهل اليمن وغيرهم اذا ظفر فسار ابراهيم بن الاشتر إلي الكناسة وسار المختار إلي جبانة السبيع فوقف المختار عند دار عمر بن سعد بن أبي وقاص وسرح بين يديه احمر بن شميط البجلي ثم الاحمسي وسرح عبدالله بن كامل الشاكري. وقال لابن شميط الزم هذه السكة حتي تخرج إلي أهل جبانة السبيع من بين دور قومك وقال لعبد الله ابن كامل الزم هذه السكة حتي تخرج علي جبانة السبيع من دار آل الاخنس بن شريق ودعاهما فأسر اليهما ان شبا ما قد بعثت تخبرني انهم قد اتوا القوم من ورائهم فمضيا فسلكا الطريقين اللذين أمرهما بهما. وبلغ اهل اليمن مسير هذين الرجلين اليهم فاقتسموا تينك السكتين فاما السكة التي في دبر المسجد احمس فانه وقف فيها عبدالرحمن بن سعيد بن قيس الهمداني واسحاق بن الاشعث وزحر بن قيس واما السكة التي تلي الفرات. فانه وقف فيها عبدالرحمن بن مخنف وبشير بن جرير بن عبدالله وكعب بن أبي كعب ثم ان القوم اقتتلوا كأشد قتال اقتتله قوم ثم ان اصحاب احمر بن شميط انكشفوا واصحاب عبدالله بن كامل ايضا فلم يرع المختار الا وقد جاء ه الفل قد اقبل فقال ما ورائكم قالوا هزمنا قال فما فعل احمر ابن شميط قالوا تركناه قد نزل عند مسجد القصاص يعنون مسجد ابي داود في وادعة

وكان يعتاده رجال اهل ذلك الزمان يقصون فيه وقد نزل معه اناس من اصحابه.


وقال أصحاب عبدالله ما ندري ما فعل ابن كامل فصاح بهم أن انصرفوا ثم أقبل بهم حتي انتهي إلي دار ابي عبدالله الجدلي وبعث عبد الله بن قراد الخثعمي وكان علي أربعمائة رجل من أصحابه فقال سرفي أصحابك إلي ابن كامل فان يك هلك فانت مكانه فقاتل القوم بأصحابك وأصحابه وان تجده حيا صالحا فسر في مائة من أصحابك كلهم فارس وادفع اليه بقية أصحابك ومربالجد معه والمناصحة له فانهم انما يناصحونني ومن ناصحني فليبشر. ثم امض في المائة حتي تأتي أهل جبانة السبيع مما يلي حمام قطن بن عبدالله فمضي فوجد ابن كامل واقفا عند حمام عمرو بن حريث معه أناس من أصحابه قد صبروا وهو يقاتل القوم فدفع اليه ثلثمائة من اصحابه ثم مضي حتي نزل إلي جبانة السبيع. ثم اخذ في تلك السكك حتي انتهي إلي مسجد عبدالقيس فوقف عنده وقال لاصحابه ما ترون قالوا أمرنا لامرك تبع وكل من كان معه من حاشد من قومه وهم مائة فقال لهم والله اني لاحب أن يظهر المختار ووالله اني لكاره ان يهلك اشراف عشيرتي اليوم ووالله لان أموت أحب إلي من ان يحل بهم الهلاك علي يدي ولكن قفوا قليلا فاني قد سمعت شباما يزعمون أنهم سيأتونهم من ورائهم فلعل شباما تكون هي تفعل ذلك ونعافي نحن منه قال له اصحابه فرأيك فثبت كما هو عند مسجد عبدالقيس. وبعث المختار مالك بن عمرو النهدي في مائتي رجل وكان من اشد الناس بأسا وبعث عبدالله بن شريك النهدي في مائتي فارس إلي أحمر بن شميط وثبت مكانه فانتهوا اليه وقد علاه القوم وكثروه فاقتتلوا


عند ذلك كأشد القتال ومضي ابن الاشتر حتي لقي شبث بن ربعي وأنا سامعه من مضر كثيرا وفيهم حسان بن فائد العبسي. فقال لهم ابراهيم ويحكم انصرفوا فوالله ما أحب أن يصاب أحد من مضر علي يدي فلا تهلكوا أنفسكم فابوا فقاتلوه فهزمهم واحتمل حسان بن فائد إلي أهله فمات حين أدخلا اليهم وقد كان وهو علي فراشه قبل موته أفاق افاقة. فقال أما والله ما كنت أحب أن اعيش من جراحتي هذه وما كنت احب ان تكون منيتي الا بطعنة رمح او بضربة بالسيف فلم يتكلم بعدها كلمة حتي مات وجاء ت البشري إلي المختار من قبل ابراهيم بهزيمة مضر فبعث المختار البشري من قبله ألي احمر بن شميط والي ابن كامل فالناس علي احوالهم كل اهل سكة منهم قد أعنت ما يليها. قال فاجتمعت شبام وقد راسوا عليهم ابا القلوص وقد اجمعوا واجتمعوا بان ياتوا اهل اليمن من ورائهم فقال بعضهم لبعض اما والله لو جعلتم جدكم هذا علي من خالفكم من غيركم لكان اصوب فسيروا إلي مضر او إلي ربيعة فقاتلوهم وشيخهم ابوالقلوص ساكت لا يتكلم. فقالوا يا ابا القلوس ما رايك فقال قال الله جل ثناؤه (قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة) قوموا فقاموا فمشي بهم قيس رمحين او ثلاثة ثم قال لهم اجلسوا فجلسوا ثم مشي بهم انفس من ذلك شيئا ثم قعد بهم ثم قال لهم قوموا ثم مشي بهم الثالثة انفس من ذلك شيئا ثم قعد بهم. فقالوا له يا ابا القلوص والله انك عندنا لاشجع العرب فما يحملك


علي الذي تصنع قال ان المجرب ليس كمن لم يجرب اني اردت ان ترجع اليكم افئدتكم وان توطنوا علي القتال انفسكم وكرهت ان اقحمكم علي القتال وانتم علي حال دهش. قالوا انت ابصر بما صنعت فلما خرجوا إلي جبانة السبيع استقبلهم علي فم السكة الاعسر الشاكري فحمل عليه الجندعي وابوالزبير بن كريب فصرعاه ودخلا الجبانة ودخل الناس الجبانة في آثارهم وهم ينادون يا لثارات الحسين فاجابهم اصحاب ابن شميط يا لثارات الحسين فسمعها يزيد بن عمير بن ذي مران من همدان فقال يا لثارات عثمان. فقال لهم رفاعة بن شداد ما لنا ولعثمان لا اقاتل مع قوم يبغون دم عثمان فقال له اناس من قومه جئت بنا واطعناك حتي اذا رأينا قومنا تاخذهم السيوف قلت انصرفوا ودعوهم فعطف عليهم وهو يقول.



انا ابن شداد علي دين علي

لست لعثمان بن اروي بولي



لاصلين اليوم فيمن يصطلي

بحر نار الحرب غير مؤتلي



فقاتل حتي قتل وقتل يزيد بن عمير بن ذي مران وقتل النعمان بن صهبان الجرمي ثم الراسبي وكان ناسكا ورفاعة بن شداد بن عوسجة الفتياني عند حمام المهبذان الذي بالسبخة وكان ناسكا وقتل الفرات بن زحر بن قيس الجعفي وارتث زحر بن قيس وقتل عبدالرحمن بن سعيد بن قيس وقتل عمر بن مخنف وقاتل عبدالرحمن بن مخنف حتي ارتث وحملته الرجال علي أيديها وما يشعر وقاتل حوله رجال من الازد فقال حميد بن مسلم.



لا ضربن عن أبي حكيم

مفارق الا عبد والصميم




وقال سراقة بن مرداس البارقي



يا نفس الا تصبري تلبمي

لا تتولي عن أبي حكيم



واستخرج من دور الوادعيين خمسمائة أسير فأتي بهم المختار مكتفين فأخذ رجل من بني نهد وهو من رؤساء أصحاب المختار يقال له عبدالله بن شريك لا يخلو بعربي الاخلي سبيله فرفع ذلك المختار درهم مولي لبني نهد فقال له المختار اعرضوهم علي وانظروا كل من شهد منهم قتل الحسين فأعلموني به فاخذوا لا يمر عليه برجل قد شهد قتل الحسين الا قيل له هذا ممن شهد قتله فيقدمه فيضرب عنقه حتي قتل منهم قبل أن يخرج مائتين وثمانية وأربعين قتيلا أخذ اصحابه كلما رأوا رجلا قد كان يؤذيهم أو يماريهم أو يضربهم خلوا به فقتلوه حتي قتل ناس كثير منهم وما يشعر بهم المختار. فأخبر بذلك المختار بعد فدعي بمن بقي من الاساري فاعتقهم و أخذ عليهم المواثيق أن لا يجامعوا عليه عدوا ولا يبغوه ولا اصحابه غائلة الاسراقة بن مرداس البارقي فانه امر به أن يساق معه إلي المسجد قال ونادي منادي المختار انه من أغلق بابه فهو آمن الارجلا شرك في دم آل محمد صلي الله عليه وسلم. (قال أبومخنف) حدثني المجالد بن سعيد عن عامر الشعبي ان يزيد بن الحارث بن يزيد بن رؤيم وحجار بن أبجربعثا رسلا لهما فقالا لهم كونوا من أهل اليمن قريبا فان رأيتموهم قد ظهروا فأيكم سبق الينا فليقل صرفان وان كانوا هزموا فليقل جمزان فلما هزم أهل اليمن اتتهم رسلهم فقال لهم اول من انتهي اليهم جمزان.


فقام الرجلان فقالا لقومهما انصرفوا إلي بيوتكم فانصرفوا و خرج عمرو بن الحجاج الزبيدي وكان ممن شهد قتل الحسين فركب راحلة ثم ذهب عليها فاخذ طريق شراف وواقصة فلم يرحتي الساعة ولا يدري ارض بخسة ام سماء حصبة واما فرات بن زحر بن قيس فانه لما قتل بعثت عائشة بنت خليفة بن عبدالله الجعفية وكانت امرأة الحسين بن علي إلي المختار تساله ان ياذن لها ان تواري جسده ففعل فدفنته وبعث المختار غلاما له يدعي زربيا في طلب شمر بن ذي الجوشن (قال ابومخنف) فحدثني يونس بن أبي اسحاق عن مسلم بن عبدالله الضبابي قال تبعنا زربي غلام المختار فلحقنا وقد خرجنا من الكوفة علي خيول لنا ضمر فأقبل يتمطر به فرسه فلما دنا منا قال لنا شمراركضوا وتباعدوا عني لعل العبد يطمع في قال فركضنا فامعنا وطمع العبد في شمر وأخذ شمر ما يستطرد له حتي اذا انقطع من أصحابه حمل عليه شمر فدق ظهره وأتي المختار فأخبر بذلك فقال بؤسا لزربي أما لو يستشيرني ما امرته أن يخرج لابي السابغة. (قال أبومخنف) حدثني أبومحمد الهمداني عن مسلم بن عبدالله الضبابي قال لما خرج شمر بن ذي الجوشن وأنا معه حين هزمنا المختار وقتل أهل اليمن بجبانة السبيع ووجه غلاما زربيا في طلب شمروكان من قتل شمراياه ما كان مضي شمر حتي ينزل ساتيد ما ثم مضي حتي ينزل إلي جانب قرية يقال لها الكلتانية علي شاطئ نهر إلي جانب تل ثم أرسل إلي تلك القرية فأخذ منها علجا فضربه. ثم قال النجاء بكتابي هذا إلي المصعب بن الزبير وكتب عنوانه


للامير المصعب بن الزبير من شمر بن ذي الجوشن قال فمضي العلج حتي يدخل قرية فيها بيوتا وفيها أبوعمرة وقد كان المختار بعثه في تلك الايام إلي تلك القرية ليكون مسلحة فيما بينه وبين اهل البصرة فلقي ذلك العلج علجا من تلك القرية فأقبل يشكو اليه ما لقي من شمر فانه لقائم معه يكلمه اذ مر به رجل من أصحاب أبي عمرة فرأي الكتاب مع العلج وعنوانه لمصعب من شمر فسالوا العلج عن مكانه الذي هو به فاخبرهم فاذا ليس بينهم وبينه الا ثلاثة فراسخ قال فاقبلوا ايسيرون اليه. (قال أبومخنف) فحدثني مسلم ابن عبدالله قال وأنا والله مع شمر تلك الليلة فقلنا لو أنك ارتحلت بنا من هذاالمكان فانا نتخوف به فقال أوكل هذا فرقا من الكذاب والله لا أتحول منه ثلاثة أيام ملاء الله قلوبكم رعبا قال وكان بذلك المكان الذي كنا فيه دبي كثير فوالله أني لبين اليقظان والنائم اذ سمعت وقع حوافر الخيل فقلت في نفسي هذا صوت الدبي ثم اني سمعته اشد من ذلك فانتبهت ومسحت عيني وقلت لا والله ما هذا بالدبي قال وذهبت لاقوم فاذا أنا بهم قد أشرفوا علينا من التل فكبروا ثم أحاطوا بابياتنا وخرجنا نشتد علي ارجلنا وتركنا خيلنا. قال فأمر علي شمروانه لمتزر ببرد محقق وكان أبرص فكاني أنظر إلي بياض كشحيه من فوق البرد فانه ليطاعنهم بالمرح قد أعجلوه أن يلبس سلاحه وثيابه فمضينا وتركناه قال فما هو ألا أن امعنت ساعة اذ سمعت الله اكبر قتل الله الخبيث. (قال ابومخنف) حدثني المشرقي عن عبدالرحمن بن عبيد ابي الكنود قال انا والله صاحب الكتاب الذي رايته مع العلج واتيت به ابا عمرة وأنا قتلت شمرا قال قلت هل سمعته يقول شيئا ليلتئذ قال نعم خرج علينا


فطاعننا برمحه ساعة ثم القي رمحه ثم دخل بيته فاخذ سيفه ثم خرج علينا وهو يقول.



نبهتم ليث عرين باسلا

حهما محياه يدق الكاهلا



لم يريوما عن عدونا كلا

الا كذا مقاتلا او قاتلا



يبرحهم ضربا ويروي العاملا (قال ابومخنف) عن يونس بن ابي اسحاق ولما خرج المختار من جبانة السبيع واقبل إلي القصر أخذ سراقة بن مرداس يناديه بأعلي صوته.



امنن علي اليوم يا خير معد

وخير من حل بشحر والجند



وخير من حيي ولبي وسجد فبعث به المختار إلي السجن فحبسه ليلة ثم أرسل اليه من الغد فأخرجه فدعا سراقة فأقبل إلي المختار وهو يقول.



الا ابلغ ابا اسحاق انا

نزونا نزوة كانت علينا



خرجنا لا نري الضعفاء شيئا

وكان خروجنا بطراوحينا



نراهم في مصافهم قليلا

وهم مثل الدبي حين التقينا



يرزنا اذ رأيناهم فلما

راينا القوم قد برزوا الينا



لقينا منهم ضربا طلحفا

وطعنا صائبا حتي انشنينا



نصرت علي عدوك كل يوم

بكل كتيبة تنعي حسينا



كنصر محمد في يوم بدر

ويوم الشعب اذ لاقي حنينا



فاسجح اذ ملكت فلو ملكنا

لجرنا في الحكومة واعتدينا



تقبل توبة مني فاني

سأشكران جعلت النقد دينا




قال فلما انتهي إلي المختار قال له اصلحك الله ايها الامير سراقة بن مرداس يحلف بالله - الذي لا اله الا هو لقد رأي الملائكة تقاتل علي الخيول البلق بين السماء والارض فقال له المختار فاصعد المنبر فأعلم ذلك المسلمين فصعد فاخبرهم بذلك ثم نزل فخلا به المختار فقال اني قد علمت انك لم تر الملائكة وانما اردت ما قد عرفت ان لا اقتلك فاذهب عني حيث احببت لا تفسد علي اصحابي. (قال ابومخنف) فحدثني الحجاج بن علي البارقي عن سراقة بن مرداس قال ما كنت في ايمان حلفت بها قط اشد اجتهادا ولا مبالغة في الكذب مني في ايماني هذه التي حلفت لهم بها. اني قد رايت الملائكة معهم تقاتل فخلوا سبيله فهرب فلحق بعبد الرحمن بن مخنف عند المصعب بن الزبير بالبصرة وخرج اشراف اهل الكوفة والوجوه فلحقوا بمصعب بن الزبير بالبصرة وخرج سراقة بن مرداس من الكوفة وهو يقول.



الا ابلغ ابا اسحاق اني

رايت البلغ دهما مصمتات



كفرت بوحيكم وجعلت نذرا

علي قتالكم حتي الممات



اري عيني ما لم تبصراه

كلانا عالم بالترهات



اذا قالوا اقول لهم كذبتم

وان خرجوا لبست لهم اداتي



حدثني ابوالسائب مسلم بن جنادة قال حدثنا محمد بن براد من ولد ابي موسي الاشعري عن شيخ قال لما اسر سراقة البارقي قال وانتم اسرتموني ما اسرني الا قوم علي دواب بلق عليهم ثياب بيض قال فقال المختار اولئك الملائكة فأطلقه فقال.




الا ابلغ ابا اسحاق اني

رأيت البلق دهما مصمتات



اري عيني ما لم يراياه

كلانا عام بالترهات



(قال أبومخنف) حدثني عمير بن زياد ان عبدالرحمن بن سعيد بن قيس الهمداني قال يوم جبانة السبيع ويحكم من هؤلاء الذين اتونا من ورائنا قيل له شبام فقال ياعجبا يقاتلني بقومي من لا قوم له (قال ابومخنف) وحدثني ابوروق ان شرحبيل بن ذي بقلان من الناعطين قتل يومئذ وكان من بيوتات همدان فقال يومئذ قبل ان يقتل يا لها قتلة ما اضل مقتولها قتال مع غير امام وقتال علي غير نية وتعجيل فراق الاحبة ولو قتلناهم اذا لم نسلم منهم انا لله وانا اليه راجعون اما والله ما خرجت الا مواسيا لقومي بنفسي مخافة أن يضطهدوا وايم الله ما نجوت من ذلك ولا انجواولا اغنيت عنهم ولا اغنوا قال ويرميه رجل من الفائشيين من همدان

يقال له احمر بن هديج بسهم فيقتله قال واختصم في عبدالرحمن بن سعيد بن قيس الهمداني نفر ثلاثة سعر بن ابي سعر الحنفي وابوالزبير الشبامي ورجل آخر. فقال سعر طعنته طعنة وقال ابوالزبير لكن ضربته انا عشر ضربات او اكثر وقال لي ابنه يا ابا الزبير اتقتل عبدالرحمن بن سعد سيد قومك فقلت لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباء هم او ابنائهم أو اخوانهم او عشيرتهم فقال المختار كلكم محسن وانجلت الوقعة عن سبعمائة وثمانين قتيلا من قومه. (قال أبومخنف) حدثني النضر بن صالح ان القتل اذ ذاك كان استحر في اهل اليمن وان مضر اصيب منهم بالكناسة بضعة عشر


رجلا ثم مضوا حتي مروا بربيعة فرجع حجار بن ابجر ويزيد بن الحارث بن رؤيم وشداد بن المنذر اخو حصين وعكرمة بن ربعي فانصرف جميع هؤلاء إلي رحالهم وعطف عليهم عكرمة فقاتلهم قتالا شديدا ثم انصرف عنهم وقد خرج فجاء حتي دخل منزله فقيل له قد مرت خيل في ناحية الحي فخرج فأراد ان يثب من حائط داره إلي دار اخري إلي جانبه فلم يستطع حتي حمله غلام له وكانت وقعة جبانة السبيع يوم الاربعاء لست ليال بقين من ذي الحجة سنة 66 قال وخرج اشراف الناس فلحقوا بالبصرة وتجرد المختار لقتلة الحسين فقال ما من ديننا ترك قوم قتلوا الحسين يمشون احياء في الدنيا آمنين بئس ناصر آل محمد انا اذا الكذاب

كما سموني فاني بالله استعين عليهم الحمد لله الذي جعلني سيفا ضربهم به ورمحا طعنهم به وطالب وترهم والقائم بحقهم انه كان حقا علي الله ان يقتل من قتلهم وأن يذل من جهل حقهم فسموهم لي ثم اتبعوهم حتي تفنوهم. (قال أبومخنف) فحدثني موسي بن عامر ان المختار قال لهم اطلبوا لي قتلة الحسين فانه لا يسوغ لي الطعام والشراب حتي اطهر الارض منهم وانفي المصر منهم. (قال أبومخنف) وحدثني مالك بن أعين الجهني ان عبدالله بن دباس وهو الذي قتل محمد بن عمار بن ياسر الذي قال الشاعر. قتيل ابن دباس اصاب قذاله هو الذي دل المختار علي نفر ممن قتل الحسين منهم عبدالله بن اسيد بن النزال الجهني من حرقة ومالك بن النسير البدي وحمل بن


مالك المحاربي فبعث اليهم المختار ابا نمر مالك بن عمر والنهدي وكان من رؤساء اصحاب المختار فأتاهم وهم بالقادسية فاخذهم فاقبل بهم حتي ادخلهم عليه عشاء فقال لهم المختار يا اعداء الله واعداء كتاب واعداء رسوله وآل رسوله أين الحسين ابن علي أدوا إلي الحسين قتلتم من امرتم بالصلاة عليه في الصلاة فقالوا رحمك الله بعثنا ونحن كارهون فامنن علينا واسنبقنا قال المختار فهلا مننتم علي الحسين بن بنت نبيكم واستبقيتموه وسفيتموه ثم قال المختار للبدي أنت صاحب برنسه فقال له عبدالله ابن كامل نعم هو هو فقال المختار اقطعو ايدي هذا ورجليه ودعوه فليضطرب حتي يموت ففعل ذلك به وترك فلم يزل ينزف الدم حتي مات وامر بالاخرين فقد ما فقتل عبدالله بن كامل عبدالله الجهني وقتل سعر بن ابي سعر حمل بن مالك المحاربي. (قال أبومخنف) وحدثني ابوالصلت التيمي قال حدثني ابو سعيد الصيقل ان المختار دل علي رجال من قتلة الحسين دله عليهم سعر الحنفي قال فبعث المختار عبدالله بن كامل فخرجنا معه حتي مرببني ضبيعة فأخذ منهم رجلا يقال له زياد بن مالك قال ثم مضي إلي عنزة فاخذ منهم رجلا يقال له عمران بن خالد قال ثم بعثني في رجال معه يقال لهم الدبابة إلي دار في الحمراء فيها عبدالرحمن بن أبي خشكارة البجلي وعبدالله بن قيس الخولاني فجئنا بهم حتي ادخلناهم عليه فقال لهم يا قتلة الصالحين وقتلة سيد شباب اهل الجنة الا ترون الله قد اقاد منكم اليوم لقد جاء كم الورس بيوم نحس وكانوا قد اصابوا من الورس الذي كان مع الحسين اخرجوهم إلي السوق فضربوا


رقابهم ففعل ذلك بهم فهؤلاء اربعة نفر. (قال أبومخنف) وحدثني سليمان بن ابي راشد عن حميد ابن مسلم قال جاء نا السائب بن مالك الاشعري في خيل المختار فخرجت نحو عبدالقيس وخرج عبدالله وعبدالرحمن ابنا صلخب في اثري وشغلوا بالاحتباس عليهما عني فنجوت واخذوهما ثم مضوا بهما حتي مروا علي منزل رجل يقال له عبدالله بن وهب ابن عمرو ابن عم أعشي همدان من بني عبد فاخذوه فانتهوا بهم إلي المختار فأمر بهم فقتلوا في السوق فهؤلاء ثلاثة فقال حميد بن مسلم في ذلك حيث نجا منهم



الم ترني علي دهش

نجوت ولم أكد أنجو



رجاء الله أنقذني

ولم أك غيره أرجو



(قال ابومخنف) حدثني موسي بن عامر العدوي من جهينة وقد عرف ذلك الحديث شهم بن عبدالرحمن الجهني قال بعث المختار عبدالله بن كامل إلي عثمان بن خالد بن اسير الدهماني من جهينة والي ابي اسماء بشر بن سوط القابضي وكانا ممن شهدا قتل الحسين وكانا اشتركا في دم عبدالرحمن بن عقيل بن ابي طالب وفي سلبه فاحاط عبدالله بن كامل عند العصر بمسجد بني دهمان ثم قال علي مثل خطايا بني دهمان منذ يوم خلقوا إلي يوم يبعثون ان لم اوت بعثمان بن خالد بن اسير ان لم اضرب اعناقكم من عند آخركم فقلنا له امهلنا نطلبه فخرجوا مع الخيل في طلبه فوجد وهما جالسين في الجبانة وكانا يريد ان يخرجا إلي الجزيرة فاتي بهما عبدالله بن كامل فقال الحمد لله الذي كفي المؤمنين القتال لو لم يجدوا هذا مع هذا عنانا إلي منزله في طلبه


فالحمد لله الذي حينك حتي امكن منك فخرج بهما حتي اذا كان في موضع بئرالجعد ضرب اعناقهما ثم رجع فاخبر المختار خبرهما فامره ان يرجع اليهما فيحرقهما بالنار وقال لا يدفنان حتي يحرقا فهذان رجلان فقال اعشي همدان يرثي عثمان الجهني.



ياعين بكي فتي الفتيان عثمانا

لا يبعدون الفتي من آل دهمانا



واذكر فتي ماجدا حلوا شمائله

ما مثله فارس في آل همدانا



قال موسي بن عامر وبعث معاذ بن هاني بن عدي الكندي بن أخي حجر وبعث أبا عمرة صاحب حرسه فساروا حتي أحاطوا بدار خولي بن يزيد الاصبحي وهو صاحب رأس الحسين الذي جاء به فاختبي في مخرجه فأمر معاذ أبا عمرة أن يطلبه في الدار فخرجت امرأته اليهم فقالوا لها أين زوجك فقالت لا ادري أين هو واشارت بيدها إلي المخرج فدخلوا فوجدوه قد وضع علي رأسه قوصرة فأخرجوه وكان المختار يسير بالكوفة ثم انه أقبل في اثر اصحابه. وقد بعث ابوعمرة اليه رسولا فاستقبل المختار الرسول عند دار أبي بلال ومعه ابن كامل فأخبره الخبر فأقبل المختار نحوهم فاستقبل به فردده حتي قتله إلي جانب أهله ثم دعابنار فحرقه ثم لم يبرح حتي عاد رمادا ثم انصرف عنه وكانت امرأته من حضرموت يقال لها العيوف بنت مالك بن نهار بن عقرب وكانت نصبت له العداوة حين جاء برأس الحسين (قال أبومخنف) وحدثني موسي بن عامر ابوالاشعر أن المختار قال ذات يوم وهو يحدث جلساء ه لاقتلن غدا رجلا عظيم القدمين غائر العينين مشرفالحاجبين يسر مقتله المؤمنين والملائكة المقربين قال


وكان الهيثم بن الاسود النخعي عند المختار حين سمع هذه المقالة فوقع في نفسه ان الذي يريد عمر بن سعد بن أبي وقاص. فلما رجع إلي منزله دعا ابنه العريان فقال الق ابن سعد الليلة فخبره بكذا وكذا وقل له خذ حذرك فانه لا يريد غيرك قال فأتاه فاستخلاه ثم حدثه الحديث فقال له عمر بن سعد جزي الله أباك والاخاء خيرا كيف يريد هذا بي بعد الذي اعطاني من العهود والمواثيق وكان المختار أول ما ظهر أحسن شئ سيرة وتالفا للناس وكان عبدالله بن جعدة بن هبيرة اكرم خلق الله علي المختار لقرابته بعلي فكلم عمر بن سعد عبدالله بن جعدة وقال له اني لا آمن هذا الرجل يعني المختار فخذلي منه أمانا ففعل قال فانا رأيت أمانه وقرأته. بسم الله الرحمن الرحيم هذا امان من المختار بن أبي عبيد لعمر بن سعد بن أبي وقاص انك آمن بامان الله علي نفسك ومالك واهلك و اهل بيتك وولدك لا تؤاخذ بحدث كان منك قديما ما سمعت وأطعت و لزمت رحلك وأهلك ومصرك فمن لقي عمر بن سعد من شرطة الله وشيعة آل محمد ومن غيرهم من الناس فلا يعرض له الا بخبر شهد السائب بن مالك وأحمر بن شميط وعبدالله بن شداد وعبدالله بن كامل وجعل المختار علي نفسه عهد الله ومياقه ليفين لعمر بن سعد بما اعطاه من الامان الا ان يحدث حدثا وأشهد الله علي نفسه وكفي بالله شهيدا. قال فكان ابوجعفر محمد بن علي يقول أما امان المختار لعمر بن سعد الا أن يحدث حدثا فانه كان يريد به اذ ادخل الخلاء فأحدث قال فلما جاء ه العريان بهذا خرج من تحت ليلته حتي أتي حمامه ثم قال في نفسه


أنزل داري فرجع فعير الروحاء ثم أتي داره غدوة وقد اتي حمامه فأخبر مولي له بما كان من أمانه وبما اريد به فقال له مولاه واي حدث أعظم بما صنعت أنك تركت رحلك واهلك واقبلت إلي ههنا ارجع إلي رحلك لا تجعلن للرجل عليك سبيلا فرجع إلي منزله وأتي المختار بانطلاقه فقال كلا ان في عنقه سلسلة سترده لو جهد أن ينطلق ما استطاع قال واصبح المختار فبعث اليه ابا عمرة وأمره ان يأتيه به فجاء ه حتي دخل عليه فقال اجب الامير فقام عمر فعثر في جبة له ويضربه ابوعمرة بسيفه فقتله وجاء برأسه في اسفل قبائه حتي وضعه بين يدي المختار. فقال المختار لابنه حفص بن عمر بن سعد وهو جالس عنده اتعرف هذا الرجل فاسترجع وقال نعم ولاخير في العيش بعده قال له المختار صدقت فانك لا تعيش بعده فامر به فقتل واذا رأسه مع راس ابيه ثم ان المختار قال هذا بحسين وهذا بعلي بن حسين ولا سواء والله لوقتلت به ثلاثة أرباع قريش ما وفوا أنملة من انامله فقالت حميدة بنت عمر بن سعد تبكي اباها.



لو كان غير اخي قسي غره

او غير ذي يمن وغير الاعجم



سخي بنفسي ذاك شيئا فاعلموا

عنه وما البطريق مثل الالام



اعطي ابن سعد في الصحيفة وابنه

عهدا يلين له جناح الارقم



فلما قتل المختار عمر بن سعد وابنه بعث برأسيهما مع مسافر بن سعيد بن نمران الناعطي وظبيان بن عمارة التيمي حتي قدما بهما علي محمد بن الحنفية وكتب إلي ابن الحنفية في ذلك بكتاب. (قال أبومخنف) وحدثني موسي بن عامر قال انما كان هيج المختار


علي قتل عمر بن سعد ان يزيد بن شراحيل الانصاري اتي محمد بن الحنفية فسلم عليه فخري الحديث إلي أن تذاكرو المختار وخروجه وما يدعو اليه من الطلب بدماء أهل البيت فقال محمد بن الحنفية علي اهون رسله يزعم انه لنا شيعة وقتلة الحسين جلسوه علي الكراسي يحدثونه قال فوعاها الآخر منه فلما قدم الكوفة اتاه فسلم عليه فساله المختار هل لقيت المهدي فقال له نعم فقال ما قال لك وماذاكرك قال فخبره الخبر قال فما لبث المختار عمر بن سعد وابنه ان قتلهما ثم بعث برؤسهما إلي ابن الحنفية مع الرسولين اللذين سمينا وكتب معهما إلي ابن الحنفية.

بسم الله الرحمن الرحيم للمهدي محمد بن علي من المختار بن أبي عبيد سلام عليك يا أيها المهدي فأني أحمد اليك الله الذي لا اله الا هو اما بعد فان الله بعثني نقمة علي أعدائكم فهم بين قتيل وأسير وطريد وشريد فالحمد لله الذي قتل قاتليكم وقصر مؤارزيكم. وقد بعثت اليك برأس عمر بن سعد وابنه وقد قتلنا من شرك في دم الحسين وأهل بيته رحمة الله عليهم كل من قدرنا عليه ولن يعجز الله من بقي ولست بمنجم عنهم حتي لا يبلغني أن علي اديم الارض منهم ارميا فاكتب إلي أيها المهدي برأيك أتبعه وأكون عليه والسلام عليك ايها المهدي ورحمة الله بركاته ثم ان المختار بعث عبدالله بن كامل إلي حكيم بن طفيل الطائي السنبسي وقد كان اصاب صلب العباس ابن علي ورمي حسينا بسهم فكان يقول تعلق سهمي بسرباله وماضره فأتاه عبدالله بن كامل فأخذه ثم اقبل به وذهب اهله فاستغاثوا بعدي بن حاتم فلحقهم في الطريق فكلم عبدالله بن كامل فيه فقال ما إلي من أمره شئ انما ذلك إلي الامير المختار قال فاني آتيه قال فأته راشد افمضي عدي نحو المختار وكان المختار قد شفعه


في نفر من قومه أصابهم يوم جبانة السبيع لم يكونوا نطقوا بشئ من امر الحسين ولا اهل بيته. فقالت الشيعة لابن كامل انا نخاف ان يشفع الامير عدي بن حاتم في هذا الخبيث وله من الذنب ما قد علمت فدعنا نقتله قال شأنكم به فلما انتهوا به إلي دار العنزبين وهو مكتوف نصبوه غرضا ثم قالوا له سلبت ابن علي ثيابه والله لنسلبن ثيابك وانت حي تنظر فنزعوا ثيابه ثم قالوا له رميت حسينا واتخذته غرضا لنبلك وقلت تعلق سهمي بسرباله ولم يضره وايم الله لنرمينك كما رميته بنبال ما تعلق بك منها اجزاك قال فرموه رشقا واحدا فوقعت به منهم نبال كثيرة فخر ميتا (قال ابومخنف) فحدثني ابوالجارود عمن رآه قتيلا كأنه قنفذ لما فيه من كثرة النبل ودخل عدي بن حاتم علي المختار فأجلسه معه علي مجلسه فأخبره عدي عما جاء له فقال له المختار اتستحل يا ابا طريف أن تطلب في قتلة الحسين قال انه مكذوب عليه اصلحك الله قال اذا ندعه لك قال فلم يكن بأسرع من أن دخل ابن كامل. فقال له المختار ما فعل الرجل قال قتلته الشيعة قال له وما اعجلك إلي قتله قبل ان تأتيني به وهو لا يسره انه لم يقتله وهذا عدي قد جاء فيه وهو اهل ان يشفع ويؤتي ما سره قال غلبتني والله الشيعة قال له عدي كذبت يا عدو الله ولكن ظننت ان من هو خير منك سيشفعني فيه فبادرتني فقتلته ولم يكن خطر يدفعك عما صنعت. قال فاسحنفر اليه ابن كامل بالشتيمة فوضع المختار اصبعه علي فيه يأمر ابن كامل بالسكوت والكف عن عدي فقام عدي راضيا عن المختار


ساخطا علي ابن كامل يشكوه عند من لقي من قومه وبعث المختار إلي قاتل علي ابن الحسين عبدالله بن كامل وهو رجل من عبدالقيس يقال له مرة بن منقذ بن النعمان العبدي وكان شجاعا فأتاه ابن كامل فأحاط بداره فخرج اليهم وبيده الرمح وهو علي فرس جواد فطعن عبيدالله بن ناجية الشبامي فصرعه. ولم يضره قال ويضربه ابن كامل بالسيف فيتقيه بيده اليسري فاسرع فيها السيف وتمطرت به الفرس فافلت ولحق بمصعب وشلت يده بعد ذلك قال وبعث المختار ايضا عبدالله الشاكري إلي رجل من جنب يقال له زيد بن رقاد كان يقول لقد رميت فتي منهم بسهم وانه لواضع كفه علي جبهته يتقي النبل فاثبت كفه في جبهته فما استطاع ان يزيل كفه عن جبهته (قال ابومخنف) فحدثني ابوعبدالاعلي الزبيدي ان ذلك الفتي عبدالله بن مسلم بن عقيل وانه قال حيث اثبت كفه في جبهته اللهم انهم استقلونا واستذلونا اللهم فاقتلهم كما قتلونا اذلهم كما استذلونا ثم انه رمي الغلام بسهم آخر فقتله فكان يقول جئته ميتا فنزعت سهمي الذي قتلته به من جوفه فلم ازل انضنض السهم من جبهته حتي نزعته وبقي النصل في جبهته مثبتا ما قدرت علي نزعه قال فلما اتي ابن كامل داره احاط بها واقتحم الرجال عليه فخرج مصلتا بسيفه وكان شجاعا. فقال ابن كامل لا تضربوه بسيف ولا تطعنوه برمح ولكن ارموه بالنبل وارجموه بالحجارة ففعلوا ذلك به فسقط فقال ابن كامل ان كان به رمق فأخرجوه فأخرجوه وبه رمق فدعا بنار فحرقه بها وهو حي لم تخرج روحه وطلب المختار سنان ابن انس الذي كان يدعي قتل


الحسين فوجده قد هرب إلي البصرة فهدم داره وطلب المختار عبدالله بن عقبة الغنوي فوجده قد هرب ولحق بالجزيرة فهدم داره وكان ذلك الغنوي قد قتل منهم غلاما وقتل رجل آخر من بني اسد يقال له حرملة بن كاهل رجلا من آل الحسين ففيهما يقول ابن أبي عقب الليثي.



وعند غني قطرة من دمائنا

وفي اسد اخري تعد وتذكر



وطلب رجلا من خثعم يقال له عبدالله بن عروة الخثعمي كان يقول رميت فيهم باثني عشر سهما ضيعة ففاته ولحق بمصعب فهدم داره وطلب رجلا من صداء يقال له عمرو بن صبيح وكان يقول لقد طعنت بعضهم وجرحت فيهم وما قتلت منهم احدا فأتي ليلا وهو علي سطحه وهو لا يشعر بعد ما هدأت العيون وسيفه تحت رأسه فأخذوه أخذا وأخذوا سيفه فقال قبحك الله سيفا ما اقربك وأبعدك فجئ به إلي المختار فحبسه معه في القصر. فلما ان اصبح أذن لاصحابه وقيل ليدخل من شاء أن يدخل ودخل الناس وجئ به مقيدا فقال أما والله يامعشر الكفرة الفجرة أن لو بيدي سيفي لعلمتم اني بنصل السيف غير رعش ولا رعديد ما يسرني اذ كانت منيتي قتلا انه قتلني من الخلق احد غيركم لقد علمت أنكم شرار خلق الله غير اني وددت أن بيدي سيفا أضرب به فيكم ساعة. ثم رفع يده فلطم عين ابن كامل وهو إلي جنبه فضحك ابن كامل ثم اخذ بيده وامسكها ثم قال انه يزعم أنه قد جرح في آل محمد وطعن فمرنا بأمرك فيه فقال المختار علي بالرماح فأتي بها فقال اطعنوه حتي يموت فطعن بالرماح حتي مات.


(قال أبومخنف) حدثني هشام بن عبدالرحمن وابنه الحكم بن هشام ان اصحاب المختار مروا بدار بني ابي زرعة بن مسعود فرموهم من فوقها فأقبلوا حتي دخلوا الدار فقتلوا الهبياط ابن عثمان بن أبي زرعة الثقفي وعبدالرحمن بن عثمان بن أبي زرعة الثقفي وأفلتهم عبدالمالك بن ابي زرعة بضربة في رأسه فجاء يشتد حتي دخل علي المختار فأمر امراته ام ثابت ابنة سمرة بن جندب فداوت شجته. ثم دعاه فقال لا ذنب لي انكم رميتم القوم فاغضبتموهم وكان محمد بن الاشعث بن قيس في قرية الاشعث إلي جنب القادسيه فبعث المختار اليه حوشبا ساذن الكرسي في مائة فقال انطلق اليه فانك تجده لاهيا متصيدا او قائما متلبدا او خائفا متلددا اوذ اكامنا متغمدا فان قدرت عليه فأتني برأسه فخرج حتي اتي قصره فاحاط به وخرج منه محمد بن الاشعث فلحق بمصعب وأقاموا علي القصر وهم يرون انه فيه ثم انهم دخلوا فعلموا انه قد فاتهم فانصرفوا إلي المختار فبعث إلي داره فهدمها وبني بلبنها وطينها دار حجر بن عدي الكندي وكان زياد بن سمية قد هدمها.