بازگشت

مقتل الحسين واصحابه واعوانه وسبي اهله وعياله واسرهن


عن ابي مخنف - قال: حدثني ابوجناب عن عدي بن حرملة عن عبدالله بن سليم والمذري بن المشمعل الاسديين قالا: اقبل الحسين (ع) حتي نزل شراف،فلما كان في السحر أمر فتيانه فاستقوا من الماء فاكثروا ثم ساروا منها فرسموا صدر يومهم حتي انتصف النهار، ثم ان رجلا قال: الله اكبر، فقال الحسين: الله اكبر ما كبرت؟ قال: رأيت النخل، فقال له الاسديان: ان هذا المكان ما رأينا به نخلة قط، قالا: فقال لنا الحسين: فما تريانه رأي، قلنا: نراه رأي هوادي الخيل، فقال: وانا والله اري ذلك. فقال الحسين: اما لنا ملجأ نلجأ اليه نجعله في ظهورنا ونستقبل القوم من وجه واحد، فقلنا له: بلي هذا ذوحسم إلي جنبك تميل اليه عن يسارك، فان سبقت القوم اليه فهو كما تريد، قال: فاخذ اليه ذات اليسار، قال: وملنا معه فما كان بأسرع من ان طلعت علينا هوادي الخيل فتبيناها وعدلنا، فلما رأونا وقد عدلنا عن الطريق عدلوا الينا كان اسنتهم اليعاسيب، وكان رأياتهم اجنحة الطير.


قال: فاستبقنا إلي ذي حسم فسبقناهم اليه، فنزل الحسين فأمر بأبنيته فضربت، وجاء القوم وهم الف فارس مع الحرين يزيد التميمي اليربوعي حتي وقف هو وخيله مقابل الحسين في حر الظهيرة والحسين واصحابه معتمون متقلدو اسيافهم.

فقال الحسين لفتيانه: اسقوا القوم وارووهم من الماء ورشفوا الخيل ترشيفا، فقام فتيانه فرشفوا الخيل ترشيفا. فقام فتية وسقوا القوم من الماء حتي ارووهم واقبلوا يملئون القصاع والاتوار والطساس من الماء ثم يدنونها من الفرس فاذا عب فيه ثلاثا او اربعا او خمسا عزلت عنه وسقوا آخر حتي سقوا الخيل كلها. قال هشام: حدثني لقيط عن علي بن الطعان المحاربي: كنت مع الحربن يزيد فجئت في آخر من جاء من اصحابه، فلما رأي الحسين ما بي وبفرسي من العطش قال:أنخ الراوية والراوية عندي السقاء، ثم قال: يابن اخي انخ الجمل فأنخته، فقال: اشرب فجعلت كلما شربت سال الماء من السقاء، فقال الحسين: اخنث السقاء أي اعطفه، قال: فجعلت لا أدري كيف افعل، قال: فقام الحسين فخنثه فشربت وسقيت فرسي. قال: وكان مجئ الحربن يزيد ومسيره إلي الحسين من القادسية وذلك ان عبيدالله بن زياد لما بلغه اقبال الحسين بعث الحصين بن نمير التميمي وكان علي شرطه فامره أن ينزل القادسية وان يضع المسالح فينظم ما بين القطقطانة إلي خفان، وقدم الحربن يزيد بين يديه في هذه الالف من القادسية فيستقبل حسينا


قال: فلم يزل موافقا حسينا حتي حضرت الصلوة صلوة الظهر، فامر الحسين الحجاج بن مسروق الجعفي ان يؤذن فاذن، فلما حضرت الاقامة خرج الحسين في ازار ورداء ونعلين فحمد الله واثني عليه، ثم قال: ايها الناس انها معذرة إلي الله عزوجل واليكم، اني لم آتكم حتي اتتني كتبكم وقدمت علي رسلكم ان اقدم علينا فانه ليس لنا امام لعل الله يجمعنا بك علي الهدي، فان كنتم علي ذلك فقد جئتكم، فان تعطوني ما اطمئن اليه من عهودكم ومواثيقكم أقدم مصركم، وان لم تفعلوا وكنتم لمقدمي كارهين انصرفت عنكم إلي المكان الذي اقبلت منه اليكم، قال: فسكتوا عنه وقالوا للمؤذن: اقم، فاقام الصلاة، فقال الحسين (ع) للحر اتريد ان تصلي باصحابك؟ قال: لا بلي تصلي أنت ونصلي بصلاتك، قال: فصلي بهم الحسين. ثم انه دخل واجتمع اليه اصحابه وانصرف الحر إلي مكانه الذي كان به، فدخل خيمة قد ضربت له فاجتمع اليه جماعة من اصحابه وعاد أصحابه إلي صفهم الذي كانوا فيه فأعادوه، ثم أخذ كل رجل منهم بعنان دابته وجلس في ظلها، فلما كان وقت العصر أمر الحسين أن يتهيئوا للرحيل ثم انه خرج فأمر مناديه فنادي بالعصر وأقام فاستقدم الحسين فصلي بالقوم ثم سلم وانصرف إلي القوم بوجهه فحمدالله واثني عليه ثم قال: اما بعد أيها الناس فانكم ان تتقوا وتعرفوا الحق لاهله يكن ارضي لله، ونحن اهل البيت اولي بولاية هذا الامر عليكم من هؤلاء


المدعين ما ليس لهم والسائرين فيكم بالجور والعدوان، وان انتم كرهتمونا وجعلتم حقنا [1] وكان رأيكم غيرما اتتني كتبكم وقدمت به علي رسلكم انصرفت عنكم. فقال له الحربن يزيد: انا والله ما ندري ما هذه الكتب التي تذكر، فقال الحسين: يا عقبة بن سمعان أخرج الخرجين الذين فيهما كتبهم إلي، فاخرج خرجين مملؤين صحفا فنشرها بين أيديهم، فقال الحر: فانا لسنا من هؤلاء الذين كتبوا اليك وقد امرنا اذا نحن لقيناك الا نفارقك حتي نقدمك علي عبيد الله بن زياد، فقال له الحسين: الموت ادني اليك من ذلك. ثم قال لاصحابه: قوموا فاركبوا، فركبوا وانتظروا حتي ركبت نساء هم، فقال لاصحابه: انصرفوا بنا، فلما ذهبوا لينصرفوا حال القوم بينهم وبين الانصراف، فقال الحسين للحر: ثكلتك امك ما تريد؟ قال: اما والله لو غيرك من العرب يقولها لي وهو علي مثل الحال التي انت عليها ما تركت ذكرامه بالثكل ان اقوله كائنا من كان، ولكن والله مالي إلي ذكر امك من سبيل الابا حسن ما يقدر عليه. فقال له الحسين: فما تريد؟ قال الحر: اريد والله ان انطلق بك إلي عبيدالله بن زياد، قال له الحسين: اذا والله لا اتبعك، فقال له الحر: اذن والله لا ادعك، فترادا القول ثلاث مرات، ولما كثر الكلام بينهما قال له الحر: اني لم اومر بقتالك وانما امرت ان لا افارقك حتي اقدمك


الكوفة، فاذا أبيت فخذ طريقا لا تدخلك الكوفة ولا تردك إلي المدينة لتكون بيني وبينك نصفا حتي أكتب إلي ابن زياد وتكتب أنت إلي يزيد بن معاوية ان أردت ان تكتب اليه او إلي عبيدالله بن زياد ان شئت، فلعل الله إلي ذاك أن يأتي بامر يرزقني فيه العافية من أن ابتلي بشئ من أمرك، قال فخذ هيهنا فتياسر عن طريق العذيب والقادسية وبينه وبين العذيب ثمانية وثلاثون ميلا. ثم ان الحسين سارفي اصحابه والحر يسايره. قال ابومخنف - عن عقبة [2] بن ابي العيزار ان الحسين خطب أصحابه وأصحاب الحر بالبيضة فحمد الله واثني عليه ثم قال: ايها الناس ان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال: من رآي سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله، ناكثا لعهد الله، مخالفا لسنة رسول الله صلي الله عليه وآله يعمل في عباد الله بالاثم والعدوان، فلم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقا علي الله ان يدخله مدخله. الا وأن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمان، واظهروا الفساد وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفيئ، وأحلوا حرام الله


وحرموا حلاله، وانا احق من غير [3] وقد أتتني كتبكم وقدمت علي رسلكم ببيعتكم أنكم لا تسلموني ولا تخذلوني، فان تممتم علي بيعتكم تصيبوا رسشدكم، فانا الحسين بن علي وابن فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم نفسي مع أنفسكم وأهلي مع أهليكم، فلكم في أسوة. وان لم تفعلوا و نقضتم عهدكم وخلعتم بيعتي من أعناقكم، فلعمري ما هي لكم بنكر، لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمي مسلم، والمغرور من اغتربكم، فحظكم اخطأتم ونصيبكم ضيعتم، ومن نكث فانما ينكث علي نفسه، وسيغني الله عنك والسلام عليك ورحمة الله وبركاته وقال عقبة بن ابي العيزار: قام حسين (ع) بذي حسم فحمدالله و اثني عليه ثم قال: انه قد نزل من الامر قد ترون، وان الدنيا قد تغيرت وتنكرت وأدبر معروفها واستمرت جدا، فلم يبق منها الاصبابة كصبابة الاناء،وخسيس عيش كالمرعي الوبيل. الا ترون أن الحق لا يعمل به، وأن الباطل لا يتناهي عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله محقا فاني لا اري الموت الا شهادة ولا الحياة مع الظالمين الا برما. قال فقام زهير بن القين البجلي فقال لاصحابه: تكلمون أم أتكلم، قالوا: لا بل تكلم فحمدالله واثني عليه ثم قال: قد سمعنا هداك الله يابن رسول الله مقالتك، والله لو كانت الدنيا لنا باقية وكنا فيها مخلدين الا ان فراقها في نصرك ومواساتك لاثرنا الخروج معك علي الاقامة فيها، قال: فدعي الحسين له ثم قال له خيرا.


واقبل الحر يسايره وهو يقول له: يا حسين اني اذكرك الله في نفسك فاني أشهد لئن قاتلت لتقتلن، ولئن قوتلت لتهلكن فيما اري، فقال له الحسين: أفبالموت تخوفني وهل يعدوبكم الخطب ان تقتلوني، ما أدري ما أقول لك، ولكن أقول كما قال أخو الاوس لابن عمه ولقيه وهو يريد نصرة رسول الله صلي الله عليه وآله فقال له: أين تذهب؟ فانك مقتول فقال:



سامضي وما بالموت عار علي الفتي

اذا مانوي حقا وجاهد مسلما



وآسي الرجال الصالحين بنفسه

وفارق مثبورا يغش ويرغما



قال: فلما سمع ذلك منه الحر تنحي عنه وكان يسير باصحابه في ناحية وحسين في ناحية اخري حتي انتهوا إلي عذيب الهجانات وكان بها هجائن النعمان ترعي هنالك، فاذا هم بأربعة نفر قد اقبلوا من الكوفة علي رواحلهم يجنبون فرسا لنافع بن هلال يقال له الكامل ومعهم دليلهم الطرماح بن عدي علي فرسه وهو يقول:



يا ناقتي لا تذعري من زجري

وشمري قبل طلوع الفجر



بخير ركبان وخير سفر

حتي تحلي بكريم النحر



ثمت ابقاه بقاء الدهر قال: فلما انتهوا إلي الحسين أنشده هذه الابيات، فقال: أما والله اني لارجو أن يكون خيرا ما أراد الله بنا، قتلنا أم ظفرنا، قال: وأقبل اليهم الحر بن يزيد فقال: ان هؤلاء النفر الذين من أهل الكوفة ليسوا ممن اقبل معك وأنا حابسهم أو رادهم


فقال له الحسين: لامنعنهم مما أمنع منه نفسي، انما هؤلاء أنصاري وأعواني وقد كنت اعطيتني الا تعرض لي بشئ حتي يأتيك كتاب من ابن زياد، فقال: أجل، لكن لم يأتوا معك، قال: هم اصحابي وهم بمنزلة من جاء معي، فان تممت علي ما كان بيني وبينك والا ناجزتك، قال فكف عنهم الحر. قال ثم قال لهم الحسين: اخبروني خبر الناس ورائكم، فقال له مجمع بن عبدالله العائذي وهو أحد النفر الاربعة الذين جاء وه: اما أشراف الناس فقد أعظمت رشوتهم وملئت غرائرهم، يستمال ودهم ويستخلص به نصيحتهم، فهم الب واحد عليك واما سائر الناس بعد فان افئدتهم تهوي اليك وسيوفهم غدا مشهورة عليك. قال: اخبرني فهل لكم برسولي اليكم؟ قالوا: من هو؟ قال: قيس بن مسهر الصيداوي، قالوا: نعم أخذه الحصين بن نمير فبعث به إلي ابن زياد فأمره ابن زياد أن يلعنك ويلعن أباك فصلي عليك وعلي ابيك ولعن ابن زياد واباه ودعا إلي نصرتك واخبرهم بقدومك، فامر به ابن زياد فألقي من طمار القصر، فترقرقت عينا حسين عليه السلام ولم يملك دمعه ثم قال: منهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا الا تبديلا اللهم اجعل لنا ولهم الجنة نزلا، واجمع بيننا وبينهم في مستقر من رحمتك ورغائب مذخور ثوابك. قال ابومخنف - حدثني جميل بن مرثد من بني معن عن الطرماح بن عدي أنه دنا من الحسين فقال له: والله اني لانظر فما أري معك أحدا، ولو لم يقاتلك الا هؤلاء الذين أراهم ملازميك لكان كفي بهم، وقد رأيت قبل خروجي من الكوفة اليك بيوم ظهر الكوفة وفيه من الناس ما


لم ترعيناي في صعيد واحد جمعا اكثر منه، فسألت عنهم فقيل: اجتمعوا ليعرضوا ثم يسرحون إلي الحسين، فانشدك الله ان قدرت علي الا تقدم عليهم شبرا الا فعلت، فان أردت أن تنزل بلدا يمنعك الله به حتي تري من رأيك ويستبين لك ما انت صانع، فسر حتي أنزلك مناع جبلنا الذي يدعي اجأ امتنعنا والله به من ملوك غسان وحمير ومن النعمان بن المنذر ومن الاسود والاحمر والله ان دخل علينا ذل قط فأسير معك حتي انزلك القرية ثم نبعث إلي الرجال ممن بأجأ وسلمي من طئ، فوالله لا يأتي عليك عشرة أيام حتي ياتيك طئ رجالا وركبانا ثم اقم فينا ما بدالك، فان هاجك هيج فأنازعيم لك بعشرين الف طائي يضربون بين يديك باسيافهم، والله لا يوصل اليك ابدا ومنهم عين تطرف. فقال له: جزاك الله وقومك خيرا انه قد كان بيننا وبين هؤلاء القوم قول لسنا نقدر معه علي الانصراف ولا ندري علام تنصرف بنا وبهم الامور في عاقبه. قال ابومخنف فحدثني جميل بن مرثد قال حدثني الطرماح [4] .


ابن عدي: فودعته وقلت له: دفع الله عنك شر الجن والانس اني قد امترت لاهلي من الكوفة ميرة ومعي نفقة لهم فآتيهم فاضع ذلك فيهم ثم اقبل اليك ان شاء الله، فان الحقك فوالله لاكونن من انصارك قال: فان كنت فاعلا فعجل رحمك الله، قال: فعلمت انه مستوحش إلي الرجال حتي يسألني التعجيل، قال: فلما بلغت اهلي وضعت عندهم ما يصلحهم واوصيت فأخذ اهلي يقولون: انك لتصنع مرتك هذه شيئا ما كنت تصنعه قبل اليوم، فأخبرتهم بما اريد. واقبلت في طريق بني ثعل حتي اذا دنوت من عذيب الهجانات استقبلني سماعة بن بدر فنعاه إلي فرجعت. قال: ومضي الحسين عليه السلام حتي انتهي إلي قصر بني مقاتل فنزل به فاذا هو بفسطاط مضروب. قال أبومخنف - حدثني المجالد بن سعيد عن عامر [5] الشعبي


أن الحسين بن علي رضي الله عنه قال: لمن هذا الفسطاط؟ فقيل: لعبيدالله بن الحر الجعفي، قال: ادعوه لي، وبعث اليه فلما أتاه الرسول قال: هذا الحسين بن علي يدعوك، فقال عبيدالله بن الحر: انا لله وانا اليه راجعون، والله ما خرجت من الكوفة الا كراهة أن يدخلها


الحسين وأنا بها، والله ما أريد أراه ولا يراني، فأتاه الرسول فأخبره، فأخذ الحسين نعليه فانتعل ثم قام فجاء ه حتي دخل عليه فسلم وجلس، ثم دعاه إلي الخروج معه، فأعاد اليه ابن الحر تلك المقالة، فقال: فالاتنصرنا فاتق الله أن تكون ممن يقاتلنا، فوالله لا يسمع واعيتنا أحد ثم لا ينصرنا الا هلك. قال: أما هذا فلا يكون أبدا ان شاء الله ثم قام الحسين (ع) من عنده حتي دخل رحله.

قال أبومخنف - حدثني عبدالرحمن بن حندب عن عقبة بن سمعان قال: لما كان في آخر الليل أمر الحسين بالاستقاء من الماء، ثم أمرنا بالرحي ففعلنا، قال: فلما ارتحلنا من قصر بني مقاتل وسرنا ساعة خفق الحسين برأسه خفقة ثم انتبه وهو يقول: انا لله وانا اليه راجعون والحمد لله رب العالمين. قال: ففعل ذلك مرتين أو ثلاثا. قال: فأقبل اليه ابنه علي بن الحسين علي فرس له فقال: انا لله وانا اليه راجعون والحمد لله رب العالمين، يا أبت جعلت فداك مم حمدت الله واسترجعت؟ قال: يأبني اني خفقت برأسي خفقة، فعن لي فارس علي فرس، فقال: القوم يسيرون والمنايا تسري اليهم، فعلمت أنها أنفسنا نعيت الينا، قال له: يا أبت لا أراك الله سوء ا ألسنا علي الحق؟ قال: بلي والذي اليه مرجع العباد، قال: يا أبت اذا لا نبالي نموت محقين، فقال له: جزاك الله من ولد خير ما جزي ولدا عن والده. قال: فلما أصبح نزل فصلي الغداة ثم عجل الركوب، فأخذ يتياسر باصحابه يريد أن يفرقهم، فيأتيه الحربن يزيد فيردهم فيرده


فجعل اذا ردهم إلي الكوفة ردا شديدا امتنعوا عليه فارتفعوا فلم يزالوا يتسايرون حتي انتهوا إلي نينوي المكان الذي نزل به الحسين، قال: فاذا راكب علي نجيب له وعليه السلاح متنكب قوسا مقبل من الكوفة، فوقفوا جميعا ينتظرونه، فلما انتهي اليهم سلم علي الحربن يزيد وأصحابه ولم يسلم علي الحسين (ع) وأصحابه، فدفع إلي الحر كتابا من عبيدالله بن زياد فاذا فيه: أما بعد فجعجع بالحسين حين يبلغك كتابي ويقدم عليك رسولي، فلا تنزله الا بالعراء في غير حصن وعلي غير ماء، وقد أمرت رسولي أن يلزمك ولا يفارقك حتي يأتيني بانفاذك أمري والسلام. قال: فلما قرأ الكتاب قال لهم الحر: هذا كتاب الامير عبيدالله بن زياد يأمرني فيه أن أجعجع بكم في المكان الذي يأتيني فيه كتابه وهذا رسوله، وقد أمره أن لا يفارقني حتي أنفذ رأيه وأمره، فنظر إلي رسول عبيدالله يزيد بن زياد بن المهاصر أبوالشعثاء الكندي ثم النهدي فعن له، فقال: أمالك بن النسير البدي؟ قال: نعم وكان أحد كندة، فقال له يزيد بن زياد: ثكلتك امك ماذا جئت فيه؟ قال: وما جئت فيه أطعت امامي ووفيت ببيعتي فقال له أبوالشعثاء: عصيت ربك وأطعت امامك في هلاك نفسك، كسبت العار والنار،قال الله عزوجل: وجعلنا منهم أئمة يدعون إلي النار ويوم القيامة لا ينصرون فهو امامك.. قال: وأخذ الحر بن يزيد القوم بالنزول في ذلك المكان علي غير ماء ولافي قرية فقالوا: دعنا ننزل في هذه القرية يعنون نينوي او هذه القرية يعنون الغاضرية او هذه الاخري يعنون شفية، فقال: لا والله ما استطيع ذلك،هذا رجل قد بعث إلي عينا


فقال له زهير بن القين: يابن رسول الله ان قتال هؤلاء اهون من قتال من يأتينا من بعدهم، فلعمري ليأتينا من بعد من تري ما لا قبل لنا به؟ فقال له الحسين: ما كنت لا بد أهم بالقتال، فقال له زهير بن القين: سربنا إلي هذه القرية حتي ننزلها فانها حصينة وهي علي شاطئ الفرات، فان منعونا قاتلناهم فقتالهم أهون علينا من قتال من يجئ من بعدهم، فقال له الحسين: وأية قرية هي؟ قال: هي العقر، فقال الحسين: أللهم اني أعوذ بك من العقر، ثم نزل وذلك يوم الخميس وهو اليوم الثاني من المحرم سنة 61. فلما كان من الغد قدم عليهم عمر بن سعد بن أبي وقاص من الكوفة في اربعة آلاف قال: وكان سبب خروج ابن سعد إلي الحسين (ع) ان عبيدالله بن زياد بعثه علي اربعة آلاف من اهل الكوفة يسير بهم إلي دستبي وكانت الديلم قد خرجوا اليها وغلبوا عليها، فكتب اليه ابن زياد عهده علي الري وامره بالخروج، فخرج معسكرا بالناس بحمام اعين، فلما كان من امر الحسين ما كان واقبل إلي الكوفة دعا ابن زياد عمر بن سعد فقال: سرالي الحسين فاذا فرغنا مما بيننا وبينه سرت إلي عملك، فقال له عمر بن سعد: ان رأيت رحمك الله ان تعفيني فافعل، فقال له عبيدالله: نعم علي ان ترد لنا عهدنا، قال: فلما قال له ذلك قال عمر بن سعد: امهلني اليوم حتي أنظر، قال: فانصرف عمر يستشير نصحاء ه فلم يكن يستشير احدا الا نهاه قال: وجاء حمزة بن المغيرة بن شعبة وهو ابن اخته فقال انشدك الله يا خال ان تسير إلي الحسين فتأثم بربك وتقطع رحمك، فوالله لان


تخرج من دنياك ومالك وسلطان الارض كلها لو كان لك خير لك من ان تلقي الله بدم الحسين، فقال له عمر بن سعد: فاني افعل ان شاء الله. قال هشام:حدثني عوانة بن الحكم عن عمار بن عبدالله بن يسار الجهني عن ابيه قال: دخلت علي عمر بن سعد وقد امر بالمسير إلي الحسين فقال: ان الامير امرني بالمسير إلي الحسين فأبيت ذلك عليه، فقلت له: اصاب الله بك، ارشدك الله احل فلا تفعل ولا تسراليه، قال: فخرجت من عنده فاتاني آت وقال: هذا عمر بن سعد يندب الناس إلي الحسين قال: فأتيته فاذا هو جالس، فلما رآني اعرض بوجهه فعرفت انه قد عزم علي المسير اليه، فخرجت من عنده. قال: فأقبل عمر بن سعد إلي ابن زياد فقال: اصلحك الله انك وليتني هذا العمل، وكتبت لي العهد وسمع به الناس، فان رأيت ان تنفذلي ذلك فافعل وابعث إلي الحسين في هذا الجيش من اشراف الكوفة من لست بأغني ولا اجزأ عنك في الحرب منه فسمي له اناسا، فقال له ابن زياد: لا تعلمني باشراف اهل الكوفة ولست استأمرك فيمن اريد ان ابعث، ان سرت بجندنا والا فابعث الينا بعهدنا فلما رآه قد لج قال: فاني سائر، قال: فأقبل في اربعة آلاف حتي نزل بالحسين من الغد من يوم نزل الحسين نينوي. قال فبعث عمر بن سعد إلي الحسين عليه السلام عزرة بن قيس الاحمسي فقال: ائته فسله ما الذي جاء به وماذا يريد؟ وكان عزرة ممن كتب إلي الحسين فاستحيا منه ان يأتيه، قال: فعرض ذلك علي الرؤساء الذين كاتبوه وكلهم ابي وكرهه، قال: وقام اليه كثير بن عبدالله الشعبي


وكان فارسا شجاعا ليس يرد وجهه شيئ، فقال: انا اذهب اليه والله لئن شئت لافتكن به، فقال له عمر بن سعد: ما اريد ان يفتك به، ولكن ائته فسله ما الذي جاء به؟ قال: فاقبل اليه، فلما رآه ابوثمامة الصائدي قال للحسين: اصلحك الله ابا عبدالله قد جاء ك شر اهل الارض واجرأه علي دم وافتكه، فقام اليه فقال: ضع سيفك، قال: لا والله ولا كرامة انما انا رسول، فان سمعتم مني ابلغتكم ما ارسلت به اليكم، وان ابيتم انصرفت عنكم - فقال له: فاني آخذ بقائم سيفك ثم تكلم بحاجتك، قال: لا والله لا تمسه، فقال له: اخبرني ما جئت به وانا ابلغه عنك ولا ادعك تدنو منه فانك فاجر، قال: فاستبا ثم انصرف إلي عمر بن سعد فاخبره الخبر. قال: فدعا عمر قرة بن قيس الحنظلي فقال له: ويحك يا قرة الق حسينا فسله ما جاء به وماذا يريد؟ قال: فاتاه قرة بن قيس، فلما رآه الحسين مقبلا قال: اتعرفون هذا؟ فقال حبيب بن مظاهر: نعم هذا رجل من حنظلة تميمي وهو ابن اختنا ولقد كنت اعرفه بحسن الرأي وما كنت اراه يشهد هذا المشهد قال: فجاء حتي سلم علي الحسين وابلغه رسالة عمر بن سعد اليه له، فقال الحسين: كتب إلي اهل مصركم هذا ان اقدم، فاما اذكر هوني فانا انصرف عنهم. قال: ثم قال له حبيب بن مظاهر: ويحك يا قرة بن قيس اني ترجع إلي القوم الظالمين، انصر هذا الرجل الذي بآباء ه ايدك الله بالكرامة، وايانا معك، فقال له قرة: ارجع إلي صاحبي بجواب رسالته واري رأيي، قال: فانصرف إلي عمر بن سعد فاخبره الخبر، فقال له عمر بن سعد: اني لارجو أن يعافيني الله من حربه وقتاله


قال هشام عن ابي مخنف قال: حدثني النضر بن صالح بن حبيب بن زهير العبسي عن حسان [6] بن فائد ابن ابي بكر العبسي، قال: أشهد ان كتاب عمر بن سعد جاء إلي عبيدالله بن زياد وانا عنده فاذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فاني حيث نزلت بالحسين بعثت اليه رسولي فسألته عما أقدمه وماذا يطلب ويسأل؟ فقال: كتب إلي اهل هذه البلاد وأتتني رسلهم فسألوني القدوم ففعلت، فاما اذكر هوني فبدا لهم غير ما أتتني به رسلهم فانا منصرف عنهم. فلما قرئ الكتاب علي ابن زياد قال:



الان اذ علقت مخالبنا به

يرجو النجاة ولات حين مناص



قال: وكتب إلي عمر بن سعد: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فقد بلغني كتابك وفهمت ما ذكرت، فأعرض علي الحسين ان يبايع ليزيد بن معاوية هووجميع اصحابه، فاذا فعل ذلك رأينا رأينا والسلام. قال: فلما أتي عمر بن سعد الكتاب قال قد حسبت الا يقبل ابن زياد العافية.


قال ابومخنف - حدثني سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم الازدي قال: جاء من عبيدالله بن زياد كتاب إلي عمر بن سعد: اما بعد فحل بين الحسين واصحابه وبين الماء ولا يذوقوا منه قطرة كما صنع بالتقي الزكي المظلوم امير المؤمنين عثمان بن عثمان بن عفان، قال: فبعث عمر بن سعد عمرو بن الحجاج علي خمس مأة فارس، فنزلوا علي الشريعة وحالوا بين حسين واصحابه وبين الماء ان يسقوا منه قطرة، وذلك قبل قتل الحسين بثلاث. قال: ونازله عبدالله بن أبي حصين الازدي وعداده في بجيلة فقال: يا حسين الا تنظر إلي الماء كانه كبد السماء والله لا تذوق منه قطرة حتي تموت عطشا. فقال الحسين: اللهم اقتله عطشا ولا تغفر له ابدا. قال حميد بن مسلم: والله لعدته بعد ذلك في مرضه، فوالله الذي لا اله الا هو لقد رايته يشرب حتي بغر، ثم يقئ ثم يعود فيشرب حتي يبغر فما يروي، فما زال ذلك دأبه حتي لفظ غصته يعني نفسه. قال: ولما اشتد علي الحسين واصحابه العطش دعا العباس بن علي بن ابيطالب اخاه فبعثه في ثلاثين فارسا وعشرين راجلا وبعث معهم بعشرين قربة، فجاء وا حتي دنوا من الماء ليلا، واستقدم امامهم باللواء نافع بن هلال الجملي، فقال عمرو بن الحجاج الزبيدي: من الرجل فجئ ما جاء بك؟ قال: جئنا نشرب من هذا الماء الذي حلاء تمونا عنه، قال: فاشرب هنيئا، قال: لا والله لا اشرب منه قطرة وحسين عطشان ومن تري من اصحابه فطلعوا عليه، فقال: لا سبيل إلي سقي هؤلاء، انما وضعنا بهذا المكان لنمنعهم الماء، فلما دنا منه اصحابه


قال لرجاله: املؤوا قربكم فشد الرجالة فملؤوا قربهم وثار اليهم عمرو بن الحجاج واصحابه، فحمل عليهم العباس بن علي ونافع بن هلال فكفوهم، ثم انصرفوا إلي رحالهم فقالوا: امضوا، ووقفوا دونهم، فعطف عليهم عمرو بن الحجاج واصحابه واطردوا قليلا، ثم ان رجلا من صداء طعن من اصحاب عمرو بن الحجاج طعنه نافع بن هلال فظن انها ليست بشئ، ثم انها انتقضت بعد ذلك فمات منها. وجاء اصحاب حسين بالقرب فأدخلوها عليه. قال ابومخنف - حدثني أبوجناب عن هاني بن ثبيت الحضرمي وكان قد شهد قتل الحسين قال: بعث الحسين (ع) إلي عمر بن سعد عمرو بن قرظة بن كعب الانصاري أن القني الليل بين عسكري وعسكرك قال: فخرج عمر بن سعد في نحو من عشرين فارسا، وأقبل حسين في مثل ذلك، فلما التقوا أمر حسين اصحابه ان يتنحوا عنه، وأمر عمر بن سعد أصحابه بمثل ذلك، قال فانكشفنا عنهما بحيث لا نسمع اصواتهما ولا كلامهما، فتكلما فأطالا حتي ذهب من الليل هزيع، ثم انصرف كل واحد منهما إلي عسكره باصحابه، وتحدث الناس فيما بينهما ظنا يظنونه ان حسينا قال لعمر بن سعد: اخرج معي إلي يزيد بن معاوية و ندع العسكرين، قال عمر: اذن تهدم داري. قال: انا ابنيها لك، قال: اذن تؤخذ ضياغي، قال: اذن اعطيك خيرا منها من مالي بالحجاز قال؟ فتكره ذلك عمر، قال: فتحدث الناس بذلك وشاع فيهم من غير ان يكونوا سمعوا من ذلك شيئا ولا علموه قال ابومخنف - واما ما حدثنا به المجالد بن سعيد والصقعب


بن زهير الازدي وغيرهما من المحدثين فهو ما عليه جماعة المحدثين قالوا: انه قال: اختاروا مني خصالا ثلاثا اما ان ارجع إلي المكان الذي اقبلت منه، واما ان اضع يدي في يد يزيد بن معاوية فيري فيما بيني وبينه رأيه واما ان تسيروني إلي اي ثغر من ثغور المسلمين شئتم فاكون رجلا من اهله لي مالهم وعلي ما عليهم. قال ابومخنف - فاما عبدالرحمان بن جندب فحدثني عن عقبة بن سمعان قال: صحبت حسينا فخرجت معه من المدينة إلي مكة، ومن مكة إلي العراقولم افارقه حتي قتل، وليس من مخاطبته الناس كلمة بالمدينة ولا بمكة ولا في الطريق ولا بالعراق ولا في عسكر إلي يوم مقتله الا وقد سمعتها، الا والله ما اعطاهم ما يتذاكر الناس وما يزعمون من ان يضع يده في يد يزيد بن معاوية ولا ان يسيروه إلي ثغر من ثغور المسلمين، ولكنه قال: دعوني فلا ذهب في هده الارض العريضة حتي ننظر ما يصير امر الناس. قال ابومخنف - حدثني المجالد بن سعيد الهمداني والصقعب بن زهيرانهما كانا التقيا مرارا ثلاثا او اربعا حسين وعمر بن سعد، قال: فكتب عمر بن سعد إلي عبيدالله بن زياد: اما بعد فان الله قد اطفأ النائرة، وجمع الكلمة، واصلح امر الامة، هذا حسين قد اعطاني ان يرجع إلي المكان الذي منه اتي، او ان نسيره إلي اي ثغر من ثغور المسلمين شئنا، فيكون رجلا من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم، او ان يأتي يزيد امير المؤمنين فيضع يده في يده فيري فيما بينه وبينه رأيه، وفي هذا لكم رضي وللامة صلاح


قال فلما قرأ عبيدالله الكتاب قال: هذا كتاب رجل ناصح لاميره مشفق علي قومه نعم قد قبلت. قال: فقام اليه شمر بذي الجوشن فقال: اتقبل هذا منه؟ وقد نزل بارضك إلي جنبك، والله لان رحل من بلدك ولم يضع يده في يدك ليكونن اولي بالقوة والعز ولتكونن اولي بالضعف والعجز، فلا تعطه هذه المنزلة فانها من الوهن ولكن لينزل علي حكمك هو واصحابه، فان عاقبت فانت ولي العقوبة،وان غفرت كان ذلك لك، والله لقد بلغني ان حسينا وعمر بن سعد يجلسان بين العسكرين فيتحدثان عامة الليل، فقال له ابن زياد: نعم ما رايت الراي رايك.

قال ابومخنف - فحدثني سليمان بن ابي راشد عن حميد بن مسلم قال: ثم ان عبيدالله بن زياد دعا شمر بن ذي الجوشن فقال له: اخرج بهذا الكتاب إلي عمر بن سعد فليعرض علي الحسين واصحابه النزول علي حكمي، فان فعلوا فليبعث بهم إلي سلما، وان هم ابوا فليقاتلهم، فان فعل فاسمع له واطع، وان هوابي فقاتلهم فانت امير الناس وثب عليه فاضرب عنقه وابعث إلي برأسه قال ابوممخنف - حدثني أبوجباب الكلبي قال: ثم كتب عبيدالله بن زياد إلي عمر بن سعد، أما بعد فاني لم ابعثك إلي حسين لتكف عنه ولا لتطاوله ولا لتمنيه السلامة والبقاء ولا لتقعد له عندي شافعا، انظر فان نزل حسين واصحابه علي الحكم واستسلموا فابعث بهم إلي سلما، وان ابوا فازحف اليهم حتي تقتلهم وتمثل بهم، فانهم لذلك مستحقون، فان قتل حسين فأوط الخيل صدره وظهره، فانه عاق مشاق، قاطع ظلوم،


وليس دهري في هذا أن يضر بعد الموت شيئا ولكن علي قول لو قد قتلته فعلت هذا به، ان أنت مضيت لامرنا فيه جزيناك جزاء السامع المطيع وان ابيت فاعتزل عملنا وجندنا وخل بين شمربن ذي الجوشن وبين العسكر فانا قد امرناه بأمرنا والسلام. قال ابومخنف - عن الحارث [7] بن حصيرة عن عبدالله [8] .


بن شريك العامري قال: لما قبض شمر بن ذي الجوشن الكتاب قام هو وعبدالله بن أبي المحل وكانت عمته ام البنين ابنة حزام عند علي بن ابي طالب (ع)، فولدت له العباس وعبدالله وجعفرا وعثمان، فقال عبدالله بن أبي المحل بن حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد بن كعب بن عامر بن كلاب: اصلح الله الاميران بني اختنا مع الحسين فان رأيت ان تكتب لهم أمانا فعلت. قال: نعم ونعمة عين، فامر كاتبه فكتب لهم امانا فبعث به عبدالله


بن أبي المحل مع مولي له يقال له كزمان، فلما قدم عليهم دعاهم فقال: هذا امان بعث به خالكم، فقال له الفتية: أقرئ خالنا السلام وقل له: ان لا حاجة لنا في امانكم، امان الله خير من امان ابن سمية. قال: فاقبل شمر بن ذي الجوشن بكتاب عبيدالله بن زياد إلي عمر بن سعد، فلما قدم به عليه فقرأ قال له عمر: مالك ويلك لاقرب الله دارك وقبح الله ما قدمت به علي، والله اني لاظنك انت ثنيته ان يقبل ما كتبت به اليه، أفسدت علينا امرا كنا رجونا ان يصلح، لا يستسلم والله حسين ان نفسا ابية لبين جنبيه، فقال له شمر: أخبرني ما أنت صانع؟ أتمضي لامر اميرك وتقتل عدوه والا فخل بيني وبين الجند والعسكر.قال: لا ولا كرامة لك، وانا اتولي ذلك. قال: فدونك وكن انت علي الرجال قال: فنهض اليه عشية الخميس لتسع مضين من المحرم، قال: وجاء شمر حتي وقف علي اصحاب الحسين فقال: اين بنواختنا؟ فخرج اليه العباس وجعفر وعثمان بنو علي فقالوا له: مالك وما تريد؟ قال: انتم يا بني اختي آمنون، قال له الفتية: لعنك الله ولعن أمانك لان كنت خالنا أتؤمننا وابن رسول الله لا امان له؟ قال: ثم ان عمر بن سعد نادي يا خيل الله اركبي وابشري فركب في الناس ثم زحف نحوهم بعد صلوة العصر، وحسين جالس امام بيته محتبيا بسيفه اذ خفق برأسه علي ركبتيه، وسمعت أخته زينب الصيحة فدنت من أخيها فقالت: يا أخي اما تسمع الاصوات قد اقتربت؟ قال: فرفع الحسين رأسه فقال: اني رأيت رسول الله صلي الله عليه وآله في المنام فقال لي: انك تروح الينا، قال: فلطمت اخته وجهها وقالت: يا ويلتي، فقال ليس


لك الويل يا اخية، اسكتي رحمك الرحمان وقال العباس بن علي: يا اخي اتاك القوم، قال: فنهض ثم قال: يا عباس اركب بنفسي انت يا اخي حتي تلقاهم فتقول لهم: ما لكم وما بدالكم؟ وتسئلهم عما جاء بهم. فأتاهم العباس فاستقبلهم في نحو من عشرين فارسا فيهم زهير بن القين وحبيب بن مظاهر، فقال لهم العباس ما بدالكم وما تريدون؟ قالوا: جاء امر الامير بأن نعرض عليكم ان تنزلوا علي حكمه او ننازلكم، قال: فلا تعجلون حتي ارجع إلي ابي عبدالله فاعرض عليه ما ذكرتم قال: فوقفوا ثم قالوا: القه فاعلمه ذلك، ثم القنا بما يقول: قال: فانصرف العباس راجعا يركض إلي الحسين يخبره بالخبر، ووقف اصحابه يخاطبون القوم، فقال حبيب بن مظاهر لزهير بن القين: كلم القوم ان شئت وان شئت كلمتهم، فقال له زهيرء انت بدأت بهذا فكن انت تكلمهم فقال له حبيب بن مظاهر: اما والله لبئس القوم عندالله غدا قوم يقدمون عليه، قتلوا ذرية نبيه (ع) وعترته واهل بيته صلي الله عليه وآله وعباداهل هذا المصر المجتهدين بالاسحار والذاكرين الله كثيرا فقال له عزرة بن قيس: انك لتزكي نفسك ما استطعت، فقال له زهير: يا عزرة ان الله قد زكاها وهداها، فاتق الله يا عزرة فاني لك من الناصحين انشدك الله يا عزرة ان تكون ممن يعين الضلال علي قتل النفوس الزكية، قال: يا زهير ما كنت عندنا من شيعة اهل هذا البيت انما كنت عثمانيا. قال: افلست تستدل بموقفي هذا اني منهم؟ أما والله ما كتبت


اليه كتابا قط، ولا ارسلت اليه رسولا قط، ولا وعدته نصرتي قط، ولكن الطريق جمع بيني وبينه، فلما رأيته ذكرت به رسول الله صلي الله عليه وآله ومكانه منه، وعرفت ما يقدم عليه من عدوه وحزبكم فرأيت ان انصره وان اكون في حزبه وان اجعل نفسي دون نفسه حفظا لما ضيعتم من حق الله وحق رسوله (ع). قال: واقبل العباس بن علي يركض حتي انتهي اليهم فقال: يا هؤلاء ان ابا عبدالله يسئلكم ان تنصرفوا هذه العشية حتي ينظر في هذا الامر، فان هذا امر لم يجر بينكم وبينه فيه منطق، فاذا أصحبنا التقينا ان شاء الله فاما رضيناه فاتينا بالامر الذي تسألونه وتسومونه اوكرهنا فرددناه وانما اراد بذلك ان يردهم عنه تلك العشية حتي يأمر بامره ويوصي اهله، فلما اتاهم العباس بن علي بذلك قال عمر بن سعد: ماتري يا شمر؟ قال: ما تري أنت، أنت الامير والرأي رأيك، قال: قد اردت ان لا اكون، ثم اقبل علي الناس فقال: ماذا ترون؟ فقال عمرو بن الحجاج بن سلمة الزبيدي: سبحان الله والله لو كانوا من الديلم ثم سألوك هذه المنزلة لكان ينبغي لك أن تجيبهم اليها. وقال قيس بن الاشعث: اجبهم إلي ما سألوك، فلعمري ليصبحنك بالقتال غدوة. فقال والله لو اعلم ان يفعلوا ما اخرجتهم العشية، قال: وكان العباس بن علي حين اتي حسينا بما عرض عليه عمر بن سعد قال: ارجع اليهم، فان استطعت ان تؤخرهم إلي غدوة وتدفعهم عند العشية لعلنا نصلي لربنا الليلة وندعوه ونستغفره، فهو يعلم اني قد كنت احب الصلوة له وتلاوة كتابه كثرة الدعاء والاستغفار.


قال ابومخنف - حدثني الحارث بن حصيرة عن عبدالله بن شريك العامري عن علي بن الحسين قال: أتانا رسول من قبل عمر بن سعد فقام مثل حيث يسمع الصوت فقال: انا قد اجلناكم إلي غد، فان استسلمتم سرحنا بكم إلي اميرنا عبيدالله بن زياد، وان ابيتم فلسنا تاركيكم. قال ابومخنف - وحدثني عبدالله بن عاصم الفائشي عن الضحاك بن عبدالله المشرقي بطن من همدان ان الحسين بن علي (ع) جمع اصحابه. قال ابومخنف - وحدثني ايضا الحارث بن حصيرة عن عبدالله بن شريك العامري عن علي بن الحسين قالا: جمع الحسين اصحابه بعد ما رجع عمر بن سعد وذلك عند قرب المساء، قال علي بن الحسين:

فدنوت منه لاسمع وانا مريض فسمعت ابي وهو يقول لاصحابه: اثني علي الله تبارك وتعالي احسن الثناء، واحمده علي السراء والضراء، اللهم اني احمدك علي ان اكرمتنا بالنبوة، وعلمتنا القرآن، وفقهتنا في الدين، وجعلت لنا اسماعا وابصارا وافئدة ولم تجعلنا من المشركين، اما بعد فاني لا اعلم اصحابا اولي ولا خيرا من اصحابي، ولا اهل بيت ابرولا اوصل من اهل بيتي، فجزاكم الله عني جميعا خيرا، الاواني اظن يومنا من هؤلاء الاعداء غدا، الاواني قد رايت لكم،

فانطلقوا جميعا في حل ليس عليكم مني ذمام، هذاليل قد غشيكم فاتخدوه جملا.


قال ابومخنف - حدثنا [9] عبدالله بن عاصم الفائشي بطن من همدان عن [10] الصحاك بن عبدالله المشرقي قال: قدمت ومالك بن النضر الارحبي علي الحسين فسلمنا عليه ثم جلسنا اليه، فرد علينا ورحب بنا وسألنا عما جئنا له؟ فقلنا: جئنا لنسلم عليك وندعو الله لك بالعافية، ونحدث بك عهدا ونخبرك خبر الناس، وانا نحدثك انهم قد جمعوا علي حربك فررأيك. فقال الحسين (ع): حسبي الله ونعم الوكيل، قال: فتذممنا و سلمنا عليه ودعونا الله له، قال: فما يمنعكما من نصرتي؟ فقال مالك بن النضر: علي دين ولي عيال، فقلت له: ان علي دينا وان لي لعيالا ولكنك ان جعلتني في حل من الانصراف اذا لم أجد مقاتلا قاتلت عنك ما كان


لك نافعا قال: قال فانت في حل، فاقمت معه فلما كان الليل قال: هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا. ثم ليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من اهل بيتي، ثم تفرقوا في سوادكم ومدائنكم حتي يفرج الله، فان القوم انما يطلبوني ولو قد اصابوني لهوا عن طلب غيري. فقال له اخوته وابناء ه وبنو أخيه وابنا عبدالله بن جعفر: لم نفعل لنبقي بعدك؟ لا ارانا الله ذلك ابدا بدأهم بهذا القول العباس بن علي، ثم انهم تكلموا بهذا ونحوه. فقال الحسين (ع): يا بني عقيل حسبكم من القتل بمسلم، اذهبوا قد أذنت لكم، قالوا: فما يقول الناس؟ يقولون: انا تركنا شيخنا وسيدنا وبني عمومتنا خير الاعمام ولم نرم معهم بسهم، ولم نطعن معهم برمح، ولم نضرب معهم بسيف، ولا ندري ما صنعوا لا والله لا نفعل ولكن نفديك انفسنا واموالنا واهلونا ونقاتل معك حتي نرد موردك، فقبح الله العيش بعدك قال ابومخنف - حدثني عبدالله بن عاصم عن الضحاك بن عبدالله المشرقي قال: فقام اليه مسلم بن عوسجة الاسدي فقال: انحن نخلي عنك ولما نعذر إلي الله في اداء حقك. اما والله لا افارقك حتي أكسر في صدورهم رمحي واضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي ولو لم يكن معي سلاح اقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة دونك حتي اموت معك، قال: وقال سعد بن عبدالله الحنفي: والله لا نخليك حتي يعلم الله انا قد حفظنا غيبة رسول الله صلي الله عليه وآله فيك، والله لو علمت اني اقتل ثم احيا ثم احرق حيا ثم اذر يفعل ذلك بي سبعين مرة ما فارقتك حتي القي حمامي دونك، فكيف


الا افعل ذلك وانما هي قتلة واحدة، ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها ابدا.

قال: وقال زهير بن القين: والله لوددت اني قتلت ثم نشرت ثم قتلت حتي اقتل كذا الف قتلة وان الله يدفع بذلك القتل عن نفسك و عن انفس هؤلاء الفتية من اهل بيتك، قال: وتكلم جماعة أصحابه بكلام يشبه بعضه بعضا في وجه واحد فقالوا: والله لا نفارقك ولكن انفسنا لك الفداء نقيك بنحورنا وجباهنا وايدينا فاذا نحن قتلنا كنا وفينا وقضينا ما علينا. قال ابومخنف - حدثني الحارث [11] بن كعب وابوالضحاك [12] عن علي بن الحسين بن علي قال: اني جالس في تلك العشية التي قتل ابي صبيحتها وعمتي زينب عندي تمرضني اذ اعتزل ابي باصحابه في خباء له وعنده حوي مولي ابي ذر الغفاري وهو يعالج سيفه ويصلحه وابي يقول:




يا دهرف أف لك من خليل

كم لك بالاشراق والاصيل



من صاحب او طالب قتيل

والدهر لا يقنع بالبديل



وانما الامر إلي الجليل

وكل حي سالك السبيل



قال: فأعادها مرتين او ثلاثا حتي فهمتها فعرفت ما أراد فخنقتني عبرتي فرددت دمعي ولزمت السكون فعلمت ان البلاء قد نزل، فاما عمتي فانها سمعت ما سمعت وهي امرأة وفي النساء الرقة والجزع،فلم تملك نفسها ان وثبت تجرثوبها وانها لحاسرة حتي انتهت اليه فقالت: واثكلاه ليت الموت أعدمني الحياة اليوم ماتت فاطمة امي، وعلي ابي، وحسن اخي، يا خليفة الماضي وثمال الباقي.

قال: فنظر اليها الحسين (ع) فقال: يا اخية لا يذهبن حلمك الشيطان، قالت: بابي انت وامي يا ابا عبدالله استقتلت نفسي فداك، فرد غصته وترقرقت عيناه وقال: لو ترك القطاء ليلا لنام، قالت: يا ويلتي افتغصب نفسك اغتصابا فذلك اقرح لقلبي واشد علي نفسي، و لطمت وجهها واهوت إلي جيبها وشقته وخرت مغشيا عليها. فقام اليها الحسين فصب علي وجهها الماء وقال لها: يا اخية اتقي

الله، وتعزي بعزاء الله، واعلمي ان اهل الارض يموتون، وان اهل السماء لا يبقون، وان كل شئ هالك الا وجه الله الذي خلق الارض بقدرته، ويبعث الخلق فيعودون وهو فرد وحده، أبي خير مني، وامي خير مني، وأخي خير مني، ولي ولهم ولكل مسلم برسول الله اسوة. قال فعزاها بهذا ونحوه وقال لها: يا اخية اني اقسم عليك فابري قسمي ولا تشقي علي جيبا، ولا تخمشي علي وجها، ولا تدعي علي بالويل


والثبور اذا انا هلكت. قال: ثم جاء بها حتي اجلسها عندي، وخرج إلي اصحابه، فامرهم ان يقربوا بعض بيوتهم من بعض، وأن يدخلوا الاطناب بعضها في بعض، وأن يكونوا هم بين البيوت الا الوجه الذي يأتيهم منه عدوهم. قال ابومخنف - عن عبدالله بن عاصم عن الضحاك بن عبدالله المشرقي قال: فلما امسي حسين واصحابه قاموا الليل كله يصلون و يستغفرون ويدعون ويتضرعون.قال: فمر بنا خيل لهم تحرسنا وان حسينا ليقرأ ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لانفسهم انما نملي لهم ليزدادوا اثما ولهم عذاب مهين [13] ما كان الله ليذر المؤمنين علي ما أنتم عليه حتي يميز الخبيث من الطيب، فسمعها رجل من تلك الخيل التي كانت تحرسنا فقال: نحن ورب الكعبة الطيبون ميزنا منكم، قال: فعرفته وقلت لبرير بن حضير: تدري من هذا؟ قال: لا، قلت: هذا ابوحرب السبيعي عبدالله بن شهر وكان مضحاكا بطالا وكان شريفا شجاعا فاتكأ، وكان سعيد بن قيس ربما حبسه في جناية، وقال له برير بن حضير: يا فاسق أنت يجعلك الله في الطيبين؟ فقال له: من أنت؟ قال: انا برير بن حضير، قال انا لله عز علي هلكت والله هلكت والله يا برير، قال: يا ابا حرب هل لك أن تتوب إلي الله من ذنوبك العظام؟ فوالله انا لنحن الطيبون، ولكنكم لانتم الخبيثون، قال: وانا علي ذلك من الشاهدين، قلت: ويحك افلا ينفعك معرفتك؟ قال جعلت فداك فمن ينادم يزيد بن


عذرة العنزي من عنز بن وائل؟ قال: ها هو ذا معي، قال: قبح الله رأيك علي كل حال أنت سفيه. قال: ثم انصرف عنا وكان الذي يحرسنا بالليل في الخيل عزرة بن قيس الاحمسي وكان علي الخيل، قال: فلما صلي عمر بن سعد الغداة يوم السبت وقد بلغنا ايضا انه كان يوم الجمعة وكان ذلك اليوم يوم عاشوراء خرج فيمن معه من الناس. قال: وعبأ الحسين اصحابه وصلي بهم صلاة الغداة وكان معه اثنان وثلاثون فارسا، واربعون راجلا، فجعل زهير بن القين في ميمنة اصحابه، وحبيب بن مظاهر في ميسرة اصحابه، واعطي رايته العباس بن علي اخاه، وجعلوا البيوت في ظهورهم، وامر بحطب وقصب كان من وراء البيوت تحرق بالنار مخافة ان يأتوهم من ورائهم، قال: وكان الحسين عليه السلام اتي بقصب وحطب إلي مكان من ورائهم منخفض كانه ساقية فحفروه في ساعة من الليل فجعلوه كالخندق، ثم القوا فيه ذلك الحطب والقصب وقالوا: اذا عدوا علينا فقاتلونا القينا فيه النار كيلا نوتي من ورائنا، وقاتلونا القوم من وجه واحد، ففعلوا وكان لهم نافعا. قال ابومخنف - حدثني فضيل بن خديج الكندي عن محمد بن بشر عن عمرو الحضرمي قال: لما خرج عمر بن سعد بالناس كان علي ربع اهل المدينة يومئذ عبدالله بن زهير بن سليم الازدي، وعلي


ربع مذحج وأسد عبدالرحمان بن ابي سبرة الحنفي وعلي ربع ربيعة وكندة قيس بن الاشعث بن قيس، وعلي ربع تميم وهمدان الحر بن يزيد الرياحي، فشهد هؤلاء كلهم مقتل الحسين الا الحر بن يزيد فانه عدل إلي الحسين وقتل معه. وجعل عمر علي ميمنته عمرو بن حجاج الزبيدي، وعلي ميسرته شمر بن ذي الجوشن بن شرحبيل بن الاعور بن عمر بن معاوية وهو الضباب بن كلاب، وعلي الخيل عزرة بن قيس الاحمسي، وعلي الرجال شبث بن ربعي اليربوعي، وأعطي الراية ذويدا مولاه. قال ابومخنف - حدثني عمرو بن [14] مرة الجملي عن ابي صالح


الحنفي عن غلام لعبدالرحمان بن عبدربه الانصاري قال: كنت مع مولاي فلما حضر الناس واقبلوا إلي الحسين امر الحسين بفسطاط فضرب، ثم امر بمسك فميث في جفنة عظيمة او صحفة قال: ثم دخل الحسين ذلك الفسطاط فتطلي بالنورة قال: ومولاي عبدالرحمان بن عبد ربه وبرير بن حضير الهمداني علي باب الفسطاط تحتك مناكبهما فازدحما ايهما يطل علي اثره، فجعل برير يهازل عبدالرحمان: فقال له عبدالرحمن: دعنا فوالله ما هذه بساعة باطل فقال له برير: والله لقد علم قومي اني ما احببت الباطل شابا ولا كهلا ولكن والله اني لمستبشر بما نحن لاقون والله ان بيننا وبين الحور العين الا ان يميل هؤلاء علينا باسيافهم، ولوددت انهم قد مالوا علينا باسيافهم، قال فلما فرغ الحسين دخلنا فاطلينا. قال: ثم ان الحسين ركب دابته ودعا بمصحف فوضعه امامه، قال: فاقتتل اصحابه بين يديه قتالا شديدا، فلما رأيت القوم قد صرعوا افلت وتركتهم. قال ابومخنف - عن بعض اصحابه عن ابي خالد الكاهلي قال: لما صبحت الخيل الحسين رفع الحسين يديه فقال: اللهم انت ثقتي في كل كرب، ورجائي في كل شدة وانت لي في كل امر نزل بي ثقة وعدة، كم من هم يضعف فيه الفؤاد وتقل فيه الحيلة، ويخذل فيه الصديق، ويشمت فيه العدو،


انزلته بك وشكوته اليك رغبة مني اليك عمن سواك ففرجته وكشفته فأنت ولي كل نعمة وصاحب كل حسنة ومنتهي كل رغبة. قال ابومخنف - فحدثني عبدالله بن عاصم، قال: حدثني الضحاك المشرقي، قال: لما اقبلوا نحونا فنظروا إلي النار تضطرم في الحطب والقصب الذي كنا الهبنا فيه النار من ورائنا لئلا يأتونا من خلفنا، اذ اقبل الينا منهم رجل يركض علي فرس كامل الاداة. فلم يكلمنا حتي مر علي ابياتنا، فنظر إلي ابياتنا فاذا هو لا يري إلي حطبا تلتهب النار فيه فرجع راجعا فنادي باعلي صوته: يا حسين استعجلت النار في الدنيا قبل يوم القيامة، فقال الحسين: من هذا كانه شمر بن ذي الجوشن، فقالوا: نعم اصلحك الله هو هو، فقال: يابن راعية المعزي انت اولي بها صليا. فقال له مسلم بن عوسجة: يابن رسول الله جعلت فداك الا ارميه بسهم فانه قد أمكنني وليس يسقط سهم فالفاسق من اعظم الجبارين، فقال له الحسين: لا ترمه، فاني اكره أن أبدأهم، وكان مع الحسين فرس له يدعي لاحقا حمل عليه ابنه علي بن الحسين، قال: فلما دنا منه القوم عاد براحلته فركبها. ثم نادي بأعلي صوته بصوت عال دعاء ا يسمع جل الناس: ايها الناس اسمعوا قولي ولا تعجلوني حتي اعظكم بما لحق لكم علي، وحتي أعتذر اليكم من مقدمي عليكم، فان قبلتم عذري وصدقتم قولي واعطيتموني النصف كنتم بذلك اسعد ولم يكن لكم علي سبيل، وان لم تقبلوا مني العذر ولم تعطوا النصف من انفسكم فاجمعوا أمركم وشركائكم ثم


لا يكن امركم عليكم غمة ثم اقضوا الي ولا تنظرون، ان وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولي الصالحين قال: فلما سمع اخواته كلامه هذا صحن وبكين وبكي بناته فارتفعت اصواتهن، فارسل اليهن أخاه العباس بن علي وعليا ابنه وقال لهما: اسكتاهن، فلعمي ليكثرن بكائهن، قال فلما ذهبا ليسكتاهن، قال: لا يبعد ابن عباس، قال: فظننا انه انما قالها حين سمع بكائهن لانه قد كان نهاه ان يخرج بهن. فلما سكتن حمدالله واثني عليه وذكر الله بما هو اهله، وصلي علي محمد صلي الله عليه وآله وعلي ملائكته وانبيائه فذكر من ذلك ما الله اعلم وما لا يحصي ذكره، قال: فوالله ما سمعت متكلما قط قبله ولا بعده ابلغ في منطق منه

ثم قال: اما بعد فانسبوني فانظروا من انا؟ ثم ارجعوا إلي انفسكم وعاتبوها فانظروا هل يحل لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟ الست ابن بنت نبيكم صلي الله عليه وآله وابن وصيه وابن عمه وأول المؤمنين بالله والمصدق لرسوله بما جاء به من عند ربه؟ اوليس حمزة سيد الشهداء عم ابي؟ اوليس جعفر الشهيد الطيار ذوالجناحين عمي؟ اولم يبلغكم قول مستفيض فيكم: ان رسول الله صلي الله تعالي عليه وآله وسلم قال لي ولاخي: هذان سيدا شباب اهل الجنة؟ فان صدقتموني بما أقول وهو الحق والله ما تعمدت كذبا مذ علمت ان الله يمقت عليه اهله ويضربه من اختلفه، وان كذبتموني فان فيكم من ان سألتموه عن ذلك اخبركم، سلوا جابر بن عبدالله الانصاري او أبا سعيد الخدري، أو سهل بن سعد الساعدي، اوزيد بن ارقم او انس


بن مالك، يخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله صلي الله عليه وآله لي ولاخي، أفما في هذا حاجزلكم عن سفك دمي؟ فقال له شمر بن ذي الجوشن هو يعبدالله علي حرف ان كان يدري ما تقول، فقال له حبيب بن مظاهر: والله اني لاراك تعبدالله علي سبعين حرفا، وأنا أشهد انك صادق ما تدري ما يقول، قد طبع الله علي قلبك. ثم قال لهم الحسين: فان كنتم في شك من هذا القول أفتشكون أثرا ما أتي ابن بنت نبيكم؟ فوالله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبي غيري منكم ولا من غيركم، أنا ابن بنت نبيكم خاصة، اخبروني اتطلبوني بقتيل منكم قتلته! أو مال لكم استهلكته؟ او بقصاص من جراحة؟ قال: فأخذوا لا يكلمونه، قال: فنادي يا شبث بن ربعي، ويا حجار بن أبجر، ويا قيس بن الاشعث، ويا يزيد بن الحارث، الم تكتبوا إلي أن قد اينعت الثمار، واخضر الجناب، وطمت الجمام، وانما تقدم علي جند لك مجند فاقبل، قالوا له: لم نفعل، فقال: سبحان الله بلي والله لقد فعلتم. ثم قال: ايها الناس اذكر هتموني فدعوني انصرف عنكم إلي مأمني من الارض، قال: فقال له قيس بن الاشعث: او لا تنزل علي حكم بني عمك؟ فانهم لن يروك الا ما تحب، ولن يصل اليك منهم مكروه، فقال له الحسين: انت اخو اخيك، اتريد ان يطلبك بنو هاشم باكثر من دم مسلم بن عقيل؟ لا والله لا اعطيهم بيدي اعطاء الذليل، ولا اقر اقرار العبيد. عبادالله اني عذت بربي وربكم ان ترجمون، اعوذ بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب قال: ثم انه أناخ راحلته وامر عقبة بن


سمعان فعقلها واقبلوا يزحفون نحوه. قال ابومخنف - فحدثني علي بن حنظلة بن اسعد الشامي عن رجل من قومه شهد مقتل الحسين حين قتل يقال له كثير بن عبدالله الشعبي قال: لما زحفنا قبل الحسين خرج الينا زهير بن القين علي فرس له ذنوب شاك في السلاح. فقال: يا اهل الكوفة نذار لكم من عذاب الله نذار ان حقا علي المسلم نصيحة اخيه المسلم، ونحن حتي الان اخوة وعلي دين واحد وملة واحدة ما لم يقع بيننا وبينكم السيف، وانتم للنصيحة منا اهل، فاذا وقع السيف انقطعت العصمة. وكنا امة وانتم أمة، ان الله قد ابتلانا واياكم بذرية نبيه محمد صلي الله عليه وآله لينظر ما نحن وانتم عاملون، انا ندعوكم إلي نصرهم وخذ لان الطاغية عبيدالله بن زياد. فانكم لا تدركون منهما الا بسوء عمر سلطانهما كله ليسملان اعينكم ويقطعان ايديكم وارجلكم ويمثلان بكم ويرقعانكم علي جذوع النخل ويقتلان اماثلكم وقراء كم امثال حجر بن عدي واصحابه وهاني بن عروة واشباهه. قال: فسبوه واثنوا علي عبيدالله بن زياد ودعوا له وقالوا: والله لا نبرح حتي نقتل صاحبك ومن معه او نبعث به وباصحابه إلي الامير عبيدالله سلما فقال لهم: عباد الله وان ولد فاطمة رضوان الله عليها احق بالود والنصر من ابن سمية فان لم تنصروهم فاعيذكم بالله ان تقتلوهم فخلوا بين هذا الرجل وبين ابن عمه يزيد بن معاوية فلعمري أن يزيد ليرضي من طاعتكم بدون قتل الحسين. قال: فرماه شمر بن ذي الجوشن بسهم وقال: اسكت اسكت الله


نأمتك ابرمتنا بكثرة كلامك، فقال له زهير: يابن البوال علي عقبيه ما أياك اخاطب، انما انت بهيمة والله ما اظنك تحكم من كتاب الله آيتين فابشر بالخزي يوم القيامة والعذاب الاليم. فقال له شمر: ان الله قاتلك وصاحبك عن ساعة، قال: أفبالموت تخوفني؟ فوالله للموت معه احب الي من الخلد معكم. قال: ثم اقبل علي الناس رافعا صوته فقال: عباد الله لا يغرنكم من دينكم هذا الجلف [15] الخافي وأشباهه، فوالله لا تنال شفاعة محمد صلي الله عليه وآله قوما هراقوا دماء ذريته واهل بيته وقتلوا من نصرهم وذب عن حريمهم. قال: فناداه رجلفقال له: ان ابا عبدالله يقول لك اقبل فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه وابلغ في الدعاء لقد نصحت لهؤلاء وابلغت لو نفع النصح والابلاغ.

قال ابومخنف - عن ابي جناب الكلبي عن عدي بن حرملة قال: ثم ان الحر بن يزد لما زحف عمر بن سعد قال له: اصلحك الله مقاتل انت هذا الرجل؟ قال: اي والله قتالا ايسره أن يسقط الرؤوس وتطيح الايدي، قال افما لكم في واحدة من الخصال التي عرض عليكم رضي؟ قال عمر بن سعد: اما والله لو كان الامر الي لفعلت ولكن اميرك قد ابي ذلك. قال: فأقبل حتي وقف من الناس موقفا ومعه رجل من قومه يقال له: قرة بن قيس فقا: يا قرة هل سقيت فرسك اليوم؟ قال: لا، قال:


انما تريد أن تسقيه؟ قال: فظننت والله أنه يريد ان يتنحي فلا يشهد القتال وكره أن أراه حين يصنع ذلك، فيخاف ان ارفعه عليه، فقلت له: لم اسقه وانا منطلق فساقيه، قال: فاعتزلت ذلك المكان الذي كان فيه قال: فوالله لو انه اطلعني علي الذي يريد لخرجت معه إلي الحسين، قال: فأخذ يدنو من حسين قليلا قليلا، فقال له رجل من قومه يقال له المهاجرين الاوس: ما تريد يابن يزيد؟ اتريد ان تحمل؟ فسكت واخذه مثل العرواء، فقال له: يابن يزيد والله ان أمرك لمريب، والله ما رأيت منك في موقف قط مثل شئ أراه الان، ولو قيل لي من اشجع اهل الكوفة رجلا ما عدوتك، فما هذا الذي اري منك، قال: اني والله اخير نفسي بين الجنة والجنار، ووالله لا اختار علي الجنة شيئا ولو قطعت وحرقت. ثم ضرب فرسه فلحق بحسين (ع) فقال له: جعلني الله فداك

يابن رسول الله انا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع وسايرتك في الطريق، وجعجعت بك في هذا المكان، والله الذي لا اله الا هو ما ظننتان القوم يردون عليك ما عرضت عليهم ابدا، ولا يبلغون منك هذه المنزلة، فقلت في نفسي لا ابالي ان اضيع [16] القوم في بعض امرهم ولا يرون اني خرجت من طاعتهم، واما هم فسيقبلون من حسين هذه الخصال التي يعرض عليهم، ووالله لو ظننت انهم لا يقبلونها منك ما ركبتها منك، واني قد جئتك تائبا مما كان مني الي ربي ومواسيا لك بنفسي


حتي اموت بين يديك، افتري ذلك لي توبة؟ قال: نعم يتوب الله عليك ويغفر لك ما اسمك؟ قال: انا الحر بن يزيد، قال: انت الحر كما سمتك امك، انت الحر ان شاء الله في الدنيا والاخرة انزل، قال: انا لك فارسا خير مني راجلا، اقاتلهم علي فرسي ساعة والي النزول ما يصير آخرامري، قال الحسين: فاصنع يرحمك الله ما بدالك. فاستقدم امام اصحابه ثم قال: ايها القوم الا تقبلون من حسين خصلة من هذه الخصال التي عرض عليكم فيعافيكم الله من حربه وقتاله؟ قالوا: هذا الامير عمر بن سعد فكلمه، فكلمه بمثل ما كلمه به قبل وبمثل ما كلم به اصحابه، قال عمر: قد حرصت لو وجدت إلي ذلك سبيلا فعلت، فقال: يا اهل الكوفة لامكم الهبل والعبر اذ دعوتموه حتي اذا اتاكم اسلمتموه وزعمتم انكم قاتلوا انفسكم دونه ثم عدوتم عليه لتقتلوه، امسكتم بنفسه واخذتم بكظمه، واحطتم به من كل جانب، فمنعتموه التوجه في بلاد الله العريضة حتي يأمن ويأمن اهل بيته، واصبح في ايديكم كالاسير لا يملك لنفسه نفعا ولا يدفع ضرا، وخلاء تموه ونساء ه واهل بيته واصحابه عن ماء الفرات الجاري الذي يشربه اليهودي والمجوسي والنصراني وتمرغ فيه خنازير السواد وكلابه، وهاهم قد صرعهم العطش، بئسما خلفتم محمدا في ذريته، لا اسقاكم الله يوم الظماء ان لم تتوبوا وتنزعوا عما انتم عليه من يومكم هذا في ساعتكم هذه، فحملت عليه رجالة لهم ترميه بالنبل فأقبل حتي وقف امام الحسين. قال: ابومخنف - عن الصعقب بن زهير وسليمان بن أبي راشد


عن حميد [17] بن مسلم قال: وزحف عمر بن سعد نحوهم ثم بادي: يا زويد أدن رأيتك، قال: فادناها ثم وضع سهمه في كبد قوسه ثم رمي فقال: اشهدوا أني أول من رمي. قال أبومخنف - حدثني أبوجناب قال: كان منا رجل يدعي عبدالله بن عمير من بني عليم كان قد نزل الكوفة واتخذ عنه بئر الجعد من همدان دارا، وكانت معه امرأة له من النمرين قاسط يقال لها ام وهب بنت عبد، فرأي القوم بالنخيلة يعرضون ليسرحوا إلي الحسين، قال فسأل عنهم فقيل له: يسرحون إلي حسين بن فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه وآله فقال: والله لو قد كنت علي جهاد أهل الشرك حريصا واني لارجوالا يكون جهاد هؤلاء الذين يغزون ابن بنت نبيهم أيسر ثوابا عند الله من ثوابه اياي في جهاد المشركين. فدخل إلي امرأته فأخبرها بما سمع وأعلمها بما يريد فقالت: أصبت أصاب الله بك، أرشد أمورك، افعل وأخرجني معك، قال: فخرج بها ليلا حتي أتي حسينا فأقام معه، فلما دنا منه عمر بن سعد ورمي بسهم ارتمي الناس، فلما ارتموا خرج يسار مولي زياد بن أبي سفيان وسالم مولي عبيدالله بن زياد فقالا: من يبارز ليخرج الينا بعضكم. قال: فوثب حبيب بن مظاهر وبرير بن حضير


فقال لهما حسين: اجلسا، فقام عبدالله بن عمير الكلبي فقال: ابا عبدالله رحمك الله ائذن لي فلا خرج اليهما، فرأي حسين رجلا آدم طويلا شديد الساعدين، بعيد ما بين المنكبين، فقال حسين: اني لاحسبه للاقران قتالا، اخرج ان شئت. قال: فخرج اليهما، فقالا له: من أنت؟ فانتسب لهما، فقالا: لا نعرفك ليخرج الينا زهير بن القين، أوجيب بن مظاهر، او برير بن حضير، ويسار مستنتل امام سالم، فقال له الكلبي: يا بن الزانية وبك رغبة عن مبارزة أحد من الناس ويخرج اليك أحد من الناس الا وهو خير منك، ثم شد عليه فضربه بسيفه حتي برد فانه لمشتغل به يضربه بسيفه اذ شد عليه سالم، فصاح به قد رهقك العبد، قال فلم يأبه له حتي غشيه، فبدره الصربة فاتقاه الكلبي بيده اليسري فأطار أصابع كفه اليسري، ثم مال عليه الكلبي فضربه حتي قتله، وأقبل الكلبي مرتجزا وهو

يقول وقد قتلهما جميعا:



ان تنكروني فأنابن كلب

حسبي ببيتي في عليم حسبي



اني امرؤ ذو مرة وعصب

ولست بالخوار عند النكب



اني زعيم لك ام وهب

بالطعن فيهم مقدما والضرب



ضرب غلام مؤمن بالرب فأخذت ام وهب امرأته عمودا ثم اقبلت نحو زوجها تقول له: فداك أبي وامي قاتل دون الطيبين ذرية محمد، فأقبل اليها يردها نحو النساء، فأخذت تجاذب ثوبه ثم قالت: اني لن ادعك دون أن اموت معك، فناداها حسين فقال: جزيتم من اهل بيت خيرا، ارجعي رحمك الله إلي النساء فاجلسي معهن فانه ليس علي النساء قتال، فانصرفت اليهن


قال: وحمل عمرو بن الحجاج وهو علي ميمنة الناس في الميمنة فلما ان دنا من حسين جثوا له علي الركب واشرعوا الرماح نحوهم فلم تقدم خيلهم علي الرماح فذهبت الخيل لترجع فرشقوهم بالنبل فصرعوا منهم رجالا وجرحوا منهم آخرين.

قال ابومخنف - فحدثني حسين ابوجعفر قال: ثم ان رجلا من بني تميم يقال له: عبدالله بن حوزة جاء حتي وقف امام الحسين فقال: يا حسين يا حسين فقال له حسين ما تشاء؟ قال: ابشر بالنار، قال: كلا اني اقدم علي رب رحيم وشفيع مطاع، من هذا؟ قال له اصحابه: هذا ابن حوزة، قال: رب حزه إلي النار، قال: فاضطرب به فرسه في جدول فوقع فيه، وتعلقت رجله بالركاب ووقع راسه في الارض ونفر الفرس فأخذه يمر به فيضرب برأسه كل حجر وكل شجرة حتي مات. قال ابومخنف - واما سويد بن حية فزعم لي ان عبدالله بن حوزة حين وقع فرسه بقيت رجله اليسري في الركاب وارتفعت اليمني فطارت وعدا به فرسه يضرب رأسه كل حجر واصل شجرة حتي مات. قال ابومخنف - عن عطاء عن عطاء [18] بن السائب عن [19] عبدالجبار بن وائل


الحضرمي عن اخيه مسروق بن وائل قال: كنت في اوائل الخيل ممن سار إلي الحسين فقلت: اكون في اوائلها لعلي اصيب رأس الحسين فاصيب به منزلة عند عبيدالله بن زياد، قال: فلما انتهينا إلي حسين تقدم رجل من القوم يقال له ابن حوزة فقال: افيكم حسين؟ قال: فسكت حسين فقالها ثانية فأسكت حتي اذا كانت الثالثة قال: قولو له نعم هذا حسين


فما حاجتك؟ قال: يا حسين ابشر بالنار، قال كذبت بل اقدم علي رب غفور وشفيع مطاع، فمن انت؟ قال: ابن حوزة، قال: فرفع الحسين يديه حتي رأينا بياض ابطيه من فوق الثياب. ثم قال: اللهم حزه إلي النار، قال: فغضب ابن حوزة فذهب ليقحم اليه الفرس وبينه وبينه نهر قال: فعلقت قدمه بالركاب وجالت به الفرس فسقط عنها، قال: فانقطعت قدمه وساقه وفخذه وبقي جانبه الاخر متعلقا بالركاب، قال: فرجع مسروق وترك الخيل من ورائه، قال: فسئلته فقال: لقد رأيت من اهل هذا البيت شيئا لا اقاتلهم ابدا قال ونشب القتال قال ابومخنف - وحدثني يوسف [20] بن يزيد عن عفيف بن زهير بن ابي الاخنس وكان قد شهد مقتل الحسين قال: وخرج يزيد


بن معقل من بني عميرة بن ربيعة وهو حليف لبني سليمة من عبدالقيس فقال: يا برير بن حضير كيف تري الله صنع بك؟ قال: صنع الله والله بي خيرا وصنع الله بك شرا، قال: كذبت وقبل اليوم ما كنت كذابا، هل تذكروانا اما شيك في بني لوذان وانت تقول: ان عثمان بن عفان كان علي نفسه مسرفا، وان معاوية بن ابي سفيان ضال مضل، وان امام الهدي والحق علي بن ابيطالب، فقال له برير: اشهد ان هذا رايي وقولي، فقال له يزيد بن معقل: فاني اشهد انك من الضالين، فقال له برير بن حضير: هل لك فلا باهلك ولندع الله ان يلعن الكاذب وان يقتل المبطل، ثم اخرج فلا بارزك. قال: فخرجا فرفعا ايديهما إلي الله يدعو انه ان يلعن الكاذب وان يقتلالمحق المبطل، ثم برز كل واحد منهما لصاحبه فاختلفا ضربتين فضرب يزيد بن معقل برير بن حضير ضربة خفيفة لم تضره شيئا، وضربه برير بن حضير ضربة قدت المغفر وبلغت الدماغ فخر كانما هوي من حالق، وان سيف ابن حضير لثابت في رأسه، فكاني انظر اليه ينضنضه من رأسه، وحمل عليه رضي بن منقذ العبدي فاعتنق بريرا فاعتر كا ساعة. ثم ان برير اقعد علي صدره فقال رضي: اين اهل المصاع والدفاع، قال: فذهب كعب بن جابر بن عمرو الازدي ليحمل عليه، فقلت: ان هذا برير بن حضير القاري الذي كان يقرئنا القرآن في المسجد، فحمل عليه بالرمح حتي وضعه في ظهره، فلما وجه مس الرمح برك عليه فعض بوجهه وقطع طرف انفه، فطعنه كعب بن جابر حتي القاه عنه،


وقد غيب السنان في ظهره، ثم اقبل عليه يضربه بسيفه حتي قتله. قال عفيف: كاني انظر إلي العبدي الصريع قام ينفض التراب عن قبائه ويقول: انعمت علي يا اخا الازد نعمة لن انساها ابدا قال: فقلت انت رأيت هذا؟ قال نعم رأي عيني وسمع اذني، فلما رجع كعب بن جابر قالت له أمراته او اخته النوار بنت جابر: اعنت علي ابن فاطمة وقتلت سيد القراء لقد اتيت عظيما من الامر والله لا اكلمك من رأسي كلمة ابدا وقال كعب بن جابر:



سلي تخبري عني وانت ذميمة

غداة حسين والرماح شوارع



الم آت أقصي ما كرهت ولم يخل

علي غداة الروع ما أنا صانع



معي يزني لم تخنه كعوبه

وأبيض مخشوب الغرارين قاطع



فجردته في عصبة ليس دينهم

بديني واني بابن حرب لقانع



ولم ترعيني مثلهم في زمانهم

ولا قبلهم في الناس اذ أنا يافع



أشد قراعا بالسيوف لدي الوغا

ألاكل من يحمي الذمار مقارع



وقد صبروا للطعن والضرب حسرا

وقد نازلوا لو أن ذلك نافع



فأبلغ عبيدالله اما لقيته

باني مطيع للخليفة سامع



قتلت بريرا ثم حملت نعمة

أبا منقذ لما دعا من يماصع



قال ابومخنف - حدثني عبدالرحمان بن جندب قال: سمعته في امارة مصعب بن الزبير وهو يقول: يا رب انا قد وفينا فلا تجعلنا يا رب كمن قد غدر، فقال له أبي: صدق ولقد وفي وكرم وكسبت لنفسك سوء ا، قال: كلا اني لم أكسب لنفسي شرا ولكني كسبت لها خيرا. قال: وزعموا أن رضي بن منقذ العبدي رد بعد علي كعب بن جابر


جواب قوله فقال:



لو شاء ربي ما شهدت قتالهم

ولا جعل النعماء عندي ابن جابر



لقد كان ذاك اليوم عارا وسبة

يعيره الابناء بعد المعاشر



فيا ليت اني كنت من قبل قتله

ويوم حسين كنت في رمس قابر



قال: وخرج عمرو بن [21] قرظة الانصاري يقاتل دون حسين و


هو يقول:



قد علمت كتيبة الانصار

أني سأحمي حوزة الذمار



ضرب غلام غير نكس شاري

دون حسين مهجتي وداري



قال أبومخنف - عن ثابت بن هبيرة فقتل عمرو بن قرظة بن كعب وكان مع الحسين وكان علي اخوه مع عمر بن سعد، فنادي علي بن قرظة: ياحسين يا كذاب بن الكذاب أضللت أخي وغررته حتي قتلته قال: ان الله لم يضل أخاك، ولكنه هدي أخاك وأضلك،قال: قتلني الله ان لم اقتلك أو أموت دونك، فحمل عليه فاعترضه نافع بن


هلال المرادي فطعنه فصرعه، فحمله أصحابه فاستنقذوه فدووي بعد فبرأ. قال أبومخنف - حدثني النضر بن صالح [22] أبوزهير العبسي أن الحر بن زيد [23] لما لحق بحسين قال رجل من بني تميم من بني


شقرة وهم بنو الحارث ابن تميم يقال له يزيد بن سفيان: اما والله لو أني رأيت الحر بن يزيد حين خرج لاتبعته السنان، قال: فبينا الناس يتجاولون ويقتلون والحر بن يزيد يحمل علي القوم مقدما ويتمثل قول عنترة:



ما زلت أرميهم بثغرة نحره

ولبانه حتي تسربل بالدم



قال: وان فرسه لمضروب علي اذنيه وحاجبه، وان دماء ه لتسيل، فقال الحصين بن تميم وكان علي شرطة عبيدالله فبعثه إلي الحسين وكان مع عمر بن سعد فولاه عمر مع الشرطة المجففة ليزيد بن سفيان: هذا الحر بن يزيد الذي كنت تتمني، قال: نعم، فخرج اليه فقال له: هل لك يا حر بن يزيد في المبارزة؟ قال: نعم قد شئت، فبرز له، قال: وأنا سمعت الحصين بن تميم يقول والله لبرز له فكانما كانت نفسه في يده فما لبثه الحرحين خرج اليه أن قتله. قال هشام بن محمد، عن أبي مخنف قال: حدثني يحيي [24] .


بن هاني بن عروة أن نافع بن [25] هلال كان يقاتل يومئذ وهو يقول:


انا الجملي انا علي دين علي قال: فخرج اليه رجل يقال له مزاحم بن حريث فقال: انا علي دين عثمان، فقال له: انت علي دين شيطان، ثم حمل عليه فقتله فصاح عمرو بن الحجاج بالناس: يا حمقي اتدرون من تقاتلون؟ فرسان المصر قوما مستميتين لا يبرزن لهم منكم احد، فانهم قليل وقل ما يبقون والله لولم ترموهم الا بالحجارة لقتلتموهم، فقال عمر بن سعد: صدقت، الرأي ما رأيت. وارسل إلي الناس يعزم عليهم الا يبازر رجل منكم رجلا منهم.


قال ابومخنف - حدثني الحسين بن عقبة المرادي قال الزبيدي انه سمع عمرو بن الحجاج حين دنا من اصحاب الحسين يقول: يا اهل الكوفة الزموا طاعتكم وجماعتكم ولا ترتابوا في قتل من مرق من الدين وخالف الامام، فقال له الحسين: يا عمرو بن الحجاج اعلي تحرض الناس انحن مرقنا وانتم ثبتم عليه؟ اما والله لتعلمن لو قد قبضت ارواحكم ومتم علي اعمالكم ابنا مرق من الدين ومن هو أولي بصلي النار؟ قال: ثم ان عمرو بن الحجاج حمل علي الحسين في ميمنة عمر بن سعد من نحو الفرات فاضربوا ساعة فصرع [26] مسلم بن عوسجة


الاسدي اول اصحاب الحسين. ثم انصرف عمرو بن الحجاج واصحابه وارتفعت الغبرة فاذاهم به صريع فمشي اليه الحسين فاذا به رمق فقال رحمك ربك يامسلم بن عوسجة منهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا. ودنا منه حبيب بن مظاهر فقال: عز علي مصرعك يا مسلم ابشر بالجنة، فقال له مسلم قولا ضعيفا: بشرك الله بخير، فقال له حبيب: لولا اني أعلم أني في اثرك لاحق بك من ساعتي هذه لاحببت أن توصيني بكل ما اهمك حتي أحفظك في كل ذلك بما أنت أهل له في القرابة والدين قال: بل أنا أوصيك بهذا رحمك الله واهوي بيده إلي الحسين ان تموت دونه، قال: أفعل ورب الكعبة، قال فما كان بأسرع من أن مات في ايديهم.


وصاحت جارية له فقالت: يابن عوسجتاه يا سيداه. فتنادي أصحاب عمرو بن الحجاج قتلنا مسلم بن عوسجة الاسدي، فقال شبث لبعض من حوله من أصحابه: ثكلتكم امهاتكم انما تقتلون انفسكم بايديكم وتذللون أنفسكم لغيركم، تفرحون ان يقتل مثل مسلم بن عوسجة، اما والذي أسلمت له لرب موقف له قد رأيته في المسلمين كريم، لقد رأيته يوم سلق آذربيجان قتل ستة من المشركين قبل تتام خيول المسلمين، أفيقتل منكم مثله وتفرحون؟ قال: وكان الذي قتل مسلم بن عوسجة مسلم بن عبدالله الضبابي وعبدالرحمان بن ابي خشكارة البجلي، قال: وحمل شمر بن ذي الجوشن في الميسرة علي اهل الميسرة فثبتوا له فطاعنوه واصحابه. وحمل علي حسين وأصحابه من كل جانب، فقتل الكلبي [27] .

وقد قتل رجلين بعد الرجلين الاولين وقاتل قتالا شديدا، فحمل عليه هاني بن ثبيت الحضرمي وبكير بن حي التميمي من تيم الله بن ثعلبة فقتلاه، وكان القتيل الثاني من أصحاب الحسين.


وفاتلهم اصحاب الحسين قتالا شديدا وأخذت خيلهم تحمل و انما هم اثنان وثلاثون فارسا واخذت لا تحمل علي جانب من خيل اهل الكوفة الا كشفته، فلما رأي ذلك عزرة بن قيس وهو علي خيل اهل الكوفة ان خيله تنكشف من كل جانب بعث إلي عمر بن سعد عبد الرحمان بن حصن فقال: اما تري ما تلقي خيلي مذ اليوم من هذه العدة اليسيرة؟ ابعث اليهم الرجال والرماة، فقال لشبث بن ربعي الا تقدم اليهم؟ فقال: سبحان الله أتعمد إلي شيخ مصر وأهل مصر عامة تبعثه في الرماة لم تجد من تندب لهذا ويجزي عنك غيري؟ قال: وما زالوا يرون من شبث الكراهة لقتاله، قال: وقال ابوزهير العبسي فانا سمعته في امارة مصعب يقول: لا يعطي الله أهل هذا المصر خيرا ابدا، ولا يسددهم لرشد. ألا تعجبون أنا قاتلنا مع علي بن أبي طالب ومع ابنه من بعده آل ابي سفيان خمس سنين، ثم عدونا علي ابنه وهو خير اهل الارض نقاتله مع آل معاوية وابن سمية الزانية ضلال يالك من ضلال، قال: ودعا عمر بن الحصين بن تميم فبعث معه المجففة وخمسمأة من المرامية فاقبلوا حتي اذا دنوا من الحسين واصحابه رشقوهم بالنبل فلم يلبثوا ان عقروا خيولهم وصاروا رجالة كلهم قال ابومخنف - حدثني نمير بن وعلة أن ايوب بن مشرح الخيواني كان يقول: أنا والله عقرت بالحر بن يزيد فرسه حشأته [28] سهما فما لبث


ان ارعد الفرس واضطرب وكبا فوثب عنه الحركانه ليث والسيف في يده وهو يقول:



ان تعقروا بي فأنا ابن الحر

أشجع من ذي لبد هزبر



قال: فما رأيت أحدا قط يفري فريه [29] قال: فقال له أشياخ من الحي أنت قتلته؟ قال: لا والله ما انا قتلته ولكن قتله غيري وما احب اني قتلته، فقال له أبوالوداك: ولم؟ قال: انه كان زعموا من الصالحين، فوالله لئن كان ذلك اثما لان ألقي الله باثم الجراحة والموقف احب إلي من أن ألقاه باثم قتل أحد منهم، فقال له أبوالوداك: ما اراك الا ستلقي الله باثم قتلهم اجمعين ارايت لو انك رميت ذا فعقرت ذا ورميت آخر ووقف موقفا وكررت عليهم وحرضت اصحابك وكثرت اصحابك وحمل عليك وكرهت أن تفروفعل آخر من أصحابك كفعلك وآخر وآخر كان هذا واصحابه يقتلون أنتم شركاء كلكم في دمائهم. فقال له: يا أبا الوداك انك لتقنطنا من رحمة الله ان كنت ولي حسابنا يوم القيامة فلا غفر الله لك ان غفرت لنا، قال: هو ما أقول لك، قال: وقاتلوهم حتي انتصف النهار اشد قتال خلقه الله وأخذوا لا يقدرون علي ان يأتوهم الا من وجه واحد لاجتماع ابنيتهم وتقارب بعضها من بعض، قال: فلما روي ذلك عمر بن سعد ارسل رجالا يقوضونها عن ايمانهم وعن شمائلهم ليحيطوا بهم، قال: فاخذ الثلاثة والاربعة من اصحاب الحسين يتخللون البيوت فيشدون علي الرجل وهو يقوض و


ينتهب فيقتلونه ويرمونه من قريب ويعقرونه، فأمربها عمر بن سعد عند ذلك فقال: أحرقوها بالنار ولا تدخلوا بيتا ولا تقوضوه، فجاء وا بالنار فاخذوا يحرقون.

فقال حسين: دعوهم فليحرقوها فانهم لو قد حرقوها لم يستطيعوا أن يجوزوا اليكم منها وكان ذلك كذلك. وأخذوا لا يقاتلونهم الا وجه واحد. قال: وخرجت امرأة الكلبي تمشي إلي زوجها حتي جلست عند رأسه تمسح عنه التراب وتقول: هنيئا لك الجنة، فقال شمر بن ذي الجوشن لغلام يسمي رستم: اضرب رأسها بالعمود، فضرب رأسها فشدخه فماتت مكانها. قال: وحمل شمر بن ذي الجوشن حتي طعن فسطاط الحسين برمحه ونادي علي بالنار حتي احرق هذا البيت علي أهله، قال فصاح النساء وخرجن من الفسطاط، قال: وصاح به الحسين يابن ذي الجوشن انت تدعو بالنار لتحرق بيتي علي اهلي حرقك الله بالنار. قال ابومخنف - حدثني سليمان بن ابي راشد عن حميد بن مسلم قال: قلت لشمر بن ذي الجوشن: سبحان الله ان هذا لا يصلح لك، اتريد ان تجمع علي نفسك خصلتين: تعذب بعذاب الله وتقتل الولدان والنساء، والله ان في قتلك الرجال لما ترضي به اميرك. قال: فقال: من انت؟ قال: قلت لا اخبرك من انا، قال: وخشيت والله ان لو عرفتني ان يضرني عند السلطان، قال: فجاء ه رجل كان اطوع له مني شبث بن ربعي فقال: ما رأيت مقالا اسوء من قولك ولا موقفا اقبح من موقفك


امرعبا للنساء صرت؟ قال: فاشهد انه استحيا فذهب لينصرف، وحمل عليه زهير بن القين [30] في رجال من اصحابه عشرة فشد علي شمر بن ذي الجوشن واصحابه فكشفهم عن البيوت حتي ارتفعوا عنها فصرعوا ابا عزة الضبابي فقتلوه، فكان من اصحاب شمر. وتعطف الناس عليهم فكثروهم فلا يزال الرجل من اصحاب الحسين قد قتل منهم الرجل والرجلان تبين فيهم واولئك كثير لا يتبين فيهم ما يقتل منهم. قال: فلما رأي ذلك ابوثمامة عمرو بن عبدالله الصائدي قال للحسين: يا ابا عبدالله نفسي لك الفداء. اني اري هؤلاء قد اقتربوا منك ولا والله لا تقتل حتي اقتل دونك ان شاء الله، واحب ان القي ربي وقد صليت هذه الصلاة التي قددنا وقتها، قال: فرفع الحسين رأسه ثم قال: ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلين الذاكرين، نعم هذا اول وقتها، ثم قال: سلوهم ان يكفوا عنا حتي نصلي، فقال لهم الحصين بن تميم: انها لا تقبل، فقال له حبيب بن مظاهر [31] : لا تقبل، زعمت


الصلوة من آل رسول الله صلي الله عليه وآله لا تقبل وتقبل منك يا حمار، قال: فحمل


عليهم حصين بن تميم، وخرج اليه حبيب بن مظاهر فضرب وجه فرسه


بالسيف فشب ووقع عنه وحمله اصحابه فاستنقذوه واخذ حبيب بقول:



اقسم لو كنا لكم اعدادا

اوشطر كم وليتم اكتادا



يا شر قوم حسبا وآدا

قال وجعل يقول يومئذ:



انا حبيب وابي مظاهر

فارس هيجاء وحرب تسعر



انتم اعد عدة واكثر

ونحن اوفي منكم واصبر



ونحن اعلي حجة واظهر

حقا واتقي منكم واعذر



وقاتل قتالا شديدا فحمل عليه رجل من بني تميم فضربه بالسيف علي راسه فقتله. وكان يقال له بديل بنصريم من بني عقفان. وحمل عليه آخر من بني تميم فطعنه فوقع، فذهب ليقوم فضربه الحصين بن تميم علي رأسه بالسيف فوقع، ونزل اليه التميمي فاحتز رأسه. فقال له


الحصين: اني لشريكك في قتله، فقال الاخر: والله ما قتله غيري، فقال الحصين: اعطنيه اعلقه في عنق فرسي كيما يري الناس ويعلموا أني شركت

في قتله. ثم خذه أنت بعد فامض به إلي عبيدالله بن زياد فلا حاجة لي فيما تعطاه علي قتلك اياه. قال: فابي عليه فأصلح قومه فيما بينهما علي هذا فدفع اليه رأس حبيب بن مظاهر فجال به في العسكر قد علقه في عنق فرسه ثم دفعه بعد ذلك اليه فلما رجعوا إلي الكوفة اخذ الاخر رأس حبيب فعلقه في لبان فرسه، ثم اقبل به إلي ابن زياد في القصر، فبصر به ابنه القاسم بن حبيب، وهو يومئذ قد راهق، فاقبل مع الفارس لا يفارقه كلما دخل القصر دخل معه، واذا خرج خرج معه، فارتاب به فقال: مالك يا بني تتبعني، قال: لا شئي، قال بلي يا بني اخبرني؟ قال له: ان هذا الرأس الذي معك رأس ابي أفتعطينيه حتي أدفنه، قال: يا بني لا يرضي الاميران يدفن وانا اريد ان يثيبني الامير علي قتله ثوابا حسنا، قال له الغلام: لكن الله لا يثيبك علي ذلك الا اسوء الثواب اما والله لقد قتلته خيرا منك وبكي. فمكث الغلام حتي اذا ادرك لم يكن له همة الا اتباع اثر قاتل أبيه ليجد منه غرة فيقتله بابيه. فلما كان زمانا مصعب بن الزبير وغزا مصعب با جميرا [32] دخل عسكر مصعب


فاذا قاتل ابيه في فسطاطه، فاقبل يختلف في طلبه والتماس غرته فدخل عليه وهو قائل نصف النهار فضربه بسيفه حتي برد. قال ابومخنف - حدثني محمد بن قيس قال: لما قتل حبيب بن مظاهر هد ذلك حسينا وقال عند ذلك: احتسب نفسي وحماة أصحابي، قال واخذ الحرير تجز ويقول:



آليت لا اقتل حتي اقتلا

ولن اصاب اليوم الا مقبلا



اضربهم بالسيف ضربا مقصلا

لانا كلا عنهم ولا مهللا



واخذ يقول ايضا:



اضرب في اعراضهم بالسيف

عن خير من حل مني والخيف



فقاتل هو وزهير بن القين قتالا شديدا، فكان اذا شد احدهما فان استلحم شد الاخر حتي يخلصه، ففعلا ذلك ساعة. ثم ان رجالة شدت علي الحر بن يزيد فقتل، وقتل أبوثمامة الصائدي [33] ابن عم له كان


عدوا له، ثم صلوا الظهر صلي بهم الحسين صلوة الخوف، ثم اقتتلوا بعد الظهر فاشتد قتالهم، ووصل إلي الحسين فاستقدم [34] الحنفي امامه


فاستهدف لهم يرمونه بالنبل يمينا وشمالا قائما بين يديه فما زال يرمي حتي سقط. وقاتل زهير بن القين قتالا شديدا وأخذ يقول:



أنا زهير وأنا ابن القين

أذودهم بالسيف عن حسين



قال وأخذ يضرب علي منكب حسين ويقول:



أقدم هديت هاديا مهديا

فاليوم تلقي جدك النبيا



وحسنا والمرتضي عليا

وذاالجناحين الفتي الكميا



وأسد الله الشهيد الحيا قال فشد عليه كثير بن عبدالله الشعبي ومهاجر بن أوس فقتلاه.


قال: وكان نافع بن هلال الجملي قد كتب اسمه علي أفواق نبله، فجعل يرمي بها مسمومة وهو يقول: أنا الجملي - أنا علي دين علي فقتل اثني عشر من أصحاب عمر بن سعد سوي من جرح، قال: فضرب حتي كسرت عضداه واخذ أسيرا، قال: فأخذه شمر بن ذي الجوشن ومعه أصحاب له يسوقون نافعا حتي اوتي به عمر بن سعد، فقال له عمر بن سعد: ويحك يا نافع ما حملك علي ما صنعت بنفسك، قال: ان ربي يعلم ما أردت، قال: والدماء تسيل علي لحيته وهو يقول: والله لقد قتلت منكم اثنا عشر سوي من جرحت، وما الوم نفسي علي الجهد ولو بقيت لي عضد وساعد ما أسرتموني، فقال له شمر: اقتله أصلحك الله، قال: انت جئت به فان شئت فاقتله، قال: فانتضي شمر سيفه، فقال له نافع: اما والله ان لو كنت من المسلمين لعظم عليك ان تلقي الله بدمائنا، فالحمد لله الذي جعل منايانا علي يدي شرار خلقه فقتله. قال: ثم اقبل شمر يحمل عليهم وهو قول.



خلو عداة الله خلوا عن شمر

يضربهم بسيفه ولا يفر



وهو لكم صاب وسم ومقر قال: فلما رأي اصحاب الحسين انهم قد كثروا وانهم لا يقدرون علي ان يمنعوا حسينا ولا انفسهم تنافسوا في ان يقتلوا بين يديه فجاء

عبدالله [35] و عبدالرحمان -


ابنا عزرة [36] الغفاريان فقالا: يا ابا عبدالله عليك السلام، حازنا العدو اليك فأحببنا ان نقتل بين يديك نمنعك وندفع عنك، قال: مرحبا بكما، ادنوا مني، فدنوا منه، فجعلا يقاتلان قريبا منه واحدهما يقول:



قد علمت حقا بنو غفار

وخندف بعد بني نزار



لنضربن معشر الفجار

بكل عضب صارم بتار



يا قوم ذودوا عن بني الاحرار

بالمشرفي والقنا الخطار



قال وجاء الفتيان الجابريان [37] سيف بن الحارث بن سريع


ومالك بن عبد بن سريع وهما ابنا عم واخوان لام، فأتيا حسينا فدنوا منه وهما يبكيان، فقال: اي ابني اخي ما يبكيكما؟ فوالله اني لارجو ان تكونا عن ساعة قريري عين، قالا: جعلنا الله فداك، لا والله ما علي انفسنا نبكي، ولكنا نبكي عليك نراك قد احيط بك ولا نقدر علي ان نمنعك، فقال: جزاكما الله يا ابني اخي بوجدكما من ذلك ومواساتكما اياي بأنفسكما احسن جزاء المتقين. قال: وجاء حنظلة بن اسعد الشبامي [38] فقام بين يدي حسين فأخذ ينادي: يا قوم اني اخاف عليكم مثل يوم الاحزاب؟ مثل دأب


قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم، وما الله يريد ظلما للعباد، ويا قوم اني أخاف عليكم يوم التناد، يوم تولون مدبرين مالكم من الله من عاصم، ومن يضلل الله فما له من هاد، يا قوم لا تقتلوا حسينا فيسحتكم الله بعذاب، وقد خاب من افتري. فقال له حسين: يا ابن أسعد رحمك الله انهم قد استوجبوا العذاب حين ردوا عليك ما دعوتهم اليه من الحق، ونهضوا اليك ليستبيحوك وأصحابك، فكيف بهم الان وقد قتلوا اخوانك الصالحين، قال: صدقت جعلت فداك، أنت أفقه مني وأحق بذلك، افلا نروح إلي الاخرة ونلحق باخواننا؟ فقال: رح إلي خير من الدنيا وما فيها والي ملك لا يبلي، فقال: السلام عليك يا ابا عبدالله، صلي الله عليك وعلي اهل بيتك، وعرف بيننا وبينك في جنته، فقال: آمين آمين. فاستقدم فقاتل حتي قتل. قال: ثم استقدم الفتيان الجابريان يلتفتان إلي حسين ويقولان: السلام عليك يابن رسول الله، فقال: عليكما السلام ورحمة الله، فقاتلا حتي قتلا. قال: وجاء عابس بن ابي شبيب الشاكري [39] ومعه


شوذب [40] مولي شاكر، فقال يا شوذب ما في نفسك ان تصنع؟ قال: ما اصنع اقاتل معك دون ابن بنت رسول الله صلي الله عليه وآله حتي أقتل، قال: ذلك الظن بك اما لا [41] فتقدم بين يدي أبي عبدالله حتي يحتسبك كما احتسب غيرك من اصحابه، وحتي احتسبك انا، فانه لو كان معي الساعة احدانا اولي به مني بك لسرني أن يتقدم بين يدي حتي أحتسبه، فان هذا يوم ينبغي لنا ان نطلب الاجر فيه بكل ما قدرنا عليه، فانه لا عمل بعد اليوم وانما هو الحساب. قال فتقدم فسلم علي الحسين، ثم مضي فقاتل حتي قتل.


قال: ثم قال عابس بن ابي شبيب: يا أبا عبدالله اما والله ما أمسي علي ظهر الارض قريب ولا بعيد اعز علي ولا احب إلي منك، ولو قدرت علي ان ادفع عنك الضيم والقتل بشئ اعز علي من نفسي ودمي لفعلته، السلام عليك يا ابا عبدالله اشهد الله اني علي هديك وهدي ابيك، ثم مشي بالسيف مصلتا نحوهم وبه ضربة علي جبينه. قال ابومخنف - حدثني نمير بن وعلة عن رجل من بني عبد من همدان يقال له ربيع بن تميم شهد ذلك اليوم قال: لما رأيته مقبلا عرفته وقد شاهدته في المغازي وكان اشجع الناس، فقلت: ايها الناس هذا اسد الاسود، هذا ابن ابي شبيب لا يخرجن اليه احد منكم، فأخذ ينادي الارجل لرجل. فقال عمر بن سعد: ارضخوه بالحجارة، قال: فرمي بالحجارة من كل جانب، فلما رأي ذلك القي درعه ومغفره، ثم شد علي الناس فوالله لرأيته يكرد اكثر من مأتين من الناس، ثم انهم تعطفوا عليه من كل جانب فقتل. قال: فرايت رأسه في ايدي رجال ذوي عدة هذا يقول: انا قتلته، وهذا يقول: انا قتلته فاتوا عمر بن سعد فقال: لا تختصموا هذا لم يقتله سنان واحد ففرق بينهم بهذا القول. قال ابومخنف - حدثني عبدالله بن عاصم عن الضحاك بن عبدالله المشرقي قال: لما رأيت اصحاب الحسين قد اصيبوا وقد خلص اليه والي اهل بيته ولم يبق معه غير سويد [42] بن عمرو بن ابي المطاع الخثعمي


وبشير بن [43] عمرو الحضرمي قلت له: يابن رسول الله قد علمت ما كان


بيني وبينك. قلت لك: اقاتل عنك ما رايت مقاتلا، فاذا لم ار مقاتلا فانا في حل من الانصراف، فقلت لي: نعم، قال: فقال صدقت وكيف لك بالنجاء ان قدرت علي ذلك فأنت في حل، قال: فاقبلت إلي فرسي وقد كنت حيث رأيت خيل اصحابنا تعقر اقبلت بها حتي ادخلتها فسطاطا لاصحابنا بين البيوت. واقبلت اقاتل معهم راجلا فقتلت يومئذ بين يدي الحسين رجلين وقطعت يد آخر وقال لي الحسين يومئذ مرارا: لا تشلل، لا يقطع الله يدك جزاك الله خيرا عن اهل بيت نبيك صلي الله عليه وآله، فلما اذن لي استخرجت الفرس من الفسطاط ثم استويت علي متنها، ثم ضربتها حتي اذا قامت علي السنابك رميت بها عرض القوم، فأفرجوا لي واتبعني منهم خمسة عشر رجلا حتي انتهيت إلي شفية قرية قريبة من شاطئ الفرات، فلما لحقوني عطفت عليهم، فعرفني كثير بن عبدالله الشعبي وايوب بن مشرح الخيواني وقيس بن عبدالله الصائدي فقالوا: هذا الضحاك بن عبدالله المشرقي، هذا ابن عمنا، ننشدكم الله لما كففتم عنه. فقال ثلاثة نفر من بني تميم كانوا معهم، بلي والله لنجيبن اخواننا


واهل دعوتنا إلي ما احبوا من الكف عن صاحبهم. قال: فلما تابع التميميون اصحابي كف الاخرون قال فنجاني الله. قال ابومخنف - حدثني فضيل بن خديج الكندي ان يزيد [44] بن زياد وهو ابوالشعثاء الكندي من بني بهدلة [45] جثي علي ركبتيه بين يدي الحسين فرمي بمأة سهم ما سقط منها خمسة اسهم وكان راميا وكان كلما رمي قال: انا ابن بهدلة فرسان العرجلة، [46] ويقول حسين

اللهم سدد رميته، واجعل ثوابه الجنة، فلما رمي بها قام فقال: ما سقط منها الا خمسة اسهم. ولقد تبين لي اني قد قتلت خمسة نفر وكان في اول من قتل وكان رجزه يومئذ:



انا يزيد وابي مهاصر [47] .

اشجع من ليث بغيل خادر






يا رب اني للحسين ناصر

ولابن سعد تارك وهاجر



وكان يزيد بن زياد بن المهاصر ممن خرج مع عمر بن سعد إلي الحسين، فلما ردوا الشروط علي الحسين مال اليه فقاتل معه حتي قتل. فأما الصيداوي [48] عمرو بن خالد، وجابر [49] بن الحارث


السلماني، وسعد مولي عمرو بن خالد، ومجمع [50] بن عبدالله العائذي، فانهم قاتلوا في اول القتال فشدوا مقدمين بأسيافهم علي الناس، فلما وغلوا عطف عليهم الناس فاخذوا يحوزونهم وقطعوهم من اصحابهم غير بعيد، فحمل عليهم العباس بن علي فاستنقذهم، فجاء وا قد جرحوا، فلما دنا منهم عدوهم شدوا بأسيافهم فقاتلوا في اول الامر حتي قتلوا في مكان واحد. قال ابومخنف - حدثني زهير بن عبدالرحمان بن زهير الخثعمي قال: كان آخر من بقي مع الحسين من اصحابه سويد بن عمرو بن ابي المطاع الخثعمي، قال: وكان اول قتيل من بني ابي طالب


يومئذ علي [51] الاكبر ابن الحسين بن علي وامه ليلي ابنة ابي مرة بن


عروة بن مسعود الثقفي وذلك انه اخذ يشد علي الناس وهو يقول:




انا علي بن حسين بن علي

نحن ورب البيت أولي بالنبي



تالله لا يحكم فينا ابن الدعي




قال ففعل ذلك مرارا، فبصربه مرة بن منقذ بن النعمان العبدي ثم الليثي فقال: علي آثام العرب ان مربي يفعل مثل ما كان يفعل ان لم اثكله اباه، فمر يشد علي الناس بسيفه، فاعترضه مرة بن منقذ فطعنه فصرع واحتووا له الناس فقطعوهم بأسيافهم. قال ابومخنف - حدثني سليمان بن ابي راشد عن حميد بن مسلم الازري قال: سماع اذني يومئذ من الحسين يقول: قتل الله قوما قتلوك، يا بني ما اجرأهم علي الرحمان، وعلي انتهاك حرمة الرسول، علي الدنيا بعدك العفا، قال: وكاني انظر إلي امرأة خرجت مسرعة كانها الشمس الطالعة تنادي: يا اخياه ويا ابن اخاه فقيل هذه زينب ابنة فاطمة ابنة رسول الله ص، فجاء ت حتي أكبت عليه فجاء ها الحسين فأخذ بيدها فردها إلي الفسطاط. وأقبل الحسين إلي ابنه وأقبل فتيانه اليه فقال: احملوا أخاكم، فحملوه من مصرعه حتي وضعوه بين يدي الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه.


قال: ثم ان عمرو بن صبيح الصدائي رمي عبدالله [52] بن مسلم بن عقيل بسهم فوضع كفه علي جبهته فأخذ لا يستطيع أن يحرك كفيه ثم انتحي له بسهم آخر ففلق قلبه، فاعتورهم الناس من كل جانب فحمل عبدالله بن قطبة الطائي ثم النبهاني علي [53] عون بن عبدالله


بن جعفر بن أبي طالب فقتله وحمل عامر بن نهشل التيمي علي محمد


بن [54] عبدالله بن جعفر بن أبي طالب فقتله. قال: وشد عثمان بن خالد بن


اسير الجهني وبشر بن سوط الهمداني ثم القابضي علي عبدالرحمن بن عقيل بن أبي طالب [55] فقتلاه. ورمي عبدالله بن عزرة الخثعمي جعفر بن [56] .


عقيل بن أبي طالب فقتله. قال أبومخنف - حدثني سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم قال: خرج الينا غلام كان وجهه شقة قمر في يده السيف عليه قميص وازار ونعلان قد انقطع شسع احدهما، ما أنسي أنها اليسري. فقال لي عمرو بن سعد بن نفيل الازدي والله لاشدن عليه، فقلت له: سبحان الله وما تريد إلي ذلك، يكفيك قتل هؤلاء الذين تراهم قد احتولوهم (قد احتوشوه) قال: فقال والله لاشدن عليه فشد عليه فما ولي حتي ضرب رأسه بالسيف، فوقع الغلام لوجهه، فقال: يا عماه قال: فجلي الحسين كما يجلي الصقر، ثم شد شدة ليث أغضب، فضرب عمرا


(عمروا) بالسيف فاتقاه بالساعد فاطنها [57] من لدن المرفق، فصاح ثم تنحي عنه، وحملت خيل لاهل الكوفة ليستنقذوا عمرا من حسين، فاستقبلت عمرا، بصدورها فحركت حوافرها وجالت الخيل بفرسانها عليه فتوطأته حتي مات، وانجلت الغبرة فاذا أنا بالحسين قائم علي رأس الغلام والغلام يفحص برجليه وحسين يقول بعدا لقوم قتلوك ومن خصمهم يوم القيامة فيك جدك. ثم قال: عزوالله علي عمك أن تدعوه فلا يجيبك أو يجيبك ثم لا ينفعك صوت، والله كثر واتره وقل ناصره، ثم احتمله فكأني أنظر إلي رجلي الغلام يخطان في الارض، وقد وضع حسين صدره علي صدره قال: فقلت في نفسي: ما يصنع به؟ فجاء به حتي ألقاه مع ابنه علي بن الحسين وقتلي قد قتلت حوله من أهل بيته. فسألت عن الغلام فقيل: هو القاسم [58] .


بن الحسن بن علي بن ابي طالب. قال: ومكث الحسين طويلا من النهار كلما انتهي اليه رجل من الناس انصرف عنه وكره أن يتولي قتله وعظيم اثمه عليه، قال: وان رجلا من كندة يقال له مالك بن النسير من بني بداء أتاه فضربه علي رأسه بالسيف وعليه برنس له فقطع البرنس وأصاب السيف رأسه، فأدمي رأسه فامتلا البرنس دما، فقال له الحسين: لا أكلت بها ولا شربت وحشرك الله مع الظالمين، قال: فألقي ذلك البرنس ثم دعا بقلنسوة فلبسها واعتم وقد أعيا وبلد وجاء الكندي حتي أخذ البرنس وكان من خز، فلما قدم به بعد ذلك علي امرأته ام عبدالله ابنة الحرأخت حسين بن الحر البدي أقبل يغسل البرنس من الدم، فقالت له امرأته: أسلب ابن بنت رسول الله صلي الله عليه وآله تدخل بيتي أخرجه عني، فذكر أصحابه انه لم لم يزل فقيرا بشر حتي مات. قال: ولما قعد الحسين اتي بصبي له فأجلسه في حجره زعموا أنه عبدالله [59] بن الحسين.


قال أبومخنف قال عقبة بن بشير الاسدي: قال لي أبوجعفر محمد بن علي بن الحسين: ان لنا فيكم يا بني اسد دما، قال: قلت: فماذنبي أنا


في ذلك رحمك الله يا أبا جعفر وما ذلك؟ قال: أتي الحسين بصبي له فهو في حجره اذرماه أحدكم يا بني اسد بسهم فذبحه، فتلقي الحسين دمه، فلما ملاء كفيه صبه في الارض، ثم قال: رب ان تك حبست عنا النصر من السماء فاجعل ذلك لما هوخير وانتقم لنا من هؤلاء الظالمين.


قال: ورمي عبدالله بن عقبة الغنوي أبا بكر بن [60] الحسن ابن علي بسهم فقتله، فلذلك يقول الشاعر وهو ابن ابي عقب.



وعند غني قطرة من دمائنا

وفي أسد اخري تعد وتذكر



قال: وزعموا ان [61] العباس بن علي قال لاخوته من امه عبدالله


وجعفر وعثمان: يا بني امي تقدموا حتي أرثكم فأنه لاولد لكم ففعلوا فقتلوا


وأول ما ولدت العباس يلقب في زمنه قمر بني هاشم ويكني أبا الفضل. وبعده عبدالله، وبعده جعفرا، وبعده عثمان، وعاش العباس مع أبيه أربع عشرة سنة، حضر بعض الحروب فلم يأذن له أبوه بالنزال، ومع أخيه الحسن (ع) أربعا وعشرين سنة، ومع أخيه الحسين (ع) أربعا وثلاثين سنة، وذلك مدة عمره، وكان (ع) ايدا شجاعا فارسا وسيما جسيما يركب الفرس المطهم ورجلاه تخطان في الارض، وروي عن أبي عبدالله الصادق (ع) أنه قال: كان عمنا العباس بن علي نافذ البصيرة، صلب الايمان: جاهد مع أبي عبدالله (ع) وأبلي بلاء ا حسنا ومضي شهيدا. وروي عن علي بن الحسين (ع): أنه نظر يوما إلي عبيدالله بن العباس بن علي (ع) فاستعبر ثم قال: ما من يوم أشد علي رسول الله صلي الله عليه وآله من يوم احد، قتل فيه عمه حمزة بن عبدالمطلب اسد الله واسد رسوله وبعده يوم موتة قتل فيه ابن عمه جعفر بن أبي طالب، ولا يوم كيوم الحسين (ع) ازدلف اليه. ثلاثون ألف رجل، يزعمون أنهم من هذه الامة، كل يتقرب إلي الله عزوجل بدمه، وهو يذكرهم بالله فلا يتعظمون حتي قتلوه بغيا وظلما وعدوانا. ثم قال: رحم الله العباس فلقد آثر وأبلي، وفدي أخاه بنفسه حتي قطعت يداه، فابدله الله عزوجل منهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة كما جعل لجعفر بن ابيطالب (ع). وأن للعباس عند الله تبارك وتعالي منزلة يغبطونها جميع الشهداء يوم القيامة.


وروي اهل السير عن الضحاك بن قيس المشرقي قال: ان الحسين عليه السلامجمع تلك الليلة (ليلة عاشورا) اهل بيته واصحابه فخطبهم بخطبته التي قال فيها: اما بعد فاني لا اعلم اهل بيت الخ فقام العباس فقال: لم نفعل ذلك لنبقي بعدك، لا ارانا الله ذلك ابدا. ثم تكلم اهل بيته واصحابه بما يشبه هذا الكلام وسيذكر بعد. قالوا: ولما اصبح ابن سعد جعل علي ربع المدينة عبدالله بن زهير بن سليم الازدي، وعلي ربع مذحج واسد عبدالرحمان بن ابي سبرة الجعفي، وعلي ربع ربيعة وكندة قيس بن الاشعث بن قيس، و علي ربع تميم وهمدان الحر بن يزيد الرياحي، وجعل الميمنة لعمرو بن الحجاج الزبيدي، والميسرة لشمر بن ذي الجوشن الضبابي، والخيل لعزرة بن قيس الاحمسي. والرجال لشبث بن ربعي واعطي الراية لدريد مولاه. ولما اصبح الحسين عليه السلام جعل الميمنة لزهير والميسرة لحبيب واعطي الرأية اخاه العباس. وروي ابومخنف عن الضحاك بن قيس ان الحسين عليه السلام لماخطب خطبته علي راحلته ونادي في اولها باعلي صوته: ايها الناس اسمعوا قولي ولا تعجلوني سمع النساء كلامه هذا فصحن وبكين وارتفعت اصواتهن. فارسل اليهن اخاه العباس وولده عليا وقال لهما: اسكتاهن فلعمري ليكثرن بكائهن، فمضيا يسكتاهن حتي اذا سكتن عاد


إلي خطبته، فحمد الله واثني عليه وصلي علي نبيه. قال: فوالله ما سمعت متكلما قط لاقبله ولا بعده ابلغ منه منطقا وقال ابوجعفر وابن الاثير لما نشبت الحرب بين الفريقين تقدم عمر بن خالد ومولاه سعد ومجمع بن عبدالله وجنادة بن الحرث فشدوا مقدمين باسيافهم علي الناس فلما وغلوا فيهم عطف عليهم الناس، فاخذوا يحوزونهم وقطعوهم من اصحابهم، فندب الحسين عليه السلام لهم اخاه العباس، فحمل علي القوم وحده، فضرب فيهم بسيفه حتي فرقهم عن اصحابه وخلص اليهم فسلموا عليه فاتي بهم. ولكنهم كانوا جرحي، فابوا عليه ان يستنقذهم سالمين، فعادوا القتال وهو يدفع عنهم حتي قتلوا في مكان واحد، فعاد العباس إلي اخيه اخبره بخبرهم. قال اهل السير: وكان العباس ربما ركز لوائه امام الحسين وحامي عن اصحابه او استقي ماء ا فكان يلقب السقاء، ويكني ابا قربة بعد قتله. قالوا: ولما رأي وحدة الحسين عليه السلام بعد قتل اصحابه وجملة من اهل بيته قال لاخوته من امه: تقدموا لاحتسبكم عند الله تعالي فانه لا ولدلكم، فتقدموا حتي قتلوا، فجاء إلي الحسين عليه السلام واستأذنه في المصال فقال (ع) له: انت حامل لوائي، فقال: لقد ضاق صدري وسئمت


الحياة، فقال له الحسين (ع). ان عزمت فاستسق لنا ماء ا، فاخذ قربته وحمل علي القوم حتي ملاء القربة قالوا واغترف من الماء غرفة ثم ذكر عطش الحسين (ع) فرمي بها وقال:



يا نفس من بعد الحسين هوني

وبعده لاكنت ان تكوني



هذا الحسين وارد المنون

وتشربين بارد المعين



ثم عاد فاخذ عليه الطريق فجعل يضربهم بسيفه وهو يقول:



لا ارهب الموت اذ الموت زقا

حتي اداري في المصاليت لقي



اني انا العباس اغدو بالسقا

ولا اهاب الموت يوم الملتقي



فضربه حكيم بن طفيل الطائي السنبسي علي يمينه فبراها فاخذ اللواء بشماله وهو يقول



والله ان قطعتموا يميني

اني احامي ابدا عن ديني



فضربه زيد بن ورقاء الجهني علي شماله فبراها، فضم اللواء إلي صدره (كما فعل عمه جعفر اذ قطعوا يمينه ويساره في موتة فضم اللواء إلي صدره) وهو يقول:



الا ترون معشر الفجار

قد قطعوا ببغيهم يساري



فحمل عليه رجل تميمي من ابناء ابان بن دارم، فضربه بعمود علي رأسه، فخرصريعا إلي الارض، ونادي باعلي صوته: ادركني يا اخي، فانقض عليه ابوعبدالله كالصقر فراه مقطوع اليمين واليسار مرضوخ الجبين، مشكوك العين بسهم مرتثا بالجراحة، فوقف عليه منحنيا وجلس عند راسه يبكي حتي فاضت نفسه ثم حمل علي القوم فجعل يضرب فيهم يمينا وشمالا، فيفرون


من بين يديه كما تفر المعزي اذا شد فيها الذئب وهو يقول: اين تفرون وقد قتلتم اخي. اين تفرون وقد فتتم عضدي. ثم عاد إلي موقفه منفردا وكان العباس آخر من قتل من المحاربين لاعداء الحسين عليه السلام، ولم يقتل بعده الا الغلمان الصغار من آل ابي طالب الذين لم يحملوا السلاح وفيه يقول الكميت بن زيد الاسدي:



وابوالفضل ان ذكرهم الحلو

شفاء النفوس في الاسقام



قتل الادعياء اذ قتلوه

اكرم الشاربين صوب الغمام



ويقول حفيده الفضل بن محمد بن الفضل بن الحسن بن عبيدالله بن العباس (ع):



اني لا ذكر للعباس موقفه

بكربلاء وهام القوم تختطف



يحمي الحسين ويحميه علي ظما

ولا يولي ولا يثني فيختلف



ولا اري مشهدا يوما كمشهده

مع الحسين عليه الفضل والشرف



اكرم به مشهدا بانت فضيلته

وما اضاع له افعاله خلف



واقول امسند ذاك اللواء صدره

وقد قطعت منه يمني ويسري



لثنيت جعفر في فعله

غداة استضم اللواء منه صدرا



وابقيت ذكرك في العالمين

يتلونه في المحاريب ذكرا



واوقفت فوقك شمس الهدي

يدير بعينيه يمني ويسري



لئن ظل منحنيا فالعدي

بقتلك قد كسروا منه ظهرا






والقوا لواه فلف اللواء

ومن ذا تري بعد يسطيع نشرا



نأي الشخص منك وابقي ثناك

إلي الاحشر يدلج فيه ويسري



وانا استرق جدا من رثاء امه فاطمة ام البنين الذي انشده ابوالحسن الاخفش في شرح الكامل وقد كانت تخرج إلي البقيع كل يوم ترثيه وتحمل ولده عبيدالله فيجتمع لسماع رثائها اهل المدينة و فيهم مروان بن الحكم فيبكون لشجي الندبة. قولها رضي الله عنها



يا من رأي العباس كر

علي جماهير النقد



ووراه من أبناء حيدر

كل ليث ذي لبد



انبئت أن ابني اصيب

برأسه مقطوع يد



ويل علي شبلي أمال

برأسه ضرب العمد



لو كان سيفك في يد

يك لما دنا منه أحد



وقولها



لا تدعوني ويك ام البنين

تدكريني بليوث العرين



كانت بنون لي ادعي بهم

واليوم أصبحت ولا من بنين



أربعة مثل نسور الربي

قد واصلوا الموت بقطع الوتين



تنازع الخرصان أشلائهم

فكلهم أمسي صريعا طعين



يا ليت شعري اكما أخبروا

بأن عباسا قطيع اليمين



وروي جماعة عن القسم بن الاصبغ بن نباتة قال: رأيت رجلا


من بني أبان بن دارم أسود الوجه وقد كنت أعرفه شديد البياض جميلا، فسئلته عن سبب تغيره وقلت له: ما كدت اعرفك، فقال: اني قتلت رجلا بكربلا وسيما جسيما، بين عينيه أثر السجود، فما بت ليلة منذ قتلته إلي الان الا وقد جائني في النوم وأخذ بتلابيبي وقادني إلي جهنم، فيد فعني فيها فاظل أصيح، فلا يبقي أحد في الحي الا ويسمع صياحي قال: فانتشر الخبر، فقالت جارة له: انه ما زلنا نسمع صياحه حتي ما يدعنا ننام شيئا من الليل، فقمت في شباب الحي إلي زوجته فسألناها فقالت: أما اذا أخير هو عن نفسه، فلا أبعد الله غيره، قد

صدقكم، قال: والمقتول هو العباس بن علي عليهما السلام. الضبط: (الايد) كالسيد: القوي. (الوسيم) من الوسامة الجمال (المطهم) كمحمد: السمين الفاحش السمن العالي وهذه كناية عن طوله وجسامته (ع) (ازدلف): اي سار اليه وقرب منه. (يغبطه): اي يتمني ان يكون مثله بلا نقصان من حظه. (خلصوا: وصلوا (بنفسي انت) اي فديتك بنفسي. (الضحاك بن قيس المشرقي من همدان) هذا جاء إلي الحسين عليه السلام هو ومالك بن النضر الارحبي ايام الموادعة يسلمان عليه فدعاهما لنصرته، فاعتذر مالك بدينه وعياله، واجاب الضحاك علي شريطة انه ان رأي نصرته لا تفيد الحسين عليه السلام فهو في حل، فرضي الحسين عليه السلام منه حتي اذا لم يبق من اصحابه الا نفران جاء إلي الحسين عليه السلام وقال له: شريطتي، قال: نعم، ولكن اني لك النجاء، ان قدرت علي


ذلك فانت في حل، فاقبل علي فرسه إلي آخر ما قدمنا نقله عن ابي مخنف في المتن. فهو بعد النجاة يخبر عن جملة مما وقع للحسين عليه السلام واصحابه في المقاتلة. (فانه لا ولد لكم) يعني بذلك انكم ان تقدمتموني وقتلوكم لم تبق لكم ذرية. فينقطع نسب امير المؤمنين عليه السلام منكم. فيشتد حزني ويعظم اجري بذلك، وزعم بعض الناس انه يعني: لاحوز ميراثكم. فاذا قتلت خلص لولدي. وهذا طريف، فان العباس اجل قدرا من ذلك. (زقا): صاح، تزعم العرب أن للموت طائرا يصيح ويسمونه الهامة ويقولون: اذا قتل الانسان ولم يؤخذ بثاره زقت هامته حتي يثأر قال الشاعر:



فان تك هامة بهراة تزقو

فقد ازقيت بالمروين هاما



(المصاليت) جمع مصلات، وهو الرجل السريع المتشمر، قال عامر بن الطفيل:



وانا المصاليت يوم الوغا

اذا ما المغاوير لم نقدم



(السنبسي) بالسين المهملة وبعدها النون ثم الباء المفردة والسين والياء المثناة تحت منسوب إلي سنبس بطن من طي. (النقد) جنس من الغنم قصار الارجل، قباح الوجوه، فمعني البيت: يا من رأي العباس وهواسم للاسد: كر علي جماعات الغنم المعروفة بالنقد وهو بديع، (تلابيبي) جمع تلبيب وهو موضع اللبب من الثياب واللبب موضع القلادة


وشد هاني بن ثبيت الحضرمي علي عبدالله [62] بن علي بن أبي طالب فقتله ثم شد علي جعفر [63] بن علي فقتله، وجاء براسه. ورمي خولي بن يزيد


الاصبحي [64] عثمان بن علي بن ابيطالب بسهم ثم شد عليه رجل من بني


ابان بن دارم فقتله وجاء برأسه ورمي رجل من بني ابان بن دارم [65] محمد


بن علي بن ابي طالب فقتله وجاء برأسه. قال هشام: حدثني ابو [66] الهذيل رجل من السكون عن هاني بن ثبيت الحضرمي قال: رأيته جالسا في مجلس الحضرميين


في زمان خالد بن عبدالله وهوشيخ كبير قال: فسمعته وهو يقول: كنت ممن شهد قتل الحسين قال: فوالله اني لواقف عاشر عشرة ليس منا رجل الاعلي فرس وقد جالت الخيل وتصعصعت اذ خرج غلام من آل الحسين وهو ممسك بعود من تلك الابنية عليه ازار وقميص وهو مذعور يلتفت يمينا وشمالا، فكاني انظر إلي درتين في اذنيه تذبذبان كلما التفت، اذ اقبل رجل يركض حتي اذا دنا منه مال عن فرسه ثم اقتصد الغلام، فلما عتب عليه كني عن نفسه. قال هشام: حدثني [67] عمرو بن شمر عن جابر الجعفي قال:


عطش الحسين حتي اشتد عليه العطش فدنا ليشرب من الماء، فرماه حصين بن تميم بسهم فوقع في فمه، فجعل يتلقي الدم من فمه ويرمي به إلي السماء، ثم حمد الله واثني عليه ثم جمع يديه فقال: اللهم احصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تذر علي الارض منهم احدا. قال هشام: عن أبيه محمد بن السائب عن القاسم بن الاصبغ بن نباتة قال: حدثني من شهد الحسين في عسكره: ان حسينا حين غلب علي عسكره ركب المسناة يريد الفرات، قال: فقال رجل من بني أبان بن دارم: ويلكم حولوا بينه وبين الماء لا تتأم اليه شيعته، قال: وضرب فرسه واتبعه الناس حتي حالوا بينه وبين الفرات، فقال الحسين اللهم اظمه، قال: وينتزع الاباني بسهم فاثبته في حنك الحسين، قال: فانتزع الحسين السهم ثم بسط كفيه فامتلاء تا دما.


ثم قال الحسين: اللهم اني اشكو اليك ما يفعل بابن بنت نبيك قال: فوالله ان مكث الرجل الا يسيرا حتي صب الله عليه الظماء، فجعل لا يروي، قال القاسم ابن الاصبغ: لقد رأيتني فيمن يروح عنه والماء يبرد له فيه السكر وعساس فيها اللبن وقلال فيها الماء، وانه ليقول: ويلكم اسقوني. قتلني الظماء فيعطي القلة او العس كان مرويا اهل البيت فيشربه فاذا نزعه من فيه اضطجع الهنيهة ثم يقول ويلكم اسقوني قتلني الظماء، قال: فوالله ما لبث الا يسيرا حتي انقد بطنه انقداد بطن البعير. قال ابومخنف في حديثه: ثم ان شمر بن ذوالجوشن اقبل في نفر نحو من عشرة من رجالة اهل الكوفة قبل منزل الحسين الذي فيه ثقله وعياله فمشي نحوه، فحالوا بينه وبين رحله فقال الحسين: ويلكم ان لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون يوم المعاد فكونوا في امر دنياكم احرارا، ذوي احساب، امنعوا رحلي واهلي من طغامكم وجهالكم، فقال ابن ذي الجوشن: ذلك لك يابن فاطمة قال: واقدم عليه بالرجالة منهم: ابوالجنوب، واسمه عبدالرحمان الجعفي والقشعم بن عمرو بن يزيد الجعفي، وصالح بن وهب اليزني، وسنان بن انس النخعي وخولي بن يزيد الاصبحي، فجعل شمر بن ذي الجوشن يحرضهم، فمر بابي الجنوب وهو شاك في السلاح، فقال له: اقدم عليه، قال: وما يمنعك ان تقدم عليه انت؟ فقال له شمر: ألي تقول ذا؟ قال: وانت لي تقول ذا؟ فاستبا فقال له ابوالجنوب وكان شجاعا والله لهممت أن اخضخض السنان في عينك، قال: فانصرف عنه شمر وقال: والله لئن قدرت علي أن أضرك لاضرنك. قال:ثم


ان شمر بن ذي الجوشن أقبل في الرجالة نحو الحسين فأخذ الحسين يشد عليهم، فينكشفون عنه، ثم انهم أحاطوا به احاطة، وأقبل إلي الحسين [68] غلام من أهله فأخذته اخته زينب ابنة علي لتحبسه، فقال


لها الحسين: احبسيه، فأبي الغلام وجاء يشتد إلي الحسين فقام إلي جنبه. قال: وقد أهوي بحر بن كعب ابن عبيدالله من بني تيم الله بن ثعلبة بن عكابة إلي الحسين بالسيف، فقال الغلام: يابن الخبيثة أتقتل عمي؟ فضربه بالسيف فاتقاه الغلام بيده فأطنها الا الجلدة فاذا يده معلقة، فنادي الغلام يا امتاه، فاخذه الحسين فضمه إلي صدره وقال: يابن أخي اصبر علي ما نزل بك، واحتسب في ذلك الخير، فان الله يلحقك بآبائك الصالحين برسول الله صلي الله عليه وآله وعلي بن أبي طالب وحمزة وجعفر والحسن بن علي صلي الله عليهم أجمعين. قال أبومخنف - حدثني سليمان بن أبي راشد عن حميد بن


مسلم قال: سمعت الحسين يومئذ وهو يقول: أللهم أمسك عنهم قطر السماء. وامنعهم بركات الارض، أللهم فان متعتهم إلي حين ففرقهم فرقا، واجعلهم طرائق قددا، ولا ترض عنهم الولاة أبدا، فانهم دعونا لينصرونا فعدوا علينا فقتلونا. قال: وضارب الرجالة حتي انكشفوا عنه قال: ولما بقي الحسين في ثلاثة رهط او اربعة دعا بسراويل محققة يلمع فيها البصر يماني محقق ففزره ونكثه لكيلا يسلبه، فقال له بعض اصحابه: لو لبست تحته تبانا، قال: ذلك ثوب مذلة ولا ينبغي لي أن ألبسه. قال: فلما قتل أقبل بحر بن كعب فسلبه اياه فتركه مجردا. قال أبومخنف - فحدثني عمرو بن شعيب عن محمد بن عبدالرحمان أن يدي بحر بن كعب كانتا في الشتاء ينضحان الماء وفي الصيف يييبسان كانهما عود. قال أبومخنف - عن الحجاج بن عبدالله ابن عمار بن عبد يغوث البارقي: وعتب علي عبدالله بن عمار بعد ذلك مشهده قتل الحسين فقال عبدالله بن عمار: ان لي عند بني هاشم ليدا، قلنا: له وما يدك عندهم؟ قال: حملت علي حسين بالرمح فانتهيت اليه، فوالله لو شئت لطعنته ثم انصرفت عنه غير بعيد وقلت ما اصنع بأن أتولي قتله يقتله غيري، قال: فشد عليه رجالة ممن عن يمينه وشماله، فحمل علي من عن يمينه حتي ابذ عروا، وعلي من عن شماله حتي ابذعروا، وعليه قميص له من خزوهو معتم، قال: [69] فوالله: ما رأيت مكسورا قط قد قتل ولده


وأهل بيته وأصحابه أربط جأشا، ولا أمضي جنانا منه، ولا أجرأ مقدما، والله ما رأيت قبله ولا بعده مثله، ان كانت الرجالة لتنكشف من عن يمينه وشماله انكشاف المعزي اذا شد فيها الذئب، قال: فوالله انه لكذلك،


اذ خرجت زينب ابنة فاطمة أخته وكأني أنظر إلي قرطها يجول بين اذنيها وعاتقها وهي تقول: ليت السماء تطابقت علي الارض، وقددنا عمر بن سعد من حسين، فقالت: يا عمر بن سعد أيقتل أبوعبدالله وانت


تنظر اليه؟ قال فكاني أنظر إلي دموع عمروهي تسيل علي خديه ولحيته قال وصرف بوجهه عنها.


قال أبومخنف - حدثني الصقعب بن زهير عن حميد بن مسلم قال: كانت عليه جبة من خزوكان معتما وكان مخضوبا بالوسمة، قال: وسمعته يقول قبل أن يقتل وهو يقاتل علي رجليه قتال الفارس


الشجاع، يتقي الرمية، ويفترص العورة، ويشد علي الخيل، وهو يقول أعلي قتلي تحاثون؟ أما والله لا تقتلون بعدي عبدا من عباد الله أسخط عليكم لقتله مني، وأيم الله اني لارجو أن يكرمني الله بهوانكم


ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون، أما والله أن لو قد قد قتلتموني لقد


ألقي الله باسكم بينكم وسفك دمائكم ثم لا يرضي لكم حتي يضاعف لكم العذاب الاليم. قال: ولقد مكث طويلا من النهار ولو شاء الناس أن يقتلوه لفعلوا، ولكنهم كان يتقي بعضهم ببعض، ويحب هؤلاء أن يكفيهم هؤلاء، قال: فنادي شمر في الناس: ويحكم ماذا تنظرون بالرجل؟ اقتلوه ثكلتكم امهاتكم، قال: فحمل عليه من كل جانب، فضربت كفه اليسري ضربة ضربها زرعة بن شريك التميمي، وضرب علي عاتقه، ثم انصرفوا وهو ينوء ويكبو، قال: وحمل عليه في تلك الحال سنان بن أنس بن عمرو النخعي فطعنه بالرمح فوقع، ثم قال لخولي بن يزيد الاصبحي: احتز رأسه فأراد أن يفعل فضعف وأرعد، فقال له سنان بن أنس: فت الله عضد يك وأبان يديك، فنزل اليه فذبحه واحتز رأسه، ثم دفع إلي خولي بن يزيد، وقد ضرب قبل ذلك بالسيوف. قال أبومخنف - عن جعفر بن محمد بن علي قال: وجد بالحسين عليه السلام حين قتل ثلاث وثلاثون طعنة، وأربع وثلاثون ضربة، قال: وجعل سنان بن أنس لا يدنو أحد من الحسين الاشد عليه مخافة أن يغلب علي رأسه حتي أخذ رأس الحسين فدفعه إلي خولي، قال: وسلب الحسين ما كان عليه، فأخذ سراويله بحرين كعب، أخذ قيس بن الاشعث قطيفته وكانت من خز وكان يسمي بعد قيس قطيفة، وأخذ نعليه رجل من بني أوديقال له الاسود، وأخذ سيفه رجل من بني نهشل بن دارم فوقع بعد ذلك إلي اهل حبيب بن بديل، قال: ومال الناس علي الورس والحلل والابل وانتهبوها، قال: ومال الناس علي نساء الحسين وثقله


ومتاعه فان كانت المرأة لتنازع ثوبها عن ظهرها حتي تغلب عليه فيذهب به منها. قال ابومخنف - حدثني زهير بن عبدالرحمان الخثعمي ان سويد بن عمرو بن أبي المطاع كان صرع فاثخن فوقع بين القتلي مثخنا فسمعهم يقولون: قتل الحسين. فوجد فاقة فاذا معه سكين وقد أخذ سيفه، فقاتلهم بسكينه ساعة، ثم انه قتل: قتله عروة بن بطار التغلبي، وزيد بن. رقاد الجنبي وكان آخر قتيل. قال أبومخنف - حدثني سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم قال انتهيت إلي علي بن الحسين بن علي الاصغر وهو منبسط علي فراش له وهو مريض، واذا شمر بن ذي الجوشن في رجالة معه يقولون: الا نقتل هذا. قال: فقلت: سبحان الله أنقتل الصبيان انما هذا صبي؟ قال: فما زال ذلك دأبي أدفع عنه كل من جاء حتي جاء عمر بن سعد فقال: الا لا يدخلن بيت هؤلاء النسوة أحد، ولا يعرضن لهذا الغلام المريض، ومن أخذ من متاعهم شيئا فليرده عليهم، قال: فوالله ما رد احد شيئا قال: فقال علي بن الحسين: جزيت من رجل خيرا فوالله لقد دفع الله عني بمقالتك شرا قال: فقال الناس لسنان بن أنس: قتلت حسين بن علي وابن فاطمة ابنة رسول الله صلي الله عليه وآله، قتلت أعظم العرب خطرا جاء إلي هؤلاء يريد أن يزيلهم عن ملكهم، فأت امرائك، فاطلب ثوابهم، وانهم لو اعطوك بيوت اموالهم في قتل الحسين كان قليلا، فاقبل علي فرسه وكان شجاعا شاعرا وكانت به لوثة فاقبل حتي وقف علي باب فسطاط عمر بن سعد ثم نادي باعلي صوته:




او قرر كابي فضة وذهبا

انا قتلت الملك المحجبا



قتلت خير الناس اما وأبا

وخيرهم اذ ينسبون نسبا



فقال عمر بن سعد: أشهد انك لمجنون، ما صحوت قط، ادخلوه علي فلما ادخل حذفه بالقضيب ثم قال: يا مجنون اتتكلم بهذا الكلام؟ اما والله لو سمعك ابن زياد لضرب عنقك. قال: وأخذ عمر بن سعد عقبة بن سمعان وكان مولي للرباب بنت امرئ القيس الكلبية وهي ام سكينة بنت الحسين فقال له: ما أنت؟ قال: انا عبد مملوك، فخلي سبيله فلم ينج منهم أحد غيره الا ان المرقع بن ثمامة الاسدي كان قد نثر نبله وجثي علي ركبتيه فقاتل، فجاء ه نفر من قومه فقالوا له أنت آمن اخرج الينا، فخرج اليهم. فلما قدم بهم عمر بن سعد علي ابن زياد وأخبره خبره سيره إلي الزارة، قال: ثم ان عمر بن سعد نادي في اصحابه من ينتدب للحسين ويوطئه فرسه؟ فانتدب عشرة منهم اسحاق بن حيوة الحضرمي وهو الذي سلب قميص الحسين فبرص بعد، وأحبش بن مرثد بن علقمة بن سلامة الحضرمي فأتوا فداسوا الحسين بخيولهم حتيرضواظهره وصدره، فبلغني أن أحبش بن مرثد بعد ذلك بزمان أتاه سهم غرب وهو واقف في قتال ففلق قلبه فمات، قال: فقتل من اصحاب الحسين (ع) اثنان وسبعون رجلا، ودفن الحسين واصحابه أهل الغاضرية من بني اسد بعد ما قتلوا بيوم، وقتل من اصحاب عمر بن سعد ثمانية وثمانون رجلا سوي الجرحي، فصلي عليهم عمر بن سعد ودفنهم. قال: وما هو الا ان قتل الحسين فسرح برأسه من يومه ذلك مع خولي بن يزيد وحميد بن مسلم الازدي إلي عبيدالله بن زياد، فاقبل به خولي فأراد


القصر فوجد باب القصر مغلقا، فأتي منزله فوضعه تحت أجانة في منزله وله امرأتان: امرأة من بني اسد، والاخري من الحضرميين يقال له النوار ابنة مالك بن عقرب، وكانت تلك الليلة ليلة الحضرمية. قال هشام: فحدثني أبي عن النوار بنت مالك قالت: أقبل خولي برأس الحسين فوضعه تحت اجانة في الدار ثم دخل البيت فأوي إلي فراشه فقلت له: ما الخبر ما عندك؟ قال: جئتك بغني الدهر، هذا رأس الحسين معك في الدار، قالت: فقلت ويلك جاء الناس بالذهب والفضة وجئت برأس ابن رسول الله صلي الله عليه وآله، لا والله لا يجمع رأسي ورأسك بيت أبدا، قالت: فقمت من فراشي فخرجت إلي الدار، فدعا الاسدية فأدخلها اليه، وجلست انظر قالت فوالله ما زلت أنظر إلي نور يسطع مثل العمود من السماء إلي الاجانة، ورامت طيرا بيضا ترفرف حولها، قال: فلما أصبح غدا بالرأس إلي عبيدالله بن زياد، واقام عمر بن سعد يومه ذلك والغد، ثم امر حميد بن بكير الاحمري، فاذن في الناس بالرحيل إلي الكوفة، وحمل معه بنات الحسين واخواته ومن كان معه من الصبيان وعلي بن الحسين مريض. قال ابومخنف - فحدثني ابوزهير العبسي عن قرة بن قيس التميمي قال: نظرت إلي تلك النسوة لما مررت بحسين واهله وولده صحن ولطمن وجوههن، قال: فاعترضتهن علي فرس فما رايت منظرا من نسوة قط كان احسن من منظر رأيته منهن ذلك، والله لهن احسن من مهي يبرين قال فما نسيت من الاشياء لا أنسي قول زينب ابنة فاطمة حين مرت باخيها الحسين صريعا وهي تقول:


يا محمداه، يا محمداه، صلي عليك ملائكة السماء، هذا الحسين بالعرا، مرمل بالدماء، مقطع الاعضاء، يا محمداه وبناتك سبايا، وذريتك مقتلة تسفي عليها الصبا قال: فابكت والله كل عدو وصديق، قال: وقطف رؤس الباقين فسرح باثنين وسبعين رأسا مع شمر بن ذي الجوشن وقيس بن الاشعث وعمر بن الحجاج وعزرة بن قيس فاقبلوا حتي قدموا بها علي عبيدالله بن زياد. قال ابومخنف - حدثني سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم قال: دعاني عمر بن سعد فسرحني إلي أهله لابشرهم بفتح الله عليه وبعافيته فاقبلت حتي أتيت أهله فاعلمتهم ذلك، ثم اقبلت حتي ادخل، فاجد ابن زياد قد جلس للناس واجد الوفد قد قدموا عليه فأدخلهم واذن للناس فدخلت فيمن دخل، فاذا رأس الحسين موضوع بين يديه، واذا هو ينكت بقضيب بين ثنيتيه ساعة. فلما رآه زيد بن ارقم لا ينجم عن نكته بالقضيب قال له: اعل بهذا القضيب عن هاتين الثنيتين، فوالذي لا اله غيره لقد رايت شفتي رسول الله صلي الله عليه وآله علي هاتين الشفتين يقبلهما، ثم انفضح الشيخ يبكي، فقال له ابن زياد: ابكي الله عينيك فوالله لولا انك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك، قال: فنهض فخرج فلما خرج سمعت الناس يقولون: والله لقد قال زيد بن ارقم قولا لو سمعه ابن زياد لقتله قال: فقلت ما قال؟ قالوا: مر بنا وهو يقول: ملك عبد عبدا، فاتخذهم تلدا، انتم يا معشر العرب العبيد بعد اليوم، قتلتم ابن فاطمة


وأمرتم ابن مرجانة، فهو يقتل خياركم، ويستعبد شراركم، فرضيتم بالذل، فبعدا لمن رضي بالذل، قال: فلما دخل براس الحسين (حسين) وصبيانه وأخواته ونسائه علي عبيدالله بن زياد لبست زينب ابنة فاطمة ارذل ثيابها، وتنكرت وحف بها اماء ها. فلما دخلت جلست، فقال عبيدالله بن زياد: من هذه الجالسة؟ فلم تكلمه، فقال ذلك ثلاثا كل ذلك لا تكلمه، فقال بعض امائها: هذه زينب ابنة فاطمة، قال: فقال لها عبيدالله: الحمد الذي فضحكم، وقتلكم، واكذب احدوثتكم، فقالت: الحمد لله الذي اكرمنا بمحمد صلي الله عليه وآله وطهرنا تطهيرا لا كما تقول انت، انما يفتضح الفاسق، ويكذب الفاجر، قال: فكيف رايت صنع الله باهل بيتك، قالت: كتب عليهم القتل، فبر زوا إلي مضاجعهم، فسيجمع الله بينك وبينهم، فتحاجون اليه وتخاصمون عنده. قال: فغضب ابن زياد واستشاط، قال: فقال له عمرو بن حريث اصلح الله الامير انما هي امرأة وهل تؤاخذ المرأة بشئ من منطقها؟ انها لا تؤاخذ بقول، ولا تلام علي خطل، فقال لها ابن زياد: قد اشفي الله نفسي من طاغتيك، والعصاة المردة من اهل بيتك، قال: فبكت ثم قالت: لعمري لقد قتلت كهلي، وابرت اهلي، وقطعت فرعي، واجثثت اصلي، فان يشفك هذا فقد اشتفيت، فقال لها عبيدالله: هذه شجاعة، قد لعمري (ط لعمري قد) كان ابوك شاعرا شجاعا، قالت: ما للمرأة والشجاعة، ان لي عن الشجاعة لشغلا، ولكني نفثي ما اقول. قال ابومخنف عن مجالد بن سعيد: ان عبيدالله بن زياد لما نظر إلي علي بن الحسين قال لشرطي: انظر هل ادرك هذا ما يدرك


الرجال؟ فكشط ازاره عنه فقال: نعم، قال: انطلقوا به فاضربوا عنقه فقال له علي ان كان بينك وبين هولاء النسوة قرابة فابعث معهن رجلا يحافظ عليهن، فقال له ابن زياد: تعال انت فبعثه معهن. قال ابومخنف واما سليمان بن ابي راشد فحدثني عن حميد بن مسلم قال: اني لقائم عند ابن زياد حين عرض عليه علي بن الحسين فقال له: ما اسمك؟ قال: انا علي بن الحسين، قال: اولم يقتل الله علي بن الحسين؟ فسكت، فقال له ابن زياد: مالك لا تتكلم قال: قد كان لي اخ يقال له ايضا علي فقتله الناس، قال: ان الله قد قتله، قال: فسكت علي، فقال له: مالك لا تتكلم؟ قال: الله يتوفي الانفس حين موتها، وما كان لنفس ان تموت الا باذن الله. قال: انت والله منهم، ويحك انظروا هل ادرك؟ والله اني لاحسبه رجلا، قال: فكشف عنه مري بن معاذ الاحمري فقال: نعم قد ادرك، فقال: اقتله، فقال علي بن الحسين، من توكل بهؤلاء النسوة وتعلقت به زينب عمته فقالت: يابن زياد حسبك منا، اما رويت من دمائنا؟ وهل ابقيت منا احدا؟ قال: فاعتنقته فقالت اسالك بالله ان كنت مؤمنا ان قتلته لما قتلتني معه، قال: وناداه علي فقال: يابن زياد ان كانت بينك وبينهم قرابة فابعث معهن رجلا تقيا يصحبهن بصحبة الاسلام، قال: فنظر اليها ساعة، ثم نظر إلي القوم فقال: عجبا للرحم، والله اني لاظنها ودت لو اني قتلته اني قتلتها معه، دعوا الغلام، انطلق مع نسائك. قال حميد بن مسلم: لما دخل عبيدالله القصر ودخل الناس نودي الصلاة جامعة، فاجتمع الناس في المسجد الاعظم، فصعد المنبر ابن زياد فقال: الحمد الله الذي اظهر الحق واهله، ونصر اميرالمؤمنين


يزيد بن معاوية وحزبه، وقتل الكذاب بن الكذاب الحسين بن علي وشيعته، فلم يفرغ ابن زياد من مقالته حتي وثب اليه عبدالله بن عفيف الازدي، ثم الغامدي، ثم احد بني والبة. وكان من شيعة علي كرم الله وجهه، وكانت عينه اليسري ذهبت يوم الجمل مع علي، فلما كان يوم صفين ضرب علي راسه ضربة واخري علي حاجبه فذهبت عينه الاخري، فكان لا يكاد يفارق المسجد الاعظم يصلي فيه إلي الليل ثم ينصرف. قال: فلما سمع مقالة ابن زياد قال: يابن مرجانة ان الكذاب انت وابوك، والذي ولاك وابوه، يابن مرجانة: اتقتلون ابناء النبيين وتكلمون بكلام الصديقين، فقال ابن زياد: علي به، قال: فوثبت عليه الجلاوزة فاخذوه قال فنادي بشعار الازد يا مبرور قال: وعبدالرحمن بن مخنف الازدي جالس فقال: ويح غيرك اهلكت نفسك واهلكت قومك، قال: وحاضر الكوفة يومئذ من الازد سبعمأة مقاتل، قال: فوثب اليه فتية من الازد فانتزعوه فاتوا به أهله، فأرسل اليه من أتاه به فقتله وأمر بصلبه في السبخة فصلب هنالك. [70] .


قال ابومخنف - ثم ان عبيدالله بن زياد نصب رأس الحسين بالكوفة، فجعل يدار به من الكوفة. ثم دعا زحر بن قيس فسرح معه برأس الحسين ورؤس اصحابه إلي يزيد بن معاوية، وكان مع زحر أبوبردة بن عوف الازدي، وطارق بن أبي ظبيان الازدي، فخرجوا حتي قدموا بها الشام علي يزيد بن معاوية


قال هشام فحدثني عبدالله بن يزيد بن روح بن زنباع الجذامي


عن ابيه عن الغاز بن ربيعة الجرشي من حمير قال: والله انا لعند يزيد بن معاوية بدمشق اذ أقبل زحربن قيس حتي دخل علي يزيد بن معاوية فقال له يزيد: ويلك ما وراء ك وما عندك؟ فقال أبشريا امير المؤمنين بفتح الله ونصره، ورد علينا الحسين بن علي في ثمانية عشر من اهل بيته وستين من شيعته فسرنا اليهم فسألناهم ان يستسلموا وينزلوا علي حكم الامير عبيدالله بن زياد او القتال، فاختاروا القتال علي الاستسلام، فعدونا عليهم مع شروق الشمس، فأحطنابهم من كل ناحية حتي اذا اخذت السيوف مأخذها من هام القوم، يهربون إلي غير وزر ويلوذون [71] .


منا بالاكام والحفر لو اذا كما لاذا الحمائم من صقر، فوالله يا امير المؤمنين ما كان الاجزر جزور. اونومة قائل، حتي أتينا علي آخرهم، فهاتيك اجسادهم مجردة، وثيابهم مرملة، وخدودهم معفرة. تصهرهم الشمس وتسفي عليهم الريح، زوارهم العقبان والرخم [72] بقي سبسب. قال: فدمعت عين يزيد وقال: قد كنت ارضي من طاعتكم بدون قتل الحسين لعن الله ابن سمية، اما والله لواني صاحبه لعفوت عنه، فرحم الله الحسين ولم يصله بشئ [73] .




قال ثم ان عبيدالله امر بنساء الحسين وصبيانه فجهزن، وامر بعلي بن الحسين فغل بغل إلي عنقه، ثم سرح بهم مع محفز بن ثعلبة العائذي عائذة قريش، ومع شمر بن ذي الجوشن فانطلقا بهم حتي قدموا علي يزيد، فلم يكن علي بن الحسين يكلم احدا منهمافي الطريق كلمة حتي بلغوا. فلما انتهوا إلي باب يزيد رفع محفز بن ثعلبة صوته فقال: هذا محفز بن ثعلبة، أتي امير المؤمنين باللئام الفجرة،قال: فاجابه يزيد بن معاوية: ما ولدت ام محفز شر والام


قال ابومخنف - حدثني الصقعب بن زهير عن القاسم بن عبدالرحمن مولي يزيد بن معاوية قال: لما وضعت الرؤوس بين يدي يزيد رأس الحسين واهل بيته واصحابه قال يزيد:



يفلقن هاما من رجال اعزة

علينا وهم كانوا اعق واظلما



اما والله يا حسين لو انا صاحبك ما قتلتك. قال ابومخنف - حدثني ابوجعفر العبسي عن ابي عمارة العبسي قال: فقال يحيي بن الحكم: اخو مروان بن الحكم:



لهام بجنب الطف ادني قرابة

من ابن زياد العبد ذي الحسب الوغل



سمية امسي نسلها عددالحصي

وليس لال المصطفي اليوم من نسل



قال:فضرب يزيد بن معاوية في صدر يحيي بن الحكم وقال: اسكت، قال: ولما جلس يزيد بن معاوية دعا اشراف اهل الشام فاجلسهم حوله، ثم دعا بعلي بن الحسين وصبيان الحسين ونساء ه فادخلوا عليه والناس ينظرون، فقال يزيد لعلي: يا علي ابوك الذي قطع رحمي وجهل حقي، ونازعني سلطاني، فصنع الله به ما قد رأيت، قال: فقال علي: ما اصاب من مصيبة في الارض ولا في انفسكم الا في كتاب من قبل ان نبرأها. فقال يزيد لابنه خالد: اردد عليه، قال: فما دري خالد ما يرد عليه، فقال له يزيد: قل ما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم ويعفو عن كثير ثم سكت عنه قال ثم دعا بالنساء والصبيان فاجلسوا بين يديه فرأي هيئة قبيحة فقال: قبح الله ابن مرجانة لو كانت بينه وبينكم رحم او قرابة ما فعل هذا


بكم ولابعث بكم هكذا قال ابومخنف عن الحارث بن كعب عن فاطمة بنت علي قالت لما اجلسنا بين يدي يزيد ابن معاوية رق لنا، وامر لنا بشئ والطفنا قالت: ثم ان رجلا من اهل الشام احمر قام إلي يزيد فقال: يا امير المؤمنين: هب لي هذه يعنيني، وكنت جارية وضيئة فارعدت وفرقت وظننت ان ذلك جائزلهم واخذت بثياب اختي زينب، قالت وكانت اختي زينب اكبر مني واعقل، وكانت تعلم ان ذلك لا يكون فقالت: كذبت والله ولو مت ما ذلك لك وله. فغضب يزيد فقال: كذبت والله ان ذلك لي ولو شئت ان افعله لفعلت، قالت: كلا والله ما جعل الله ذلك لك الا ان تخرج من ملتنا وتدين بغير ديننا، قالت فغضب يزيد واستطار ثم قال: اياي تستقبلين بهذا، انما خرج من الدين ابوك واخوك، فقالت زينب: بدين الله ودين ابي ودين اخي وجدي اهتديت انت وابوك وجدك، قال: كذبت يا عدوة الله قالت: انت امير مسلط تشتم ظالما وتقهر بسلطانك، قالت فوالله لكانه استحيا فسكت. ثم عاد الشامي فقال: يا امير المؤمنين هب لي هذه الجارية، قال: اعزب، وهب الله لك حتفا قاضيا. قالت: ثم قال يزيد بن معاوية يا نعمان بن بشير جهزهم بما يصلحهم، وابعث معهم رجلا من اهل الشام امينا صالحا، وابعث معه خيلا واعوانا فيسير بهم إلي المدينة، ثم امر بالنسوة ان ينزلن في دار علي حدة، معهن ما يصلحهن، واخوهن معهن علي بن الحسين في


الدار التي هن فيها. قال: فخرجن حتي دخلن دار يزيد، فلم تبق من آل معاوية امرأة الا استقبلتهن تبكي وتنوح علي الحسين، فاقاموا عليه المناحة ثلاثا، وكان يزيد لا يتغدي ولا يتعشي الا دعا علي بن الحسين اليه. قال فدعاه ذات يوم ودعا عمرو بن الحسن بن علي وهو غلام صغير فقال لعمرو بن الحسن: اتقاتل هذا الفتي؟ يعني خالدا ابنه، قال: لا ولكن اعطني سكينا واعطه سكينا ثم اقاتله، فقال له يزيد، واخذه وضمه اليه ثم قال: شنشنة اعرفها من اخزم، هل تلد الحية الا حية. قال ولما ارادوا ان يخرجوا دعا يزيد علي بن الحسين ثم قال:لعن الله ابن مرجانة، اما والله لو اني صاحبه ما سالني خصلة ابدا الا اعطيتها اياه، ولدفعت الحتف عنه بكل ما استطعت ولو بهلاك بعض ولدي ولكن الله قضي ما رأيت، كاتبني وانه كل حاجة تكون لك، قال و كساهم واوصي بهم ذلك الرسول، قال: فخرج بهم وكان يسايرهم بالليل، فيكونون امامه حيث لا يفوتون طرفه، فاذا نزلوا تنحي عنهم وتفرق هو واصحابه حولهم كهيئة الحرس لهم، وينزل منهم بحيث اذا اراد انسان منهم وضوء ا او قضاء حاجة لم يحتشم، فلم يزل ينازلهم في الطريق هكذا ويسألهم عن حوائجهم ويلطفهم حتي دخلوا المدينة، وقال الحارث بن كعب: فقالت لي فاطمة بنت علي: قلت لاختي زينب: يااخية لقد احسن هذا الرجل الشامي الينا في صحبتنا فهل لك ان نصله؟ فقالت:


والله ما معنا شئ نصله به الا حلينا، قالت لها: فنعطيه حلينا، قالت: فاخذت سواري ودملجي، واخذت اختي سوارها ودملجها، فبعثنا بذلك اليه واعتذرنا اليه، وقلنا له: هذا جزاء ك بصحبتك ايانا بالحسن من الفعل، قال: فقال: لو كان الذي صنعت انما هو للدنيا كان في حليكن ما يرضيني ودونه، ولكن والله ما فعلته الا لله ولقرابتكم من رسول الله صلي الله عليه وآله. قال هشام: واما عوانة بن الحكم الكلبي فانه قال: لما قتل الحسين وجيئ بالاثقال والاساري حتي وردوا بهم الكوفة إلي عبيدالله فبينا القوم محتبسون اذ وقع حجر في السجن معه كتاب مربوط وفي الكتاب: خرج البريد بامركم في يوم كذا وكذا إلي يزيد بن معاوية، وهو سائر كذا وكذا يوما وراجع في كذا وكذا، فان سمعتم التكبير فايقنوا بالقتل وان لم تسمعوا تكبيرا فهوالامان ان شاء الله، قال: فلما كان قبل قدوم البريد بيومين او ثلاثة اذا حجر قد ألقي في السجن ومعه كتاب مربوط وموسي وفي الكتاب: اوصوا واعهدوا، فانما ينتظر البريد يوم كذا وكذا فجاء البريد ولم يسمع التكبير وجاء كتاب بان سرح الاساري إلي، قال فدعا عبيدالله بن زياد محفز بن ثعلبة، وشمر بن ذي الجوشن فقال انطلقوا بالثقل والرأس إلي امير المؤمنين يزيد بن معاوية، قال: فخرجوا حتي قدموا علي يزيد، فقام محفز بن ثعلبة فناي باعلي صوته جئنا برأس احمق الناس والامهم، فقال يزيد: ما ولدت ام محفز الام واحمق ولكنه قاطع ظالم. قال: فلما نظر يزيد إلي رأس الحسين قال:




يفلقن هاما من رجال اعزة

علينا وهم كانوا اعق واظلما



ثم قال: اتدرون من اين اتي هذا؟ قال: ابي علي خير من ابيه، وامي فاطمة خير من امه، وجدي رسول الله خير من جده، وانا خير منه واحق بهذا الامر منه، فاما قوله: ابوه خير من ابي فقد حاج ابي اباه، وعلم الناس ايهما حكم له، واما قوله، امي خير من امه، فلعمري فاطمة ابنة رسول الله صلي الله عليه وآله خير من امي، واما قوله جدي خير من جده: فلعمري ما احد يؤمن بالله واليوم الاخر يري لرسول الله فينا عدلا ولاندا، ولكنه انما اتي من قبل فقهه، ولم يقرأ: قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل

من تشاء بيدك الخير انك علي كل شئ قدير. ثم ادخل نساء الحسين علي يزيد، فصاح نساء آل يزيد وبنات معاوية واهله وولولن ثم انهن ادخلن علي يزيد، فقالت فاطمة بنت الحسين وكانت اكبر من سكينة: أبنات رسول الله سبايا يا يزيد؟ فقال يزيد: يا ابنة اخي انا لهذا كنت اكره، قالت: والله ما ترك لنا خرص، قال يا ابنة اخي ما اتي اليك اعظم مما اخذ منك ثم اخرجن فادخلن دار يزيد بن معاوية، فلم تبق امرأة من آل يزيد الا اتتهن واقمن الماتم. وارسل يزيد إلي كل امرأة ماذا اخذ لك، وليس منهن امرأة تدعي شيئا بالغا ما بلغ الا قد اضعفه لها، فكانت سكينة تقول ما رأيت رجلا كافرا بالله خيرا من يزيد بن معاوية. ثم ادخل الاساري اليه وفيهم علي بن الحسين فقال له يزيد: ايه


يا علي، فقال علي: ما اصاب من مصيبة في الارض ولا في انفسكم الا في كتاب من قبل ان نبرها ان ذلك علي الله يسير لكيلا تأسوا علي ما فادتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور، فقال يزيد ما اصاب من مصيبة فيما كسبت ايديكم ويعفو عن كثير ثم جهزه واعطاه مالا وسرحه إلي المدينة. قال هشام عن ابي مخنف - قال: حدثني ابوحمزة [74] الثمالي


عن عبدالله الثمالي عن القاسم بن بخيت قال: لما اقبل وفد اهل الكوفة برأس الحسين دخلوا مسجد دمشق، فقال لهم مروان بن الحكم: كيف صنعتم؟ قالوا ورد علينا منهم ثمانية عشر رجلا فاتينا والله علي آخرهم، وهذه الرؤوس والسبايا، فوثب مروان فانصرف، واتاهم اخوه يحيي بن الحكم فقال: ما صنعتم؟ فاعادوا عليه الكلام، فقال: حجبتم عن محمد يوم القيامة، لن اجامعكم علي امر ابدا: ثم قام فانصرف، ودخلوا علي يزيد فوضعوا الرأس بين يديه وحدثوه الحديث، قال: فسمعت دور الحديث هند بنت عبدالله بن عامر بن كريز وكانت تحت يزيد بن معاوية فتقنعت بثوبها وخرجت فقالت: يا امير المؤمنين ارأس الحسين ابن فاطمة بنت رسول الله؟ قال نعم فاعولي عليه وحدي علي ابن بنت رسول صلي الله عليه وآله وصريحة قريش، عجل عليه ابن زياد فقتله قتله الله.


ثم اذن للناس فدخلوا والرأس بين يديه ومع يزيد قضيب فهو ينكت به في ثغره ثم قال: ان هذا وايانا كما قال الحصين بن الحمام المري



يفلقن هاما من رجال احبة

الينا وهم كانوا أعق وأظلما



قال: فقال رجل من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله يقال له أبوبزرة الاسلمي: أتنكت بقضيبك في ثغر الحسين؟ أما لقد أخذ قضيبك من ثغره مأخذا لربما رأيت رسول الله صلي الله عليه وآله يرشفه، أما انك يايزيد تجئئ يوم القيامة وابن زياد شفيعك ويجيئ هذا يوم القيامة ومحمد صلي الله عليه وآله شفيعه ثم قام فولي. قال هشام: حدثني عوانة بن الحكم قال: لما قتل عبيدالله بن زياد الحسين بن علي وجئ برأسه اليه [75] دعا عبدالملك بن ابي الحارث السلمي فقال:


انطلق حتي تقدم المدينة علي عمرو بن سعيد بن العاص فبشره بقتل الحسين وكان عمرو بن سعيد بن العاص أمير المدينة يومئذ، قال فذهب ليعتل له فزجره، وكان عبيدالله لا يصطلي بناره، فقال انطلق حتي تأتي المدينة ولا يسبقك الخبر، وأعطاه دنانير وقال: لا تعتل وان قامت بك راحلتك


فاشتر راحلة، قال عبدالملك: فقدمت المدينة فلقيني رجل من قريش فقال: ما الخبر؟ فقلت: الخبر عند الامير. فقال: انا لله وانا اليه راجعون، قتل الحسين بن علي، قال: فدخلت علي عمرو بن سعيد فقال: ما ورائك؟ فقلت: ما سر الامير، قتل الحسين بن


علي، فقال: نادي بقتله فناديت بقتله، فلم أسمع والله واعية قط مثل واعية نساء بني هاشم في دورهن علي الحسين، فقال عمرو بن سعيد وضحك:



عجت نساء بني زياد عجة

كعجيج نسوتنا غداة الارنب




والارنب وقعة كانت لبني زبيد علي بني زياد من بني الحارث بن كعب من رهط عبدالمدان، وهذا البيت لعمرو بن معد يكرب. ثم قال عمرو: هذه واعية بواعية عثمان بن عفان، ثم صعد المنبر فاعلم الناس فتله.


قال هشام عن أبي مخنف عن سليمان بن أبي راشد عن عبدالرحمان بن عبيد أبي الكنود قال: لما بلغ عبدالله بن جعفر بن ابيطالب مقتل ابنيه مع الحسين دخل عليه بعض مواليه والناس يعزونه، قال: ولا أظن مولاه ذلك الا أبا اللسلاس، فقال: هذا ما لقينا ودخل علينا من الحسين، قال: فحذفه


عبدالله بن جعفر بنعله ثم قال: يابن اللخناء أللحسين تقول هذا؟ والله لو شهدته لاحببت أن لا افارقه حتي اقتل معه، والله انه لمما يسخي بنفسي عنهما ويهون علي المصاب بهما، انهما اصيبا مع أخي وابن عمي مواسيين له صابرين معه


ثم أقبل علي جلسائه فقال: الحمد لله عزوجل علي بمصرع الحسين ان لا يكن آست حسينا يدي فقد آساه ولدي، قال: ولما أتي أهل المدينة مقتل الحسين خرجت ابنة عقيل بن ابيطالب ومعها نساء ها وهي حاسرة تلوي بثوبها وهي تقول:




ماذا تقولون ان قال النبي لكم

ماذا فعلتم وأنتم آخر الامم



بعترتي وباهلي بعد مفتقدي

منهم اساري ومنهم ضرجوا بدم



قال هشام عن عوانة قال: قال عبيدالله بن زياد لعمر بن سعد بعد قتله الحسين: يا عمر أين الكتاب الذي كتبت به اليك في قتل الحسين، قال


مضيت لامرك وضاع الكتاب، قال: لتجيئن به، قال: ضاع، قال: والله لتجيئن به، قال: ترك والله يقرأ علي عجائز قريش اعتذارا اليهن بالمدينة أما والله لقد نصحتك في حسين نصيحة لو نصحتها أبي سعد بن أبي وقاص كنت قد أديت حقه، قال عثمان بن زياد أخو عبيدالله: صدق والله،


لوددت أنه ليس من بني زياد رجل الا وفي أنفه خزامة إلي يوم القيامة وأن حسينا لم يقتل، قال: فوالله ما أنكر ذلك عليه عبيدالله. قال هشام: حدثني بعض اصحابنا عن عمرو بن أبي المقدام قال: حدثني عمرو بن عكرمة قال: أصبحنا صبيحة قتل الحسين بالمدينة فاذا


مولي لنا يحدثنا قال: سمعت البارحة مناديا ينادي وهو يقول:



أيها القاتلون جهلا حسينا

أبشروا بالعذاب والتنكيل



كل أهل السماء يدعو عليكم

من نبي وملك وقبيل



قد لعنتم علي لسان ابن داود

وموسي وحامل الانجيل



قال هشام: حدثني عمر بن حيزوم الكلبي عن أبيه قال: سمعت هذا الصوت.



پاورقي

[1] في الکامل: جهلتم حقنا وهو الصحيح.

[2] عقبة بن أبي العيزار الکوفي يروي عن الشعبي والنخعي روي عنه عبدالرحمان بن زياد، يعتبر حديثه من غير رواية ابنه يحيي عنه. کذا قال ابن حبان في الثقات. لسان الميزان (ج 4 ص 179).

[3] في الکامل: من غيري.

[4] الطرماح بن عدي بکسر الطاء والراء المهملتين وتشديد الميم بعدها الف وحاء مهملة. عده الشيخ ره في رجاله تارة من اصحاب امير المؤمنين عليه السلام قائلا: الطرماح بن عدي رسوله إلي معاوية واخري من اصحاب الحسين عليه السلام وهو في غاية الجلالة والنبالة ولولا الا مکالماته مع معاوية التي اظلمت الدنيا في عينه لاجلها وملازمته لسيد الشهداء في الطف إلي ان جرح وسقط بين القتلي لکفاه شرفا وجلالة ولا يضر عدم توفيقه للشهادة لانه کان به رمق فاتوه قومه وحملوه وداووه فبرء و عوفي وکان علي موالاته واخلاصه إلي ان مات کما يظهر شرح ذلک کله لمن راجع کتب الاخبار والسير والتواريخ. تنقيح المقال (ج - 2 - ص - 109).

[5] عامر بن شراحيل بن عبد وقيل: عامر بن عبدالله بن شراحيل الشعبي الحميري أبوعمر والکوفي من شعب همدان. روي عن علي (عليه السلام) وسعد وابن ابي وقاص وسعيد بن زيد وزيد بن ثابت وقيس بن سعيد بن عبادة وقرظة بن کعب وعبادة بن الصامت وأبي موسي الاشعري وأبي مسعود الانصاري والبراء بن عازب وجابر بن عبدالله وجابر بن سمرة وحبشي بن جنادة والحسين وزيد بن ارقم وعدة کثيرة من الصحابة والتابعين. وعنه أبواسحاق السبيعي وسعيد بن عمرو بن اشوع واسماعيل بن ابي خالد ومجالد بن سعيد وعدة کثيرة وجماعات. قال منصور الغداني عن الشعبي: ادرکت خمسمأة من الصحابة وقال أشعث بن سوار: لقي الحسن الشعبي فقال: والله کثير العلم، عظيم الحلم، قديم السلم من الاسلام بمکان. وقال عبدالملک بن عمير: مر ابن عمر علي الشعبي وهو يحدث بالمغازي فقال: لقد شهدت القوم فلهو أحفظ لها واعلم بها. وقال ابن عيينة: کانت، الناس تقول بعد الصحابة: ابن عباس في زمانه والشعبي في زمانه،وقال العجلي: سمع من ثمانية واربعين من الصحابة. وقال ابن معين: قضي الشعبي لعمر بن عبدالعزيز، قيل مات سنة (3) وقيل (4) وقيل (5) وقيل (6) وقيل (7) وقيل عشرة ومأة انتهي بتلخيص منا. تهذيب التهذيب (ج5ص65).

[6] حسان بن فائد العبسي الکوفي. عن عمر بن الخطاب روي عنه ابواسحاق السبيعي. قال ابوحاتم: شيخ. وقال البخاري: يعد في الکوفيين. واخرج في تفسير النساء قال عمر: الجبت السحر وهذا جاء موصولا من طريق شعبة عن ابي اسحاق عنه. اخرجه مسدد في مسنده الکبير عن يحيي القطان عن شعبة. وذکره ابن حبان في ثقات التابعين. تهذيب التهذيب (ج - 2 ص - 251).

[7] الحارث بن حصيرة الازدي، ابوالنعمان الکوفي. عن زيد بن وهب وعکرمة وطائفة، وعنه مالک ينعول، وعبدالله بن نمير وطائفة. قال ابواحمد الزبيري کان يومن بالرجعة، وقال يحيي بن معين ثقة خشبي،ينسبون إلي خشبة زيد بن علي لما صلب عليها. وقال النسائي: ثقة، وقال زنيج: سألت جريرا أرأيت الحارث بن حصيرة؟ قال: نعم، رأيته شيخا کبيرا طويل السکوت يصر علي امر عظيم. عباد بن يعقوب الرواجني، حدثنا عبدالله بن عبدالملک المسعودي عن الحارث بن حصيرة عن زيد بن وهب، سمعت عليا يقول: انا عبدالله واخو رسوله، لا يقولها بعدي الا کذاب. وروي الحارث عن ابي سعيد عقيصا عن علي عن النبي صلي الله عليه وآله قال: مهما ضيعتم فلا تضيعوا الصلوة. وقال ابن عدي: عامة روايات الکوفيين عنه في فضائل اهل البيت واذا روي عنه البصريون فرواياتهم احاديث متفرقة. وقال الاجري عن ابي داود: شيعي صدوق وثقه العجلي وابن نمير وذکره ابن حبان في الثقات. تهذيب التهذيب (ج 2 ص 140) وميزان الاعتدال (ج 1 ص 432).

[8] عبدالله بن شريک العامري الکوفي. روي عن ابيه وعبدالله بن الرقيم الکناني وابن عمر، وابن عباس وابن الزبير، وجندب وغيرهم. وعنه اسرائيل، وفطر بن خليفة، وشريک، واجلح بن عبدالله الکندي، وجابر بن الحر النخعي، وابوالاحوص، والسفيانان وجماعة. قال ابن المديني عن سفيان: جالسنا عبدالله بن شريک وکان ابن مأة سنة وقال احمد وابن معين وابوزرعة ثقة وقال النسائي في موضع آخر ليس به باس وذکره ابن حبان في الثقات وقال البرقاني عن الدار قطني: لا بأس به سمع من ابن عمر وابن الزبير وقال يعقوب بن سفيان ثقة من کبراء اهل الکوفة يميل إلي التشيع. تهذيب التهديب (ج 5 ص 252).

[9] عبدالله بن عاصم، ابان بن عثمان عنه عن ابيعبدالله عليه السلام مرتين في (يب) في باب التيمم واحکامه ومرتين في (بص) في باب من دخل الصلوة بتيمم ثم وجد الماء ومرة في (في) في باب وقت الذي يوجب التيمم عنه جعفر بن بشير في (يب) في باب التيمم واحکامه. جامع الرواة (ج 1 ص 494).

[10] ضحاک بن عبدالله (عبيدالله) المشرقي عده الشيخ ره في رجاله من اصحاب الامام الهمام زين العابدين السجاد عليه السلام والظاهر کونه اماميا. (تنقح المقال (ج 2 ص 104). جامع الرواة (ج 1 ص 418).

[11] الحارث بن کعب الازدي (ين) (مح). جامع الرواة (ج 1 ص 174).

[12] ابوالضحاک البصري عن ابي هريرة وحدث عنه شعبة وباسناده عن ابي هريرة ان في الجنة شجرة يسير الراکب في ظلها مأة عام لا يقطعها تسمي شجرة الخلد قال ابوحاتم لا اعلم روي عنه غير شعبة. تهذيب التهذيب (ج 12 ص 136). ميزان الاعتدال (ج 4ص540).

[13] آل عمران رقم الاية 173.

[14] عمرو بن مرة بن عبدالله بن طارق بن الحارث بن سلمة بن کعب بن وائل بن جمل بن کنانة بن ناجية بن مراد الجملي المرادي ابوعبدالله الکوفي الاعمي. روي عن عبدالله بن ابي اوفي، وابي وائل، ومرة الطيب، و سعيد بن المسيب وعبدالرحمان بن ابي ليلي، وعبدالله بن الحارث النجراني، وعمرو بن ميمون الاودي، وعدة کثير. روي عنه ابنه عبدالله وابواسحاق السبيعي وهو اکبر منه والاعمش ومنصور وزيد بن ابي انيسة ومسعر والعلاء بن المسيب وعدة کثيرة. قال البخاري: عن علي له نحو مأتي حديث، وقال سعيد الاراطي زکاه احمد بن حنبل. وقال ابن معين: ثقة. وقال ابوحاتم صدوق ثقة وقال حفص بن غياث: ما سمعت الاعمش يثني علي احد الاعلي عمرو بن مرة فانه کان يقول: کان مأمونا علي ما عنده. وقال بقية عن شعبة: کان اکثرهم علما.

وقال ابونعيم واحمد بن حنبل: مات سنة (18) وقيل: مات سنة ست عشر ومأة. قلت: جزم بذلک ابن حبان في الثقات ووثقه ابن نمير ويعقوب بن سفيان تهذيب التهذيب (ج 8 ص 102) وميزان الاعتدال (ج3 ص 288).

[15] في الکامل: الجافي وهو الاظهر.

[16] في الکامل: أطيع وهو الظاهر.

[17] حميد بن مسلم رآي واثلة بن الاسقع تفرد بالرواية عنه سعيد بن ابي ايوب. ميزان الاعتدال (ج 1 ص 616). المغني (ج1ص195).

[18] في تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني. عطاء بن السائب بن مالک ويقال زيد ويقال يزيد الثقفي ابوالسائب روي عن ابيه وانس وعبدالله بن ابي اوفي وعمرو بن حريث المخزومي وسعيد بن جبير ومجاهد وابي ظبيان حصين بن جندب وابراهيم النخعي والحسن البصري وخلق کثير.

وعنه اسماعيل بن ابي خالد، وسليمان التيمي، والاعمش، وابن جريح والحمادان، والسفيانان، وشعبة، وزائدة. ومسعر، وابن علية وآخرون. قال حماد بن زيد: اتينا ايوب فقال: اذهبوا إلي عطاء بن السائب قدم من الکوفة وهو ثقة. وقال عبدالله بن احمد عن ابيه ثقة ثقة رجل صالح وقال العجلي کان شيخا ثقة قديما قال ابن سعد وغيره مات سنة 137) ونحوها. وذکره ابن حبان في الثقات.

[19] وايضا في تهذيب التهذيب. عبدالجبار بن وائل بن حجر الحضرمي الکوفي ابومحمد. روي عن ابيه وعن اخيه علقمة،وعن مولي لهم وعن اهل بيته وعن امه ام يحيي. وعنه ابنه سعيد. والحسن بن عبدالله النخعي، ومحمد بن حجارة وحجاج بن ارطاة، وابواسحاق السبيعي، والمسعودي وعدة. قال اسحاق بن منصور عن ابن معين: ثقة وذکره ابن حبان في الثقات وقال: مات سنة اثنتي عشرة وماة.

[20] الظاهر کونه يوسف بن يزيد البصري ابومعشر البراء فعليهذا روي عن عبيدالله بن الاخنس وسعيد بن عبدالله بن جبير بن حية وخالد بن ذکوان وابي حازم بن دينار وصدقة بن طيسلة وموسي بن دهقان وعثمان بن غياث وعدة. وعنه زيد بن الخطاب ويحيي بن يحيي النيسابوري وابوکامل فضل بن حسين الجحدري ومحمد بن ابي بکر المقدمي وسيدان بن مضارب ولؤين وغيرهم. قال ابوحاتم: يکتب حديثه. وقال علي بن الجنيد عن محمد بن ابي بکر المقدمي: ثنا ابومعشر البراء وکان ثقة، وذکره ابن حبان في الثقات تهذيب التهذيب (ج 11 ص 429).

[21] هو عمرو بن قرظة بن کعب بن عمرو بن عائذ بن زيد مناة بن ثعلبة بن کعب الخزرج الانصاري الخزرجي الکوفي. کان قرظة من الصحابة الرواة، وکان من اصحاب امير المؤمنين (ع) نزل الکوفة وحارب مع امير المؤمنين عليه السلام في حروبه، وولاه فارس. وتوفي سنة احدي وخمسين، وهواول من نيح عليه بالکوفة، وخلف اولادا اشهرهم عمر ووعلي. اما عمرو فجاء إلي ابي عبدالله الحسين (ع) أيام المهادنة في نزوله بکربلاء قبل الممانعة، وکان الحسين (ع) يرسله إلي عمر بن سعد في المکالمة التي دارت بينهما قبل ارسال شمر بن ذي الجوشن فيأتيه بالجواب حتي کان القطع بينهما بوصول شمر، فلما کان يوم العاشر من المحرم استأذن الحسين في القتال ثم برز وهو يقول:



قد علمت کتائب الانصار

اني سأحمي حوزة الذمار



فعل غلام غير نکس شار

دون حسين مهجتي وداري



قال الشيخ ابن نما: عرض بقوله: مهجتي وداري بعمر بن سعد فانه لما قال له الحسين (ع): صرمعي، قال: اخاف علي داري، فقال الحسين له: انا اعوضک عنها، قال: اخاف علي مالي، فقال له: انا اعوضک عنه من مالي بالحجاز، فتکره، انتهي کلامه. ثم انه قاتل ساعة ورجع الحسين (ع) فوقف دونه ليقيه من العدو. قال الشيخ ابن نما: فجعل يلتقي السهام بجبهته وصدره فلم يصل إلي الحسين (ع) سوء حتي اثخن بالجراح، فالتفت إلي الحسين (ع) فقال: اوفيت يابن رسول الله؟ قال: نعم أنت امامي في الجنة، فاقرأ رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم السلام واعلمه اني في الاثر. فخر رضوان الله عليه. قرظة: بالحرکات الثلاث علي القاف والراء المهملة والظاء المعجمة، ويمضي في بعض الکتب قرطة بالطاء المهملة وهو تصحيف ابصار العين في انصار الحسين " ص 92 ط النجف الاشرف ".

[22] النضر بن صالح العبسي يکني ابا زهير. روي عن سنان بن مالک عن علي رضي الله عنه، روي عنه ابو مخنف سمعت ابي يقول ذلک. الجرح والتعديل للامام الرازي (ج 8 ص 477).

[23] هو الحر بن يزيد بن ناجية بن قعنب بن عتاب بن هرمي بن رياح بن يربوع من حنظلة بن مالک بن زيد مناة بن تميم التميمي اليربوعي اليامي. کان الحر شريفا في قومه، جاهلية واسلاما، فان جده عتابا کان رديف النعمان. وولد عتاب قيسا وقعنبا ومات، فردف قيس للنعمان، ونازعه الشيبانيون. فقامت بسبب ذلک حرب يوم الطحفة. والحر هو ابن عم الاخوص الصحابي الشاعر، وهو زيد بن عمرو بن قيس بن عتاب:

وکان الحرفي الکوفة رئيسا، ندبه ابن زياد لمعارضة الحسين (ع) فخرج في الف فارس. روي الشيخ ابن نما ان الحر لما اخرجه ابن زياد إلي الحسين وخرج من القصر نودي من خلفه: ابشر يا حر بالجنة، قال: فالتفت فلم يراحدا فقال في نفسه: والله ما هذه بشارة وانا اسير إلي حرب الحسين، وما کان يحدث نفسه في الجنة، فلما صار مع الحسين قصي عليه الخبر. فقال له الحسين: لقد اصبت اجرا وخيرا، ابصار العين في انصار الحسين (ص 115 ط النجف).

[24] يحيي بن هاني بن عروة بن قعاص ويقال: قضفاض المرادي ابوداود الکوفي. روي عن ابيه وانس بن مالک وتبيع ابن امرأة کعب وعبدالرحمان بن ابي سبرة الجعفي ونعيم بن دجاجة وابي حذيفة وغيرهم.

وارسل عن ابن مسعود. روي عنه شعبة والثوري ومحمد بن سوقه وابوبکر بن عياش وشريک وغيرهم. قال يحيي بن ابي بکير عن شعبة: کان سيد اهل الکوفة. وقال ابن معين وابوحاتم ويعقوب بن سفيان والنسائي ثقة. زاد أبوحاتم صالح من سادات اهل الکوفة. وقال الدار قطني يحتج به. وذکره ابن حبان في الثقات.

[25] هو نافع بن هلال بن نافع بن جمل بن سعد العشيرة بن مذحج المذحجي الجملي، کان نافع سيدا شريفا، سريا شجاعا، وکان قارئا کاتبا من حملة الحديث ومن اصحاب امير المؤمنين (ع) وحضر معه حروبه الثلث في العراق، وخرج إلي الحسين (ع) فلقيه في الطريق، وکان ذلک قبل مقتل مسلم. وکان أوصي ان يتبع بفرسه المسمي بالکامل، فاتبع مع

عمرو بن خالد واصحابه الذين ذکرناهم. قال ابن شهر آشوب: لما ضيق الحر علي الحسين (ع) خطب اصحابه بخطبته التي يقول فيها: أما بعد فقد نزل من الامر ما قد ترون، وان الدنيا قد تنکرت وأدبرت. الخ قام اليه زهير فقال: قد سمعنا هداک الله مقالتک الخ ثم قام نافع فقال: يابن رسول الله انت تعلم ان جدک رسول الله صلي الله عليه وآله لم يقدر أن يشرب الناس محبته، ولا أن يرجعوا إلي امره ماأحب، وقد کان منهم منافقون يعدونه بالنصر، ويضمرون له الغدر، يلقونه بأحلي من العسل، ويخلفونه بامر من الحنظل، حتي قبض الله اليه، وان أباک عليا قد کان في مثل ذلک، فقوم قد أجمعوا علي نصره، وقاتلوا معه الناکثين والقاسطين والمارقين، وقوم خالفوه حتي أتاه أجله، ومضي إلي رحمة الله ورضوانه. وانت اليوم عندنا في مثل تلک الحالة، فمن نکث عهده، وخلع نيته، فلن يضر الا نفسه، والله مغن عنه فسربنا راشدا معافي، مشرقا ان شئت، وان شئت مغربا، فوالله ما أشفقنا من قدر الله، ولا کرهنا لقاء ربنا، فانا علي نياتنا وبصائرنا نوالي من والاک، ونعادي من عاداک. الضبط: ربما يجري علي بعض الالسن ويمضي في بعض الکتب هلال بن نافع وهو غلط علي ضبط القدماء. " الجملي " منسوب إلي جمل بطن من مذحج. ويمضي علي الالسن وفي الکتب البجلي وهو غلط واضح. ابصار العين في انصار الحسين (ص 86 ط النجف).

[26] هو مسلم بن عوسجة بن سعد بن ثعلبة بن دردان بن اسد بن خزيمة ابوحجل الاسدي السعدي کان رجلا شريفا سريا عابدا متنسکا. قال ابن سعد في طبقاته: وکان صحابيا ممن رآي رسول الله صلي الله عليه وآله وروي عنه الشعبي وکان فارسا شجاعا، له ذکر في المغازي والفتوح الاسلامية وسيأتي قول شبث فيه. وقال اهل السير: انه ممن کاتب الحسين عليه السلام من الکوفة ووفي له وممن أخذ البيعة له عند مجئ مسلم بن عقيل إلي الکوفة. قالوا: ولما دخل عبيدالله بن زياد الکوفة وسمع به مسلم خرج اليه ليحاربه، فعقد لمسلم بن عوسجة علي ربع مذحج واسد، ولابي ثمامة علي ربع تميم وهمدان الخ. وفي مسلم بن عوسجة يقول الکميت بن زيد الاسدي: وان ابا حجل قتيل محجل. وأقول



أنا ان امرأ يمشي لمصرعه

سبط النبي لفاقد الترب



اوصي حبيبا ان يجود له

بالنفس من مقة ومن حب



اعزز علينا بابن عوسجة

من ان تفارق ساعة الحرب



عاتقت بيضهم وسمرهم

ورجعت بعد معانق الترب



ابکي عليک وما يفيد بکا

عيني وقد اکل الاسي قلبي



ابصار العين في انصار الحسين (ص 61 ط النجف).

[27] هو عبدالله بن عمير بن عباس بن عبد قيس بن عليم بن جناب الکلبي العليمي ابووهب. کان عبدالله بن عمير بطلا شجاعا شريفا، نزل الکوفة واتخذ عند بئر الجعد من همدان دارا فنزلها ومعه زوجته ام وهب بنت عبد من بني النمر بن قاسط. ابصار العين في انصار الحسين " ص 106 ط النجف ".

[28] حشأته سهما: اصبت احشائه بالسهم.

[29] يفري فربه: يفعل فعله في الضرب والمجالدة.

[30] زهير بن القين بن قيس الانماري البجلي. کان رجلا شريفا في قومه، نازلا فيهم بالکوفة، شجاعا، له في المغازي مواقف مشهورة ومواطن مشهودة، وکان اولا عثمانيا، فحج سنة ستين في اهله. ابصار العين في انصار الحسين (ص 95 ط النجف).

[31] هو حبيب بن مظاهر بن رئاب بن الاشتر بن جخوان بن فقعس بن طريف بن عمرو بن قيس بن الحرث بن ثعلبة بن دودان ابن اسد ابوالقسم الاسدي الفقعسي. کان صحابيا رأي النبي صلي الله عليه وآله ذکره ابن الکلبي، وکان ابن عم ربيعة بن حوط بن رئاب المکني ابا ثور الشاعر الفارس. قال اهل السير: ان حبيبا نزل الکوفة، وصحب عليا " ع " في حروبه کلها، وکان من خاصته وحملة علومه. وروي الکشي عن فضيل بن الزبير قال: مر ميثم التمار علي فرس له، فاستقبله حبيب بن مظاهر الاسدي عند مجلس بني اسد فتحادثا حتي اختلفت عنقا فرسيهما، ثم قال حبيب: لکأني بشيخ اصلع ضخم البطن يبيع البطيخ عند دار الرزق قد صلب في حب اهل بيت نبيه، فتبقر بطنه عن الحشبة، فقال ميثم: واني لا عرف رجلا احمر له ضفيرتان، يخرج لنصرة ابن بنت نبيه فيقتل ويجال برأسه في الکوفة ثم افترقا. فقال اهل المجلس: ما رأينا اکذب من هذين، قال: فلم يفترق المجلس حتي اقبل رشيد الهجري فطلبهما، فقالوا: افترقا وسمعناهما يقولان: کذا وکذا، فقال رشيد: رحم الله ميثما نسي: ويزاد في عطاء الذي يجئ بالرأس مأة درهم. ثم ادبر فقال القوم: هذا والله اکذبهم، قال: فما ذهبت الايام والليالي حتي راينا ميثما مصلوبا علي باب عمرو بن حريث، وجئ برأس حبيب بن مظاهر قد قتل مع الحسين " ع " وراينا ما قالوا. وذکر اهل السيران حبيبا کان ممن کاتب الحسين " ع " قالوا: ولما ورد مسلم بن عقيل إلي الکوفة ونزل دار المختار واخذت الشيعة تختلف اليه قام فيهم جماعة من الخطباء تقدمهم عابس الشاکري وثناه حبيب فقام وقال لعباس بعد خطبته: رحمک الله لقد قضيت ما في نفسک بواجز من القول. وانا والله الذي لا اله الا هو لعلي مثل ما انت عليه. قالوا: وجعل حبيب ومسلم يأخذ ان البيعة للحسين " ع " في الکوفة حتي اذا دخل عبيدالله بن زياد الکوفة وخذل اهلها عن مسلم وفرانصاره حبسهما عشائهما واخفياهما، فلما ورد الحسين " ع " کربلا خرجا اليه مختفيين يسيران الليل ويکمنان النهار حتي وصلا اليه. وروي ابن ابي طالب: ان حبيبا لما وصل إلي الحسين (ع) ورآي قلة انصاره وکثرة محاربيه قال للحسين " ع ": ان هيهنا حيا من بني اسد فلو اذنت لي لسرت اليهم ودعوتهم إلي نصرتک لعل الله ان يهديهم ويدفع بهم عنک. فاذلن له الحسين " ع " فسار اليهم حتي وافاهم فجلس في ناديهم ووعظهم، وقال في کلامه: يا بني اسد قد جئتکم طبخير ما اتي به رائد قومه، هذا الحسين بن علي امير المؤمنين وابن فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قد نزل بين ظهرانيکم في عصابة المؤمنين، وقد اطافت به اعداء‌ه ليقتلوه، فأتيتکم لتمنعوه وتحفظوا حرمة رسول الله صلي الله عليه وآله فيه، فوالله لئن نصرتموه ليعطينکم الله شرف الدنيا والاخرة، وقد خصصتکم بهذه الکرامة لانکم قومي وبنو ابي، واقرب الناس مني رحما، فقام عبدالله بن بشير الاسدي وقال: شکر الله سعيک يا ابا القسم، فوالله لجئتنا بمکرمة يستأثر بها المرء، الا حب فالاحب، أما انا فاول من اجاب،واجاب جماعة بنحو جوابه فنهدوا مع حبيب. وانسل منهم رجل فأخبر ابن

سعد فأرسل الازرق في خمسمأة فارس، فعارضهم ليلا ومانعهم فلم يمتنعوا فقاتلهم، فلما علموا ان لا طاقة لهم بهم تراجعوا في ظلال الليل وتحملوا عن منازلهم، وعاد حبيب إلي الحسين عليه السلام فأخبره بما کان، فقال عليه السلام: وما تشاؤن الا ان يشاء الله ولا حول ولا قوة الا بالله. ابصار العين في انصار الحسين (ص 56 ط النجف).

[32] با جميرا بالباء المفردة والجيم المضمومة والميم المفتوحه والياء الساکنة والراء المهملة والالف المقصورة موضع من ارض الموصل کان مصعب بن الزبير يعسکر به في محاربة عبدالملک بن مروان حين يقصده من الشام ايام منازعتهما في الخلافة وما في الکامل لابن اثير الجزري (باخميرا) بالخاء المفوحة اشتباه.

[33] هو عمرو بن عبدالله بن کعب الصائد بن شرحبيل بن شراحيل بن عمرو بن جشم بن حاشد بن جشم بن حيزون بن عوف بن همدان ابوثمامة الهمداني الصادئدي. کان ابوثمامة تابعيا وکان من فرسان العرب ووجوه الشيعة، ومن اصحاب امير المؤمنين عليه السلام الذين شهدوا معه مشاهده. ثم صحب الحسن عليه السلام بعده وبقي في الکوفة، فلما توفي معوية کاتب الحسين " ع " ولما جاء مسلم بن عقيل إلي الکوفة قام معه، وصار يقبض الاموال من الشيعة بأمر مسلم، فيشتري بها السلاح، وکان بصيرا بذلک، ولما دخل عبيدالله الکوفة وثار الشيعة بوجهه وجهه مسلم فيمن وجهه، وعقد له علي ربع تميم وهمدان کما قدمناه، فحصروا عبيدالله في قصره، ولما تفرق عن مسلم الناس بالتخذيل اختفي ابوثمامة، فاشتد طلب ابن زياد له، فخرج إلي الحسين " ع " ومعه نافع بن هلال الجملي فلقياه في الطريق واتيا معه. ابصار العين في انصار الحسين (ص 69 ط النجف).

[34] هو سعيد بن عبدالله الحنفي، کان من وجوه الشيعة بالکوفة وذوي الشجاعة والعبادة فيهم، قال أهل السير: لما ورد نعي معاوية إلي الکوفة اجتمعت الشيعة فکتبوا إلي الحسين عليه السلام اولا مع عبدالله بن وال وعبدالله بن سبع، وثانيا مع قيس بن مسهر وعبدالرحمن بن عبدالله وثالثا مع سعيد بن عبدالله الحنفي وهاني بن هاني. وکان کتاب سعيد بن شبث بن ربعي وحجار بن ابجر ويزيد بن الحرث ويزيد بن رويم وعزرة بن قيس وعمرو بن الحجاج ومحمد بن عمير وصورة الکتاب (بسم الله الرحمن الرحيم) اما بعد فقد اخضر الجناب، وأينعت الثمار، وطمت الجمام، فاذا شئت فاقدم علي جند لک مجند. فاعاد الحسين عليه السلام سعيدا وهانيا من مکة وکتب إلي الذين ذکرنا کتابا صورته (بسم الله الرحمن الرحيم) اما بعد فان سعيدا وهانيا قدما علي بکتبکم، وکانا آخر من قدم علي من رسلکم إلي آخر ما قدمناه في اوائل الکتاب. ثم انه رضوان الله عليه بعد سقوطه إلي الارض قال: اللهم العنهم لعن عاد وثمود، اللهم ابلغ نبيک عني السلام، وابلغه ما لقيت من الم الجراح فاني اردت ثوابک في نصرة نبيک، ثم التفت إلي الحسين عليه السلام فقال اوفيت يابن رسول الله؟ قال نعم انت امامي في الجنة، ثم فاضت نفسه النفيسة وفيه يقول عبيدالله بن عمرو الکندي البدي:



سعيد بن عبدالله لا تنسينه

ولا الحراذ آسي زهيرا علي قسر



فلو وقفت صم الجبال مکانهم

لمارت علي سهل ودکت علي وعر



فمن قائم يستعرض النبل وجهه

ومن مقدم يلقي الاسنة بالصدر



ابصار العين في انصار الحسين (ص 125 ط النجف).

[35] عبدالله بن عروة بن حراق الغفاري وأخوه عبدالرحمن بن عروة بن حراق الغفاري. کان عبدالله وعبدالرحمن الغفاريان من اشراف الکوفة ومن شجعانهم وذوي المولاة منهم، وکان جدهما حراق من أصحاب امير المؤمنين عليه السلام وممن حارب معه في حروبه الثلث، وجاء عبدالله وعبدالرحمن إلي الحسين عليه السلام بالطف. ابصار العين في انصار الحسين (ص 104 ط النجف).

[36] في الکامل لابن اثير الجزري: ابنا عروة.

[37] سيف بن الحارث بن سريع بن جابر الهمداني الجابري ومالک بن عبدالله بن سريع بن جابر الهمداني الجابري وبنو جابر بطن من همدان کان سيف ومالک الجابريان ابني عم وأخوين لام جاعا إلي الحسين عليه السلام ومعهما شبيب مولاهما فدخلا في عسکره وانضما اليه، فلما رأيا الحسين في اليوم العاشر بتلک الحال استقدما يتسابقان إلي القوم ويلتفتان إلي الحسين عليه السلام فيقولان: السلام عليک يابن رسول الله صلي الله عليه وآله ويقول الحسين (ع): وعليکما السلام ورحمة الله وبرکاته ثم جعلا يقاتلان جميعا وان احدهما ليحمي ظهر صاحبه حتي قتلا. ابصار العين في انصار الحسين (ص 78 ط النجف الاشرف).

[38] هو حنظلة بن اسعد بن شبام بن عبدالله بن اسعد بن حاشد بن همدان الهمداني الشبامي وبنو شبام بطن من همدان. کان حنظلة بن اسعد الشبامي وجها من وجوه الشيعة ذالسن وفصاحة، شجاعا قارئا، وکان له ولديدعي عليا له ذکر في التاريخ. الشبامي:بالشين المعجمة والباء المفردة والالف والميم والياء منسوب إلي شبام علي زنة کتاب ويمضي في بعض الکتب الشامي نسبة إلي الشام وهو غلط فاضح. ابصار العين في انصار الحسين (ص 77 ط النجف).

[39] هو عابس بن ابي شبيب بن شاکر بن ربيعة بن مالک بن صعب بن معوية بن کثير بن مالک بن جشم بن حاشد الهمداني الشاکر، وبنو شاکر بطن من همدان. کان عابس من رجال الشيعة رئيسا شجاعا خطيبا ناسکا متهجدا وکانت بنو شاکر من المخلصين بولاء أمير المؤمنين عليه السلام، وفيهم يقول عليه السلام يوم صفين: لو تمت عدتهم الفا لعبدالله حق عبادته، وکانوا من شجعان العرب وحماتهم، وکانوا يلقبون فتيان الصباح، فنزلوا في بني وادعة من همدان، فقيل لها فتيان الصباح، وقيل لعابس: الشاکري والوادعي. ابصار العين في انصار الحسين (ص 74 ط النجف).

[40] شوذب بن عبدالله الهمداني الشاکري مولي لهم. کان شوذب من رجال الشيعة ووجوهها ومن الفرسان المعدودين وکان حافظا للحديث حاملا له عن أمير المؤمنين عليه السلام. قال صاحب الحدائق الوردية: وکان شوذب يجلس للشيعة فياتونه للحديث وکان وجها فيهم. ابصار العين في انصار الحسين (ص 76 ط النجف).

[41] في ابصار العين وبعض سائر المقاتل اما الان.

[42] هو سويد بن عمرو بن ابي المطاع الانماري الخثعمي، کان شيخا شريفا عابدا کثير الصلوة، وکان شجاعا، مجربا في الحروب کما ذکره الطبري والداودي. وقال اهل السير: ان سويدا بعد ان قتل بشر الحضرمي تقدم وقاتل حتي اثخن بالجراح وسقط علي وجهه، فظن بانه قتل فلما قتل الحسين عليه السلام وسمعهم يقولون: قتل الحسين عليه السلام وجدبه افاقة، وکانت معه سکين خباها، وکان قد اخذ سيفه منه فقاتلهم بسکينه ساعة، ثم انهم تعطفوا عليه، فقتله عروة بن بکار التغلبي وزيد بن ورقاء الجهني. ابصار العين في انصار الحسين (ص 101 ط النجف).

[43] هو بشير (بشر) بن عمرو بن الاحدوث الحضرمي الکندي کان من حضرموت وعداده في کندة، وکان تابعيا وله اولاد معروفون بالمغازي. وکان بشر ممن جاء إلي الحسين عليه السلام ايام المهادنة. وقال السيد الداودي: لما کان اليوم العاشر من المحرم ووقع القتال، قيل لبشر وهو في تلک الحال ان ابنک عمرا قد اسر في ثغري الري، فقال: عند الله احتسبه ونفسي، ما کنت احب أن يؤسر وان ابقي بعده. فسمع الحسين عليه السلام مقالته فقال له: رحمک الله انت في حل من بيعتي، فاذهب واعمل في فکاک ابنک، فقال له: اکلتني السباع حيا ان انا فارقتک يا ابا عبدالله، فقال له: فاعط ابنک محمدا - وکان معه - هذه الاثواب البر وديستعين بها في فکاک اخيه، واعطاه خمسة اثواب قيمتها الف دينار قال السروي: انه قتل في الحملة الاولي.

ابصار العين في انصار الحسين (ص 103 ط النجف).

[44] هو يزيد بن زياد بن مهاصر ابوالشعثاء الکندي، کان رجلا شريفا، شجاعا فاتکا، خرج إلي الحسين عليه السلام من الکوفة من قبل ان يتصل به الحر علي ما نقله في ابصار العين (ص 102). واماعلي ما نقله ابومخنف في مقتله کما في المتن هو ممن خرج مع عمر بن سعد إلي الحسين عليه السلام فلما ردوا الشروط علي الحسين مال اليه فقاتل معه حتي قتل.

[45] بهدلة حي من کندة منهم يزيد هذا.

[46] العرجلة بفتح العين وسکون الراء وفتح الجيم: القطعة من الخيل وجماعة المشاة.

[47] مهاصر: جد يزيد بن زياد وهو بالصاد المهملة علي زنة مهاجر واما ما في بعض النسخ مهاجر فهو من غلط النساخ.

[48] هو عمرو بن خالد الاسدي الصيداوي ابوخالد، کان شريفا في الکوفة مخلص الولاء لاهل البيت، قام مع مسلم حتي اذا خانته اهل الکوفة لم يسعه الا الاختفاء فلما سمع بقتل قيس بن مسهر وانه اخبر ان الحسين صار بالحاجر، خرج اليه ومعه مولاه سعد، ومجمع العائذي وابنه وجنادة بن حرث السلماني واتبعهم غلام لنافع البجلي بفرسه المدعو بالکامل فجنبوه واخذوا دليلا لهم الطرماح بن عدي الطائي وکان جاء إلي الکوفة يمتار لاهله طعاما فخرج بهم علي طريق متنکبة، وسار سيرا عنيفا من الخوف لانهم علموا ان الطريق مرصود حتي اذا قاربوا الحسين عليه السلام، ابصار العين (ص 66 طالنجف).

[49] في الکامل لابن اثير الجزري " ج 3 ص 293 ط ادارة الطباعة المنيرية " وجبار بن الحارث بدل جابر، واما في ابصار العين " ص 84 ط النجف الاشرف " جنادة بن الحارث المذحجي المرادي السلماني الکوفي. کان من مشاهير الشيعة، ومن اصحاب أمير المؤمنين عليه السلام، وکان خرج مع مسلم اولا. فلما نظر الخذلان خرج إلي الحسين عليه السلام مع عمرو بن خالد الصيداوي وجماعة، فمانعهم الحر، ثم أخذهم الحسين عليه السلام، فلما کان يوم الطف تقدموا فاوغلوا في صفوف اهل الکوفة حتي أحاطوا بهم، فانتدب لهم العباس وخلصهم، ولکنهم أبوا ان يرجعوا سالمين ويروا عدوا، فقتلوا في مکان واحد بعدان قاتلوا قتال الاسدا للوابد. والسلماني نسبة إلي سلمان وهم بطن من مراد، ومراد بطن من مذحج کما ذکره اهل النسب.

[50] هو مجمع بن عبدالله بن مجمع بن مالک بن اياس بن عبد مناة بن عبدالله بن سعد العشيرة المذحجي العائذي. کان عبدالله بن مجمع العائذي صحابيا، وکان ولده مجمع تابعيا من اصحاب امير المؤمنين عليه السلام ذکرهما اهل الانساب والطبقات، وکان مجمع وابنه جاء‌ا مع عمرو بن خالد الصيداوي إلي الحسين عليه السلام فمانعهم الحر واخذهم الحسين عليه السلام کما تقدم ذلک.

[51] علي بن الحسين بن علي بن ابيطالب عليهم السلام وروحي له الفداء ولد في اوائل خلافة عثمان بن عفان، وروي الحديث عن جده علي بن ابي طالب عليه السلام کما حققه ابن ادريس قدس سره في السرائر ونقله

عن علماء التاريخ والنسب او بعد جده عليه السلام بسنتين کما ذکره الشيخ المفيد قدس سره في الارشاد وامه: ليلي بنت ابي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي، وامها ميمونة بنت أبي سفيان بن حرب بن امية، وامها بنت ابي العاص بن امية کان يشبه بجده رسول الله صلي الله عليه وآله في المنطق والخلق والخلق روي ابوالفرج: ان معاوية قال: من احق الناس بهذا الامر؟ قالوا انت، قال لا،اولي الناس بهذا الامر علي بن الحسين بن علي عليه السلام جده رسول الله صليالله عليه وآله وفيه شجاعة بني هاشم، وسخاء بني امية، وزهو ثقيف وفي علي عليه السلام يقول الشاعر:



لم تر عين نظرت مثله

من محتف يمشي ومن ناعل



يغلي نهئ اللحم حتي اذا

انضجع لم يغل علي الاکل



کان اذا شبت له ناره

يوقدها بالشرف القائل



کيما يراها بائس مرمل

او فرد حي ليس بالاهل



لا يوثر الدنيا علي دينه

ولا يبيع الحق بالباطل



اعني ابن ليلي ذا السدي والندي

اعني بن بنت الحسب الفاضل



يکني: ابا الحسن ويلقب بالاکبر، لانه الاکبر علي اصح الروايات اولان للحسين عليه السلام اولادا ستة، ثلاثة اسمائهم علي وثلاثة اسمائهم عبدالله وجعفر ومحمد کما ذکره اهل النسب، فهو اکبر من علي الثالث علي رواية. قال ابوالفرج وغيره: وکان اول من قتل بالطف من بني هاشم بعد انصار الحسين عليه السلام علي بن الحسين، فانه لما نظر إلي وحدة ابيه تقدم اليه وهو علي فرس له يدعي ذا الجناح، فاستاذنه في البراز، وکان من اصبح الناس وجها واحسنهم خلقا فارخي عينيه بالدموع واطرق ثم قال: اللهم اشهدانه قد برز اليهم غلام اشبه الناس خلقا وخلقا ومنطقا برسولک، وکنا اذا اشتقنا إلي نبيک نظرنا اليه، ثم صاح: يابن سعد قطع الله رحمک کما قطعت رحمي، ولم تحفظني في رسول الله صلي الله عليه وآله. فلما فهم علي الاذن من ابيه شد علي القوم ويقول. انا علي بن الحسين بن علي کما نقله فيالمتن فقاتل قتالا شديدا، ثم عاد إلي ابيه وهو يقول يا ابت العطش قد قتلني، وثقل الحديد قد اجهدني، فبکي الحسين عليه السلام وقال: واغوثاه، اني لي الماء قاتل يا بني قليلا، واصبر فما اسرع الملتقي بجدک محمد صلي الله عليه وآله فيسقيک بکاسه الاوفي شربة لا تظمؤا بعدها أبدا، فکر عليهم يفعل فعل أبيه وجده، فرماه مرة بن منقذ العبدي بسهم في حلقه. قال ابوالفرج: قال حميد بن مسلم الازدي: کنت واقفا وبجنبي مرة بن منقذ، وعلي بن الحسين يشد علي القوم يمنة ويسرة فيهزمهم، فقال مرة: علي آثام العرب ان مربي هذا الغلام لاثکلن به اباه، فقلت: لا تقل، يکفيک هؤلاء الذين احتوشوه، فقال: لافعلن ومر بنا علي وهو يطرد کتيبة، فطعنه برمحه، فانقلب علي قربوس فرسه، فاعتنق فرسه، فکر به علي الاعداء، فاحتووه بسيوفهم فقطعوه، فصاح قبل ان يفارق الدنيا السلام عليک يا ابتي، هذا جدي المصطفي قد سقاني بکاسه الاوفي وهو ينتظرک الليلة، فشد الحسين عليه السلام حتي وقف عليه وهو مقطع، فقال: قتل الله يوما قتلوک، يا بني فما اجرأهم علي الله، وعلي انتهاک حرمة الرسول صلي الله عليه وآله ثم استهلت عيناه بالدموع وقال: علي الدنيا بعدک العفا وفيه أقول.



بابي أشبه الوري برسول

الله نطقا وخلقة وخليقة



قطعته اعدائه بسيوف

هي اولي بهم وفيهم خليقة



ليت شعري ما يحمل الرهط منه

جسدا ام عظام خير الخليقة



الخلق بضم الخاء الطبع، وبفتحها التصوير، يغلي اي يفير، يغل الثانية ضد يرخص، الشرف: الموضع العالي وهو علي زنة جبل قال شاعر:



أتي الندي فلا يقرب مجلسي

واقود للشرف الرفيع حماري



القابل: المقبل عليک، ومنه عام قابل، السدي: ندي أول الليل والندي: ندي آخر الليل، ويکني بکل منهما وبهما عن الکريم. قطع الله رحمک: اي قطع نسلک من ولدک، کما قطعت نسلي من ولدي فانه لا عقب له، احتووه: اي حازوه واشتملوا عليه، قربوس بفتح القاف والراء ولا تسکن الراء الا في الضرورة: السرج، الخليقة الاولي بمعني الطبيعة، والثانية بمعني الجديرة: والثالثة بمعني المخلوقات ابصار العين في انصار الحسين (ص 21 ط النجف الاشرف).

[52] هو عبدالله بن مسلم بن عقيل بن ابيطالب رضوان الله عليهم امه رقيه بنت امير المؤمنين وامها الصهباء ام حبيب بنت عباد بن ربيعة ابن يحيي بن العبد بن علقمة التغلبية. قيل بيعت لامير المؤمنين من سبي اليمامة. وقيل. من سبي عين التمر، فاولدها علي عليه السلام عمر الاطرف ورقية.

قال السروي: تقدم عبدالله بن مسلم الحرب فحمل علي القوم وهو يقول:



اليوم ألقي مسلما وهو أبي

وعصبة بادوا علي دين النبي



حتي قتل ثمانية وتسعين رجلا بثلاث حملات: ثم رماه عمرو بن صبيح الصدائي بسهم. قال حميد بن مسلم: رمي عمرو عبدالله بسهم وهو مقبل عليه، فاراد جبهته، فوضع عبدالله يده علي جبهته يتقي بها السهم. فسمر السهم يده علي جبهته، فاراد تحريکها فلم يستطع، ثم انتحي له بسهم آخر ففلق قلبه، فوقع صريعا، وکانت قتلته بعد علي بن الحسين فيما ذکره ابومخنف والمدائني وابوالفرج دون غيرهم. ابصار العين في انصار الحسين (ص 50 ط النجف).

[53] هو عون بن عبدالله بن جعفر بن ابي طالب عليهم السلام امه زينب العقيلة الکبري بنت امير المؤمنين عليه السلام، وامها فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلي الله عليه وآله. قال اهل السير: انه لما خرج الحسين عليه السلام من مکة کتب اليه عبدالله بن جعفر کتابا يسئله فيه الرجوع عن عزمه، وارسل اليه ابنيه عونا ومحمدا، فاتياه بوادي العقيق قبل أن يصل إلي مسامنة المدينة، ثم ذهب عبدالله إلي عمرو بن سعيد بن العاص عامل المدينة فساله امانا للحسين، فکتب وارسله اليه مع اخيه يحيي وخرج معه عبدالله فلقيا الحسين عليه السلام بذات عرق، فأقرآه الکتاب فأبي عليهما وقال: اني رأيت رسول الله صلي الله عليه وآله في منامي، فامرني بالمسير واني منته إلي ما امرني به، وکتب جواب الکتاب إلي عمرو بن سعيد، ففارقاه ورجعا، وقد

اوصي عبدالله ولديه بالحسين واعتذر منه، قالوا: ولما ورد نعي الحسين ونعيهما إلي المدينة کان عبدالله جالسا في بيته، فدخل الناس يعزونه، فقال غلامه أبوالسلاس: هذا ما لقينا ودخل علينا من الحسين، فحذفه عبدالله بنعله وقال: يابن اللخناء أللحسين تقول هذا، والله لو شهدته لما فارقته حتي اقتل معه، والله انهما لمما يسخ بالنفس عنهما ويهون علي المصاب بهما، انهما اصيبا مع اخي وابن عمي مواسين له صابرين معه، ثم اقبل علي الجلساء فقال: الحمد لله اعزز علي بمصرع الحسين ان لا أکن نسيت حسينا بيدي فقد آسيته بولدي. قال السروي: يرزعون بن عبدالله بن جعفر إلي القوم وهو يقول:



ان تنکروني فانا بن جعفر

شهيد صدق في الجنان ازهر



يطير فيها بجناح أخضر

کفي بهذا شرفا في المحشر



فضرب فيهم بسيفه حتي قتل منهم ثلاثة فوارس وثمانية عشر راجلا ثم ضربه عبدالله بن قطنة الطائي النبهاني بسيفه فقتله. وفيه يقول سليمان ابن قتة التيمي من قصيدته التي يرثي بها الحسين عليه السلام:



عيني جودي بعبرة وعويل

واندبي ان بکيت آل الرسول



ستة کلهم لصلب علي

قد اصيبوا وسبعة لعقيل



واندبي ان ندبت عونا اخاهم

ليس فيما ينوبهم بخذول



فلعمري لقد اصيب ذووالقربي

فبکي علي المصاب الطويل



ابواللسلاس: باللام المفتوحة والسين المهملة ثم لام وسين بينهما الف ويمضي في بعض الکتب ابوالسلاسل وهو تصحيف. قطنة: بالقاف المضمومة والنون بينهما طاء النبهاني بالنون والباء المفردة منسوب إلي نبهان بطن من بطون طي.

ابصار العين في انصار الحسين (ص 39 ط النجف).

[54] هو محمد بن عبدالله بن جعفر بن ابي طالب عليهم السلام، امه الخوصاء بنت حفصة بن ثقيف بن ربيعة بن عائذ بن ثعلبة بن عکاية بن صعب بن علي بن بکر بن وائل. وامها هند بنت سالم بن عبدالعزيز بن محروم ابن سنان بن مولة بن عامر بن مالک بن تيم اللات بن ثعلبة، وامها ميمونة بنت بشر بن عمرو بن الحرث بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة بن الحصين بن عکاية بن صعب بن علي. قال السروي: نقدم محمد قبل عون إلي الحرب فبرز اليهم

وهو يقول:



اشکو إلي الله من العدوان

فعال قوم في الردي عميان



قد بدلوا معالم القرآن

ومحکم التنزيل والتبيان



فقتل عشرة انفس، ثم تعاطفوا عليه، فقتله عامر بن نهشل التميمي وفيه يقول سليمان بن قتة من القصيدة المتقدمة علي الولاء.



وسمي النبي غودر فيهم

قد علوه بصارم مصقول



فاذا ما بکيت عيني فجودي

بدموع تسيل کل مسيل



ابصار العين في انصار الحسين (ص 40 ط النجف).

[55] هو عبدالرحمان بن عقيل بن ابي طالب عليهم السلام، امه ام ولده قال ابن شهر آشوب: تقدم في حملة آل ابيطالب بعد الانصار وهو يقول:



ابي عقيل فاعرفوا مکاني

من هاشم وهاشم اخواني



فقاتل حتي قتل سبعة عشر فارسا، ثم احتوشوه فتولي قتله عثمان ابن خالد بن أشيم الجهني وبشر بن حوط الهمداني ثم القابضي بطن منهم. ابصار العين في انصار الحسين (ص 51 ط النجف).

[56] هو جعفر بن عقيل بن ابيطالب عليهم السلام، امه الحوصاء بنت عمرو المعروف بالثغرابن عامر بن الهصان بن کعب بن عبد بن ابي بکر بن کلاب العامري، وامها اودة بنت حنظلة بن خالد بن کعب بن عبد بن ابي بکر المذکور، وامها ريطة بنت عبد بن ابي بکر المذکور، وامها ام البنين بنت معوية بن خالد بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وامها حميدة بنت عتبة بن سمرة بن عتبة بن عامر. قال السروي: تقدم إلي القتال فجالد القوم يضرب فيهم بسيفه قدما وهو يقول:



انا الغلام الابطحي الطالبي

من معشر في هاشم من غالب



ونحن حقا سادة الذوائب فقتل خمسة عشر رجلا، ثم قتله بشر بن حوط قاتل اخيه عبدالرحمن. ابصار العين في انصار الحسين (ص 51 ط النجف).

[57] فاطنها: أي فقطعها حتي سمع لها طنين وهو الصوت.

[58] هو القاسم بن الحسن بن علي بن ابيطالب عليهم السلام، امه ام ابي بکر يقال اسمها رملة. روي ابوالفرج عن حميد بن مسلم، قال خرج الينا غلام کان وجهه شقة قمر وفي يده السيف وعليه قميص وازار وفي رجليه نعلان، فمشي يضرب بسيفه فانقطع شسع احدي نعليه ولا أنسي أنها کانت السيري ثم ساق الحديث کما أوردناه في المتن عن ابي مخنف عن سليمان بن ابي راشد عن حميد بن مسلم مع اختلاف يسير في بعض العبارات. وقال غيره: انه لما راي وحدة عمه استأذنه في القتال فلم يأذن له لصغره، فما زال به حتي اذن له، فبرزکان وجهه شقة فمر وساق الحديث إلي آخره کما تقدم.



اتراه حين اقام يصلح نعله

بين العدي کيلا يروه بمحتفي



غلبت عليه شآمة حسنية

ام کان بالاعداء ليس بمحتفي



الضبط: لم يرم: اي لم يبرح من رام يريم، قال الشاعر:



أيا ابتا لاتزل عندنا

فانا بخير اذا لم ترم



ابصار العين في انصار الحسين (ص 36 ط النجف).

[59] هو عبدالله بن الحسين بن علي بن ابيطالب عليهم السلام، ولد في المدينة وقيل: في الطف ولم يصح وامه الرباب بنت امرء القيس بن عدي بن اوس بن جابر بن کعب بن عليم بن جناب بن کلب وامها هند الهنود بنت الربيع بن مسعود بن مصاد بن حصن بن کعب المذکور. وامها ميسون بنت عمرو بن ثعلبة بن حصين بن ضمضم وامها الرباب بنت أوس بن حارثة ابن لام الطائي وهي التي يقول فيها ابوعبدالله الحسين عليه السلام.



لعمرک انني لاحب دارا

تحل بها سکينة والرباب



احبهما وابذل جل مالي

وليس لعاتب عندي عتاب



وکان امرء القيس زوج ثلاث بناته في المدينة من امير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام، وقصته مشهورة فکانت الرباب عند الحسين عليه السلام وولدت له سکينة وعبدالله هذا. قال المسعودي والاصبهاني والطبري وغيرهم: ان الحسين لما آيس من نفسه ذهب إلي فسطاطه فطلب طفلا له ليودعه، فجاء‌ته به اخته زينب، فتناوله من يدها ووضعه في حجره، فبينا هو ينظر اليه اذ اتاه سهم فوقع في نحره فذبحه. قالوا: فاخذ دمه الحسين عليه السلام بکفه ورمي به إلي السماء وقال: اللهم لا يکن أهون عليک من دم فصيل، اللهم ان حبست عنا النصر من السماء فاجعل ذلک لما هو خير لنا، وانتقم لنا من هؤلاء الظالمين، فلقد هون مابي انه بعينک يا ارحم الراحمين.

قالوا: فروي عن الباقر عليه السلام انه لم تقع من ذلک الدم قطرة إلي الارض. ثم ان الحسين عليه السلام حفر له عند الفسطاط حفيرة في جفن سيفه فدفنه فيها بدمائه ورجع إلي موقفه. وروي أنه أخذ الطفل من يدي اخته زينب فاومي اليه ليقبله، فاتته نشابة فذبحته، فاعطاه إلي اخته وقال: خذيه اليک، ثم فعل ما فعل بدمائه، وقال ما قال بدعائه. وروي ابومخنف ان الذي رماه بالسهم حرملة بن الکاهن الاسدي وروي غيره ان الذي رماه عقبة بن بشر الغنوي، والاول هو المروي عن ابي جعفر محمد الباقر عليهما السلام.



بالرضيع اتاه سهم ردي

حيث أبوه کالقوس من شفقه



قد خضبت جسمه الدماء فقل

بدر سماء قد اکتسي شفقه



الضبط الحجر؟ هو بتثليث الحاء المهملة وبعدها الجيم الساکنة حضن الانسان. الکاهن بالنون ويجري علي بعض الالسن ويمضي في بعض الکتب باللام، والمضبوط خلافه. الشفقه الاولي الحذر من جهة المحبة والثانية هي شفق مضاف إلي ضمير البدر، والشفق هوالحمرة الشديدة عند اول الليل بين المغرب والعشاء 0ابصار العين في انصار الحسين (ص 24 ط النجف).

[60] هوابوبکر بن الحسن بن علي بن ابيطالب عليهم السلام. امه ام ولده روي ابوالفرج ان عبدالله بن عقبة الغنوي قتله. وروي ان عقبة الغنوي هو الذي قتله، واياه عني سليمان ابن قتة بقوله:



وعند غني قطرة من دمائنا

سنجزيهم يوما بها حيث حلت



اذا افتقرت قيس جبرنا فقيرها

وتقتلنا قيس اذا النعل زلت.

[61] هو العباس بن علي ابن ابيطالب بن عبدالمطلب صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين. ولد سنة ست وعشرين من الهجرة، وامه ام البنين فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن عامر المعروف بالوحيد بن کلاب بن عامر ابن صعصعة. وامها تمامة بنت سهيل بن عامر بن مالک بن جعفر بن کلاب وامها عمرة بن الطفيل فارس قرزل بن مالک الاخرم رئيس هوازن بن جعفر بن کلاب، وامها کبشة بنت عروة الرحال بن عتبة بن جعفر بن کلاب وامها ام الخشف بنت ابي معوية فارس هوازن بن عبادة بن عقيل بن کلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة. وامها فاطمة بنت جعفر بن کلاب. وامها عاتکة بنت عبد شمس بن عبد مناف. وامها آمنة بنت وهب بن عمير بن نصر بن قعين بن الحرث بن ثعلبة بن ذردان بن اسد بن خزيمة. وامها بنت حجدر بن ضبيعة الاغر بن قيس بن ثعلبة بن عکابة بن صعب بن علي بن بکر بن وائل بن ربيعة بن نزار، وامها بنت مالک بن قيس بن ثعلبة. وامها بنت ذي الراسين خشين بن ابي عصم بن سمح بن فزارة. وامها بنت عمرو بن صرمة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن الريث بن غطفان. قال السيد الداودي في العمدة: ان امير المؤمنين (ع) قال لاخيه عقيل وکان نسابة عالما باخبار العرب وأنسابها، ابغني امرأة قد ولدتها الفحولة من العرب لا تزوجها فتلد لي غلاما فارسا: فقال له: أين أنت عن فاطمة بنت حزام بن خالد الکلابية، فانه ليس في العرب أشجع من آبائها ولا أفرس، وفي آبائها يقول لبيد للنعمان بن المنذر ملک الحيرة:



نحن بنوام البنين الاربعة

ونحن خير عامر بن صعصعة



الضاربون الهام وسط المجمعة فلا ينکر عليه أحد من العرب، ومن قومها ملاعب الاسنة أبوبراء الذي لم يعرف في العرب مثله في الشجاعة، والطفيل فارس قرزل وابنه عامر فارس المزتوق، فتزوجها أمير المؤمنين (ع)، فولدت له وانجبت من الصدر. ابصار العين في انصار الحسين (ص 25 ط النجف الاشرف).

[62] وهو عبدالله بن علي بن أبيطالب بن عبدالمطلب عليهم الصلوة و السلام. ولد بعد أخيه بنحو ثمان سنين وامه فاطمة ام البنين، وبقي مع أبيه ست سنين ومع أخيه الحسن ست عشرة سنة، ومع أخيه الحسين خمسا و عشرين سنة وذلک مدة عمره. قال أهل السير: انه لما قتل اصحاب الحسين عليه السلام وجملة من أهل بيته دعا العباس اخوته: الاکبر فالاکبر وقال لهم: تقدموا، فاول من دعاه عبدالله أخوه لابيه وامه، فقال: تقدم يا أخي حتي أراک قتيلا وأحتسبک فانه لا ولد لک فتقدم بين يديه وجعل يضرب بسيفه قدما ويجول فيهم وهو يقول:



أنا ابن ذي النجدة والافضال

ذاک علي الخير في الافعال



سيف رسول الله ذو النکال

في کل يوم ظاهر الاهوالفشد عليه هاني بن ثبيت الحضرمي فضربه علي رأسه فقتله. ابصار العين في انصار الحسين (ص 34 ط النجف).

[63] هو جعفر بن علي بن أبيطالب بن عبدالمطلب عليهم السلام

ولد بعد أخيه عثمان بنحو سنتين وامه فاطمة ام البنين، وبقي مع أبيه نحو سنتين ومع أخيه الحسن نحو اثنتي عشرة سنة ومع أخيه الحسين نحو احدي وعشرين سنة وذلک مدة عمره. وروي أن أمير المؤمنين عليه السلام سماه باسم أخيه جعفر لحبه اياه. قال أهل السير: لما قتل اخواالعباس لابيه وامه: عبدالله وعثمان دعا جعفرا فقال له: تقدم إلي الحرب حتي أراک قتيلا کاخويک فاحتسبک کما احتسبتهما فانه لا ولد لکم فتقدم، وشد علي الاعداء يضرب فيهم بسيفه وهو يقول:



اني أنا جعفر ذوالمعالي

ابن علي الخير ذي الافضال



قال أبوالفرج: فشد عليه خولي بن يزيد الاصبحي فقتله.

ابصار العين (ص 35 ط النجف).

[64] هو عثمان بن علي بن ابيطالب بن عبدالمطلب عليهم السلام ولد بعد أخيه عبدالله بنحوسنتين، وامه فاطمة ام البنين، وبقي مع أبيه نحو أربع سنين ومع أخيه الحسن عليه السلام نحو أربع عشرة سنة، ومع أخيه الحسين عليه السلام ثلاثا وعشرين سنة وذلک مدة عمره.

وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: انما سميته عثمان بعثمان بن مظعون أخي. قال أهل السير: لما قتل عبدالله بن علي دعا العباس عثمان وقال له تقدم يا أخي کما قال لعبد الله فتقدم إلي الحرب يضرب بسيفه ويقول:



اني أنا عثمان ذو المفاخر

شيخي علي ذو الفعال الطاهر



فرماه خولي بن يزيد الاصبحي بسهم فأوهطه حتي سقط لجنبه فجائه رجل من بني أبان بن دارم فقتله واحتز رأسه. الضبط: مما وقع في هذه الترجمة: عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهيب بن حذافة بن جمح القرشي الجمحي، أسلم بعد ثلاثة عشر رجلا، وهاجر الهجرتين وشهد بدرا وکان أول رجل مات بالمدينة سنة اثنتين من الهجرة وکان ممن حرم علي نفسه الخمر في الجاهلية، وممن أراد الاختصاء في الاسلام فنهاه رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وقال: عليک بالصيام فانه مجفرة اي قاطع للجماع. ولما مات جاء رسول الله صلي الله عليه وآله إلي بيته وقال: رحمک الله أبا السائب، ثم انحني عليه فقبله، ورؤي علي رسول الله صلي الله عليه وآله لما رفع رأسه اثر البکاء، ثم صلي عليه ودفنه في بقيع الغرقد ووضع حجرا علي قبره و جعل يزوره. ثم لما مات ابراهيم ولده بعده قال: الحق يا بني بفرطنا عثمان بن مظعون. ولما ماتت زينب ابنته قال: الحقي بسلفنا الخير عثمان بن مظعون، أوهطه: أضعفه واثخنه بالجراحة وصرعه صرعة لا يقوم منها (ابصار العين (ص 34 ط النجف).

[65] هو ابوبکر بن علي بن ابي طالب بن عبدالمطلب عليهم السلام. اسمه: محمد الاصغر او عبدالله. وامه ليلي بنت مسعود بن خالد بن مالک بن ربعي بن سلمي بن جندل بن نهشل بن دارم بن مالک بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم. وامها عميرة بنت قيس بن عاصم بن سنان بن خالد بن منقر سيد أهل الوبر بن عبيد بن الحرث وهو مقاعس، وامها عتاق بنت عصام بن سنان بن خالد بن منقر وامها بنت عبد بن أسعد بن منقر، وامها بنت سفيان بن خالد بن عبيد بن مقاعس بن بن عمرو بن کعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم. وفي سلمي جده قال الشاعر:



يسود اقوام وليسوا بسادة

بل السيد الميمون سلمي بن جندل



قيل: قتله زجر بن بدر النخعي، وقيل: بل عقبة الغنوي. وقيل: بل رجل من همدان، وقيل: وجد في ساقيه مقتولا لا يدري من قتله. وذکر بعض الرواة: أنه تقدم إلي الحرب وقاتل وهو يقول:



شيخي علي ذوالفخار الاطول

من هاشم وهاشم لم تعدل ولم يزل



يقاتل حتي اشترک في قتله جماعة: منهم عقبة الغنوي. ابصار العين (ص 36 ط النجف).

[66] غالب بن الهذيل الاودي ابوالهذيل الکوفي. روي عن أنس وسعيد بن جبير وابراهيم النخعي وکليب الاودي وابن رزين. روي عنه الثوري واسرائيل وشريک وعلي بن صالح بن حي. قال ابن ابي حاتم عن أبيه لا بأس به. وذکره ابن حبان في الثقات. له في النسائي اثر واحد عن ابراهيم موقوفا عليه في اقتضاء الدراهم من الدنانير. وقال ابن أبي مريم عن ابن معين: ثقة وعده الشيخ (ره) تارة بهذا العنوان من أصحاب الباقر عليه السلام واخري بزيادة ابن الهذيل بعد غالب وزيادة الاسدي مولاهم کوفي من اصحاب الصادق عليه السلام تهذيب التهذيب (ج 8 ص 244) تنقيح المقال (ج2 ص 365).

[67] عمرو بن شمر الجعفي الکوفي الشيعي أبوعبدالله، عن جعفر بن محمد، وجابر الجعفي والاعمش. قال البخاري: حدثنا حامد بن داود، حدثنا اسيد بن زيد عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي الطفيل، عن علي وعمارة قالا: کان النبي صلي الله عليه وآله يقنت في الفجر ويکبر يوم عرفة من صلوة الغداة، ويقطع صلاة العصر آخر ايام التشريق. وعده الشيخ ره تارة بعنوان عمرو بن شمر من اصحاب الباقر عليه السلام واخري من أصحاب الصادق عليه السلام له کتاب، عنه ابراهيم بن سليمان الخزاز أبواسحاق في (ست) في ترجمته. عنه احمد بن النضر الخزاز في مشيخه (يه) في طريقه، عنه احمد بن النصر في (يه) في باب ثواب من ختم له بالخير. عنه احمد بن لنضر في (يب) وفي (في) باب الصبر. عنه محمد بن خالد الطيالسي في (يب) عنه ابومحمد الانصاري في (يب) وفي (بص) وفي (في). عنه عثمان بن عيسي في (يب). و في (في). وعنه الحسين بن المختار في (يب) وفي (في) وعنه حماد بن عيسي في (يب) وفي (في) وعدة کثيرة جامع الرواة (ج 1 ص 623) تنقيح المقال (ج 2 ص 332) ميزان الاعتدال (ج3 ص 268).

[68] هو عبدالله بن الحسن بن علي بن ابي طالب عليهم السلام امه بنت الشليل بن عبدالله البجلي والشليل اخو جرير بن عبدالله کانت لهما صحبة. قال الشيخ المفيد: لما ضرب مالک بن النسر الکندي بسيفه الحسين علي رأسه بعد ان شتمه القي الحسين عليه السلام قلنسوته ودعا بخرقة وقلنسوة، فشد رأسه بالخرقة ولبس القلنسوة واعتم عليها: رجع عنه شمر و من معه إلي مواضعهم فمکث هنيئة ثم عاد وعادوا اليه واحاطوا به، فخرج عبدالله بن الحسن من عند النساء وهو غلام لم يراهق، فشد حتي وقف إلي جنب عمه الحسين عليه السلام فلحقته زينب لتحبسه فأبي، فقال لها الحسين احبسيه يا اخية، فامتنع امتناعا شديدا وقال: والله لا افارق عمي. واهوي بحر بن کعب إلي الحسين بالسيف، فقال له الغلام ويلک يابن الخبيثة اتقتل عمي؟ فضربه بحر بالسيف، فاتقاه الغلام بيده، فاطنها إلي الجلد فاذا هي معلقة. فنادي الغلام: يا اماه، فاخذه الحسين عليه السلام وضمه اليه وقال: يابن اخي: اصبر علي ما نزل بک، واحتسب في ذلک الخير فان الله يلحقک بابائک الصالحين. ثم رفع الحسين عليه السلام يديه إلي السماء وقال: اللهم امسک عليهم قطر السماء وامنعهم برکات الارض، اللهم فان متعتهم إلي حين ففرقهم بددا واجعلهم طرائق قددا، ولا ترضي الولاة عنهم ابدا، فانهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا فقتلونا. روي ابوالفرج: ان الذي قتله حرملة بن کاهن الاسدي: القلنسوة: بفتح القاف واللام وتسکين النون وضم السين قبل الوا ولباس في الرأس معروف (لم يراهق) اي لم يقارب (بددا) ايتفريقا (قددا) اي طرائق متفرقة بحر: بالباء المفردة والحاء المهملة والراء مثلها ابن کعب بن عبيدالله من بني تميم بن ثعلبة بن عکابة. ويمضي في بعض الکتب ويجري علي بعض الالسن ابحر بن کعب وهو غلط وتصحيف ابصار العين في انصار الحسين (ص 38 ط النجف).

[69] وفي مناقب آل ابي طالب لمؤلفه ابي جعفر رشيد الدين محمد بن علي بن شهر آشوب السروي المازندراني في (ج 4 ص 109 ط المطبعة العلمية بقم) ما لفظه ثم قال عليه السلام: ائتوني بثوب لا يرغب فيه البسه غير ثيابي لا اجرد فاني مقتول مسلوب، فاتوه بتبان فابي ان يلبسه وقال: هذا لباس اهل الذمة، ثم اتوه بشئ اوسع منه دون السراويل وفوق التبان فلبسه ثم ودع النساء وکانت سکينة تصيح، فضمها إلي صدره وقال:



سيطول بعدي يا سکينة فاعلمي

منک البکاء اذالحمام دهاني



لا تحرقي قلبي بدمعک حسرة

ما دام مني الروح في جثماني



واذا قتلت فانت اولي الذي

تأتينه يا خيرة النسوان ثم برز عليه السلام فقال: يا اهل الکوفة قبحا لکم وترحا، وبؤسا لکم وتعسا، حين استصرختمونا ولهين، فاتيناکم موجفين، فشحذتم علينا سيفا کان في ايماننا، وحششتم لاعدائکم من غير عدل افشوه فيکم. ولا ذنب کان منا اليکم، فهلا لکم الويلات اذ کرهتموناه، ترکتمونا والسيف مشيم، والجأش طامن، والرأي لما يستحصد، لکنکم اسرعتم إلي بيعتنا کسرع الدبا، وتهافتم اليها کتهافت الفراش، ثم تقضتموها سفها وضلة، وفتکا لطواغيت الامة، وبقية الاحزاب، ونبذة الکتاب، ثم انتم تتخاذلون عنا وتقتلوننا، الا لعنة الله علي



الظالمين.

قال: ثم انشأ:



کفر القوم وقدما رغبوا

عن ثواب الله رب الثقلين



قتلوا قدما عليا وابنه

الحسن الخير الکريم الطرفين



حنقا منهم وقالوا اجمعوا

نفتک الان جميعا بالحسين



يالقوم من اناس رذل

جمعوا الجمع لاهل الحرمين



ثم ساروا وتواصوا کلهم

باحتياجي لرضاء الملحدين



لم يخافوا الله في سفک دمي

لعبيد الله نسل الکافرين



وابن سعد قدرماني عنوة

بجنود کوکوف الهاطلين



لا لشئ کان مني قبل ذا

غير فخري بضياء الفرقدين



بعلي الخير من بعد النبي

والنبي القرشي الوالدين



خيرة الله من الخلق ابي

ثم امي فانا ابن الخيرتين



فضة قد خلصت من ذهب

فانا الفضة وابن الذهبين



فاطم الزهراء امي وابي

وارث الرسل ومولي الثقلين



طحن الابطال لما برزوا

يوم بدر وباحد وحنين



وله في يوم احد وقعة

شفت الغل بفض العسکرين



ثم بالاحزاب والفتح معا

کان فيها حتف اهل الفيلقين



واخو خيبر اذ بارزهم

بحسام صارم ذي شفرتين



منفي الصفين عن سيف له

وکذا افعاله في القبلتين



والذي اردي جيوشا اقبلوا

يطلبون الوتر في يوم حنين



في سبيل الله ماذا صنعت

امة السوء معا بالعترتين



عترة البر التقي المصطفي

وعلي القرم يوم الجحفلين



من له عم کعمي جعفر

وهب الله له اجنحتين



من له جد کجدي في الوري

وکشيخي فانا ابن العلمين



والدي شمس وامي قمر

فأنا الکوکب وابن القمرين



جدي المرسل مصباح الهدي

وابي الموفي له بالبيعتين



بطل قرم هزبر ضيغم

ماجد سمح قوي الساعدين



عروة الدين علي ذاکم

صاحب الحوض مصلي القبلتين



مع رسول الله سبعا کاملا

ما علي الارض مصل غير ذين



ترک الاوثان لم يسجد لها

مع قريش مذ نشأ طرفة



عين عبدالله غلاما يافعا

وقريش يعبدون الوثنين



يعبدون اللات والعزي معا

وعلي قائم بالحسنيين



وأبي کان هزبرا ضيغما

ياخذ الرمح فيطعن طعنتين



کتمشي الاسد بغيا فسقوا

کاس حتف من نجيع الحنظلين



ثم استوي علي راحلته وقال:



أنا ابن علي الخير من آل هاشم

کفاني بهذا مفخرا حين افخر



وجدي رسول اکرم خلقه

ونحن سراج الله في الارض يزهر



وفاطم امي من سلالة احمد

وعمي يدعي ذا الجناحين جعفر



وفينا کتاب الله انزل صادقا

وفينا الهدي والوحي بالخير



يذکر ونحن امان الله للخلق کلهم

نسر بهذا في الانام ونجهر



ونحن ولاة الحوض نسقي ولينا

بکاس رسول الله ما ليس ينکر



وشيعتنا في الناس اکرم شيعة

ومبغضنا يوم القيمة يخسر



ثم حمل علي الميمنة وقال



الموت خير من رکوب العار

والعار اولي من دخول النار



ثم حمل علي الميسرة وقال:



انا الحسين بن علي

احمي عيالات ابي



آليت ان لا انثني

امضي علي دين النبي



وجعل يقاتل حتي قتل الف وتسعمأة وخمسين سوي المجروحين فقال عمر بن سعد لقومه: الويل لکم، اتدرون من تبارزون؟ هذا ابن الانزع البطين، هذا ابن قتال العرب فاحملوا عليه من کل جانب، فحملوا بالطعن مأة وثمانين واربعة آلاف بالسهام. وقال الباقر عليه السلام: اصيب عليه السلام ووجد به ثلاثمأة وبضعة وعشرين طعنة برمح او ضربة بسيف او رمية بسهم. وروي: ثلاثماة وستون جراحة، وقيل ثلاثا وثلاثين ضربة سوي السهام. وقيل: الف وتسعمأة جراحة، وکانت السهام في درعه کالشوک في جلد القنفذ وروي انها کانت کلها في مقدمه.



العوني يا سهاما بدم ابن المصطفي منقسمات

ورماحا في ضلوع ابن النبي متصلات



فقال شمر: ما وقوفکم وما تنتظرون بالرجل وقد اثخنته السهام، احملوا عليه ثکلتکم امهاتکم، فحملوا عليه من کل جانب فرماه ابوالحنوق الجعفي في جبينه، والحصين ابن نمير في فيه، و أبوايوب الغنوي بسهم مسموم في حلقه، فقال عليه السلام: بسم الله ولا حول ولا قوة الا بالله، وهذا قتيل في رضي الله. وکان ضربة زرعة بن شريک التميمي علي کتفه الايسر، وعمر بن الخليفة الجعفي علي حبل عاتقه، وکان طعنه صالح بن وهب المزجي علي جنبيه، وکان رماه سنان بن أنس النخعي في صدره، فوقع علي الارض وأخذ دمه بکفيه وصبه علي رأسه مرارا، فدنا منه عمر وقال: جزوا رأسه فقصد اليه نصر بن خرشة، فجعل يضر به بسيفه، فغضب عمرو قال لخولي ابن يزيد الاصبحي: انزل فجز رأسه فنزل وجز رأسه، و سلب الحسين ما کان عليه، فاخذ عمامته جابر بن يزيد الازدي، وقميصه اسحاق بن حوي، وثوبه جعوتة بن حوية الحضرمي، وقطيفته من خز قيس بن الاشعث الکندي وسراويله. بحير بن عمير الجرمي.

ويقال: أخذ سراويله بحر بن کعب التميمي، والقوس والحلل الرحيل بن خيثمة الجعفي، وهاني بن شبيب الحضرمي، وجرير بن مسعود الحضرمي، ونعليه الاسود الاوسي. وسيفه رجل من بني نهشل من بني دارم.

ويقال: الاسود بن حنظلة، فأحرقهم المختار بالنار وانتدب عشرة وهم: اسحاق بن يحيي والحضرمي، وهاني بن ثبيت الحضرمي، وأدلم بن ناعم، وأسد بن مالک، والحکيم بن طفيل الطائي، والاخنس بن مرثد، وعمرو بن صبيح المذحجي ورجاء بن منقذ العبدي، وصالح بن وهب اليزني، وسالم بن الخيثمة الجعفي، فوطئوه بخيلهم. الرضي:



کأن بيض المواضي وهي تنهبه

نار تحکم في جسم من النور



لله ملقي علي الرمضاء غص به

فيم الردي بعد اقدام وتشمير



تحنو عليه الظبا ظلا وتستره

عن النواظر أذيال الاعاصير



وخر للموت لاکف يقلبه

الا بوطئ من الجرد المحاضير



ودفن جثتهم بالطف أهل الغاضرية من بني اسد بعد ما قتلوه بيوم، وکانوا يجدون لاکثرهم قبورا، ويرون طيورا بيضا، وکان عمر بن سعد صلي علي المقتولين من عسکره ودفنهم. وقصد شمر إلي الخيام، فنهبوا ما وجدوا حتي قطعت اذن ام کلثوم لحلقة.

[70] قال في مثير الاحزان للشيخ الجليل نجم الدين محمد بن جعفر بن ابي البقاء هبة الله بن نما الحلي المتوفي سنة 645 ما لفظه: ورويت أن أنس بن مالک قال: شهدت عبيدالله بن زياد وهو ينکت بقضيب علي لسان الحسين. يقول: انه کان حسن الثغر، فقلت: أم والله لاسئونک لقد رأيت

رسول الله صلي الله عليه وآله يقبل موضع قضيبک من فيه. وعن سعيد بن معاذ وعمر بن سهل أنهما حضرا عبيدالله يضرب بقضيبه انف الحسين وعينيه ويطعن في فمه، فقال له زيد بن ارقم: ارفع قضيبک اني رايت رسول الله صلي الله عليه وآله واضعا شفتيه علي موضع قضيبک ثم انتحب باکيا، فقال له: ابکي الله عينيک يا عدوالله لولا انک شيخ قد خرفت وذهب عقلک لضربت عنقک، فقال زيد: لاحدثنک حديثا هو اغلظ عليک من هذا رأيت رسول الله صلي الله عليه وآله اقعد حسنا علي فخذه اليمني، وحسينا علي فخذه اليسري فوضع يده علي يافوخ کل واحد منهما: وقال: اني استودعکما وصالح المؤمنين، فکيف کانت وديعتک لرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم. ثم قام عبيدالله خطيبا وقال: الحمد لله الذي أظهر الحق واهله ونصر امير المؤمنين وحزبه الخ. فقام اليه عبدالله بن عفيف الازدي وکانت احدي عينيه ذهبت يوم الجمل والاخري يوم صفين مع علي عليه السلام وقال: يابن مرجانة ان الکذاب انت وابوک والذي ولاک، اتقتلون اولاد النبيين وتتکلمون بکلام الصديقين فأمر به ابن زياد، فمنعه الازد وانتزعوه من ايدي الجلاوزة، فأتي منزله فقال ابن زياد: اذهبوا إلي أعمي الازد أعمي الله قلبه، فأتوني به، فلما بلغ الازد ذلک اجتمعوا، وقبائل اليمن معهم، فبلغ ذلک ابن زياد فجمع قبائل مضروضمهم إلي ابن الاشعث وامره بالقتال، فاقتتلوا وقتل بينهم جماعة و وصل اصحاب عبيدالله إلي دار عبدالله بن عفيف. فکسروا الباب واقتحموا عليه، فصاحت ابنته: اتاک القوم من حيث تحذر، فقال: لا عليک، ناوليني سيفي، فناولته فجعل يذب به نفسه ويقول:



انا ابن ذي الفضل عفيف الطاهر

عفيف شيخي وابن ام عامر



کم دارع من جمعکم وحاسر

فقالت ابنتة: يا ليتني کنت رجلا اخاصم بين يديک هؤلاء الفجرة قاتلي العترة البررة، والقوم محدقون کلما جاء‌وه من جهة اشعرته وهو يذب عن نفسه ويقول:



اقسم لو فرج لي عن بصري

ضاق عليکم موردي ومصدري



فتکاثروا عليه فاخذوه، فقالت ابنته: واذلاه، يحاط بأبي وليس له ناصر،وأدخلوه علي عبيدالله فقال: الحمد لله الذي اخزاک فقال يا عدو الله فماذا اخزاني والله



لو فرج لي عن بصري

ضاق عليکم موردي ومصدري



قال: يا عدوالله ما تقول في عثمان؟ فقال: يا عبد بني علاج، يابن مرجانة ما انت وعثمان، اساء أم أحسن، فقد لقي ربه وهو ولي خلقه يقضي بينهم بالعدل، ولکن سلني عن أبيک وعن يزيد وأبيه، فقال له: والله لاسئلتک عن شئ حتي تذوق الموت عطشا. فقال: الحمد لله رب العالمين، أما أني کنت أسئل الله ربي أن يرزقني الشهادة قبل ان تدرک لتک وسيلته ان يجعلها علي يدي العن خلقه وابغضهم اليه، فلما کف بصري يئست من الشهادة والان فالحمد لله الذي رزقنيها بعد اليأس منها، فامر ابن زياد، فضرب عنقه وصلب في السبخة. ثم دعا بجندب بن عبدالله الازدي وکان شيخا فقال: يا عدوالله ألست صاحب أبي تراب؟ قال بلي لا اعتذر منه قال: ما أراني الا متقربا إلي الله بدمک، قال: اذن لا يقربک الله منه بل يباعدک قال:شيخ قد ذهب عقله، وخلي سبيله.

[71] وفي هامش (الکامل) للمورخ الکبير الشيخ عبدالوهاب النجار المدرس بقسم التخصص في الازهر في (ج 3 ص 298 ط المنيرية لصاحبها ومديرها محمد منير الدمشقي) ما لفظه: هذا هوالفخر المزيف والکذب الصريح، فان کل المورخين يذکرون لمن کان مع الحسين وله - ثباتا - لا يضارعه ثبات، واباء‌ا و شما قل أن يريا لمکثور قل ناصره وکثر واتروه.

وقال في ظهر الصحيفة المذکورة ما لفظه: هذا النصر في نظري ونظر کل عاقل صحيح العقل شر من الخذلان والهزيمة، اذ ما فخر للآلاف الکثيرة تجتمع علي اثنين وسبعين رجلا قد نزلوا علي غير ماء، انما يعتبر النصر شرفا وفخرا اذا کانت العدة متکافئة والعدد قريبا، فحق ابن زياد ومن کان علي شاکلته أن يندبوا علي أنفسهم بالخيبة والخسران وان يطأطئوا رؤوسهم ذلا وعارا حينما وقف هؤلاء النسوة الاشراف علي رأسهن السيدة زينب بنت فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه وآله وهي بهذه الحالة، لعن الله الفسق والفساق، لقد سودوا صحائف التاريخ، وسجلوا علي أنفسهم الجرائم الکبري التي لا تغتفر ولا تنسي مدي الدهر فانا لله وانا اليه راجعون، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

[72] في الکامل لابن أثير الجزري (ج 3 ص 298 ط المنيرية) بقاع سبب بدل بقي سبسب وهو غلط.

[73] وفي الکامل (ج 3 ص 298) ما لظه: وقيل: ان آل الحسين لما وصلوا إلي الکوفة حبسهم ابن زياد وأرسل إلي يزيد بالخبر،

فبينماهم في الحبس اذ سقط عليهم حجر فيه کتاب مربوط، وفيه أن البريد سار بأمرکم إلي يزيد، فيصل يوم کذا ويعود يوم کذا، فان سمعتم التکبير فايقنوا بالقتل، وان لم تسمعوا تکبيرا فهو الامان (ان شاء الله)، فلما کان قبل قدوم البريد بيومين أو ثلاثة اذا حجر قد القي وفيه کتاب يقول فيه: او صوا واعهدوا فقد قارب وصول البريد ثم جاء البريد بأمر يزيد بارسالهم اليه فدعا ابن زياد محفز بن ثعلبة شمر بن ذي الجوشن وسيرهما بالثقل والرأس، فلما وصلوا إلي دمشق نادي محفز بن ثعلبة علي باب يزيد: جئنا برأس أحمق الناس والامهم، فقال يزيد: ما ولدت ام محفز الام وأحمق منه، ولکنه قاطع ظالم. ثم دخلوا علي يزيد فوضعوا الرأس بين يديه وحدثوه، فسمعت الحديث هند بنت عبدالله بن عامر بن کريز - وکانت تحت يزيد - فتقنعت بثوبها وخرجت فقالت: يا أمير المؤمنين أراس الحسين بن علي ابن فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه وآله؟ قال: نعم، فاعولي عليه، وحدي علي ابن بنت رسول الله صلي الله عليه وآله وصريحة قريش، عجل عليه ابن زياد فقتله، قتله الله. ثم أذن للناس فدخلوا عليه والرأس بين يديه ومعه قضيب وهو ينکت به ثغره ثم قال: ان هذا وايانا کما قال الحصين بن الحمام:



أبا قومنا أن ينصفونا فانصفت

قواضب في ايماننا تقطر الدما



يلقلقن هاما من رجال اعزة

علينا وهم کانوا أعق وأظلما.

[74] ثابت بن ابي صفية دينار وقيل سعيد ابوحمزة الثماليالازدي الکوفي مولي المهلب بن أبي صفرة. روي عن أنس والشعبي وابي اسحاق وزاذان أبي عمر وسالم بن أبي الجعد وأبي جعفر الباقر عليه السلام وغيرهم. وعنه الثوري وشريک وحفص بن غياث وأبواسامة وعبدالملک بن ابي سليمان وابونعيم ووکيع وعبيدالله بن موسي وعدة. قال ابن سعد توفي في خلافة أبي جعفر وقال يزيد بن هارون کان يؤمن بالرجعة. سعدان بن يحيي، حدثنا ابوحمزة الثمالي، عن أبي اسحاق السبيعي عن الحارث، عن علي - مرفوعا: من زار أخاه في الله لا لغيره التماس موعود الله وکل الله به سبعين الف ملک ينادونه: طبت وطابت لک الجنة. کان من خيار اصحابنا (شيعة آل الرسول) وثقاتهم ومعتمديهم في الرواية والحديث، لفي علي بن الحسين وأبا جعفر وأبا عبدالله وأبا الحسن عليهم السلام وروي عنهم. وعن ابي عبدالله عليه السلام أنه قال: أبوحمزة في زمانه مثل سلمان في زمانه. قال الفضل بن شاذان: سمعت الثقة يقول: سمعت الرضا عليه السلام يقول: ابوجعفر الثمالي في زمانه کلقمان في زمانه وذلک أنه خدم أربعة منا: علي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وبرهة من عصر موسي بن جعفرعليهم السلام. مات سنة خمسين ومأة. تهذيب التهذيب (ج 2 ص 7) ميزان الاعتدال (ج 1 ص 363) جامع الرواة (ج 1 ص134).

[75] قال الشيخ الجليل نجم الدين محمد بن جعفرابي البقاء هبة الله بن نما الحلي المتوفي سنة 645 في کتابه (مثير الاحزان ص 76 ط الحيدرية في النجف الاشرف) ما لفظه: ثم ان عبيدالله بن زياد امر بنساء الحسين عليه السلام وصبيانه فجهزوا وامر بعلي بن الحسين عليه السلام فغل إلي عنقه وسرح بهم مع مخفر ابن ثعلبة ابن مرة العائذي من عابذة قريش، ومع شمر بن ذي الجوشن واصحابها. فروي النظنزي عن جماعة عن سليمان بن مهران الاعمش قال: بينما انا في الطواف ايام الموسم اذا رجل يقول: اللهم اغفر لي وانا اعلم انک لا تغفر، فسئلته عن السبب فقال: کنت احد الاربعين الذين حملوا رأس الحسين إلي يزيد علي طريق الشام، فنزلنا اول

مرحلة رحلنا من کربلاء علي دير للنصاري والرأس مرکوزعلي رمح فوضعنا الطعام ونحن نأکل اذا بکف علي حايط الدير يکتب عليه بقلم حديد سطرا بدم:



اترجوامة قتلت حسينا

شفاعة جده يوم الحساب



فجزعنا جزعا شديدا واهوي بعضنا إلي الکف ليأخذها فغاب فعاد اصحابي. وعن مشايخ من بني سليم انهم غزوا الروم فدخلوا بعض کنايسهم فاذا مکتوب هذا البيت، فقالوا لهم: منذ متي مکتوب؟ قالوا: قبل ان يبعث نبيکم بثلاث مأته عام. وحدث عبدالرحمن بن مسلم عن ابيه انه قال: غزونا بلاد الروم فاتينا کنيسة من کنايسهم قريبة من قسطنطنية وعليها شئ مکتوب فسألنا اناسا من اهل الشام يقرؤن بالرومية فاذا هو مکتوب هذا البيت. وذکر ابوعمرو الزاهد في کتاب الياقوت قال: قال عبدالله بن صفار صاحب ابي حمزة الصوفي: غزونا غزاة وسبينا سبيا وکان فيهم شيخ من عقلاء النصاري، فاکرمنا واحسنا اليه، فقال لنا:اخبرني ابي عن آبائه انهم حفروا في بلاد الروم حفرا قبل ان يبعث النبي العربي بثلاثمأة سنة فاصابوا حجرا عليه مکتوب بالمسند هذا البيت من الشعر.



اترجو عصبة قتلت حسينا

شفاعة جده يوم الحساب



والمسند کلام اولاد شيث، فانطلقوا جميعا فلما قربوا من دمشق دنت ام کلثوم من شمر وقالت: لي اليک حاجة، قال: ما هي؟ قالت: اذا دخلت البلد فاحملنا في درب قليل النظارة وتقدم ان يخرجوا هذه الرؤس من بين المحامل وينجونا عنها فقد خزينا من کثرة النظر الينا ونحن في هذه الحال، فامر بضد ما سئلته بغيامنه وعتوا، وسلک بهم علي تلک الصفة حتي وصلوا باب دمشق حيث يکون السبي، ولقد اقرح فعله هذا حناجر الصدور واسخن عين المقرور حتي قلت شعري هذا من القلب الموتور:



فوا اسفا يغزي الحسين ورهطه

ويسبي بتطواف البلاد حريمه



الم يعلموا ان النبي لفقده

له عزب جفن ما يخف سجومه



وفي قلبه نار يشب ضرامها

وآثار وجد ليس ترسي کلومه



ولم يکن زين العابدين عليه السلام يکلم احدا في الطريق حتي بلغوا باب يزيد. فروي عن روح بن زنباع الجدامي عن ابيه عن العذري ابن ربيعة ابن عمرو الجرشي قال: انا عند يزيد بن معاوية اذ أقبل زحر بن قيس المذحجي علي يزيد فقال: ويلک ما وراء‌ک؟ قال: ابشر بفتح الله ونصره ورد علينا الحسين بن علي في ثمانية عشر من اهل بيته وستين رجلا من شيعته، فسرنا اليهم وسألناهم ان يستسلموا أوينزلوا علي حکم الامير عبيدالله اوالقتال فاختاروا القتال علي الاستسلام، فعدونا عليهم من شروق الشمس، فاحطنا بهم من کل ناحية حتي اذا اخذت السيوف مأخذها، جعلوا يلجاؤن إلي غير وزر ويلوذون بالاکمام والحفر لوذا کما لاذ الحمام الصقر، فوالله يا امير المؤمنين ما کان الاجزر جزور او نومة قائل، حتي اتينا علي آخرهم، فهاتيک اجسادهم مجردة، ووجوههم معفرة، وثيابهم بالدماء مرملة، تصهرهم الشمس وتسقي عليهم الريح، زوارهم العقبان والرخم، بقاع قرقر سبسب، لا مکفنين ولا موسدين فقال: کنت ارضي من طاعتکم بدون قتله. ونقلت من تاريخ دمشق عن ربيعة بن عمرو الجرشي قال: انا عند يزيد اذ سمعت صوت مخفر يقول: هذا مخفرة بن ثعلبة اتي امير المؤمنين باللئام الفجرة، فاجابه يزيد: ما ولدت ام مخفر شر والام. قال علي بن الحسين عليهما السلام ادخلنا علي يزيد ونحن اثنا عشر رجلا مغللون، فلما وقفنا بين يديه قلت: انشدک الله يا يزيد ما ظنک برسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لو رآنا علي هذه الحال؟ قال يا اهل الشام ما ترون في هؤلاء قال رجل: لا تتخذن من کلب سوء جروا، فقال له النعمان بن بشير: اصنع ما کان رسول الله يصنع بهم لو رآهم بهذه الخيبة. وقالت فاطمة بنت الحسين: يا يزيد بنات رسول الله سبايا، فبکي الناس وبکي اهل داره حتي علت الاصوات، فقال علي بن الحسين عليه السلام وانا مغلول. فقلت: اتأذن لي في الکلام، فقال: قل ولا تقل هجرا، قلت: لقد وقفت موقفا لا ينبغي لمثلي ان يقول الهجر، ما ظنک برسول الله لو رآني في غل، فقال لمن حوله: حلوه، ثم وضع رأس الحسين عليه السلام بين يديه والنساء من خلفه لئلا ينظرن اليه، فراه علي عليه السلام فلم ياکل بعد ذلک الرأس. حدث عبدالملک بن مروان: لما اتي يزيد برأس الحسين عليه السلام قال: لو کان بينک وبين ابن مرجانة قرابة لاعطاک ما سئلت قال علي بن الحسين عليه السلام: ما اصاب من مصيبة في الارض ولافي انفسکم الا في کتاب من قبل أن نبرأها ان ذلک علي الله يسير واما زينب فانها لما رأت رأس الحسين عليه السلام اهوت إلي جيبها فشقته ثم نادت بصوت حزين يقرح الکبد ويوهي الجلد: يا حسيناه، يا حبيب جده الرسول ويا ثمرة فؤاد الزهراء البتول، يابن بنت المصطفي يابن مکة ومني، يابن علي المرتضي، فضج المجلس بالبکاء ويزيد ساکت وهو بذاک شامت، ثم دعا بقضيب فجعل ينکت ثنايا الحسين، فأقبل عليه أبوبزرة الاسلمي وقال: ويحک أتنکت بقضيبک ثغر الحسين ابن فاطمة؟ اشهد لقد رأيت النبي صلي الله عليه وآله يرشف ثناياه وثنايا اخيه ويقول انتما سيدا شباب اهل الجنة فقتل الله قاتلکما ولعنه واعد له جهنم وسائت مصيرا، فغضب يزيد وامر باخراجه سحبا. وروي ان الحسن بن الحسن لما رآه يضرب بالقضيب موضع فم رسول الله صلي الله عليه وآله قال: واذلاه. سمية امسي نسلها عددالحصي - وبنت رسول الله ليس لها نسل وکان قد دخل اهل الشام يهنونه بالفتح، فقام رجل منهم احمر ازرق فنظر إلي فاطمة بنت الحسين وکانت وضيئة، فقال يا اميرالمؤمنين هب لي هذه الجارية، فقالت فاطمة لعمتها يا عمتاه او تمت أو ستخدم؟ فقالت زينب. لا والله ولا کرامة لک ولا له الا ان يخرج من ديننا، فاعاد الازرق الکلام فقال له يزيد، وهب الله لک حتفا قاطعا، ثم تمثل بابيات ابن الزبعري:



ليث اشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الاسل



فاهلوا واستهلوا فرحا

ثم قالوا يا يزيد لا تشل



قد قتلنا القوم من ساداتهم

وعدلناه ببدر فاعتدل



فقامت زينب بنت علي عليه السلام وقالت: الحمد لله رب العالمين وصلي الله علي رسوله وآله اجمعين صدق الله کذلک يقول: ثم کان عاقبة الذين اساؤا السوء‌ي ان کذبوا بآيات الله وکانوا بها يستهزؤن، اظننت يا يزيد حيث اخذت علينا اقطار الارض وآفاق السماء. فاصبحنا نساق کما تساق الاسراء ان بنا علي الله هوانا، وبک علي الله کآبة. فشمخت بانفک ونظرت إلي عطفک حين رأيت الدنيا مستوثقا حين صفا لک ملکنا وسلطاننا فمهلا مهلا نسيت قوله تعاي: (ولا يحسبن الذين کفروا انما نملي لهم خير لانفسهم انما نملي لهم ليزدادوا اثما ولهم عذاب مهين) ثم تقول غير متأثم:



فاهلوا واستهلوا فرحا

ثم قالوا يا يزيد لا تشل



متنحيا علي ثنايا ابي عبدالله سيد شباب اهل الجنة تنکتها بمحضرتک وکيف لا تقول ذلک وقد نکات الفرحة، واستاصلت الشافة، باراقتک دماء الذرية الطاهرة وتهتف باشياخک لتردن موردهم اللهم خذ بحقنا وانتقم لنا من ظالمنا، فما فريت الا جلدک، ولا حززت الا لحمک، بئس للظالمين بدلا، وما ربک بظلام للعبيد: فالي الله المشتکي، و عليه المتکل، فوالله لا تمحو ذکرنا، ولا تميت وحينا والحمد لله الذي ختم لاولنا بالسعادة، ولاخرنا بالشهادة ويحسن علينا الخلافة انه رحيم ودود. فقال يزيد:



يا صيحة تحمد من صوائح

ما اهون الموت علي النوائح



ودعا يزيد الخاطب وامره ان يصعد المنبر ويذم الحسين واباه فصعد وبالغ في ذم امير المؤمنين والحسين سلام الله عليهما، والمدح لمعاوية ويزيد، فصاح به علي بن الحسين عليه السلام: ويلک ايها الخاطب اشتريت مرضاة المخلوق بسخط الخالق، فتبوء مقعدک من النار، ولقد اجاد ابن سنان الخفاجي بقوله،



يا امة کفرت وفي افواها

القرآن فيه ضلالها ورشادها



أعلي المنابر تعلنون بسبه

وبسيفه نصبت لکم اعوادها



تلک الخلائق بينکم بدرية

قتل الحسين وما خبت احقادها



وکان النساء مدة مقامهم بدمشق ينحن عليه بشجووانة ويندبن بعويل ورنة ومصاب الاسري عظم خطبه، والاسي لکم الثکلي، عال طبه، او سکن في مساکن لا يقيهن من حر ولا برد حتي تقشرت الجلود، وسأل الصديد بعدکن الخدود. وظل الستور: والصبر ظاعن، والجزع مقيم، والحزن لهن نديم، ووعد يزيد لزين العابدين بقضاء ثلاث حاجات وعن ابي عبدالرحمان بن عبدالله بن عقبة بن لهيعة الحضرمي عن أبي الاسود محمد بن عبدالرحمان قال: لقيني رأس الجالوت بن بهوذا فقال: والله ان بيني وبين داود سبعين أبا، وان اليهود تلقاني فتعظمني، وانتم ليس بين ابن النبي وبينه الا اب واحد، قتلتم ولده وکان يزيد يتخذ مجالس الشراب واللهو والقيان والطرب ويحضر رأس الحسين بين يديه، فحضر مجلسه رسول ملک الروم وکان من اشرافهم فقال: يا ملک العرب هذا رأس من؟ قال: مالک ولهذا الرأس، قال: اني اذا رجعت إلي ملکنا يسئلني عن کل شئ شاهدته فاحببت ان اخبره بقضية هذا الرأس وصاحبه ليشارکک في الفرح والسرور، قال هذا رأس الحسين بن علي، قال: ومن امه؟ قال: فاطمة

بنت رسول الله، فقال النصراني: اف لک ولدينک، لي دين احسن من دينکم. ان ابي من حفدة داود عليه السلام، وبيني وبينه آباء کثيرة، والنصاري يعظمون قدري، ويأخذون من تراب قدمي تبرکا: باني من الحوافد وقد قتلتم ابن بنت نبيکم، وليس بينه وبينه الاام واحدة فقبح الله دينکم ثم قال ليزيد: ما اتصل اليک حديث کنيسة الحافر؟ قال: قل قال: بين عمان والصين بحر مسيرة سنة فيه جزيرة ليس بها عمران الا بلدة واحدة في الماء طولها ثمانون فرسخا في ثمانين، ما علي وجه الارض مدينة مثلها، منها يحمل الکافور والعنبر والياقوت، اشجارها العود. وهي في اکف النصاري فيها کنائس کثيرة، اعظمها کنيسة الحافر، في محرابها حقة ذهب معلقة فيها حافر حمار ويقولون: کان يرکبه عيسي عليهم السلام وحول الحقة مزين بانواع الجواهر والديباج، يقصدها

لي کل عام عالم من النصاري، وانتم تقتلون ابن بنت نبيکم لا بارک الله فيکم ولا في دينکم. فقال يزيد: اقتلوه لئلا يفضحني في بلاده، فلما احس بالقتل قال: تريد ان تقتلني؟ قال: نعم، قال: اعلم اني رأيت البارحة نبيکم في المنام يقول: يا نصراني انت من اهل الجنة، فتعجبت من کلامه، وانا اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسوله، ثم نهض إلي الرأس فضمه إلي صدره وقبله وبکي فقتل. ورأت سکينة في منامها وهي بدمشق کان خمسة تجب من نور قد اقبلت وعلي کل نجيب شيخ. والملائکة محدقة بهم ومعهم وصيف يمشي. فمضي النجب وأقبل الوصيف إلي وقرب مني وقال: يا سکينة ان جدک يسلم عليک، فقلت: وعلي رسول الله السلام. يا رسول رسول الله من انت؟ قال: وصيف من وصائف الجنة، فقلت: من هؤلاء المشيخة الذين جاء‌وا علي النجب. قال: الاول آدم صفوة الله، والثاني ابراهيم خليل الله والثالث موسي کليم الله، والرابع عيسي روح الله، فقلت: من هذا القابض علي لحيته يسقط مرة ويقوم اخري، فقال: جدک رسول الله صلي الله عليه وآله، فقلت: واين هم قاصدون؟ قال إلي ابيک الحسين، فاقبلت اسعي في طلبه لاعرفه ما صنع بنا الظالمون بعده، فبينما انا کذلک اذ اقبلت خمسة هوادج من نور، في کل هودج امرأة، فقلت من هذه النسوة المقبلات؟ قال: الاولي حواء ام البشر، والثانية آسية بنت مزاحم، والثالثة

مريم بنت عمران، والرابعة خديجة بنت خويلد، والخامسة الواضعة يدها علي رأسها تسقط مرة وتقوم اخري فقلت: من؟ فقال جدتک فاطمة بنت محمد ام ابيک! فقلت: والله لاخبرنها ما صنع بنا فلحقتها ووقفت بين يديها ابکي واقول: يا امتاه جحدوا والله حقنا، يا امتاه بددوا والله شملنا، يا امتاه استباحوا والله حريمنا، يا امتاه، قتلوا والله الحسين ابانا، فقالت: کفي صوتک يا سکينة. فقد أحرقت کبدي وقطعت نياط قلبي، هذا قميص ابيک الحسين معي لا يفارقني حتي القي الله به، ثم انتبهت واردت کتمان ذلک المنام وحدثت به أهلي فشاع بين الناس. ودعي يزيد يوما بعلي بن الحسين وعمر بن الحسن وکان عمر صغيرا، فقال له اتصارع ابني خالد! فقال لا، ولکن اعطني سکينا واعطه سکينا ثم اقاتله، فقال يزيد: ما تترکون عداوتنا صغارا وکبارا ثم قال:



شنشنة اعرفها من اخزم

هل تلد الحية الا حية



وخرج يوما زين العابدين عليهما السلام يمشي في أسواق دمشق فلقيه المنهال بن عمرو، فقال: کيف امسيت يابن رسول الله! قال: امسينا کمثل بني اسرائيل في آل فرعون، يذبحون ابنائهم، ويستحيون نسائهم، يا منهال امست العرب تفتخر علي العجم بان محمدا منها، وامست قريش تفتخر علي سائر العرب بان محمدا منها، وامسينا معشر اهل بيته ونحن مقتولون مشردون، فانا لله وانا اليه راجعون مما امسينا فيه يا منهال. ولله درمهيار بقوله في العترة الطاهرة



يعظمون له اعواد منبره

وتحت ارجلهم اولاده وضعوا



باي حکم بنوه يتبعونکم

وفخرکم انکم صحب له تبع



ثم قال يزيد لعلي بن الحسين: وعدتک بقضاء ثلاث حاجات اذکرها، فقال: الاولي تريني وجه سيدي الحسين عليه السلام الا تزود منه والثانية ترد علينا ما اخذ منا، لان فيه مغزل فاطمة وقميصها وقلادتها والثالثة ان کنت عزمت علي قتلي فوجه مع النسوة من يوصلهن إلي حرم جدهن، قال: اما وجه ابيک فلن تراه ابدا، واما قتلک فقد عفوت عنک، فما يوصلهم إلي المدينة غيرک. وامر برد المأخوذ، وزاد عليه مأتي دينار ففرقها زين العابدين عليه السلام علي الفقراء والمساکين، ثم امر يزيد بمضي الاساري إلي اوطانهم مع نعمان بن بشير وجماعة معه إلي المدينة. واما الرأس الشريف اختلف الناس فيه: قال قوم: ان عمروبن

سعيد دفنه بالمدينة، وعن منصور بن جمهور انه دخل خزانة يزيد بن معاوية لما فتحت وجد به جونة حمراء فقال لغلامه سليم: احتفظ بهذه الجونة فانها کنز من کنوز بني امية، فلما فتحها اذا فيه راس الحسين عليه السلام وهو مخضوب بالسواد، فقال لغلامه: ائتني بثوب فأتاه به فلفه ثم دفنه بدمشق عند باب الفراديس عند البرج الثالث مما يلي المشرق. وحدثني جماعة من اهل مصر ان مشهد الرأس عندهم يسمونه مشهد الکريم عليه من الذهب شئ کثير يقصدونه في المواسم و يزورونه ويزعمون انه مدفون هناک، والذي عليه المعول في الاقوال انه اعيد إلي الجسد بعد ان طيف به في البلاد ودفن معه، ولقد احسن نائح هذه المرثية في فادح هذه الرزية:



رأس ابن بنت محمد ووصيه

للناظرين علي قناة يرفع



والمسلمون بمنظر وبمسمع

لا منکر فيهم ولا متفجع



کحلت بمنظرک العيون عماية

واصم رزء‌ک کل اذن تسمع



أيقظت اجفانا وکنت لها کري

وأنمت عينا لم تکن بک تهجع



ما روضة الا تمنت أنها

لک حفرة ولخط قبرک مضجع



ولما مر عيال الحسين بکربلا وجدوا جابر بن عبدالله الانصاري رحمة الله عليه وجماعة من بني هاشم قدموا لزيارته في وقت واحد فتلاقوا بالحزن والاکتياب والنوح علي هذا المصاب المقرح لاکباد الاحباب، وناحت عليه الجن وکان نفر من أصحاب النبي صلي الله عليه وآله منهم المسور بن مخرمة ورجال يستمعون النوح ويبکون. وذکر صاحب الذخيرة عن المحشر عن عکرمة أنه سمع ليلة قتله بالمدينة مناد يسمعونه ولا يرون شخصه.



أيها القاتلون جهلا حسينا

أبشروا بالعذاب والتنکيل



کل أهل السماء تبکي عليکم

من نبي وملائک وقبيل



قد لعنتم علي لسان ابن داود

وموسي وصاحب الانجيل



وروي أن هاتفا سمع بالبصرة ينشد ليلا:



ان الرماح الواردات صدورها

نحو الحسين تقاتل التنزيلا



ويهللون بأن قتلت وانما

قتلوا بک التکبير والتهليلا



فکانما قتلوا أباک محمدا

صلي عليه الله أو جبريلا



وعن ام سلمة قالت: ما سمعت نوح الجن علي أحد منذ قبض رسول الله صلي الله عليه وآله حتي قتل الحسين عليه السلام فسمعت قائلة تنوح:



ألا يا عين فاحتملي بجهدي

ومن يبکي علي الشهداء بعدي



علي رهط تقودهم المنايا

إلي متجبر في الملک عبد



وعن أبي حباب: لما قتل الحسين عليه السلام ناحت عليه الجن، فکانت الجصاصون يخرجون بالليل إلي الجبانة فيسمعون الجن يقولون:



مسح النبي جبينه

فله بريق بالخدود



وأبوه من اعلي قريش

وجده خير الجدود



وناحت عليهن الجن فقالت:



لمن الابيات بالطف علي کره بنينا

تلک ابيات الحسين يتجاوبن رنينا



وذکر ابن الجوزي في کتاب النور في فضائل الايام والشهور نوح الجن عليه فقالت:



لقد جئن نساء الجن يبکين شجيات

ويلطمين خدودا کالدنا نير نقيات



ويلبسن ثياب السود بعد القصبيات وعن أبي السدي عن أبيه قال: کنا علمة نبيع البرفي رستاق کربلا بعد مقتل الحسين، فنزلنا برجل من طئ فتذاکرنا قتلة الحسين ونحن علي الطعام، وأنه ما بقي من قتلته الامن أماته الله متة سوء وقتله قتلة سوء والشيخ قائم علي رؤوسنا، فقال: هذا کذبکم يا أهل العراق والله انني لمن شهد قتل الحسين وما بها أکثر ما لا مني ولا أثري، فرفعنا أيدينا من الطعام والسراج تتقد بالنفط، فذهبت الفتيلة تنتفي، فجاء يحرکها باصبعه، فأخذت اصبعه، فاهوي بها إلي فيه، فأخذت النار لحيته، فبادر إلي الماء ليلقي نفسه فيه، فلقد رأيته يلتهب حتي صار حممة، ولما اجتمع عبيدالله بن زياد وعمر بن سعد بعد قتل الحسين عليه السلام قال عبيدالله لعمر: ايتني بالکتاب الذي کتبته اليک في معني قتل الحسين ومناجزته، فقال: ضاع قال: لتجيئني به، أتراک معتذرا في عجائز قريش، قال عمر: والله لقد نصحتک في الحسين نصيحة لو استشارني بها أبي سعد کنت قد اديت حقه. فقال عثمان بن زياد أخو عبيدالله بن زياد: صدق والله لوددت أنه ليس من بني زياد رجل الا في أنفه خزامة إلي يوم القيامة وان حسينا لم يقتل قال عمر بن سعد: والله ما رجع أحد بشر مما رجعت، أطعت عبيدالله وعصيت الله وقطعت الرحم. ورويت إلي ابن عائشة قال: مر سليمان بن قتيبة العدوي ومولي بني تميم بکربلا بعد قتل الحسين عليه السلام بثلاث، فنظر إلي مصارعهم فاتکا علي فرس له عربية وأنشأ:



مررت علي أبيات آل محمد

فلم أرها أمثالها يوم حلت



الم تر أن الشمس أضحت مريضة

لفقد حسين والبلاد اقشعرت



وکانوا أرجاء ثم أضحوا رزية

لقد عظمت تلک الرزايا وجلت



وتسألنا قيس فنعطي فقيرها

وتقتلنا قيس اذا النعل زلت



وعدن غني قطرة من دمائنا

سنطلبهم يوم بها حيث حلت



فلا يبعد الله الديار وأهلها

وان أصبحت منهم برغم تخلت



فان قتيل الطف من آل هاشم

أذل رقاب المسلمين فذلت



وقد اعولت تبکي النساء لفقده

وانجمنا ناحت عليه وصلت



وقيل: الابيات لابي الرمح الخزاعي، حدث المرزباني قال: دخل ابوالرمح إلي فاطمة بنت الحسين بن علي عليهم السلام، فانشدها مرثية في الحسين عليه السلام وقال:



أجالت علي عيني سحائب عبرة

فلم تصح بعد الدمع حتي ارمعلت



تبکي علي آل النبي محمد

وما أکثرت في الدمع لابل اقلت



اولئک قوم لم يشيموا سيوفهم

وقد نکأت أعدائهم حين سلت



وان قتيل الطف من آل هاشم

أذل رقابا من قريش فذلت



فقالت فاطمة: يا ابا رمح أهکذا تقول؟ قال: فکيف جعلني الله فداک قالت: قل: أذل رقاب المسلمين فذلت.

فقال: لا انشدها بعد اليوم الا هکذا. قالت الرواة: کنا اذا ذکرنا عند محمد بن علي الباقر عليه السلام قتل الحسين عليه السلام. قال:قتلوا سبعة عشر انسانا کلهم ارتکض من بطن فاطمة بنت أسد ام علي عليه السلام والي هذا أشار شاعرهم يقول:



واندبي تسعة لصلب علي

قد اصيبوا وستة لعقيل



وابن عم النبي عونا أخاهم

ليس فيما ينوبهم بخذول



وسمي النبي غودر فيهم

قد علوه بصارم مسلول



ولما رجع صحب آل الرسول من السفر بعد طول الغيبة وعدم الظفر لفقد حملة الکتاب وحماة الاصحاب، وقد خلفوا للسبط مفترشا للتراب، بعيدا من الاحباب بقفرة بهماء وتنوقة شوهاء، لا سمير لمناجيها، ولا سفير لمفاجيها، وأعينهم باکية، ليتم البقية الزاکية، فاسفت الا أکون رايد أقدامهم ورافد خدي لموطئ اقدامهم، وقلت هذه الابيات بلسان قالي و لسان حالهم:



ولما وردنا ماء يثرب بعد ما

أسلنا علي السبط الشهيد المدامعا



ومدت لما تلقاه من ألم الجوي

رقاب المطايا واستکانت خواضعا



وجرع کأس الموت بالطف آنفا

کراما وکانت للرسول ودايعا



وبدل سعد الشم من آل هاشم

بنحس فکانوا کالبدور طوالعا



وقلنا علي الاطلال تندب أهلها

اسا وتبکي الخاليات البلاقعا



فلما وصل زين العابدين عليه السلام إلي المدينة نزل وضرب فسطاطه، وأنزل نسائه وأرسل بشير بن حذلم لاشعار أهل المدينة بايابه مع أهله وأصحابه فدخل وقال:



يا أهل يثرب لا مقام لکم بها

قتل الحسين فأدمعي مدرار



الجسم منه بکربلاء مضرج

والرأس منه علي القناة يدار



ثم قال: هذا علي بن الحسين عليه السلام قد نزل بساحتکم وحل بعقوتکم وأنا رسوله اعرفکم مکانه، فلم يبق في المدينة مخذرة ولا محجبة الا برزت وهن بين باکية ونايحة ولاطمة، فلم ير يوم أمر علي أهل المدينة منه، و خرج الناس إلي لقائه. وأخذوا المواضع والطرق، قال بشير: فعدت إلي باب الفسطاط واذا هوقد خرج وبيده خرقة يمسح بها دموعه، وخادم معه کرسي، فوضعه وجلس وهو مغلوب علي لوعته، فعزاه الناس، فأومي اليهم أن اسکتوا، فسکتت فورتهم فقال: الحمد لله رب العالمين، مالک يوم الدين، بارئ الخلائق أجمعين الذي بعد فارتفع في السماوات العلي، وقرب فشهد النجوي نحمده علي عظائم الامور، وفجائع الدهور، وجليل الرزء وعظيم المصائب أيها القوم: ان الله وله الحمد ابتلانا بمصيبة جليلة وثلمة في الاسلام

عظيمة، قتل ابوعبدالله وعترته، وسبي نسائه وصبيته، وداروا برأسه في البلدان من فوق عالي السنان. أيها الناس: فأي رجالات منکم يسرون بعد قتله، أم أية عين تحبس دمعها وتصن عن انهمالها، فلقد بکت السبع الشداد لقتله، وبکت البحار والسموات والارض والاشجار والحيتان والملائکة المقربون واهل السموات اجمعون. أيها الناس: أي قلب لا ينصدع لقتله أم أي فؤاد لا يحن اليه، ام أي سمع يسمع هذه الثلمة التي ثلمت في الاسلام. أيها الناس: أصبحنا مطرودين، مشردين، مذودين، شاسعين کأنا أولاد ترک أو کابل، من غير جرم اجترمناه، ولا مکروه ارتکبناه، ما سمعنا بهذا في آبائنا الاولين، ان هذا الا اختلاق، والله لو أن النبي تقدم اليهم في قتالنا کما تقدم اليهم في الوصاة بنا لما زادوا علي ما فعلوه، فانا لله وانا اليه راجعون. فقام اليه صوحان بن صعصعة ابن صوحان وکان زمينا فاعتذر اليه فقبل عذره، وشکر له، وترحم علي أبيه.

ثم دخل زين العابدين عليه السلام وجماعته دار الرسول، فراتها مقفرة الطول، خالية من سکانها، حالية باحزانها قد غشيها القدر النازل، وساورها الخطب الهايل، واطلت عليها عذبات المنايا، وظلتها حجا وقل الرزايا وهي موحشة العرصات لفقد السادات، للهام في معاهدها صياح، وللرياح في محو آثارها الحاح، ولسان حالها يندب ندب الفاقدة وتذري دمعا من عين ساهدة، وقد جالت عواصف النعامي والدبور في تلک المعالم والقصور، وقالت: يا قوم اسعدوني باسالة العوزب، علي المقتول المسلوبوعلي الازکياء من عترته، والاطائب من امرته، فقد کنت أنس بهم في الخلوات، واسمع تهجدهم في الصلوات، فذوي غصتي المثمر، واظلم ليلي المقمر، فما يخف جفتي من النيام ولا يقل قلقي لذلک الغرام وليتني حيث فاتتني المواساة عند النزال، وحرمت معالجة تلک الاهوال، کنت لاجسادهم الشريفة مواريا، وللجثث الطواهر من ثقل الجنادل واقيا، لقد درست باندراسهم سنن الاسلام، وجفت لفقدهم مناهل الانعام وامنحت آثار التلاوة والدروس، وواقظ الاعين النواعس، وقد کان سکانها سماري، في ليلي ونهاري، وشموسي وأقماري، ابية علي الايام بجوارهم وانمتع بوطئ أقدامهم وآثارهم، واشرف علي البشر يسيرهم، وانشق ريا العبير من نشرهم، فکيف يقل حزني وجزعي، ومخمد حرقي وهلعي.

قال جعفر بن محمد بن نما مصنف هذا الکتاب: وقد رثيتها بأبياتي هذه للدار وجعلتها خاتمة ما قلته من الاشعار:



وقفت علي دار النبي محمد

فالفيتها قد اقفرت عرصاتها



وأمت خلاء من تلاوة فاري

وعطل منها صومها وصلاتها



وکانت ملاذا المعلوم وجنة

من الخطب يغشي المعتقين صلاتها



فاقوت من السادات من آل هاشم

ولم يجتمع بعد الحسين شتاتها



فيعني لقتل السبط عبري ولوعتي

علي فقد مما تنقضي زفراتها



فيا کبدي کم تصرين علي الاذي

اما آن أن يغني اذن حسراتها



فلذا ايها المفتون بهذا المصاب، ملاذ الحماة من سفرة الکتاب بلزوم الاحزان علي ائمة الايمان، فقد رويت عن والدي رحمة الله عليه أن زين العابدين عليه السلام کان مع حلمه الذي لا يبلغه الخل المواسي، شديد الجزع والشکوي لهذه المصيبة والبلوي، بکي اربعين سنة بدمع مسفوح وقلب مقروح، يقطع نهاره بصيامه وليله بقيامه، فاذا احضر الطعام لافطاره ذکر قتلاه وقال: واکرباه، ويکرر ذلک ويقول: قتل ابن رسول الله جائعا وعطشانا، حتي لم يبل ثيابه. قال ابوحمزة الثمالي: سئل عليه السلام عن کثرة بکائه؟ فقال: ان يعقوب فقد سبطا من اولاده، فبکي عليه حتي ابيضت عيناه، وابنه حي في الدنيا ولم يعلم انه مات وقد نظرت إلي ابي وسبعة عشر من اهل بيتي قتلوا في ساعة واحدة، فترون حزنهم يذهب من قلبي؟ وقد ختمت کتابي هذا بأبيات ابن زيدون المغربي فهي تنفذ في کبد المحزون نفوذ السمهري.



بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا

شوقا اليکم ولا جفت اماقينا



تکاد حين تناجيکم ضمائرنا

يقضي الاسي لولا تاسينا



حالت لبعدکم ايامنا فغدت

سودا وکانت بيضا ليالينا



ليسق عهدکم عهد السرور فما

کنتم لارواحنا الارياحينا



من مبلغ للملبسينا بانتزاحم

ثوبا من الحزن لا يبلي ويبلينا



ان الزمان الذي قد کان يضحکنا

انسا بقربکم قد عاد يبکينا



غيظ العدي من تساقين الهوي فدعوا

بان نغص فقال الدهر آمينا



فانحل ما کان معقودا بانفسنا

وانبت ما کان موصولا بايدينا



ولانکون ولا يخشي تفرقنا

واليوم نحن ولا يرجي تلاقينا



لا تحسبوا انابکم عنا يغيرنا

ان طال ما غير الناي المحبينا



والله ما طلبت اهوائنا بدلا

منکم ولا انصرفت عنکم أمانينا



لم نعتقد بعدکم الا الوفاء لکم

رأيا ولم نتقلد غيره دينا



يا روضة طال ما اجنت لو احظنا

ورد اجلاه الصبي غضا ونسرينا



ويا نسيم الصبا بلغ تحيتنا

من لو علي البعد حيا کان يحيينا



لسنا نسميک اجلالا وتکرمة

وقدرک المعتلي في ذاک يکفينا



اذا انفردت وما شورکت في صفة

فحسبنا الوصف ايضاحا وتبيينا



لم نجف افق کمال انت کوکبه

سالين ولم عنه نهجره قالينا



عليک منا سلام الله ما بقيت

صبابة بک نخفيها فتخفينا



والي هاهنا انتهت مقاصدنا، وعلي الله جل جلاله في المکافات معتمدنا واليه ملاذنا ومرادنا، ونسئله أن لا يخلي قاربيه ومستمعيه من لطفة أو يقربنا واياهم من عفوه وعطفه، ويجعل حزننا عليهم وجزعنا لهم دائما لا يتغير، وعرقا لا يتنکر حتي نلقي محمدا (ص) وقد واسيناه في اهل بيته بالمصاب والبعد عن ظالميهم والاعتراب وان کان فينا من استهوته الغفلة واستغوته الاسائة عن لبس شعار الاحزان واصالة الدمع الهتان حتي فارق هذا المقام، ويداه صفر من عطائک، فاليه من رجائک، فاسهم اللهم له من ثواب الباکين ما يوصله إلي درجة الخاشعين واحشرنا مع النبيين والمرسلين والصديقين وفي زمرة الشهداء والصالحين وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.