بازگشت

دور زينب الكبري في استمرار الرسالة


لقد اطلع القاري ء الكريم علي مواقف بطولية لزينب الكبري في مواطن عديدة، و لم تترك زينب الكبري هذه الرسالة الي آخر حياتها، و من تلك المواطن هي المدينة المنورة، فقد أخذت بدورها العظيم تجاه هذه المأساة بحيث انها كانت تحرض الناس علي أخذ ثأر الحسين عليه السلام، و خطبت بالناس في ذلك، و أثرت، بحيث لم تتمكن السلطة أن تتحمل وجودها بالمدينة، و قامت بنفيها عنها.

روي صاحب «أخبار الزينبات» باسناده عن مصعب بن عبدالله، قال: «كانت زينب بنت علي و هي بالمدينة تؤلب الناس علي القيام بأخذ ثأر الحسين، فلما قام عبدالله بن الزبير بمكة و حمل الناس علي الأخذ بثأر الحسين و خلع يزيد، بلغ ذلك أهل المدينة، فخطبت فيهم زينب، و صارت تؤلبهم علي القيام للأخذ بالثأر،


فبلغ ذلك عمروبن سعيد، فكتب الي يزيد يعلمه بالخبر، فكتب اليه أن فرق بينهما و بينهم، فأمر أن ينادي عليها بالخروج من المدينة و الاقامة حيث تشاء، فقالت: قد علم الله ما صار الينا، قتل خيرنا، و انسقنا كما تساق الأنعام، و حملنا علي الأقتاب، فوالله لا خرجنا و ان اهريقت دماؤنا.

فقالت لها زينب بنت عقيل: يا بنة عماه، قد صدقنا الله وعده، و أورثنا الأرض نتبوأ منها حيث نشاء، فطيبي نفسا، و قري عينا، و سيجزي الله الظالمين، أتريدين بعد هذا هوانا، ارحلي الي بلد آمن.

ثم اجتمع عليها نساء بني هاشم، و تلطفن معها في الكلام، و واسينها». [1] .

بل المستفاد من بعض النصوص أن يزيد لعنه الله هو الذي أشار بنقلها عن المدينة، فقد روي عن عبيدالله بن أبي رافع أنه قال: «سمعت محمدا أباالقاسم بن علي يقول: لما قدمت زينب بنت علي من الشام الي المدينة مع النساء و الصبيان ثارت فتنة بينها و بين عمرو بن سعيد الأشدق و الي المدينة من قبل يزيد، فكتب الي يزيد يشير عليه بنقلها من المدينة، فكتب له بذلك، فجهزها هي و من أراد السفر معها من نساء بني هاشم الي مصر، فقدمتها لأيام بقيت من رجب». [2] .

و هذا يدل علي مدي تأثير زينب الكبري سلام الله عليها في المجتمع، بحيث أحست الزمرة الفاسدة الحاكمة بالخطر، و قامت بنفيها عن المدينة.

و أما ذهابها الي مصر أو الشام و التحقيق في موضع دفنها فخارج عن عهدة هذا الكتاب، و لكن المهم التركيز علي أنها أدت واجبها بنجاح بابلاغ الرسالة الحسينية، و تحملت أنواع المشاق و الآلام في هذا السبيل.


روي باسناده عن محمد بن عبدالله عن جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن الحسن بن الحسن أنه قال: «لما خرجت عمتي زينب من المدينة خرج معها من نساء بني هاشم فاطمة ابنة عم الحسين و اختها سكينة». [3] .

و قال: و بالسند المرفوع الي رقية بنت عقبة بن نافع الفهري قالت: كنت فيمن استقبل زينب بنت علي لما قدمت مصر بعد المصيبة، فتقدم اليها مسلمة بن مخلد، و عبدالله بن الحارث و أبوعميرة المزني، فعزاها مسلمة و بكي و بكت و بكي الحاضرون، و قالت: هذا ما وعد الرحمن و صدق المرسلون..

و هكذا كانت حركة المسيرة المظفرة، و هذا هو تاريخ الركب الحسيني الطاهر. و لنختم الكتاب بما أورده الباعوني بقوله:

«و لم تقم لبني حرب بعدهم قائمة حتي سلبهم الله ملكهم و قطع دابرهم و أورثهم اللعنة و الخزي و العار الي آخر الأبد، و كتب عبدالملك بن مروان الي الحجاج بن يوسف: جنبني دماء أهل البيت، فأني رأيت بني حرب سلبوا ملكهم لما قتلوا الحسين». [4] .

1: ذو العقدة: 1419 ه

محمد أمين الأميني


پاورقي

[1] أخبار الزينبات: 115.

[2] أخبار الزينبات: 117.

[3] المصدر: 118.

[4] جواهر المطالب 278:2.