بازگشت

دور الامام زين العابدين في استمرار الرسالة


ان الامام عليه السلام قد أدي في دوره بأحسن ما يمكن بالنسبة الي استمرار الرسالة الحسينية و تثبيت دعائمها و ثمرتها و تربية النفوس عليها، و ذلك بعدة أمور:

1- تثبيت أمر الامامة: ان السلطة الغاشمة و الزمرة الحاكمة أرادت و أحبت أن تري انخماد كل شي ء بعد مقتل أبي عبدالله الحسين عليه السلام، و لكن الامام عليه السلام بدوره أثبت أن الامامة أمر خارج عن نطاق ارادة البشر، و أنها أمر الهي يلازمها لطف رباني و عناية ربانية مخصوصة، و بذلك يحمل ما جري بينه عليه السلام و بين عمه محمد ابن الحنفية [1] ، و مما يؤيد ذلك ما ذكرناه في رواية أبي خالد الكابلي آنفا.

2- تربية الناس: ان الامام عليه السلام بما أنه يمتلك قوة و موهبة الهية، فقد قام بتربية الناس، و ذلك عبر كلماته و مواعظه التي ربما كانت تلقي في يوم الجمعة و في مسجد رسول الله عليه السلام، و معلوم أن حضور الناس في يوم الجمعة يختلف عما سواه.

روي ورام بن أبي فراس عن سعيد بن المسيب أنه قال: «كان علي بن الحسين يعظ الناس و يزهدهم في الدنيا و يرغبهم في الآخرة بهذا الكلام في كل جمعة في مسجد الرسول». [2] .

3- بث المعارف الالهية: لما كان الامام عليه السلام يعيش في ظروف سياسية شاقة جدا، فمن الطبيعي أنه ما كان يسعه أن يحضر الساحة بالنحو المطلوب، و لذلك نري أنه عليه السلام قدم ثروة علمية عظيمة في قالب الدعاء، و هو يعالج أمورا عيديدة في جوانب مختلفة كالمجال التربوي و العرفاني و الاجتماعي و السياسي..
الامام و مسألة أخذ الثأر من قتلة الامام عليه السلام: ان المتتبع في التاريخ ربما يحصل علي قرائن و شواهد عديدة علي قيام الامام عليه السلام مسألة أخذ ثأر قتلة الامام الحسين عليه السلام، و تفصيل ذلك خارج عن عهدة هذا المقال [3] ، بل اننا نجد أنه كان يهتم في هذه المسألة في دعائه المستمر ليلا و نهارا.

قال القاضي نعمان: «و كان علي بن الحسين عليه السلام يدعو في كل يوم و ليلة أن يريه الله قاتل أبيه مقتولا، فلما قتل المختار قتلة الحسين عليه السلام بعث برأس عبيدالله بن زياد و رأس عمر بن سعد مع رسول من قبله الي علي بن الحسين عليهماالسلام، و قال لرسوله أنه يصلي من الليل، فاذا أصبح و صلي الغداة هجع ثم يقوم [فيستاك] فيؤتي بغذائه، فاذا أتيت بابه فاسأل عنه، فاذا قيل لك: ان المائدة وضعت بين يديه فاستأذن عليه وضع الرأسين علي [مائدته] و قل له: «المختار يقرأ عليك السلام، و يقول لك: يابن رسول الله، قد بلغك الله ثارك»، ففعل الرسول ذلك. فلما رأي علي بن الحسين رأسين علي [مائدته] خر لله ساجدا، و قال: الحمدلله الذي أجاب دعائي و بلغني ثأري من قتلة أبي، و دعا للمختار و جزاه خيرا». [4] .

و مما يدل علي مدي تأثير الامام عليه السلام هو ملاحظة ردود فعل السلطة، نذكر بعضها:

1- ايذاؤهم له و شتمه علي المنبر: ذكر سبط ابن الجوزي عن ابن سعد أن والي المدينة هشام بن اسماعيل المخزومي كان يؤذي علي بن الحسين و يشتم عليا علي المنبر و ينال منه. [5] .


و قال القاضي نعمان: «و ولي هشام بن اسماعيل المخزومي المدينة، فنال علي بن الحسين عليه السلام من الأذي و المكروه عظيما». [6] .

و هكذا كان دأب سائر الولاة، و ان كانت تختلف أحيانا شدة و ضعفا.

2- قصد قتل الامام أو سمه: روي الطبري - الامامي - باسناده عن ابراهيم بن سعد قال: «لما كانت واقعة الحرة و أغاز الجيش علي المدينة و أباحها ثلاثة وجه بردعة الحمار صاحب يزيد بن معاوية (لعنه الله) في طلب علي بن الحسين عليهماالسلام ليقتله أو يسمه..». [7] .


پاورقي

[1] انظر الاحتجاج 147:2 و 151.

[2] تنبيه الخواطر: 366.

[3] انظر ذوب النضار: 98 - 97 و 144.

[4] شرح الأخبار 270:3.

[5] تذکرة الخواص: 328.

[6] شرح الأخبار 260:3، ح 1162.

[7] دلائل الامامة: 198، ح 112.