بازگشت

خطبة الامام زين العابدين


روي السيد ابن طاووس عن بشير: «و كان علي بن الحسين عليهماالسلام داخلا، فخرج و معه خرقة يمسح بها دموعه، و خلفه خادم معه كرسي، فوضعه له، و جلس عليه، و هو لا يتمالك من العبرة، فارتفعت أصوات الناس بالبكاء و حنين الجواري و النساء، و الناس من كل ناحية يعزونه، فضجت تلك البقعة ضجة شديدة فأومأ بيده أن اسكتوا، فسكنت فورتهم، فقال عليه السلام: [1] .


الحمدلله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، باري ء الخلائق أجمعين، الذي بعد فارتفع في السماوات العلي، و قرب فشهد النجوي، نحمده علي عظائم الامور، و فجائع الدهور، و ألم الفواجع، و مضاضة اللواذع، و جليل الرزء، و عظيم المصائب الفاظعة الكاظة الفادحة الجائحة.

أيها القوم، ان الله تعالي و له الحمد ابتلانا بمصائب جليلة، و ثلمة في الاسلام عظيمة، قتل أبوعبدالله عليه السلام و عترته، و سبي نساؤه و صبيته، و داروا برأسه في البلدان من فوق عامل السنان، و هذه الزرية التي لا مثلها رزية.

أيها الناس، فأي رجالات يسرون بعد قتله؟! أم أية عين منكم تحبس دمعها و تضن عن انهمالها؟!

فلقد بكت السبع الشداد لقتله، و بكت البحار بأمواجها، و السماوات بأركانها، و الأرض بأرجائها، و الأشجار بأغصانها، و الحيتان في لجج البحار، و الملائكة المقربون، و أهل السماوات أجمعون.

أيها الناس، أي قلب لا ينصدع لقتله؟! أم أي فؤاد لا يحن اليه؟! أم أي سمع يسمع هذه الثلمة التي ثلمت في الاسلام و لا يصم؟!

أيها الناس، أصبحنا مطرودين مشردين مذمومين شاسعين عن الأمصار، كأننا أولاد ترك أو كابل، من غير جرم اجترمناه، و لا مكروه ارتكبناه، و لا ثلمة في الاسلام ثلمناها، ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين، ان هذا الا اختلاق.

والله، لو أن النبي صلي الله عليه و آله تقدم اليهم في قتالنا كما تقدم اليهم في الوصاية


بنا لما زادوا علي ما فعلوا بنا، فانا لله و انا اليه راجعون، من مصيبة ما أعظمها و أوجعها و أفجعها و أكظها و أفظعها و أمرها و أفدحها، فعند الله نحتسب فيما أصابنا و أبلغ بنا، أنه عزيز ذو انتقام». [2] .

ثم قام - عليه السلام - و مشي الي المدينة ليدخلها... [3] .


پاورقي

[1] قال ابن‏نما قال بشير: فعدت الي باب الفسطاط و اذا هو قد خرج و بيده خرقة يمسح بها دموعه و خادم مع کرسي، فوضعه و جلس و هو مغلوب علي لوعته، فعزاه الناس، فأومي اليهم أن اسکتوا، فسکنت فورتهم، فقال.. (مثير الأحزان: 113).

[2] الملهوف: 228؛ مثير الأحزان: 113؛ ينابيع المودة 93:3 بتفاوت يسير.

[3] ينابيع المودة 93:3.