بازگشت

عودة بقية الركب الحسيني الي المدينة المنورة


انهم علي مقربة من المدينة، مدينة جدهم، و مهاجر أبيهم، و مأوي أمهم، مسقط رأسهم، و موطن أحبتهم، ما أصعب الدخول اليها و هم علي هذه الحالة..

لقد خرجوا مع الحسين عليه السلام و اليوم رجعوا بلا حسين الا من رأيته الحمراء. و من الطبيعي أن تأخذ المسيرة منحي عاطفيا أكثر من أي شي ء، فلقد عاش أهل المدينة مع الحسين و تعودوا عليه، و رأوا في وجوده وجود جده بعلمه وهيبته و خلقه و شجاعته و غيرته و بكل مكارم الأخلاق، و اليوم يسمعون بوصول أهل بيته قرب موطنه، أهل بيت خرجوا معه و رجعوا وحدهم، و لكنهم يحملون رسالته.

و من هذا المنطق نري أن المسيرة لم تكتف بالتزام الظاهر العاطفي فحسب، بل أنها عنيت بالجانب المبدئي و المنهجي أكثر، و استمرت علي ذلك في أشكال مختلفة، سواء كان ذلك علي شكل اقامة العزاء و المأتم، أو استمرار البكاء، أو القاء الخطب أو بث الأدعية العالية المضامين أو غير ذلك. و الغاية من كل ذلك هو تنوير الأفكار و ايقاظ المجتمع من السبات العميق الذي استولي علي جميع أفراده، ما خلا من تمسك بالقرآن و العترة.

نعم، انها لحظات صبعة..

يقول الشيخ ابن نما الحلي - واصفا تلك الحال -: و لما رجع صحب آل الرسول من السفر بعد طول الغيبة.. و قد خلفوا السبط مفترشا للتراب بعيدا من الأحباب، بقفرة بهماء، و تنوفة شوهاء لا سمير لمناجيها، و لا سفير لمفاجيها، و أعينهم باكية ليتم البقية الزاكية، فأسفت ألا أكون رائد أقدامهم و رافد حذي


لموطي ء أقدامهم، و قلت هذه الأبيات بلسان قالي و لسان حالهم:



و لما وردنا ماء يثرب بعدما

أسلنا علي السبط الشهيد المدامعا



و مدت ما نلقاه من ألم الجوي

رقاب المطايا و استكانت خواضعا



و جرع كأس الموت بالطف أنفسا

كراما و كانت للرسول ودايعا



و بدل سعد الشم من آل هاشم

بنحس فكانوا كالبدور طوالعا



و قفنا علي الأطلال نندب أهلها

أسي و تبكي الخاليات البلاقعا [1] .




پاورقي

[1] مثير الأحزان: 112.