بازگشت

خطبة عمرو بن سعيد


أورد ابن سعد - بعد ما ذكر وصول الرأس الشريف الي المدينة -:

«ثم خرج عمرو بن سعيد الي المنبر، خخطب الناس، ثم ذكر حسينا و ما كان من أمره، و قال: والله لوددت أن رأسه في جسده، و روحه في بدنه، يسبنا و نمدحه، و يقطعنا و نصله، كعادتنا و عادته.

فقام ابن أبي حبيش أحد بني أسد بن عبدالعزي بن قصي، فقال أما لو كانت فاطمة حية لأحزنها ما تري.

فقال عمرو: اسكت لا سكت، أتنازعني فاطمة و أنا من عفر ظبايها، والله أنه لا بننا، و أن امه لا بنتنا، أجل والله لو كانت حية لأحزنها قتله ثم لم تلم من قتله! يدفع عن نفسه!

فقال ابن أبي حبيش: أنه ابن فاطمة، و فاطمة بنت خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبدالعزي». [1] .

لقد ذكرنا فيما سبق حقد ابن سعيد و بغضه لآل بيت رسول الله، بل ما يثبت بذلك كفره، و ان المتأمل في هذه الخطبة و العارف بأجوائها لا يستغرب منها، اذ يعلم أنها ألقيت في ظل أجواء مضطربة بعد وصول الخبر المدينة، و وصول الرأس الشريف اليها، و لذلك تري هذا الحاقد يظهر التراجع في كلامه و يظهر


نفسه في موقف المدافع و المتأثر، و لكنه مع ذلك تراه لا يستطيع التستر علي خبث سريرته حتي في هذه الكلمات التي يتفوه بها في هذه الظروف الخاصة.

قال البلاذري: «و قام ابن أبي حبيش و عمرو يخطب فقال: رحم الله فاطمة، فمضي في خطبته شيئا، ثم قال: وا عجبا لهذا الألثغ، و ما أنت و فاطمة؟ قال: أمها خديجة -يزيد أنها من بني أسد بن عبدالعزي - قال: نعم والله، و ابنة محمد أخذتها يمينا و أخذتها شمالا، وددت أن أميرالمؤمنين كان نحاه عين (عني ظ) و لم يرسل به الي، وددت والله أن رأس الحسين كان علي عنقه و روحه كانت في جسده». [2] .

و قال الخوارزمي: «قالوا: ثم صعد عمرو بن سعيد - أمير المدينة - المنبر، و خطب و قال في خطبته:

انها لدمة بلدمة، و صدمة بصدمة، و موعظة بعد موعظة (حكمة بالغة فما تغني النذر) [3] ، والله لوددت أن رأسه في بدنه و روحه في جسده أحيان كان يسبنا و نمدحه و يقطعنا و نصله كعادتنا و عادته، و لم يكن من أمره ما كان، و لكن كيف نصنع بمن سل سيفه يريد قتلنا؟! الا أن ندفع عن أنفسنا.

فقام اليه عبدالله بن السائب فقال: أما لو كانت فاطمة حية فرأت رأس الحسين لبكت عليه، فجبهه عمرو بن سعيد و قال: نحن أحق بفاطمة منك! أبوها عمنا! و زوجها أخونا! و ابنها ابننا! أما لو كانت فاطمة حية لبكت عينها، و حزن كبدها، و لكن ما لامت من قتله، و دفع عن نفسه». [4] .


ان سخافة ما استدل به هذا اللعين هو مما يضحك الثكلي، أمن الدفاع أن يحاصر آلاف الفسقة الفجرة عدة قليلة و فيهم آخر سبط بقي من آخر رسول لرب العالمين، و عترته و ذريته و النساء و الأطفال، و عدة من خيار الأصحاب الذين كانوا رهبان الليل و أسد النهار، ثم يقتلون عطاشي و تحتز رؤوسهم الطاهرة و تسبي نساؤهم و تحمل من مدينة الي مدينة و نقطة الي نقطة.. و هل هذا الا الانتقام من رسول الله صلي الله عليه و آله كما اعترف بذلك الطاغي ابن الباغي يزيد بن معاوية و سائر أذنابه بما فيهم عمرو بن سعيد و مروان بن الحكم و غيرهم.

و أما فاطمة و أبوها و زوجها، و سائر الأنبياء من قبل الرسول صلي الله عليه و آله فلقد بكوا علي مصاب الحسين عليه السلام، و لعنوا من أمر وارتكب و رضي بقل الحسين عليه السلام.


پاورقي

[1] الطبقات: 85 ترجمة الامام الحسين من القسم غير المطبوع منه.

[2] أنساب الأشراف 418:3.

[3] القمر: 5.

[4] مقتل الخوارزمي 76:2.