بازگشت

موقف أم سلمة


ان لام المؤمنين أم سلمة - سلام الله عليها - مواقف صريحة و جريئة تجاه هذه الجريمة النكراء التي جرت في حق ثمرة فؤاد الرسول و مهجة قلب بنته البتول و أهل بيته، و لقد ذكرنا شيئا منها في أول هذا الفصل.

و أما بالنسبة الي بعد وصول خبر نعي أبي عبدالله الحسين سلام الله عليه فنجد منها مواقف بطولية و كلمات صريحة و واضحة تجاه المأساة، نذكر بعض ما ظفرنا به:

قال ابن الجوزي: «و ذكر ابن أبي الدنيا أنه لما بلغ أم سلمة قتل الحسين قالت: فعلوا؟! ملأ الله قبورهم و بيوتهم نارا، ثم وقعت مغشيا عليها». [1] .

روي ابن سعد باسناده عن عامر بن عبد الواحد، عن شهر بن حوشب قال: «أنا لعند أم سلمة زوج النبي صلي الله عليه و آله و سلم قال: فسمعنا صارخة، فأقبلت حتي انتهت الي أم


سلمة، فقالت: قتل الحسين، قالت: قد فعلوها، ملأ الله بيوتهم - أو قبورهم - عليهم نارا، و وقعت مغشيا عليها. قال: و قمنا». [2] .

و روي أيضا باسناده عن عبدالحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب قال: «سمعت أم سلمة حين أتاها قتل الحسين لعنت أهل العراق و قالت: قتلوه، قتلهم الله، غروه و ذلوه، لعنهم الله». [3] .

و روي الحاكم الحسكاني باسناده عن عبدالحميد بن بهرام قال: «حدثنا شهر بن حوشب قال: سمعت أم سلمة حين جاء نعي الحسين بن علي لعنت أهل العراق، فقالت: قتلوه قتلهم الله، غروه و ذلوه لعنهم الله، و اني رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم جاءته فاطمة غدية ببرمة لها قد صنعت له فيها عصيدة تحملها في طبق لها حتي وضعتها بين يديه، فقال لها: أين ابن عمك؟ قالت: هو في البيت، قال: اذهبي فادعي به وائتبني بابنيه، فجاءت تقود ابنيها كل واحد منهما بيد، و علي يمشي في أثرهم [في أثرها «خ»]، حتي دخلوا علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فأجلسهما في حجره، و جلس علي علي يمينه و فاطمة علي يساره، فاجتذب من تحتي كساء خيبريا كان بساطا لنا علي المنامة بالمدينة، فلفه رسول الله عليهم جميعا، فأخذ بشماله بطرفي الكساء و ألوي بيده اليمني الي ربه و قال: اللهم ان هؤلاء أهلي


أذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا - ثلاث مرات - قلت: رسول الله، ألست من أهلك؟ قال: بلي، فأدخلني في الكساء. فدخلت في الكساء بعد ما قضي دعاؤه لابن عمه و ابنيه و ابنته فاطمة عليهم السلام». [4] .

ان أم سلمة - مع أنها كانت تعيش في ظروف صعبة جدا - و ضحت أن القوم أجرموا بحق آخر من بقي من أصحاب الكساء و هو الطاهر ابن الطاهر الحسين بن علي عليهماالسلام.

و لم تكتف هذه المرأة الجليلة بهذا الحد من ابراز الموقف، بل أعلنت الحداد و لبست السواد علنا و في الملأ العام من الناس، و في مسجد رسول الله صلي الله عليه و آله.

روي القاضي نعمان عن أبي نعيم باسناده عن أم سلمة:

«أنها لما بلغها مقتل الحسين صلي الله عليه و آله ضربت قبة في مسجد رسول الله صلي الله عليه و آله، جلست فيها و لبست سوادا». [5] .


پاورقي

[1] الرد علي المتعصب العنيد: 51.

[2] الطبقات، ترجمة الامام الحسين عليه‏السلام من القسم غير المطبوع: 87، ح 301. و رواه: تاريخ دمشق (ترجمة الامام الحسين عليه‏السلام: 390، ح 330؛ تذکرة الخواص: 267؛ سير أعلام النبلاء 318:3؛ تهذيب الکمال 439:6؛ البداية و النهاية 202:8، و غيرهم.

[3] الطبقات، ترجمة الامام الحسين عليه‏السلام من القسم غير المطبوع: 89، ح 314. و رواه: مسند أحمد 298:6؛ المعجم الکبير 114:3، ح 2818؛ مثير الأحزان: 95؛ شواهد التنزيل 111:2 ح 743؛ تذکرة الخواص: 267؛ الطرائف: 126، ح 194 - عنه بحارالأنوار 198:45؛ مجمع الزوائد 194:9، و قال: و رجاله موثقون؛ بحارالأنوار 124:45 و غيرهم بتفاوت يسير.

[4] شواهد التنزيل 110:2، ح 741. و رواه أيضا: کشف الغمة 58:2.

لا يقال: أنها من أهل البيت عليهم‏السلام و انها دخلت الکساء - حسب هذه الرواية -.

لأننا نقول: انها دخلته - کما قالت - بعد ما قضي النبي صلي الله عليه و آله دعاءه لابن عمه و ابنيه و ابنته فاطمة عليهم‏السلام، أي أنها لم تکن مشمولة بقوله صلي الله عليه و آله: اللهم ان هؤلاء أهلي أذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا.

[5] شرح الأخبار 171:3، ح 1119.