بازگشت

ما سمعه أهل المدينة


روي الشيخ الجليل ابن قولويه باسناده عن عمروبن عكرمة قال: أصبحنا ليلة قتل الحسين عليه السلام بالمدينة، فاذا مولي لنا يقول: سمعنا البارحة مناديا ينادي و يقول:



أيها القاتلون جهلا حسينا

أبشروا بالعذاب و التنكيل






كل أهل السماء يدعو عليكم

من نبي و مرسل و قبيل



قد لعنتم علس لسان ابن داود

و ذي الروح حامل الانجيل [1] .



و قال الشيخ مطهر بن طاهر المقدسي: و سمع أهل المدينة ليلة قتل الحسين في نهارها هاتفا يهتف:



مسح الرسول جبينه

فله بريق في الخدود



أبواه من عليا قريش

وجده خير الجدود [2] .



و قال الشيخ الثقة ابن نما الحلي: و مما انفرد به النطنزي في كتاب الخصائص عن أبي ربيعة عن أبي قبيل: قيل: سمع في الهواء بالمدينة قائل يقول:




يا من يقول بفضل آل محمد

بلغ رسالتنا بغير تواني



قتلت شرار بني أمية سيدا

خير البرية ماجدا ذاشان



ابن المفضل في السماء و أرضها

سبط النبي و هادم الأوثان



بكت المشارق و المغارب بعد ما

بكت الأنام له بكل لسان [3] .



و قال ابن نما:

«و ناحت عليه - أي علي الحسين عليه السلام - الجن، و كان نفر من أصحاب النبي صلي الله عليه و آله منهم المسور بن مخزمة و رجال يستمعون النوح و يبكون». [4] .

و روي الشيخ ابن قولويه باسناده عن الحلبي قال: قال لي أبوعبدالله عليه السلام:

«لما قتل الحسين عليه السلام سمع أهلنا قائلا يقول بالمدينة: اليوم نزل البلاء علي هذه الأمة، فلا يرون فرحا حتي يقوم قائمكم فيشفي صدوركم و يقتل عدوكم، و ينال بالوتر أوتارا، ففزعوا منه و قالوا: ان لهذا القول لحادثا، قد حدث ما لا نعرفه. فأتاهم خبر الحسين عليه السلام بعد ذلك، فحسبوا ذلك فاذا هي تلك الليلة التي تكلم فيها المتكلم». [5] .

و روي الشيخ المفيد باسناده عن محفوظ بن المنذر قال: «حدثني شيخ من بني تميم كان يسكن الرابية قال: سمعت أبي يقول: ما شعرنا بقتل الحسين عليه السلام حتي كان مساء ليلة عاشوراء فاني لجالس بالرابية و معي رجل من الحي فسمعنا هاتفا يقول:




والله ما جئتكم حتي بصرت به

بالطف منعفر الخدين منحورا



و حوله فتية تدمي نحورهم

مثل المصابيح يعلون الدجي نورا



و قد حثثت قلوصي كي أصادفهم

من قبل أن يلاقوا الخرد الحورا



فعاقني قدر والله بالغه

و كان أمرا قضاه الله مقدورا



كان الحسين سراجا يستضاء به

الله يعلم أني لم أقل زورا



صلي الا له علي جسم تضمنه

قبر الحسين حليف الخبر مقبورا



مجاورا لرسول الله في غرف

و للوصي و للطيار مسرورا



فقلنا له: من أنت يرحمك الله؟ قال: أنا و أبي من جن نصيبين، أردنا مؤازرة الحسين عليه السلام و مواساته بأنفسنا، فانصرفنا من الحج، فأصبناه قتيلا». [6] .

الا أن سبط ابن الجوزي ذكره بنحو آخر قال: «و ذكر المدايني عن رجل من أهل المدينة قال: خرجت أريد اللحاق بالحسين عليه السلام - لما توجه الي العراق - فلما وصلت الربذه اذا برجل جالس، فقال لي: يا عبدالله، لعلك تريد أن تمد الحسين؟ قلت: نعم، قال: و أنا كذلك، و لكن اقعد فقد بعث صاحبا لي والساعة يقدم بالخبر، قال: فما مضت الا ساعة و صاحبه قد أقبل و هو يبكي، فقال له الرجل: ما الخبر؟ فقال:



والله ما جئتكم حتي بصرت به

في الأرض منعفر الخدين منحورا



و حوله فتية تدمي نحورهم

مثل المصابيح يغشون الدجي نورا



و قد حثثت قلوصي كي أصادفهم

من قبل ما ينكحون الخرد الحورا






يا لهف نفسي لو أني لحقتهم

اذا لقرت اذا حلوا أساريرا



فقال له الرجل الجالس:



اذهب فلا زال قبرا أنت ساكنه

حتي القيامة يسقي الغيث ممطورا



في فتية بذلوا لله أنفسهم

قد فارقوا المال و الأهلين و الدورا». [7] .



و المستفاد منه و من بعض النصوص أنه سيطرت حالة من الندامة علي بعض أوساط المجتمع من بعد خروج أبي عبدالله الحسين عليه السلام الي العراق، و لعله أصابهم الخجل في عدم نصرتهم ابن بنت نبيهم، و أحسوا لذلك في نفسهم الذل.

و لقد روي الزرندي الخبر بتفصيل أكثر، قال: «و نقل أبوالشيخ في كتابه بسنده الي محمد بن عباد بن صهيب عن أبيه، قال: قدم رجل المدينة يطلب الحديث و العلم بها، فجلس في حلقة، فمر بهم رجل، فسلم عليهم، فقال له ذلك الرجل: نحب أن تخبرنا بما جئت له، تريد نصرة الحسين بن علي؟ قال: نعم، خرجت أريد نصرة الحسين، فلما صرت بالربذة اذا برجل جالس، فقال لي: يا أباعبدالله، أين تريد؟ قلت: أريد نصرة الحسين، قال: و أنا أريد ذلك أيضا، و لنا رسول هناك يأتينا بالخبر الساعة، قال: فتعجبت من قوله: يأتينا بالخبر الساعة، فلم يلبث و هو يحدثني اذ أقبل و قال له الذي كان معي: ما وراءك؟ فأنشأ يقول:



والله ما جئتكم حتي بصرت به

لحب العجاجة لحب السيف منحورا



و حوله فتية تدمي نحورهم

مثل المصابيح يغشون الدجي نورا



و قد حثثت قلوصي كي أصادقهم

من قبل ما أن يلاقوا الخرد الحورا



يا لهف نفسي لو أني قد لحقت بهم

أني تحليت اذ حلت أساويرا




فأجابه الذي كنت معه و استعبر و قال:



في فتية وهبوا لله أنفسهم

قد فارقوا المال و الأهلين الدورا



فلا زال قبرا أنت تسكنه

حتي القيامة يسقي الغيث ممطورا



ثم التفت فلم أرهما، فعلمت أنهما من الجن، فرجعت الي المدينة و اذا الخبر قد لحقنا أن الحسين قد قتل، و أن رأسه حمله سنان بن أنس النخعي الي يزيد». [8] .

و لا يخفي أن سماع الهاتف لم ينحصر بالمدينة وضواحيها، بل حصل في أمكنة شتي و بقاع عديدة منها:

مكة وضواحيها: روي القاضي نعمان عن عبدالله بن زواق، قال: «سمعت رجلا من الأنصار يحدث معمرا، قال: لما كان اليوم الذي قتل فيه الحسين بن علي عليه السلام مر رجل في بعض الليل في مني، فسمع صوتا علي كبكب [9] كأنه صوت امرأة تنوح: «ابك ابكي حسينا أيما»، فأجابتها أخري من ثبير [10] تقول: «ابك ابكي ابن الرسول ايما». قال الرجل: فكتبت تلك الليلة، فاذا هي الليلة التي تتلو اليوم الذي قتل الحسين عليه السلام» [11] .

و منها: البصرة. قال ابن نماء: و روي أن هاتفا سمع بالبصرة ينشد ليلا:



ان الرماح الواردات صدورها

نحو الحسين تقاتل التنزيلا






و يهللون بأن قتلت و انما

قتلوا بك التكبير و التهليلا



فكأنما قتلوا أباك محمدا

صلي عليه الله أو جبريلا [12] .




پاورقي

[1] کامل الزيارات: 97، باب 29، ح 10، عنه بحارالأنوار، 238:45. و ذکر في الارشاد 124:2 و فيه: «فلما کان الليل من ذلک اليوم الذي خطب فيه عمروبن سعيد بقتل الحسين بن علي عليهماالسلام بالمدينة سمع أهل المدينة في جوف الليل مناديا ينادي يسمعون صوته و لا يرون شخصه.. من نبي و ملاک و قبيل.. ابن‏داود و موسي و صاحب..»؛ تاريخ الطبري 358:4، و فيه «من نبي و ملک و قبيل.. ابن‏داود و موسي»، ثم قال: «قال هشام: حدثني عمرو بن حيزوم الکلبي عن أبيه قال: سمعت هذا الصوت. و ذکر أسماء من قتل من بني‏هاشم مع الحسين عليه‏السلام و عدد من قتل من کل قبيلة من القبائل التي قاتلته»؛ الکامل في التاريخ 90:4؛ مثير الأحزان: 107 - عن صاحب الذخيرة و فيه: «أهل السماء تبکي.. و ملاک و قبيل.. ابن‏داود و موسي و صاحب..» - عنه بحارالأنوار، 235:45؛ کشف الغمة 68:2 - کما في الارشاد؛ تذکرة الخواص: 270؛ روضة الواعظين 193:1 و فيه: «ظلما حسينا.. نبي و ملک و قبيل.. و موسي و عيسي و صاحب..»؛ البداية و النهاية 200:8 و فيه مثل ما ذکرناه عن الروضة، الا أنه ليس فيه کلمة عيسي؛ الملهوف: 208 و فيه: «کل من في السماء يبکي عليه من نبي و شاهد و رسول.. و موسي و صاحب الانجيل»؛ تسلية المجالس 372:2، و غيرهم مثل: تاريخ دمشق 341:4؛ کفاية الطالب: 295؛ نظم درر السمطين: 217؛ ينابيع المودة: 320 - علي ما في احقاق الحق 576:11 -؛ بحارالأنوار، 199:45 - عن شارح ديوان أميرالمؤمنين عليه‏السلام.

[2] البدء و التاريخ 12:6.

[3] مثير الأحزان: 95، عنه بحارالأنوار، 124:45.

[4] مثير الأحزان: 107، عنه بحارالأنوار، 235:45.

[5] کامل الزيارات: 336: باب 108، ح 14، عنه بحارالأنوار، 172:45.

[6] أمالي المفيد: 320، مجلس 38، ح 7، عنه بحارالأنوار، 239:45، ح 9. و روي نحوه الشيخ الطوسي في أماليه (90، مجلس 3، ح 141).

[7] تذکرة الخواص: 271.

[8] نظم درر السمطين: 323.

[9] اسم جبل خلف عرفات مشرف عليها، قيل: هو الجبل الأحمر الذي تجعله في ظهرک اذا وقفت بعرفة. معجم البلدان 492:4، رقم 10107.

[10] قال الجمحي: الأثبرة أربعة: ثبير غيني.. و ثبير الأعرج.. و ثبير مني.. و قال نصر: ثبير من أعظم جبال مکة بينها و بين عرفة.. معجم البلدان 85:2، رقم 2769.

[11] شرح الأخبار 169:3، ح 1113.

[12] مثير الأحزان: 108.