بازگشت

تربة الحسين عند أم سلمة


و روي الطبراني باسناده عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك قال:

«استأذن ملك القطر ربه عزوجل أن يزور النبي صلي الله عليه و آله و سلم، فأذن له، فجاءه و هو في بيت أم سلمة، فقال: يا أم سلمة، احفظي علينا الباب لا يدخل علينا أحد، فبينما هم علي الباب اذ جاء الحسين، ففتح الباب، فجعل يتقفز علي ظهر النبي صلي الله عليه و آله و سلم، و النبي صلي الله عليه و آله و سلم


يلثمه و يقبله، فقال له الملك: تحبه يا محمد؟ قال: نعم [قال:] أما أن أمتك ستقتله، و ان شئت أن أريك من تربة المكان الذي يقتل فيها، قال: فقبض من المكان الذي يقتل فيه، فأتاه بسهلة حمراء، فأخذته أم سلمة، فجعلته في ثوبها، قال ثابت: كنا نقول: انها كربلاء». [1] .

و روي الطبراني باسناده عن شقيق بن سلمة عن أم سلمة قالت:

«كان الحسن و الحسين رضي الله عنهما يلعبان بين يدي النبي صلي الله عليه و آله و سلم في بيتي فنزل جبريل عليه السلام فقال: يا محمد، ان أمتك تقتل ابنك هذا من بعدك - فأومأ بيده الي الحسين - فبكي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و ضمه الي صدره، ثم قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: و ديعة عندك هذه التربة، فشمها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و قال: ويح كرب و بلاء.

قالت: و قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: يا أم سلمة، اذا تحولت هذه التربة دما فاعلمي أن ابني قد قتل.

قال: فجعلتها أم سلمة في قارورة، ثم جعلت تنظر اليها كل يوم و تقول: ان يوما تحولين دما ليوم عظيم». [2] .


و قال الشيخ المفيد: و روي باسناد آخر عن أم سلمة - رضي الله عنها - أنها قالت:

«خرج رسول الله صلي الله عليه و آله من عندنا ذات ليلة، فغاب عنا طويلا، ثم جاءنا و هو أشعث أغبر و يده مضمومة، فقلت: يا رسول الله، مالي أراك شعثا مغبرا؟! فقال: أسري بي في هذا الوقت الي موضع من العراق يقال له كربلاء، فأريت فيه مصرع الحسين ابني و جماعة من ولدي و أهل بيتي، فلم أزل ألقط دماءهم، فها هي في يدي، و بسطها الي فقال: خذيها و احتفظي بها، فأخذتها فاذا هي شبه تراب أحمر، فوضعته في قارورة، و سددت رأسها و احتفظت به، فلما خرج الحسين عليه السلام من مكة متوجها نحو العراق كنت أخرج تلك القاوررة في كل يوم و ليلة فأشمها و أنظر اليها، ثم أبكي لمصابه، فلما كان في اليوم العاشر من المحرم - و هو اليوم الذي قتل فيه عليه السلام - أخرجتها في أول النهار و هي بحالها، ثم عدت اليها آخر النهار فاذا هي دم عبيط، فصمت في بيتي و بكيت و كظمت غيظي مخافة أن يسمع أعداؤهم بالمدينة، فيسرعوا بالشماتة، فلم أزل حافظة للوقت حتي جاء الناعي ينعاه، فحقق ما رأيت». [3] .


و قال ابن الأثير:

«و روي أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم أعطي أم سلمة ترابا من تربة الحسين حمله اليه جبرائيل، فقال النبي صلي الله عليه و آله و سلم لأم سلمة: اذا صار هذا التراب دما فقد قتل الحسين، فحفظت أم سلمة ذلك التراب في قارورة عندها، فلما قتل الحسين صار التراب دما، فأعلمت الناس بقتله أيضا». [4] .

و قال الطبري:

«ان أم سلمة أخرجت يوم قتل الحسين بكربلاء و هي بالمدينة قارورة فيها دم، فقالت: قتل - والله - الحسين، فقيل: من أين علمت؟ قالت: دفع الي رسول الله من تربته و قال لي: اذا صار هذا دما فاعلمي أن ابني قد قتل، فكان كما قالت». [5] .

و ذكر الخوارزمي «أن النبي صلي الله عليه و آله أخذ تلك القبضة - من تربة الحسين عليه السلام - التي أتاه بها الملك فجعل يشمها و يبكي و يقول في بكائه:

اللهم لا تبارك في قاتل ولدي، واصله نار جهنم.

ثم دفع تلك القبضة الي أم سلمة و أخبرها بقتل الحسين بشاطي ء الفرات، و قال: يا أم سلمة، خذي هذه التربة اليك، فانها اذا تغيرت و تحولت دما عبيطا فعند ذلك يقتل ولدي الحسين». [6] .

بل المستفاد من بعض النصوص أن أم سلمة كانت تحمل قارورتين من تراب الحسين عليه السلام، احداهما سلمها اليها رسول الله صلي الله عليه و آله، و الاخري تسلمتها من


يدي الحسين عليه السلام.

لقد روي الفقيه المحدث القطب الراوندي أن الامام الحسين عليه السلام لما أراد العراق «قالت له أم سلمة: لا تخرج الي العراق، فقد سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله يقول، يقتل ابني الحسين ب [أرض] العراق، و عندي تربة دفعها الي في قارورة.

فقال: والله اني مقتول كذلك، و ان لم أخرج الي العراق يقتلونني أيضا، و ان أحببت أن أريك مضجعي و مصرع أصحابي، ثم مسح بيده علي وجهها، ففسح الله في بصرها حتي أراها ذلك كله، و أخذ تربة فأعطاها من تلك التربة أيضا في قارورة أخري، و قال عليه السلام: فاذا فاضتا دما فاعلمي أني قد قتلت.

فقالت أم سلمة: فلما كان يوم عاشوراء نظرت الي القارورتين بعد الظهر، فاذا هما قد فاضتا دما.

فصاحت، و لم يقلب في ذلك اليوم حجر و لا مدر الا وجد تحته دم عبيط». [7] .

و يظهر من رواية الفقيه ابن حمزة عن الباقر عليه السلام مرسلا - بعد ذكر ما يقرب من نقل الخرائج في المضمون - أنها خلطت التربة التي أعطاها الامام الحسين عليه السلام مع التربة التي كانت عندها. [8] .


پاورقي

[1] المعجم الکبير 112:3، ح 2813. و روي نحوه في مسند الامام أحمد بن حنبل 242:3؛ دلائل النبوة 469:6؛ الخصائص الکبري 125:2 - عن البيهقي و أبي‏نعيم؛ ذخائر العقبي: 146، ثم قال: خرجه البغوي في معجمه و خرجه أبوحاتم في صحيحه؛ الصواعق المحرقة: 292 - عن البغوي و أبي‏حاتم و أحمد؛ تهذيب الکامل 408:6؛ مجمع الزوائد 187:9 و 190؛ کنز العمال 657:13، ح 37669 و غيرهم.

[2] المعجم الکبير 114:3 ح 2817. و أخرجه: کفاية الطالب: 426؛ تهذيب الکمال: 480:6؛ مجمع الزوائد 189:9؛ تهذيب التهذيب 346:2؛ الصواعق المحرقة: 292؛ ذخائر العقبي: 146 و قال: خرجه الملا في سيرته؛ الخصائص الکبري 125:2؛ طرح الترتيب 41:1 - علي ما في احقاق الحق 347:11.

[3] الارشاد 130:2، عنه بحارالأنوار 239:44، ح 31. و روي في اعلام الوري: 217؛ روضة الواعظين 193:1، و ذکر مضمونه: الصواعق المحرقة: 292؛ نظم درر السمطين: 215.

[4] الکامل في التاريخ 93:4.

[5] دلائل الامامة: 180.

[6] مقتل الخوارزمي 162:1. و رواه السيد محمد بن أبي‏طالب (تسلية المجالس 112:2).

[7] الخرائج و الجرائح 253:1 ح 7، عنه بحارالأنوار، 89:45 ح 27؛ العوالم 157:17، ح 7.

[8] الثاقب في المناقب: 331، فصل 5، ح 272 و نحوه في الهداية: 202 و عيون المعجزات: 69 بتفاوت.