بازگشت

مناقشة مقدمتي النوري


فمقصود المحدث النوري من هاتين المقدمتين أن السيد ابن طاووس كتب اللهوف - و هو المصدر الأقدم في المسألة - في سن مبكرة و في وقت عدم تضلعه


التام، فلا يركن اليه في هذه المسألة.

و في كليهما وجوه للنظر:

1 - ان اسقاطه المأخذ و الاسناد ليس ناشئا عن عدم اتقانه التام و قلة اطلاعه - كما قال - بل لما كان قصد المؤلف تأليف كتاب صغير الحجم كثير الموضوع قابل للحمل في مشهد الحسين عليه السلام و غيره فلا بد له أن يفعل ذلك، و الا يكون ذلك نقضا للغرض، و لكان الأجدر الاكتفاء بالمطولات كمصباح الشيخ.

2 - قال السيد (ابن طاووس) في اجازاته: «مما ألفته في بداية التكليف من غير ذكر الأسرار و التكشيف كتاب مصباح الزائر و جناح المسافر ثلاث مجلدات» [1] ، ثم ذكر سائر كتبه، و قال في آخر ما ذكره من تصانيفه: «و صنفت كتاب الملهوف علي قتلي الطفوف ما عرفت أن أحدا سبقني الي مثله، و من وقف عليه عرف ما ذكرته من فضله» [2] ، فربما الناظر الي هذه العبارة يستشف منها أن اللهوف هو آخر ما صنفه، لما في جعله آخر تصانيفه، و مع عدم قبول ذلك فالمتيقن أن هذه الشهادة منه علي مضمون الكتاب حصلت في مرحلة كمال عمره الشريف، و بعد فراغه من كثير من تصانيفه، فاذن لا يناسب ذلك الكلام في حق هذا الكتاب.

3 - ان المحدث النوري قد صرح في كتابه هذا بأن «مصباح الزائر» من الكتب المعتبرة! [3] و هذان لا يجتمعان.

4 - ثم ان ضمه الي «مصباح الزائر» ليس دليلا علي كتابته في أوان التكليف،


بل المؤلف رأي حسن ذلك فيما بعد، كما صرح بذلك نفسه.

5 - أضف الي ذلك أن تأليف الكتب من مثل هؤلاء في هذا السن المبكرة هو عناية الهية خاصة لمن يشاء من خيار عباده، و لذلك نجد كبارا من العلماء القدماء مجتهدين في أوان التكليف أو قبله.

6 - ان السيد ليس المتفرد بذلك، بل هذا العلامة الجليل الفقيه ابن نما الحلي (645 - 567 ه) - الذي قال المحقق الكركي عنه: و أعلم العلماء بفقه أهل البيت [4] - ذكر خبر اللقاء أيضا، و لا يقول أحد انه كتبه في أوان تكليفه! و انه ناش عن كذا و كذا. و هو متقدم زمنيا علي السيد ابن طاووس، اذ كانت ولادة السيد رحمه الله سنة 589 ه و وفاته سنة 664، بينما ولد ابن نما في سنة 567 و توفي سنة 645، فولادته كانت قبل السيد ب 22 سنة، و اتفق و فاته قبل وفاة السيد ب 21 سنة.

فتحصل أن صدور هذا اللحن من الخطاب من مثل هذا المحدث في شأن ذلك العالم الكبير غير مناسب.

7 - لقد أجابه الشهيد القاضي الطباطبائي بقوله ما ملخصه:

(ان هذه المسألة ليس قائلها السيد ابن طاووس في اللهوف فحسب، بل هناك أبوريحان البيروني المتوفي عام 440 قد صرح بذلك، و عليه شهرة الأصحاب من الامامية - التي ادعاها العلامة المجلسي - و مورد و فاق العلماء من القرن الأول الي القرن السابع، و أول من استشكل فيها السيد ابن طاووس في الاقبال، و من المتأخرين المحدث النوري). [5] .


اذن تخرج المسألة عن كونها في اطار نقل راو مجهول نقل في سن مبكر من العمر، بل هناك جذور للمسألة. نعم، سوف نذكر بعض الملاحظات علي كلام الشهيد القاضي الطباطبائي.


پاورقي

[1] بحارالأنوار، 39:107.

[2] المصدر نفسه 42:107.

[3] لؤلؤ و مرجان: 148.

[4] انظر مقدمة مثير الأحزان: 9.

[5] انظر مقدمة مثير الأحزان: 20 - 4.