بازگشت

وعد يزيد لزين العابدين


قال ابن نما: «وعد يزيد لزين العابدين عليه السلام بقضاء ثلاث حاجات» [1] ، و المستفاد من نقل السيد ابن طاووس أنه كان بعد اعتراض الامام عليه السلام لما تفوه به الخطيب الشامي، و وعد يزيد للامام في ذلك اليوم [2] ، فحينئذ هي من احدي نتائج الموقف الصلب الذي اتخذه الامام عليه السلام، فقام يزيد بتقديم التنازلات، حتي آل الأمر الي أن يفي بوعده.

قال السيد رحمه الله: «و قال لعلي بن الحسين عليه السلام: اذكر حاجاتك الثلاث التي وعدتك بقضائهن.

فقال له: الاولي: أن تريني وجه سيدي و مولاي الحسين، فأتزود منه، و أنظر اليه و اودعه.

و الثانية: أن ترد علينا ما اخذ منا.

و الثالثة: ان كنت عزمت علي قتلي أن توجه مع هؤلاء النسوة من يردهن الي حرم جدهن صلي الله عليه و آله». [3] .

فقال: أما وجه أبيك فلن تراه أبدا، و أما قتلك فقد عفوت عنك، و أما النساء فلا يردهن الي المدينة غيرك، و أما ما أخذ منكم فاني أعوضكم عنه أضعاف قيمته.

فقال عليه السلام: أما مالك فلا نريده، و هو موفر عليك، و انما طلبت ما أخذ منا لأن فيه مغزل فاطمة بنت محمد و مقنعتها و قلادتها و قيمصها.


فأمر برد ذلك، و زاد عليه مائتي دينار، فأخذها زين العابدين عليه السلام و فرقها علي الفقراء و المساكين». [4] .

قال السيد محمد بن أبي طالب: «روي أن اللعين لما خشي شق العصا و حصول الفتنة أخذ في الاعتذار، و الانكار لفعل ابن زياد، و ابداء التعظيم و التكريم لعلي بن الحسين عليهماالسلام، و نقل نساء رسول الله صلي الله عليه و آله الي داره الخاصة، و كان لا يتغدي و لا يتعشي الا مع سيدنا سيد العابدين عليه السلام، و كل من كان حاضرا من الصحابة و التابعين و الأجلة و بني أمية أشاروا عليه لعنه الله برد حرم رسول الله و الاحسان اليهم و القيام بما يصلحهم، فأحضر سيدنا علي بن الحسين و قال: اني كنت قد وعدتك بقضاء ثلاث حاجات فاذكرها لي لأقضيها» [5] .. ثم ذكر نحو ما مر.

ففي الخبر الذي رواه السيد ابن طاووس و ابن نما وجوه للتأمل:

1- تعليل الامام عليه السلام بوجود آثار من فاطمة الزهراء سلام الله عليها في ضمن ما سلب من أهل البيت يرشدنا الي علة كل ما روي حول طلب أهل البيت برد ما أخذ منهم، فتكون هذه الرواية حاكمة و ناظرة و مفسرة لما وري في هذا الشأن.

2- ان تصريح الامام بأن فيه آثار فاطمة و مغزلها و قميصها و قلادتها و مقنعتها يرشدنا الي لزوم الاهتمام بحفظ آثار النبي صلي الله عليه و آله و عترته الطاهرين عليهم السلام و التبرك بها.

3- مسألة عفو يزيد عن قتل الامام زين العابدين تدل علي نيته الخبيثة حول قتل و اغتيال الامام عليه السلام بالمطابقة، و كذلك تدل علي كذب ادعائه بأنه ما كان يحب قتل الحسين عليه السلام بالملازمة، فانه ان لم يكن آمرا بقتل الحسين عليه السلام و راضيا به - مع أنه خرج عليه بزعمه - فكيف أراد قتل ابنه عليه السلام - مع أنه في حالة الأسر - ثم يعفو


عنه بعد ذلك.

4- قوله «لن تراه أبدا» لعله ناظر الي ارسال الرأس الشريف الي المدينة حينذاك، كما سيأتي الكلام حوله.

5- أمر يزيد برد المأخوذ يدل علي أن المسلوب من أهل البيت عليهم السلام أرسل الي يزيد، و هذا يؤيد ما احتملناه سابقا.

6- فعل الامام عليه السلام بتفريق الزائد علي ما أخذ منهم - و هو مائتي دينار - كشف عن زاوية من زوايا الأخلاق العالية المتجلية في أهل بيت النبوة.


پاورقي

[1] مثير الأحزان: 103.

[2] الملهوف: 219.

[3] روي الطلب الثالث هذا في مقاتل الطالبيين: 120؛ الاحتجاج 135:2.

[4] الملهوف: 226، و رواه مثير الأحزان: 106 بتلخيص.

[5] تسلية المجالس 457:2.