بازگشت

تأمل و ملاحظات


1- اعتراف يزيد بأن ندامته ناشئة عن بغض المسلمين و عداوتهم له، بعد قتله الامام الحسين عليه السلام، و الا فلم الفرح و السرور أولا ثم حصول الندامة بعده.

2- و أما قوله: «و حكمته فيما يريد و ان كان علي في ذلك و هن في سلطاني» ففي الحقيقة كان الامام يري عدم شرعية سلطته، و قد صرح بقوله عليه السلام: «الخلافة


محرمة علي آل أبي سفيان». [1] .

فالمطلوب عند الامام قلع أساس حكمه و سلطته، فحينئذ لا يبقي من ملكه شي ء و ان كان موهنا.

3- و أما قوله: «و قد سأله أن يضع يده في يدي» فهو أيضا اما من أكاذيب يزيد نفسه التي ليست بقليلة، أو من مفتعلات أعوانه، لأن الامام الشهيد عليه السلام هو الذي أدلي بموقفه الصامد بقوله: «لا و الله لا أعطيكم بيدي اعطاء الذليل، و لا أقر لكم اقرار العبيد» [2] ، و هو القائل: «ألا و ان الدعي ابن الدعي قد تركني بين السلة و الذلة، و هيهات له ذلك مني، هيهات منا الذلة...». [3] .

4- و أما لعنه ابن مرجانة فعلي فرض صحته لا يكون الا صوريا، لما قد ذكرنا أنه هو الذي استدعاه و شكر له و شرب معه الخمر بعد مقتل الحسين عليه السلام، [4] و كذا الجواب فيما قيل بأنه غضب علي ابن زياد و نوي قتله! [5] . و الدليل علي ذلك بأنه لم يفعل أي شي ء بعد ذلك الا الشكر له!

و من هذا القبيل ما رواه سبط ابن الجوزي عن الواقدي أنه قال: «فلما حضرت الرؤوس عنده قال: فرقت سمية بيني و بين أبي عبدالله و انقطع الرحم! لو كنت صاحبه لعفوت عنه! و لكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا، رحمك الله يا حسين، لقد قتلك رجل لم يعرف الأرحام!». [6] .


و لقد أثبتنا لك بالشواهد المتقنة و ذكر الاعترافات المتعددة أنه هو الذي أمر بقتل الحسين عليه السلام [7] و لكن الخبيث يريد أن يتخلي عن المسؤولية و يجعلها علي عاتق فاسق مثله، خوفا من اثارة الناس عليه.

و من الغريب جدا أننا نجد أناسا يريدون أن يبرئوا ساحة يزيد من هذه الجريمة النكراء، و قد لوثوا بذلك أنفسهم، و من هؤلاء صاحب خطط الشام حينما يقول: «و كانت غلطة زياد في قتل الحسين و سبي آله الطاهرين ذريعة أكبر للنيل من يزيد و آل يزيد، فتقولوا عليه و حطوا من كرامته! مع أنه سار بسيرة أبيه في الملك من التوسع في الفتوح و قتال أعداء المملكة من الروم». [8] .

نعم أنه سار بسيرة أبيه، بل أسرع في السير في بغيه و ظلمه و جوره و طغيانه و وقوفه أمام الحق، و قتله الطاهرين من ذرية خاتم المرسلين صلي الله عليه و آله، و ذهب بنفسه الي عذاب رب العالمين.

فحينئذ لا يمكن لأحد أن يخفي ما في ضميره باستعمال كلمة غلطة ابن زياد و ما شابهها، فانه ان صح التعبير بذلك - و ليس بصحيح - فليست هي الا امتثال لما أمره يزيد، و التستر خلف مسألة الفتوح لا يغني عن الحق شيئا.

و لعل المؤلف جعل وقعة الحرة و مجزرة المدينة المنورة، و خراب الكعبة من جملة فتوحات يزيد!.

و لنختم الكلام بما ذكره السيد محمد بن أبي طالب، فانه أجاد بقوله: «و أقول: لعن الله يزيد و أباه، و جديه و أخاه، و من تابعه و ولاه، بينا هو ينكت ثنايا الحسين بالقضيب و يتمثل بعشر ابن الزبعري.. و اغلاظه لزينب بنت علي بالكلام


السيي ء لما سأله الشامي.. و قوله لعلي بن الحسين عليه السلام: أراد أبوك و جدك أن يكونا أميرين، فالحمدلله الذي قتلهما و سفك دماءهما.. و نصب رأس الحسين عليه السلام علي باب القرية الظالم أهلها - أعني بلدة دمشق - و ايقافه ذرية الرسول علي درج المسجد كسبايا الترك و الخزز، ثم انزاله اياهم في دار لا يكنهم من حر و لا قر حتي تقشرت وجوههم و تغيرت ألوانهم، و أمر خطيبه أن يرقي المنبر و يخبر الناس بمساوي ء أميرالمؤمنين و مساوي ء الحسين عليهماالسلام و أمثال ذلك، ثم هو يلعن ابن زياد و يتبرأ من فعله و يتنصل من صنعه، و هل فعل اللعين ما فعل الا بأمره و تحذيره من مخالفته؟ و هل سفك اللعين دماء أهل البيت الا بارغابه و ارهابه له بقوله، و مراسلته بالكتاب الذي ولاه فيه الكوفة، و حثه فيه علي قتله، و أمره له باقامة الأرصاد و حفظ المسالك علي الحسين، و قوله لابن زياد في كتابه: انه قد ابتلي زمانك بالحسين من بين الأزمان، و في هذه الكرة تعتق أو تكون رقا عبدا كما تعبد العبيد، فاحبس علي التهمة و اقتل علي الظنة..

و انما أظهر اللعين التبري من فعل ابن زياد لعنه الله خوفا من الفتنة و تمويها علي العامة، لأن أكثر الناس في جميع الآفاق و الأصقاع أنكروا فعله الشنيع و صنعه الفضيع، و لم يكونوا راضين بفعله و ما صدر عنه، خصوصا من كان حيا من الصحابة و التابعين في زمنه كسهل بن سعد الساعدي و المنهال بن عمرو و النعمان بن بشير و أبي برزة الأسلمي ممن سمع و رأي اكرام الرسول صلي الله عليه و آله له و لأخيه، و كذلك جميع أرباب الملل المختلفة من اليهود و النصاري.. و لم يكن أحد من المسلمين في جميع البلاد راضيا بفعله الا من استحكم النفاق في قلبه من شيعة آل أبي سفيان، بل كان أكثر أهل بيته و نسائه و بني عمه غير راضين بذلك». [9] .



پاورقي

[1] بحارالأنوار، 326:45.

[2] بحارالأنوار، 7:45.

[3] الاحتجاج 99:2، عنه بحارالأنوار، 83:45.

[4] راجع فصل «قتله الحسين عليه‏السلام و رضاه».

[5] تذکرة الخواص: 265 عن تاريخ ابن‏جرير.

[6] تذکرة الخواص: 261.

[7] راجع مبحث: «قتله الامام الحسين عليه‏السلام» في هذا الکتاب.

[8] خطط الشام 113:1.

[9] تسلية المجالس 400:2 (بتلخيص).