بازگشت

بكاء نساء الأسرة الأموية


قال البلاذري: و صيح نساء من نساء يزيد بن معاوية و ولو لن حين أدخل نساء الحسين عليهن. [1] .


قال ابن فتال: ثم أدخل نساء الحسين علي يزيد بن معاوية - لعنهما الله و أخزاهما - فصحن نساء أهل يزيد و بنات معاوية و أهله و ولو لن و أقمن المأتم. [2] .

و روي عن فاطمة بنت الحسين عليه السلام أنها قالت: «فدخلت اليهن فما وجدت سفيانية الا ملتدمة [3] تبكي». [4] .

قال ابن الصباغ: قال (يزيد): «ادخلوهم الي الحريم»، فلما دخلن علي حرمه لم تبق امرأة من آل يزيد الا أتتهن و أظهرن التوجع و الحزن علي ما أصابهن و علي ما نزل بهن. [5] .

قال الطبري باسناده عن الحارث بن كعب عن فاطمة بنت علي عليهماالسلام:

«فخرجن حتي دخلن دار يزيد فلم تبق من آل معاوية امرأة الا استقبلتهن تبكي تنوح علي الحسين». [6] .

روي البلاذري: «لما قدم برأس الحسين علي يزيد بن معاوية فأدخل أهله الخضراء بدمشق، تصايحت بنات معاوية و نساؤه فجعل يزيد يقول:



يا صيحة تحمد من صوائح

ما أهوان الموت علي النوائح



اذا قضي الله أمرا كان مفعولا، قد كنا نرضي من طاعة هؤلاء بدون هذا!». [7] .


نعم، روي القاضي نعمان ما يغاير ما ذكرناه مبدئيا،، فانه روي عن علي بن الحسين عليه السلام أنه قال: «و أمر بالنسوة فأدخلن الي نسائه، ثم أمر برأس الحسين عليه السلام، فرفع علي سن القناة، فلما رأين ذلك نساؤه أعولن، فدخل - اللعين - يزيد علي


نسائه فقال: ما لكن لا تبكين مع بنات عمكن، و أمرهن أن يعولن معهن تمردا علي الله عزوجل و استهزاء بأولياء الله عليهم السلام.

ثم قال:



نفلق هاما من رجال أعزة

علينا و هم كانوا أعق و أظلما



صبرنا و كان الصبر منا سجية

بأسيافنا يفرين هاما و معصما



و جعل يستفره الطرب و السرور، و النسوة يبكين و يندبن، و نساؤه يعولن معهن و هو يقول:



شجي بكي شجوة فاجعا

قتيلا و باك علي من قتل



فلم أر كاليوم في مأتم

كان الظبا به و النفل [8] .




پاورقي

[1] أنساب الأشراف 417:3.

[2] روضة الواعظين 191:1.

[3] الملتدمة: التي تضرب صدرها في النياحة.

[4] العقد الفريد 132:5؛ جواهر المطالب 273:2.

[5] الفصول المهمة: 195. انظر: جواهر المطالب 295:2؛ نور الأبصار: 132.

[6] تاريخ الطبري 353:4. و انظر: المنتظم 344:5؛ تذکرة الخواص: 265؛ الکامل في التاريخ 86:4؛ مقتل الخوارزمي 73:2؛ البداية و النهاية 197:8؛ تسلية المجالس 399:2؛ البحار 142:45.

[7] أنساب الاشراف 419:3. و انظر: تذکرة الخواص: 265. حيث يقول: لما دخلت نساء الحسين علي نساء يزيد قلن: واحسيناه، فسمعهن يزيد فقال: يا صيحة...

أقول: ان احالة الأمر الي القضاء و القدر - من دون استيعاب معناه - کان من دأب بني‏أمية و أنصارهم، و من هذا المنطلق ترويج الکفر الجبري أمام الاختيار، و ذلک لأجل تبرئة أنفسهم عما ارتکبوا! و تخدير عقول الناس.

يقول العلامة الحجة آية الله السبحاني - دام ظله - في کتاب «أبحاث في الملل و النحل» 233:1: لقد اتخذ الأمويون مسألة القدر أداة تبريرية لأعمالهم السيئة، و کانوا ينسبون وضعهم الراهن بما فيه من شتي ضروب العبث و الفساد الي القدر، قال أبوهلال العسکري (في الأوائل 125:2): ان معاوية أول من زعم أن الله يريد أفعال العباد کلها، و لأجل ذلک لما سألت ام‏المؤمنين عائشة معاوية عن سبب تنصيب ولده يزيد خليفة علي رقاب المسلمين، فأجابها ان أمر يزيد قضاء من القضاء! و ليس للعباد الخيرة من أمرهم. الامامة و السياسة 167:1، و بهذا أيضا أجاب معاوية عبدالله بن عمر عندما استفسر من معاوية عن تنصيبه.. و قد کانت الحکومة الأموية الجائرة متحمسة علي تثبيت هذه الفکرة في المجتمع الاسلامي و کانت تواجه المخالف بالشتم و الضرب و الابعاد.

قال الدکتور أحمد محمود الصبحي (في کتابه نظرية الامامة: 334): «ان معاوية لم يکن يدعم ملکه بالقوة فحسب، و لکن بآيديولوجية تمس العقيدة في الصميم، و لقد کان يعلن في الناس أن الخلافة بينه و بين علي عليه‏السلام قد احتکما فيها الي الله فقضي الله له علي علي عليه‏السلام، و کذلک حين أراد أن يطلب البيعة لابنه يزيد من أهل الحجاز أعلن أن اختيار يزيد للخلافة کان قضاء من القضاء، ليس للعباد خيرة في أمرهم، و هکذا کاد أن يستقر في أذهان المسلمين أن کل ما يأمر الخليفة حتي و لو کانت طاعة الله في خلافه فهو قضاء من الله قد قدر علي العباد».

و قد سري هذا الاعتذار الي غير الأمويين من الذين کانوا في خدمة خلفائهم و امرائهم، فهذا عمر بن سعد بن أبي‏وقاص قاتل الامام الشهيد الحسين عليه‏السلام لما اعترض عليه عبدالله بن مطيع العدوي بقوله: «اخترت همدان و الري علي قتل ابن‏عمک»، يجيبه بالقول: «کانت أمورا قضيت من السماء و قد أعذرت الي ابن‏عمي قبل الوقعة فأبي الا ما أبي» (طبقات ابن‏سعد 148:5).

[8] شرح الأخبار 158:3. و الشجي الهيم. و النفل: المغنم، فشبه اللعين نساءه بالظبي و جعل نساء الحسين عليه‏السلام مغنما.