ابو برزة الأسلمي
قال سبط ابن الجوزي: «و أما المشهور عن يزيد في جميع الروايات أنه لما حضر الرأس بين يديه جمع أهل الشام و جعل ينكت عليه بالخيزران.. قال ابن أبي الدنيا: و كان عنده أبوبرزة الأسلمي، فقال له: يا يزيد ارفع قضيبك، فوالله لطالما رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله يقبل ثناياه». [1] .
و روي عنه أيضا أنه «لما ضرب يزيد ثنايا الحسين بالقضيب و أنشد للحصين بن الحمام المري، فلم يبق أحد الا عابه و تركه، و كان عنده أبوبرزة الأسلمي، فقال له: ارفع قضيبك، فطالما رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقبل ثناياه، أما أنك ستجي ء يوم القيامة و شفيعك، ابن زياد و يجي ء الحسين و شفيعه محمد صلي الله عليه و آله و سلم». [2] .
و روي المزي [3] و الطبري [4] ، و ابن الجوزي [5] ، و الذهبي [6] ، و ابن كثير [7] ، أنه بعدما وضع الرأس الشريف بين يدي يزيد جعل ينكت بالقضيب علي فيه عليه السلام و تمثل بالأبيات، فقال له أبوبرزة: ارفع قضيبك، فوالله لربما رأيت فاه رسول الله صلي الله عليه و آله
علي فيه يلثمه.
و قال البلاذري: «قالوا: و جعل يزيد ينكت بالقضيب ثغر الحسين حين وضع رأسه بين يديه، فقال أبوبرزة الأسلمي: أتنكت بالقضيب ثغر الحسين؟ لقد أخذ قضيبك من ثغره مأخذا ربما رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يرشفه، أما انك يا يزيد تجي ء يوم القيامة و شفيعك ابن زياد و يجي ء الحسين و شفيعه محمد، ثم قام. و يقال: ان هذا القائل رجل من الأنصار». [8] .
و قد بسط السيد ابن طاووس و ابن نما أنه أقبل عليه أبوبرزة الأسلمي و قال: «و يحك يا يزيد، أتنكت بقضيبك ثغر الحسين عليه السلام ابن فاطمة؟! أشهد لقد رأيت النبي صلي الله عليه و آله يرشف ثناياه و ثنايا أخيه الحسن و يقول: أنتما سيدا شباب أهل الجنة، قتل الله قاتلكما و لعنه، و أعد له جهنم و ساءت مصيرا، قال الراوي: فغضب يزيد و أمر بأخراجه فأخرج سحبا». [9] .
و في هذا الموقف يستند أبوبرزة - بصفته أحد الصحابة [10] - الي فعل
الرسول صلي الله عليه و آله بالنسبة الي لزوم حب الحسين عليه السلام، و قوله بالنسبة الي حبه و البراءة من أعدائه و قاتله، و هو موقف جليل في أهم زمان و أخطر مكان، و لأجل ذلك لم يتحمل الطاغية هذا الموقف فغضب عليه و أمر باخراجه، فأخرج سحبا.
پاورقي
[1] تذکرة الخواص: 262 - 261.
[2] مرآة الزمان: 99 - مخطوط - (علي ما في عبرات المصطفين 315:2).
[3] تهذيب الکمال 428:6.
[4] تاريخ الطبري 293:4.
[5] المنتظم 342:5؛ الرد علي المتعصب العنيد: 47.
[6] سير أعلام النبلاء 309:3.
[7] البداية و النهاية 194:8 و 199.
[8] أنساب الأشراف 416:3. وروي نحوه في البدء و التاريخ 12:6؛ البداية و النهاية 194:8؛ جواهر المطالب 64:2.
[9] المهلوف: 214؛ مثير الأحزان: 100 عنه بحارالأنوار 132:45. و انظر: الفتوح 181:2 و مقتل الخوارزمي 57:2، مع تفصيل أکثر،، قالا: - و اللفظ للثاني - ثم دعا يزيد بقضيب خيزران فجعل ينکت به ثنايا الحسين عليهالسلام و هو يقول: لقد کان أبوعبدالله حسن المضحک. (و في الفتوح: حسن المنطق)، فأقبل عليه أبوبرزة الأسلمي - أو غيره من الصحابة - و قال له: و يحک يا يزيد، أتنکت بقضيبک ثغر الحسين ابنفاطمة؟ (في الفتوح: أتنکث بقضيبک ثنايا الحسين و شعره؟ لقد أخذ قضيبک هذا مأخذا من ثغره، أشهد..) ثم ذکر ما نقلناه عن ابنطاووس.
[10] هو نضلة بن عبيد بن الحارث الأسلمي غلبت عليه کنيته، اختلف في اسمه. صحابي من سکان المدينة ثم البصرة، شهد مع علي عليهالسلام النهروان، مات بخراسان سنة 65، انظر تهذيب التهذيب 18:12 رقم 8284؛ الاصابة 557:3 ترجمة رقم 8718؛ الأعلام 33:8.