بازگشت

جوره


ان حكومة آل أبي سفيان قامت علي أساس الجور و العدوان، و نجد ذروة ذلك في زمن ملك يزيد بن معاوية، لأن اللعين لم تدم سلطته الا ثلاث سنين قتل في السنة الأولي منها الامام الحسين و اصحابه عليهم السلام، و في السنة الثانية غزا المدينة المنورة و أباحها علي جنده ثلاثا و هم بجورا قبر رسول الله صلي الله عليه و آله - و سميت بوقعة الحرة - و في الثالثة منها هدم الكعبة، أما مأساة كربلاء فقد قرأت تفاصيلها، و أما


وقعة الحرة و قضايا ابن الزبير فتفاصيلها خارجة عن عهدة هذا الكتاب، الا أننا نذكر نبذة عن صفحة تاريخه السوداء في وقعة الحرة.

قال سبط ابن الجوزي: «و ذكر المدايني في كتاب الحرة عن الزهري قال: كان القتلي يوم الحرة سبعمائة من وجوه الناس من قريش و الأنصار و المهاجرين و وجوه الموالي، و أما من لم يعرف من عبد أو حر أو امرأة فعشرة آلاف، و خاض الناس في الدماء حتي وصلت الدماء الي قبر رسول الله صلي الله عليه و آله، و امتلأت الروضة و المسجد. قال مجاهد: التجأ الناس الي حجرة رسول الله و منبره و السيف يعمل فيهم... و ذكر أيضا المدايني عن أبي قرة قال: قال هشام بن حسان: ولدت ألف امرأة بعد الحرة من غير زوج، و غير المدايني يقول: عشرة آلاف امرأة.

قال الشعبي: أليس قد رضي يزيد بذلك و أمر به وشكر مروان بن الحكم علي فعله؟!». [1] .

يقول ابن قتيبة: «فوجه يزيد مسلم بن عقبة المري في جيش عظيم لقتال ابن الزبير فسار بهم حتي نزل المدينة فقاتل أهلها و هزمهم و أباحها ثلاثة أيام فهي وقعة حرة». [2] .

و قال اليعقوبي: «فوجهه في خمسة آلاف الي المدينة فأوقع بأهلها وقعة الحرة فقاتله أهل المدينة قتالا شديدا... حتي دخلت المدينة فلم يبق بها كثير أحد الا قتل و أباح حرم رسول الله حتي ولدت الأبكار لا يعرف من أولدهن». [3] .

و قال ابن حجر: «فأرسل اليهم مسلم بن عقبة المري و أمره أن يستبيح


المدينة ثلاثة أيام، و أن يبايعهم علي أنهم خول و عبيد ليزيد، فاذا فرغ منها نهض الي مكة لحرب ابن الزبير، ففعل بها مسلم الأفاعيل القبيحة و قتل بها خلقا من الصحابة و أبنائهم و خيار التابعين و أفحش القضية الي الغاية..». [4] .

و قال ابن الجوزي: «فأباحها مسلم بن عقبة ثلاثا يقتلون الرجال و يقعون علي النساء! و حكمت امرأة مسلم بن عقبة في ولدها و كان قد أسر فقال: عجلوه لها، فضربت عنقه، ثم دعا مسلم الناس الي البيعة ليزيد و قال: بايعوا علي أنكم خول له و أموالكم له! فقال يزيد بن عبدالله بن زمعة: نبايع علي كتاب الله، فأمر به فضرب عنقه، وجي ء بسعيد بن المسيب الي مسلم فقالوا: بايع، فقال أبايع علي سيرة أبي بكر و عمر! فأمر بضرب عنقه فشهد رجل أنه مجنون فخلي عنه، و ذكر محمد بن سعد في الطبقات أن مروان بن الحكم يحرض مسلم بن عقبة علي أهل المدينة و نهبها ثلاثا، فلما قدم مروان علي يزيد شكر له و أدناه...».

ثم قال ابن الجوزي: «من أراد أن ينظر الي العجائب فلينظر الي ما جري يوم الحرة علي أهل المدينة باطلاق يزيد أصحابه في النهب». [5] .

و قال الشبراوي: «ان يزيد بن معاوية قال لمسلم بن عقبة: اذا ظفرت بالمدينة فخلها للجيش ثلاثة أيام يسفكون الدماء و يأخذون الأموال و يفسقون بالنساء». [6] .

و قال ابن قتيبة: «فبلغ عدة قتلي الحرة يومئذ من قريش و الأنصار و المهاجرين و وجوه الناس ألفا و سبع مئة، و سائرهم من الناس عشرة آلاف، سوي النساء و الصبيان، ذكروا أنه قتل يوم الحرة من أصحاب النبي صلي الله عليه و آله و سلم ثمانون


رجلا و لم يبق بدري بعد ذلك، و من قريش و الأنصار سبعمئة، و من سائر الناس من الموالي و العرب و التابعين عشرة آلاف، و كانت الوقعة في ذي الحجة لثلاث بقين منها سنة ثلاث و ستين». [7] .

و في البدء و التاريخ: «فجاء مسلم بن عقبة فأوقع بالمدينة و قتل أربعة آلاف رجل من أفناء الناس و سبعين رجلا من الأنصار و بقر عن بطون النساء و أباح الحرم و أنهب المدينة ثلاثة أيام». [8] .

هذا بالنسبة الي المدينة، و أما مكة فقد قال المسعودي: «و لما نزل بأهل المدينة ما وصفنا من القتل و النهب و الرق و السبي و غير ذلك مما عنه أعرضنا من مسرف خرج عنها يريد مكة في جيوشه من أهل الشام ليوقع بابن الزبير و أهل مكة بأمر يزيد، و ذلك في سنة أربع و ستين، فلما انتهي الي الموضع المعروف بقديد مات مسرف لعنه الله، و استخلف علي الجيش الحصين بن نمير فسار الحصين حتي مكة و أحاط بها، و عاذ ابن الزبير بالبيت الحرام... و نصب الحصين فيمن معه من أهل الشام المجانيق و العرادات علي مكة و المسجد من الجبال و الفجاج و ابن الزبير في المسجد. فتواردت أحجار المجانيق و العرادات علي البيت و رمي مع الأحجار بالنار و النفط و مشاقات الكتان و غير ذلك من المحروقات، و انهدمت الكعبة و احترقت البنية..». [9] .

و قال ابن قتيبة الدينوري: «و حاصروا عبدالله بن الزبير و أحرقت الكعبة حتي انهدم جدارها و سقط سقفها..». [10] .



پاورقي

[1] تذکرة الخواص: 289، و بعضه في الرد علي المتعصب العنيد: 54.

[2] المعارف: 198.

[3] تاريخ اليعقوبي 250: 2.

[4] انظر تهذيب التهذيب 214:11، رقم 8100.

[5] الرد علي المتعصب العنيد: 54.

[6] الاتحاف بحب الأشراف: 65.

[7] الامامة و السياسة 215:1.

[8] البدء و التاريخ 14:6.

[9] مروج الذهب 71:3.

[10] المعارف: 198.