بازگشت

اسلام أموي و حكم دموي


هنا اسلام أموي ينطق بمنطق القهر و القوة، برهانه السلاح، و دليله قمع كل من يقوم بالكفاح، ينفذه أرباب السلطة و السيف، و يزينه البائعون دينهم بدنياهم، المشترون سخط الخالق برضي المخلوق.


تري مظاهر الاسلام من الصلاة و الصوم و الحج و...، لكنها قشر بلا لب، و جسد بلا روح؛ فالطليق ابن الطليق يدعي الخلافة الاسلامية و لا يعرف الناس حق علي عليه السلام حتي تشتبه المسألة علي العامة و يتأوه أمير المؤمنين عليه السلام بهذه الكلمات:

«فيا عجبا للدهر! اذ صرت يقرن بي من لم يسع بقدمي، و لم تكن له كسابقتي التي لا يدلي أحد بمثلها...». [1] .

و للمال دوره الهام في تثبيت ما يريده الحكام، فلقد بثوه و وزعوه علي أوساط الضعفاء و المحبين لحلاوة الدنيا الناسين مرارة حساب العقبي، فأصبحوا ساكتين صامتين كأن لم يحصل شي ء و لم يحدث أي أمر!

«خطب معاوية يوما بمسجد دمشق، و في الجامع يومئذ من الوفود علماء قريش و خطباء ربيعة و مدارهها، و صناديد اليمن و ملوكها، فقال معاوية: ان الله تعالي أكرم خلفاءه فأوجب لهم الجنة، فأنقذهم من النار، ثم جعلني منهم! و جعل أنصاري أهل الشام الذابين عن حرم الله! المؤيدين بظفر الله! المنصورين علي أعداء الله!!... و في الجامع من أهل العراق الأحنف بن قيس و صعصعة بن صوحان، فقال الأحنف لصعصعة: «أتكفيني أم أقوم أنا اليه؟» فقال صعصعة: «بل أكفيكه أنا»، ثم قام صعصعة فقال: يابن أبي سفيان، تكلمت فأبلغت و لم تقصر دون ما أردت، و كيف يكون ما تقول و قد غلبتنا قسرا و ملكتنا تجبرا و دنتنا بغير الحق، و استوليت بأسباب الفضل علينا؟!

فأما اطراؤك أهل الشام فما رأيت أطوع لمخلوق و أعصي لخالق منهم، قوم ابتعت منهم دينهم و أبدانهم بالمال، فان أعطيتهم حاموا عنك و نصروك، و ان


منعتهم قعدوا عنك ورفضوك..» [2] .

و أكثروا وضع الأحاديث في فضل الشام حتي كأن ليس لله تعالي بشي ء من الأرض حاجة الا بها - كما قال محمد الصغاني - [3] - و نشروا لزوم اتباع كل أمير و حرمة الخروج عليه و دعوا الي الصلاة خلف كل امام، برا كان أو فاجرا، و بثوا فضل الغزو في البحر، و تركوا الواقع الثابت، و صار حب علي و آله أكبر جرم لا يغتفر، و سبه علي المنابر يجهر. [4] .

نعم ان معاوية تمكن من بسط حكمه الجائر، بفضل المال الوافر وحدة سيفه الشاهر و قتله الأفاضل من الصحابة و التابعين الأكابر، مثل عمرو بن الحمق و حجر بن عدي و أصحابه، كما احتج به الامام الحسين عليه السلام في ضمن رسالته التي أرسلها الي معاوية:

«ألست قاتل حجر بن عدي أخي كندة و أصحابه الصالحين العابدين، كانوا ينكرون الظلم و يستعظمون المنكر و البدع، و يؤثرون حكم الكتاب، و لا يخافون في الله لومة لائم، فقتلتهم ظلما و عدوانا من بعد ما كنت أعطيتهم الأيمان المغلظة و المواثيق المؤكدة، لا تأخذهم بحدث كان بينك و بينهم، و لا باحنة تجدها في صدرك عليهم؟ أولست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله صلي الله عليه و آله، العبد الصالح الذي أبلته العبادة فصفرت لونه و نحلت جسمه بعد أن أمنته و أعطيته من عهود الله عزوجل


و ميثاقه ما لو أعطيته العصم ففهمته لنزلت اليك من شغف الجبال، ثم قتلته جرأة علي الله عزوجل، و استخفافا بذلك العهد؟... أولست صاحب الحضرميين الذين كتب اليك فيهم ابن سمية أنهم علي دين علي ورأيه، فكتبت اليه: اقتل كل من كان علي دين علي ورأيه، فقتلهم و مثل بهم بأمرك، و دين علي والله و ابن علي الذي كان يضرب عليه أباك..». [5] .

فبمنطق القوة أخذ معاوية البيعة لولده يزيد، كما اعترف بذلك الجميع و منهم صاحب خطط الشام بقوله: «أو عز معاوية سرا الي ولاة الأمصار أن يوفدوا الوفود اليه يزينون له اعطاء العهد لابنه يزيد، حتي استوثق له أكثر الناس و بايعوه و السيوف مسلولة فيما قيل علي رقاب الصحابة في مسجد الرسول، و بذلك أخرج معاوية الخلافة عن أصولها، و جعلها كالملك يورثها الأب ابنه أو من يراه أهلا لها من خاصته، أو كسروية أو قيصرية علي سنة كسري و قيصر كما قالوا» [6] .

ذكر علماء السير عن الحسن البصري أنه قال: «قد كانت في معاوية هنات لو لقي أهل الأرض ببعضها لكفاهم: وثوبه علي هذا الأمر و اقتطاعه من غير مشورة من المسلمين، وادعاؤه زيادا، و قتله حجر بن عدي و أصحابه، و بتوليته مثل يزيد علي الناس» [7] .



پاورقي

[1] نهج‏البلاغه، کتاب 9.

[2] الأمالي للشيخ الطوسي، 5، ح 4، المجلس الأول.

[3] دائرة المعارف 394:10.

[4] للمزيد من معرفة الوثائق و التفاصيل حول هذا الموضوع راجع الجزء الأول من هذه الموسوعة: الامام الحسين عليه‏السلام في المدينة المنورة، تأليف: علي الشاوي، ص 128 - 116.

[5] الاحتجاج للطبرسي 91 - 90 :2.

[6] خطط الشام 109:1.

[7] تذکرة الخواص: 286.