بازگشت

اشارة


هناك عدّة ملاحظات مستفادة من مجموعه هذه النصوص:

1 ـ يـُسـتفاد من نصّ الشيخ الصدوق (ره) أنّ ابن زياد لم يحبسهم معه في القصر كما ذهب إلي ذلك ابـن سـعـد في طبقاته، ولافي دار إلي جنب المسجد الاعظم كما روي السيّد ابن طاووس في اللهـوف، بـل حـبـسـهـم فـي سـجـن عـلي بـُعـد مـن القـصـر ومـن المـسـجـد، بدليل قول الحاجب: ((فما مررنا بزقاق إلاّ وجدناه ملاءً رجالاً ونساءً يضربون وجوههم ويبكون)) وربـّمـا كـان ابـن زيـاد قـد أمـر بـحـبـسـهـم فـي السـجـن المـطـبـق قـبـل أن تـقـع بـيـنـه وبـيـنـهـم المحاورات الجريئه الساخنه، ثمّ بعد أن استدعاهم فحاورهم وحـاوروه، وصـار الناس يولولون ويلغط أهل المجلس خاف ابن زياد فأمر بردّهم إلي الحبس مرّة أخري في دار إلي جنب المسجد كما ذهب الي ذلك السيد المقرّم [1] ، أو في القصر.

2 ـ كـمـا أنّ هـذا السـجـن كـان مـُطـبـقـاً عـليـهـم ومـُضـَيَّقـاً عـليـهـم فـيـه لايـمـكـن أن يـدخـل عـليهم فيه داخل باختياره، بدليل قول الحاجب كما في روايه الصدوق (ره): ((فحُبسوا فـي سـجـن وطُبق عليهم))، لاكما توحي روايه السيّد ابن طاووس (ره) أنّ


بإمكان أيه أمرأة الدخـول عـليـهـم، حـيـث يقول: ((فقالت زينب بنت عليّ (ع): لايدخلنّ علينا عربيه إلا أمُّ ولد أو مـمـلوكـه فـإنـهـنّ سبين كما سُبينا))، ولعلّ هذه العبارة كانت قد نطقت بها زينب (س) في المدينه بـعـد العـودة إليـهـا كـمـا هـو المـشـهـور، أو ربـّمـا حـصـل إمـكـان دخـول النـسـاء عـليـهـم فـي المـحـبس بعدما سجنوا في المرّة الثانيه في دار إلي جنب المسجد إذا أخـذنـا بـروايـه اللهـوف وذهبنا إلي ما ذهبت إليه السيّد المقرّم، لكنّ روايه الشيخ الصدوق ظـاهـرة فـي أنـّهـم أُعـيـدوا مـرّة أخـري إلي نـفـس السـجـن المـطـبـق الاوّل.

3 ـ الذي يـبـدو و يـحـتـمـل أنّ مـراد حـاجـب ابـن زيـاد مـن قوله: ((.. وبعث البشائر إلي النواحي بـقـتـل الحـسـيـن..)) هـو أنّ ابـن زيـاد بـعـث بـخـبـر مـقـتـل الحـسـيـن (ع) إلي بـقـيـّه عـمـّال بـنـي أمـيـّه وإلي أمـرائهـم لاإلي الامـّه، لانّ خـبـر مـقـتـل ابـن رسـول اللّه (ص) عـنـد سـواد الامـّه ليـس مـن البـشـري فـي شـيء، بـل هـو مـصـيـبـه عـظـمـي وفـاجـعـه كـبـري، لكـنّ الطـغـاة مـن عـادتـهـم تـحـمـيل الامم المقهورة تحت سلطانهم وظلمهم أفراحهم وأحزانهم، وإن كانت الامّه تعيش الحزن فيما يفرح به الطغاة، ويطفح قلبها بالفرح في مصائبهم!

4 ـ المـثـيـر للتـسـاؤل فـي روايه الطبري وابن الاثير أنّه بينما هم في الحبس إذ سقط عليهم حجر فيه كتاب مربوط..))، تُري من هذا الذي أرسل إليهم هذا الكتاب؟

هـل السلطه الامويه هي التي أمرت بإرسال هذا الكتاب مع الحجر إليهم مواصله منها للارهاب النفسي والتعذيب الروحي الذي كانت تمارسه ضدّهم؟

وهـذا النـوع مـن أسـاليـب التـعـذيـب كـانـت الحـكـومـات الطـاغـوتـيـه ولم تـزل إلي اليـوم تـسـتـخـدمـه ضـدّ سـجـنـاء المـعـارضـه، حـيـث لايـعـرف السـجـيـن هل المُرسِلُ عدوّ


أم صديق مشفق؟

أم أنَّ أحـداً ـ أو جماعه ـ من محبّي أهل البيت (ع) كان علي اطّلاع بأخبار البريد ومدّة ذهابه وإيابه، وبعلامه الامر بالقتل وعلامه الامان، وأراد أن يخبر الامام السجّاد (ع) بذلك، ليعهد بـعـهـده ويـوصـي بوصيّته؟ ويؤيد هذا ما في عبارة روايه الطبري: ((وإنْ لمْ تسمعوا تكبيراً فـهـو الامـان إنْ شـاء اللّه)) فـقـوله: فـهـو الامان إن شاء اللّه مُشعِرٌ بأنّ من ألقي الحجر والكتاب يتمنّي لهم الامان والنجاة.

ومـمـّا يؤيّد أيضاً أنّ هذا المُرسِل من محبّي أهل البيت (ع)، قد لجاء إلي هذا الاسلوب خوفاً من بـطـش السـلطـه الامـويـه، هـو أنّ هـذه السـلطـه لو شـاءت أن تـمـارس هـذا الاسـلوب مـن أجـل الارهـاب النـفـسـي والتـعـذيـب الروحـي لمـارسـتـه مـع بـقـايـا آل الحسين (ع) علناً، إذ العلانيّه لاتنقص من أثره شيئاً، أو إلاّ شيئاً يسيراً.


پاورقي

[1] مقتل الحسين / للمقرم: 326.