بازگشت

وهب بن وهب (ابن الحباب الكلبي)


روي الشيخ الصدوق (ره) في أماليه يصف وقائع حرب يوم عاشوراء وتتابع أصحاب الامام الحسين عليه السلام في الخروج إلي البراز قائلاً: (وبرز من بعده [1] وهب بن وهب، وكان نصرانيّاً أسلم علي يد الحسين عليه السلام هو وأمّه، فاتّبعوه إلي كربلاء، فركب فرساً وتناول بيده عود الفسطاط (عمود الفسطاط)، فقاتل وقتل من القوم سبعة أو ثمانية، ثم استوسر فأُتي به عمر بن سعد لعنه اللّه، فأمر بضرب عنقه، ورمي به إلي عسكر الحسين عليه السلام، وأخذت أمّه سيفه وبرزت! فقال لها الحسين عليه السلام: يا أمّ وهب، إجلسي فقد وضع اللّه الجهاد عن النساء، إنّك وابنك مع جدّي محمّد (ص) في الجنّة.). [2] .

ويبدو أنّ العلاّمة المجلسي (ره) يري أنّ وهب هذا هو نفسه: وهب بن عبداللّه بن حباب الكلبي، لنقراء هذه الفقرة من مقتل البحار:

(ثُمّ برز من بعده [3] وهب بن عبداللّه بن حباب الكلبي، وقد كانت معه أمّه يومئذ.


فقالت: قم يا بُنيّ فانصر ابن بنت رسول اللّه!

فقال: أفعل يا أُمّاه ولاأقصّر!

فبرز وهو يقول:



إنْ تنكروني فأنا ابن الكلب

سوف تروني وترون ضربي



وحملتي وصولتي في الحرب

أدرك ثاءري بعد ثاءر صحبي



وأدفع الكرب أمام الكربِ

ليس جهادي في الوغي باللعبِ



ثمّ حمل فلم يزل يقاتل حتّي قتل منهم جماعة، فرجع إلي أمّه وأمرأته، فوقف عليهما فقال: يا أمّاه أرضيتِ؟

فقالت: ما رضيتُ أو تقتل بين يدي الحسين عليه السلام!

فقالت إمرأته: باللّه لاتفجعني في نفسك!

فقالت أمّه: يا بُنيّ لاتقبل قولها، وارجع فقاتل بين يدي ابن رسول اللّه فيكون غداً في القيامة شفيعاً لك بين يدي اللّه.

فرجع قائلاً:



إنّي زعيمٌ لك أُمَّ وَهْبِ

بالطعن فيهم تارة والضربِ



ضرب غلام مؤمنٍ بالربّ

حتّي يُذيق القوم مُرَّ الحربِ



إنّي امرؤٌ ذو مرَّة وعصبِ

ولستُ بالخوّار عند النكب



حسبي إلهي من عليم حسبي

فلم يزل يقاتل حتّي قتل تسعة عشر فارساً وإثني عشر راجلاً! ثمّ قُطعت يداه، فأخذت امرأته عموداً وأقبلت نحوه وهي تقول: فداك أبي وأمّي! قاتل دون الطيّبين حرم رسول اللّه. فأقبل كي يردّها إلي النساء فأخذت بجانب ثوبه وقالت: لن أعود أو أموت معك! فقال الحسين عليه السلام: جزيتم من أهل بيت خيراً! إرجعي إلي النساء رحمك اللّه.




فانصرفت، وجعل يُقاتل حتّي قُتل رضوان اللّه عليه، قال فذهبت امرأته تمسح الدّم عن وجهه، فبصر بها شمر، فأمر غلاماً له فضربها بعمودٍ كان معه، فشدخها وقتلها، وهي أوّل امرأة قتلت في عسكر الحسين.

ورأيت حديثاً أنّ وهب هذا كان نصرانيّاً، فأسلم هو وأمّه علي يدي الحسين، فقتل في المبارزة أربعة وعشرين راجلاً وإثني عشر فارسااً، ثمّ أُخذ أسيراً، فأُتي به عمر بن سعد فقال: ما أشدّ صولتك!؟ ثمّ أمر فضربت عنقه، ورمي برأسه إلي عسكر الحسين عليه السلام، فأخذت أمّه الرأس فقبّلته، ثمّ رمت بالرأس إلي عسكر ابن سعد، فأصابت به رجلاً فقتلته! ثمّ شدّت بعمود الفسطاط، فقتلت رجلين! فقال لها الحسين عليه السلام: إرجعي يا أمّ وهب، أنت وابنك مع رسول اللّه فإنّ الجهاد مرفوع عن النساء. فرجعت وهي تقول: إلهي لاتقطع رجائي! فقال لها الحسين عليه السلام: لايقطع اللّه رجاكِ يا أمّ وهب.). [4] .

ونقل السيّد إبراهيم الزنجاني يقول: (وقيل إنّ وهب كان عمره خمساً وعشرين سنة، وإسم زوجته هانية، وكان لها سبعة عشر يوماً منذ عرسه، وله عشرة أيّام منذ دخل في دين الاسلام علي يدي الحسين عليه السلام من المنزل الثامن: الثعلبية في طريق كربلاء..). [5] .


پاورقي

[1] أي: من بعد يزيد بن زياد بن مهاصر - أبي الشعثاء الکندي (رض)-.

[2] أمالي الصدوق: 137، المجلس 30، حديث رقم 1.

[3] أي: من بعد برير بن خضير الهمداني (رض).

[4] البحار: 45 :16-17.

[5] وسيلة الدارين في أنصار الحسين:202.