بازگشت

قصر بني مقاتل


(قال السكّوني: هو قرب القطقطانة وسُلام ثمّ القُرَيّات. وهو منسوب إلي مقاتل بن حسّان بن ثعلبة التميمي). [1] .

روي ابن أعثم الكوفي قائلاً: (وسار الحسين عليه السلام حتّي نزل في قصر بني مقاتل، فإذا هو بفسطاط مضروب، ورمح منصوب، وسيف معلّق، وفرس واقف علي مذودهِ! فقال الحسين عليه السلام: لمن هذا الفسطاط؟

فقيل: لرجل يُقال له عبيداللّه بن الحرّ الجعفي.

قال فأرسل الحسين برجل من أصحابه يُقال له الحجّاج بن مسروق الجعفي فأقبل حتّي دخل عليه في فسطاطه فسلّم عليه فردّ عليه السلام ثم قال: ماوراءك؟

فقال الحجّاج: واللّه، ورائي يا ابن الحرّ، واللّهِ قد أهدي اللّه إليك كرامة إنْ قبلتها!


قال: وماذاك؟

فقال: هذا الحسين بن عليّ رضي اللّه عنهما يدعوك إلي نصرته! فإنْ قاتلت بين يديه أُجرتَ، وإنْ متَّ فإنك استشهدتَ!

فقال له عبيداللّه: واللّه ما خرجت من الكوفة إلاّ مخافة أن يدخلها الحسين بن عليّ وأنا فيها فلاأنصره، لانّه ليس له في الكوفة شيعة ولاأنصار إلاّ وقد مالوا إلي الدنيا إلاّ من عصم اللّه منهم! فارجع إليه وخبّره بذاك.

فأقبل الحجّاج إلي الحسين فخبّره بذلك، فقام الحسين ثمّ صار إليه في جماعة من إخوانه، فلمّا دخل وسلّم وثب عبيداللّه بن الحرّ من صدر المجلس، وجلس الحسين فحمد اللّه وأثني عليه، ثم قال:

أمّا بعد يا ابن الحرّ، فإنّ مصركم هذه كتبوا إليَّ وخبّروني أنّهم مجتمعون علي نصرتي، وأن يقوموا دوني ويقاتلوا عدوّي، وإنهم سألوني القدوم عليهم فقدمتُ، ولست أدري القوم علي مازعموا؟ فإنّهم قد أعانوا علي قتل ابن عمّي مسلم بن عقيل رحمه اللّه وشيعته! وأجمعوا علي ابن مرجانة عبيداللّه بن زياد مبايعين ليزيد بن معاوية!

وأنت يا ابن الحرّ فاعلم أنّ اللّه عزّ وجلّ مؤاخذك بما كسبتَ وأسلفت من الذنوب في الايام الخالية، [2] وأنا أدعوك في وقتي هذا إلي توبة تغسل بها ما عليك من الذنوب، أدعوك الي نصرتنا أهل البيت، فإن أُعطينا حقّنا حمدنا اللّه علي ذلك وقبلناه، وإن منعنا حقّنا ورُكبنا بالظلم كنت من أعواني علي طلب الحقّ.


فقال عبيداللّه بن الحرّ: واللّه يا ابن بنت رسول اللّه، لو كان لك بالكوفة أعوان يقاتلون معك لكنتُ أشدّهم علي عدوّك! ولكنّي رأيتُ شيعتك بالكوفة وقد لزموا منازلهم خوفاً من بني أميّة ومن سيوفهم! فأنشدك اللّه أن تطلب منّي هذه المنزلة! وأنا أواسيك بكلّ ما أقدر عليه، وهذه فرسي ملجمة، واللّه ما طلبت عليها شيئاً إلاّ أذقته حياض الموت، ولاطُلبتُ وأنا عليها فلُحقت، وخذ سيفي هذا فواللّه ما ضربت به إلاّ قطعتُ!

فقال له الحسين رضي اللّه عنه:

يا ابن الحرُّ ما جئناك لفرسك وسيفك! إنّما أتيناك لنسألك النصرة، فإنْ كنت قد بخلت علينا بنفسك فلاحاجة لنا في شيء من مالك! ولم أكن بالذي اتخذ المضلّين عضداً لاني قد سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه وآله وسلّم وهو يقول: من سمع داعية أهل بيتي ولم ينصرهم علي حقّهم إلاّ أكبّه اللّه علي وجهه في النار!

ثمّ سار الحسين رضي اللّه عنه من عنده، ورجع إلي رحله، فلمّا كان من الغد رحل الحسين..). [3] .




وفي رواية الدينوري: (.. فأتاه الرسول، فقال: هذا الحسين بن عليّ يسألك أن تصير إليه! فقال عبيداللّه: واللّه ما خرجت من الكوفة إلاّ لكثرة من رأيته خرج لمحاربته، وخذلان شيعته، فعلمتُ أنه مقتول ولاأقدر علي نصره! فلستُ أحبّ أن يراني ولاأ راه!

فانتعل الحسين حتّي مشي، ودخل عليه قبّته، ودعاه إلي نصرته!

فقال عبيداللّه: واللّه إنّي لاعلم أنّ من شايعك كان السعيد


في الاخرة! ولكن ما عسي أن أُغني عنك!؟ ولم أُخلّف لك بالكوفة ناصراً! فأنُشدك اللّه أن تحملني علي هذه الخطة، فإنّ نفسي لم تسمح بعدُ بالموت! ولكن فرسي هذه المُلحقة، واللّه ما طلبت عليها شيئاً قطّ إلاّ لحقته! ولاطلبني وأنا عليها أحدٌ إلاّ سبقته! فخذها فهي لك.

قال الحسين عليه السلام: أمّا إذا رغبت بنفسك عنّا فلاحاجة لنا إلي فرسك!). [4] .


پاورقي

[1] راجع: معجم البلدان، 4:364.

[2] کان عبيد الله بن الحر الجعفي عثماني العقيدة، و لأجله خرج إلي معاوية و حارب عليا عليه السلام يوم صفين، و روي الطبري أخبارا في تمرد هذا الرجل علي الشريعة بنهبه الأموال و قطعه الطرق.

(راجع: مقتل الحسين عليه السلام، للمقرم (ره): 188).

[3] الفتوح، 5 :129-132، و عنه مقتل الحسين عليه السلام، للخوارزمي 1 :324-326، و انظر الإرشاد: 209 و تأريخ الطبري؛ و أنساب الأشراف، 3:384؛ و إبصار العين: 151- 152 نقلاعن خزانة الأدب الکبري، 2:158 بتفاوت./ و روي صاحب الفتوح بعد ذلک قائلا: و ندم ابن الحر علي مافاته من نصرته! فأنشأ يقول:



أراها حسرة ما دمت حيا

تردد بين صدري و التراقي



حسين حين يطلب بذل نصري

علي أهل العداوة و الشقاق



فلو واسيته يوما بنفسي

لنلت کرامة يوم التلاقي



مع ابن محمد تفديه نفسي

فودع ثم ولي بانطلاق



غداة يقول لي بالقصر قولا

أتترکنا و تعزم بالفراق



فلو فلق التلهب قلب حي

لهم القلب مني بانفلاق



لقد فاز الألي نصروا حسينا

و خاب الأخسرون ذوو النفاق.

[4] الأخبار الطوال: 250-251.