بازگشت

عذيب الهجانات


(العُذَيب: تصغير العذب: وهو الماء الطيّب، وهو ماء بين القادسية والمغيثة، بينه وبين القادسية أربعة أميال، وإلي المغيثة إثنان وثلاثون ميلاً. وقيل هو وادٍ لبني تميم، وهو من منازل حاجّ الكوفة..). [1] .

يواصل الطبري روايته عن عقبة بن أبي العيزار التي حدّثنا فيها عن خطبة الامام عليه السلام بأصحابه في ذي حُسم، وحدّثنا فيها أيضاً عن جواب زهير بن القين (رض) عن لسان جميع الانصار (رض)، فيقول الطبري:

(.. وأقبل الحرّ يسايره، وهو يقول له: ياحسين، إنّي أذكّرك اللّه في نفسك! فإنّي أشهد لئن قاتلتَ لتُقتَلنَّ، ولئن قوتلتَ لتهلكنّ فيما أري!

فقال له الحسين عليه السلام:أبالموت تخوّفني!؟ وهل يعدو بكم الخطب أن تقتلوني!؟ ماأدري ما أقول لك! ولكن أقول كما قال أخو الاوس لابن عمّه ولقيه وهو يريد نصرة رسول اللّه صلّي اللّه عليه وآله وسلّم، فقال له: أين تذهب فإنك مقتول!؟ فقال:



سأمضي ومابالموت عارٌ علي الفتي

إذا مانوي حقّاً وجاهد مُسلما



وآسي الرجال الصالحين بنفسه

وفارق مثبوراً يغشّ ويرغما [2] .




قال: فلمّا سمع ذلك منه الحرُّ تنحّي عنه وكان يسير بأصحابه في ناحية، وحسين في ناحية أُخري، حتّي انتهوا إلي عذيب الهجانات وكان بها هجائن النعمان ترعي هنالك فإذا هم بأربعة نفرٍ قد أقبلوا من الكوفة علي رواحلهم يجنبون [3] فرساً لنافع بن هلال، يُقال له الكامل، ومعهم دليلهم الطرمّاح بن عدي علي فرسه وهو يقول:



يا ناقتي لاتذعري من زجْري

وشمّري قبل طلوع الفجر



بخير رُكبانٍ وخير سفرِ

حتّي تحلّي بكريم النَّجْرِ [4] .



الماجد الحُّرِ رحيب الصدر

أتي به اللّه لخير أمرِ



ثُمّتَ أبقاء بقاء الدّهرِ [5] .




قال: فلمّا انتهوا إلي الحسين أنشدوه هذه الابيات فقال: أما واللّه إنّي لارجو أن يكون خيراً ما أراد اللّه بنا، قُتلنا أم ظفرنا!

وأقبل إليهم الحرُّ بن يزيد فقال: إنّ هؤلاء النفر الذين من أهل الكوفة ليسوا ممّن أقبل معك، وأنا حابسهم أو رادّهم!

فقال له الحسين عليه السلام: لامنعنّهم ممّا أمنعُ منه نفسي! إنّما هؤلاء أنصاري وأعواني، وقد كنت أعطيتني ألاّ تعرض لي بشيء حتّي يأتيك كتاب من ابن زياد!

فقال: أجل، لكن لم يأتوا معك!

قال عليه السلام: هم أصحابي، وهم بمنزلة من جاء معي، فإنْ تممّتَ علي ما كان بيني وبينك وإلاّ ناجزتُك!

فقال فكفّ عنهم الحُرّ.


پاورقي

[1] معجم البلدان، 4:92.

[2] في الارشاد: 225؛ هذا البيت وما بعده کما يلي:



وواسي الرجال الصالحين بنفسه

وفارق مثبوراً وخالف مجرما



فإنْ عشتُ لم أندم، وإنْ متُّ لَمْ أُلَمْ

کفي بک ذُلاًّ أن تعيش وتُرغما.

[3] يجنبون فرساً: أي يقودونه إلي جنبهم.

[4] النجر: هو الاصل والحسب.

[5] روي العلامة المجلسي في البحار، 44: 378-379 هذه الابيات عن کتاب السيّد محمّد بن أبي طالب الموسوي هکذا:



يا ناقتي لاتذعري من زجري

وامضي بنا قبل طلوع الفجر



بخير فتيانٍ وخيرِ سَفر

آل رسول اللّه آل الفخر



السادة البيض الوجوه الزُهر

الطاعنين بالرّماح السُمرِ



الضاربين بالسيوف البُترِ

حتّي تحلّي بکريم الفخر



الماجد الجدّ رحيب الصدر

أثابه اللّه لخير أمر



عمّره اللّهُ بقاء الدهر

يا مالک النفع معاً والضُرّ



أيّد حسيناً سيّدي بالنصر



علي الطغاة من بقايا الکُفرِ

علي اللّعينين سليلي صخر



يزيد لازال حليف الخمر

و ابن زياد عهر بن العهر.