بازگشت

من هو نافع بن هلال الجملي؟


(هو نافع بن هلال بن نافع بن جمل بن سعد العشيرة بن مذحج، المذحجي الجملي، كان نافع سيّداً شريفاً سريّاً شجاعاً، وكان قارئاً، كاتباً، من حملة الحديث، ومن أصحاب أميرالمؤمنين عليه السلام، وحضر معه حروبه الثلاث في العراق.

وخرج إلي الحسين عليه السلام فلقيه في الطريق، وكان ذلك قبل مقتل مسلم، وكان أوصي أن يُتبع بفرسه المسمي بالكامل، فأُتبع مع عمرو بن خالد وأصحابه الذين ذكرناهم (مجمع بن عبداللّه العائذي (رض) وابنه عائذ (رض)، وسعد (رض) مولي عمرو، وواضح التركي (رض) مولي الحرث السلماني).). [1] .

لقد كان نافع (رض) من ذوي البصائر، هاهي مقالته بين يدي الامام عليه السلام في ذي حُسم تشهد له بذلك: (واللّه ماكرهنا لقاء ربّنا! وإنّا علي نيّاتنا وبصائرنا نوالي من والاك ونعادي من عاداك!)، [2] ولمّا بلغ الامام الحسين عليه السلام قتل قيس بن مسهّر الصيداوي (رض) استعبر باكياً، ثمّ قال: (اللّهم اجعل لنا ولشيعتنا عندك منزلاً كريماً، واجمع بيننا وبينهم في مستقرّ من رحمتك، إنك علي كلّ شيء قدير.

قال: فوثب إلي الحسين عليه السلام رجل من شيعته يقال له هلال بن نافع البجلي


(والصحيح هو: نافع بن هلال الجملي كما قدّمنا) فقال: يا ابن رسول اللّه! أنت تعلم أنّ جدّك رسول اللّه لم يقدر أن يُشرب النّاس محبّته، ولاأن يرجعوا إلي أمره ما أحبّ! وقد كان منهم منافقون يعدونه بالنصر ويضمرون له الغدر! يلقونه بأحلي من العسل، ويخلفونه بأمرّ من الحنظل! حتّي قبضه اللّه إليه.

وإنّ أباك عليّاً رحمة اللّه عليه قد كان في مثل ذلك، فقوم قد أجمعوا علي نصره وقاتلوا معه الناكثين والقاسطين والمارقين، حتي أتاه أجله فمضي إلي رحمة اللّه ورضوانه.

وأنت اليوم عندنا في مثل تلك الحالة! فمن نكث عهده وخلع بيعته فلن يضرّ إلاّ نفسه، واللّه مُغنٍ عنه! فَسِرْ بنا راشداً معافاً، مشرّقاً إن شئت، وإنْ شئت مُغرّباً، فواللّه ما أشفقنا من قدر اللّه، ولاكرهنا لقاء ربّنا، وإنّا علي نيّاتنا وبصائرنا، نوالي من والاك ونعادي من عاداك!). [3] .

وكان نافع (رض) علي مرتبة عالية من الادب والوفاء ومعرفة حقّ الامام الحسين عليه السلام عليه وعلي جميع المسلمين، روي الطبري أنه لمّا اشتدَّ علي الامام الحسين عليه السلام وأصحابه العطش في كربلاء قبل يوم عاشوراء (دعا العباس بن عليّ بن أبي طالب أخاه، فبعثه في ثلاثين فارساً وعشرين راجلاً، وبعث معهم بعشرين قربة، فجاءوا حتّي دنوا من الماء ليلاً، واستقدم أمامهم باللواء نافع بن هلال الجملي، فقال عمرو بن الحجّاج الزبيدي: من الرجل؟ فجيء، ما جاء بك؟

قال: جئنا نشرب من هذا الماء الذي حلاتمونا عنه!

قال: فاشرب هنيئاً!


قال: لاواللّه، لاأشرب منه قطرة وحسين عطشان ومن تري من أصحابه! فطلعوا عليه، فقال: لاسبيل إلي سقي هؤلاء، إنّما وُضِعنا بهذا المكان لنمنعهم الماء!

فلمّا دنا منه أصحابه قال لرجاله: إملؤا قِرَبَكم. فشدَّ الرجّالة فملؤا قربهم. وثار إليهم عمرو بن الحجّاج وأصحابه، فحمل عليهم العباس بن عليّ ونافع بن هلال فكفّوهم ثمّ انصرفوا إلي رحالهم..). [4] .

وخرج الامام عليه السلام ليلة عاشوراء في جوف الليل إلي خارج الخيام يتفقّد التلاع والعقبات، فتبعه نافع بن هلال الجملي، فسأله الحسين عليه السلام عمّا أخرجه؟

قال: يا ابن رسول اللّه، أفزعني خروجك إلي جهة معسكر هذا الطاغي!

فقال الحسين عليه السلام: إنّي خرجتُ أتفقّد التلاع والروابي مخافة أن تكون مكمناً لهجوم

الخيل يوم تحملون ويحملون.

ثمّ رجع عليه السلام وهو قابضٌ علي يد نافع ويقول: هي هي! واللّه وعدٌ لاخُلفَ فيه! ثمّ قال له: ألاتسلك بين هذين الجبلين في جوف الليل وتنجو بنفسك؟ فوقع نافع علي قدميه يقبّلهما ويقول: ثكلتني أمّي! إنّ سيفي بألف، وفرسي مثله! فواللّه الذي منّ بك عليَّ لافارقتك حتّي يملاّ عن فَرْيٍ وجَرْيٍ!). [5] .

وقد جسّد نافع (رض) صوراً رائعة من صور الشجاعة يوم عاشوراء، منها: لمّا استشهد عمرو بن قرظة الانصاري (رض)، خرج أخوه عليُّ بن قرظة وكان مع عمر بن سعد، فهتف بالامام الحسين هتافاً سيئاً ثُمَّ حمل علي الامام عليه السلام فاعترضه


نافع بن هلال المرادي فطعنه فصرعه، فحمله أصحابه فاستنقذوه.. [6] .

وكان نافع (رض) يقاتل يومئذٍ وهو يقول: أنا الجَملي أنا علي دين عليّ، فخرج إليه رجل يُقال له مزاحم بن حُريث فقال: أنا علي دين عثمان!

فقال له: أنتَ علي دين الشيطان! ثمّ حمل عليه فقتله، فقال عمرو بن الحجّاج بالنّاس: يا حمقي! أتدرون من تقاتلون!؟ فرسانَ المِصر! قوماً مستميتين! لايبرزنّ لهم منكم أحد، فإنّهم قليلٌ، وقلّ ما يبقون! واللّه لولم ترموهم إلاّ بالحجارة لقتلتموهم!

فقال عمر بن سعد: صدقتَ، الرأي ما رأيت. وأرسل إلي الناس يعزم عليهم ألاّ يبارز رجلٌ منكم رجلاً منهم! [7] .

وكان نافع (رض) قد كتب إسمه علي أفواق نبله! فجعل يرمي بها مسمومةً! وهو يقول: أنا الجملي أنا علي دين علي.

فقتل إثني عشر من أصحاب عمر بن سعد سوي من جرح! فضُرب حتي كُسِرت عضداه، وأُخذ أسيراً، أخذه شمر بن ذي الجوشن لعنه اللّه ومعه أصحاب له يسوقون نافعاً (رض) حتي أُوتي به عمر بن سعد، فقال له عمر بن سعد: ويحك يا نافع! ما حملك علي ما صنعت بنفسك!؟ قال: إنّ ربّي يعلمُ ما أردتُ! والدماء تسيل علي لحيته وهو يقول: واللّه لقد قتلتُ منكم إثني عشر سوي من جرحتُ، وما ألوم نفسي علي الجُهد! ولو بقيت لي عضد وساعد ما أسرتموني!

فقال شمر لعمر: أُقتلْه أصلحك اللّه!


قال عمر: أنت جئت به، فإنْ شئت فاقتله!

فانتضي شمر سيفه، فقال له نافع: أما واللّه، لو كنتَ من المسلمين لعظم عليك أن تلقي اللّهَ بدمائنا، فالحمدُ للّه الذي جعل منايانا علي يدي شرار خلقه. فقلته!. [8] .

فسلام علي نافع بن هلال يوم ولد ويوم استشهد ويوم يُبعث حيّاً!


پاورقي

[1] راجع: إبصار العين: 147.

[2] اللهوف: 34.

[3] البحار، 44 :382-383؛ وانظر: الفتوح، 5: 147-148.

[4] تاريخ الطبري، 3:312.

[5] راجع: مقتل الحسين عليه السلام للمقرّم: 219.

[6] راجع: تاريخ الطبري، 3:324.

[7] راجع: تأريخ الطبري: 324-325.

[8] راجع: تاريخ الطبري، 3:328.