بازگشت

الثعلبية


(من منازل طريق مكّة من الكوفة، بعد الشقوق وقبل الخزيمية، وهي ثُلُثا الطريق..). [1] .

روي الطبري، عن أبي مخنف، عن أبي جناب الكلبي، عن عديّ بن حرملة الاسدي، عن عبداللّه بن سليم، والمُذري بن المشمعلّ الاسديين: (قالا: لمّا قضينا حجّنا لم يكن لنا همّة إلاّ اللحاق بالحسين في الطريق لننظر ما يكون من أمره وشأنه!، فأقبلنا تُرقل بنا ناقتانا مسرعين حتّي لحقناه بزرود، فلمّا دنونا منه إذا نحن برجل من أهل الكوفة قد عدل عن الطريق حين رأي الحسين.

قالا: فوقف الحسين كأنّه يريده، ثمّ تركه ومضي، ومضينا نحوه، فقال أحدنا لصاحبه: إذهب بنا إلي هذا فلنسأله، فإن كان عنده خبر بالكوفة علمناه. فمضينا حتّي انتهينا إليه، فقلنا: السلام عليك.

قال: وعليكم السلام ورحمة اللّه. ثمّ قلنا: فَمَن الرجل؟


قال: أسديُّ.

فقلنا: نحن أسديّان، فمن أنت؟

قال: أنا بكير بن المثعبة. [2] .

فانتسبنا له، ثمّ قلنا: أخبرنا عن النّاس وراءك! قال: نعم، لم أخرج من الكوفة حتّي قُتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة، فرأيتهما يجرّان بأرجلهما في السوق!

قالا: فأقبلنا حتّي لحقنا بالحسين فسايرناه حتّي نزل الثعلبية ممسياً، فجئناه فسلّمنا عليه فردّ علينا.

فقلنا له: يرحمك اللّه، إنّ عندنا خبراً، فإنْ شئت حدّثنا علانية وإنْ شئت سرّاً.

قال فنظر إلي أصحابه وقال: مادون هؤلاء سرّ!

فقلنا له: أرأيت الراكب الذي استقبلك عشاء أمسِ؟

قال: نعم، وقد أردتُ مسألته!

فقلنا: قد استبرأنا لك خبره وكفيناك مسألته، وهو ابن امري ء من أسدٍ منّا، ذو رأي وصدق وفضل وعقل، وإنّه حدّثنا أنه لم يخرج من الكوفة حتّي قُتل مسلم بن عقيل وهانيء بن عروة، وحتّي رآهما يجرّان في السوق بأرجلهما!


فقال: إنّا للّه وإنّا إليه راجعون، رحمة اللّه عليهما. فردّد ذلك مراراً!

فقلنا: ننشدك اللّه في نفسك وأهل بيتك إلاّ انصرفت من مكانك هذا، فإنّه ليس لك بالكوفة ناصر ولاشيعة! بل نتخوف أن تكون عليك!

فوثب عندذلك بنوعقيل بن أبي طالب!). [3] .

وروي الطبري، عن أبي مخنف، عن عمر بن خالد، عن زيد بن عليّ بن الحسين، وعن داود بن عليّ بن عبداللّه بن عبّاس: (أنّ بني عقيل قالوا: لاواللّه، لانبرح حتّي نُدرك ثاءرنا أو نذوق ماذاق أخونا!). [4] .

ثمّ يعود إلي رواية الاسديين، (قالا: فنظر إلينا الحسين فقال: لاخير في العيش بعد هؤلاء! قالا: فعلمنا أنّه قد عزم له رأيه علي المسير، قالا: فقلنا: خار اللّه لك! فقال: رحمكما اللّه.

قالا: فقال له بعض أصحابه: إنّك واللّه ما أنت مثل مسلم بن عقيل، ولو قدمت الكوفة لكان الناس إليك أ سرع.

قال الاسديان: ثمّ انتظر حتّي إذا كان السحر قال لفتيانه وغلمانه: أكثروا من الماء! فاستقوا وأكثروا، ثمّ ارتحلوا وساروا حتّي انتهوا إلي زُبالة.). [5] .


پاورقي

[1] معجم البلدان، 2:78.

[2] ذکره البلاذري في أنساب الاشراف، 3:379 باسم بکر بن المعنقة بن رود، وذکر القصة هکذا: (ولقي الحسين ومن معه رجل يقال له بکر بن المعنقة بن رود، فأخبرهم بمقتل مسلم بن عقيل وهانيء، وقال رأيتهما يجرّان بأرجلهما في السوق، فطلب إلي الحسين في الانصراف، فوثب بنوعقيل فقالوا: واللّه لاننصرف حتّي نُدرک ثاءرنا أو نذوق ماذاق أخونا.

فقال حسين: ما خير في العيش بعد هؤلاء!. فعلم أنّه قد عزم رأيه علي المسير، فقال له عبداللّه بن سُليم، والمدري بن الشمعل الاسديان: خار اللّه لک. فقال: رحمکما اللّه.).

[3] تاريخ الطبري، 3 :302-303.

[4] تاريخ الطبري، 3 :302-303.

[5] تاريخ الطبري، 3 :302-303.