بازگشت

القائد المجاهد في ضيافة المراة الصالحة طوعة


لنعد إلي مواصلة معرفة ما جري علي القائد المُفرد الغريب في قلب الكوفة... قال الطبري: (طوعة أمُّ ولد كانت للاشعث بن قيس فاعتقها، فتزوّجها أُسيد الحضرمي، فولدت له بلالاً، [1] وكان بلالٌ قد خرج مع النّاس، وأمّه قائمة تنتظره، فسلّم عليها ابن عقيل فردّت عليه.

فقال لها: يا أمةَ اللّه، إسقيني ماءً!

فدخلت، فسقته، فجلس، وأدخلت الاناء ثمّ خرجت.

فقالت: يا عبداللّه، ألم تشرب!؟

قال: بلي.

قالت: فاذهب إلي أهلك.

فسكت! ثم عادت فقالت مثل ذلك، فسكت!

ثمّ قالت له: في ء للّه! سبحان اللّه! يا عبداللّه، فمُرَّ إلي أهلك عافاك اللّه، فإنّه لايصلح لك الجلوس علي بابي ولاأُحلّه لك!


فقام فقال: يا أمة اللّه، مالي في هذا المصر منزل ولاعشيرة، فهل لك إلي أجرٍ ومعروف؟ ولعليّ مكافئك به بعد اليوم!

فقالت: يا عبداللّه، وماذاك؟

قال: أنا مسلم بن عقيل، كذبني هؤلاء القوم وغرّوني!

قالت: أنت مسلم؟

قال: نعم.

قالت: أُدخل.

فأدخلته بيتاً في دارها غير البيت الذي تكون فيه، وفرشت له، وعرضت عليه العشاء فلم يتعشَّ.

ولم يكن بأسرع من أن جاء ابنها، فرآها تكثر الدخول في البيت والخروج منه فقال: واللّه إنه ليريبني كثرةُ دخولك هذا البيت منذ الليلة وخروجك منه! إنّ لك لشأناً!

قالت: يا بُنيَّ الْهُ عن هذا.

قال لها: واللّه لتخبرنّي!

قالت: أقْبِلْ علي شأنك ولاتسألني عن شيء.

فألحَّ عليها، فقالت: يا بُنيّ لاتُحدّثنَّ أحداً من النّاس بما أُخبرك به!

وأخذت عليه الاَيْمانَ فحلف لها، فأخبرته، فاضطجع وسكت! وزعموا أنّه قد كان شريداً [2] من الناس، وقال بعضهم كان يشرب مع أصحاب له...). [3] .



پاورقي

[1] وقال ابن أعثم الکوفي: (کانت فيما مضي أمرأة قيس الکندي، فتزوّجها رجل من حضرموت يُقال له أسد بن البطين، فأولدها ولداً يُقال له أسد) (الفتوح، 5:88).

وقال الدينوري: (وکانت ممّن خفَّ مع مسلم) (الاخبار الطوال: 239).

و(قيل إنّها کانت مولاة للهاشميين تخدمهم أيّام کانوا في الکوفة خلال خلافة الامام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام) (مبعوث الحسين 7: 198).

[2] الشريد: المُفرد (لسان العرب، 3:237) ولعلّ المراد بها الانطوائي الذي يکره معاشرة الناس، أو الذي يکره الناس معاشرته.

[3] تأريخ الطبري، 3:288؛ وفي الفتوح، 5:89: (فلم يکن بأسرع من أن جاء ابنها، فلمّا أتي وجد أُمَّه تکثر دخولها وخروجها إلي بيت هناک وهي باکية! فقال لها: يا أمّاه، إنّ أمرک يريبني لدخولک هذا البيت وخروجک منه باکية! فما قصّتُک؟ فقالت: يا ولداه، إنّي مخبرتک بشيء لاتُفشِه لاحد.

فقال لها: قولي ما أحببتِ.

فقالت له: يا بُنيّ، إنّ مسلم بن عقيل في ذلک البيت، وقد کان من قصّته کذا وکذا.. فسکت الغلام ولم يقل شيئاً، ثم أخذ مضجعه ونام).