بازگشت

يزيد بن ثبيط العبدي و ابناه عبدالله و عبيدالله


كان يزيد من الشيعة، ومن أصحاب أبـي الاسـْود الدؤلي، وكـان شريفاً في قومه، وكان ممّن حضر المؤتمر السرّي الشيعي في بـيـت المـراءة المـؤمـنـة مـاريـة بـنـت مـنـقـذ العبدية، التي كانت دارها ماءلفاً ومنتدي للشيعة في البصرة يتحدّثون فيه ويتداولون أخبار حركة الاحداث آنذاك، وقد كان ابن زياد قد بلغه عزم الامـام الحـسـيـن (ع) عـلي التـوجـّه الي العـراق، ومـكـاتـبـة أهل الكوفة له، فأمر عمّاله أن يضعوا المراصد ويأخذوا الطريق.

وقد عزم يزيد بن ثبيط(رض) علي الخروج الي الامام (ع)، وكان له بنون عشرة، فدعاهم إلي الخروج معه.

وقال: أيّكم يخرج معي متقدّماً؟

فانتدب له إثنان هما: عبداللّه، وعبيد اللّه.

فقال لاصحابه في بيت مارية: إني قد أ زمعت علي الخروج، وأنا خارج، فمن يخرج معي؟

فقالوا له: إنّا نخاف أصحاب ابن زياد!


فقال: إني واللّه أن لو قد استوت أخفافها بالجُدد [1] لهان عليَّ طلب من طلبني.

ثـمّ خـرج وإبـنـاه، وصـحـبه عامر ومولاه، وسيف بن مالك، والادهم بن أميّة، وقوي في الطريق حـتـي انـتـهـي الي الحـسـيـن (ع) وهـو بالابطح من مكّة، فاستراح في رحله، ثم خرج الي الامام الحسين (ع) الي منزله.

وبـلغ الامـام (ع) مـجـيـئه، فـجـعـل يـطـلبـه حـتـي جـاء إلي رحـله، فقيل له: قد خرج إلي منزلك. فجلس في رحله ينتظره!

وأقـبـل يزيد لمّا لم يجد الامام الحسين (ع) في منزله، وسمع أنه ذهب إليه راجعاً علي أثره، فـلمـّا رأي الامـام الحـسـيـن (ع) فـي رحـله قـال: (قـُل بـفـضـل اللّه وبـرحـمـتـه فـبـذلك فـليـفـرحـوا)، السـلام عـليـك يـا ابـن رسول اللّه.

ثمّ سلّم عليه، وجلس إليه وأخبره بالذي جاء له، فدعا له الامام الحسين (ع) بخير، ثمّ ضمّ رحـله إلي رحـله، ومـا زال مـعـه حـتـّي قـُتـل بـيـن يـديـه فـي الطـفّ مـبـارزة، وقُتل إبناه في الحملة الاولي.

وفي رثائه ورثاء ولديه يقول ولده عامر بن يزيد:



يا فَرْو قومي فاندبي

خير البريّة في القبور



وابكي الشهيد بعبرة

من فيض دمعٍ ذي درور



واِرثِ الحسين مع التفجّع، والتاءوّه، والزفير

قتلوا الحرام من الائمّة في الحرام من الشهور






وابكي يزيدَ مُجدَّلاً

وابنَيْه في حرّ الهجير



متزمّلين، دماؤهم

تجري علي لُبَب النحورِ



يا لهف نفسي لم تفز

معهم بجنّاتٍ وحورِ [2] .




پاورقي

[1] الجدد: صلب الارض، وفي المثل: من سلک الجدد أَمِنَ العثار.

[2] راجع: إبصار العين: 189 ـ 190.