بازگشت

تأمل و ملاحظات


1) ـ كـان الامـام الحـسـيـن (ع) قـد كـتـب نسخة واحدة إلي رؤساء الاخماس في البصرة وإلي الاشـراف فـيها، وذكر الطبري [1] أنّ الامام (ع) كتب إلي مالك بن مسمع البكري، والاحـنـف بـن قـيـس، والمنذر بن الجارود، ومسعود بن عمرو، وقيس بن الهيثم، وعمرو بن عبيد الله بن معمر.

لكـنّ التـأريـخ لم يـسجّل أنّ أحداً من هؤلاء قد أجاب علي رسالة الامام (ع) أو ردَّ ردّاً حميداً، فـالا حـنـف بن قيس ردّ علي رسالة الامام (ع) يوصيه بالصبر! وألاّ يستخفّه الذين لايوقنون!، أمـّا المـنـذر بـن الجـارود فـقـد سـلّم الرسـالة والرسـول إلي ابـن زيـاد الذي قـتـل الرسـول!، وأمـّا مـالك بـن مـسـمـع البـكـري فـقـد كـان أمـويّ الهـوي، [2] .


ولم يـسـجـّل التـأريـخ أنـه أجـاب عـلي رسـالة الامـام (ع)!، وأمّا قيس بن الهيثم فقد كان عثماني الهـوي مـتـبـاعداً عن أهل البيت (ع) إلي آخر عمره، [3] ولم يذكر التأريخ أيضاً أنّ قيس بن الهيثم قد أجاب علي رسالة الامام (ع)!، وأمّا عمر (أو عمرو) بن عبيد الله بن معمر فلم تـذكـر له كـتـب التـواريـخ والتـراجـم أيـّة عـلاقـة طـيـّبـة مـع أهـل البـيـت (ع)، بـل عـُرف عـنـه ولاؤه لابـن الزبـير أيّام سلطانه، وكان علي ميمنة مصعب ابن الزبـيـر فـي قـتال المختار، ثمّ انقلب ولاؤه لعبد الملك بن مروان! فكان يأتمر بأمره، حتّي وفـد عـليه بدمشق، فمات عنده بالطاعون سنة 82 ه‍، [4] ولم يذكر التأريخ أيضاً أنّ هـذا الرجـل قـد أجـاب عـلي رسـالة الامام الحسين (ع)!، وأمّا مسعود بن عمرو الازدي فقد كان أيـضـاً مـجـانـبـاً ومـعـاديـاً لاهـل البـيـت (ع)، وصـديـقاً حميماً وناصراً وحامياً لابن زياد حتي بعد مـقـتـل الحـسـيـن (ع)، [5] ولم يذكر التأريخ أيضاً أنّ مسعود بن عمرو الازدي هذا قد أجاب علي رسالة الامام الحسين (ع)! [6] .


فـإذا كـان جـلُّ رؤسـاء الاخـمـاس فـي البـصـرة وأشـرافـهـا بـيـن مـتـبـاعـد عـن أهـل البـيـت (ع) مجانب لهم، وبين متردّد متذبذب في حبّه إياهم وموقفه منهم، وبين متربّص خائن طـامـع فـي دنـيـا أعـدائهـم، فـمـا هـو السـرّ فـي كـتـابـة الامـام (ع) إلي مثل هؤلاء!؟

لعـلّ مـجموعة الاسباب التالية هي التي دعت الامام (ع) إلي كتابة هذه الرسالة إلي رؤساء الاخماس والاشراف في البصرة:

أ ـ كـانـت مـخـاطـبـة القـبـائل فـي ذلك الوقـت لاتـتـمُّ ولاتـثـمـر إلاّ مـن خـلال رؤسـائهـا وأشـرافها ذلك لانّ أفراد كلِّ قبيلة كانوا لايتجاوزون رؤساءهم وأشرافهم فـي إتـخـاذ أي مـوقـف وقـرار، والمـتأمّل في خطبة يزيد بن مسعود النهشلي في بني تميم وبني حنظلة وبني سعد، وردّهم عليه يري هذه الحقيقة واضحة جليّة.

ب ـ إلقـاء الحـجـّة عـلي جـمـيـع أهل البصرة بما فيهم رؤساؤهم وأشراف


قبائلهم، خصوصاً وأنّ البـصـرة بـرغم سيطرة ابن زياد عليها ـ ما يزيد علي خمس سنين حتي ذلك الوقت ـ لم تكن قـد انـغـلقـت لصـالح الامويين كما هو حال مدن الشام، إذ كان فيها أشراف ورؤساء يعرفون حـقـّانـيـة أهـل البـيـت (ع)، وأفـئدتـهم تهوي إليهم، كما كان في البصرة معارضة شيعية لها اجـتـمـاعـاتـهـا ومنتدياتها السريّة، إذن ففي مبادرة الامام (ع) في الكتابة إلي كلّ هؤلاء إلقاء للحـجـّة عـليـهـم وقـطـع العـذر عـليـهـم بـالقـول إنـهـم لم يـنـصـروا ابـن بـنـت رسول الله (ص) لانهم لم يعلموا بقيامه ونهضته.

ج ـ قـد تـُثـمر رسالة الامام (ع) صدّ المتردّد من الاشراف ورؤساء الاخماس عن الانضمام إلي أيّ فعل مُضادّ لحركة الامام (ع)، وقد يعتزل هو وكثير من أفراد قبيلته فلا ينصرون الحكم الامـويّ، وهـذا عـلي أيـّة حـال أفـضـل مـن اشـتـراكـهـم فـي القتال ضدّ الامام (ع).

د ـ من ثمرات هذه الرسالة إعلام البصريين الراغبين في نصرته (ع) بأمر نهضته، وتعبئتهم لذلك مـن خـلال أشـرافـهـم المـواليـن لاهـل البـيـت (ع) كمثل يزيد بن مسعود النهشلي وأمثاله.

2) ـ في قصة رسالة الامام الحسين (ع) إلي رؤساء الاخماس في البصرة وإلي أشرافها، لم يـوفـّق أحـدٌ منهم إلي الموقف المحمود إلاّ يزيد بن مسعود النهشلي (ره)، الذي كشفت خطبته في بـنـي تـمـيـم وبـنـي حـنـظـلة وبـنـي سـعـد، ورسـالتـه الي الامـام (ع)، عـن أنـّه كان مؤمناً بمقام أهـل البـيـت (ع) عامة وبمقام الامام الحسين (ع) خاصة، وكان عارفاً بحقّهم، ويكفيه مجداً وفخراً مـوقـفـه الرائع هـذا، كـمـا يـكـفـيـه سعادة دعاء الامام (ع) له: «آمنك اللّه يوم الخوف، وأعزّك، وأرواك يوم العطش الاكبر!».


لكـنّ مـمـّا يـؤسـف له أنـنـا لم نـعـثـر فـي كتب التواريخ والتراجم علي ما يزيدنا معرفة بهذا الرجـل الشـريـف الوجـيـه المـاجـد عـدا مـاورد فـي قـصـة هـذه الرسـالة، وعـدا أنـّه أرسـل جـوابـه إلي الامـام (ع) مـع الحـجـّاج بـن بـدر التـمـيـمـي السـعـدي (رض)، الذي أوصل الرسالة إلي الامام (ع) بمكّة، وبقي معه ورافقه إلي كربلاء واستشهد بين يديه يوم عاشوراء. [7] .

3) ـ قـال يزيد بن مسعود النهشلي (ره) في خطبته: «إنّ معاوية مات، فأهون به واللّه هالكاً ومـفـقـوداً، ألا وإنـّه قـد انـكـسـر باب الجور والاثم، وتضعضعت أركان الظلم...»، والظاهر من طـبـيـعـة هـذه العـبـائر أنّ يزيد النهشلي (ره) كان يقرّر لجموع بني تميم حقيقة مسلّمة عندهم وعند جميع أهل البصرة، في أنّهم كانوا قد عانوا الامرّينَ من ظلم وجور ومآثم معاوية وولاته عليهم.

إنّ الكـوارث التـي أصـابت البصريين علي يد ولاة الامويين لم تكن اقلّ من تلك التي أصابت الكوفة طيلة حوالي عشرين من السنوات العجاف من بعد شهادة أمير المؤمنين عليٍّ(ع).

هـذا سـمـرة بـن جـنـدب مثلاً، [8] كان «في زمن ولايته البصرة يخرج من داره مع


خاصته ركـبـانـاً بـغـارة، فـلا يـمـرُّ بـجـيـوان ولاطـفـل ولاعـاجـز ولاغافل إلاّ سحقه هو واصحابه بخيلهم! وهكذا إذا رجع! ولايمرُّ عليه يوم يخرج به إلاّ وغادر بـه قـتـيـلاً أو أكـثـر!»، [9] و«قـتـل مـن أهـل البـصـرة ثـمـانـيـة آلاف رجل من الشيعة في ستّة أشهر، وهي ايّام إمارته علي البصرة!». [10] .

ويروي الذهبي، عن عامر بن أبي عامر قال: «كنّا في مجلس يونس بن عبيد، فقالوا: ما في الارض بـقـعـة نـشـفـت مـن الدم مـا نـشـفـت هـذه ـ يـعـنـون دار الامـارة ـ قـُتـل بـهـا سـبـعـون ألفـاً! فـسـألتُ يـونـس فـقـال: نـعـم، مـن بـيـن قتيل وقطيع! قيل: من فعل ذلك!؟ قال: زياد وإبنه وسمرة..». [11] .


وروي الطـبـري عـن مـحـمـّد بـن سـليـم قـال: «سـألتُ أنـس بـن سـيـريـن: هـل كان سمرة قتل أحداً؟ قال: وهل يُحصي من قتلهم سمرة!؟ إستخلفه زياد علي البصرة وأتي الكـوفـة، وقـد قـتـل ثـمـانـيـة آلاف مـن النـاس! فـقـال له زيـاد: هل تخاف أن تكون قتلت أحداً بريئاً؟ قال: لو قتلت مثلهم ما خشيت!». [12] .

مـن هـنا يمكننا أن نستفيد بُعداً آخر ودافعاً جديداً يُضاف الي مجموعة الدوافع التي كانت من وراء كـتـابـة الامـام (ع) رسـالتـه إلي أهـل البـصـرة، وهـو أن أهـل البـصـرة ـ كـمـا أهـل الكـوفـة ـ أولي مـن غـيـرهـم فـي مـجـال المبادرة الي النهوض مع الامام (ع) والجهاد بين يديه لازالة الظلم والجور وإحقاق الحقّ، لانـهـم عـانـوا الامـرَّيـن مـن جـور وظـلم بـنـي أمـيّة الذين قتلوا الالاف منهم، ولعلّ يزيد بن مسعود النـهـشـلي (ره) كان ايضاً قد اراد هذا المعني في مخاطبته بني تميم حينما ابتداء خطبته بتذكيرهم بهذه الحقيقة.


پاورقي

[1] تأريخ الطبري 3:280؛ وراجع: الفتوح 5:42.

[2] راجع: ترجمته في الفصل الاول: ص 32.

[3] راجع: ترجمته في الفصل الاوّل ص 34 ـ 35.

[4] راجـع: البـدايـة والنـهاية 9:49 و8:29 و296 / والمعارف: 414 / وتاريخ الطبري 3:377 و 407 و 484 و 541 / وکـان المـحـقـق السماوي (ره) قد ذکره بإسم: عبدالله بن عبيد الله بن معمر التيمي، تيم قريش. (راجع: إبصار العين:41).

[5] راجع: ترجمته في الفصل الاوّل ص 34.

[6] لکـنّ المحقّق السماوي (ره) قال في مسعود هذا: «وهو الذي جمع الناس وخطبهم لنصرة الحـسـين فلم يتوفّق، ويمضي في کتب المقاتل أنه يزيد بن مسعود النهشلي، وهذا تميميُّ يُکنّي بـأبـي خـالد وليس من رؤساء الاخماس، ولعلّه مکتوب إليه أيضاً، والذي يُستظهر من الخطبة والکتاب الي الحسين (ع) أنّ الذي جمع الناس هذا، لامسعود، ولکنّ الطبري وغيره من المؤرّخين لم يذکروا الثاني». (إبصار العين: 41). ولايخفي أنّ ما ذهب إليه الشيخ السماوي (ره) اشتباه مـحـض، لاتـسـاعـد عـليـه سـيـرة مـسـعـود بـن عـمـرو الازدي المـعـادي لاهل البيت (ع)، ولعلّ مرّد هذا الاشتباه هو ظنّ الشيخ السماوي (ره) أنّ الذين کتب إليهم الامام (ع) هم رؤساء الاخماس لاسواهم، وأنهم الذين ذکرهم الطبري فقط! والامر ليس کذلک، أولاً: لانّ عـبـارة الطـبـري صـريـحـة فـي أنّ الامـام الحسين (ع) بعث بنسخ من رسالته إلي أشراف في البـصـرة ليـسـوا مـن رؤساء الاخماس، حيث قال: «وکتب بنسخة إلي رؤوس الاخماس وإلي الاشـراف...» (تـأريـخ الطبري 3:280)، وثانياً: لانّ يزيد بن مسعود النهشلي کان من أشراف البصرة وکبّار وجهائها وإن لم يکن من رؤساء الاخماس فيها، وقد ذکر مؤرّخون آخرون في غاية الاعتبار کالسيّد ابن طاووس (ره) في کتابه (اللهوف: 110) وابن نما(ره) في کتابه (مثير الاحـزان: 27 ـ 29) أنّ يـزيـد بـن مـسـعـود النـهـشـلي مـمـّن کـتـب إليـهـم الامام الحسين (ع). وأمّا قـول الشـيـخ السـمـاوي (ره) فـي تـرجـمته للشهيد الحجّاج بن بدر التميمي السعدي: «کان الحـجـّاج بـصـريـاً مـن بـنـي سـعـد بـن تـمـيم، جاء بکتاب مسعود بن عمرو إلي الحسين فبقي معه وقـُتـل بـيـن يـديـه» (إبـصـار العـيـن:212) فـنـاشـيء مـن نـفـس هـذا الاشـتـبـاه، ولادليـل عـليـه!، بـل کـان الحـجـّاج هـذا(رض) رسـول يزيد بن مسعود النهشلي علي ما ذکره بعض أهل المقاتل، ولقد ذکر السماويّ نفسه هذا في (إبصار العين: 213).

[7] راجع: إبصار العين: 213 ـ 214.

[8] سـمـرة بـن جـنـدب: روي أنّ النـبـيّ(ص) قـال: «آخـر أصـحـابـي مـوتاً في النار!» فبقي سمرة بن جندب ـ حليف الانصار ـ بالبصرة، وأبـومـحـذورة بـمکّة، وکان سمرة يسأل من يقدم من الحجاز عن أبي محذورة، وکان أبو محذورة يـسـأل مـن يـقـدم مـن البـصرة عن سمرة، حتي مات أبو محذورة قبله. (راجع: أنساب الاشراف 1:527)، وقـال ابـن الاثير: «توفي سنة تسع وخمسين، بالبصرة، وسقط في قدر مملوءة ماءً حاراً، کان يتعالج بالقعود عليها من کزاز شديد أصابه، فسقط فيها فمات» (أُسد الغابة 2:355)، لکـنّ ابـن أبـي الحـديـد قـال: «کـان ـ أي سمرة بن جندب ـ من شرطة ابن زياد، وکان أيـّام مـسـيـر الحـسـيـن (ع) الي العـراق يـحـرّض الناس علي الخروج إلي قتاله» (شرح نهج البـلاغـة 4:74)، وکـذلک صـرّح ابن قتيبة في کتاب (المعارف:172) أنّ سمرة مات سنة بضع وستّين، وعليه فلا يُلتفت الي قول ابن الاثير بأنّ سمرة هلک سنة تسع وخمسين بالبصرة.

لقد کان سمرة بن جندب من شرار من صحب رسول الله (ص)، وخـدم طـيـلة حـيـاتـه فـي خط حرکه النفاق، وکان لايعباء بالحرمات، ففي (الکافي 8:322 ح 515) أنـه ضـرب عـلي رأس نـاقـة النـبـي (ص) فشجّها! فخرجت إلي النبي (ص) فـشـکـتـه! وکـان يـجـاهـر بـمـعـصية الله ورسوله! ففي (التهذيب 7:147) عن زرارة، عن الامام البـاقـر(ع): أنّ سـمـرة بـن جـنـدب کـان له عـذق فـي حـائط لرجل من الانصار، وکان منزل الانصاريّ بباب البستان، وکان يمرّ به إلي نخلته ولايستأذن! فـکـلّمـه الانـصـاري أن يستأذن إذا جاء، فأبي سمرة!، فجاء الانصاري إلي النبيّ(ص) فـشـکـا إليـه فـأخـبـره الخـبـر، فـأرسـل إليـه النـبـيّ(ص) وخـبـّره بقول الانصاري وقال: إذا أردتَ الدخول فاستأذن.

فأبي! فلمّا أبي ساومه حتي بلغ به من الثمن ماشاء فأبي أن يبيعه!

فـقـال: لک بـهـا عـذقٌ مـُذلَّلٌ فـي الجـنـّة. فـأبـي ان يـقـبـل! فقال النبي (ص) للانصاري: إذهب فاقلعها وارم بها إليه، فإنه لاضرر ولاضرار.

وروي الطـبـري عن أبي سوار العدويّ قال: «قتل سمرة من قومي في غداة سبعة وأربعين رجلاً قد جمع القرآن» (تأريخ الطبري 5:237).

وروي أيـضـاً عـن عـوف قـال: «أقـبـل سـمـرة مـن المـديـنـة، فـلمـّا کـان عـند دور بني أسد خرج رجـل مـن بـعـض أزقـّتـهـم فـفـاجـاءه أوّل الخـيـل، فـحـمـل عـليـه رجـل مـن القـوم فـأوجـره الحـربـة! ثـمّ مـضـت الخـيـل، فـاتـي عـليـه سـمـرة وهو متشحطٌ بدمه فـقـال: مـا هـذا!؟ فـقـيـل: أصـابـتـه أوائل خـيـل الامـيـر. فقال: إذا سمعتم بنا رکبنا فاتّقوا أسنّتنا.» (تأريخ الطبري 5:237).

وکـان سـمـرة مـن المأجورين الذين استخدمهم معاوية للکذب علي الله ورسوله (ص)، فقد روي أنّ معاوية بذل له مائة ألف درهم علي أن يروي أنّ آية «ومن الناس من يُعجبک قوله في الحياة الدنـيـا ـ الي قـوله تعالي ـ والله لايحبّ الفساد» نزلت في عليّ(ع)، وأنَّ آية «ومن الناس من يـشـري نـفـسـه ابـتـغـاء مـرضـاة الله والله رؤوف بـالعـبـاد» نـزلت فـي ابـن مـلجـم، فـلم يـقـبـل! فـبـذل له مـائتـي الف فـلم يـقـبـل! فـبـذل ثـلاثـمـائة ألف فـلم يقبل! فبذل أربعمائة ألف فقبل! (راجع: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 4:73).

وعـن الطـبـري: أنّ مـعـاويـة اقـرّ سـمـرة بـعـد زيـاد سـتـة أشـهـر ثـمّ عـزله، فـقـال سـمرة: لعن الله معاوية! والله لو أطعتُ الله کما اطعتُ معاوية ما عذّبني أبداً! (تأريخ الطبري 5:237).

ومـع کـلّ هـذا! فـإن تـعـجب فعجبٌ قول الذهبي «إنّ سمرة من علماء الصحابة، له أحاديث صالحة!!»، ولعـلّ الذهـبـي قـصـد بـها الاحاديث المکذوبة التي اختلقها سمرة في ذمّ عليّ(ع) خدمة لحرکة النفاق!

کـمـا يـنـقـل الذهـبـي عـن ابـن سـيـريـن قـوله: «کـان سـمـرة عـظـيـم الامـانـة صـدوقـاً!!»، ويـقـول الذهـبـي فـي قـصـة هـلاکـه: «إنّ سـمـرة اسـتـجـمـر، فـغـفـل عـن نـفـسـه حـتـي احترق... فهذا إن صحّ فهو مُراد النبيّ، يعني نار الدنيا!» (راجع: سير أعـلام النـبـلاء 3:186)، فـالذهـبـي يـأ بـي إلاّ أن يـحـرف صـريـح مـراد قـول النـبـيّ(ص): «آخـر اصـحابي موتاً في النار» ليکون معناه: آخر أصحابي يموت احتراقاً بـالنـار!! تـُري کـم هـو الفـرق کـبـيـر وشـاسـع بـيـن صريح مراد النبي (ص) وبين مُدّعي هذا المذهوب بنور بصره وبصيرته!؟.

[9] تنقيح المقال 2:62.

[10] تنقيح المقال 2:69.

[11] سير أعلام النبلاء 3:186.

[12] تأريخ الطبري 5:236.