بازگشت

التعاطف الكبير مع سفير الحسين


بـعد أن عمّت الفرحة الكوفة وشاع أريجُ الابتهاج فيها لموت معاوية بن أبي سفيان، كان هـمُّ أكـثـر أهل الكوفة ـ بعد أن علموا بامتناع الامام الحسين (ع) عن مبايعة يزيد وارتحاله الي مكّة المكرّمة ـ استنهاض الامام (ع) للقيام ودعوته الي التوجّه إليهم، فكانت رسائلهم الكثيرة إليه.

ولم تـزل قـلوبـهـم وأعـيـنـهـم تـرقـب الانـبـاء القـادمـة إليـهـم مـن مكّة، إذ لعلّ طالعاً بالخير يـحـمـل إليـهم نباء البشري بقدوم الامام (ع)، أو قدوم نائب عنه يسبقه إليهم، فلمّا أفاقوا ذات يـوم عـلي خـبـر مـجـيء مـسـلم بن عقيل (ع) إليهم ونزوله دار المختار بين ظهرانيهم سفيراً عن الحـسـيـن (ع)، هـبـّوا للقائه ولتقديم البيعة


للامام (ع) علي يديه، وكان أقلّ عدد ذكره المؤرّخون لمن بايع مسلماً(ع) منهم اثني عشر الفاً.

قـال ابـن عـسـاكـر: «كـان مـسـيـر الحـسـيـن بـن عـلي مـن مـكـّة الي العـراق بـعـد أن بـايـع له مـن أهـل الكـوفـة إثـنـا عـشـر ألفـاً عـلي يـدي مـسـلم بـن عقيل، وكتبوا إليه في القدوم عليهم..». [1] .

وقال المحقّق المقرّم (ره): «وأقبلت الشيعة يبايعونه حتي أحصي ديوانه ثمانية عشر ألفاً، وقيل بلغ خمسة وعشرين ألفاً.». [2] .

وعـن ابـن نما(ره): «إنّ أهل الكوفة كتبوا إليه: إنّا معك مائة ألف!، وعن داود بن أبي هند، عن الشـعـبـي قـال: بـايـع الحـسـيـن (ع) أربـعـون الفـاً مـن أهل الكوفة علي أن يحاربوا من حارب ويسالموا من سالم.». [3] .

ولاشـكّ أنّ هـذا العـدد سـواء في أقلّ تقدير له أو أعلي تقدير حاكٍ عن انتفاضة شعبية وتحرّك جـمـاهـيـريّ واسـع النـطـاق تـأيـيـداً للامـام (ع) ورفـضـاً للحـكـم الامـويّ، بـل يـُستفاد من رسالة مسلم بن عقيل (ع) إلي الامام (ع) أنّ الكوفة كلّها كانت مع الامام (ع)! فإنَّ نـصّ الكـتـاب: «أمـّا بـعـدُ، فـإنّ الرائد لايـكـذب أهـله، وقـد بـايـعـنـي مـن أهـل الكـوفـة ثمانية عشر ألفاً، فعجِّل الاقبال حين يأتيك كتابي هذا، فإنّ النّاس كلّهم معك! ليس لهم في آل معاوية رأيٌ ولاهوي، والسلام.». [4] .



پاورقي

[1] تاريخ دمشق 7:144.

[2] مـقـتـل الحـسـيـن (ع)/ للمـقـرّم: 148 وانـظـر: مـنـاقـب آل ابي طالب 4:91.

[3] مثير الاحزان: 26.

[4] تاريخ الطبري 3:290.