بازگشت

ثم دفعة اخري


قـال الشـيـخ المـفـيـد(ره) أيضاً: «ثمَّ لبثوا يومين آخرين وسرّحوا إليه هاني بن هاني السبيعي [1] وسعيد بن عبدالله الحنفي، [2] وكتبوا إليه:

بسم الله الرحمن الرحيم. للحسين بن عليّ(ع) من شيعته من المؤمنين والمسلمين: أمّا بعدُ، فحيَّ هلاّ فـإنّ النـاس ‍ يـنـتـظـرونـك، ولا رأي لهـم فـي غـيـرك، فالعجل العجل، ثمّ العجل العجل، والسلام.». [3] .

ثـمّ مـا برحت الرسائل تتري علي الامام (ع) من أهل الكوفة «يسألونه القدوم عليهم، وهو مع ذلك يـتـأنـّي ولايـجيبهم، فورد عليه في يوم واحد ستمائة كتاب، وتواترت الكتب حتي اجتمع عنده منها في نُوَبٍ متفرّقة إثني عشر ألف كتاب.». [4] .


ولقد روي السيّد ابن طاووس (ره) نفس الرسالة التي حملها الي الامام (ع) هاني بن هاني السبيعي وسـعـيد بن عبدالله الحنفي، ولكن بتفاوت وإضافة مفصّلة، ويري السيّد(ره) أنّ هذه الرسالة كـانـت آخـر مـا ورد عـلي الامـام (ع) مـن أهـل الكـوفـة، ولعـلَّ مـن الافضل أن ننقل متن هذه الرسالة أيضاً كما رواها السيد ابن طاووس (ره)، وهي:

«بـسـم الله الرحـمـن الرحـيم. للحسين بن عليّ أمير المؤمنين (ع) من شيعته وشيعة أبيه أمير المـؤمـنـيـن (ع). أمـّا بـعـد: فـإنّ النـاس يـنـتـظـرونـك، لارأي لهـم غـيـرك، فـالعـجـل العـجـل يا ابن رسول الله، فقد اخضّرت الجنّات، وأينعت الثمار، وأعشبت الارض، وأورقت الاشجار، فاقدم علينا إذا شئت، فإنّما تقدم علي جُند مجنّدة لك، والسلام عليك ورحمة الله وعلي أبيك من قبلك.». [5] .


پاورقي

[1] هـانـي بـن هـانـي السـبـيـعـي: مـضـي الکـلام حـوله فـي الفصل الاوّل ص 40.

[2] سـعـيـد بـن عـبـدالله الحـنـفـي: مـضـت تـرجـمـتـه فـي الفصل الاول ص 41.

[3] الارشـاد: 203 والبـدايـة والنـهـايـة 8:154 مـع تـفاوت يسير في الاسماء، وتاريخ اليعقوبي 2:241.

[4] اللهـوف: 105 / ويـحـسـن أن نـذکـر هـنـا أنّ صـاحـب کتاب (تذکرة الشهداء) کان قد نـقـل فـي ص 64 مـنـه عن مقتل الاسفراييني رسالة من أهل الکوفة الي الامام الحسين (ع)، يشکون إليـه فـيها جور يزيد! وتجبّره علي سائر البلاد! کما يشکون إليه عبيد الله بن زياد! وأنه أظلم وأطغي! وبدعونه الي القدوم عليهم، وأنّه أحقّ من يزيد وأبيه بالخلافة.

ويُلاحظ علي نصّ هذه الرسالة رکّة تعابيرها حتّي ليشکّ القاري ء أنّها من إنشاء إنسان لايحسن العربية تماماً في أيّامنا هذه!!

کـما يُلاحظ أنّ محتواها مخالف لحقائق التأريخ، لانّهم يشکون فيها جور يزيد وتجبّره، ولم يـکـن ليـزيـد والامـام (ع) فـي مـکـّة إلاّ أشـهـر قـليـلة فـي الحـکـم، ولم تـتـغـيـر الاحـوال عـلي أهـل الکـوفـة فـي هـذه الاشـهـر شـيـئاً مـا يـُذکـر، بـل العکس ربما کان صحيحاً لانّ الوالي عليهم آنذاک النعمان بن بشير کانت قبضته قد تراخت عـليـهـم بـعد موت معاوية وأظهر ضعفاً واضحاً في إدارة أمورهم. هذا فضلاً عن أنّ ابن زياد لم يأت الکوفة إلا بعد فترة من دخول مسلم بن عقيل (ع) الي الکوفة لتعبئة أهلها.

والغـريـب فـي روايـة هـذه الرسالة، أنها تحکي أنّ الامام (ع) بعد أن قراء الکتاب رماه من يده وطرد الرسول!

ولاريـب أنّ هـذا ليـس مـن أخـلاق الامـام (ع)، فـلم يـرو التـأريخ أنّ الامام (ع) ألقي بکتاب أرسـل إليـه ولم يـردّ عـليـه إلاّ کـتـاب ابـن زيـاد الذي دعـاه فـيـه إلي النزول لحکمه وأمره فيه!

هـذا، ويـحـسـن هـنـا أيـضـاً أن نـذکـر أنّ الحـائري فـي کـتـابـه (مـعـالي السـبطين 1:140) قد نـقـل عن کتاب (التبر المُذاب في المواعظ) للسيّد عبدالفتاح بن ضياء الدين الاصفهاني (راجع: الذريـعـة 3:372) نـصَّ رسـالة مـن أهـل الکـوفـة الي الامـام الحـسـيـن (ع) ـ ولعـلّ النـقـل بـالمـعـنـي ـ قـال: «کـثـرت عـليـه الکـتـب وتـواتـرت عـليـه الرسـل، وکتبوا إليه: إنّک إن لم تصلْ إلينا فأنتَ آثمٌ!!لوجود الانصار علي الحقّ وتمکّنک من القيام به، فإنّک أصله وعموده وأهله ومعدنه!».

ولايـخـفـي عـلي المتأمّل البصير ما في نصّ هذه الرسالة المدّعاة من تهافت! إذ کيف يأثم من هو أصـل الحـقّ وعـمـوده وأهـله ومـعـدنـه!؟ وهـل يـمـکـن لاحـدٍ مـن أهل الکوفة يؤمن ـ علي الاقلّ ـ بأحقيّة الامام (ع) بالخلافة، أو يؤمن بأنّه الامام المفترض الطاعة، أن يتجاسر مثل هذه الجسارة فيحکم عليه بالاثم إنْ لم يأتِ الکوفة!؟

نـعـم، ربـّمـا يـُحـتـمـل أن تـکـون هـذه الرسـالة مـن إنـشـاء واحـد أو أکـثـر مـن مـنـافـقـي أ هـل الکـوفـة، غـيـر أنّ مـن البـعـيـد ان يـوفـّق المـنـافـق إلي مـثـل هـذا التـعـبـيـر: فـإنـّک أصـله ـ أي الحـقّ ـ وعـمـوده وأهـله ومـعـدنـه! أو لعـلّهـا مـن إنـشاء جاهل بمقام الامام (ع) وموقفه. والله العالم.

[5] اللهوف: 106.