بازگشت

رسل الكوفة الي الامام


«ثـمّ سـرّحـوا بـالكـتـاب مـع عـبـدالله بـن مـسـمـع الهـمـدانـي، [1] وعـبـدالله بـن وال، [2] .


وأمـروهـمـا بـالنـجاء، فخرجا مسرعين حتي قدما علي الحسين (ع) بمكّة لعشر مضين من شهر رمضان.». [3] .

وقـال ابـن كـثـيـر: «فـكـان أوّل مـن قـدم عـليـه عـبـدالله بـن سـبـع الهـمـدانـي، وعـبـدالله إبـن وال، ومعهما كتاب فيه السلام والتهنئة بموت معاوية..». [4] .


وروي ابـن الجـوزي عـن الواقـدي صـيـغـة أخـري للرسـالة الاولي التـي بـعـث بـهـا أهـل الكـوفـة ـ ولعـلّهـا رسـالة أخـري ـ قـائلاً: «ولمـّا اسـتـقـرّ الحـسـيـن بـمـكـّة، وعـلم بـه أهل الكوفة كتبوا إليه يقولون: إنّا قد حبسنا أنفسنا عليك! ولسنا نحضر الصلاة مع الولاة، فـاقـدم عـليـنـا فـنـحـن فـي مـائة ألف! وقـد فـشـا فـيـنـا الجـور، وعُمل فينا بغير كتاب اللّه وسنّة نبيّه، ونرجوا أن يجمعنا الله بك علي الحقّ، وينفي عنّا بك الظلم، فـأنـت أحـقّ بهذا الامر من يزيد وأبيه الذي غصب الامّة فيئها، وشرب الخمر ولعب بالقرود والطنابير، وتلاعب بالدين.

وكـان مـمـّن كـتـب إليـه سـليـمـان بـن صـُرد والمـسـيـّب بـن نـجـبـة ووجـوه أهل الكوفة.». [5] .



پاورقي

[1] عبدالله بن مسمع الهمداني: لم يرد له ذکر في الکتب الرجالية ولا في التواريخ سوي مـا ذکـره الطـبـري و الشـيـخ المـفـيـد(ره) أنـه وعـبـدالله بـن وال حـمـلا کـتـاب أهـل الکـوفـة إلي الامـام (ع)، وذکره ابن کثير: «عبدالله بن سبع الهمداني» (البداية والنهاية 7:154).

[2] عـبـدالله بـن وال (وأل): کـوفـيُّ مـن بـنـي تـمـيـم، وقـيـل مـن آل بـکـر بـن وائل، مـن وجـوه الشـيـعـة بـالکوفة، ومن خيار أصحاب عليّ(ع) (أنظر: الغارات:226 / الهامش).

وقيل هو عبدالله بن وأل التيمي من بني تيم اللاّت بن ثعلبة. (البحار 45:355).

وهو الذي کان يقول: أللّهمّ إنّي لعليّ وليُّ، ومن ابن عفّان بريء (الغارات: 364).

وهـو الذي بـعـثـه عـليُّ(ع) بـکـتـابـه إلي زيـاد بـن خـصـفـة ـ فـي قـصـة بـنـي نـاجـيـه ـ يـقـول هـو: فأخذت الکتاب منه ـ وخرجت من عنده ـ وأنا يومئذٍ شابّ حدث، فمضيت به غير بعيد، فـرجـعـت إليه فقلتُ: يا أمير المؤمنين ألا أمضي مع زياد بن خصفة إلي عدوّک إذا دفعتُ إليه الکـتـاب؟ فـقـال: يـا ابـن أخـي، إفعل، فو الله إنّي لارجو أن تکون من أعواني علي الحقّ، وأنـصـاري عـلي القـوم الظـالمـيـن. فقلت: يا أمير المؤمنين، أنا والله کذلک، ومن أولئک، وأنا واللّه حيث تحبّ!

قـال ابـن وأل: فـواللّه مـا أُحـبّ أنّ لي بمقالة عليّ(ع) تلک حُمر النعم!» (الغارات: 229)، وحـمـر النـعـم: الابـل الحـمـراء، وهـي أنـفـس الامـوال يـومـئذٍ، والمثل هذا يُضرب في کلّ نفيس.

وکـان عـبـدالله بـن وأل مـن أمـراء التـوّابـيـن، قـال ابـن الاثـير يصف لقطة من لقطات معرکة التـوّابـيـن ضـد الجـيـش الامـوي: «فـلمـّا کـان المـسـاء تـولّي قـتـالهم أدهم بن محرز الباهلي فـحـمـل عـليـهـم فـي خـيـله ورجـله فـوصـل ابـن مـحـرز الي ابـن وأل وهـو يـتـلو (ولاتـحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً) الاية، فغاظ ذلک أدهم بن محرز فـحـمـل عـليـه فـضـرب يـده فـأبـانـهـا ثـم تـنـحـّي عـنـه وقال: إنّي أ ظنّک وددت أنّک عند أهلک!

قـال ابـن وأل: بـئسـمـا ظـنـنـت، والله مـا أحـبّ أنّ يـدک مـکـانـهـا أ لاّ يـکـون لي مـن الاجـر مـثـل مـا فـي يـدي ليـعـظـم وزرک ويـعـظـم أجـري! فـغـاظـه ذلک أيـضـاً فـحـمـل عـليـه وطـعـنـه فـقـتـله وهـو مـقـبـل مـا يـزول! وکـان ابـن وأل مـن الفـقـهـاء العـُبـّاد..» (الکـامـل فـي التـأريـخ 2:641 وأنـظـر قـامـوس الرجال 6:644 وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 3:132).

وفـي روايـة أخـري: «وتـقـدّم عـبـدالله بـن وأل فـأخـذ الرايـة، وقـاتـل حـتـي قـُطعت يده اليسري، ثمّ استند إلي أصحابه ويده تشخب دماً، ثم کرّ عليهم وهو يقول:



نفسي فداکم اذکروا الميثاقا

وصابروهم واحذروا النفاقا



لاکوفة نبغي ولا عراقا

لابل نريد الموت والعتاقا



وقاتل حتي قُتل.» (البحار 45:362).

[3] الارشاد: 202 وتأريخ الطبري: 3:277.

[4] البداية والنهاية 7:154.

[5] تذکرة الخواص: 215 / ويحسن هنا أن نذکّر أنّ تعاطي معاوية الخمر ولعبه بالقرود والطـنـابـيـر، وتـلاعـبه بالدين أمرٌ مفروغ منه ومسلّم به تأريخياً وقد صرّح بذلک أحمد في مـسـنـده 5:347، وابـن عساکر في تأريخه 7:211، وورد ذلک أيضاً في أُسد الغابة 3:299، وتـأريـخ بـغـداد 7:213، وقـد جـمـعـهـا العلامة الاميني في الغدير 10:183، ومعاوية هو الذي وصـفـه عـليُّ(ع) بـأنـّه «ظـاهـر غـيـّه ومـهتوک ستره» وقد علّق ابن ابي الحديد علي هذا الوصف قائلاً: «فأمّا قوله في معاوية: ظاهرٌ غيّه فلا ريب في ظهور ضلاله وبغيه، وکلّ باغٍ غاوٍ، وأمّا «مهتوک ستره» فإنه کان کثير الهزل والخلاعة، صاحب جلساء وسُمّار، ومعاوية لم يتوقّر ولم يلزم قانون الرياسة إلاّ منذ خرج علي أمير المؤمنين واحتاج إلي الناموس والسکينة، وإلاّ فقد کـان في أيّام عثمان شديد الهتک، موسوماً بکلّ قبيح وکان في أيّام عمر يستر نفسه قليلاً خوفاً مـنـه، إلاّ أنه کان يلبس الحرير والديباج وکان حينئذٍ شابّاً وعنده نزق الصبا وأثر الشبيبة وسکر السلطان والامرة.

ونـقـل النـاس عـنـه في کتب السيرة أنه کان يشرب الخمر في أيّام عثمان في الشام، وأمّا بعد وفـاة أمـيـر المـؤمـنـيـن واسـتـقـرار الامـر له فـقـد اخـتـلف فـيـه، فـقـيـل إنه شرب الخمر في ستر، وقيل إنه لم يشرب!، ولاخلاف في أنه سمع الغناء وطرب عليه، وأعطي ووصل عليه!» (شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 16:160)، إذن فمعاوية في تهتّکه وفسقه ليس بأقل من ابنه يزيد شهرة وافتضاحاً.