بازگشت

تأمل و ملاحظات


1) ـ إنّ مـحـتـوي هـذه الرسـالة كـاشـف عن أنّ المسور بن مخرمة بعث بها إلي الامام (ع) في مكّة، بـدليـل قـوله: «إيـّاك أن تـغـتـرّ بـكـتـب أهـل العـراق! ويـقـول لك ابـن الزبـيـر: إلحـق بـهـم فـإنـّهـم نـاصـروك!»، ذلك لان كـتـب أهـل الكـوفـة لم تصل إلي الامام (ع) إلاّ في مكّة، كما أنّ ابن الزبير لم يُشر علي الامام (ع) بـالتـوجـّه الي العـراق إلاّ فـي مـكـة المـكـرّمـة، هـذا فـضـلاً عـن الدليل الواضح في قوله: «إيّاك أن تبرح الحرم!».

2) ـ صـاحـب هـذه الرسـالة هـو المـسـور بـن مـخـرمـة بـن نوفل القرشي الزهري، وأمّه عاتكة أخت عبدالرحمن بن عوف وهي زهرية أيضاً، ولد بعد الهجرة بـسـنـتين، وكان من صغار الصحابة، قدم دمشق بريداً من عثمان يستصرخ معاوية، وكان ممن يلزم عـمـر بـن الخـطـّاب ويـحـفـظ عـنـه، وقـد انـحاز الي مكّة مع ابن الزبير وسخط إمرة يزيد، وقد أصابه حجر منجنيق في الحصار فبقي ايّاماً ومات، وكانت


الخوارج تغشاه وتنتحله. [1] .

وأمـّا عـنـدنـا فـهـو مـجـهـول، وذكـر السـيـّد الخـوئي (ره) أنّ الشـيـخ عـدّه فـي أصـحـاب رسول الله (ص) تارة، وأخري في أصحاب عليّ(ع) قائلاً: المسور بن مخرمة كان رسوله (ع) الي مـعـاويـة، [2] وقـد روي الشـيخ الطوسي رحمه الله في الامالي رواية يُشَمُّ منها ضـعـف المـسـور بـن مـخـرمـة، [3] ونـقـل القـرشـيّ عـن كـتـاب الاصـابـة أنـه كـان مـن أهـل الفضل والدين، [4] كما نقل الاميني (ره) عن كتاب أنساب الاشراف قائلاً: «وكان مـسـور بـن مـخـرمـة الصحابيّ ممّن وفد الي يزيد، فلمّا قدم شهد عليه بالفسق وشرب الخمر، فـكـُتـب الي يـزيـد بـذلك، فـكـتـب الي عـامـله يـأمـره أن يـضـرب مـسـوراً الحـدَّ، فقال أبوحرّة:



أيشربُها صهباء كالمسكِ ريحها

أبـوخـالد، والحـدَّ يـُضـربُ مـسـورُ» [5] .



3) ـ قـد يـُسـتـفـاد مـن بـعـض الاقـوال التـي أوردنـاهـا فـي النـقـطـة الثـانـيـة أنّ المـسـور بـن مـخـرمـة كـان عـمـريـّ المـيـْل عـثـمـانـي الهـوي، كـمـا قـد يـُسـتـفـاد مـن نـقـل الشـيـخ (ره) أنـه كـان رسول عليٍّ(ع) إلي معاوية، ومن رواية البلاذري أنه شهد علي يزيد بالفسق وشرب الخمر، ومن قول الذهبي أنه سخط إمرة يزيد، أنّ المسور بن مخرمة ربّما كان ذا شيء من التدين، وعلي هـذا يـحـتـمـل أنـه كـتـب رسـالتـه الي الامـام (ع) بـدافـع الشـفـقـة والخـوف عـليـه مـن غـدر أهل الكوفة، ويساعد علي هذا الاحتمال ما ورد في


آخر رواية ابن عساكر أنّ الامام (ع) جزّاه خيراً، هذا علي فرض صحة الرواية أصلاً!!

كـمـا يـظـهـر مـن مـتـن الرسـالة أنّ المـسـور كـان عـارفـاً بـمـكـر ابـن الزبـيـر حـيـث يـقـول: «ويـقـول لك ابن الزبير: إلحق بهم فإنّهم ناصروك!» لكنّ العجيب أنّ الذهبي يذكر أنه انحاز بعد ذلك إلي مكّة مع ابن الزبير، وقتله حجر منجنيق أصابه في الحصار!


پاورقي

[1] راجع: سير أعلام النبلاء 3:393 والاصابة: 3:419.

[2] معجم رجال الحديث 18:161 رقم 12359.

[3] أمـالي الشـيـخ الطـوسـي: 727 مـجـلس 44 حـديـث رقـم 1530/5، وفـي خـلاصـة الرسائل العشر للميلاني ص 40: أنّه کان إذا ذکر معاوية صلّي عليه!!.

[4] حياة الامام الحسين بن علي (ع) 3:24 / الهامش.

[5] الغدير 10:33 / والصهباء: الخمر، وأبوخالد يعني يزيد.