بازگشت

مناقشة كلام المامقاني


1) ـ إنّ الا خـبـارات الكـثيرة التي أُثرت عن النبيّ(ص)، وعن أمير المؤمنين (ع)، (ومنها قليلٌ عن الحـسـن (ع»، وعـن الحـسـين (ع) نفسه، كانت قد شخّصت زمان استشهاده (ع)، ومكان الوقعة التي يـسـتـشـهـد فـيـهـا، بـل وشـخـّصت الحاكم الامر بقتله (ع) وهو يزيد، وأمير جيشه عمر بن سعد، بل وشخّصت حتي صفة القاتل المباشر للذبح شمر بن ذي الجوشن، وكانت هذه الاخبارات علي كـثرتها ووفرة تفصيلاتها قد انتشرت في أوساط الصحابة خاصة وفي كثير من أوساط الامّة عامة، فمن البعيد ألاّ يكون المخلصون من الصحابة (فضلاً عن سواهم من الصحابة الذين كانوا يـعـمـلون فـي خـطّ حركة النفاق) قد علموا ـ أو توقّعوا علي الاقلّ ـ أنّ الامام (ع) في خروجه من المـديـنـة ثـمّ فـي خـروجـه مـن مـكـّة الي العـراق مـاضٍ إلي حـرب وقتال! نعم، قد يُعذر المتخلّفون عنه عند خروجه من المدينة بأنهم ربّما لم يعلموا بخروجه لانّ خروجه من المدينة تمّ بسرعة ولم يعلم به إلاّ المقرّبون منه (ع)، أو لانهم لم يكونوا آنذاك فـي المـديـنـة، ولكـن مـا عذرهم في عدم الالتحاق به (ع) في مكّة وقد أ قام فيها ما يقرب من مائة وخمسة وعشرين يوماً!؟ خصوصاً وأنه قد شاع في أواخر تلك الايام بين الناس في الحجاز أنّ أهـل الكـوفـة قـد كـاتـبـوه وأنـه (ع) عـازم عـلي التـوجّه الي العراق، بما يكفي لمن يُريد الالتحاق به أن يلتحق به حتي وإن تحرّك إليه من المدينة.

2) ـ من هنا وجب أن نبحث عن عذر كلّ واحدٍ من هؤلاء المخلصين في تخلّفه عن الالتحاق بالامام (ع) علي حدة، فإن علمنا عذره في عدم إلتحاقه بالامام (ع) فبها ونعمت، وإن علمنا بأنه لا عذر له فـي تـخـلّفـه وانـّه قـصـّر عـن نـصـرة الامـام (ع) وقعد عن الجهاد معه عمداً فلا يمكننا حينذاك أن نـقـول بـحـسـنـه وعـدالتـه، وإن لم نـعـلم بـعـذره أو عـدم عـذره اسـتـصـحـبـنـا حـسـن حـال الرجـل أو عـدالته


ووثاقته إذا ثبت ذلك من مجموع تأريخ سيرته، خصوصاً إذا أثني (ع) الامام زين العابدين علي بن الحسين (ع) أو أحد ممن جاء من بعده من الائمة (ع).

3) ـ لم يـنـجُ أحـدٌ مـن أعـلام الامـّة مـمـن بـقـي فـي الحـجـاز ولم يـلتـحـق بـالامـام (ع) مـن التـأمـّل فـي عـدالتـه مـن خـلال التـسـاؤل عـن سـرّ عـدم التـحـاقـه، ولعـلّ أكثر من تعرّضوا للتأمّل في عدالتهم المتخلّفين من بني هاشم، كابن عبّاس وابن جعفر وابن الحنفيّة، ولعلّ الاخير أكثر المتعرضين لهذا التأمّل منذ أيّام الائمة (ع) [1] وإلي الان، مع أنّ المأثور أنّ ابـن الحـنـفـيّة (رض) أقعده وأعجزه المرض عن الالتحاق بالامام (ع)، وورد أنّ ابن جعفر كـان مـكـفوفاً، وتحقّق عندنا أنّ ابن عبّاس (رض) كان عذره في كونه مكفوفاً أو ضعيف البصر جدّاً آنذاك. [2] .

فـالامـر ليـس كـمـا ذهـب إليـه المـامـقـانـي (ره) بـقـوله: «.. ولم يتأمّل أحدٌ في عدالتهم كابن الحنفية وأضرابه!».

4) ـ أمـّا فـيـمـا يـتـعـلّق بأمر أبي سعيد الخدري (ره)، فقد وردت روايات عن الامامين الصادق والرضـا(ع) تـثـنـي عـليـه وتـمـدحـه، كـقـول الامـام الصادق (ع) فيه: «رُزق هذا الامر، وكان مـسـتـقـيـمـاً»، [3] وعـدّه الامـام الرضـا(ع) فيمن لم يُغيّروا ولم يبدّلوا، وهذا يكفي في الاطمئنان الي حسن حاله ووثاقته وعدالته.



پاورقي

[1] راجع: بصائر الدرجات 10:481 باب 9 حديث 5: والبحار 44:330 باب 37.

[2] راجـع بـحـث تـحـرّک کـلِّ مـن هـؤلاء الثـلاثـة (رض) فـيـمـا تـقـدّم مـن هـذا الفصل.

[3] ولقـد حـسـّن العـلامـة المـجـلسـي (ره) هـذه الروايـة (راجـع: مـرآة العقول 13:281).