بازگشت

لقاء جابر بن عبدالله الانصاري مع الامام


روي ابن كثير خبراً مرسلاً أنّ جابر بن عبدالله الانصاري (رض) [1] كان قد


التقي الامـام (ع) وكـلّمـه ليـردّه عـن القـيـام والخـروج عـلي يـزيـد: «قـال جـابـر بـن عـبدالله: كلّمتُ حسيناً، فقلت: إتّق الله، ولاتضرب الناس بعضهم ببعض، فوالله ماحمدتم ما صنعتم. فعصاني!».


ولايـخـفـي عـلي ذي أدنـي مـعـرفـة بـجـابـر بـن عـبـدالله الانـصـاري (رض) أن أصـل اللقاء هذا إذا كان محتملاً، فلا سبيل إلي احتمال محتواه! لانه بعيد كلّ البعد أن تصدر مـثـل هـذه الجـسـارة عـلي الامـام (ع) ومـثـل سـوء الادب هـذا عـن هـذا الصـحـابـي الجليل القدر العارف بحق أهل البيت (ع)!

والظـنّ قـويّ جـداً فـي أن يـكـون مـحـتـوي هـذا الخـبـر مـن مـفـتـعـلات مـرتـزقـة الاعـلام الامـوي مـن أجل الاساءة الي النهضة الحسينية وتخطئتها!

وممّا يؤيد كون هذا الخبر من الموضوعات أنّ ابن كثير أورده مرسلاً دون أن يذكر له طريقاً.

نـعـم، روي عـمـاد الدين أبو جعفر محمد بن عليّ الطوسي [2] المعروف بابن حمزة في كـتابه «الثاقب في المناقب» لقاءً لجابر الانصاري (رض) مع الامام (ع) يفوح منه عطر حسن الادب فـي مـخـاطـبـة الامـام (ع)، والمـعـرفة بحقّ أهل البيت (ع)، والصدق في موالاتهم ومحبّتهم والتشيّع لهم:

«عـن جـابـر بـن عـبـدالله (رض) قـال: لمـّا عزم الحسين بن عليّ(ع) علي الخروج الي العراق، أتـيـتـه فـقـلت له: أنـت ولد رسول الله (ص)، وأحد سبطيه، لا أري إلاّ أنّك تصالح كما صالح أخوك الحسن (ع)، فإنه كان موفّقاً راشداً.

فقال لي (ع):

يـا جـابـر، قـد فـعـل أخـي ذلك بـأمـر الله تـعـالي ورسـوله (ص)، وإنـّي أيـضـاً أ فـعـل


بـأمـر الله تـعـالي ورسـوله، أتـريـد أن أ سـتـشـهـد لك رسول اللّه (ص) وعليّاً وأخي الحسن (ع) بذلك الان!

ثمّ نظرتُ، فاذا السماء قد انفتح بابها، واذا رسول الله (ص) وعليّ والحسن (ع) وحمزة وجعفر وزيد، [3] نازلين عنها حتّي استقرّوا علي الارض،فوثبت فزعاً


مذعوراً!

فقال لي رسول الله (ص):

يـا جـابـر، ألم اقـل لك فـي أمـر الحـسـن قـبـل الحـسـين، لاتكون مؤمناً حتّي تكون لائمتّك مسلّماً ولاتـكـون مـعـترضاً، أتريد أن تري مقعد معاوية، ومقعد الحسين ابني، ومقعد يزيد قاتله لعنه اللّه؟

قلت: بلي يا رسول الله!

فـضـرب بـرجـله الارض فـانشقّت، وظهر بحر فانفلق، ثم ضرب فانشقّت هكذا حتي انشقّت سـبـع أرضـيـن، وانـفـلقـت سبعة أبحر، فرأيتُ من تحت ذلك كلّه النار فيها سلسلة قُرن فيها الوليـد بـن المـغـيـرة وأ بـوجـهل ومعاوية الطاغية ويزيد، وقُرن بهم مردة الشياطين، فهم أشدّ أهل النار عذاباً.

ثم قال (ص): إرفع رأسك!

فـرفـعـتُ فـإذا أ بـواب السـمـاء مـفـتـّحـة، وإذا الجـنـّة أعـلاهـا! ثـم صـعـد رسـول الله (ص) ومن معه الي السماء، فلمّا صار في الهواء صاح بالحسين: يا بُنيّ إلحقني. فلحقه الحسين وصعدوا حتي رأيتهم دخلوا الجنّة من أعلاها!


ثـم نـظـر إليَّ مـن هـنـاك رسـول الله (ص)، وقـبـض عـلي يـد الحـسـيـن (ع) وقال: يا جابر، هذا ولدي معي ها هنا، فسلّم له أمره ولاتشكّ لتكون مؤمناً.

قـال جـابـر: فـعـمـيـت عـيـنـاي إن لم أكـن رأيـتُ مـا قـُلت مـن رسول الله (ص).». [4] .


پاورقي

[1] جـابـر بـن عـبـدالله الانـصـاري (رض): مـن أصـحـاب رسـول الله (ص) وأمـيـر المـؤمنين والحسن والحسين والسجّاد(ع). وقد شهد بدراً وثماني عشرة غـزوة مـن غـزوات النـبـيّ(ص)، وهـو مـن شـرطـة الخـمـيـس، وکـان مـع عـليّ(ع) فـي الجـمـل وصـفـيـن، وهـو مـن النـقـبـاء الاثـنـي عـشـر، انـتـخـبـهـم رسـول الله (ص) بـأمـر جـبـرئيل (ع)، وعدّه الامام الصادق (ع) من الذين لم يغيّروا ولم يبدّلوا بـعـد نـبـيـّهـم وتـجـب ولايـتـهـم، ومن الذين وفوا لرسول الله (ص) فيما أخذ عليهم من مودّة ذي القـربـي. وهو الذي ألقي نفسه علي أيدي الحسنين (ع) وأرجلهما يقبّلها، ويبيّن فضائلهما. وهـو الراوي عـن النـبيّ(ص) أسماء الائمة الاثني عشر صلوات الله عليهم وفضائلهم ومناقبهم، وأنّ مـن أطـاعـهـم فـقـد أطـاع رسـول الله (ص)، ومـن عـصـاهـم فـقـد عـصـي رسـول الله (ص)، وأنّ بـهـم يـُمـسـک الله السـمـاء ان تـقع علي الارض، وهو الذي ضمن الامام البـاقـر(ع) له الشـفـاعـة يـوم القـيـامـة (راجـع: مـسـتـدرکـات عـلم الرجـال:2:101). وهـو أوّل زائر لقـبر الحسين (ع)، وصاحب الزيارة المعروفة التي من نصها: «اشـهـد أنـک ابـن النـبـيـيـن وابـن سـيـّد الوصـيـيـن، وابـن حـليـف التـقـوي، وسـليـل الهـدي، وخـامـس أصـحـاب الکـسـا، وابن سيّد النقباء، وابن فاطمة سيّدة النساء، ومالک لاتـکـون هـکذا وقد غذتک کفّ سيّد المرسلين، ورُبيت في حجر المتّقين، ورضعت من ثدي الايمان، وفـطمت بالاسلام، فطبت حيّاً، وطبت ميّتاً، غير أنّ قلوب المؤمنين غير طيّبة لفراقک، ولا شاکّة فـي حـيـاتـک، فعليک سلام الله ورضوانه، وأشهد أنک مضيت علي ما مضي عليه أخوک يحيي بـن زکـريـا...» (راجـع: بـشـارة المصطفي: 74) وقد أثني عليه علماؤنا، ووثّقوه في أعلي مراتب الوثاقة، فعلي سبيل المثال:

1) ـ قـال المـجـلسـي (ره): «ثـقـة، وجـلالتـه أجـلُّ مـن أن يـحـتـاج الي بـيـان» (رجال المجلسي:173).

2) ـ وقـال المـامـقـانـي (ره): «فـالرجـل مـن أجـلاّء الثـقـات بـلامـريـة... وقـال الوحـيـد: لايـخـفـي أنـه مـن الجـلالة بـمـکـان لايـحـتـاج الي التـوثـيـق» (تـنـقـيـح المقال: 1:199).

3) ـ وقـال الخـوئي (ره): «إنـّه مـن الاربـعـة الذيـن انـتـهـي إليـهـم عـلم الائمـة!» (مـعـجـم رجال الحديث: 4:15).

[2] هـو الشيخ الفقيه العالم الواعظ: أبوجعفر محمد بن عليّ بن حمزة الطوسي المشهدي، مـن أعـلام القـرن السـادس، له تـصـانـيـف مـنـهـا: الوسـيـلة، الواسطة، الرايع في الشرايع، المعجزات وأسمه الاخر الثاقب في المناقب، مسائل في الفقه. (أنظر: معجم المؤلّفين:11:4 وأمـل الامـل: 2:285 وتـنـقـيـح المـقـال: 3:155 ومـعـجـم رجال الحديث:16:326).

[3] الواضـح مـن المتن أنّ زيداً هذا من سادات الشهداء أولي المنزلة الرفيعة جدّاً، بقرينة أنـه فـي الروايـة کـان مـع رسـول الله (ص) وعـليّ والحسن وحمزة وجعفر(ع)! ولانعلم شهيداً ذا منزلة رفيعة جدّاً بإسم «زيد» حتي ذلک الحين سوي إثنين، هما:

الاول: زيـد بـن حـارثـة الذي قـال فـيـه رسـول الله (ص): «أنـت أخـونـا ومـولانـا»، وکـان رسـول الله (ص) قـد اشـتـراه بـمـال خـديـجـة، فـلمـّا أظـهـر رسـول الله (ص) الدعـوة أسـلم زيـدٌ، فـاسـتـوهـبـه الرسول (ص) من خديجة ليعتقه فوهبته له وأعتقه، وبعد أن رفض زيدٌ الالتحاق بأبيه، تـبـرّاء أبوه منه، فقال رسول الله (ص): يا معاشر قريش، زيدٌ ابني وأنا أبوه، فاشتهر فـي أوسـاط قـريـش بـزيـد بـن مـحـمـّد، عـلي عـادة قـريـش فـي تـسـمـيـة الادعـيـاء الي نـزول الايـة التـي أمرت بأن يُدعي الادعياء الي آبائهم. وهو الذي خرج مع النبيّ(ص) إلي الطـائف، وقـد اسـتـخـلفـه الرسـول عـلي المـديـنـة فـي بـعـض غـزواتـه، وقـال (ص) فـي حـقّه: خير أمراء السرايا زيد بن حارثة. وقد رأي النبيّ ليلة المعراج جارية تنغمس في أنهار الجنّة، فقال لها: لمن أنتِ يا جارية؟ فقالت: لزيد بن حارثة. فبشّره (ص) بـهـا في الصباح، وهو الذي أمّره النبيّ(ص) علي جيش المسلمين في غزوة مؤته، وقد استشهد فـيـهـا، فـخـرج مـن فـمـه نـورٌ سـاطـع أضـواء مـن الشـمـس الطـالعـة حـتـي صـار الليـل المـظـلم کالنهار! (راجع: البحار: 20:372 و115 / 19:22 و 174)، وإبنه أسامة بن زيد الذي أمّره رسول الله (ص) علي الجيش الاسلامي الذي بعثه الي الشام، فتکلّم المنافقون فـي إمـارتـه وقـالوا: أمـّر غـلامـاً جـلّة المـهـاجـريـن والانـصـار. فـقـال رسـول الله (ص): إن تـطـعـنـوا فـي إمـارتـه فـقـد طـعـنـتـم فـي إمـارة أبـيـه مـن قـبـل، وإنـه لخـليـق للامـارة وکـان أبـوه خـليـقـاً لهـا (راجـع: الکـامـل فـي التـأريـخ: 2:215)، والمـشـهـور الثابت أن أبابکر وعمر ممّن تخلّفوا عن جيش أسـامـة، وقـد قـال رسول الله (ص): «جهّزوا جيش أُسامة، لعن الله المتخلّف عن جيش اسامة!» (نهج الحق وکشف الصدق: 263).

والثـانـي: هـو زيـد بـن صـوحـان العـبـدي، أخـو صـعـصـعـة، کـان مـن الابـدال، وقـُتـل يـوم الجـمـل، وقـيـل إنّ عـائشـة قـد اسـتـرجـعـت يـوم قـُتـل! وعـن الامـام الصـادق (ع): لمـّا صـُرع زيـدٌ يـوم الجـمـل جـاءه أمـيـر المـؤمنين حتي جلس عند راسه فقال: رحمک الله يا زيد! قد کنت خفيف المؤونة عـظـيـم المـعـونـة!. وذکـر النـبـيّ زيد بن صوحان فقال: زيد ومازيد! يسبق منه عضو إلي الجنّة (راجـع: سـفـيـنـة البـحـار: 3:565)، وعـن النـبـيّ الکـريـم (ص) أنـه قال: من سرّه أن ينظر الي رجل يسبقه بعض أعضائه الي الجنّة فلينظر الي زيد بن صوحان (تـاريـخ بـغـداد: 8:440)، وکـان قـد قـُطـعـت يـده يـوم نـهـاونـد فـي سبيل الله (البحار: 18:112).

[4] الثاقب في المناقب: 323 حديث 266 ومدينة المعاجز:3:488 ونفس المهموم: 77.