بازگشت

لماذا تخلف محمد بن الحنفية عن الامام؟


لم نـعـثـر ـ حـسـب تـتبعنا ـ علي مأثور عن أئمّة أهل البيت (ع) بصدد علّة تخلّف محمد بن الحنفية (رض) عـن الالتـحـاق بـالامـام الحسين (ع) سوي هذه الرواية: التي يرويها ابن فروخ صاحب «بـصـائر الدرجـات» بـسـنـدٍ عـن حـمـزة بـن حـمـران عـن الامـام الصـادق (ع)، يـقـول حـمـزة: «ذكـرنـا خـروج الحـسـيـن وتـخـلّف ابـن الحـنـفـيـة عـنـه، قـال: قـال أبـوعـبـدالله (ع): يـا حـمـزة إنـّي سـأحـدّثـك فـي هـذا الحـديـث ولاتسأل عنه بعد مجلسنا هذا: إنّ الحسين لمّا فصل متوجّهاً دعا بقرطاس ‍ وكتب: بسم الله الرحمن الرحـيـم. مـن الحـسـيـن بـن عـليّ الي بـني هاشم: أمّا بعدُ، فإنّه من لحق بي منكم استشهد معي، ومن تخلّف لم يبلغ الفتح. والسلام.». [1] .

وقد علّق العلاّمة المجلسي (ره) علي هذه الرواية تعليقتين قائلاً:

في الاولي: «قوله (ع): لم يبلغ الفتح، أي لم يبلغ ما يتمنّاه من فتوح الدنيا والتمتع


بـهـا، وظـاهـر الجواب ذمّه، ويحتمل أن يكون المعني أنه (ع) خيّرهم في ذلك، فلا إثم علي من تخلّف!» [2] .

وفي الثانية: «ومن تخلّف لم يبلغ مبلغ الفتح، اي لايتيسّر له فتح وفلاح في الدنيا أو في الاخـرة، أو الا عـمّ، وهـذا إمـّا تـعـليـل بـأنّ ابـن الحـنـفـيـة إنـّمـا لم يـلحـق لانـه عـلم أنـّة يُقتل إن ذهب بإخباره (ع)، أو بيان لحرمانه عن تلك السعادة، أو لانّه لاعُذر له في ذلك لانه أعلمه وأمثاله بذلك!» [3] .

ونـقـول: إنّ نـصّ هـذه الرسـالة الشـريـفة ـ بغضّ النظر عن حقيقة المراد بالفتح [4] فيها ـ يقرّر بلا شك أنّ من لم يلتحق بالامام (ع) محروم من مبلغ الفتح هذا، سواء كان معذوراً أو غير معذور، فلا دليل من نفس النصّ علي أنّ كلّ من تخلّف غيرُ معذور ويُذمّ، كما هو المستفاد من ظاهر تعليقتي العلاّمة المجلسيّ(ره) [5] من أنّ كلّ من بلغته هذه الرسالة ليس بمعذور لانّ الا مام (ع) أعلمه فيها بالمصير! [6] هذا


فضلاً عن المناقشة الموجودة في سند هذه الرواية. [7] .

ولعلّ الامام الصادق (ع) أراد أن يصرف اهتمام المتذاكرين في سبب تخلّف ابن الحنفية الي ما هو أهـمّ مـن أن يـكـون المـتـخـلّف مـعـذوراً أو غـيـر مـعـذور، وهـذا الا هـمّ هـو أصـل الحـرمـان من بلوغ منزلة «أنصار الحسين (ع») الذين لم يسبقهم


سابق في سموّ مرتبتهم ولايـلحـق بـهـم لاحـق كـمـا قـرّر ذلك أمير المؤمنين (ع)، [8] إذ المعذور وغير المعذور من المـتـخلّفين سواء ـ من حيث النتيجة العملية لامن حيث الحساب والجزاء ـ في حرمانهم من ذلك الشرف الذي لايُضاهي والمجد الذي لايُداني، وحَقَّ لكلّ مؤمن (غير أنصار الحسين (ع» أن تذهب نفسه حسرات أسفاً علي حرمانه من ذلك الفوز العظيم كلّما ردّد: ياليتني كنت معكم فأفوز واللّه فوزاً عظيماً!!.

مع هذا، فإنّ من علمائنا من روي ونقل أنّ سيّدنا محمد بن الحنفية (رض) كان مريضاً أيّام خروج الامـام الحـسـيـن (ع)، إلي درجـة أنـه كـان لايـقـوي عـلي حـمـل السـيـف! وفـي طـليـعة هؤلاء الاعلام السيّد ابن طاووس (قدّس)، فقد أورد في كتابه: عن أبـي مخنف قوله: «وقد كان محمد بن الحنفية موكوعاً، [9] لانّه أُهدي الي أخيه الحسين (ع) درع مـن نـسـج داود عـلي نـبـيـّنـا وعـليـه السـلام، فـلبـسـه فـفـضـل عـنـه ذراع وأربـعـة أصـابـع، فـجـمـع مـحـمـّد بـن الحـنـفـيـة مـا فـضـل مـنه وفركه بيده فقطعه، فأصابته نظرة، فصارت أنامله تجري دماً مدّة، ولهذا لم يـخـرج مـع الحـسـيـن (ع) يـوم كـربـلاء، لانـّه مـا كـان يـقـدر أن يـقـبـض قـائم سيف ولاكعب رمح.». [10] .

ومـن هـؤلاء الاعـلام أيـضـاً العـلاّمـة الحـلي (ره)، فـفـي إجـابـتـه عـن سـؤال:

«مـايـقـول سـيـّدنـا في محمّد بن الحنفية، هل كان يقول بإمامة أخويه وزين العابدين (ع) أم لا؟ وهـل ذكـر أصـحـابـنـا له عـذراً فـي تـخـلّفه عن الحسين (ع) وعدم


نصرته له أم لا؟ وكيف يكون الحـال إن كـان تـخـلّفـه عـنـه لغـيـر عـذر؟ وكـذلك عـبـدالله بـن جـعـفـر وأمـثـاله؟» قـال العـلامـة الحـلي (ره): «قـد ثـبـت فـي أصـول الامـامـة أنّ أركـان الايـمـان: التـوحـيـد والعـدل والنـبّوة والامامة، والسيّد محمّد بن الحنفية وعبدالله بن جعفر وأمثالهم أجلّ قدراً وأعظم شـاءنـاً مـن اعـتـقـادهـم خـلاف الحـق وخـروجـهـم عـن الايـمـان الذي يحصل به اكتساب الثواب الدائم والخلاص من العقاب. وأمّا تخلّفه عن نصرة الحسين (ع) فقد نـُقـل أنـه كـان مـريـضـاً، ويـحـتـمـل فـي غـيـره عـدم العـلم بـمـا وقـع لمـولانـا الحـسـيـن (ع) مـن القتل وغيره، وبنوا علي ما وصل من كتب الغَدَرَةِ إليه وتوهمّوا نصرتهم له!». [11] .


كـمـا أورد الدربـنـدي فـي (اسـرار الشهادة) نقلاً عن أبي مخنف محاورة في المدينة بين الامام (ع) وبين أخيه محمّد، كان منها قول محمّد: «إنّي والله ليحزنني فراقك، وما أقعدني عن المسير معك إلاّ لاجـل مـا أجـده مـن المرض الشديد، فوالله يا أخي ما أقدر أن أقبض علي قائم سيف ولاكعب رمـح، فـوالله لافـرحـت بـعـدك أبـداً. ثم بكي شديداً حتي غُشي عليه، فلمّا أفاق من غشيته قال: يا أخي استودعك الله من شهيد مظلوم!». [12] .

كـمـا تـعـرّض الشـيـخ حـبيب الله الكاشاني لهذا وذكر أنّ أبن الحنفية كان مصاباً بألم، فلم يـقـدر عـلي حمل السيف والجهاد، [13] بل ذكر أنّ المشهور هو أنّ ابن الحنفية كان مريضاً في المدينة. [14] .

وجـديـر بـالذكـر: أنّ مـحـمـّد بـن يـزيـد المـبـّرد فـي كـتـابـه (الكـامـل) روي قصة محمد بن الحنفية مع الدرع قائلاً: «وكان عبدالله بن الزبير يُظهر البغض لابـن الحـنـفـيـة إلي بـغـض أهـله! وكـان يـحـسـدُه عـلي أيـْدِهِ (أي قـوّتـه)، ويُقال: إنّ عليّاً استطال درعاً فقال: لينقص منها كذا وكذا حلْقة، فقبض محمّد بن الحنفية بإحدي يديه علي ذيلها، وبالاخري علي فضلها، ثمّ جذبه فقطعه من الموضع الذي حدَّه أبوه، فكان ابن الزبير إذا حُدِّث بهذا الحديث غضب واعتراه له أَفْكَلٌ (أي رعدة)!» [15] .


ادّعـي ابـن عساكر في تأريخه، ومن بعده المزّي، والذهبي، أنّ ابن الحنفية لمّا يأس في مكّة من تغيير عزم الامام الحسين (ع) ومنعه من الخروج الي العراق منع ولده من الالتحاق بالامام (ع)، حيث قـالوا: «وبـعـث الحـسـيـن الي المدينة، فقدم عليه من خفّ معه من بني عبدالمطّلب، وهم تسعة عشر رجـلاً، ونـسـاء، وصـبـيـان، من إخوانه وبناته ونسائهم. وتبعهم محمّد بن الحنفية فأدرك حسيناً بـمـكـّة، وأعـلمـه أنّ الخـروج ليـس له بـرأي يـومـه هـذا، فـأبـي الحـسـيـن أن يـقـبل [رأيه]، فحبس محمّد بن علي وُلْده [عنه] فلم يبعث معه أحداً منهم، حتي وجد حسين في نفسه علي محمّد وقال [له]: أترغب بولدك عن موضع أُصاب فيه!؟

فـقـال مـحـمـّد: ومـاحـاجـتـي أن تـُصـاب ويـصـابـون مـعـك، وإن كـانـت مـصـيـبتك أعظم عندنا منهم!». [16] .

أقـول: لم نـعـثـر عـلي هـذا ـ أي حـبـس مـحـمـّد أولاده عـن الالتـحـاق بـالامـام (ع) ـ فـي كـتـبـنـا، بـل فـي تـواريـخ غـيـرنـا أيـضـاً سـوي ما أورده ابن عساكر ثمّ المزيّ [17] ثمّ الذهبي، [18] وقـد أورد الذهـبـي هـذه الرواية مرسلة، وكذلك أوردها المزّي، ولعلهما أخذاها عن ابـن عـسـاكـر الذي أوردهـا بسند، فيه أكثر من مجهول، وفيه من اتهمه ابن عساكر نفسه برقّة دينه كالبزاز!، [19] وفيه من هو ليس بالقوي في حديثه كابن


فهم. [20] .

فضلاً عن هذا، فإنّ مثل هذا الامر لوكان قد حصل فعلاً، لكان سُبّةً وسَوْءةً يُعيَّر بها ابن الحنفية وأبناؤه، ولكان لهذا الحدث آثار ممتدّة يُعرف من خلالها، كأن يُعاتب ابن الحنفية أو أبناؤه مـن قـبـل واحـد مـن أهـل البـيـت (ع) أو أكـثـر مـثـلاً، أو مـن قـبل أحد الهاشميين، أو من قبل بعض الناس، فيردّ محمّد ـ أ و أبناؤه ـ مدافعاً عن موقفه في منع أولاده من الالتحاق بالامام (ع)، ولاشك أن جميع هذه الاثار أو بعضها سوف تنطبع علي صفحة التأريخ فنقرأها في المطبوع منه أو في المخطوط.

لكـنـنـا لانـجـد شـيـئاً مـن هـذا عـلي صـفـحـة التـأريـخ، ولا فـي المـأثـور عـن أهـل البـيـت (ع) بـصـدد نـهـضـة الامـام الحـسـيـن (ع)، أو بـصـدد مـحـمـد بـن الحـنـفـيـة نـفـسـه، بل ولانجد له أثراً في المأثور عن ابن الحنفية نفسه وعن أبنائه.

من هنا، نري أنّ مارواه ابن عساكر بهذا الصدد، زيادة مكذوبة، ولايبعد أن يكون أحد الرواة في سـنـدها ذا ميل أمويّ، [21] فأراد أن يشوِّه وحدة الصفّ الهاشمي في الموقف من نهضة الامام الحـسـيـن (ع)، ويُسيء بالخصوص الي محمد بن الحنفية (رض) الذي كان معتقداً بإمامة الحسنين (ع)، وبإمامة زين العابدين (ع)


أئمّة له في حياته بعد أمير المؤمنين (ع).


پاورقي

[1] بـصـائر الدرجـات، 10:481، بـاب 9، حـديـث 5، وقـد رواهـا ابـن قـولويه (ره) في کـامـل الزيـارات: 75، بـاب 24، حـديـث 15 بـسـنـد عـن زرارة، عـن الامـام البـاقـر(ع) قـال: «کـتـب الحـسـيـن بن علي من مکّة الي محمّد بن علي: بسم الله الرحمن الرحيم. من الحسين بن عـلي إلي مـحـمّد بن عليّ ومن قِبَله من بني هاشم: أمّا بعدُ، فإنّ من لحق بي استشهد، ومن لم يلحق بـي لم يـُدرک الفـتـح، والسـلام»، وقـد رويـت أيـضـاً عـن کـتـاب الرسـائل للکـليـنـي بسند آخر عن حمزة بن حمران، عن الامام الصادق (ع)، وفيها: «ياحمزة إنّي سأخبرک بحديث لاتسأل عنه بعد مجلسک هذا...» (البحار، 44:330 باب 37).

[2] بحار الانوار، 42:81، باب 120، حديث 12.

[3] نفس المصدر، 44:360، باب 37.

[4] لقـد مـضـي القـول بـالتـفـصـيـل فـي مـعـنـي هـذا الفـتـح، فـي الجـزء الاوّل مـن هـذا الکـتـاب في مقالة (بين يدي الشهيد الفاتح)، کما تعرضنا له في هذا الجزء أيضاً فـي الفـصـل الاوّل مـنـه عـنـد ذکـرنـا لهـذه الرسـالة مـن (رسائل الامام (ع» وتعليقتنا عليها.

[5] لايـخـفـي عـلي المتأمل في تعليقة العلامة المجلسي الثانية ما فيها من قسوة ـ نراها غير مـقـصـودة ـ بـحـقّ ابـن الحـنـفـيـة، ذلک البطل الذي کان أمير المؤمنين عليّ(ع) يلقيه في لهوات حـروبـه فـمـا يـرهـب المـوت والقتل، وکان معتقداً بإمامة الحسنين (ع) وإمامة السجّاد(ع)، عارفاً بحقّهم، وقد أجمع علماء الرجال الشيعة علي مدحه والثناء عليه.

[6] يـبدو أنّ التغليب هو المراد بقوله (ع) «من لحق بي استشهد» إذ إنّ أفراداً هناک ممّن التـحـقـوا به (ع) لم يُستشهدوا وسلموا من القتل کالحسن المثني وغيره، هذا إذا کان المراد هنا من الاستشهاد: القتل في سبيل الله، والله العالم.

[7] فـالروايـة عـلي فـرض دلالتـهـا علي توبيخ المتخلّف سيما ابن الحنفية (رض) ـ کما اسـتـفـاد مـنها العلاّمة المجلسي (ره) والوحيد البهبهاني (ره) ـ فهي مورد نقاش في السند، لانّ في سـندها مروان بن إسماعيل وهو مهمل، إذ لم يرد له ذکر في الکتب الرجالية أصلاً، وفيه أيضاً حـمـزة بـن حمران الشيباني الذي لم يرد فيه توثيق إلاّ انه من مشايخ ابن أبي عمير وصفوان من أصـحـاب الاجـمـاع، وقـيـل إنّ هـذا مـشـعـرٌ بـوثـاقـتـه (کـمـا عـن تـنـقـيـح المـقـال، 1:374)، لکـنّ هـذا المـبـنـي مـورد للنـقـاش والردّ (کـمـا عـن مـعـجـم رجال الحديث، 6:266)، والتجاء البعض الي طرق أخري لتوثيقه وهي أيضاً مخدوشة (انظر: قـامـوس الرجـال، 4:28)، کـمـا أنّ السيد محمد بن أبي طالب صاحب کتاب (تسلية المجالس) نقلها عن کتاب الرسائل للکليني ولايُعلم طريقه إليه.

ومن الجدير بالذکر أنّ المامقاني يتبنّي رأي الوحيد البهبهاني في أنّ نفس الذمّ الذي قد يُستفاد مـن هـذه الروايـة بـحـق ابـن الحـنـفـيـة قـد يـکـون مـقصوداً لمصلحة ما کان الامام (ع) ناظراً إليها، يقول المامقاني: «وأمّا تخلّفه عن الحسين (ع) فلعلّه کان لعذر أو مصلحة، والرواية الواردة في ذمّة (ولعلّه يقصد نفس هذه الرواية) إن کانت صحيحة فلعلّه أيضاً کانت لمصلحة کما نبّه علي ذلک المولي الوحيد(قدس).» (تنقيح المقال، 3:115).

ويـري المـامـقـانـي أيـضـاً بـعـد عـرضـه لجـواب العـلاّمـة الحـلّي عـن سـؤال السـيـد مـهـنـّا أنّ مـرض ابـن الحـنـفـيـة ـ إن صـحّ ـ فـهـو عـنـد رجـوع أهـل البـيـت الي المـديـنـة لاعـنـد ذهـاب الحـسـيـن (ع)، ويـعـلّق تـعـليـقـة طـويـلة (هـي مـورد تـأمل ونقاش تحقيقي مفصّل!)، ومن الجدير بالذکر أنه (ره) ضمن تعليقته هذه يري صحة هذه الرواية (راجع: تنقيح المقال، 3:112).

[8] بحار الانوار، 41:295، باب 114، حديث رقم 18.

[9] الوکع: مَيْل الاصابع قِبَل السبّابة حتي تصير کالعّقفَة، خِلقةً أو عرضاً. (راجع لسان العرب، 8:408، مادة وکع).

[10] کـتـاب (حـکـايـة المـخـتـار فـي أخـذ الثـار برواية أبي مخنف): 33؛ المطبوع مع کتاب اللهوف في قتلي الطفوف؛ منشورات المطبعة الحيدرية في النجف الاشرف.

[11] المسائل المهنّائية: 38، المسألة رقم 33.

لکـنـنـا نـقـول: إن احـتـمال عدم علم محمد بن الحنفية (رض) بمصير الامام الحسين (ع) ـ کما احتمله العـلاّمـة الحـلّي (ره) ـ مـسـتـبـعـدٌ جـدّاً لوجـود الروايـات الکـثـيـرة المـنـتـشـرة آنـذاک والمـخـبـرة بـمـقتل الامام الحسين (ع)، المرويّة عن النبيّ(ص)، وعن أمير المؤمنين (ع)، وعن الامام الحسين نفسه (ع)، ولايـُحـتـمـل أنّ مـحـمّد بن الحنفية لم يکن علي علمٍ ببعضها علي الاقلّ!، کيف وقد روي عن محمّد نـفـسـه حـول أصـحـاب الامـام الحسين (ع) قوله: «وإنّ أصحابه عندنا لمکتوبون بأسمائهم وأسماء آبائهم!». (مناقب آل أبي طالب، 4:53).

هذا فضلاً عن الروايات التي تقول إنّ الامام الحسين (ع) کان قد أخبر أخاه محمّداً بذلک، ومنها الروايـة المـرويـّة عـن الامـام الباقر(ع)، والتي تخبر أنّ الامام (ع) بعث برسالة الي محمد بن الحـنـفـيـة ومـن قـِبـَله مـن بـنـي هـاشـم يـقـول فـيـهـا: «.. مـن لحـق بـي اسـتـشـهـد..». (کـامـل الزيـارات: 75،باب 24، حديث 15)، والرواية الاخري المرويّة بأسانيد متعددة، والتي تـقـول إنّ الامـام (ع) قـال لمـحـمـّد(رض): «والله يـا أخـي، لوکـنـت في جحر هامّة من هوامّ الارض لاسـتـخـرجـونـي مـنـه حـتـي يقتلوني.». (البحار:، 45:99، باب 37)، ومع اعتقاد محمّد بن الحنفية بـامـامـة الحسين (ع)، فإنّ أخذه عنه أخذ عن صادق مصدّق، خبره الخبر اليقين الذي لاريب فيه. لکـنّ الذي يـهـوّن الخـطـب أنّ احـتـمـال العـلاّمـة في غير ابن الحنفية ـ علي الاظهر ـ وإلاّ فإن ابن الحنفية کان مريضاً.

[12] أسرار الشهادة: 246؛ ومعالي السبطين، 1:230.

[13] تذکرة الشهداء: 71.

[14] نفس المصدر: 82.

[15] الکامل، 3:266 / دار الفکر العربي ـ القاهرة.

[16] تـاريـخ ابـن عـسـاکـر (تـرجمة الامام الحسين (ع» تحقيق المحمودي: 204 ـ 205، رقم 254.

[17] تهذيب الکمال، 4:493.

[18] تاريخ الاسلام، حوادث سنة 61، صفحة 9.

[19] وهو أبو بکر محمّد بن عبدالباقي البزّاز (راجع: سير أعلام النبلاء، 20:25).

[20] وهـو حـسـيـن بـن فـهـم الفـقـيـه، قـال الدارقـطـني: ليس بالقويّ (راجع: سير أعلام النبلاء، 13:427 وتاريخ بغداد، 8:93).

[21] فـي سـنـد روايـة ابـن عـسـاکـر هـذه: مـحـمـد بـن عـمـر الواقـدي، الذي قـال فـيـه الشـيـخ المـفـيـد(ره): «إنّ الواقـدي کـان عـثـمـانـي المـذهـب بـالمـيـل عـن عـلي أمـيـر المـؤمـنـيـن» «کـتـاب الجـمـل: 54). وکـان الواقـدي يقول: «الکرخ مفيض السفل!» وقد عني بذلک مواضع يسکنها الرافضة! (تاريخ بغداد، 3:3 وقـامـوس الرجـال: 9:492). وقـد اتـهـمـه جـلُّ رجـاليـي العـامـة بـالکـذب (راجـع: الفـصـل الثـانـي، المـلاحـظـة الرابـعـة مـن المـلاحـظـات حول رسالة يزيد الي ابن عباس، ص:150 ـ 151).