بازگشت

اشارة


لايـخـفـي عـلي المـتـأمـّل فـي مـا عـثرنا عليه من متون محاورات عبدالله بن عباس (رض) مع الامام الحـسـيـن (ع) ظـهـور حـقيقة ـ ما قدّمناه من قبل ـ أنّ المحور الاساس في تفكير ابن عباس (رض) هو تـأيـيـده لقـيـام الامـام (ع)، ومـعـارضـتـه لخـروجـه الي العـراق قبل تحرّك أهله عملياً لنصرته.

ولم نـعـثـر ـ حسب تتبعنا ـ علي نصٍّ منسوب الي ابن عباس (رض) يفيد أنه كان معارضاً لقيام الامام (ع)، أو أنه (رض) نهي عن القيام، إلاّ ما ورد في كتاب (أسرار الشهادة) للدربندي (ره) نـقـلاً عـن كـتـاب (الفـوادح الحـسـيـنـيـة)، [1] عـن ابـن


عـبـاس (رض) أنـه قـال للامـام الحسين (ع) في ختام واحدة من محاوراته بعد أن بكي بكاءً شديداً: «يعزُّ واللّهِ عليَّ فـراقـك يـا ابـن العـم. (ثـمّ أقـبـل عـلي الحـسـيـن وأشـار عـليـه بـالرجـوع الي مـكـّة والدخول في صلح بني أميّة!!).

فقال الحسين (ع): هيهات هيهات يا ابن عباس، إنّ القوم لم يتركوني، وإنهم يطلبونني أين كنت حـتـي أبـايـعـهـم كـرهـاً ويـقـتـلونـي، والله لو كنتُ في جحر هامّة من هوامّ الارض لاستخرجوني منه وقـتـلونـي، واللّه إنـهـم ليـعـتـدُون عـليَّ كما اعتدت اليهود في يوم السبت، وإنّي ماضٍ في أمر رسول الله (ص) حيث أمرني، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.» [2] .

ونـقـل صـاحـب كـتاب «معالي السبطين» هذه المحاورة قائلاً: «وفي بعض الكتب: جاء عبدالله بن عـبـاس الي الحـسـيـن (ع)وتـكـلّم مـعـه بـمـا تـكـلّم الي أن أشـار عـليـه بـالدخـول فـي طـاعـة يـزيـد وصـلح بـنـي أمـيـّة!!»، وفـي نـقـله إضـافـة الي نـقل الدربندي أنّ ابن عباس قال للامام (ع) بعد ذلك: يا ابن العمّ، بلغني أنك تريد العراق، وإنهم أهل غدر، وإنما يدعونك للحرب فلا تعجل فأقم بمكّة!

فـقـال (ع): لاَنْ أقـتـل والله بـمـكـان كـذا أحـبّ إليَّ مـن أن أُسـتـحـلّ بـمـكـّة، وهـذه كـتـب أهل الكوفة ورسلهم، وقد وجب عليَّ إجابتهم وقام لهم العذر عليَّ عند الله سبحانه!


فبكي عبدالله حتي بُلَّت لحيته، وقال: واحسيناه، وا أسفاه علي حسين.» [3] .


پاورقي

[1] هـنـاک کـتـابـان بـهـذا الاسـم ذکـرهـمـا صـاحـب الذريـعـة: الاول: هـو (الفـوادح الحـسـيـنـيـة والقـوادح البـيـنـيـة) المـشـهـور بـمـقـتـل العـصـفـور، للشـيـخ حـسـيـن العـصـفـور ابـن أخـي صـاحـب الحدائق، المتوفّي ليلة 21 شوال 1216 ه‍ق، وهو علي نهج منتخب الطريحي وضعه لان يُقراء في عشرة المحرّم يوماً وليلة، ولذا رتّبه علي عشرين مصيبة بعدد الايّام والليالي.

والثـانـي هـو (الفوادح الحسينية) للشيخ نمر بزّه، طبع بمطبعة العرفان بصيدا، 33 صفحة فـي تـسـعـة مـجـالس، کـلّ مجلس حاوٍ لحديث ومرثية. (الذريعة، 16:364). والظاهر أن الکتاب الذي نقل عنه صاحب أسرار الشهادة هو الاوّل.

[2] أسرار الشهادة: 246 ـ 247.

[3] معالي السبطين، 1:151.