بازگشت

المحاورة 3


يقول التأريخ: «فلمّا كان من العشيّ أو من الغد أتي الحسين عبدالله بن


عباس...

فـقـال: يـا ابـن عـم، إنـي أتـصـبـّر ولا أصـبر، إنّي أتخوّف عليك في هذا الوجه الهلاك والاسـتـئصـال، إنّ أهـل العـراق قـوم غـدر، فـلا تـقـربـنـّهـم، أقـم بـهـذا البـلد فـإنـّك سـيـّد أهـل الحـجـاز، فـإن كان أهل العراق يريدونك كما زعموا فاكتب إليهم فلينفوا عدوّهم ثمّ أقدم عـليـهـم، فـإنْ أبـيـت إلاّ أن تـخرج فَسِرْ إلي اليمن فإنّ بها حصوناً وشعاباً، وهي أرض عـريـضـة طـويـلة ولابـيـك بـهـا شـيـعـة وأنـت عـن النـاس فـي عـزلة، فـتـكـتـب إلي النـاس وتُرسل وتبثّ دُعاتك، فإني أرجو أن يأتيك عند ذلك الذي تحبّ في عافية!

فقال له الحسين (ع): يا ابن عم، إنّي والله لاعلم أنّك ناصحٌ مشفق، ولكنّي قد أزمعت وأجمعت علي المسير!

فـقـال له ابـن عـبـاس: فـإن كـنـت سائراً فلا تَسِرْ بنسائك وصبيتك، فوالله إنّي لخائف أن تُقتلَ كما قتل عثمان ونساؤه وولده ينظرون إليه!

ثـم قـال ابـن عـبـاس: لقـد أقـررت عين ابن الزبير بتخليتك إيّاه والحجاز والخروج منها، وهو اليـوم لايـنـظـر إليـه أحـدٌ مـعـك، والله الذي لا إله إلاّ هـو، لو أعلم أنّك إذا أخذتُ بشعرك وناصيتك حتي يجتمع عليَّ وعليك الناس أطعتني لفعلتُ ذلك!!

قـال ثـمّ خـرج ابـن عـبـاس مـن عـنـده فـمـرَّ بـعـبـدالله بـن الزبـيـر فقال: قرّت عينك يا ابن الزبير! ثمّ قال:




يالك من قُنبُرَةٍ بمَعمْرِ

خلالك الجوُّ فَبيِضي واصفري



ونقّري ما شئتِ أن تنقّري

هذا حسينٌ يخرج الي العراق! وعليك بالحجاز!.». [1] .



پاورقي

[1] تـاريـخ الطـبري، 3:295 وقد روي ابن عساکر هذه المحاورة بتفاوت غير يسير، وأهمّ تـفـاوت فـيـهـا: «.. فـکـلّمـه ليـلاً طـويـلاً وقـال: أُنـشـدک الله أن تـهـلک غـداً بحال مضيعة، لا تأتِ العراق، وإن کنت لابدّ فاعلاً فأقمْ حتيْ ينقضي الموسم وتلقي الناس وتعلم علي ما يصدرون ثمّ تري رأيک وذلک في عشر ذي الحجّة سنة ستيّن ـ فأبي الحسين إلاّ أن يـمـضـي الي العـراق...». (راجـع: تـاريـخ ابـن عـسـاکر (ترجمة الامام الحسين (ع»، تحقيق المحمودي: 204، رقم 255).

ولايخفي أنّ تأريخ المحاورة الذي ذکره ابن عساکر لايتوافق مع المشهور الثابت في أنّ الامام (ع) قد ارتحل عن مکّة في اليوم الثامن من ذي الحجة.

ورواهـا أيـضـاً ابـن أعـثـم الکـوفـي بـاخـتـصـار وتـفـاوت، وفـي آخـرهـا «فـقـال الحـسـيـن: فـإنـي أسـتـخـير الله في هذا الامر وأنظر ما يکون. فخرج ابن عباس وهو يقول: واحسيناه!» کما روي الشعر الذي خاطب ابن عباس به ابن الزبير هکذا:



يالک من قبّرة بمعمرِ

خلالک الجوُّ فبيضي واصفري



ونقرّي ما شئت أن تنقّري

إن ذهب الصائد عنک فابشري



قد رفع الفخّ فما من حذر

هذا الحسين سائر فانتشري



(راجـع الفـتـوح، 5:73؛ ورواهـا عـنـه الخـوارزمـي فـي المقتل، 1:311).

وقـد روي العلامة المجلسي (ره) في البحار، عن الشهيد الثاني (ره) بإسناده عن ابن قولويه (ره)، بـإسناد عن الامام الصادق (ع)، عن أبيه (ع) أنّه «لمّا تجهّز الحسين (ع) الي الکوفة أتـاه ابـن عـبـاس فـنـاشـده الله والرحـم أن يـکـون هـو المقتول بالطفّ، فقال: أنا أعرف بمصرعي منک، وما وکدي من الدنيا إلاّ فراقها....». (البحار، 78: 273، باب 23، حديث 112).

والوکد: المراد وال.