بازگشت

معني الاستخارة


الاسـتـخـارة لغةً: طلب الخِيرَة في الشيء، واستخار الله: طلب منه الخيرة، و: أللّهمّ خِر لي: أي اختر لي أصلح الامرين. [1] .

وهي إصطلاحاً ـ كما ورد في الروايات ـ علي معانٍ:

1ـ بـمـعـنـي طـلب الخـيـرة مـن الله، بـأن يـسـأل الله فـي دعـائه أن يجعل له الخير ويوفّقه في الامر الذي يريده.

2ـ بـمـعـنـي تـيـسـّر مـا فـيـه الخـيـرة. وهـو قـريـب مـن الاوّل.

3ـ طـلب العـزم عـلي مـا فيه الخير، بمعني أن يسأل الله تعالي أن يوجد فيه العزم علي ما فيه الخير.

4ـ طلب معرفة ما فيه الخيرة، وهو المتداول في العرف. [2] .


لنرجع الي أصل المسألة..

لاشـك أنّ مـراد الامـام (ع) مـن الاسـتـخـارة ليـس مـعـنـاهـا المـتـداول فـي يـومـنـا هـذا: وهـو طـلب معرفة مافيه الخيرة، وأنّه (ع) كان يريد استكشاف الغيب بطريق الرجاء بلاجزم ويقين!!

إذ إنّ هذا ينافي الاعتقاد الحقَّ بأنّ النبيّ(ص) والائمّة (ع) عندهم علم ماكان وما هو كائن ومايكون الي قـيـام الساعة موهبة من الله تبارك وتعالي، كما ينافي هذا روايات أخبار (الملاحم والفتن) الكـثـيـرة المـأثـورة عـنـهـم (ع) والكـاشـفـة عـن عـلمـهـم بـمـسـار وتـفـاصيل حركة أحداث العالم الي قيام الساعة، وخصوصاً أخبار (ملحمة عاشوراء) المأثورة عـن الخـمـسـة أصـحـاب الكـسـاء الذيـن نـزلت فـيـهـم آية التطهير صلوات الله عليهم أجمعين. [3] .


إذن فـمـعـنـي الاسـتـخـارة هـنـا مـن المـمـكن أن يكون هو الدعاء الي الله تبارك وتعالي في أن يـجـعـل له (ع) الخـيـر في مسعاه ويوفّقه في الامر الذي يريده، أو أن ييسّر له ما فيه الخير بـتـذليـل كـلّ الصعوبات والعوائق لبلوغ ما يبتغيه (ع) في طريق نهضته المقدّسة، أو الدعاء الي الله تـبـارك وتـعـالي فـي طـلب المـزيـد مـن العـزم والتـصـمـيـم عـلي مـا فـيـه الخـيـر وجزيل المثوبة.

ولاشـك أن المـتـابـع المـتـأمـّل يُدرك أنّ الامام (ع) في جميع محاوراته التي ذكر فيها أمر الاستخارة أراد بذلك أن يُسكت المخاطب عن الالحاح في نهيه عمّا هو عازم عليه.

ولا يـنـافـي مـا قـدّمـنـا إذا حـدّثـنـا التـأريخ أنّ الامام (ع) لجاء لقطع إلحاح المحاور الي الاسـتـفـتـاح بـالقـرآن ـ وهـو يـعـلم نـتـيـجـة الاسـتـفـتـاح مـسـبـّقـاً ـ كـمـا فعل ذلك مع ابن عباس نفسه، فقد روي «أنّ ابن عباس ألحّ علي الحسين (ع) في منعه من المسير الي الكـوفـة، فـتـفـاءل بـالقـرآن لاسـكـاتـه، فـخـرج الفـاءل قـوله تـعـالي: (كـلّ نـفـس ذائقـة المـوت، وإنـّمـا تـوفـون أجـوركـم يـوم القـيـامـة...)، [4] فـقـال (ع): إنـّا لله وإنـّا إليـه راجـعـون، صـدق الله ورسـوله. ثـم قال: يا ابن عباس، فلا تُلحَّ عليَّ بعد هذا فإنه لا مردّ لقضاء الله عزّ وجلّ.». [5] .


پاورقي

[1] لسان العرب، 4: 266 ـ 267.

[2] راجـع: مـفـتـاح الکـرامـة، 3:272؛ والحـدائق النـاضـرة، 10:524 وقـال صـاحـب الجـواهـر: «فـيـه مـعـنـيـان: الاول: أن يـسـأل مـن الله أن يـجـعـل الخـيـر فـيـمـا أراد إيـقـاعـه مـن الافعال، والثاني: أن يوفّقه لما يختاره له وييسّره له.

ولمعرفة الثاني طرق، ولعلها تتبع إرادة المستخير بالمعرفة:

1ـ أن يوجد فيه العزم علي الفعل.

2ـ أن يوقع مايختاره له علي لسان المستشار

3ـ يعيّنه بالرقاع، السبحة، أو المصحف» (راجع: جواهر الکلام، 12:162).

وقـال السـبـزواري: «والظـاهـر أنّ ما ذکر في هذه الاخبار من السبحة والحصي والمشورة وحدوث العـزم وغـيـرهـا ـ مـمـّا مـرّ ـ مـن بـاب الغـالب والمـثـال لا الخـصـوصـيـة، ومـقـتـضـي الاصل جواز استکشاف خيرة الله تعالي بکلّ وجه أمکن ذلک مالم يکن فيه نهي شرعي أو عنوان محرّم أو مـکـروه، إذ لادليـل عـلي حـرمـة اسـتـکـشـاف الغـيـب بـلا جـزم ويـقـيـن، بـل بـطـريـق الرجـاء. وقـد کـان رسـول الله (ص) يـحـبـّ الفأل ويکره الطيرة.». (مهذّب الاحکام، 9:100).

[3] ولقـد کـان الامـام الحـسـيـن (ع) خـاصـة يـُنبيء عن نهضته وعن مصرعه وعن قاتليه منذ طـفـولتـه، فـعـن حـذيـفـة بـن اليـمـان قـال: «سـمـعـت الحـسـيـن بـن عـلي يـقـول: والله ليـجتمعنّ علي قتلي طغاة بني أميّة، ويقدمهم عمر بن سعد. وذلک في حياة النبيّ(ص)!. فـقـلتُ: أنـبـّأک بـهـذا رسـول الله؟ قـال: لا. فـأتـيـت النـبـيّ فـأخـبـرتـه فـقـال: عـلمـي عـلمـه، وعـلمـه عـلمـي، وإنـّا لنـعـلم بـالکـائن قبل کينونته.». (دلائل الامامة: 184183).

لايـقـال: کـيـف يـمـکـن هـذا فـي حـقّ الحـسـيـن (ع)!؟ هـذا مـن الغـلوّ فـيـه وفـي أهل البيت (ع)!!

ذلک لانّ القـوم يـعـتـقـدون بـهـذا لحـذيـفـة بـن اليـمـان (رض)، ويـروون عـنـه مـن هـذا القـبـيـل، بـل أکثر من هذا، فقد رووا عنه أنه قال: «والله إني لاعلم الناس بکلّ فتنة هي کائنة فيما بيني وبين الساعة». (راجع: سير أعلام النبلاء: 2:365 ـ عن أحمد ومسلم).

[4] سورة آل عمران، الاية 185.

[5] ناسخ التواريخ، 2:122؛ ووسائل الشيعة، 4:875.