بازگشت

المحاورة 2


ويـبـدو أنّ هـذه المـحـاورة حـصـلت بين ابن عباس (رض) وبين الامام (ع) بعد رجوع ابن عباس من المدينة الي مكّة المكرّمة مرّة أخري، إذ تقول الرواية التأريخية: «وقدم ابن عباس في تلك الايـّام الي مـكـّة، وقـد بـلغـه أنّ الحـسـيـن عـزم عـلي المـسـيـر، فـأتـي إليـه ودخل عليه مسلّماً.

ثـم قال له: جُعلتُ فداك، إنه قد شاع الخبر في الناس وأرجفوا بأنّك سائر الي العراق! فبيّن لي ما أنت عليه؟ [1] .


فـقـال: نـعـم، قـد أزمـعـتُ عـلي ذلك فـي أيـّامـي [2] هـذه إن شـاء الله، ولاحول ولاقوّة إلاّ بالله العليّ العظيم.

فـقـال ابـن عـبـاس: أُعـيـذك بـالله مـن ذلك، فإنك إنْ سرت الي قوم قتلوا أميرهم، وضبطوا بـلادهـم، واتـقوا عدوّهم، [3] ففي مسيرك إليهم لعمري الرشاد والسداد، وإن سرت إلي قـوم دعـوك إليـهـم وأمـيرهم قاهر لهم، وعمّالهم يجبون بلادهم، [4] فإنّما دعوك الي الحـرب والقـتـال! وأنـت تـعـلمُ أنـه بـلدٌ قـد قـُتـل فـيـه أبـوك، واغتيل فيه أخوك، وقُتل فيه ابن عمّك وقد بايعه أهله (!) وعبيد الله في البلد يفرض ويُعطي، والنـاس اليـوم عـبـيـد الديـنـار والدرهـم، فـلا آمـن عـليـك أن تـُقـتـل، فـاتـّقِ الله والزم هـذا الحـرم، فـإن كـنـت عـلي حـال لابـدّ أن تـشخص فَصِرْ إلي اليمن فإنَّ بها حصوناً لك، وشيعة لابيك، فتكون منقطعاً عن الناس.

فقال الحسين (ع): لابُدَّ من العراق!

قـال: فـإن عـصـيتني فلا تُخرج أهلك ونساءَك فيُقال إنّ دم عثمان عندك وعند أبيك، فوالله ما آمَنُ أن تُقتل ونساؤك ينظرن كما قُتل عثمان.

فـقـال الحـسـيـن (ع): والله يـا ابـن عـم، لئن أُقـتـل بـالعـراق أحـبّ إليَّ مـن أن أُقتل بمكّة، وما قضي الله فهو كائن، ومع ذلك أستخير الله وأنظر


مايكون». [5] .


پاورقي

[1] في تاريخ الطبري، 3: 294؛ «فبيّن لي ما أنت صانع؟».

[2] وفيه أيضاً: «قد أجمعتُ المسير في أحد يوميّ هذين...».

[3] وفـيـه أيـضاً: «أخبرني رحمک الله أتسير الي قوم... ونفوا عدوّهم، فإنْ کانوا قد فعلوا ذلک فَسِرْ إليهم...».

[4] فـي تـاريـخ الطـبـري، 3: 294، «.. وعـمـّاله تـجـبي بلادهم، فإنهم إنّما دعوک الي الحـرب والقـتـال، ولا آمـن عـليـک أن يغرّوک ويکذّبوک ويخالفوک ويخذلوک، وأن يُستنفروا إليک فيکونوا أشدّ الناس عليک...».

[5] الفتوح، 5: 72؛ وعنه مقتل الحسين (ع) للخوارزمي، 1: 309 ـ 310 ورواها الطبري في تأريخه، 3: 294 بتفاوت أشرنا إلي المهمّ منه.