بازگشت

تسخير الاشراف لتخذيل الناس عن مسلم


لمـّا عـلم مـولانـا مـسـلم بـن عـقـيـل (ع) باعتقال هاني قام في الكوفة علي ابن زياد، وأعلن عن بدء الثـورة، وحـاصـر القـصـر بـجموع من اتبعه من أهل الكوفة، أغلق ابن زياد أبواب القصر عـليـه وعـلي مـن كـان مـعـه فـي القـصـر مـن أشـراف النـاس ‍ ومـن شـرطـتـه وأهـل بـيـتـه ومـواليه، وقبع فيه خائفاً يأكل قلبه الرعب وأبي من الجبن أن يخرج بمن معه لمـواجـهـة قـوات مـسلم (ع)، يقول الطبري: «فلمّا اجتمع عند عبيداللّه كثير بن شهاب ومحمد (أي ابن الاشعث) والقعقاع فيمن أطاعهم من قومهم، فقال له كثير ـوكانوا مناصحين لابن زياد أصلح اللّه الامـيـر، مـعـك فـي القـصـر نـاس كـثـيـر مـن أشـراف النـاس، ومـن شـُرطـك، وأهل بيتك، ومواليك، فاخرج بنا إليهم. فأبي عبيداللّه..». [1] .

لكـنّ عـبـيـداللّه فـي سـاعـات خـوفـه لجـاء إلي تـسخير الاشراف الذين كانوا معه في القصر وأمـرهـم بـتـخـذيـل النـاس عن مسلم، يقول التأريخ: «فبعث عبيداللّه الي


الاشراف فجمعهم إليـه، ثـمّ قـال: أشـرفـوا عـلي النـاس، فـمـنـّوا أهـل الطـاعـة الزيـادة والكـرامـة، وخـوّفوا أهل المعصية الحرمان والعقوبة، وأعلموهم فصول الجنود من الشام إليهم». [2] .

يقول شاهد عيان كان مع الناس خارج القصر، وهو عبداللّه بن حازم الكبري من الازد من بني كبير: «أشـرف عـليـنـا الاشـراف، فـتـكـلّم كـثـيـر بـن شـهـاب أوّل النـاس حـتـي كادت الشمس أن تجب، فقال: أيها الناس، إلحقوا بأهاليكم ولا تعجلوا الشـرّ ولا تـعرضوا أنفسكم للقتل، فإن هذه جنود أميرالمؤمنين يزيد قد أ قبلت، وقد أعطي اللّه الامـيـرُ عـهـداً لئن أتممتم علي حربه ولم تنصرفوا من عشيّتكم أن يحرم ذرّيتكم العطاء، ويـفرّق مقاتلتكم في مغازي أهل الشام علي غير طمع، وأن يأخذ البريء بالسقيم، والشاهد بـالغـائب، حـتـي لايـبـقـي له فـيـكـم بـقـيـّة مـن أهـل المـعـصـيـة إلا أذاقـهـا وبـال مـا جـرّت أيـديـهـا. وتـكـلّم الاشراف بنحو من كلام هذا، فلمّا سمع مقالتهم الناس أخذوا يتفرّقون وأخذوا ينصرفون». [3] .


پاورقي

[1] تأريخ الطبري، 3: 287.

[2] تأريخ الطبري، 3: 287.

[3] نفس المصدر.