بازگشت

اعوان السلطة... و الخدعة المشتركة


فـي قـصة حبس هاني بن عروة (رض) هناك دور مريب لعمرو بن الحجّاج الزبيدي الذي تفاني في امتثال أوامر ابن زياد وابن سعد في كربلأ، مع أنّ هانياً كان صهراً له!

فـالروايـة التأريخية التي قصّت علينا واقعة حبس هاني ذكرت أنّ عمرو بن الحجّاج كان أحد الذين أتوا هانياً إلي باب منزله وألحّوا عليه بإتيان عبيداللّه، فالظاهر أنّه شهد ما جري عـلي هـانـي فـي لقـائه مـع عـبـيـداللّه، لكـنّ سـيـاقـهـا بـعـد ذلك يـُلفـتُ الانـتـبـاه حـيـث تـقـول: «وبـلغ عـمـرو بـن الحـجـّاج أنّ هـانـيـاً قـد قـُتـل، فـأقـبل في


مذحج حتي أحاط بالقصر ومعه جمع عظيم، ثمّ نادي: أنا عمرو بن الحجّاج، وهذه فـرسـان مـذحـج ووجـوهـهـا لم نـخـلع طـاعـة ولم نـفـارق جـمـاعـة، وقـد بـلغـهـم أنّ صـاحـبـهـم قتل فأعظموا ذلك.

فقيل لعبيداللّه بن زياد: هذه مذحج بالباب!

فـقـال لشـريـح القـاضـي: أدخـل عـلي صـاحبهم فانظر إليه، ثمّ اخرج وأعلمهم أنه حيّ لم يُقتل!

فـدخل شريح فنظر إليه، فقال هاني لمّا رأي شريحاً: يالله، ياللمسلمين! أهلكت عشيرتي؟ أيـن أهـل الدين؟ أين أهل المصر؟ ـوالدمأ تسيل علي لحيته، إذ سمع الرجّة علي باب القصر فـقـال: إنـّي لاظـنـّهـا أصـوات مـذحـج وشـيـعـتـي مـن المـسـلمـيـن، إنـّه إن دخل عليَّ عشرة نفر أنقذوني!

فـلمـّا سـمـع كـلامـه شـريـح خـرج إليـهـم فقال لهم: إنّ الامير لمّا بلغه مكانكم ومقالتكم في صـاحـبـكـم أمرني بالدخول إليه، فأتيته فنظرت إليه، فأمرني أن ألقاكم وأعرّفكم أنّه حيّ، وأنّ الذي بلغكم من قتله باطل!

فـقـال له عـمـرو بـن الحـجـّاج وأصـحـابـه: أمـّا إذا لم يُقتل فالحمد للّه. ثمّ انصرفوا». [1] .

فـإذا كـان المـتـأمـّل فـي هـذا النـصّ لايـشـك فـي الدور الخـيـاني الذي لعبه شريح القاضي في ممارسته التورية حيث أظهر لمذحج وكأنّ هاني بن عروة (رض) هو الذي أمره بلقأ مذحج وأن يـعـرّفهم بأنه حيّ لابأس عليه، فإنّ المتأمّل ليشك كثيراً في نزاهة الدور الذي لعبه عمرو بن الحجّاج الذي ربّما كان قد شهد ما فعله ابن زياد بهاني في القصر حسب ما يُستفاد من السياق الاوّل للرواية.


متي خرج عمرو بن الحجاج من القصر؟ وكيف تصدّي لقيادة مذحج وأتي بجموعها في وقت قصير نسبياً؟ ولماذا اكتفي بقول شريح ولم يدخل ـوهو من المقرّبين لابن زياد ليري بنفسه هانياً وحقيقة ماجري عليه داخل القصر!؟

إنّ اسـتـمـرار ولأ عـمـرو بـن الحـجـّاج الزبـيـدي لابـن زيـاد حـتـي بـعـد مـقـتـل هـانـي بـن عـروة (رض)، ليـقـويّ الريـب فـي أنّ هـذا الرجـل كـان قـد تـعـمّد التصدّي لجموع مذحج التي أقبلت الي القصر معترضة علي حبس هاني، ليركب موجتها ثم ليخدعها وليصرفها عن إخراج هاني من القصر بقوّة السلاح، متواطئاً في ذلك مـع عـبـيـداللّه بـن زيـاد وشـريـح القـاضـي فـي تـنـفـيـذ الخـدعـة المـشـتـركـة لتضليل مذحج.


پاورقي

[1] الارشاد: 210.