بازگشت

التجسس لمعرفة مكان قيادة الثورة


لمّا علم مولانا مسلم بن عقيل (ع) بالاجراءات الارهابية المتسارعة التي اتخذها عبيد الله بن زياد «ومـا أخـذ بـه العـرفـأ والنـاس، خـرج مـن دار المـخـتـار حـتي انتهي إلي دار هانيء بن عروة فـدخـلهـا، فـأخـذت الشـيـعـة تـخـتـلف إليـه فـي دار هاني ء علي تستّر واستخفأ من عبيد اللّه، وتـواصـوا بـالكـتـمـان، فـدعـا ابـن زيـاد مـولي له يـُقـال له مـعـقـل، فـقـال: خـذ ثـلاثـة آلاف درهـم، واطـلب مـسـلم بـن عـقـيـل والتـمس أصحابه، فإذا ظفرت بواحدٍ منهم أو جماعة فأعطهم هذه الثلاثة آلاف درهم، وقل لهم: استعينوا بها علي حرب عدوّكم، وأعلمهم أنّك منهم، فإنّك لو قد أعطيتهم إيّاها لقد اطـمـأنـّوا إليـك ووثـقـوا بـك، ولم يكتموك شيئاً من أمورهم وأخبارهم، ثمّ اغدُ عليهم ورُحْ حتي تعرف مستقرّ مسلم بن عقيل وتدخل عليه.

ففعل ذلك، وجأ حتي جلس إلي مسلم بن عوسجة الاسدي في المسجد الاعظم وهو يصلّي، فسمع قـومـاً يـقـولون: هـذا يـبـايـع للحـسـيـن، فـجـأ وجـلس إلي جـنـبـه حـتـي فـرغ من صلاته ثم قـال: يـا عـبـدالله، إنـّي امـرؤمـن أهـل الشـام، أنـعـم الله عـليَّ بـحـبـّ أهـل البـيـت وحـبّ مـن أحـبـهـم. وتـبـاكـي له، وقـال: مـعـي ثـلاثـة آلاف درهـم أردت بـهـا لقـأ رجـل مـنـهـم بـلغـنـي أنـه قـدم الكـوفـة يـبـايـع لابـن بـنـت رسـول اللّه (ص)، فـكـنـت أريد لقأه فلم أجد أحداً يدلّني عليه، ولا أعرف مكانه، فإنّي لجـالس فـي المـسـجـد الان إذ سـمـعـت نـفـراً مـن المـؤمـنـيـن يـقـولون: هـذا رجـل له عـلم بـأهـل هـذا البـيـت وإنـّي أتـيـتـك لتـقـبـض ‍ مـنـّي هـذا المـال، وتـدخـلنـي عـلي صـاحـبـك فـإنـّي أخ مـن إخوانك وثقة عليك، وإن شئت أخذت بيعتي له قبل لقائه.

فـقـال له ابـن عـوسـجـة: أحـمـُد الله عـلي لقـائك إيـّاي، فـقـد سـرّنـي ذلك، لتـنـال الذي تـحبّ، ولينصرنّ اللّه بك أهل بيت نبيّه عليه وعليهم السلام، ولقد سأني معرفة الناس إيّاي بهذا الامر قبل أن يتمّ مخافة هذا الطاغية وسطوته.


فقال له معقل: لايكون إلاّ خيراً، خذ البيعة عليَّ!

فـأخذ بيعته، وأخذ عليه المواثيق المغلّظة ليناصحنّ وليكتمن، فأعطاه من ذلك مارضي به، ثمّ قال له: إختلف إليَّ أيّاماً في منزلي فإنّي طالب لك الاذن علي صاحبك. وأخذ يختلف مع النـاس، فـطـلب له الاذن فـأُذِنَ له، وأخـذ مـسـلم بـن عقيل بيعته، وأمر أبا ثمامة الصّائدي بقبض المال منه، وهو الذي كان يقبض أموالهم وما يعين بـه بـعـضـهـم بـعـضـاً، ويشتري لهم به السلاح، وكان بصيراً وفارساً من فرسان العرب، ووجـوه الشـيـعـة، وأقـبـل ذلك الرجـل يـخـتـلف إليـهـم، فـهـو أوّل داخـل وآخـر خـارج، وحـتـي فـهـم مـا احـتـاج إليه ابن زياد من أمرهم، فكان يخبره به وقتاً فوقتاً». [1] .


پاورقي

[1] الارشاد: 207؛ وعنه البحار، 43: 342 ـ 343.