بازگشت

رسالة يزيد الي عبدالله بن عباس


ومـن الاجـراءات التـي بـادرت إليـهـا السـلطـة الامـويـة المـركـزيـة فـي الشـام بـعـد وصـول الامـام الحـسـيـن (ع) إلي مـكـّة إرسـال الكـتـب إلي مـن يحتمل أن يكون له تأثير علي موقف الامام الحسين (ع) من بني هاشم خاصة أو من وجهأ الامّة الاسلامية عامة، [1] وقد سجّل لنا التأريخ في هذا الاطار قصة الرسالة التي بعث بها يـزيـد الي عـبـداللّه بـن عـباس يطلب إليه فيها أن يردَّ الامام (ع) عن الخروج علي النظام


الامـوي، وأن يـحـذّره مـن مـغـبـّة ذلك، ويـمـنـّيـه بـالامـان والصـلة البالغة والمنزلة الخاصة عند السلطان الاموي!

«قال الواقدي: ولمّا نزل الحسين مكّة كتب يزيد بن معاوية إلي ابن عباس:

أمـّا بـعـدُ: فـإنّ ابـن عـمـّك حـسـيـنـاً وعدوّ اللّه ابن الزبير التويا ببيعتي ولحقا بمكّة مرصدين للفـتـنـة، مـعـرّضـيـن أنـفـسـهـمـا للهـلكـة، فـأمـّا ابـن الزبـيـر فـإنـه صـريـع الفـنـأ وقـتـيـل السـيـف غـداً، وأمـّا الحـسـيـن فـقـد أحـبـبـت الاعـذار إليـكـم أهـل البـيـت مـمـا كـان مـنـه، وقـد بـلغـنـي أنّ رجـالاً مـن شـيـعـتـه مـن أهل العراق يكاتبونه ويكاتبهم ويمنّونه الخلافة ويمنّيهم الامرة، وقد تعلمون مابيني وبينكم مـن الوصـلة وعـظـيـم الحـرمـة ونـتـايـج الارحـام، وقـد قـطـع ذلك الحـسـيـن وبـتـّه، وأنـت زعـيـم أهـل بيتك وسيّد أهل بلادك، فالقه فاردده عن السعي في الفرقة، وردّ هذه الامّة عن الفتنة، فإنْ قـبـل منك وأناب إليك فله عندي الامان والكرامة الواسعة، وأجري عليه ما كان أبي يجريه علي أخيه، وإنْ طلب الزيادة فاضمن له ما أراك اللّه أنفذ ضمانك، وأقوم له بذلك وله عليَّ الايمان المغلّظة والمواثيق المؤكّدة بما تطمئن به نفسه ويعتمد في كلّ الامور عليه.

عجّل بجواب كتابي وبكلّ حاجة لك إليَّ وقِبَلي، والسلام». [2] .

وأضاف صاحب تذكرة الخواص قائلاً:

«قال هشام بن محمد: وكتب يزيد في أسفل الكتاب:



ياأيها الراكب الغادي لمطيته [3]

علي عذافرة في سيرها قحمُ






أَبلغ قريشاً علي نأي المزار بها

بيني وبين الحسين اللّهُ والرحمُ



وموقف بفنأ البيت أنشده

عهد الاله غداً يوفي به الذممُ



هنيتمُ قومكم فخراً بأمِّكمُ

أُمُّ لعمري حسانٌ [4] عفّة كرمُ



هي التي لايُداني فضلها أحدٌ

بنت الرسول وخير الناس قد علموا



إنّي لاعلم أو ظنّاً لعالمه

والظنّ يصدق أحياناً فينتظمُ



أنْ سوف يترككم ماتدّعون به

قتلي تهاداكم العقبان والرخمُ



ياقومنا لاتشبّوا الحرب إذ سكنتْ

وأمسكوا بحبال السلم واعتصموا



قد غرَّت الحرب من قد كان قبلكم

من القرون وقد بادت بها الاممُ



فأنصفوا قومكم لا تهلكوا بذخاً

فَرُبَّ ذي بذخ زلّت به القدمُ» [5] .




پاورقي

[1] نظنّ ظنّاً قوياً تدعمه دلائل تأريخيّة أنّ حماسة عبداللّه بن عمر في محاولاته ردّ الامام (ع) عـن القـيـام ونـهـيه عن الخروج إلي العراق کانت بدفع من السلطة الاموية، لکننا لم نعثر عـلي وثيقة تأريخية تنهض بهذا الظن القويّ إلي مستوي القطع، ونذکّر هنا بأنّ معاوية في وصـيـتـه ليـزيـد يـقـول: «‍ فـأمـّا عـبـداللّه بـن عـمـر فهو معک فالزمه ولا تدعه..» (أمالي الصدوق: 129، المجلس 30 حديث رقم 1).

[2] تذکرة الخواص: 215.

[3] هکذا في الاصل، والصحيح «لطيّته» کما هو في رواية الفتوح، 5: 76.

[4] هکذا في الاصل، وفي رواية الفتوح، 5: 76 (حصانٌ) وهو الصحيح.

[5] تذکرة الخواص: 215 ـ 216.