بازگشت

ماذا يعني عهد معاوية ـ اواخرايامه - لعبيدالله علي الكوفة؟


لقـد أحـسَّ معاوية بن أبي سفيان قبيل وفاته بإرهاصات تمرّد الكوفيين علي الحكم الاموي، ذلك لانّ عـامـة أهـل العراق بنوع خاص نتيجة مالمسوه من فداحة الظلم الاموي صاروا يرون بغض بني أميّة وحبّ أهل البيت (ع) ديناً لانفسهم. [1] .

فكان لابدَّ للكوفة خاصة من إدارة قويّة تمسك بأزمّة الامور فيها، الامر الذي لم يوفّق فيه النـعـمـان بـن بـشـير واليها وقتذاك، فبادر معاوية إلي استباق الاحداث وعهد الي عبيداللّه بن زيـاد بـالولايـة عـلي الكـوفـة، ليـضـبـط الامـور فـيـهـا، لكـن المـوت أدرك مـعـاويـة قـبـل التـنـفـيـذ العملي لهذا العهد، وبقي كتاب هذا العهد محفوظاً عند مستشاره سرجون النصراني، الذي ربـّمـا كـان هـو الذي حـرّك مـعـاويـة بـاتـجـاه اتـخـاذ مثل هذا القرار.

هـذا، وهناك رأي آخر يقول: إنّ قرار معاوية ـبمشورة سرجون بتعيين عبيداللّه بن زياد والياً علي الكـوفـة يعتبر الخطوة العملية الاولي لقتل الامام الحسين (ع)، ذلك لانّ معاوية يعلم أنّ الامام (ع) ــبـعـد مـوت مـعـاويـة لن يـبـايـع ليـزيـد، ولابـدّ له مـن القـيـام، ولابـدّ لاهل الكوفة من تأييده ودعوته إليهم، فلابُدَّ إذن من المواجهة العلنية مع الامام (ع).

ومـعـاويـة يـعـلم أنّ يـزيـد وعـبـيـداللّه بـن زيـاد بـمـا يـحـمـلانـه مـن حـقـد شـديـد عـلي أهـل البيت (ع) واعتساف في معالجة الامور وقلّة في التدبّر والدهأ والصبر سوف يقدمان علي قـتـل الامـام الحـسـيـن (ع)، بـل كـان مـعـاويـة قد أخبر الامام (ع) بذلك في إحدي رسائله إليه. [2] .


اذن فمعاوية بهذا مشارك فعّال في جريمة قتل الامام (ع)!

ونـقـول: إنّ هـذا صـحـيـح مـن حيث النظر الي النتيجة العملية، وقد أدرك معاوية هذه النتيجة في حـيـاتـه، فـي إصـراره عـلي البـيعة لابنه يزيد ولياً للعهد من بعده ـوتولية يزيد علي كلّ البـلاد أهـمّ مـن تـوليـة عـبـيـداللّه عـلي الكـوفـة وكـان معاوية يعلم بأنّ يزيد سيرتكب تلك الجـريـمـة ــ التـي تـحـاشـا مـعـاويـة أن يـرتـكـبـهـا هـو فـي حـيـاتـه لانـه يـعـلم أن قتل الامام (ع) في مواجهة علنية، سوف يقضي بالنتيجة علي الحكم الاموي نفسه، وعلي كلّ جهود حـركـة النـفـاق مـنـذ وفـاة الرسـول (ص)، إلي مـوت مـعـاويـة، ولذا كـان مـعـاويـة إذا تـأمـّل فـي النـتـيـجة العملية تأكلُ قلبه الحسرة إزأ ضعفه أمام عاطفته ليزيد وهواه فيه، فكان يقول: «ولولا هواي في يزيد لابصرت رشدي وعرفت قصدي..». [3] .

وقـد حـاول مـعـاويـة قـبـل مـوتـه أن يـحـتـاط لهـذا الامـر وأن يـحـول دون أن يـرتـكب يزيد من بعده حماقة قتل الامام الحسين (ع) في مواجهة علنية، فأوصاه بـذلك، [4] ولعـلّه أكـّد عـليـه فـي هـذه المـسـألة بـأكـثـر مـن سبيل، ولات حين فائدة!!


پاورقي

[1] راجع: الفتنة الکبري: 295.

[2] راجع: شرح نهج البلاغة، 18: 409.

[3] الفتوح، 4: 344؛ والبداية والنهاية، 8: 126.

[4] وقـد رويـت هـذه الوصـيـة فـي مـصادر الفريقين مع تفاوت في الالفاظ: راجع مثلاً: تأريخ الطبري، 3:260؛ والکامل في التاريخ، 2: 523؛ وأمالي الصدوق: 129 المجلس 30، حديث رقم 1.