بازگشت

سرجون النصراني... و الاقتراح المتوقع


فـي إطـار حـركـة النـفـاق ــبـعـد وفـاة رسـول اللّه (ص) كـان فـصـيـل مـنـافـقـي أهـل الكـتـاب يـري أنّ غـايـة وجـوده وعـلّة تـأسـيسه هي دعم خطّ الانحراف عن أهل البيت (ع)، وتكفي نظرة عابرة علي سيرة أمثال: كعب الاحبار، وتميم الداري،


ووهب بن منبّه، ونـافـع بـن سرجس مولي عبداللّه بن عمر، وسرجون مستشار معاوية ويزيد، وأبي زبيد مستشار الوليـد بـن عـقـبـة، دليـلاً عـلي مـنـهـج هـذا الفـصـيـل فـي نـوع حـركـتـه عـلي أسـاس العـدأ لاهل البيت (ع).

فـكـان مـن المتوقّع بما يشبه اليقين ـعلي ضوء التحليل التأريخي والنفسي أن يبادر سرجون نـفـسـه فيقترح علي يزيد تعيين عبيداللّه بن زياد والياً علي الكوفة بدلاً من النعمان بن بشير لمـواجـهـة المـسـتـجـدّات الصـعـبـة هـنـاك، لمـا يـعـلمـه سـرجـون مـن حـقـد عـبـيـداللّه عـلي أهـل البـيـت (ع) وبـغضه الشديد لهم، وهذا أهم مزايا عبيداللّه في نظر سرجون، ولما يعلمه فـيـه مـن عـدم التـورع عـن الغـشـم والظـلم والقـتـل، وقـدرة إداريـة عـمـادهـا المكر والحيلة، فهو الرجل المناسب لادارة الامور في الكوفة في ذلك الظرف الاستثنائي المعقّد.

لكـنّ سـرجـون يـعـلم أيـضـاً أنّ هـذا الاقـتراح قد لايقبله يزيد لانّه كان يبغض عبيداللّه بغضاً شـديـداً [1] أو كـان عـاتباً عليه، [2] فسعي سرجون إلي دعم هذا الاقتراح بكتاب معاوية ـالذي أمر به قبيل وفاته بتولية عبيداللّه بن زياد علي الكوفة، مؤكداً بذلك مطابقة رأي معاوية لرأيه في هذه المسألة أو العكس.

فسرجون وهو ممثل فـصـيـل مـنـافـقـي أهـل الكـتـاب فـي البـلاط الامـويّ لم يـكـن غـيـر ذي رأي فـي المـسـألة، بـل كـان قـد اقـتـرح مـا يراه هو ـبطريقة غير مباشرة في إطار رأي معاوية في نفس المسألة، وما يـدريـنـا فـلعـلّه كـان قـد أشـار عـلي معاوية أيضاً بنفس هذا الرأي فتبنّاه معاوية، ثمّ أظهره سرجون ليزيد في الوقت المناسب علي أنه رأي أبيه، واللّه العالم.



پاورقي

[1] راجع: تذکرة الخواص: 218.

[2] راجع: تأريخ الطبري، 2: 280.