بازگشت

حركة السلطة الاموية المركزية في الشام


لنعد إلي متابعة حركة الاحداث حسب تسلسلها التأريخي، وننظر ماذا صنعت في دمشق التقارير التـي رفـعـهـا إلي يـزيـد مـن الكـوفـة الامـويـون فـيـهـا مـثـل عـمـارة بـن عـقـبـة، وعـمـلاؤهـم مـثـل عـمـر بـن سـعـد بـن أبـي وقـاص، وجـواسـيـسـهـم مثل عبداللّه بن مسلم بن سعيد الحضرمي!

يـتـابـع الطبريّ رواية القصة قائلاً: «فلمّا اجتمعت الكتب عند يزيد، ليس بين كتبهم إلاّ يومان، دعا يزيد بن معاوية سرجون [1] مولي معاوية.


فـقـال: مـارأيـُك؟ فـإنّ حـسـيـنـاً قـد تـوجـّه نـحـو الكـوفـة، ومـسـلم بـن عـقـيـل بـالكـوفـة يـبـايـع للحـسـيـن، وقـد بـلغـنـي عـن النـعـمـان ضـعـفـٌ وقول سيءٌ ـوأقرأه كتبهم فماتري؟ من أَستعمل علي الكوفة؟ وكان يزيد عاتباً علي عبيداللّه بن زياد.

فقال سرجون: أرأيت معاوية لو نُشر لك أكنت آخذاً برأيه؟

قال: نعم.

فأخرج عهد عبيداللّه علي الكوفة..

فقال: هذا رأي معاوية، ومات وقد أمر بهذا الكتاب.

فـأخـذ بـرأيـه، وضـمّ المـصـريـن إلي عـبـيـداللّه، وبـعـث إليـه بـعـهـده عـلي الكـوفـة» [2] .

ثمّ يتابع الطبري رواية القصة قائلاً:


«ثـمّ دعـا مـسـلم [3] بـن عـمـرو البـاهـلي وكان عنده، فبعثه إلي عبيداللّه بعهده إلي البصرة، وكتب إليه معه:

أمـّا بـعـدُ، فـإنـّه كـتـب إليَّ شـيـعـتـي! مـن أهـل الكـوفـة يـخـبـرونـنـي أنّ ابـن عـقـيـل بـالكـوفـة يـجـمـع الجـمـوع لشـقّ عصا المسلمين، فَسِرْ حين تقرأ كتابي هذا حتي تأتي أهل الكوفة، فتطلب ابن عقيل كطلب الخرزة حتي تثقفه، فتوثقه أو تقتله أو تنفيه. والسلام.

فـأقـبـل مـسـلم بـن عـمرو حتي قدم علي عبيداللّه بالبصرة. فأمر عبيداللّه بالجهاز والتهيء والمسير الي الكوفة من الغد». [4] .

هذا وقد نقل الموسوي الكركي في كتابه (تسلية المجالس) رسالة يزيد إلي ابن زياد بتفاوت مهم، ونصّها:

«سلام عليك. أمّا بعد: فإنّ الممدوح مسبوب يوماً، والمسبوب ممدوح يوماً، ولك ما لك، وعليك ما عـليـك، وقـد انـتـمـيـت ونـُمـيـتَ إلي كـلّ مـنـصـب كـمـا قـال الاوّل:



رُفِعتَ فجاوزتَ السحاب برفعةٍ

فـمـالك إلاّ مـقـعـدُ الشـمـسِ مـقـعـَدُ




وقـد ابـتلي زمانك بالحسين من بين الازمان، وابتلي بلدك دون البـلدان. وقـد أخـبـرتـنـي شـيـعـتـي مـن أهـل الكـوفـة أنّ مـسـلم بـن عـقـيـل فـي الكـوفـة يـجـمع الجموع ويشق عصا المسلمين وقد اجتمع إليه خلق كثير من شيعة أبي تراب، فإذا أتاك كتابي هذا فسر حين تقرأه حتي تقدم الكوفة فتكفيني أمرها، فقد ضممتها إليك، وجعلتها زيادة في عملك فاطلب مسلم بن عقيل طلب الخرز، فإذا ظفرت به فخذ بيعته أو اقـتـله إن لم يـبـايـع واعـلم أنـه لا عـذر لك عـنـدي دون مـا أمـرتـك، فالعجل العجل، الوحا الوحا، والسلام». [5] .

وقـد روي الوالد(ره) فـي كـتـابـه (مـقـتـل الامـام الحسين (ع» نقلاً عن كتاب ناسخ التواريخ أن يـزيـد فـي رسالته لابن زياد قال: «بلغني أنّ أهل الكوفة قد اجتمعوا علي البيعة للحسين، وقـد كـتـبـت إليـك كـتـابـاً، فـاعـمل عليه، فإني لا أجد سهماً أرمي به عدوّي أجرأ منك، فإذا قـرأت كـتـابـي هـذا فـارتـحـل مـن وقـتك وساعتك، وإيّاك والا بطأ والتواني، واجتهد ولا تبق من نسل عليّ بن أبي طالب أحداً، واطلب مسلم بن عقيل وابعث إليَّ برأسه». [6] .


پاورقي

[1] هـو سـرجون بن منصور الرومي (النصراني): کان کاتب معاوية وصاحب سرّه، ثمّ صار کـاتـب يـزيـد وصـاحـب سرّه أيضاً بعد موت معاوية. (راجع: تاريخ الطبري، 3: 275 و280 و524؛ والکـامـل فـي التـأريـخ، 2: 535؛ والعـقـد الفـريـد، 4: 164)؛ ويقول ابن کثير: کان کاتب معاوية وصاحب أمره (البداية والنهاية، 8: 22 و148)؛ وکان يزيد يـنـادم عـلي شـرب الخـمر سرجون النصراني (الاغاني،16:68). فهو إذن مستشاره وصاحب سرّه وأمـره ونـديـمـه عـلي الاثـم، وهـکـذا کـان المـبـرّزون مـن رجـال فـصـيـل مـنـافـقـي أهـل الکـتـاب فـي خـدمـة أهـداف حـرکـة النـفـاق، يـعـمـلون تـحـت ظـلّ فـصـائل حـرکـة النـفـاق الاخـري مـثـل فـصـيـل حـزب السـلطـة، وفصيل الحزب الاموي، مقرّبين من الحکّام ومستشارين لهم وندمأ!.

يـقـول ابن عبد ربه: «سرجون: کتب لمعاوية، ويزيد ابنه، ومروان ابن الحکم، وعبدالملک بن مـروان، إلي أن أمـره عـبـدالمـلک بـأمـرٍ فـتواني فيه، ورأي منه عبدالملک بعض التفريط، فـقـال لسـليـمـان بـن سـعـد کـاتـبـه عـلي الرسـائل: إنّ سـرجـون يـُدّل عـليـنـا بـضـاعـتـه، وأظـنّ أنه رأي ضرورتنا إليه في حسابه، فما عندک فيه حيلة؟ فـقـال: بـلي، لو شـئت لحـوّلت الحـسـاب مـن الرومـيـة الي العـربـيـة. قـال: افـعـل. قـال: أنـظـرنـي أُعـانـي ذلک. قـال: لک نـظـرةٌ مـاشـئت. فـحـوّل الديـوان، فـولاه عـبـدالمـلک جـمـيـع ذلک. (العـقـد الفـريـد، 4: 169، عـنـوان: مـن نبل بالکتابة وکان خاملاً).

[2] تأريخ الطبري، 3: 280؛ والارشاد: 206 بتفاوت يسير.

[3] مـسـلم بـن عـمرو الباهلي: کان مع زياد بن أبيه في البصرة، وجيهاً في قبيلة باهلة، عـريـفـاً عـليـهـا في ولاية زياد بن أبيه سنة 46ه‍ (راجع تأريخ الطبري، 5: 228)، ثم سکن الشـام فـکـان بـصـريـاً شـامـيـاً. ورجع من الشام الي البصرة بکتاب يزيد إلي ابن زياد، ثم سـافـر مـعـه الي الکـوفـة، وتـکـلّم مـع هـانـي بـن عـروة (رض) حـيـنـمـا أُدخـل عـلي ابـن زيـاد ليـقـنـعـه بـتـسـليـم مـسـلم (ع) الي ابـن زيـاد، وهـو الذي شـتـم مـسـلم بـن عـقـيـل (ع) حـين انتهائه الي باب القصر وطلبه المأ. ثم ازدلف الي مصعب بن الزبير، فکان کالوزير لمصعب، وکان يحبّ المال حباً جماً، وبعثه مصعب الي حرب ابن الحرّ فهزم. (راجع وقعة الطف:103، الهامش).

[4] تأريخ الطبري، 3: 280.

[5] تسلية المجالس، 2: 180.

[6] مقتل الامام الحسين (ع) للمرحوم آية الله الشيخ محمدرضا الطبسي (مخطوط): 137.